الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
إذا عطف أصحاب مالك على الإمام مالك فإنه يقول: وأصحابه، ولكن في مواضع من كتابه كان يقول ((عند أصحابه)) دون سابق ذكرٍ للإمام مالك، وكان يريد بهم أصحاب مالك وقد نبَّه المصنف نفسه عليها (1) .
ثالثاً: طريقة عرض المسائل:
لم يَسِر القرافي على نمطٍ واحدٍ في عرض مسائل الكتاب، بل سلك فيها سبلاً متنوعة، ربما كان مرد هذا الاختلاف طبيعة المسائل المراد بحثها.
وإليك أنماطاً من كيفية عرض المسائل وفق النقاط التالية:
1 -
عرض الأقوال والأدلة:
أ - في غالب المسائل يذكر الأقوال، وأدلة كلِّ قولٍ مبتدئاً بالقول الراجح عنده غالباً، ذاكراً دليله بدون مناقشة، ثم يذكر أدلة الأقوال الأخرى المرجوحة، مناقشاً لها ومعترضاً عليها، والأمثلة على ذلك: دلالة فعله صلى الله عليه وسلم (2) ، مسألة تعبده صلى الله عليه وسلم بشرع من قبله قبل النبوة (3) ، حجية الإجماع (4) ، إفادة التواتر العلم (5) ، حجية القياس (6) ، حكم التقليد في الفروع (7) .
ب - وتارةً قليلة يذكر الأقوال، والأدلة، مع الاعتراض على جميع الأدلة، دون الإجابة عنها، وربما كان هذا الصنيع إيماءً إلى ضعف الاستدلال بما استدل به كل
فريق، ومثاله شرع من قبلنا، أهو شرعٌ لنا أم لا؟ (8)
جـ - وتارة كثيرة يذكر الأقوال، وأدلتها، دون مناقشةٍ لها ولا ترجيح. وفي هذا إشارة عند المصنف إلى قوة الخلاف في المسألة، ووجاهة مدرك كل واحد منها.
(1) انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 118، 130، 131، 133، 135.
(2)
انظر: القسم التحقيقي ص 2 - 4، 6 - 8.
(3)
انظر: القسم التحقيقي ص 27 - 28.
(4)
انظر: القسم التحقيقي ص 124 - 128.
(5)
انظر: القسم التحقيقي ص 198 - 201.
(6)
انظر: القسم التحقيقي ص 305 - 310.
(7)
انظر: القسم التحقيقي ص 444 - 445.
(8)
انظر: القسم التحقيقي ص 31 - 32، 36 - 39.
والأمثلة على ذلك: الاختلاف في اشتراط الفقيه في الراوي (1) ، حجية المرسل (2) ، حجية الإجماع السكوتي (3) ، مسلك الطرد (4) ، تفويض الحكم إلى المجتهد
(العصمة)(5) .
د - وتارة قليلة يكتفي بمجرد ذكر الأقوال دون أدلتها، ربما لأنها أقوال لا تقوم على مستندات قويةً، مثل: الخلاف في الشرع الذي كان صلى الله عليه وسلم متعبداً به (6) ، هل المباح حكم شرعي (7) ؟
هـ - وتارة متوسطة يذكر رأي الجمهور أو الأكثرين دونما إشارة إلى المخالفين، مع ذكر أدلة الطرفين في الشرح، مثل: التعليل بالعلة المركبة (8) ، القياس في العقليات (9) ، القياس في الأسباب (10) .
ووتارة قليلة يعدل عن ذكر رأي الجمهور، ويقتصر على قول الأقلِّين، مع الأدلة، مثل: حكم رواية المجهول (11) ، إجماع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم (12) ، حكم إثبات القياس أصول العبادات (13) .
2 -
عرض المذاهب في المسألة:
لم يلتزم القرافي ترتيب الأقوال والمذاهب في المسألة بحسب زمن قائليها، وليس له في هذا العرض منهج ظاهر، فكان في أغلب الأحايين يقدم المذهب الذي يرتئيه،
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 258 - 260.
(2)
انظر: القسم التحقيقي ص 288 - 290.
(3)
انظر: القسم التحقيقي ص 142 - 146.
(4)
انظر: القسم التحقيقي ص 347 - 348.
(5)
انظر: القسم التحقيقي ص 517 - 518.
(6)
انظر: القسم التحقيقي ص 39.
(7)
انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 70.
(8)
انظر: القسم التحقيقي ص 376 - 378.
(9)
انظر: القسم التحقيقي ص 386 - 388.
(10)
انظر: القسم التحقيقي ص 391 - 393.
(11)
انظر: القسم التحقيقي ص 240.
(12)
انظر: القسم التحقيقي ص 157.
(13)
انظر: القسم التحقيقي ص 395.
وأحياناً يبدأ بقول الجمهور والأكثرين (1) ، وأحياناً يقدّم مذهب مالك وأصحابه، ويلاحظ عليه في عرض مذهب المالكية أنه يبدأ بهم ويعطف عليهم الجمهور، فمثلاً يقول:((عندنا وعند الكافة)) (2) ، ((مذهب مالك وجمهور العلماء)) (3) ، ((والأكثرون من أصحابنا وغيرهم)) (4) ، وأحياناً نادرة يؤخر مذهب مالك (5) ، وأحياناً يحكي أقوال أفراد من العلماء في المسائل (6) ، وفي أحايين يُبهم أصحاب الأقوال، فيقول:((خلافاً لبعضهم)) (7) ، ((خلافاً لقوم)) (8) ، ((وجماعة)) (9) . وفي مواطن كثيرة كان القرافي يقتصر في المسألة على مذهب الإمام الرازي وأقواله دون غيرها (10) .
ويلاحظ بصفة عامة أن المصنف كان يترك أقوالاً في المسألة، إما غفلة منه لها، أو لضعفها عنده وعدم انتهاض الدليل عليها، أو لسبب آخر.
3 -
طريقة التقرير للمسألة:
سلك القرافي طريقة التقرير في مسائل الاتفاق، أو كان الخلاف فيها غير معتبر
عنده، فإنه كان يكتفي بتقرير القول فيها كأنها مسلَّمة لا تقبل الجدل. ومن الأمثلة على ذلك:
أ - قال ((كل ما يتوقف العلم بكون الإجماع حجة عليه لا يثبت بالإجماع، كوجود الصانع وقدرته وعلمه، والنبوة. . .)) (11) .
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 411.
(2)
انظر: القسم التحقيقي ص 182.
(3)
انظر: القسم التحقيقي ص 165.
(4)
انظر: القسم التحقيقي ص 295.
(5)
انظر: القسم التحقيقي ص 375.
(6)
انظر: القسم التحقيقي ص 374.
(7)
انظر: القسم التحقيقي ص 258.
(8)
انظر: القسم التحقيقي ص 101، 160، 367، 382، 393.
(9)
انظر: القسم التحقيقي ص 257.
(10)
انظر: القسم التحقيقي ص 142 - 143، 292، 336 - 338.
(11)
انظر: القسم التحقيقي ص 363.
ب - قال ((وهو (أي الإجماع) مقدَّمٌ على الكتاب والسنة والقياس)) (1) .
جـ - قال ((وإذا زادت إحدى الروايتين على الأخرى - والمجلس مختلف - قُبلت، وإن كان واحداً - ويتأتَّى الذهول عن تلك الزيادة - قُبلتْ، وإلا لم تقبل)) (2) .
د - قال ((يجوز التعليل بالأوصاف العرفية كالشرف، والخِسَّة، بشرط اطرادها وتميُّزها عن غيرها)) (3) .
هـ - قال ((ويمتنع الترجيح في العقليات؛ لتعذر التفاوت بين القطعيين)) (4) .
4 -
العناية بتصوير المسألة
عُني القرافي بتصوير بعض المسائل في ثنايا كتابه، من ذلك:
أ - قال في تصوير مسألة اتباعه صلى الله عليه وسلم ((معنى يجب اتباعه في ذلك الوجه، أي: إنْ فَعَله على وجه الندب وجب علينا أن نفعله على وجه الندب، أو فَعَله صلى الله عليه وسلم على وجه الوجوب وجب علينا أن نفعله كذلك، إذ لو خالفناه في النيّة ذهب الاتباع)) (5) .
ب - قال في تصوير مسألة حكم نسخ الشيء قبل وقوعه ((المسائل في هذا المعنى أربع - ثم عدَّها وقال - فأما الثلاثة الأول، فهي في الفعل الواحد غير المتكرر، وأما الرابعة فوافقنا عليها المعتزلة. . .)) (6) .
جـ - قال ((وأما المسألة الثانية فصورتها أن يكون لأهل العصر الأول قولان، ثم يتفق أهل العصر الثاني على أحد ذَيْنك القولين)) (7) .
د - من الطرق المحصِّلة للعلم غير التواتر إخبار الجمع عن الوجدانيات، بيّن المصنف فيها صورة المسألة وقال ((فهذا هو صورة هذه المسألة)) (8) .
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 10، 201، 401.
(2)
انظر: القسم التحقيقي ص 61.
(3)
انظر: القسم التحقيقي ص 441.
(4)
انظر: القسم التحقيقي ص 341.
(5)
انظر: القسم التحقيقي ص 12.
(6)
انظر: القسم التحقيقي ص 66.
(7)
انظر: القسم التحقيقي ص 138.
(8)
انظر: القسم التحقيقي ص 211.
5 -
تلخيص المسألة وتحصيلها:
انتهج القرافي هذه الطريقة في مواضع من كتبه، وهذا المنهج مفيد في طرائق
التعليم، فبعد بحث المسألة بتشعباتها ومناقشاتها قد يعزب عن ذهن المطالع أصل المسألة ولبُّها، فيعمد المؤلف إلى لملمة فلولها، وتجميع شعثها، وتلخيصها. فمن ذلك:
أ - قال في آخر مسألة تعارض فعله صلى الله عليه وسلم مع قوله: ((فهذا هو معنى المسألتين الأخيرتين في هذا الفصل)) (1) وبعدها بأسطر قال: ((هذا تلخيص هذا الموضع، ولابد منه)) (2) .
ب - قال في مسألة إحداث قول ثالث: ((فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال. . .)) (3) .
جـ - عرض مسألة إمكان أن تخطيء جميع الأمة في ثلاث حالات، ثم قال:
((فهذا تلخيص هذه المسألة)) (4) .
د - قال في مسألة قادح الفرق في آخرها: ((فهذا تلخيص هذا الموضع)) (5) .
6 -
سوق الأمثلة على المسألة:
يظهر اهتمام القرافي بالتمثيل لبعض المسائل، وتخريج الفروع عليها، فمن ذلك التمثيل على: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم (6) ، نفي الزيادة بالشرط (7) ، نسخ ما لا تتوقف عليه العبادة (8) ، إحداث قول ثالث (9) ، المتواتر اللفظي والمعنوي (10) ، العلة التي لا تعود على الأصل بالتخصيص (11) ، والتمثيل عموماً على مسالك العلة (12) وقوادحها (13) .
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 20.
(2)
انظر: القسم التحقيقي ص 21.
(3)
انظر: القسم التحقيقي ص 129.
(4)
انظر: القسم التحقيقي ص 187.
(5)
انظر: القسم التحقيقي ص 362.
(6)
انظر: القسم التحقيقي ص 9.
(7)
انظر: القسم التحقيقي ص 108.
(8)
انظر: القسم التحقيقي ص 113.
(9)
انظر: القسم التحقيقي ص 130.
(10)
انظر: القسم التحقيقي ص 206.
(11)
انظر: القسم التحقيقي ص 427.
(12)
انظر: القسم التحقيقي ص 320 وما بعدها.
(13)
انظر: القسم التحقيقي ص 349 وما بعدها.