الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع عشر
بدعة الاحتفال بالهجرة
ومن البدع المحدثة بدعة الاحتفال بذكرى هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول من شهر محرم من كل عام حيث يتخذ هذا اليوم عيداً وعطلةً رسميةً وهو بدعةٌ. وأول من احتفل برأس السنة الهجرية هم الفاطميون في مصر كما اشر إلى ذلك المقريزي حيث قال: [موسم رأس السنة: وكان للخلفاء الفاطميين اعتناء بليلة أول محرم في كل عام لأنها أول ليالي السنة وابتداء أوقاتها
…
] (1).
ومن المعلوم لدى أهل الحديث والسيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر من مكة إلى المدينة في أوائل شهر ربيع الأول من السنة الثالثة عشرة لبعثته صلى الله عليه وسلم حيث وصل إلى قباء إحدى ضواحي المدينة النبوية لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول يوم الاثنين كما قال الحافظ ابن كثير (2).
وقال العلامة القسطلاني: [وجزم ابن إسحاق أنه خرج أول يوم من ربيع الأول فعلى هذا يكون بعد البيعة بشهرين وبضعة عشر يوماً وكذا جزم الأموي في المغازي عن ابن إسحاق فقال: كان مخرجه من مكة بعد العقبة بشهرين وليال. قال: وخرج لهلال ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول](3).
ولم تكن هجرته صلى الله عليه وسلم في الأول من المحرم كما يظن كثير من الناس وإنما حدث في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اتخذ التاريخ واختار الصحابة رضي الله عنه التأريخ بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال الإمام البخاري في الصحيح:(باب التاريخ من أين أرخوا؟) ثم
(1) الخطط والآثار للمقريزي 1/ 490 نقلاً عن البدع الحولية ص 397.
(2)
البداية والنهاية 3/ 188.
(3)
المواهب اللدنية 1/ 288، وانظر شرح الزرقاني على المواهب اللدنية 2/ 101 - 102.
روى بسنده عن سهل بن سعد قال: [ما عدّوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته ما عدُّوا إلا من مقدمه المدينة] وقال الحافظ ابن حجر: [وإنما أخروه - التاريخ - من ربيع الأول إلى المحرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم فناسب أن يجعل مبتدأ. وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم](1).
وبناءً على ما تقدم فإن الأول من المحرم هو بداية السنة الهجرية وليس هو موعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى كلا الحالين لا يجوز اتخاذ الأول من المحرم عيداً وتخصيصه بنوع من العبادة أو الذكر لأن هذا الأمر بدعة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها أحد من خلفائه ولا من صحابته فلا يصح اتخاذه عيداً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [إذ الأعياد شريعة من الشرائع فيجب فيها الاتباع لا الابتداع وللنبي صلى الله عليه وسلم خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة مثل يوم بدر وحنين والخندق وفتح مكة ووقت هجرته ودخول المدينة وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ مثال تلك الأيام أعياداً وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعياداً أو اليهود وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتبع وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه](2).
(1) فتح الباري 8/ 270.
(2)
اقتضاء الصراط المستقيم ص 294.