الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقَّب الشوشاوي فقال: ((وهذا مناقض للإجماع الذي ذكره في الفصل الثاني
(باب الاجتهاد) عند قول المصنف؛ قاعدة: انعقد الإجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من شاء من العلماء بغير حجر. . .)) (1) .
وأخيراً، إن أبرز ما يمتاز به شرح الشوشاوي ولعه الشديد بإيراد الأمثلة والتفاريع الفقهية التي تسهِّل فهم القواعد الأصولية، وكذلك يتَّسم أسلوب الشوشاوي بالوضوحِ والسلاسة والبساطة ونبذ العمق مقارنةً بأسلوب القرافي الذي يمتاز بالعمق والرصانة ويكتنفه بعضَ الغموض والصعوبة.
ومع قيمة كتاب " رفع النقاب " العلمية، لكنه يلاحظ عليه كثرة استطراداته وإطناباته التي تخرج عن حدِّ الموضوع، والتي تستغرق عدة صفحات أحياناً، مع الاعتراف بحسن هذه المعلومات الواردة في الاستطراد. فرحمه الله تعالى وبارك في
علمه.
ثالثاً: منهج التحقيق والتوضيح لحلِّ غوامض التنقيح للشيخ محمد جعيط
قال الشيخ محمد جعيط في مقدمة حاشيته: منهج التحقيق والتوضيح:
((أما بعد: فلما كان فن الأصول هو الأساس الذي أقيم عليه الفقه في الدين، وآلة استنباط الشرائع من كتاب الله وسنة خير المرسلين. . . وكانت قواعد الوصول وقع فيها الخلاف بين العلماء الفحول، المتفرِّع عنه الخلاف في فروع تلك الأصول، بحيث إن أصول المذاهب صارت في الأكثر متقابلة، وبعض القواعد هي عند البعض حقة وعند الآخر باطلة، فلا يسوغ لمن يروم معرفة أصول مذهب مالك، أن يشتغل بكتب مذهب النعمان ليأخذ أصوله من هنالك، وقد فشا عندنا بالجامع الأعظم في الديار التونسية، تعاطي المالكية لأصول السادة الحنفية والشافعية، والسر في ذلك، عدم وجود الكتب المؤلفة في أصول مذهب مالك، ولم يَجْرِ عندنا بحرُها العباب، ولم يوجد منها سوى تنقيح العلامة الشهاب، ومع ذلك فما وردوا موارده العذبة لصعوبة
عباراته، وغموض إشاراته، ولم يوجد مَنْ كَشَف عن مخدّرات معانيه، ولا من حقَّق
(1) رفع النقاب القسم 2 / 1169.
مسائله المودعة فيه. . . وقد كنتُ في حال اشتغالنا بالأخذ عن مشايخنا مصابيح الأمة، عاكفاً على قراءته لما فيه من الفوائد الجمَّة المهمة، وحين أهَّلنا القدير، لإقراء هذا الكتاب بالإذن من مشايخنا النحارير، طمحتْ أنفسنا في تعليقٍ عليه أنقل فيه كلام المحققين من أهل الأصول، لقصد توضيح مهامّه تنقيح المحصول. . .)) (1) .
ومن سمات منهج الحاشية ومميزاتها ما يلي:
(1)
يعلِّق تعليقات قليلة جداً في أغلب المواطن، وهذا ما يقضيه العمل في
الحواشي، ولهذا نجده في الباب الثالث عشر في فعله صلى الله عليه وسلم لم يتحدّث سوى عن حديث بريرة إذ أورده كاملاً، وكذلك حديث الشؤم في ثلاثة، ولم يزدْ على هذا.
وكذلك قفز الفصل الثاني والثالث والسادس والسابع من باب الخبر دون أيّ
تحشية، وكذا الفصل الثالث من باب الاجتهاد.
(2)
يُعطي ملخصاً لما يحويه الباب أو الفصل من مباحث، مثل: الفصل السابع: فيما يدخله القياس (2)، الفصل الرابع: في الدال على عدم اعتبار العلَّة (3)، الباب الثامن عشر: في التعارض والترجيح (4)، الفصل الرابع: في ترجيح الأقيسة (5) .
(3)
يلخّص ما جاء في شرح القرافي أحياناً ويضمِّنه كتابه، مثل: ما جاء في كلامه عن تعارض القولين للمجتهد الواحد (6) ، وفي الدالّ على كذب الخبر (7) .
(4)
إن أبرز ما اتِّسم به كتاب محمد جعيط كثرة نقولاته من الكتب الأخرى، فالحاشية في أغلبها نقولات من كتب الأصوليين بالنص والعبارة، فهو ينقل كثيراً عن الإسنوي والرازي، والآمدي، وابن الحاجب، والبيضاوي، والغزالي، وابن السبكي، وغيرهم.
ومن أمثلة هذه النقول، ولاسيما من شرح الإسنوي:
(1) منهج التحقيق والتوضيح 1 / 2 - 3.
(2)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 175.
(3)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 164.
(4)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 177.
(5)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 183.
(6)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 178.
(7)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 140.
أ - في الفصل الثالث: في مستند الإجماع، قال ((لخّص المحقق الإسنوي في شرح المنهاج هذا المبحث، فقال. . .)) (1) .
ب - في الفصل التاسع: في كيفية الرواية، من باب الخبر قال ((قد فصَّل الإسنوي هاته المسألة في شرحه المنهاج، فقال. . .)) (2) .
جـ - في مسألة نقل الخبر بالمعنى (3) ، ومسألة أقسام المناسب (4) ، ومسألة الاستفتاء (5) .
وكذلك نقل الشيخ جعيط نقلاً مباشراً من محصول الرازي ولاسيما لزيادة تفصيلٍ تركه القرافي في كتابه، مثل: أنواع الإيماء (6) .
(5)
يقارن الشيخ جعيط أحياناً الأقوال والمسائل بما جاء في مختصرات المحصول، كالمنتخب، والحاصل، والتحصيل (7) .
كما أنه يقارن فيما ينقل بكلام الحنفية، وينقل عنهم كابن الهمام، وفخر الإسلام البزدوي، ابن أمير الحاج، وصدر الشريعة (8) .
(6)
يهتم بإظهار المذهب المالكي والنقل عن علمائه كابن رشد، والأبياري،
وابن الحاجب، الرهوني، وغيرهم.
ويستدل لمذهب مالك في سد الذرائع بأدلة لم يوردها القرافي في شرحه مع التمثيل (9) ، كما أنه توسَّع قليلاً في إجماع أهل المدينة وقال ((فإذا سمعت هذا القول الحقيق، فيسهل عليك استخراج زبدة مخيض هذا التحقيق)) (10) .
(1) منهج التحقيق والتوضيح 2 / 134.
(2)
منهج التحقيق والتوضيح 2 / 149.
(3)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 152.
(4)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 158.
(5)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 205.
(6)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 156.
(7)
انظر مثلاً: 2 / 115، 126 من منهج التحقيق والتوضيح.
(8)
انظر مثلاً: 2 / 114، 117، 147، 172 من منهج التحقيق والتوضيح.
(9)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 213 - 214.
(10)
منهج التحقيق والتوضيح 2 / 131.
(7)
يشرح بعض القيود في التعريفات، مثل ما جاء في حد: النسخ، والإجماع والقياس، والدوران، والاستحسان، والترجيح، والاجتهاد، كما يشرح بعض الألفاظ، مثل: الوسطى (1) ، العصمة (2) .
(8)
يُعنى بتخريج الأحاديث، وإتمام ألفاظها، مثل: حديث تحويل القبلة (3) ، وحديث لا وصية لوارث (4)، وحديث: لا كبيرة مع استغفار (5) ، وحديث قتل
النبي صلى الله عليه وسلم للنضر بن الحارث (6) .
(9)
جاء في الحاشية استيفاء وتوسيع في بعض المواطن زيادةً على ما في شرح
القرافي، من ذلك:
أ - الإطالة في بيان الآية {قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ. . .} [الأنعام: 145] هل هي منسوخة أو لا (7) .
ب ـ بيّن وجه الدلالة من قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ. . .} [النساء: 115] وناقش هذا الاستدلال على حجية الإجماع بما لم يذكره القرافي (8) .
كما أنه بيَّن وجه الدلالة من الحديث ((أصحابي كالنجوم. . .)) على عدم انعقاد إجماع العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول (9) .
جـ - أورد أمثلةً جيدة على قبول رواية صغار الصحابة رضي الله عنهم لم ترد عند القرافي (10)، كما أنَّه مثَّل لما غفل عنه القرافي كما في: قادح النقض (11) .
(1) انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 112.
(2)
انظر: منهج التحقق والتوضيح 2 / 114.
(3)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 145.
(4)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 190.
(5)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 117.
(6)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 220.
(7)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 112 - 113.
(8)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 122.
(9)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 127.
(10)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 142.
(11)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 164.
د - وسَّع الكلام وفصَّله، كما في: مسألة تكفير مخالف الإجماع (1) ، شروط المجتهد (2) ، مسألة التصويب (3) .
(10)
استدرك الشيخ جعيط على القرافي وتعقَّبه في بعض المسائل، من ذلك:
أ - قال عند الكلام على حجية قول الصحابي: ((واعلم أن حكاية هذه الأقوال على الوجه الذي ذكره المصنف غلط، لم يتنبّه إليه أحدٌ من الشارحين، وسببه اشتباه مسألة بمسألة. . .)) (4) .
ب - قال: ((ترجم المصنف المسألة بالأخذ بالأخف، وفسَّرها بالأخذ بأقل ما قيل وهما مسألتان)) (5) .
جـ - عقَّب على القرافي في عدد الأقوال في مسألة التعليل بالحكم، فقال:((ظاهر كلام المصنف أن في هاته المسألة قولين. والتحقيق أن فيها ثلاثة أقوال. . .)) (6) .
د - في تمثيل القرافي على نسخ الحكم والتلاوة معاً بحديث عائشة رضي الله عنها: كان فيما أنزل الله عشر رضعات فنُسِخن بخمس، قال:((الاستدلال لا يتمّ لما نقله المصنف عن عائشة رضي الله عنها، وهو مطلق الإنزال، بل لابدّ أن ينضمّ إليه كونه من القرآن، لأن السنة أيضاً منزلة)) (7) .
هـ - أثبت أن حادثة انشقاق القمر متواترة على خلاف ما قرَّره القرافي (8) .
ولما استدلَّ القرافي على أن الطائفة أقل من ثلاثة، تعقَّبه جعيط بأن فيه نظراً (9)
وأخيراً فإن حاشية الشيخ محمد جعيط اختصَّت مواضع من شرح القرافي ومتنه بالتعليق يراها محتاجةً لذلك، ثم لا ينفكُّ يعالج الموضوع إما بتوضيح المراد، أو تتميم
(1) انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 133.
(2)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 190 - 193.
(3)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 195 - 203.
(4)
منهج التحقيق والتوضيح 2 / 208.
(5)
منهج التحقيق والتوضيح 2 / 219.
(6)
منهج التحقيق والتوضيح 2 / 171.
(7)
منهج التحقيق والتوضيح 2 / 111.
(8)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 140.
(9)
انظر: منهج التحقيق والتوضيح 2 / 142.