الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرؤية وغيرها مما يقدح في توحيدهم وإسلامهم"1.
هذا رأيه في أهل السنة الذين يصفهم بقومنا، ويعد مذهبهم من المذاهب المعتبرة2، ورأيه في غيرهم من المذاهب الأخرى أشد، وهؤلاء وأولئك أصحاب كبائر لأنهم اقترفوا ما يقدح في توحيدهم وإسلامهم مع بغضهم للمسلمين واعتقادهم بالرؤية، فما موقفه من أصحاب هذه المذاهب أو أصحاب الكبائر؟
خلاصة رأيه أن حكمهم "حكم المؤمن في أنه يناكح ويوارث ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، وهو كالمشرك في الذم واللعن والبراءة منه واعتقاد عداوته وألا تقبل له شهادة"3.
1 المرجع السابق: ج4 ص185.
2 هميان الزاد: ج8 ص313.
3 المرجع السابق: ج1 ص394.
رأيي في هذا التفسير:
وإلى هنا يقف القلم في دراسة هذين التفسيرين وهما ما أعرف من تفاسير الأباضية في العصر الحديث؛ لذا اعتمدتهما كمثال لمنهج الأباضية في تفسير القرآن وإن كان اعتبار مفسر واحد لا يدل دلالة قاطعة على منهج مذهبه إلا أنه، ولا شك في ذلك يعطي الخطوط العريضة التي تقوم عليها أسس مذهبه لن نزعم أن:
1-
الإكثار من إيراد الإسرائيليات.
2-
الاهتمام بالمسائل النحوية والبلاغية واللغوية.
3-
الإطناب في المبهمات.
4-
العناية بتوجيه القراءات.
لن نزعم أن هذه الأسس هي أسس المنهج الأباضي في التفسير، ولكنا نجزم بأن من أسسهم:
1-
تأويل ما يخالف عقيدتهم من آيات القرآن.
2-
تأويل ما يخالف عقيدتهم من السنة وتقديم ما رواه علماؤهم على ما سواه، وينبني عليه موقفهم من تفسير الآية وكذا رأيهم الفقهي.
3-
تأثرهم بالمعتزلة وهو وإن لم يكن تأثرا فهو موافقة لهم في كثير من الآراء في العقيدة، كالقول بخلق القرآن وإنكار الرؤية وتقديم العقل، ونحو ذلك.
4-
الولاية والبراءة وأثرهما في عقيدتهم، وتفسيرهم بين واضح.
5-
موقفهم من الصحابة -رضوان الله عليهم- وذم بعضهم والتهجم عليهم.
6-
إشادتهم بمذهبهم وذم ما سواه من المذاهب الأخرى، واعتقادهم أنهم هم أهل الحق وما سواهم كافر كفر نعمة.
نجزم أن هذه الأسس في منهجه هي من أسس المنهج الأباضي، ذلكم أن هذه الأسس متفرعة عن العقيدة وعقيدة الرجل التي يصرح بها هي الأباضية.
أما مناقشة آرائهم والرد على ما يخالف عقيدة أهل السنة منها، فإني أحيل القارئ إلى قراءة رأي أهل السنة في كل ما يعرض له من تفاسير ضالة، سواء كان في المنهج الأباضي أو في غيره، إذ جعلت منهج أهل السنة في أول المناهج؛ ليكون ميزانا حقا يوزن به ما يرد من أقوال وآراء لمذاهب أخرى تالية.
وإن كان لي من وقفة فإني أقف متسائلا: لِمَ يرفض الأباضية كل هذا الرفض تسميتهم بالخوارج ما داموا يدافعون عن الخوارج ويبررون أفعالهم ويتأولون ما ورد في حقهم من أحاديث، بل إن الشيخ أطفيش نفسه يعد أحيانا الفرقة الأباضية من الخوارج فيقول مثلا: "واختلف الخوارج وهم الذين خرجوا عن ضلالة علي، فقالت الأباضية الوهبية وسائر الأباضية
…
"1؟!
1 هميان الزاد: ج1 ص195.
لا أدري لم يرفض بعضهم هذا الوصف بشدة، ويقرره آخرون في مواضع أخرى؟!
ووقفة أخرى مع الأباضية ومنهجهم في التفسير فأقول: إذا كان الأباضية يعدون من الكبائر الإصرار على ترك السنة كإحفاء الشارب وجعل طرف العمامة تحت الحلق "!! " بلا استخفاف بهذه السنة يعدون هذا كفر نفاق1، ثم يحكمون على من كفر كفر نفاق، أن الله لا يغفر له وأنه خالد في النار ولا يشفع له أبدا، فإن هذا وحده كافٍ على بطلان مذهبهم وانحراف عقيدتهم؛ لأن الله سبحانه أرحم مما يزعمون، وهو الرحمن الرحيم.
الحكم عليهم:
وأختم حديثي عنهم ببيان أقوال أهل السنة فيهم، وقد أوجزه ابن قدامة فقال:"والخارجون عن قبضة الإمام أصناف أربعة" ثم قال: "الثالث الخوارج الذين يكفرون بالذنب ويكفرون عثمان وعليا وطلحة والزبير وكثيرا من الصحابة ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم إلا من خرج معهم، فظاهر قول الفقهاء من أصحابنا المتأخرين أنهم بغاة حكمهم حكمهم، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وجمهور الفقهاء وكثير من أهل الحديث.
ومالك يرى استتابتهم، فإن تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم، وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنهم كفار مرتدون حكمهم حكم المرتدين وتباح دماؤهم وأموالهم، فإن تحيزوا في مكان وكانت لهم منعة وشوكة صاروا أهل حرب كسائر الكفار وإن كانوا في قبضة الإمام استتابهم كاستتابة المرتدين فإن تابوا، وإلا ضربت أعناقهم وكانت أموالهم فيئا لا يرثهم ورثتهم المسلمون.
ثم قال: "وأكثر الفقهاء على أنهم بغاة ولا يرون تكفيرهم، قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على تكفيرهم وجعلهم كالمرتدين
…
وذكر ابن عبد البر عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن أهل النهر أكفار هم؟ قال: من
1 هميان الزاد: ج1 ص201.
الكفر فروا. قيل: فمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا قيل: فما هم؟ قال: قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا وبغوا علينا وقاتلونا فقاتلناهم. وهذا رأي عمر بن عبد العزيز فيهم وكثير من العلماء1. ومع هذا فقد رجح ابن قدامة جواز قتلهم ابتداء، والإجازة على جريحهم.
والذي أراه أنهم لا يكفرون إلا إذا استحلوا محرما كبدء قتال المسلمين أو تكفير مسلم أو استحلال ماله أو دمه من غير حله، والله الهادي.
1 المغني: ابن قدامة ج8 ص104-107 باختصار.