الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الملك الموكل بعرض الأعمال)
[1224] باب ذكر المَلَك الموكل بعرض الأعمال
عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم الاثنين والخميس فقيل يا رسول الله إنك تصوم الاثنين والخميس، فقال:«إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا مهتجرين يقول دعهما حتى يصطلحا» .
(صحيح لغيره).
[قال الإمام]:
الظاهر أن الخطاب للملك الذي يعرض الأعمال، فمعنى (دعهما) أي: لا تعرض عملهما، أو لعله إذا غفر لأحد يضرب الملك على سيئاته أو يمحوها من الصحيفة، فمعنى دعهما: لا تمسح سيئاتهما.
"التعليق على الترغيب والترهيب"(1/ 445).
[1225] باب من هم الملائكة الكروبيون
؟
السائل: من هم الملائكة الكروبيون؟
الشيخ: من هم الملائكة الكروبيون؟ لم يثبت فيما علمتُ حديث فيه ذكر هذا الاسم للملائكة، الملائكة الكروبيون والحقيقة أن هذا الاسم منذ نحو ثلاثين سنة لم يكن مر بي في الأحاديث التي كنت قرأتها في مئات إن لم أقل
ألوف الكتب أكثرها مخطوطة حتى سمعت هذا الاسم في منى في موسم من مواسم الحج، كنت جالسا في ليلةٍ هادئةٍ وجميلةٍ من أيام منى أتحدث مع بعض إخواننا من أنصار السنة المصريين والسوريين وغيرهم، لما دخل علينا شيخ سمته لا بأس به سلم وجلس واستمع وبعد أن توقفت قليلاً عن الكلام دخل هو في الموضوع يتكلم، تبين من كلامه أنه من الذين درسوا في الأزهر ويحملون في طوايا نفوسهم بغضًا للدعوة السلفية أو دعوة التوحيد وأنه متأثر ببعض الدعاوى الكاذبة التي تنسب إلى جماعة التوحيد في كل بلاد الإسلام سواء كان هنا أو في مصر أو في سوريا أو في غير مكان، وإذا به يتهجم ويقول أن دعوة الوهابيين بهذا الاسم دعوة جيدة، ولكنهم يشبهون الله بالمخلوقات.
فسألته: كيف ذلك؟
قال: إنهم يقولون بأن الله عز وجل سبحان الله يخطِّئ القرآن وهو لا يشعر - قال: يقولون بأن الله على العرش استوى، فقلت له: هل هذا قولهم؟ أم قول رب العالمين؟ استدرك فقال يعني هو بأنهم يفسرون هذه الآية بمعنى، يفسرون الآية بمعنى أن الله قاعد على عرشه، قلت له: يا أخي
…
الخلاف بينهم وبين مخالفيهم ليس في تشبيه رب العالمين بالمخلوقين فهذا باطل بالاتفاق، وإنما الخلاف هل يصح تأويل الاستواء بمعنى الاستيلاء أم الصحيح أن الاستواء هو الاستعلاء ودخلت في هذا الموضوع طويلاً، وأمر طبيعي جدًّا أن خلاصة العقيدة السلفية في هذه الجزئية أن لله صفة الفوقية، فهو تمسك بهذه وقال: هل من المعقول أن الله عز وجل يكون فوق العرش، معنى ذلك أننا وضعناه في مكان، قلت له: لا، هذا وهم منكم ونحن نتبرأ من عقيدة تجعل الله عز وجل محصور في مكان وهو العلي الكبير، ثم بدأت المناقشة معه بطريقة
خاصة قلت له: هل أنت معي في أن الله كان ولا شيء معه؟
قال: طبعًا
قلتُ: حين كان الله فهل كان هناك عرش؟
قال: لا
إذن كان الله ولا شيء معه ثم خلق العرش
قال: نعم
تسلسلت معه فقلت له: نحن الآن في الأرض فما الذي فوقنا؟
قال: السماء الدنيا ثم؟
الثانية، إلى أن وصلنا إلى السابعة، قلت: ماذا فوق السابعة؟
قال: العرش
قلتُ - وهنا الشاهد - وماذا فوق العرش؟
قال: الملائكة الكروبيون
لأول مرة أسمع هذا الاسم منذ نحو ثلاثين سنة، قلت: ما هذا؟ الملائكة الكروبيون فوق العرش؟ نحن نعرف أن الذي فوق العرش هو خالق العرش بدليل الآية السابقة وتأويل السلف لها بأنه على العرش استوى أي استعلى، وكما قال المعتبرين في هذه المسألة:
ورب العرش فوق العرش لكن بلا وصف التمكن واتصال
فالله غني عن العالمين، لكن أنا أسمع لأول مرة أن الذي فوق العرش هم
الملائكة الكروبيون، هل عندك آية في إثبات أولا: أن هناك ملائكة يسمون بالملائكة الكروبيون؟
قال: لا
قلت: طيب، هل عندك حديث في أنه جاء ذكرهم فيه بهذه التسمية؟
قال: لا
قلت: فإذن من أين جئت بهذه العقيدة أن فوق العرش ملائكة كروبيون
قال: هكذا درسونا مشايخنا في الأزهر الشريف
قلت: يا عجبا، أنا أعلم أن علماء الأزهر يقررون على الطلبة في دروسهم ما يتعلق بأصول العقائد وأصول الفقه يقولون لهم: أحاديث الآحاد الصحيحة لا تثبت بها عقيدة، فكيف لقنوكم عقيدة ليست مذكورة لا في القرآن ولا في السنة؟ كيف اعتقدتم؟
فبهت الرجل، ثم تابعتُ الكلام، قلت له: هب أن فوق العرش أولئك الملائكة المسمون عندكم بالكروبيون، فماذا فوقهم، وقف الرجل، وقف حيران، وقد كنت قدمت معه كان الله ولا شيء معه، وكان مشتق من كن فيكون فلم يكن شيء هناك فقال الله لخلقه كن فكان، فإذا انتهى أن ما وصلنا إلى العرش وبزعمك أن فوق العرش أولئك الملائكة؛ فماذا فوق هؤلاء الملائكة، أعدم أم وجود؟
قال: لا، عدم، لأنا كنا اتفقنا أن لا شيء قبل أن يخلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض، كان الله ولا شيء معه، إذن فقبل أن يخلق الله شيئا لم يكن
هناك شيء، فإذا انتهى بك العلم إلى أن فوق العرش الملائكة الكروبيون ولا شيء وراء ذلك من كون لأنه انتهى الخلق فإذا قال السلفيون بأن الله تبارك وتعالى على العرش استوى أي استعلى، فلماذا تنسبونهم إلى أنهم حصروا الله عز وجل في كونه ولا كون هناك لأن الكون محصور ومحدود وفي رأينا آخر الكون وأعلاه العرش، في رأيك أنت العرش وعليه الكروبيون ولا شيء بعد ذلك، فإذن العقيدة الصحيحة عقلاً ونقلاً إنما هي عقيدة السلف الصالح؛ لأنهم لم يجعلوا الله في مكان كما تزعمون؛ لأنه لا مكان هناك وراء العرش إنما هو العدم المحض إلا الله تبارك وتعالى، ولكن ما بالكم أنتم أنكم حينما فررتم مما نسبتم السلفيين إليه وهم براء منه فإن الله ليس في مكان لأن ما بعد العرش ليس كونًا وليس مكانًا فهو على العرش استوى، لكن ما بالكم أنتم تفرون من إثبات هذه الصفة لله تبارك وتعالى وهي صفة التنزيه تمامًا؛ لأنه ليس في الكون، فكيف وأنتم تقولون إن الله في كل مكان تحصرونه في كونه الذي خلقه بعد أن لم يكن له وجود، فأنتم المشبهة وأنتم المجسمة، ولسنا نحن معشر السلفيين إلا القائلون بما قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} [الشورى:11] وعلى أساس من هذه الآية بطرفيها ننزهه تعالى تنزيهًا كاملاً ونثبت له الصفات كما يليق بعظمته وجلاله.
"فتاوى جدة -الأثر-"(17/ 01:15:15).