الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التصوف:
أما الفرق الصوفية كالقادرية والعروسية والرفاعية والعيساوية والساعدية والتيجانية والسنوسية والبكطاشية وغيرها كثير، فليس لها وجود في المذهب الأباضي، وهي في نظره من البدع المحرمة شرعا ولا يتوقف الوعظ والإرشاد وتهذيب النفوس على إحداث مثل هذه الطرق والانتساب إلى رجالها على النمط المعهود عندهم، ومع هذا فلا ينكر الأباضيون كرامة الأولياء ووجود الصالحين من عباد الله المخلصين ولزوم احترامهم، لكن لا على هذا الوجه:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} 1، 2.
فهم كأهل السنة يؤمنون بالكرامات ووجود الصالحين من عباد الله، لكن ليس على الوجه الذي يقوم به الصوفية من التبرك بهم والطواف حول قبورهم وتقديسهم؛ ولذا لا تجد في بلاد الأباضية المزارات والقبور ونحو ذلك.
1 سورة البقرة: من الآية 48.
2 مختصر تاريخ الأباضية: ص70 و71.
التفسير الأباضي:
ظاهرة بارزة في تاريخ الأباضية العلمي هي قلة المؤلفات ليس في العصر الحديث فحسب، بل في القديم أيضا، وتبرز هذه الظاهرة أكثر ما تبرز في إنتاجهم في تفسير القرآن الكريم، إذ لا يكاد يذكر لهم من تفسير سوى تفاسير ثلاثة في القديم، وثلاثة في العصر الحديث.
ومن الثلاثة القديمة لا يوجد إلا تفسير واحد في أربعة مجلدات، ومؤلفه هود بن محكم وتداوله بين الأباضية في المغرب، أما الباقي فمفقود وهما تفسير عبد الرحمن بن رستم الفارسي من القرن الثالث، وتفسير يوسف بن إبراهيم الورجلاني من أهل القرن السادس الهجري1.
وفي العصر الحديث لا تجد إلا ثلاثة تفاسير، وتعجب إذا عرفت أنها كلها
1 انظر "التفسير والمفسرون": محمد حسين الذهبي ج2 ص315.
لمؤلف واحد، وأن المطبوع من هذه الثلاثة اثنان، أما الثالث فلم يتمه مؤلفه ولم يطبع.
وظاهرة أخرى متعلقة بالظاهرة الأولى، تلكم هي قلة ما يطبع من هذه المؤلفات القليلة، ثم قلة انتشار المطبوع وتوزيعه. وقد عانيت كثيرا في الحصول على بعض هذه المطبوعات وكنت أظن الأمر خاصا بي، فإذا به أعم وكنت أظنه غير مقصود، فإذ بي أحسبه مقصودا، واطلعت على ما حصلت عليه من مطبوعاتهم، علَّ فيها تعليلات فلم أجد ما يوجب هذا العمل.
وعلى كل حال، فقد حصلت والحمد لله على بغيتي وفوق هذا حصلت على الموجود من مؤلفاتهم التفسيرية في العصر الحديث، وهي كما قلت آنفا ثلاثة الموجود منها اثنان، وكلها للشيخ محمد بن يوسف أطفيش:
1-
تفسير داعي العمل ليوم الأمل: وهو التفسير الذي لم يكمله مؤلفه، وقد اطلع الشيخ محمد حسين الذهبي على نسخته المخطوطة لدى ابن أخي المؤلف في القاهرة، ورآها تحتوي على تفسير الأجزاء الأربعة الأخيرة من القرآن وتقع في مجلدين1.
2-
هميان الزاد إلى دار المعاد: وهو تفسير يقع في 13 مجلدا.
3-
تيسير التفسير: ويقع في مجلدات سبعة. وهذان التفسيران هما المطبوع من تفاسير الأباضية في العصر الحديث، بل لم أجد ذكرا لغيرهما ولم يؤلف سواهما في التفسير.
وقد وقفت عندهما حائرا: هل قراءة هذين التفسيرين وهما لمؤلف واحد تعطي صورة حقيقية عن منهج الأباضية في التفسير، أو أنهما يعطيان صورة عن منهج مؤلفهما في التفسير لا منهج الأباضية؟
وقد انقدح في ذهني أن هذا يرجع إلى مدى التزام المؤلف بمذهبه، فإن كان ملتزما بعقيدته الأباضية التزاما كاملا فهو إن لم يعط صورة كاملة بدقائق تفصيلها
1 التفسير والمفسرون: محمد حسين الذهبي ج2 ص316.