الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا يذكرنا بترجمة محيي الدين بن عربي النكرة في كتاب «الميزان» للإمام الذهبي، بعد ما ترجمه بما كان عليه من الانحراف في تصوفه، يقول: كان يقول بعدم إمكانية تزاوج الإنس مع الجن، قال: فرئي يوماً وقد عصب جبينه، فلما سئل عن ذلك قال: اختلفت أنا وزوجتي الجنية فضربتني بالقبقاب في رأسي فَفَجَّتْني، فهذه العصابة لأن زوجته الجنية ضربته، فاعتبر ذلك الإمام الذهبي غمزاً في صدقه، وأنت كنت تقول قبل أيام أن هذا لا يمكن، خلق من طين وخلق من نار، فما بالك الآن تقول: أن زوجتك الجنية ضربتك بالقبقاب، الله أعلم عن القبقاب.
"الهدى والنور"(13/ 19: 05: 00)
[1230] باب هل الجن يُحرِقون البيوت؟
وكلام حول استحالة التزاوج بين الإنس والجن
السائل: رجل [بيته] حُرِقَ وهو يدّعي يعني من خلال الكلام أن الذي أحرقوه هم الجن، فأتوا بمشائخ متخصصين في المجال هذا .. أشوف أبو أنس الآن مع أنه حضر فما رأيك أبو أنس.
مداخلة: يفعلون وقد أحرقوا بيت أحد إخواننا الأفاضل .. كان يرقي فاحترق بيته بدون أي سبب، ما رأى إلا النار شبّت فيه، حتى الذين دخلوا على البيت وجدوا النار ما لها تحليل مادي.
الشيخ: لو قال لك قائل أو سألك سائل كيف عرفت أن هذا من صنع الجن؟
مداخلة: ما فيه تحليل إلا تجربة.
الشيخ: أعجبتك كلمة التجربة، صارت لك مستند دائماً تلجأ إليها .. ما هو الجواب؟
مداخلة: شيخنا الذي يعالج يتعرض لأذى من الجن.
الشيخ: ما هو الجواب؟
مداخلة: ما في جواب مادي يقنع به إلا التصديق ..
الشيخ: هذه صارت صوفية .. صارت صوفية ذوقية يعني.
مداخلة: ما هناك سبب شيخنا .. ، ما هناك أي سبب .. ما هناك سبب ظاهر.
الشيخ: بارك الله فيك.
مداخلة: سبب ظاهري نعم.
الشيخ: الأسباب قسمين: أسباب ظاهرية وأسباب خفية صح؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: ومن أجل خاطرك فيه أسباب مادية وفيه أسباب روحية، صحيح؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: حتى أنا أحكي ..
مداخلة: ما هو سبب القسمة؟
الشيخ: نعم؟
مداخلة: قسمتك.
الشيخ: أنا قسمت القسمة هذه من أجل خاطرك أنت، من أجل أكون قريب دائماً منك.
مداخلة: الله يبارك فيك.
الشيخ: أن الأسباب المادية قسمين: ظاهرة وخفية، ثم في أسباب روحية ومعنوية، هذه الأسباب المعنوية منها الأرواح ومنها الجان الذي وصفه الرحمن في القرآن {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} (الأعراف:27) فإذا واحد قال: هذا مر الشيطان من هنا مثلاً أو جني، ما هو موقفنا؟
مداخلة: لا نصدق.
الشيخ: أنا أراك غير صريح مثلي، أنا أحكي من يمَّك وأنت لماذا لا تحكي من يمَّي؟ لا نصدق أو نكذّب.
مداخلة: نكذّب.
الشيخ: نكذّب، بل فيه فرق بين نكذّب وبين لا نصدّق صح؟
مداخلة: صح.
الشيخ: طيب، إذاً لا نصدق أو نكذّب؟
مداخلة: نكذّب.
الشيخ: الآن إذا قال لنا قائل: هذا بيت هناك احترق سببه جني، نصدّق أم نكذّب؟
مداخلة: نكذّب.
مداخلة: لا بأس بس شيخنا هنا وقفة .. هنا أنا ألزم أوقف.
الشيخ: وأنا أوقف معك.
مداخلة: فيها تفصيل: الأخ هذا الذي احترق بيته معروف بِتَصَدِّيْهِ للجن.
الشيخ: معروف بماذا؟
مداخلة: بتصديه للجن.
الشيخ: ماذا؟
مداخلة: بتصديه.
الشيخ: بتصديه للجن.
مداخلة: نعم هو دائماً في حرب معهم.
الشيخ: هذا أشكل.
مداخلة: فلذلك هم يؤذونه.
الشيخ: هذه أشكل.
الشيخ: أنا أعرف هو ماذا يعني.
مداخلة: هو عندما يضرب الجني يستخدم الكهرباء معه ويقتل بعض الجن.
مداخلة: فيه جن قُتلوا على يديه؟ قتل الجني على يديه شيخنا؟
الشيخ: ما هي أشكل وأشكل وأشكل.
السنة مما يتعلق بالغيبيات ومنهم الملائكة والجن يجب الإيمان، التوسع في ذلك لا، الآن سوف يكون معنا توسع منافٍ للشرع، أن نقول إذاً أي اتصال بين الجن والإنس هذا ننكره! لا، ليس أي اتصال، إنما المناكحة والمجامعة.
مداخلة: الاتصال.
الشيخ: سأبين لك، وكما يقال لا توصي حريص، هناك عندنا نصوص تبين أنه يمكن للإنسي أن يمسك جني، ويصرعه ويتغلب عليه، لكن هذا الجني يكون متمثل بصورة غير صورته الحقيقية، فالله عز وجل قال في القرآن الكريم:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} (الأعراف:27) لا ترونهم كما خلقهم الله، لكن هم عندهم استعداد أن يتطوروا ويتلبسوا بأشكال وألوان، قبل أن تأتي أنت كنا نتحدث عن موضوع قتل الأفاعي والحيايا، فجاءنا تفصيل وهو أن المسلم إذا رأى في داره حية فلا ينبغي أن يقتلها، بل عليه أن ينذرها ثلاث مرات، لماذا؟ لأن الرسول عليه السلام قال:«إن في المدينة أقواماً أيضاً من الجن فإذا رأيتم جاناً -يعني أفعى أو حية- فأنذروها ثلاثاً، فقد تكون من الجن الذين أسلموا من المدينة» (1)، هذا شيء والشيء الثاني، أو لعل هذا هو سبب هذا الحديث أن رجلاً من الأنصار من الشباب .. شباب الأنصار تزوج وخرج من داره، عندما رجع وإذا بعروسته في الباب، لا هي تستطيع أن تدخل الدار ولا هي تستطيع أن تخرج من الدار؛ لأن كان لديهم شرف وحياء، لكن ما تستطيع أن تدخل الدار، فَهَمَّ بطعنها، قالت له: تريث ادخل الدار وانظر ما فيها، وإذا هناك حية مكورة على نفسها كبيرة، فما كان منه إلا أن طعنها بالرمح، قال: فلا ندري أيهما كان أسرع موتاً من الآخر الحية أم الشاب الأنصاري المتزوج حديثاً، فقال عليه السلام الحديث السابق، أي أن هذه الحية التي كانت متكورة في الدار هي من الجن، ولذلك لما هو طعنها الجن طعنوه وقتلوه، فهذه حوادث بارك الله فيك تفصيلية لبعض هذه الأمور الغيبية، فما صح منها آمنا به، كذلك مثلاً قصة حراسة أبي هريرة وغيره من
(1)"صحيح مسلم"(رقم5976).
الصحابة لبيت التمر تبع زكاة الصدقة، كان يحرس ليلاً وإذا بشخص يأخذ من التمر ويضع في ذيله ويريد أن ينطلق، فهجم عليه طبعاً هذا سيأتي صراحة أنه شيطان جني، لكنه متمثل، فهم أبو هريرة أن يأخذه ويسلمه للرسول على اعتبار أنه سارق، قال: دعني وتَدَخَّل عليه وتَشَفَّق عليه أن لديه عيال وأطفال وإلى آخره، تركه، الصباح حكى القصة للرسول قال: إنه شيطان، وسيعود إليك وفعلاً عاد بلا طول سيرة الليلة الثانية والليلة الثالثة، وكل مرة أبو هريرة يلقي القبض عليه، في المرة الثالثة عندما عزم أبو هريرة أن يسلّمه للرسول قال: دعني وأنا أعلمك فائدة تقرأ كل ليلة حينما تضع جنبك للنوم آية الكرسي لا يضرك شيء في تلك الليلة من إنس أو جن، فكأنه صدّق كلامه وتركه، وعندما أصبح الصباح وقص له القصة للرسول قال: صدقك وهو كذوب، فذهبت مثلاً.
الشاهد هنا أنه صار بينهم اتصال، فلا ننكر نحن هذا الاتصال، ننكر التزاوج والتناكح الذي يرد عليه إشكالات كثيرة وكثيرة جداً، هذا الذي نحن فيه، فهنا لا يصير إفراط وتفريط، ناس أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يضيعون نصوص واردة في الشرع وناس يزيدون على النصوص الواردة في الشرع، وإنما الحق {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان:67) نثبت ما أثبته الشرع وننفي ما نفاه الشرع.
مداخلة: [قول رب] العالمين {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} (الرحمن:56).
الشيخ: كيف
مداخلة: يعني قول رب العالمين عن الحور العين: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} (الرحمن:56) فيستدلون بهذه على جواز الاتصال الجنسي بين الإنس والجن.
الشيخ: هل حور العين من الإنس؟
مداخلة: نعم؟
الشيخ: هل حور العين من الإنس؟
مداخلة: المهم أنها ليست من الإنس.
الشيخ: إذاً ما وجه الاستدلال؟
مداخلة: هذا كذلك غيب يعني نسكت عنه.
مداخلة: بعضهم يستدلون بهذه الآية على أن الإنس يطئون الحور العين.
الشيخ: أين العموم؟
مداخلة: هم يستدلون بهذا.
الشيخ: أين .. أين؟ أنت تقول عنهم ما يطأه الإنس، هذا العموم هذا من أين أتى؟
مداخلة: أنا ناقل عنهم فقط.
الشيخ: وما فائدة هذا النقل؟ أنت تقول ..
مداخلة: من وجه الاستدلال لهم.
الشيخ: هذا هو.
مداخلة: قلت له ما وجه الاستدلال ما قال لك.
الشيخ: وأنت الآن بيّنت وجه الاستدلال؟
مداخلة: نعم هم يقولون ..
الشيخ: هذا ليس بيان، فأنت تقول ما يقولون.
مداخلة: أنا أبيّن وجه الاستدلال لهم، الذين يقولون به.
الشيخ: وَرَدَ عليهم مثل ما وَرَدَ عليك، العموم الذي يستدلون به من أين
أتوا به؟
مداخلة: فهماً منهم للآية.
الشيخ: يا أخي من أين أتوا به، فهماً نعم، لكن من أين أتوا به؟ يعني هذه قضية عينية ذاتية.
مداخلة: نعم.
الشيخ: تفيد أن الحور العين ممكن يطأهن الجان كالإنس.
مداخلة: نعم.
الشيخ: فأنا أبطلت الاستدلال قلت له: هل الحور العين إنس؟
مداخلة: لا ليس إنس.
الشيخ: طيب وهذا يقال نفسه الكلام لك، فإذاً لا فائدة من هذا الكلام لأنه من باب واحد.
مداخلة: شيخنا.
الشيخ: نعم.
مداخلة: الجني عندما يتشكل بصورة الإنسي كما في حديث أبي هريرة في الصدقات ألا يمكن أن يطأ إنسية في هذه الحالة؟
الشيخ: لا يمكن؛ لأنه لن يبقى بهذه الصورة سيتطور ..
مداخلة: في الوقت هذا وهو إنسي.
الشيخ: فهمت في الوقت هذا ما بده يجيب ذرية ويصيبة ما أصاب ابن عربي ونحو ذلك، هذا كله توسع في الغيبيات ولا يجوز، التوسع في الغيبيات لا يجوز.
مداخلة: طيب يا شيخ [من باب الإمكان]؟
الشيخ: يعني عندما تقول أنت من باب الإمكان .. باب الإمكان واسع جداً.
مداخلة: [يروي عن مالك] سئل عن امرأة تزعم أنها حامل من الجن، فالإمام مالك قال كلاماً معناه بإمكانية الاتصال ولكن قال: أوكلما جاءتنا امرأة زنت فزعمت أن الجن وقع عليها صدقناها؟ ممكن هذا يفيد في نفس البحث.
الشيخ: انقد كلام مالك ما الذي يؤخذ منه؟
مداخلة: يؤخذ منه ليس كل دعوى يدعي إنسان بأن له اتصال بالجن وبأن فيه تزاوج وكذا يصدق، مع إمكانية وقوع ذلك عند مالك.
مداخلة: .. الإمكانية من كلامه.
الشيخ: هذا الذي نريد أن نصل إليه، يقول هو من جهة قال ملفتاً للنظر أنه نقل عن مالك، والله أعلم بصحة النقل (1)، ثم لو ثبت عن مالك نقول ما هو الدليل على ذلك ما دام الكتاب والسنة لا يتكلم عن هذا الأمر الغيبي؟
مداخلة: شيخنا السيوطي في الأشباه والنظائر.
الشيخ: في؟
(1) تقدم ضعفه عن الإمام قبل قليل.