الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرض صلى الله عليه وسلم وأنه يرى أنه يأتي النساء وما يأتيهن. والله سبحانه الذي حفظه من أن يخطئ في التشريع - وهو كبشر يمكن أن يخطئ، ولكن الله عصمه - فكذلك الله حفظه وهو بشر قد سحر، ومن شأن البشر أن يسحر، فأي شيء في هذا السحر الذي أصابه صلى الله عليه وسلم ، وقد أصاب مثله موسى عليه السلام بنص القرآن {يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} فهل مس ذلك من مقام موسى عليه السلام كلا ثم كلا. وكذلك الشأن في الحديث. فتأمل منصفًا.
"مختصر صحيح "مختصر مسلم" (ص365، 376)
[1316] باب منه
عن عائشة قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعاه ثم قال: «أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته، جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، قال: في ماذا؟ قال: في مشط ومشاطة وَجُبِّ طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذروان، فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أناس من أصحابه إلى البئر فقال: هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء ولكأن نخلها رءوس الشياطين فاستخرجه» . متفق عليه
[قال الإمام معلقاً على قول عائشة: حتى إنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء]:
كناية عن الجماع، ففي رواية البخاري "حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن" والحديث صحيح لا شك فيه، فإن له شواهد صحيحة في "المسند" وغيره، ولا متمسَّك فيه للطاعنين في عصمته صلى الله عليه وآله وسلم ولا لأشباههم ممن يردون
الحديث الصحيح لأدنى شبهة ترد عليهم من أمثال أولئك الطاعنين، فإن الحديث يدور حول أمر دنيوي محض لا علاقة له بالتشريع، فأي ضير على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُسحر سحراً يؤدي به إلى حالة من المرض والوجع؛ يرى ويظن أنه أتى النساء ولم يأتهن؟ هذا كل ما في الحديث ليس إلا، وتوسيع الأمر بطريق القياس والإلحاق كما يفعل بعض الطاعنين في الحديث بقولهم: إذا ظن ذلك الأمر فيمكن أن يظن مثله في الشرع، كأن يظن أن آية نزلت عليه ولم تنزل {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} فالجواب أن الذي عصمه من نسيان الآيات التي نزلت عليه أن يبلغها إلى الناس مع العلم أن النسيان من طبيعة البشر، فهو الذي يعصمه من أن يتلو عليهم ما ليس قرآناً متوهماً أنه من القرآن! فهذا مثل هذا ولا فرق، نسأل الله السلامة في ديننا وعقولنا. وهذه كلمة وجيزة أردت بها التذكير وإلا فالموضوع طويل الذيل.
[ثم قال رحمه الله]:
ومع اتفاق الشيخين على تصحيح الحديث وتلقي العلماء المحققين له بالقبول، فقد طعن فيه بعض المبتدعة قديماً وتبعهم على ذلك بعض المتأخرين، والحديث صحيح لا شك فيه، وقد حاول السيد رشيد رضا أن يُعِلَّهُ بأنه من رواية هشام بن عروة، وهو مع كونه ثقة حجة فلم يتفرد به، بل تابعه جماعة من آل عروة كما في صحيح البخاري، ثم إن للحديث شواهد من رواية زيد بن أرقم وابن عباس وغيرهما، فراجع "فتح الباري"، (10/ 192 - 193) فلا تغتر بكلام من ينكره ممن يدعي الانتصار للسنة من المعاصرين الذين هم أبعد ما يكونون عن العلم الصحيح بها، وتخيله صلى الله عليه وآله وسلم المذكور فيه لا يطعن في عصمته المقطوع