الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جـ - قوله: ((فقد قوي الاستبراء على منع المبادي، ولم يَقْوَ على قطع التمادي)) (1) .
واستعمل أسلوب " التطبيق "(2) حينما قال ((ومن محاسن العبارة في هذه المسألة
أن يقال: إن الأمر بالشيء نهيٌ عن جميع أضداده، والنهي عن الشيء أمرٌ بأحد
أضداده)) (3) .
5 - الأسلوب مع الآخرين:
التزم القرافي رحمه الله تعالى في كتاب الأدب الجمَّ مع الآخرين، وأوجب الأدب
ما كان مع الله جل جلاله وكتابه المبين ومع نبيه صلى الله عليه وسلم، ومع علماء الأمة رحمة الله عليهم أجمعين.
فتأمَّل بماذا عبَّر من أسلوب يفيض إجلالاً لله تباركت أسماؤه. قال: ((فالكلِّي هو الذي لا يمنع تصورُه من وقوع الشِّرْكة فيه، سواء امتنع وجوده كالمستحيل، أو أمكن ولم يوجد كبحر الزئبق، أو وجد ولم يتعدَّد كالشمس، أو تعدَّد كالإنسان. وقد تركتُ قسمين، أحدهما محال، والثاني أدب)) (4) .
ثم قال في الشرح: ((لكن إطلاق لفظ " الكلي " على واجب الوجود سبحانه وتعالى فيه إيهامٌ تمنع من إطلاقه الشريعة، فلذلك قُلتُ تركتُه أدباً. . . فأقسام الكلي عندهم ستة، وهي في هذا الكتاب أربعة)) (5) .
وقال بإزاء القرآن الكريم ((وأما الكتب السالفة، فلم يؤمر بتعلُّمها؛ لعدم صحتها، وأدباً مع الأفضل منها، وهو القرآن)) (6) .
وأما في جانب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فقال: ((وبهذا يظهر لك بطلان قول من استدلَّ في هذه المسألة بقضية رجم اليهوديين، وأن رسول الله اعتمد على أخبار ابن صُوْريا أن فيها الرجم، ووجد فيها كما قال،. . . بل رسول الله يجب
(1) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 84.
(2)
وهو التضادُّ والمطابقة والطِّباق، وهو أن يؤتى بالشيء وضده في الكلام. الطراز ليحيى اليمني ص 383.
(3)
شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 136.
(4)
شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 27.
(5)
المصدر السابق ص 28.
(6)
المصدر السابق ص 29.
أن يُعتقد أنه إنما اعتمد في رجم اليهوديين على وحيٍ جاءه من قبل الله تعالى، أما غير ذلك فلا يجوز، ولا يُقْدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على دماء الخلق بغير مستندٍ صحيح)) (1) .
أما مع العلماء الأجلاء، فإنه تلَّطف معهم في العبارة، وأثبت فضلهم، وأعلى أقدارهم، وكل هذا ظاهرٌ في الأوصاف التي يخلعها عليهم، وإكثار الترحُّم عليهم، بل الترضِّي عنهم، كقوله:((مذهب مالك، وجمهور العلماء رضي الله عنهم وجوبه وإبطال التقليد)) (2)، وقال:((منهم الشافعي وأبو حنيفة رضي الله عنهما)(3) ، وقال ((وأما الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه. . .)) (4)، واسمعه وهو يدعو لشيخه العز بن عبد السلام رحمه الله:((وكان الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام قدَّس الله روحه من الشافعية يقول. . .)) (5) .
كما أنه يعترف لهم بالفضل فيقول: ((غير أن هاهنا قاعدة للحنفية أخبرني
فضلاؤهم، وهي. . .)) (6) .
ويقول: ((قال بعض فضلاء العصر. . .)) (7)، وقال:((فذكرتُ هذا لبعض العلماء الأعيان. . .)) (8) .
وكان الإمام الشهاب القرافي رحمه الله يلتمس للعلماء المعاذير، فها هو يقول:
((فلا يوجد عالم إلا وقد خالف من كتاب الله وسنة نبيّه عليه الصلاة والسلام أدلةً كثيرة، ولكن لمعارضٍ راجحٍ عليها عند مخالفها)) (9) . وقد أوَّل كلاماً للشافعي ليستقيم على وجهٍ صحيحٍ في مسألة عموم المشترك، فقال: ((ولعل الشافعي رضي الله عنه يريد
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 35 - 36.
(2)
انظر: القسم التحقيقي ص 441.
(3)
انظر: القسم التحقيقي ص 269 - 270.
(4)
انظر: القسم التحقيقي ص 449.
(5)
شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 174.
(6)
شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 185.
(7)
انظر: القسم التحقيقي ص 13.
(8)
شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 187.
(9)
انظر: القسم التحقيقي ص 507.
بأنه حقيقة: أنه في كل فردٍ على حياله لا في الجميع: إلى أن قال - وهو اللائق بمنصب هذا الإمام العظيم)) (1) .
والإمام القرافي عليه رحمه الله وإن التزم جانب اللطف مع المخالف إجمالاً، إلا أنه وردت عبارات فيها شدَّة، ربما أشعرت بالتهكم بالمخالف، وهذا نادرٌ جداً، ومع ذلك فالقرافي في صنيعه هذا لا يقصد الإساءة والسخرية - حاشاه - بل قصد التنبيه على الخطأ الجسيم غير اللائق صُدُوره من أهل العلم والفضل، والله تعالى أعلم. فمن ذلك:
أ - قوله: ((وقول الإمام ومن وافقه باطل - ثم قال - فإهمال الرجحان هنا ليس بجيِّد)) (2) .
ب - قوله: ((احترازاً مما توهمه الشيخ ابن أبي زيد وغيره - ثم قال - وليس كما زعموا)) (3) .
ب - قوله: ((فإنكار الإمام منكر)) (4) .
د - قوله في تعريف الاستحسان ((وقيل: " هو الحكم بغير دليل ". وهو اتباعٌ للهوى)) (5) .
هـ - قوله: ((ولا يفسِّق بذلك إلا جاهل)) (6) .
وقوله: ((أما الاكتفاء بالظاهر فهو شأن الجهلة الأغبياء الضعفاء الحزم
والعزم)) (7) .
ز - قوله: ((فعلى هذا لا ينحصر فرض العين في العبادات، ولا في بابٍ من أبواب الفقه، كما يعتقده كثيرٌ من الأغبياء)) (8) .
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 116.
(2)
شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 120.
(3)
المصدر السابق ص 55.
(4)
انظر: القسم التحقيقي ص 284.
(5)
انظر: القسم التحقيقي ص 513.
(6)
انظر: القسم التحقيقي ص 246.
(7)
انظر: القسم التحقيقي ص 247.
(8)
انظر: القسم التحقيقي ص 457.