الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس
موارد الكتاب ومصادره
إن مما يميّز الكتاب، ويرجِّح كِفَّة ميزانه أصالة مصادره وتنوّعها، وكذلك قدرة مؤلفه على الإفادة منها، وحسن اقتناص الفوائد التي حوتها.
وإن الواقف على كتب القرافي في جملتها يلمح حرصه البالغ، واهتمامه الشديد بالكتب والتآليف والمراجع؛ لأن إنطلاقة العلم والبحث لا يمكن أن تسمو وترقى دون أن تستند إلى أرضية صلبة من تراث الأمة الفكري. ويُخيَّل إليَّ أن القرافي يمتلك مكتبة كبيرة جداً عامرةً بشتى الفنون والعلوم.
فانظر - يا رعاك الله - إليه وهو يحشد عدداً كبيراً من كتب الفقه المالكي فقط عند تأليفه للذخيرة ناهيك عن مصادره الأخرى فيه. قال في الذخيرة (1 / 39) :
((
وقد جمعت له من تصانيف المذهب نحو أربعين تصنيفاً ما بين شرحٍ، وكتابٍ مستقل، خارجاً عن كتب الحديث واللغة)) .
وأمَّا مصادره الأصولية التي هي موضع احتفائنا بها هنا فقد نيَّفت على الثلاثين مصدراً في كتابه " نفائس الأصول " حيث قال: ((وجمعت له نحو ثلاثين تصنيفاً
في أصول الفقه للمتقدّمين والمتأخرين من أهل السنة والمعتزلة، وأرباب المذاهب
الأربعة. . .)) (1) .
هذه الوفرة الكثيرة من المصادر كانت تلازم القرافي باعتبارها آليَّات بحثه وتأليفه. ولهذا لمّا عرضتْ له مشكلة بدا فيها تناقض الرازي في محصوله في لفظة " البَخْت "
و" البحث "، قال:((ثم بعد وضع كتاب الفصول طالعت كتباً كثيرة فوجدت هذه اللفظة فيها مضبوطة. . .)) (2) .
وانظر موقع " شرح تنقيح الفصول " الزمني، إذ يُعدُّ من خواتيم تآليفه، فالظن عندي غالبٌ أن القرافي قد استفاد كثيراً من جملة المصادر التي سلف اعتماده عليها. ولقد زَخَر هذا الشرح بالنصوص والآراء المنقولة عن العلماء السابقين، وقد
(1) نفائس الأصول 1 / 91.
(2)
انظر: القسم التحقيقي ص 173، وانظر: ص 166 من المطبوع.
أفاد منها القرافي، لكن المصنف لم يصرِّح بجميع موارده في الكتاب، ولم يكشف في مقدّمة شرحه عن المصادر التي استمدّ منها مادته، والمراجع التي ارتوى منها. نعم لقد نصَّ في المتن " تنقيح الفصول ": بأنه أفاد من " الإفادة "، وحصّل من " المحصول "، وأشار إلى " الإشارة "، ونقل باختصار من " مقدمة ابن القصّار "(1) .
وفي الحقيقة ليست هذه كل مصادره، بل أفاد من عدد يزيد على أضعاف أضعافها في " شرح التنقيح ". ولقد استفتيتُ كتاب القرافي نفسه، واستنطقتُ سطوره وكلماته، وذلك بملازمة قراءته، وتمعُّنِ مادّته، وعرض محتوياته على مصادر التوثيق المتنوعة، وكان همّي - وأنا أحقق الكتاب - مراجعة النصوص من مصادرها الأصلية، ولاسيما التي ذُكرتْ أسماؤها، ولقد وُفِّقتُ في توثيق كثيرٍ منها، لكنَّ أسباباً حالت دون ذلك في بعضها الآخر، منها:
- ضياع بعض الكتب وفقدانها، أو أنها في غياهب خزائن المخطوطات في زوايا مهملة لم تُعرِّف بها الفهارس والمسارد.
- بقاء بعضها مخطوطاً لم يقيّض له أن يطبع حتى كتابة هذه السطور.
- تنائي بعضها عن الأيدي مما لم يمكِّن الباحث من الوصول إليه بسهولة.
مسرد المصادر:
وإليك الآن مسرداً بالمصادر التي استقى منها القرافي مادته العلمية دون التعريف
بها؛ لأن ما نصَّ عليه المؤلف قد جاء التعريف به في موضعه في أثناء التحقيق، وما لم ينصَّ عليه جاءت بياناته مستوفاةً في فهرس المصادر.
وقد جعلتُ المسرد في قسمين، القسم الأول: في المصادر المصرّح بأسمائها، وفي هذا القسم لم أشر إلى مواضع الاستفادة منها في الكتاب؛ لأن فهرس أسماء الكتب الواردة في النص فيه غناء عن ذلك. والقسم الثاني: في المصادر التي أفاد منها دون التصريح بأسمائها، وهي على ضَرْبين، الضرب الأول: مصادر كتابيّة، وقد أحلت على بعض المواضع من الكتاب التي أحسب أنه أفاد منها، والثاني: مصادر شفوية، وهي ما سمعه القرافي من مشايخه وأقرانه ونظرائه مشافهةً من غير واسطة.
(1) انظر: المبحث الأول من هذا الفصل، ص 69 القسم الدراسي.