الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يخالف ذلك - كما قد يتوهم البعض - ما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في غير ما حديث أن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل لأن المقصود به العلم الشرعي الذي به يعرف الناس ربهم ويعبدونه حق عبادته، وليس بالكتابة ومحو الأمية كما يدل على ذلك المشاهدة اليوم، فإن كثيراً من الشعوب الإسلامية فضلاً عن غيرها، لم تستفد من تعلمها القراءة والكتابة على المناهج العصرية إلا الجهل والبعد عن الشريعة الإسلامية، إلا ما قل وندر، وذلك مما لا حكم له. وإن مما يدل على ما ذكرنا قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» . رواه الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمرو وصدقته عائشة، وهو مخرج في " الروض النضير "(رقم 579).
"الصحيحة"(6/ 1/631، 635).
[1335] باب من أعلام النبوة
التنبؤ بظهور التعصب لغير الكتاب والسنة
[قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]:
(فائدة):
هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وآله وسلم، فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء، وبخاصة منها ما يتعلق بـ (المثناة) وهي كل ما كتب سوى كتاب الله كما فسره الراوي، وما
يتعلق به من الأحاديث النبوية والآثار السلفية، فكأن المقصود بـ (المثناة) الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين، التي صرفتهم مع تطاول الزمن عن كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كما هو مشاهد اليوم مع الأسف من جماهير المتمذهبين، وفيهم كثير من الدكاترة والمتخرجين من كليات الشريعة، فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب، ويوجبونه على الناس حتى العلماء منهم، فهذا كبيرهم أبو الحسن الكرخي الحنفي يقول كلمته المشهورة:" كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة، وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ ". فقد جعلوا المذهب أصلاً، والقرآن الكريم تبعاً، فذلك هو (المثناة) دون ما شك أو ريب. وأما ما جاء في " النهاية " عقب الحديث وفيه تفسير (المثناة):" وقيل: إن المثناة هي أخبار بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله، فهو (المثناة)، فكأن ابن عمرو كره الأخذ عن أهل الكتاب، وقد كان عنده كتب وقعت إليه يوم اليرموك منهم. فقال هذا لمعرفته بما فيها ".
قلت: وهذا التفسير بعيد كل البعد عن ظاهر الحديث، وأن (المثناة) من علامات اقتراب الساعة، فلا علاقة لها بما فعل اليهود قبل بعثته صلى الله عليه وآله وسلم، فلا جرم أن ابن الأثير أشار إلى تضعيف هذا التفسير بتصديره إياه بصيغة " قيل " وأشد ضعفاً منه ما ذكره عقبه:" قال الجوهري: (المثناة) هي التي تسمى بالفارسية (دوبيتي). وهو الغناء"!
"الصحيحة"(6/ 2/774 - 776).