الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِلَا مُتَعَهِّدٍ أَوْ بِمُتَعَهِّدٍ، وَكَانَ نَحْوَ قَرِيبٍ كَزَوْجٍ مُحْتَضَرٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَضَرًا لَكِنَّهُ يَأْنِسُ بِهِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ زِيَادَةً عَلَى الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ فَوَائِدَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَعْذَارًا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى قَوْلِ الْفَرْضِ، وَالْكَرَاهَةُ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ لَا حُصُولُ فَضْلِهَا. وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا وَكَانَ قَصْدُهُ الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ أَبِي مُوسَى «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ صَحِيحًا مُقِيمًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ (وَ) هِيَ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَجِبُ (عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَنْوِيَ الِائْتِمَامَ) بِالْإِمَامِ أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُ الثِّقَاتِ: إنَّ مَنْ أَكَلَ الْفُجْلَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ الطَّاهِرِ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيحُهُ وَلَا يَتَجَشَّأُ. قَالَ ح ف: وَقَدْ جُرِّبَ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: لَوْ عَلِمَ آكِلُ رُءُوسِ الْفُجْلِ مَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ لَمْ يَعَضَّ عَلَى رَأْسِ فُجْلَةٍ، وَمَنْ أَكَلَ عُرُوقَهُ مُبْتَدِئًا بِأَطْرَافِهَا لَا يَتَجَشَّأُ مِنْهَا ق ل. وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَنْ قَالَ قَبْلَ أَكْلِهِ فَرَاجِعْ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَأَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ أَيْ حَيْثُ يَجِدُ أُدْمًا غَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا. وَمِنْ الرِّيحِ الْكَرِيهِ رِيحُ الدُّخَانِ الْمَشْهُورِ الْآنَ وَلَا فَرْقَ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ خَالِيًا أَوْ لَا لَتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَحُضُورِ مَرِيضٍ) ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ وَلَوْ كَانَ الْمَرِيضُ فَاسِقًا وَعَلَيْهِ يُقَيَّدُ حُرْمَةُ إينَاسِ الْفَاسِقِ بِغَيْرِ الْمَرِيضِ وَالضَّيْفِ أَوْ يَجْرِي فِيهِ تَعَارُضُ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي خُصُوصًا إنْ كَانَ مُهْدَرًا تَأَمَّلْ. رَحْمَانِيٌّ وَكَتَبَ الشَّوْبَرِيُّ قَوْلُهُ مَرِيضٌ بِلَا مُتَعَهِّدٍ هَلْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ اهـ. قَوْلُهُ: (نَحْوَ قَرِيبٍ كَزَوْجٍ) وَرَقِيقٍ وَصِهْرٍ وَصَدِيقٍ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ نَحْوَ قَرِيبٍ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ يَأْنَسُ بِهِ) أَيْ إنَّ الْمَرِيضَ يَأْنَسُ بِالْحَاضِرِ لِأَنَّ تَأْنِيسَهُ أَهَمُّ اهـ أج قَوْلُهُ: (وَقَدْ ذَكَرْتُ إلَخْ) أَشَارَ بِمَا ذُكِرَ إلَى أَنَّ الْأَعْذَارَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَهُ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْبِيرُهُ بِالْكَافِ، فَمِنْ الْأَعْذَارِ أَيْضًا زَلْزَلَةٌ وَغَلَبَةُ نُعَاسٍ وَسِمَنٌ مُفْرَطٌ وَسَعْيٌ فِي اسْتِرْدَادِ مَالٍ يَرْجُو حُصُولَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَعْمَى حَيْثُ لَا يَجِدُ قَائِدًا وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ قَدَرَ عَلَيْهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ وَلَا أَثَرَ لِإِحْسَانِهِ الْمَشْيَ بِالْعَصَا، إذْ قَدْ تَحْدُثُ وَهْدَةٌ يَقَعُ فِيهَا وَكَوْنُهُ مُهْتَمًّا بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ الْهَمُّ مِنْ الْخُشُوعِ وَالِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ وَوُجُودُ مَنْ يُؤْذِيهِ فِي طَرِيقِهِ وَلَوْ بِشَتْمٍ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ. وَنَحْوُ النِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ وَتَطْوِيلِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَتَرْكِهِ سُنَّةً مَقْصُودَةً لِأَنَّهُ إذَا عُذِرَ بِهِمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْجَمَاعَةِ فَفِي إسْقَاطِهَا ابْتِدَاءً أَوْلَى وَكَوْنُهُ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ، وَالْمَأْمُومُ بَطِيئًا أَوْ مِمَّنْ يَكْرَهُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ أَوْ كَانَ يُفْتَتَنُ بِجَمَالِهِ وَهُوَ أَمْرَدُ أَوْ كَانَ يَخْشَى هُوَ مِنْ الِافْتِتَانِ بِذَلِكَ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (سُقُوطُ الْإِثْمِ) بِأَنْ كَانَ الشِّعَارُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ بِأَنْ كَانَ إمَامًا أَوْ أَطْبَقُوا عَلَى تَرْكِهَا لِلْعُذْرِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَكْفِي فِيهِ الْبَعْضُ قَوْلُهُ: (هُوَ الظَّاهِرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْذُورُ مُلَازِمًا لَهَا قَبْلَ الْعُذْرِ وَلَمْ يَتَعَاطَ السَّبَبَ وَلَمْ يَتَأَتَّ لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَعِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ فَعَلَهَا وَالْمَنْفِيُّ فِي. كَلَامِ النَّوَوِيِّ، الْفَضْلُ الْكَامِلُ ز ي فَقَوْلُ ق ل: هُوَ مَرْجُوحٌ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا ثَوَابُ قَصْدِهِ لَا فَضْلُ الْجَمَاعَةِ اهـ هُوَ الْمَرْجُوحُ اهـ م د.
[شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاة]
قَوْلُهُ: (وَهِيَ أُمُورٌ) ذَكَرَ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ سِتَّةَ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: نِيَّةُ الْمَأْمُومِ الِائْتِمَامَ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ أَوْ يُسَاوِيَهُ. الثَّالِثُ: اجْتِمَاعُ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ. الرَّابِعُ: تَوَافُقُ نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُصَلِّي الظُّهْرِ. مَثَلًا بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ بِرُكُوعَيْنِ. الْخَامِسُ: التَّوَافُقُ فِي السُّنَنِ تُفْحِشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا، كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ. السَّادِسُ: تَبَعِيَّةُ الْإِمَامِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُ عَنْ تَحَرُّمِهِ وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ وَلَا يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِهِمَا وَالْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمَا وَهُمَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ وَأَدْرَجَ فِي ثَانِيهِمَا الْعِلْمَ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَهُوَ شَرْطٌ سَابِعٌ، وَقَدْ نَظَمَهُمَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
الِاقْتِدَاءَ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ مُطْلَقًا، وَفِي جُمُعَةٍ مَعَ تَحَرُّمٍ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ عَمَلٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَ تَحَرُّمٍ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ فُرَادَى إلَّا الْجُمُعَةَ فَلَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، فَلَوْ تَرَكَ هَذِهِ النِّيَّةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا وَتَابَعَهُ فِي فِعْلٍ أَوْ سَلَامٍ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ لِلْمُتَابَعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَى صَلَاةِ غَيْرِهِ بِلَا رَابِطٍ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ فَإِنْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ وَأَخْطَأَ كَأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا وَتَابَعَهُ كَمَا مَرَّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُتَابَعَتِهِ لِمَنْ لَمْ يَنْوِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَافِقْ النَّظْمَ وَتَابِعْ وَاعْلَمَنْ
…
أَفْعَالَ مَتْبُوعٍ مَكَانَ يُجْمَعْنَ
وَاحْذَرْ لِخُلْفٍ فَاحِشٍ تَأَخُّرَا
…
فِي مَوْقِفٍ مَعَ نِيَّةٍ فَحُرِّرَا
وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَالْمَاتِنُ لَا بِعِنْوَانِ الشَّرْطِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهَا أَنْ لَا يَعْلَمَ بُطْلَانَ صَلَاةِ مَنْ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، كَحَنَفِيٍّ مَسَّ فَرْجَهُ وَأَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْإِعَادَةُ وَأَنْ لَا يَفْضُلَ الْمَأْمُومُ عَلَى الْإِمَامِ بِصِفَةٍ ذَاتِيَّةٍ. كَالذُّكُورَةِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَأَنْ لَا يَفْضُلَهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِالْإِمَامِ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمُقْتَدٍ، فَجُمْلَتُهَا اثْنَا عَشَرَ شَرْطًا.
قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَجِبُ) فِيهِ مُسَامَحَةً لِأَنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ وُجُوبُ النِّيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ نَفْسُ نِيَّةِ الِائْتِمَامِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ) أَيْ مُرِيدُ الِائْتِمَامِ سَوَاءٌ مَعَ التَّحَرُّمِ أَمْ بَعْدَهُ وَتَتَعَيَّنُ مَعَ التَّحَرُّمِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ بِالْمَطَرِ وَالْمَنْذُورَةِ، جَمَاعَتُهَا نَعَمْ تَصِحُّ النِّيَّةُ فِي الْأَخِيرَةِ مُنْفَرِدًا وَإِنْ أَثِمَ بِفَوْتِ النَّذْرِ ق ل وأ ج أَيْ فَالنِّيَّةُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ تَكُونُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا فِي أَثْنَائِهَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. لَكِنْ كُلُّ مَنْ قَطَعَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِدْخَالُهُ نَفْسَهُ فِيهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ عَمَلٌ، وَكُلُّ عَمَلٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ فَيَنْتِجُ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نِيَّةٍ. كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ عَمَلٌ إلَخْ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِالْإِمَامِ) أَيْ لَا يُجْزِئُهُ كَيَدِهِ فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ لِأَنَّ الرَّبْطَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ رَبْطِ فِعْلِهِ بِفِعْلِهِ. كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِزَيْدٍ لَا بِنَحْوِ يَدِهِ نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْبَعْضِ الْكُلَّ صَحَّتْ اهـ شَرْحُ م ر اهـ أج.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) كالمأمومية وَالْجَمَاعَةِ إلَّا أَنَّ نِيَّةَ الْجَمَاعَةِ صَالِحَةٌ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْقَرِينَةُ تُعَيِّنُ اهـ. أج وَالْقَرِينَةُ كَتَقَدُّمِ الْإِمَامِ فِي الْمَكَانِ أَوْ التَّحَرُّمِ وَمَعْنَى الْجَمَاعَةِ فِي الْمَأْمُومِ رَبْطُ صَلَاتِهِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَمَعْنَاهَا فِي الْإِمَامِ رَبْطُ صَلَاةِ الْغَيْرِ بِصَلَاتِهِ.
قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ عِنْدَ التَّحَرُّمِ وَبَعْدَهُ وَمِثْلُ الْجُمُعَةِ الْمُعَادَةُ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَ تَحَرُّمٍ) أَيْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ أَصْلًا قَوْلُهُ: (فَلَوْ تَرَكَ هَذِهِ النِّيَّةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا فِيهَا فَيُؤَثِّرُ الشَّكُّ إنْ طَالَ زَمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ اهـ أج. قَوْلُهُ:(بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ) أَيْ عُرْفًا لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ وَمَا كَانَ اتِّفَاقًا أَوْ الْكَثِيرُ لَا لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ نَعَمْ يَضُرُّ الْكَثِيرُ مَعَ الشَّكِّ فِي الْجُمُعَةِ، كَالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) فَإِنَّهُ مُتَلَاعِبٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ وَالْجَاهِلِ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ر م.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ) فِي نِيَّةِ الْمَأْمُومِ بِاسْمِهِ كَزَيْدٍ أَوْ وَصْفِهِ كَالْحَاضِرِ أَوْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ كَهَذَا بَلْ يَكْفِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ عِنْدَ الْتِبَاسِهِ بِغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ نَوَيْت اقْتِدَاءً بِالْإِمَامِ مِنْهُمْ إذْ مَقْصُودُ الْجَمَاعَةِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ قَالَ الْإِمَامُ: بَلْ الْأَوْلَى عَدَمُ تَعْيِينِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَيَّنَهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَيَكُونُ ضَارًّا اهـ أج. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ التَّعْيِينُ بِإِشَارَةٍ وَإِلَّا فَالْإِشَارَةُ مِنْ أَفْرَادِ التَّعْيِينِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَهُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَتَابَعَهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، لِعَدَمِ انْعِقَادِ نِيَّتِهِ ق ل، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا نَوَى الِائْتِمَامَ فِي الْأَثْنَاءِ بَعْدَ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ فُرَادَى وَأَخْطَأَ أَيْ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا تَابَعَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَعِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ الْمُعْتَمَدُ بُطْلَانُ
الِاقْتِدَاءَ بِهِ، فَإِنْ عَيَّنَهُ بِإِشَارَةٍ إلَيْهِ كَهَذَا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ زَيْدٌ أَوْ بِزَيْدٍ هَذَا أَوْ الْحَاضِرِ صَحَّتْ.
وَقَوْلُهُ (دُونَ الْإِمَامِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ الْإِمَامَةَ لَا تُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ بَلْ تُسْتَحَبُّ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ إذْ لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ عَمَلِهِ إلَّا مَا نَوَى، وَتَصِحُّ نِيَّتُهُ لَهَا مَعَ تَحَرُّمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إمَامًا وِفَاقًا لِلْجُوَيْنِيِّ وَخِلَافًا لِلْعِمْرَانِيِّ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ، وَإِذَا نَوَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ حَازَ الْفَضِيلَةَ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ، وَلَا تَنْعَطِفُ نِيَّتُهُ عَلَى مَا قَبْلَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الصَّوْمَ فِي النَّفْلِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهَا تَنْعَطِفُ عَلَى مَا قَبْلَهَا لِأَنَّ النَّهَارَ لَا يَتَبَعَّضُ صَوْمًا وَغَيْرَهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَتَبَعَّضُ جَمَاعَةً وَغَيْرَهَا، أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِيهَا مَعَ التَّحَرُّمِ، فَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ فِيهَا سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَمْ زَائِدًا عَلَيْهِمْ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ لَمْ يُشْتَرَطْ مَا ذُكِرَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمُعَادَةَ كَالْجُمُعَةِ إذْ لَا تَصِحُّ فُرَادَى فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِيهَا فَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فِي تَعْيِينٍ تَابَعَهُ الَّذِي نَوَى الْإِمَامَةَ بِهِ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ غَلَطَهُ فِي النِّيَّةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا، أَمَّا إذَا نَوَى ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
صَلَاتِهِ بِمُجَرَّدِ الْخَطَأِ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ لِأَنَّ فَسَادَ النِّيَّةِ مُبْطِلٌ إنْ وَقَعَ فِي الْأَثْنَاءِ وَمَانِعٌ مِنْ الِانْعِقَادِ إنْ وَقَعَ فِي الِابْتِدَاءِ أهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (صَحَّتْ) أَيْ لِأَنَّ الْخَطَأَ لَمْ يَقَعْ فِي الشَّخْصِ لِعَدَمِ تَأَتِّيه فِيهِ بَلْ فِي الظَّنِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ أج قَالَ م ر: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ حَيْثُ قَالُوا فِيهَا بِالصِّحَّةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا حَيْثُ قَالُوا فِيهَا بِالْبُطْلَانِ، لِأَنَّ ثَمَّ تَصَوَّرَ فِي ذِمَّتِهِ شَخْصًا مُعَيَّنًا اسْمُهُ زَيْدٌ فَظَنَّ أَنَّهُ الْحَاضِرُ فَاقْتَدَى بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِإِمَامَةِ مَنْ هُوَ مُقْتَدٍ بِهِ وَهُنَا جَزَمَ بِإِمَامَةِ. الْحَاضِرِ وَقَصَدَهُ بِعَيْنِهِ لَكِنْ أَخْطَأَ فِي اسْمِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ لِلظَّنِّ مَعَ الرَّبْطِ بِالشَّخْصِ فَلَمْ يَقَعْ خَطَأٌ فِي الشَّخْصِ أَصْلًا اهـ قَوْلُهُ:(لَا تُشْتَرَطُ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ بِهِ فَتَصِحُّ الْجَمَاعَةُ لَهُمْ لَا لَهُ وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي حُصُولِ أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ كَتَحَمُّلِ السَّهْوِ وَالْقِرَاءَةِ إذَا اقْتَدَى بِهِ فِي الرُّكُوعِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ اهـ أج قَوْلُهُ: (سَيَصِيرُ إمَامًا) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَرْضَ فِيمَنْ يَرْجُو جَمَاعَةً يُحْرِمُونَ خَلْفَهُ، أَمَّا غَيْرُهُ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ فَلْيُحَرَّرْ قَالَ الزَّرْكَشِيّ، بَلْ يَنْبَغِي نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ أَحَدٌ إذَا وَثِقَ بِالْجَمَاعَةِ وَأَقَرَّهُ فِي الْإِيعَابِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَإِذَا نَوَى الْإِمَامَةَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَلَمْ يَأْتِ خَلْفَهُ أَحَدٌ، فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ. اهـ. سم. قَوْلُهُ:(فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ) أَيْ مَعَ التَّحَرُّمِ بَلْ يَنْوِي الْإِمَامَةَ إذَا اقْتَدَى بِهِ الْمَأْمُومُونَ لِأَنَّهُ صَارَ إمَامًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قَوْلُهُ: (حَازَ الْفَضِيلَةَ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ) بِخِلَافِ نِيَّةِ الِائْتِمَامِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ. اهـ. سم. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِمَامَ مُسْتَقِلٌّ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَالْمَأْمُومُ كَانَ مُسْتَقِلًّا وَصَارَ تَابِعًا فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ فَكُرِهَ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُ:(فَإِنَّهَا تَتَبَعَّضُ جَمَاعَةً وَغَيْرَهَا) كَالْمَسْبُوقِ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا قَوْلُهُ:(لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِقْلَالِهِ قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ) كَرَقِيقٍ وَمُسَافِرٍ وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ بِأَنْ نَوَى الظُّهْرَ وَإِذَا نَوَاهُ انْتَظَرُوهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَقِيَّةِ الظُّهْرِ وَيُسَلِّمُوا مَعَهُ أَوْ يُفَارِقُوهُ عِنْدَ قِيَامِهِ إذَا قَامَ وَالْأَفْضَلُ الِانْتِظَارُ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا نَوَى ذَلِكَ) أَيْ نَوَى الْإِمَامَةَ وَأَخْطَأَ فِي تَعْيِينِ تَابِعِهِ وَفِي صِحَاحِ النُّسَخِ، أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ إلَخْ أَيْ الْخَطَأُ فِي تَعْيِينِ تَابِعِهِ وَهَذِهِ هِيَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْجُمُعَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا) كَالْمُعَادَةِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَضُرُّ) أَيْ مَا لَمْ تُوجَدْ إشَارَةٌ كَالْمَأْمُومِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى قَاعِدَةٍ شَهِيرَةِ هِيَ أَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَالْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ
الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَكَانِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ، أَوْ عِنْدَ التَّحَرُّمِ لَمْ تَنْعَقِدْ كَالتَّقَدُّمِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قِيَاسًا لِلْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ مُتَقَدِّمٌ أَمْ لَا كَأَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ النَّصِّ، وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاةُ الْمَأْمُومِ بِإِمَامِهِ، وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّقَدُّمِ وَغَيْرِهِ لِلْقَائِمِ بِالْعَقِبِ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ لَا الْكَعْبُ، فَلَوْ تَسَاوَيَا فِي الْعَقِبِ وَتَقَدَّمَ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ لَمْ يَضُرَّ. نَعَمْ إنْ كَانَ اعْتِمَادُهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ ضَرَّ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَوْ تَقَدَّمَتْ عَقِبُهُ وَتَأَخَّرَتْ أَصَابِعُهُ ضَرَّ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ اعْتَمَدَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَ الْأُخْرَى عَلَى رِجْلِ الْإِمَامِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ قَدَّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ. وَالِاعْتِبَارُ لِلْقَاعِدِ بِالْأَلْيَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ أَيْ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ، أَمَّا فِي حَالِ السُّجُودِ فَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ رُءُوسَ الْأَصَابِعِ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الرَّاكِبَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِيهَا لِنِيَّةِ الْجَمَاعَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ التَّعَرُّضُ لِلتَّابِعِ وَهُمْ الْمَأْمُومُونَ إجْمَالًا، وَمَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً كَنِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ فَإِذَا عَيَّنَ فِي نِيَّتِهِ جَمَاعَةً فَبَانَ خِلَافُهُمْ لَمْ يَضُرَّ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ مِنْ أَصْلِهَا لَمْ يَضُرَّ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (قِيَاسًا لِلْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ) بِجَامِعِ الْفُحْشِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ) غَايَةُ قَوْلِهِ: (صَحَّتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ مِنْ قُدَّامِ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ خَلْفِهِ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ فَقَالَ إنْ كَانَ قَدْ جَاءَ مِنْ خَلْفِهِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَبَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَقَدُّمُهُ قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ فَإِذَا شَكَّ عِنْدَ التَّحَرُّمِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاةٌ إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهَا مُعْتَدًّا بِهَا فِي الْجُمُعَةِ وَفِي غَيْرِهَا، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ شَرْحُ م ر يَعْنِي أَنَّ فَائِدَةَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ تَحْصُلْ فَضِيلَتُهَا صِحَّةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَتَحَمُّلُ الْإِمَامِ الْفَاتِحَةَ وَالسَّهْوَ وَغَيْرَ ذَلِكَ اهـ. قَوْلُهُ:(وَالِاعْتِبَارُ إلَخْ) وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ بِجَمِيعِ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عَلَى جُزْءٍ مِمَّا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ ق ل. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَأْمُومَ وَالْإِمَامَ إمَّا أَنْ يَكُونَا قَائِمَيْنِ أَوْ قَاعِدَيْنِ أَوْ مُضْطَجِعَيْنِ أَوْ مُسْتَلْقِيَيْنِ أَوْ مَصْلُوبَيْنِ أَوْ مُعْتَمِدَيْنِ عَلَى خَشَبَتَيْنِ. وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ سِتَّةِ الْمَأْمُومِ فِي سِتَّةِ الْإِمَامِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَهَذِهِ قِسْمَةٌ عَقْلِيَّةٌ، لِأَنَّ الْمَصْلُوبَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِلُّزُومِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحْوَالَ الْإِمَامِ خَمْسَةٌ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْإِعَادَةُ وَالْمَصْلُوبُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَأَحْوَالُ الْمَأْمُومِ سِتَّةٌ فَتُضْرَبُ خَمْسَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَلَاثِينَ، قَوْلُهُ:(وَغَيْرُهُ) أَيْ التَّأَخُّرُ وَالْمُسَاوَاةُ قَوْلُهُ: (لِلْقَائِمِ) وَمِثْلُهُ الرَّاكِعُ فِيمَا يَظْهَرُ م ر. هَذَا إنْ لَمْ يَعْتَمِدْ فِي قِيَامِهِ عَلَى أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ اهـ أج. قَوْلُهُ: (لَا الْكَعْبُ) أَيْ وَلَا أَصَابِعُ الرِّجْلِ وَالْأَوْلَى زِيَادَةُ هَذَا لِأَجْلِ التَّفْرِيعِ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَتَأَخَّرَتْ أَصَابِعُهُ) بِأَنْ كَانَتْ رِجْلُهُ صَغِيرَةً قَوْلُهُ: (وَقَدَّمَ الْأُخْرَى) أَيْ الَّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ) قِيَاسًا عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهُ، وَالْأَيْمَانُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَكَانًا وَدَخَلَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (بِالْأَلْيَةِ) أَيْ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَالْعِبْرَةُ بِهِمَا م ر اهـ أج.
قَوْلُهُ: (أَمَّا فِي حَالِ السُّجُودِ) أَيْ هَذَا أَيْ مَا تَقَدَّمَ فِي حَالِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ أَمَّا فِي الْحَالِ السُّجُودِ إلَخْ قَوْلُهُ: (رُءُوسَ الْأَصَابِعِ) مُعْتَمَدٌ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ حَيْثُ ضَعَّفَهُ قَوْلُهُ: (وَيَشْمَلُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَالِاعْتِبَارُ لِلْقَاعِدِ بِالْأَلْيَةِ قَوْلُهُ: (بِمَا اعْتَبَرُوا بِهِ فِي الْمُسَابَقَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى سَبْقِ أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ بِالْكَتَدِ وَهُوَ كَتِفُ الدَّابَّةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَقَدُّمِ
الِاعْتِبَارُ بِمَا اعْتَبَرُوا بِهِ فِي الْمُسَابَقَةِ بَعِيدٌ، وَفِي الْمُضْطَجِعِ بِالْجَنْبِ وَفِي الْمُسْتَلْقِي بِالرَّأْسِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ اعْتِمَادُهُ. وَفِي الْمَقْطُوعَةِ رِجْلُهُ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَفِي الْمَصْلُوبِ بِالْكَتْفِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ خَلْفَ الْمَقَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَأَنْ يَسْتَدِيرَ الْمَأْمُومُونَ حَوْلَهَا، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُمْ أَقْرَبَ إلَيْهَا فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ مِنْهُ إلَيْهَا فِي جِهَتِهِ كَمَا لَوْ وَقَفَا فِي الْكَعْبَةِ وَاخْتَلَفَا جِهَةً، وَلَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ فِيهَا وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهَا جَازَ وَلَهُ التَّوَجُّهُ إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ، وَلَوْ وَقَفَا بِالْعَكْسِ جَازَ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَتَوَجَّهُ الْمَأْمُومُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَوَجَّهَ إلَيْهَا الْإِمَامُ لِتَقَدُّمِهِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ الذَّكَرُ وَلَوْ صَبِيًّا عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَأَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ قَلِيلًا لِلِاتِّبَاعِ وَاسْتِعْمَالًا لِلْأَدَبِ، فَإِنْ جَاءَ ذَكَرٌ آخَرُ أَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ تَقَدُّمُ أَحَدِ الرَّاكِبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ شَرْحُ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: (بِالْجَنْبِ) أَيْ جَمِيعِهِ وَهُوَ مَا تَحْتَ عَظْمِ الْكَتِفِ إلَى الْخَاصِرَةِ ابْنُ حَجَرٍ فَيَضُرُّ التَّقَدُّمُ بِبَعْضِهِ إذَا كَانَ عَرِيضًا عَلَى عَقِبِ الْإِمَامِ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُسْتَلْقِي بِالرَّأْسِ) أَيْ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَبِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْ الظَّهْرِ أَوْ غَيْرِهِ ق ل وَاعْتَمَدَهُ م ر. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَصْلُوبِ بِالْكَتِفِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَصْلُوبُ الْمَأْمُومَ أَمَّا إذَا كَانَا مَصْلُوبَيْنِ أَوْ الْإِمَامُ فَقَطْ فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أهـ ز ي وق ل. وَالِاعْتِبَارُ فِي الْمُعَلَّقِ بِحَبْلٍ بِمَنْكِبَيْهِ أَيْ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ هُوَ الْمَأْمُومَ فَقَطْ دُونَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ قَوْلُهُ: (بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ) كَخَشَبَتَيْنِ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا
قَوْلُهُ: (خَلْفَ الْمَقَامِ) أَيْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ. اهـ. ق ل. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَلْفٍ مَا يُسَمَّى خَلْفًا عُرْفًا وَأَنَّهُ كُلَّمَا قَرُبَ مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ حَجٍّ. اهـ. م د وَيُسَمَّى خَلْفًا بِالنَّظَرِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ بَابَهُ كَانَ مُقَابِلًا لِلْكَعْبَةِ فَسَدُّوهُ وَفَتَحُوهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي قُدَّامَ الْإِمَامِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى، أَنْ يَقُولَ أَمَامَ الْمَقَامِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ:(وَأَنْ يَسْتَدِيرَ الْمَأْمُومُونَ) أَيْ يُسَنُّ ذَلِكَ إنْ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ مَا اتَّصَلَ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ، الَّذِي يَلِيهِ أَيْ الَّذِي وَرَاءَهُ لَا مَا قَرُبَ لِلْكَعْبَةِ فَقَدْ قَالُوا إنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ سَوَاءٌ أَحَالَتْ مَقْصُورَةٌ أَوْ أَعْمِدَةٌ أَمْ لَا. وَلَا يَمْنَعُ الصَّفَّ تَخَلُّلُ نَحْوِ مِنْبَرٍ هَكَذَا فِي شَرْحِ م ر، فَقَوْلُ ق ل وَقَالَ شَيْخُنَا م ر هُوَ أَيْ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مِنْ الْمُسْتَدِيرِينَ الْأَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ اهـ. فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) أَيْ لِانْتِفَاءِ تَقَدُّمِهِمْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ رِعَايَةَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ مِمَّا يَشُقُّ بِخِلَافِ الْأَقْرَبِ فِي جِهَتِهِ، فَيَضُرُّ فَلَوْ تَوَجَّهَ الرُّكْنُ فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ مَعَ الرُّكْنَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِهِمَا فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ الْمُتَوَجِّهُ لَهُ أَوْ لِإِحْدَى جِهَتَيْهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش، وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ وَالْقُرْبُ الْمَذْكُورُ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ م ر اهـ. وَذَلِكَ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا قَوِيًّا يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ فَرُوعِيَ إذْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا وَمِثْلُ التَّقَدُّمِ هُنَا فِي فَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ الْمُسَاوَاةُ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ قُرْبِهِ إلَيْهَا فَإِلَيْهَا مَعْمُولٌ لِقُرْبٍ الْمُقَدَّرِ، قَوْلُهُ:(كَمَا لَوْ وَقَفَا) أَيْ كَمَا لَا يَضُرُّ كَوْنُ الْمَأْمُومِ أَقْرَبَ إلَى الْجِدَارِ الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ مِنْ قُرْبِ الْإِمَامِ إلَى مَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ لَوْ وَقَفَا فِيهَا وَاخْتَلَفَا جِهَةً كَأَنْ كَانَ وَجْهُ الْمَأْمُومِ إلَى وَجْهِ الْإِمَامِ، أَوْ ظَهْرِهِ. إلَى ظَهْرِهِ فَإِنْ اتَّحَدَا جِهَةً بِأَنْ كَانَ وَجْهُ الْإِمَامِ إلَى ظَهْرِ الْمَأْمُومِ ضَرَّ ذَلِكَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِزِيَادَةٍ.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَرْبَعُ صُوَرٍ، لِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ إمَّا أَنْ يَكُونَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ أَوْ خَارِجَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا دَاخِلَهَا وَالْآخَرُ خَارِجَهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَحْكَامَهَا قَوْلُهُ:(لَا يَتَوَجَّهُ الْمَأْمُومُ إلَى الْجِهَةِ) كَأَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْإِمَامِ إلَى ظَهْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ وَجْهُهُ إلَى وَجْهِهِ، فَيَصِحُّ قَوْلُهُ:(وَأَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ قَلِيلًا) أَيْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مَسْتُورًا بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَإِلَّا فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (أَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِيَسَارِهِ مَحَلٌّ أَحْرَمَ خَلْفَهُ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَيْهِ، مَنْ هُوَ عَلَى الْيَمِينِ فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ وَفَاتَتْهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدْ م ر فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ أَخَذَ الْإِمَامُ بِرَأْسِهِ وَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ
يَتَأَخَّرَانِ فِي قِيَامٍ وَهُوَ أَفْضَلُ هَذَا إذَا أَمْكَنَ كُلٌّ مِنْ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَإِلَّا فَعَلَ الْمُمْكِنَ، وَأَنْ يَصْطَفَّ ذَكَرَانِ خَلْفَهُ كَامْرَأَةٍ فَأَكْثَرَ، وَأَنْ يَقِفَ خَلْفَهُ رِجَالٌ لِفَضْلِهِمْ فَصِبْيَانُ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا اسْتَوْعَبَ الرِّجَالُ الصَّفَّ وَإِلَّا كَمُلَ بِهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ فَخَنَاثَى لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ فَنِسَاءٌ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ.
وَأَنْ تَقِفَ إمَامَتُهُنَّ وَسَطَهُنَّ فَلَوْ أَمَّهُنَّ غَيْرُ امْرَأَةٍ قُدِّمَ عَلَيْهِنَّ، وَكَالْمَرْأَةِ عَارٍ أَمْ عُرَاةٌ بُصَرَاءُ فِي ضَوْءٍ، وَكُرِهَ لِمَأْمُومٍ انْفِرَادٌ عَنْ صَفٍّ مِنْ جِنْسِهِ بَلْ يَدْخُلُ الصَّفَّ إنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَهُ أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ الَّذِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِمَا صَحَّ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ وَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُقْتَدِينَ خِلَافَ السُّنَّةِ اُسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ إرْشَادُهُ إلَيْهَا بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا إنْ وَثِقَ مِنْهُ، بِالِامْتِثَالِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ فِي الْإِرْشَادِ الْمَذْكُورِ. وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ الْفِعْلِ الْقَلِيلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ اهـ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (فِي قِيَامٍ) أَوْ رُكُوعٍ وَمِنْهُ الِاعْتِدَالُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا وَلَوْ كَانَ تَشَهُّدًا أَخِيرًا، فَلَا يُسَنُّ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ وَمَشَقَّةٍ قَوْلُهُ:(وَهُوَ أَفْضَلُ) أَيْ تَأَخُّرُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ تَقَدُّمِ، الْإِمَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ فَلَا يُنَاسِبُهُ الِانْتِقَالُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَعَلَ الْمُمْكِنَ) فَإِنْ كَانَتْ السَّعَةُ خَلْفَهُمَا دُونَ الْإِمَامِ تَأَخَّرَا أَوْ بِالْعَكْسِ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ اهـ أج قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَصْطَفَّ ذَكَرَانِ) أَيْ رَجُلَانِ أَوْ صَبِيَّانِ أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَمَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ.
قَوْلُهُ: (كَامْرَأَةٍ فَأَكْثَرَ) أَيْ إذَا حَضَرَتْ امْرَأَةٌ أَوْ أَكْثَرُ وَلَوْ مَحْرَمًا أَوْ زَوْجَةٌ تَقُومُ أَوْ تَقُمْنَ خَلْفَهُ اهـ قَوْلُهُ: (لِفَضْلِهِمْ) أَيْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لِفَضْلِ جِنْسِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ مُقَدَّمُونَ عَلَى الصِّبْيَانِ وَلَوْ كَانَ الصِّبْيَانُ أَفْضَلَ مِنْهُمْ بِنَحْوِ عِلْمٍ، وَلَوْ كَانُوا أَيْ الرِّجَالُ فَسَقَةً كَمَا قَالَ حَجّ وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ لِفَضْلِهِمْ أَيْ شَأْنِهِمْ ذَلِكَ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الذَّكَرِ أَوْ امْرَأَةٌ وَذَكَرَانِ وَقَفَا خَلْفَ وَهِيَ خَلْفُهُمَا. أَوْ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ.
قَوْلُهُ: (فَصِبْيَانٌ) . وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُمْ اصْطَفُّوا خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَا يُنَحُّوا لِلْبَالِغِينَ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ.
قَوْلُهُ: (فَخَنَاثَى) وَلَا يَكْمُلُ بِهِمْ صَفٌّ مِنْ قِبَلِهِمْ وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ لَا يَكْمُلُ بِهِنَّ صَفٌّ مِنْ قِبَلِهِنَّ لِاحْتِمَالِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِمَا، بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ مَعَ الْبَالِغِينَ كَمَا مَرَّ. وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ وَإِنْ كَانَ مَنْ بِالْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ حِينَئِذٍ مِنْ الْيَمِينِ الْخَالِي، عَنْ ذَلِكَ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الصَّلَاةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا وَيَرُدُّهُ أَنَّ فِي جِهَةِ الْيَمِينِ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، عَلَى أَهْلِهَا مَا يَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرَهُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْضِيلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، أَمَّا هِيَ فَيَسْتَوِي صُفُوفُهَا عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لِاسْتِحْبَابِ تَعَدُّدِ الصُّفُوفِ فِيهَا اهـ أج. مَعَ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ.
قَوْلُهُ: (لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ خَنَاثَى
قَوْلُهُ: (إمَامَتُهُنَّ) أَنَّثَهُ قَالَ الرَّازِيّ لِأَنَّهُ قِيَاسِيٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إمَامٌ يُطْلَقُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَأُنِّثَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ إمَامَهُنَّ الذَّكَرَ كَذَلِكَ. اهـ. حَجّ.
قَوْلُهُ: (وَسْطُهُنَّ) بِسُكُونِ السِّينِ أَكْثَرُ مِنْ فَتْحِهَا عَمَلًا. بِالْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مُتَفَرِّقَ الْأَجْزَاءِ كَالنَّاسِ وَالدَّوَابِّ يُقَالُ بِالسُّكُونِ وَقَدْ يُفْتَحُ وَفِي مُتَّصِلِ الْأَجْزَاءِ كَالرَّأْسِ وَالدَّارِ، يُقَالُ بِالْفَتْحِ وَقَدْ يُسَكَّنُ وَالْأَوَّلُ ظَرْفٌ وَالثَّانِي اسْمٌ ز ي وح ل قَوْلُهُ:(بُصَرَاءُ) لَيْسَ قَيْدًا حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِمْ بَصِيرٌ فَقَطْ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عُرَاةٌ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا فَلَوْ كَانُوا مَسْتُورِينَ، وَالْإِمَامُ عَارِيًّا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ يَقِفُ وَسْطَهُمْ وَإِنْ كَانَ الْمَسْتُورُ مُقَدَّمًا فِي الْإِمَامَةِ عَلَى الْعَارِي فَافْهَمْ اهـ قَوْلُهُ:(إنْ وَجَدَ سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ بِأَنْ كَانَ لَوْ دَخَلَ فِيهِ وَسِعَهُ وَإِنْ عُدِمَتْ الْفُرْجَةُ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ الَّذِي إلَخْ) فَقَدْ نَصَّ عَلَى نَدْبِ سَدِّ فُرَجِ الصُّفُوفِ وَأَنْ لَا يَشْرَعَ فِي صَفٍّ حَتَّى يُتِمَّ مَا قَبْلَهُ، وَأَنْ يُفْسِحَ لِمَنْ يُرِيدُهُ فَلَوْ خَالَفُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُرِهَتْ صَلَاتُهُمْ، وَفَاتَتْهُمْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ شَرْحُ م ر. فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ ارْتِكَابَ كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ يَفُوتُهَا، وَنَقَلَ سم عَنْ ابْنِ حَجَرٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ لَكِنْ فِي فَتَاوَى ابْنِ الرَّمْلِيِّ. أَنَّ الصُّفُوفَ الْمُقَطَّعَةَ تَحْصُلُ لَهُمْ
يَلِيهِ فَمَا فَوْقَهُ إلَيْهَا لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ تَخَطِّي الرِّقَابِ الْآتِي فِي الْجُمُعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً أَحْرَمَ ثُمَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ جَرَّ إلَيْهِ شَخْصًا مِنْ الصَّفِّ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ وَسُنَّ لِمَجْرُورِهِ مُسَاعَدَتُهُ.
(وَيَجُوزُ) لِلْمُصَلِّي الْمُتَوَضِّئِ (أَنْ يَأْتَمَّ) بِالْمُتَيَمِّمِ الَّذِي لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَبِمَاسِحِ الْخُفِّ، وَيَجُوزُ لِلْقَائِمِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ قِيَامًا وَأَنْ يَأْتَمَّ الْعَدْلُ (بِالْحُرِّ الْفَاسِقِ) وَلَكِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ دُونَ فَضِيلَةِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَنُقِلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ وَعَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ هَذَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ م ر. فِي شَرْحِهِ مِنْ فَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَالصَّفِّ اهـ أج.
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُبَادِرَ إلَى الصَّلَاةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا اسْتِمَاعُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، الثَّانِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، أَخْشَعُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ الْمُصَلِّي بِمَنْ أَمَامَهُ وَجِهَةُ الْيَمِينِ أَفْضَلُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ لِأَنَّهُ رُوِيَ " إنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عَلَى مَنْ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ لِلْغَيْرِ تَأْخِيرُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: إحْدَاهَا: إذَا كَانَ مِمَّنْ يَتَأَذَّى بِهِ الْقَوْمُ بِرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مِنْ صُنَانٍ وَنَحْوِهِ. الثَّانِيَةُ: إذَا حَضَرَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَلِلسَّيِّدِ تَأْخِيرُهُ، وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالسَّبْقِ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِيَحُوزَ لَهُ الْمَوْضِعَ. الثَّالِثَةُ: إذَا تَقَدَّمَتْ امْرَأَةٌ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ أُمِرَتْ بِالتَّأْخِيرِ لِلْحَدِيثِ. الرَّابِعَةُ: إذَا صَفَّ خَلْفَ الْإِمَامِ جَاهِلٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِخْلَافِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخَّرَ وَيَتَقَدَّمَ إلَى خَلْفِ الْإِمَامِ، مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» الْحَدِيثَ قَوْلُهُ:(الَّذِي يَلِيهِ) أَيْ يَلِي نَفْسَهُ قَوْلُهُ: (فَمَا فَوْقَهُ) وَلَوْ صُفُوفًا كَثِيرَةً اهـ أج.
قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا) فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرُوا فَلَا كَرَاهَةَ كَأَنْ تَرَكُوا سَدَّ الْفُرْجَةِ لِشِدَّةِ حَرِّهَا كَوَقْتِ الْحَرِّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَحَلٌّ يَسَعُهُ وَقَفَ فِيهِ وَلَمْ يَخْرِقْ وَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ بَعْدَ كَمَالِ الصَّفِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّقْصِيرِ عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ أَيْ بِأَنْ عَلِمَ عُرُوضَهَا أَمَّا لَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ أَوْ طَرَأَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرِقُ لِيَصِلَهَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ سَدِّهَا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَأْمُومِينَ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَتَحَقَّقْ تَقْصِيرُهُمْ حَجّ.
قَوْلُهُ: (تَخَطِّي الرِّقَابِ الْآتِي فِي الْجُمُعَةِ) وَالتَّخَطِّي هُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِمَسْأَلَتِنَا، إذْ هِيَ شَقُّ الصُّفُوفِ وَهُمْ قَائِمُونَ وَالْفَرْقُ حَيْثُ جَوَّزُوا هُنَا خَرْقَ صُفُوفٍ كَثِيرَةٍ وَمَسْأَلَةُ التَّخَطِّي بِصَفَّيْنِ أَنَّ سَدَّ الْفُرْجَةِ الَّتِي فِي الصُّفُوفِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لَهُ وَلِلْقَوْمِ بِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ. كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ بِخِلَافِ التَّخَطِّي فَإِنَّ الْإِمَامَ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُ إحْرَامِهِ حَتَّى يُسَوِّيَ بَيْنَ صُفُوفِهِمْ اهـ أج قَوْلُهُ:(ثُمَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَمَكْرُوهٌ. اهـ. م ر قَوْلُهُ: (جَرَّ إلَيْهِ) أَيْ نَدْبًا أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُورُ حُرًّا وَأَنْ يَجُوزَ مُوَافَقَتُهُ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ الصَّفُّ الْمَجْرُورُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ. وَأَنْ يَكُونَ الْجَرُّ فِي الْقِيَامِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَهَذِهِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ لِنَدْبِ الْجَرِّ وَقَدْ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:
لَقَدْ سُنَّ جَرُّ الْحُرِّ مِنْ صَفِّ عِدَّةٍ
…
يَرَى الْوَفْقَ فَاعْلَمْ فِي قِيَامٍ قَدْ أَحْرَمَا
فَإِنْ كَانَ الْمَجْرُورُ غَيْرَ حُرٍّ فَلَا جَرَّ، لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى لَوْ جَرَّهُ ظَانًّا حُرِّيَّتَهُ فَتَبَيَّنَ رِقُّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَكَذَا يُمْتَنَعُ الْجَرُّ، إنْ لَمْ يُجَوِّزْ مُوَافَقَتَهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ أَوْ كَانَ الصَّفُّ اثْنَيْنِ فَلَا جَرَّ لِئَلَّا يَصِيرَ الْآخَرُ مُنْفَرِدًا، نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى، وَيَجُرَّهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ وَإِنْ جَرَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ سَوَّكَ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ حَيْثُ حَرُمَ أَوْ أَزَالَ دَمَ شَهِيدٍ بِأَنَّ هَذَا مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا لَكِنْ تَعَجَّلَ بِخِلَافِ ذَاكَ كَمَا ذَكَرَهُ زي.
قَوْلُهُ: (مُسَاعَدَتُهُ) أَيْ لِيَنَالَ مَعَهُ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، مَعَ حُصُولِ ثَوَابِ صَفِّهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا لِعُذْرٍ. اهـ. حَجّ وس ل
قَوْلُهُ:
تُكْرَهُ خَلْفَهُ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ خَلْفَهُ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَفَى بِهِ فَاسِقًا
: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ تَقْرِيرُ فَاسِقٍ إمَامًا فِي الصَّلَوَاتِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْمُبْتَدِعُ الَّذِي لَا يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ كَالْفَاسِقِ
(وَالْعَبْدِ) أَيْ يَجُوزُ لِلْحُرِّ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْعَبْدِ لِأَنَّ ذَكْوَانَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ لَا بِالْمُضْطَجِعِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ، وَتُوُفِّيَ عليه الصلاة والسلام ضَحْوَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ نَاسِخًا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» إلَى أَنْ قَالَ «وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ» فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ نَسْخِ وُجُوبِ الْقُعُودِ وُجُوبُ الْقِيَامِ. بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ الْأَصْلُ الْقِيَامُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقُعُودُ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَلَمَّا نُسِخَ ذَلِكَ زَالَ اعْتِبَارُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، فَلَزِمَ وُجُوبُ الْقِيَامِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أهـ أج.
قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) هَذِهِ نُسْخَةٌ وَهُنَاكَ نُسْخَةٌ أُخْرَى وَهِيَ وَيَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَعَلَيْهَا أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ غَيَّرَ إعْرَابَ الْمَتْنِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوْلَى قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ تُكْرَهُ خَلْفَهُ) وَإِنْ اخْتَصَّ بِصِفَاتٍ مُرَجِّحَةٍ لِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْهُ أَنْ لَا يُحَافِظَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَلَ صَلَاتُكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا صَحَّتْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَإِنَّمَا جَازَ أَيْ الِائْتِمَامُ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِهِ يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ إلَخْ قَوْلُهُ: (كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ) . فِيهِ أَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فَعَلَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ) وَمِثْلُهُمْ نُظَّارُ الْمَسَاجِدِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ تَقْرِيرُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً بِخِلَافِ الْمُؤَذِّنِ غَيْرِ الْأَهْلِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ مَعَ الصِّحَّةِ وَاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ هُنَا كَالْأَذَانِ قَوْلُهُ:(كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) كَالشِّهَابِ م ر وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ، حَيْثُ قَالَ: وَيَحْرُمُ إلَخْ إذْ الْحُرْمَةُ لَا تُنَافِي الصِّحَّةَ، بَلْ نُقِلَ عَنْهُ خَارِجَ الشَّرْحِ الصِّحَّةُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الشِّهَابُ م ر وَابْنُ حَجَرٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَلَيْسَ مِنْهَا أَنْ يُوقِعَ النَّاسَ فِي صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ م ر حُرْمَةُ نَصْبِ كُلِّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ اهـ. اج.
وَسَوَاءٌ كَانَ النَّاصِبُ لَهُ الْإِمَامَ أَوْ الْوَاقِفَ أَوْ النَّاظِرَ حَجّ، قَالَ شَيْخُنَا: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَعْلُومِ وَإِنْ بَاشَرَ كَالْأَهْلِ إنْ لَمْ يُبَاشِرْ وَلَمْ يُنِبْ أَهْلًا. وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ أَوْ اقْتَضَى عُرْفُهُ الْمُطَّرِدُ، ذَلِكَ وَجَبَتْ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُبْطِلٍ عِنْدَ الْمَأْمُومِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَعْلُومَ نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ م ر. وَيَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي التَّدْرِيسِ وَسَائِرِ الْوَظَائِفِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَاقِفُ إذَا اسْتَنَابَ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُنِيبُ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا ز ي. فِي الْجَعَالَةِ اهـ. رَحْمَانِيٌّ وَاعْتَمَدَ م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ وَغَيْرِهِ حُصُولَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ وَالْقَدَرِيِّ، وَالْمُتَّهَمِ وَالْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ إمَامَةِ الْفَاسِقِ لِغَيْرِ الْفَاسِقِ أَمَّا لِمِثْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْفِسْقُ فَلَا تُكْرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِسْقُ الْإِمَامِ أَفْحَشَ اهـ م د. عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (الَّذِي لَا يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ) كَالْمُجَسِّمِ وَالرَّافِضِيِّ وَمِثْلُهُ مَنْ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَالْحَنَفِيِّ ق ل. وَكَالْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ. وَأَمَّا مَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَكْفِيرِ نَافِي الرُّؤْيَةِ وَالْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِكُفْرِ النِّعَمِ اهـ مُنَاوِيٌّ. وَأَمَّا مَنْ يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ كَالْمُجَسِّمِ صَرِيحًا وَمُنْكِرِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا بِحَالٍ كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: كَالْمُجَسِّمِ هَذَا مَرْجُوحٌ وَعَدَمُ تَكْفِيرِهِ هُوَ الرَّاجِحُ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ الْجِسْمِيَّةَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ يُلَازِمُهَا الْعَرَضُ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ أَوْ لَزِمَهَا الْجِهَةُ إذْ لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ، وَلَا يَكْفُرُ مُعْتَقِدُ الْجِهَةِ عَلَى الرَّاجِحِ فَتَأَمَّلْ ق ل وَكَتَبَ الشَّوْبَرِيُّ قَوْلَهُ: كَالْمُجَسِّمِ صَرِيحًا، قَالَ حَجّ: وَهُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ مِنْ تَنَاقُضِ مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ تَعَالَى جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَكْفُرُ. أَمَّا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ فَلَا يَكْفُرُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بَلْ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ اهـ. وَجَمَعَ فِي الْإِيعَابِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية البجيرمي]
بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إنْ صَرَّحَ بِشَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِ الْجِسْمِيَّةِ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ. وَقَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَذْهَبٍ وَإِنْ كَانَ كُفْرًا مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ صَاحِبُهُ اهـ. وَذَكَرَ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ الْحَدِيثِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ تَكْفِيرِ الْمُجَسِّمَةِ وَإِنْ قَالُوا لَهُ جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ لِأَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ قَدْ لَا يَعْتَقِدُونَ لَوَازِمَ الْأَجْسَامِ اهـ.
وَفِي الْمُسَايَرَةِ وَشَرْحِهَا وَمَنْ سَمَّاهُ جِسْمًا وَقَالَ: لَا كَالْأَجْسَامِ يَعْنِي فِي نَفْيِ لَوَازِمِ الْجِسْمِيَّةِ كَبَعْضِ الْكَرَّامِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: هُوَ جِسْمٌ بِمَعْنَى مَوْجُودٍ. وَآخَرُونَ مِنْهُمْ قَالُوا: هُوَ جِسْمٌ بِمَعْنَى قَائِمٍ بِنَفْسِهِ خَطَأٌ لَكِنْ خَطَؤُهُ فِي إطْلَاقِ الِاسْمِ لَا فِي الْمَعْنَى اهـ. وَقَوْلُهُ صَرِيحًا بِخِلَافِ الْمُجَسِّمِ ضِمْنًا كَالْقَائِلِ بِالْجِهَةِ أَوْ بِلَوْنٍ مَثَلًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ الْأَجْسَامِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ تَكْفِيرِ الْمُجَسِّمَةِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْجَهَوِيَّةُ أَيْ لِغَلَبَةِ التَّجَسُّمِ عَلَى النَّاسِ وَأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَوْجُودًا فِي غَيْرِ جِهَةٍ. وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ قَوْلُهُ: كَالْمُجَسِّمِ صَرِيحًا أَيْ الْمُعْتَقِدِ كَوْنَهُ تَعَالَى كَالْأَجْسَامِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ اعْتِقَادُهُ مُطْلَقَ التَّجَسُّمِ أَوْ أَنَّهُ كَالْأَجْسَامِ فَالْمُجَسِّمُ مَنْ يُثْبِتُ لِلَّهِ جِسْمًا، تَعَالَى اللَّهُ سبحانه وتعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَاحْتَرَزَ بِالتَّصْرِيحِ عَمَّنْ يَقُولُ بِالْجِهَةِ، يَعْنِي أَنَّهُ تَعَالَى فِي جِهَةٍ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ جِسْمٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فَلَا يَكْفُرُ اهـ بِالْحَرْفِ وَأَصْلُهُ لِلزِّيَادِيِّ.
قُلْت: وَالْقَلْبُ إلَى التَّفْصِيلِ أَمْيَلُ، فَقَدْ قَالَ حَجّ فِي الْأَعْلَامِ: وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الْمُجَسِّمَةَ لَا يَكْفُرُونَ، لَكِنْ أَطْلَقَ فِي الْمَجْمُوعِ تَكْفِيرَهُمْ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا قَالُوا جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ، وَالثَّانِي مَا إذَا قَالُوا جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ لِأَنَّ النَّقْصَ اللَّازِمَ عَلَى الْأَوَّلِ قَدْ لَا يَلْتَزِمُونَهُ. وَمَرَّ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ غَيْرُ مَذْهَبٍ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْحُدُوثِ وَالتَّرْكِيبِ وَالْأَلْوَانِ وَالِاتِّصَالِ، فَيَكُونُ كُفْرًا لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِلْقَدِيمِ مَا هُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَمَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ انْتِفَاؤُهُ عَنْهُ وَلَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ اهـ بِالْحَرْفِ. فَتَلَخَّصَ فِي الْمُجَسِّمَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: التَّكْفِيرُ مُطْلَقًا، وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا، وَالتَّفْصِيلُ. وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ. وَذَكَرَ حَجّ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْجِهَةِ لَا يَكْفُرُونَ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ: نَعَمْ إنْ اعْتَقَدُوا لَازِمَ قَوْلِهِمْ مِنْ الْحُدُوثِ أَوْ غَيْرِهِ كَفَرُوا إجْمَاعًا اهـ فَلْيُحْفَظْ.
فَإِنْ قُلْت: مَا الْمُعْتَمَدُ فَإِنَّ الزِّيَادِيَّ وق ل وَالْعَنَانِيَّ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ تَكْفِيرِ الْمُجَسِّمَةِ مُطْلَقًا وَابْنُ حَجَرٍ فَصَّلَ. قُلْت: الْقَلْبُ إلَى التَّفْصِيلِ أَمْيَلُ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَمُنْكِرُ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَبِالْمَعْدُومِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ فَمُنْكِرُ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَهُوَ مَنْ يُثْبِتُ لِلَّهِ تَعَالَى الْعِلْمَ بِالْكُلِّيَّاتِ وَيَنْفِي الْعِلْمَ بِالْجُزْئِيَّاتِ كَافِرٌ أَيْ لِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ عَلَى عُمُومِ عِلْمِهِ تَعَالَى لِلْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ وَلَوْ الْغَيْرَ الْمُتَنَاهِيَةِ، وَلِذَاتِهِ الْأَقْدَسِ وَلِلْمَعْدُومِ قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَالْمُسْتَحِيلُ وَمَعْنَى عِلْمِهِ بِهِ عِلْمُهُ بِاسْتِحَالَتِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَصَوَّرَ وُقُوعَهُ لَزِمَهُ مِنْ الْفَسَادِ كَذَا وَبِهَذَا تَمَيَّزَ عَنْ عِلْمِنَا نَحْنُ بِالْمُسْتَحِيلِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُنْكِرَ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ هُمْ الْفَلَاسِفَةُ وَقَدْ قَالُوا أَيْضًا بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَعَدَمِ حَشْرِ الْأَجْسَادِ وَقَدْ قُلْت فِي ذَلِكَ:
بِثَلَاثَةٍ كَفَرَ الْفَلَاسِفَةُ الْعِدَا
…
إذْ أَنْكَرُوهَا وَهِيَ قَطْعًا مُثْبَتَهْ
عِلْمٌ بِجُزْئِيٍّ حُدُوثُ عَوَالِمَ
…
حَشْرٌ لِأَجْسَادٍ وَكَانَتْ مَيِّتَهْ
اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ. قَالَ النَّوَوِيُّ كَغَيْرِهِ: وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَأَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُونَهُ لِمَعْنًى مَذْمُومٍ شَرْعًا، كَوَالٍ ظَالِمٍ وَمَنْ تَغَلَّبَ عَلَى إمَامَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا، أَوْ لَا يُحْتَرَزُ عَنْ النَّجَاسَةِ، أَوْ يَمْحَقُ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ، أَوْ يَتَعَاطَى مَعِيشَةً مَذْمُومَةً، أَوْ يُعَاشِرُ أَهْلَ الْفُسُوقِ وَنَحْوِهِمْ، أَوْ شِبْهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا. قَالَ: وَأَمَّا الْمَأْمُونُ الَّذِينَ يَكْرَهُونَهُ فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ الصَّلَاةُ وَرَاءَهُ، وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَرِهَهُ كُلُّهُمْ فَإِنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فَقَالَ: وَلَا يَحِلُّ
مَوْلَى عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا، لَكِنَّ الْحُرَّ وَلَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْلَى مِنْهُ (وَالْبَالِغُ بِالْمُرَاهِقِ) لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. لَكِنَّ الْبَالِغَ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ، وَالْحُرَّ الْبَالِغَ الْعَدْلَ أَوْلَى مِنْ الرَّقِيقِ، وَالْعَبْدَ الْبَالِغَ أَوْلَى مِنْ الْحُرِّ الصَّبِيِّ، وَفِي الْعَبْدِ الْفَقِيهِ وَالْحُرِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَالْمُبَعَّضُ أَوْلَى مِنْ كَامِلِ الرِّقِّ.
وَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ فِي الْإِمَامَةِ سَوَاءٌ.
وَيُقَدَّمُ الْوَالِي بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى عَلَى غَيْرِهِ فَإِمَامٌ رَاتِبٌ. نَعَمْ إنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَالِي، وَيُقَدَّمُ السَّاكِنُ فِي مَكَان بِحَقٍّ وَلَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِرَجُلٍ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ يَكْرَهُونَهُ. وَالْإِسْنَوِيُّ ظَنَّ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدَةٌ. فَقَالَ هُنَا: وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَقَلَهُ فِي الْحَاوِي عَنْ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ لَفْظَهُ الْمُتَقَدِّمَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (كَالْفَاسِقِ) لَمَّا كَانَ لَهُ تَأْوِيلٌ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا فَلِذَا شَبَّهَهُ بِهِ
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَإِنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ وَهُوَ أَنْسَبُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي اقْتِدَاءِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ لَا فِي إمَامَةِ الْعَبْدِ لِلْحُرِّ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ دَقِيقٌ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ: (أَوْلَى مِنْهُ) لِأَنَّ الْإِمَامَةَ مَنْصِبٌ جَلِيلٌ، فَالْحُرُّ أَوْلَى بِهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ:(وَالْبَالِغُ بِالْمُرَاهِقِ) وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: لَا يَصِحُّ. قَالَ فِي الْكَنْزِ وَشَرْحِهِ: وَفَسَدَ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِصَبِيٍّ لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ فَلَمْ يَجُزْ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِهِ اهـ. وَفِي الْمِيزَانِ لِلشَّعْرَانِيِّ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ بِعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيَّزِ فِي الْجُمُعَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا كَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ الْبَالِغُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ الصَّبِيِّ بِلَا خِلَافٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْصِبَ الْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَنْصِبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ إخْلَالِهِ بِوَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَآدَابِهَا، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الَّذِي يُمَيِّزُ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ، وَيَتَحَرَّزُ عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَالِغِ فَأَشْبَهَ الْإِمَامَ الْعَادِلَ الْمَحْفُوظَ مِنْ الذُّنُوبِ اهـ قَوْلُهُ:(بِالْمُرَاهِقِ) أَيْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَأَصْلُهُ مَنْ قَارَبَ سِنَّ الِاحْتِلَامِ ق ل قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْبَالِغَ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ أَقْرَأَ أَوْ أَفْقَهَ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَلِهَذَا نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ اهـ قَوْلُهُ:(وَالْحُرُّ) وَإِنْ كَانَ أَعْمَى أَوْلَى مِنْ الرَّقِيقِ، أَيْ وَإِنْ قَلَّ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ إلَّا إنْ تَمَيَّزَ بِنَحْوِ فِقْهٍ أَيْ فَيُقَدَّمُ الْعَبْدُ الْفَقِيهُ عَلَى الْحُرِّ الْخَالِي مِنْ الْفِقْهِ، أَمَّا حُرٌّ فَقِيهٌ وَعَبْدٌ أَفْقَهُ فَهُمَا سَوَاءٌ كَمَا حَمَلَ السُّبْكِيُّ عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، أَمَّا فِيهَا فَالْحُرُّ أَوْلَى مُطْلَقًا لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ اهـ م ر. قَوْلُهُ:(وَفِي الْعَبْدِ الْفَقِيهِ) أَيْ الْأَفْقَهِ وَالْحُرِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ، أَيْ غَيْرِ الْأَفْقَهِ بِأَنْ كَانَ فَقِيهًا فَالْحُرِّيَّةُ تُعَادِلُ زِيَادَةَ الْفِقْهِ هَكَذَا يُفْهَمُ لِأَنَّ غَيْرَ الْفَقِيهِ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ. اهـ. م د. وَتُكْرَهُ إمَامَةُ الْأَقْلَفِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا اهـ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ فِي الْإِمَامَةِ سَوَاءٌ) أَيْ لِتَعَارُضِ فَضِيلَتِهِمَا لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَنْظُرُ مَا يَشْغَلُهُ فَهُوَ أَخْشَعُ، وَالْبَصِيرُ يَنْظُرُ الْخُبْثَ فَهُوَ أَحْفَظُ عَنْ النَّجَاسَةِ وَالْكَلَامِ إذَا اسْتَوَيَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ، وَإِلَّا فَمَنْ تَرَجَّحَ بِصِفَةٍ قُدِّمَ بِهَا كَأَعْمَى فَقِيهٍ وَبَصِيرٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، فَالْأَعْمَى حِينَئِذٍ يُقَدَّمُ فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْحُرُّ الْأَعْمَى أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ الْبَصِيرِ، وَمِثْلُ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي الِاسْتِوَاءِ السَّمِيعُ مَعَ الْأَصَمِّ، وَالْفَحْلُ مَعَ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ، وَالْأَبُ مَعَ ابْنِهِ، وَالْقَرَوِيُّ مَعَ الْبَلَدِيِّ اهـ أج. وَلَوْ كَانَ الْبَصِيرُ لَا يَتَحَاشَى عَنْ النَّجَاسَةِ قُدِّمَ الْأَعْمَى عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ الْأَعْمَى غَيْرَ خَاشِعٍ قُدِّمَ الْبَصِيرُ عَلَيْهِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ إمَامَةَ الْأَعْمَى مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ. وَفِي الْبَدَائِعِ إذَا كَانَ لَا يُوَازِيهِ غَيْرُهُ فِي الْفَضِيلَةِ فِي مَسْجِدِهِ فَهُوَ أَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ قَوْلُهُ:(سَوَاءٌ) أَيْ إنْ اتَّفَقَا فِي بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ وَسَوَاءٌ خَبَرُ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى مُسْتَوِيَانِ. فَائِدَةٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: رَجُلٌ يَجُوزُ كَوْنُهُ إمَامًا لَا مَأْمُومًا وَهُوَ الْأَعْمَى الْأَصَمُّ يَكُونُ إمَامًا لِاسْتِقْلَالِهِ بِأَفْعَالِهِ لَا مَأْمُومًا إذْ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى الْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ إلَّا إنْ كَانَ بِجَنْبِهِ ثِقَةٌ يُعَرِّفُهُ بِهَا اهـ.
قَوْلُهُ: (الْوَالِي) هُوَ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ يُقَدَّمُ وَلَوْ عَلَى الْمَالِكِ. اهـ. ق ل قَوْلُهُ: (الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) كَالْبَاشَا فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَاضِي كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِهِ) وَلَوْ عَلَى الْأَفْقَهِ وَالْمَالِكِ وَالْإِمَامِ الرَّاتِبِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ
بِإِعَارَةٍ عَلَى غَيْرِهِ لَا عَلَى مُعِيرٍ لِلسَّاكِنِ بَلْ يُقَدَّمُ الْمُعِيرُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى سَيِّدٍ غَيْرِ سَيِّدٍ مُكَاتَبٍ لَهُ، فَأَفْقَهُ فَأَقْرَأُ فَأَوْرَعُ فَأَقْدَمُ هِجْرَةً فَأَسَنُّ فَأَنْسَبُ فَأَنْظَفُ ثَوْبًا وَبَدَنًا وَصَنْعَةً، فَأَحْسَنُ صَوْتًا فَأَحْسَنُ صُورَةً، وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ لَا بِصِفَاتِ تَقْدِيمٍ لِمَنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى الْمُقَدَّمِ بِالصِّفَاتِ وَالْمَكَانِ. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ وَالْمَالِكُ أَيْ إذَا أَذِنَ فِي الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ كَمَا قَيَّدَهُ م ر اهـ قَوْلُهُ: (فَإِمَامٌ رَاتِبٌ) وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ مِنْهُ مَثَلًا قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) أَيْ أَوْ نَائِبُهُ اهـ أج قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَالِي) أَيْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَوْلُهُ: (بِحَقٍّ) فَيُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، وَيُقَدَّمُ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ عَلَى وَارِثِ الْمُوصِي. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى سَيِّدٍ) أَيْ أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى، بَلْ يُقَدَّمُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَيْ وَلَيْسَ هَذَا الْإِذْنُ إعَارَةً كَمَا يَدُلُّ لَهُ عَطْفُهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَقْتَضِي مِلْكَ الِانْتِفَاعِ، وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى سَيِّدٍ أَيْ وَلَا سَاكِنٍ بِحَقٍّ عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي السُّكْنَى بِمَحَلٍّ قُدِّمَ السَّيِّدُ إلَّا السَّيِّدَ الْمُكَاتِبَ لِلْعَبْدِ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ بَلْ الْمُكَاتَبُ هُوَ الْمُقَدَّمُ لِاسْتِقْلَالِهِ، فَإِذَا أَذِنَ لِسَيِّدِهِ فِي دُخُولِهِ دَارًا اشْتَرَاهَا مَثَلًا فَهُوَ الْمُقَدَّمُ لَا سَيِّدُهُ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُعِيرًا لَهُ الدَّارَ فَالسَّيِّدُ الْمُعِيرُ هُوَ الْمُقَدَّمُ لَا الْمُكَاتَبُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عَدَمُ تَقْدِيمِهِ عَلَى قِنِّهِ الْمُبَعَّضِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ اهـ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (غَيْرَ سَيِّدٍ مُكَاتَبٍ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَمُكَاتَبُهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَأَفْقَهُ) أَيْ فِي بَابِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا الْفَاتِحَةَ ح ل. فَالْمُرَادُ بِهِ أَعْرَفُ الْحَاضِرِينَ بِالصَّلَاةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا، أَيْ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْأَقْرَأِ وَإِنْ حَفِظَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ إذْ الْحَاجَةُ إلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ لِكَثْرَةِ حَوَادِثِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَطْرَأُ فِيهَا. قَالَ ق ل: نَعَمْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْأَسَنُّ فِي الْجِنَازَةِ لِأَنَّ دُعَاءَ الْأَسَنِّ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ اهـ. أَيْ فَقَوْلُهُمْ فِي بَابِ الصَّلَاةِ أَيْ غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا قَالَهُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ، وَلَوْ كَانَ الْأَفْقَهُ عَارِيًّا وَالْفَقِيهُ مَسْتُورًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعَارِيَ مُقَدَّمٌ إذْ لَا نَقْصَ فِيهِ يُعَارِضُ فَضِيلَتَهُ الَّتِي زَادَ بِهَا، وَأَيْضًا فَضِيلَتُهُ ذَاتِيَّةٌ وَذَاكَ كَمَالُهُ بِالسِّتْرِ عَرَضِيٌّ يُمْكِنُ زَوَالُهُ لَا ذَاتِيٌّ، وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ كُلُّ مَنْ اخْتَلَّ فِيهِ شَرْطٌ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ كَالتَّيَمُّمِ. قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَقَوْلُهُ: إذْ لَا نَقْصَ فِيهِ، فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ صَلَاةَ الْعُرَاةِ وَنَحْوِهِمْ جَمَاعَةً صَحِيحَةٌ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ اهـ.
قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ لِأَنَّ انْتِفَاءَ طَلَبِهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا بِسَبَبِ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِهِمْ اهـ. فَحَاصِلُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَارِي مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَفْقَهِ الْعَارِي لِلِاعْتِنَاءِ مِنْ الشَّارِعِ بِأَمْرِ السِّتْرِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فَأَقْرَأُ) أَيْ أَصَحُّ. وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَقْرَأِ الْأَصَحُّ قِرَاءَةً، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ فَالْأَكْثَرُ قِرَاءَةً. وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُتَمَيِّزَ بِقِرَاءَةِ السَّبْعِ أَوْ بَعْضِهَا مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (فَأَوْرَعُ) أَيْ أَكْثَرُ وَرَعًا وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ بِالْعِفَّةِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَالزُّهْدُ أَعْلَى مِنْ الْوَرَعِ لِأَنَّ الْوَرَعَ تَرْكُ الشُّبُهَاتِ وَأَخْذُ الْحَلَالِ الْمَحْضِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ، وَالزُّهْدُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْحَلَالِ الْمَحْضِ وَحِينَئِذٍ فَالزَّاهِدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَرِعِ كَمَا قَالَهُ م ر. وَالزُّهْدُ قِسْمٌ مِنْ الْوَرَعِ لَا قَسِيمَ لَهُ، قَالَ أج: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزُّهْدَ قِسْمٌ مِنْ الْوَرَعِ لَا قَسِيمَ إذْ الْوَرَعُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ، فَأَوَّلُ مَرَاتِبِهِ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ فَإِنْ تَرَكَ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ الْحَلَالِ كَانَتْ الْمَرْتَبَةُ الْعُلْيَا لَهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (فَأَقْدَمُ هِجْرَةً) لَوْ قَالَ: فَالْمُهَاجِرُ فَالْأَقْدَمُ هِجْرَةً لَكَانَ أَوْلَى، وَالْهِجْرَةُ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم الْإِتْيَانُ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ إلَيْهِ وَبَعْدَهُ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ. اهـ. ق ل. تَنْبِيهٌ: يُنْدَبُ الْخُرُوجُ مِنْ بَلَدٍ يُعْمَلُ فِيهَا بِالْمَعَاصِي إلَى بَلَدٍ لَا يُعْمَلُ فِيهَا بِهَا ق ل.
قَوْلُهُ: (فَأَسَنُّ) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ لَا بِكِبَرِ السِّنِّ، فَيُقَدَّمُ شَابٌّ أَسْلَمَ أَمْسِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ الْيَوْمَ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِسْلَامِ رُوعِيَ كِبَرُ السِّنِّ وَيُقَدَّمُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بِتَبَعِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ. وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ لِأَنَّ فَضِيلَتَهُ فِي ذَاتِهِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ إسْلَامُهُ قَبْلَ بُلُوغِ مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَيَظْهَرُ تَقْدِيمُ التَّابِعِ اهـ شَرْحُ م ر. وَقِيَاسُ تَقْدِيمِ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا تَقْدِيمُ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ هَاجَرَ أَحَدُ آبَائِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ، وَظَاهِرُ تَقْدِيمِ مَنْ هَاجَرَ أَحَدُ أُصُولِهِ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ هَاجَرَ أَحَدُ أُصُولِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا عَلَى مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ إلَيْهَا. وَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْأُصُولِ هُنَا الْأُنْثَى وَمَنْ أَدْلَى بِهَا كَأَبِي الْأُمِّ؟ قِيَاسُ الْكَفَاءَةِ لَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى شَرَفٍ يَظْهَرُ عَادَةً التَّفَاخُرُ بِهِ وَهُنَا عَلَى أَدْنَى شَرَفٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ اهـ قَالَهُ
يَكُونُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ
(وَلَا) يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ كَشَافِعِيٍّ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ مَسَّ فَرْجَهُ لَا إنْ افْتَصَدَ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّوْبَرِيُّ. وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ التَّابِعِيُّ عَلَى الصَّحَابِيِّ بِأَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا أَسْلَمَ شَخْصٌ وَاجْتَمَعَ بِهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ اجْتَمَعَا فَيُقَدَّمُ التَّابِعِيُّ الْمُجْتَمِعُ بِالصَّحَابِيِّ عَلَى الصَّحَابِيِّ لِأَنَّ سِنَّهُ فِي الْإِسْلَامِ أَكْثَرُ، وَلِهَذَا قَالُوا الصَّحَابِيُّ لَيْسَ كُفُؤًا لِبِنْتِ تَابِعِيٍّ لِأَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الصَّحَابِيِّ اهـ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَا لَا يُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ.
قَوْلُهُ: (وَبَدَنًا) الْوَاوُ بِمَعْنَى الْفَاءِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا الْأَحْسَنُ ذِكْرًا أَيْ سِيرَةً وَلَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ بِأَنْ وُجِدَ أَنْظَفُ ثَوْبًا وَآخَرُ أَنْظَفُ بَدَنًا وَآخَرُ أَنْظَفُ صَنْعَةً، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْأَنْظَفِ ثَوْبًا ثُمَّ بَدَنًا ثُمَّ صَنْعَةً، قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَيَنْبَغِي رِعَايَةُ صِفَاتِ الثَّوْبِ كَالْأَبْيَضِ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ» حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى لَابِسِ الْأَسْوَدِ. اهـ. م د قَوْلُهُ:(وَصَنْعَةً) أَيْ كَسْبًا فَيُقَدَّمُ الزَّارِعُ وَالتَّاجِرُ عَلَى غَيْرِهِمَا بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (فَأَحْسَنُ صَوْتًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً لِأَنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ تَمِيلُ إلَيْهِ الْقُلُوبُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ لِسَمَاعِهِ فِي نَحْوِ التَّكْبِيرِ اهـ قَوْلُهُ: (فَأَحْسَنُ صُورَةً) أَيْ وَجْهًا وَهَذَا لَا يُغْنِي عَنْهُ أَنْظَفُ بَدَنًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَنْظَفِ الْأَحْسَنُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ الْمُتَزَوِّجُ فَالْأَحْسَنُ زَوْجَةً، فَالْأَبْيَضُ ثَوْبًا. وَقَالَ ع ش: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصُّورَةِ سَلَامَتُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ آفَةٍ تُنْقِصُهُ كَعَرَجٍ وَشَلَلٍ لِبَعْضِ أَعْضَائِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّفَاتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَقْرَأُ ثُمَّ الْأَزْهَدُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ. الْأَنْسَبُ ثُمَّ الْأَحْسَنُ ذِكْرًا ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا فَوَجْهًا فَبَدَنًا فَصَنْعَةً ثُمَّ الْأَحْسَنُ صَوْتًا فَصُورَةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِحُسْنِ الصُّورَةِ تَنَاسُبُ الْأَعْضَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ تَرْتِيبُهُمْ كَمَا فِي هَذَا النَّظْمِ:
يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ حَيْثُ يُوجَدُ
…
فَأَقْرَأُ فَأَوْرَعُ فَأَزْهَدُ
مُهَاجِرٌ فَأَقْدَمُ فِي الْهِجْرَةِ
…
أَسَنُّهُمْ أَشْرَفُهُمْ فِي النِّسْبَةِ
أَحْسَنُهُمْ ذِكْرًا وَبَعْدُ الْأَنْظَفُ
…
ثَوْبًا فَجِسْمًا ثُمَّ مَا يَحْتَرِفُ
فَخَيْرُهُمْ فِي الصَّوْتِ ثُمَّ الْخَلْقِ
…
فَالْوَجْهُ فَالزَّوْجَةُ يَا ذَا السَّبْقِ
فَأَبْيَضُ ثَوْبًا فَإِنْ نِزَاعٌ
…
جَرَى فِي الِاسْتِوَاءِ فَالْإِقْرَاعُ
هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا رَاتِبٌ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ. وَإِلَّا قُدِّمَ الرَّاتِبُ عَلَى الْكُلِّ، وَهُوَ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ وِلَايَةً صَحِيحَةً أَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ قَوْلُهُ:(وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ) أَيْ وَيُبَاحُ لِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ تَقْدِيمٌ لَا بِصِفَاتٍ، فَلَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَالْمُقَدَّمُ بِالْمَكَانِ هُوَ الْوَالِي وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ وَالسَّاكِنُ بِحَقٍّ ح ف. وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر: أَنَّ التَّقَدُّمَ مَنْدُوبٌ إذَا كَانَ الْمُقَدَّمُ سَاكِنًا بِحَقٍّ وَكَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْإِمَامَةِ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ التَّقْدِيمِ مِنْ السَّاكِنِ الَّذِي هُوَ أَهْلٌ، وَمِنْ الْوَالِي وَالرَّاتِبِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ شَيْخِنَا ح ف بِقَوْلِهِ أَيْ يُبَاحُ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَالْمُقَدَّمُ بِمَكَانٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ كَالْكَافِرِ وَالْمَرْأَةِ لِرِجَالٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ قَدَّمَهُ الْقَوْمُ بِالصِّفَةِ لَا يَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: كَالْكَافِرِ، اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْمَرْأَةَ لَا يُقَالُ لَهُمَا مُقَدَّمَانِ لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ مَنْ يَسُوغُ لَهُ الصَّلَاةُ بِالْقَوْمِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَيْنِ يُقَالُ لَهُمَا مُقَدَّمَانِ عَلَى فَرْضِ زَوَالِ الْمَانِعِ اهـ.
قَوْلُهُ: (لَا بِصِفَاتٍ) أَيْ الْمُقَدَّمُ بِالصِّفَاتِ كَالْأَفْقَهِ لَيْسَ لَهُ التَّقْدِيمُ. اهـ. م د. أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (بِمَنْ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ) بِأَنْ يَظُنَّهُ ظَنًّا غَالِبًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ وَهُوَ الْجَزْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ اهـ أج. بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِقَوْلِهِ وَكَمُجْتَهَدِينَ إلَخْ قَوْلُهُ:(بِمَنْ يَعْتَقِدُ) لَمْ يَبْرُزْ الضَّمِيرُ مَعَ كَوْنِ الصِّلَةِ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ لِأَنَّ الْإِبْرَازَ لَا يَجِبُ إلَّا فِي الْوَصْفِ وَهَذَا فِعْلٌ قَوْلُهُ: (لَا إنْ افْتَصَدَ) صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ صَاحِبُ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ
الْمَأْمُومِ، وَكَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي إنَاءَيْنِ مِنْ الْمَاءِ طَاهِرٍ وَمُتَنَجِّسٍ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الطَّاهِرُ صَحَّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ إنَاءُ إمَامٍ لِلنَّجَاسَةِ، فَلَوْ اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ مِنْ آنِيَةٍ فِيهَا نَجَسٌ عَلَى خَمْسَةٍ فَظَنَّ كُلٌّ طَهَارَةَ إنَاءٍ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ بِهِ وَأَمَّ بِالْبَاقِينَ فِي صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ أَعَادَ مَا ائْتَمَّ بِهِ آخِرًا، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمُقْتَدٍ وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ كَمُتَيَمِّمٍ لِبَرْدٍ
وَلَا يَصِحُّ أَنْ (يَأْتَمَّ) ذَكَرٌ (رَجُلٌ) أَوْ صَبِيٌّ (مُمَيِّزٌ) وَلَا خُنْثَى (بِ) أُنْثَى (امْرَأَةٍ) أَوْ صَبِيَّةٍ مُمَيِّزَةٍ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ لِأَنَّ الْأُنْثَى نَاقِصَةٌ عَنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا، أَيْ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ بِذَلِكَ لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً فِي اعْتِقَادِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ أَيْ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا أَيْضًا لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ شَرْحُ م ر وَأَقَرَّهُ سم. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ إمَّا أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِالْفَصْدِ أَوْ جَاهِلَيْنِ بِهِ، أَوْ الْإِمَامُ عَالِمًا وَالْمَأْمُومُ جَاهِلًا أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ فِي الْأُولَى وَيَصِحُّ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ جَاهِلًا بِالْفَصْدِ أَيْ نَاسِيًا لَهُ وَكَانَ الْمَأْمُومُ عَالِمًا بِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْإِمَامَ جَاهِلٌ بِهِ لِيَكُونَ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ ع ش.
قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْبَسْمَلَةَ لَمْ تَصِحَّ قُدْوَةُ الشَّافِعِيِّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدَيْ بِهِ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ أَوْ نَائِبَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
وَسُئِلَ الشِّهَابُ م ر عَنْ إمَامِ مَسْجِدٍ يُصَلِّي بِعُمُومِ النَّاسِ بِأَنْ كَانَ رَاتِبًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ الْخِلَافَ أَوْ لَا وَيَقْتَصِرَ عَلَى مَذْهَبِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْخِلَافِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا: أَمَّا لَوْ قُرِّرَ إمَامٌ لِلْحَنَفِيَّةِ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ إفْتَاءِ م ر. ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ ذَلِكَ: إذَا كَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُ شَافِعِيٌّ يَنْبَغِي وُجُوبُ رِعَايَةِ الْخِلَافِ. قُلْت: وَفِيهِ مَا فِيهِ إذْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِإِمَامَةٍ عَلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ تَصْحِيحُ صَلَاةِ الْغَيْرِ وَبِهَذَا فَارَقَتْ مَسْأَلَةَ إفْتَاءِ م ر اهـ أج.
قَوْلُهُ: (فِيهَا نَجَسٌ) فَلَوْ كَانَ فِي الْخَمْسَةِ نَجَسَانِ صَحَّتْ صَلَاةُ كُلٍّ خَلْفَ اثْنَيْنِ فَقَطْ أَوْ النَّجَسُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَبِوَاحِدٍ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ أَرْبَعَةً لَمْ يَقْتَدِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِأَحَدٍ، وَلَوْ سَمِعَ صَوْتَ حَدَثٍ أَوْ شَمَّ بَيْنَ خَمْسَةٍ وَتَنَاكَرُوهُ وَأَمَّ كُلٌّ فِي صَلَاةٍ فَكَمَا ذَكَرَ فِي الْأَوَانِي شَرْحُ م ر قَوْلُهُ:(فَتَوَضَّأَ) أَوْ اغْتَسَلَ بِهِ أَوْ غَسَلَ بِهِ ثَوْبَهُ ز ي قَوْلُهُ: (أَعَادَ) أَيْ أَعَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا آخَرَ، فَإِذْ ابْتَدَءُوا بِالصُّبْحِ أَعَادُوا الْعِشَاءَ إلَّا إمَامَهَا فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِائْتِمَامُ فِي الْعِشَاءِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِائْتِمَامُ فِي الْمَغْرِبِ اهـ ابْنُ حَجَرٍ لِتَعْيِينِ إنَاءَيْ إمَامَيْهِمَا لِلنَّجَاسَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُلِّ بِالنَّظَرِ لِإِمَامِ الْعِشَاءِ وَبِالنِّسْبَةِ لِإِمَامِهَا بِالنَّظَرِ لِإِمَامِ الْمَغْرِبِ اهـ. وَقَوْلُهُ: أَعَادُوا الْعِشَاءَ مُقْتَضَاهُ صِحَّتُهَا مَعَ أَنَّ النَّجَاسَةَ مُنْحَصِرَةٌ فِي إنَاءِ إمَامِهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ نَسَبُوا انْحِصَارَ النَّجَاسَةِ فِي إنَاءِ إمَامِهَا. وَقَوْلُهُ فَيَحْرُمُ أَيْ عِنْدَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ قَوْلُهُ:(مَا ائْتَمَّ) أَيْ أَعَادَ الصَّلَاةَ الَّتِي ائْتَمَّ فِيهَا آخِرًا قَوْلُهُ: (بِمُقْتَدٍ) أَيْ حَالَ اقْتِدَائِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِنْ بَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ أَنَّ إمَامَهُ كَانَ مُقْتَدِيًا فَلَا إعَادَةَ ق ل. وَإِذَا انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ إمَّا بِسَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِبَعْضٍ، لَكِنَّهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَ الرَّحْمَانِيُّ، وَالْمَشْكُوكُ فِي مَأْمُومِيَّتِهِ كَأَنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ وَشَكَّ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ ظَنَّهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ اهـ قَوْلُهُ:(وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ) مَحَلُّهُ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَنَسِيَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا إعَادَةَ لِصِحَّةِ الْقُدْوَةِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ الْإِمَامَ مُحْدِثٌ وَتَبَيُّنَ حَدَثِ الْإِمَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ اهـ ع ش.
قَوْلُهُ: (كَمُتَيَمِّمٍ لِبَرْدٍ) اُسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالْإِعَادَةِ وَهُوَ كَانَ مُتَيَمِّمًا لِلْبَرْدِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ الْآمِرِ بِالْإِعَادَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَهَا لِأَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ، وَلِجَوَازِ كَوْنِهِمْ عَالِمِينَ وَقَضَوْا مَا عَلَيْهِمْ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْتَمُّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ) يُقْرَأُ الْمَتْنُ بِالرَّفْعِ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقْرَأَ يَأْتَمُّ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى يَأْتَمُّ الْمُتَقَدِّمُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَأْتَمَّ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ وَهَذَا فِيهِ تَهَافُتٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا جَوَازُ عَدَمِ الِائْتِمَامِ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ رَجُلٌ فَهُوَ حَلٌّ مَعْنًى لَا إعْرَابٌ اهـ قَوْلُهُ: (رَجُلٌ) أَيْ
الرَّجُلِ، وَالْخُنْثَى الْمَأْمُومُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا وَالْإِمَامُ أُنْثَى «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» . وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ خُنْثَى بَانَتْ أُنُوثَتُهُ بِامْرَأَةٍ وَرَجُلٌ بِخُنْثَى بَانَتْ ذُكُورَتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَتَصِحُّ قُدْوَةُ الْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ وَبِالْخُنْثَى كَمَا تَصِحُّ قُدْوَةُ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ بِالرَّجُلِ. فَيَتَلَخَّصُ مِنْ ذَلِكَ تِسْعُ صُوَرٍ: خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ وَهِيَ قُدْوَةُ رَجُلٍ بِرَجُلٍ، خُنْثَى بِرَجُلٍ، امْرَأَةٌ بِرَجُلٍ، امْرَأَةٌ بِخُنْثَى، امْرَأَةٌ بِامْرَأَةٍ، وَأَرْبَعَةٌ بَاطِلَةٌ وَهِيَ: قُدْوَةُ رَجُلٍ بِخُنْثَى، رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ خُنْثَى بِخُنْثَى، خُنْثَى بِامْرَأَةٍ.
(وَلَا) يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ (قَارِئٌ) وَهُوَ مَنْ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ (بِأُمِّيٍّ) أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ أَمْ لَا، وَالْأُمِّيُّ مَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ كَتَخْفِيفِ مُشَدَّدٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ لَا يُحْسِنَهُ كَأَرَتَّ بِمُثَنَّاةٍ وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ بِإِبْدَالٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِدْغَامِ بِخِلَافِهِ بِلَا إبْدَالٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ احْتِمَالًا فَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ فَالصُّوَرُ الْبَاطِلَةُ هِيَ مَنْطُوقُ الْمَتْنِ قَوْلُهُ:(لِقَوْلِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَلِقَوْلِهِ بِعَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَمْرَهُمْ امْرَأَةً) عَامٌّ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ خُنْثَى بَانَتْ أُنُوثَتُهُ) أَيْ سَوَاءٌ بَانَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ بَانَتْ بَعْدَهَا وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ ظَانًّا أَنَّ إمَامَهُ رَجُلٌ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ شَيْئًا قَوْلُهُ:(بَانَتْ ذُكُورَتُهُ) أَيْ قَبْلَ الْقُدْوَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ إنْ دَخَلَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ جَازِمًا بِأَنَّهُ رَجُلٌ أَوْ لَمْ يَظُنَّ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا. قَالَ سم: حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَهُ خُنْثَى عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ عَلِمَ خُنُوثَتَهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنْ تَبَيَّنَ فِي الْحَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَدَّدْ عِنْدَ النِّيَّةِ وَقَدْ بَانَتْ الذُّكُورَةُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ مَضَى قَبْلَ التَّبَيُّنِ رُكْنٌ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَطَلَتْ، وَإِنْ عَلِمَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ تَبْنِ ذُكُورَتُهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَإِنْ تَبَيَّنَتْ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَلَا قَضَاءَ. وَهَذَا الْحَاصِلُ عَرَضْتُهُ عَلَى شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ فَجَزَمَ بِهِ. اهـ. ع ش إطْفِيحِيٌّ وَقَرَّرَهُ ح ف غَيْرَ أَنَّهُ اعْتَمَدَ فِيمَا إذَا بَانَ الْإِمَامُ خُنْثَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا تَبْطُلُ، وَإِنْ ظَهَرَ عَقِبَهُ أَنَّهُ مُتَّضِحٌ بِالذُّكُورَةِ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الشَّكِّ، وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ: وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِخُنْثَى اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ وَخُنْثَى اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ بِأُنْثَى لَكِنْ يُكْرَهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِأُمِّيٍّ) مَنْسُوبٌ إلَى الْأُمِّ كَأَنَّهُ عَلَى حَالِهِ حِينَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَأَصْلُهُ مَنْ لَا يَكْتُبُ وَلَا يَقْرَأُ اهـ. ثُمَّ اُسْتُعِيرَ مَجَازًا فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، أَوْ يُقَالُ إنَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَمِثْلُ الْأُمِّيِّ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مَنْ لَا يُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ، وَكَذَا تَارِكُ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْضَهَا كَالْبَسْمَلَةِ بِخِلَافِ مَنْ كَبَّرَ وَلَمْ يَنْوِ وَكَأَنَّ وَجْهَ الْمُخَالَفَةِ أَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْمَأْمُومِ، فَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ:(أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ أَمْ لَا) عَلِمَ بِحَالِهِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَسْبُوقِ، فَإِذَا لَمْ يُحْسِنْهَا لَمْ يَصْلُحْ لِلتَّحَمُّلِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ: فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ: عَلِمَ الْقَارِئُ بِحَالِهِ أَمْ لَا شَامِلٌ لِمَا إذَا تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ أُمِّيًّا أَوْ لَا، فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ حِينَئِذٍ وَقَدْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ، فَإِنْ أَسَرَّ فِي جَهْرِيَّةٍ تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ بَعْدَ السَّلَامِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ قَارِئٍ أَعَادَ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَارِئٌ وَلَوْ بِقَوْلِهِ: نَسِيتُ الْجَهْرَ أَوْ أَسْرَرْتُ لِكَوْنِهِ جَائِزًا وَصَدَّقَهُ الْمَأْمُومُ لَمْ يُعِدْ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَالُهُ لَمْ يُعِدْ أَيْضًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُعِيدُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (كَتَخْفِيفِ مُشَدَّدٍ) مِثَالٌ لِمَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ وَقَوْلُهُ: كَأَرَتَّ مِثَالٌ لِلْأُمِّيِّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: كَتَخْفِيفِ مُشَدَّدٍ أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِمَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ كَافٍ عَنْ زِيَادَةٍ أَوْ تَشْدِيدَةٍ. وَقَوْلُهُ: مِنْ الْفَاتِحَةِ قَيْدٌ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ اهـ. وَخَرَجَ بِالْفَاتِحَةِ غَيْرُهَا، أَمَّا التَّكْبِيرُ فَإِنْ كَانَ يُخِلُّ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَائْتَمَّ بِهِ الْقَارِئُ فَإِنْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ عَالِمًا بِأَنَّ إمَامَهُ يُخِلُّ بِالتَّكْبِيرِ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ عَلِمَ فِي الْأَثْنَاءِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، وَأَمَّا مَعَ الْعَجْزِ فَلَا ضَرَرَ، وَأَمَّا الْإِخْلَالُ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنْ دَخَلَ عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ سَلَامِهِ لَا إعَادَةَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ سَلَامِ الْمَأْمُومِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ وَلَا إعَادَةَ أَيْضًا، وَإِنْ عَلِمَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ انْتَظَرَهُ لَعَلَّهُ يُعِيدُهُ عَلَى الصَّوَابِ، فَإِذَا سَلَّمَ وَلَمْ يُعِدْهُ سَجَدَ الْمَأْمُومُ لِلسَّهْوِ أَيْضًا وَكَذَا حُكْمُ السَّلَامِ كَالتَّشَهُّدِ اهـ. وَعِبَارَةُ. شَرْحِ م ر: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ اقْتِدَاءِ مَنْ يُحْسِنُ نَحْوَ
كَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَوْ الْكَافِ مِنْ مَالِكٍ وَأَلْثَغَ بِمُثَلَّثَةٍ وَهُوَ مَنْ يُبْدِلُ حَرْفًا بِأَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ بَدَلَهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ السِّينِ فَيَقُولَ الْمُثْتَقِيمَ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْأُمِّيَّ التَّعَلُّمُ وَلَمْ يَتَعَلَّمْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَإِلَّا صَحَّتْ كَاقْتِدَائِهِ بِمِثْلِهِ فِيمَا يُخِلُّ بِهِ، وَكُرِهَ الِاقْتِدَاءُ بِنَحْوِ تَأْتَاءٍ كَفَأْفَاءٍ وَلَاحِنٍ بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَضَمِّ هَاءِ لِلَّهِ، فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنًى فِي الْفَاتِحَةِ كَأَنْعَمْت بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ وَلَمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
التَّكْبِيرِ أَوْ التَّشَهُّدِ أَوْ السَّلَامِ بِالْعَرَبِيَّةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِهَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ لَا مَدْخَلَ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ فِيهَا فَلَمْ يَنْظُرْ لِعَجْزِهِ عَنْهَا اهـ. لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِبَعْضِ الشَّدَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ مُخِلٌّ أَيْضًا، أَيْ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ وَلَا إمَامَتُهُ اهـ ق ل. عَلَى الْجَلَالِ وح ف. وَإِنَّمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ أَخَلَّ بِبَعْضِ التَّشَهُّدِ سَهْوًا وَكَانَ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُبْطِلُ عَمْدُهُ، وَمَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ سُنَّ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِدْغَامِ) كَقَوْلِهِ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] بِتَشْدِيدِ التَّاءِ اهـ قَوْلُهُ: (وَأَلْثَغَ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَرَتِّ قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَنْ يُبْدِلُ حَرْفًا) سَوَاءٌ كَانَ مَعَ إدْغَامٍ أَمْ لَا قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ السِّينِ) قَالَ م ر: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ اللُّثْغَةُ يَسِيرَةً بِأَنْ لَمْ تَمْنَعْ أَصْلَ مَخْرَجِهِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ صَافٍ لَمْ يُؤَثِّرْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ إبْدَالٌ. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ أَبِي غَانِمٍ مُقْرِئِ ابْنِ سُرَيْجٍ قَالَ: انْتَهَى ابْنُ سُرَيْجٍ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْأَلْثَغِ وَكَانَتْ لُثْغَتُهُ يَسِيرَةً. وَفِي أَيٍّ فِي أَبِي غَانِمٍ مِثْلُهَا، فَاسْتَحْيَيْت أَنْ أَقُولَ لَهُ هَلْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ فَقُلْت لَهُ: هَلْ تَصِحُّ إمَامَتِي؟ قَالَ: نَعَمْ وَإِمَامَتِي أَيْضًا. اهـ. عَمِيرَةٌ. وَسُئِلَ الشِّهَابُ م ر عَمَّنْ قَرَأَ الرَّحِيمِ مَالِكِ بِإِثْبَاتِ الْأَلْفِ مَعَ الْإِدْغَامِ. فَأَجَابَ بِحُرْمَةِ الْقِرَاءَةِ مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ. وَأَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو النَّصْرِ الطَّبَلَاوِيُّ بِالصِّحَّةِ، وَلَا تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ بِالْإِدْغَامِ مَعَ إثْبَاتِ الْأَلْفِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الشَّاذَّ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الشَّيْخَانِ، وَهَذِهِ قِرَاءَةُ يَعْقُوبَ مِنْ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ السَّبْعَةِ. وَكَانَ وَالِدِي رحمه الله يُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لِجَمْعٍ رَدًّا عَلَى مَنْ يَدَّعِي شُذُوذَهَا اهـ. هَذَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ م ر مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ أَنَّ الشَّاذَّ مَا وَرَاءَ السَّبْعَةِ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمُ صَحَّتْ كَاقْتِدَائِهِ بِمِثْلِهِ. قَالَ ق ل: لَوْ قَالَ كَاقْتِدَائِهِ بِمِثْلِهِ بِهِ كَانَ مُسْتَقِيمًا أَيْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمِثْلِهِ، وَأَكْمَلُ مِنْهُ بِخِلَافِ اقْتِدَاءِ غَيْرِهِ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ مِثْلَهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (فِيمَا يُخِلُّ بِهِ) بِأَنْ اتَّحَدَا فِي الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ وَمَحَلُّهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَأْتِيِّ بِهِ كَأَنْ يُبْدِلَ أَحَدُهُمَا سِينَ الْمُسْتَقِيمِ مُثَلَّثَةً وَالْآخَرُ مُثَنَّاةً بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: الْمُثْتَقِيمَ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَالْآخَرُ الْمُتْتَقِيمَ بِالْمُثَنَّاةِ. وَلَوْ مَعَ الْإِدْغَامِ فَيَصِحُّ لِاتِّحَادِ الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ جَوَازِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ أَصْلِيَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا دُونَ الْآخَرِ صَحَّ اقْتِدَاءُ الْأَصْلِيِّ بِالطَّارِئِ دُونَ عَكْسِهِ، فَإِنْ كَانَا عَارِضَيْنِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ اهـ ق ل. مَعَ زِيَادَةٍ. وَعِنْدَ حَجّ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُطْلَقًا. وَفِي شَرْحِ م ر: وَعَلِمَ مِنْهُ عَدَمَ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ وَلَوْ عَجَزَ إمَامُهُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِخَرَسٍ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِأَنَّ اقْتِدَاءَ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ صَحِيحٌ وَلَا كَذَلِكَ الْقَارِئُ بِالْأَخْرَسِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِخَرَسِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَعَادَ لِأَنَّ حُدُوثَ الْخَرَسِ نَادِرٌ بِخِلَافِ طُرُوُّ الْحَدَثِ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (بِنَحْوِ تَأْتَاءٍ) أَيْ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَفَأْفَاءٍ إذْ لَا فَاءَ فِي الْفَاتِحَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُكَرِّرُ الْحَرْفَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى عَدَمِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعُذْرُ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ كَمَا قَالَهُ ق ل وَعِبَارَةُ أج: بِنَحْوِ تَأْتَاءَ كَوَأْوَاءٍ أَيْ وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْوَاوَ وَكَذَا سَائِرُ الْحُرُوفِ لِزِيَادَتِهِ وَنَفْرَةِ الطَّبْعِ عَنْ سَمَاعِهِ، وَجَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ مَعَ زِيَادَتِهِمْ لِعُذْرِهِمْ فِيهَا اهـ أج قَوْلُهُ:(وَلَاحِنٍ) الْمُرَادُ بِاللَّحْنِ مَا يَشْمَلُ الْإِبْدَالَ. اهـ. م ر قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) أَيْ وَيَحْرُمُ عَمْدُ ذَلِكَ مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَالْقُدْوَةِ. اهـ. دَمِيرِيٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّحْنَ حَرَامٌ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ الْقَادِرِ مُطْلَقًا، وَأَنْ مَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَالْقُدْوَةُ بِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا مَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَفِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ فِيهِمَا إلَّا إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا قَادِرًا. وَأَمَّا فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنْ قَدَرَ وَأَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ ضَرَّ فِيهِمَا وَإِلَّا فَكَأُمِّيٍّ. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ:(كَضَمِّ هَاءِ لِلَّهِ) أَيْ
يُحْسِنْ اللَّاحِنُ الْفَاتِحَةَ فَكَأُمِّيٍّ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ اللَّحْنُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ كَجَرِّ اللَّامِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3] صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَالْقُدْوَةُ بِهِ حَيْثُ كَانَ عَاجِزًا عَنْ التَّعَلُّمِ، أَوْ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ نَاسِيًا كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ إنَّ ذَلِكَ لَحْنٌ لَكِنَّ الْقُدْوَةَ بِهِ مَكْرُوهَةٌ. أَمَّا الْقَادِرُ الْعَالِمُ الْعَامِدُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا الْقُدْوَةُ بِهِ لِلْعَالِمِ بِحَالِهِ وَكَالْفَاتِحَةِ فِيمَا ذُكِرَ بَدَلَهَا، وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ كَافِرًا وَلَوْ مَخْفِيًّا كُفْرُهُ كَزِنْدِيقٍ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَبِنْ كُفْرُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فَقَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ: لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ وَكَسْرِ بَائِهَا وَنُونِهَا لِبَقَاءِ الْمَعْنَى، وَضَمِّ صَادِ الصِّرَاطِ وَهَمْزَةِ اهْدِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَمِّدُ لِذَلِكَ آثِمًا اهـ اج. وَقَوْلُهُ: وَضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ أَيْ فَكَاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ تُسَمِّهِ النُّحَاةُ لَحْنًا فَإِنَّ اللَّحْنَ عِنْدَهُمْ كَاللُّغَوِيِّينَ تَغْيِيرُ الْإِعْرَابِ وَالْخَطَأُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَعَمُّ فَيَشْمَلُ إبْدَالَ حَرْفٍ بِآخَرَ، وَنَصْبُ دَالِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ جَرُّهَا وَالْمُرَادُ بِتَغْيِيرِ الْمَعْنَى أَنَّ بِنَقْلِ مَعْنَى الْكَلِمَةِ إلَى مَعْنًى آخَرَ كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت وَكَسْرِهَا أَوْلَمَ يَكُنْ لَهَا مَعْنًى أَصْلًا كَالزِّيَنِ بِالزَّايِ. اهـ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ غَيَّرَ) أَيْ اللَّحْنُ قَوْلَهُ: (وَلَمْ يُحْسِنْ اللَّاحِنُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ لَمْ يُحْسِنْ مَا لَحَنَ بِهِ فِيهَا بِأَنْ عَجْزَ لِسَانُهُ عَنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمُ كَمَا فِي م ر وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ مَا لَحَنَ بِهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُهَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ. اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِ) أَيْ مُطْلَقًا وَلَا صَلَاتُهُ إنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ وَإِلَّا صَحَّتْ كَاقْتِدَاءِ مِثْلِهِ بِهِ، وَمِثْلُ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ اقْتِدَاءُ مَنْ يُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ إلَّا الذِّكْرَ وَحَافِظُ نِصْفِ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلِ بِنِصْفِهَا الثَّانِي اهـ شَرْحُ م ر. وَمَنْ يُحْسِنُ الذِّكْرَ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا كَذَلِكَ اهـ أج قَوْلُهُ:(وَإِنْ كَانَ اللَّحْنُ) أَيْ الْمُغَيِّرُ لِلْمَعْنَى بِدَلِيلِ مِثَالِهِ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ أَيْ وَغَيْرِ بَدَلِهَا كَمَا ذَكَرَهُ ق ل قَوْلُهُ: (صَحَّتْ صَلَاتُهُ) قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ قِيلَ لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِمَّا يَلْحَنُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَمُقْتَضَاهُ الْبُطْلَانُ. وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ السُّورَةَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ إلَخْ) بَانَ مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ فَإِمَامُهُ اسْمُهَا وَكَافِرًا خَبَرُهَا شَيْخُنَا عَنْ السُّيُوطِيّ، وَالْأَوْلَى نَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ وَلَوْ بَانَ كُفْرُ إمَامِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ حَالًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى بِأَنَّ فِي حَالِ كَوْنِهِ كَافِرًا لِأَنَّ الْحَالَ عَلَى تَقْدِيرٍ فِي بَلْ الْمَعْنَى بِأَنَّ كُفْرَهُ، فَالْأَوْلَى كَوْنُهُ تَمْيِيزًا وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ حَالُهُ فِي أَثْنَاءِ الْقُدْوَةِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ ق ل قَوْلُهُ:(كَافِرًا) أَيْ أَوْ خُنْثَى أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أُمِّيًّا أَوْ تَارِكًا الْفَاتِحَةَ فِي الْجَهْرِيَّةِ، أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَوْ سَاجِدًا عَلَى كُمِّهِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، أَوْ تَارِكًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ أَوْ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ أَوْ عَلَى السُّتْرَةِ وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ أَوْ عَارِيًّا، وَفَارَقَ تَبَيُّنَ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فِي الْخُطْبَةِ وَكَانَ قَدْ خَطَبَ مِنْ قُعُودٍ حَيْثُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي الْخُطْبَةِ شَرْطٌ وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنٌ وَالشَّرْطُ يُغْتَفَرُ فِيهِ. فَإِنْ قُلْت: يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ السُّتْرَةُ فَإِنَّهَا شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِيَامِ الْخُطْبَةِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ السُّتْرَةَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، وَالْقِيَامَ الْمَذْكُورَ شَرْطٌ لِمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْخُطْبَةُ فَاغْتُفِرَ فِيهِ. اهـ. ح ف. وَقَوْلُهُ: وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا تُخْفَى اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَخْفِيًّا) هِيَ لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِعِيِّ. وَقَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَلَا يَنْقَلِبُ نَفْلًا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) أَيْ إنْ بَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِنْ بَانَ فِي أَثْنَائِهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ) صَرِيحُهُ أَنْ يَجِبَ الْبَحْثُ عَلَى الْمَأْمُومِ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، فَلَوْ قَالَ لِكَوْنِ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِمَامَةِ فِي
حَقِيقَةً، أَوْ أَسْلَمْتُ ثُمَّ ارْتَدَدْتُ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ كَافِرٌ بِذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، لَا إنْ بَانَ ذَا حَدَثٍ وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ، أَوْ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمُقْتَدِي لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ بِخِلَافِ الظَّاهِرَةِ فَتَجِبُ فِيهَا الْإِعَادَةُ، كَمَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ أُمِّيًّا. وَلَوْ اقْتَدَى رَجُلٌ بِخُنْثَى فَبَانَ الْإِمَامُ رَجُلًا لَمْ يَسْقُطْ الْقَضَاءُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ فِي الظَّاهِرِ لِتَرَدُّدِ الْمَأْمُومِ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عِنْدَهَا.
وَثَالِثُ الشُّرُوطِ اجْتِمَاعُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ بِمَكَانٍ كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الْعُصُرِ الْخَالِيَةِ، وَلِاجْتِمَاعِهِمَا أَرْبَعَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ذَاتِهِ لَكَانَ أَوْلَى. اهـ. ق ل. وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ إلَخْ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأُمُورُ الَّتِي قَلَّ أَنْ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ نُسِبَ تَارِكُهَا إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا، أَوْ يُقَالُ: هَذَا تَعْلِيلُ مَنْ يُوجِبُ الْبَحْثَ جَرَى عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ مَقْصُودًا عِنْدَهُ اهـ. وَلَوْ اقْتَدَى بِمَنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا قَضَاءَ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الصَّلَاةِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى إسْلَامِهِ وَلَمْ يَبِنْ خِلَافُهُ. نَعَمْ إنْ أَسَرَّ فِي جَهْرِيَّةٍ لَزِمَهُ الْبَحْثُ، فَإِنْ قَالَ: نَسِيت الْجَهْرَ أَوْ أَسْرَرْت لِكَوْنِهِ جَائِزًا وَصَدَّقَهُ الْمَأْمُومُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بَلْ تُسْتَحَبُّ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْبَحْثُ أَوْ بَحَثَ مَعَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَالْإِعَادَةُ لَازِمَةٌ لَهُ، أَمَّا فِي السِّرِّيَّةِ فَلَا إعَادَةَ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْإِمَامِ. اهـ. م ر اهـ أج قَوْلُهُ:(وَقَدْ أَسْلَمَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ أَيْ تَحَدَّدَ إسْلَامُهُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ. وَقَوْلُهُ: فَقَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَبِنْ كُفْرُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ. وَقَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ فَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يُعَلِّلَ بِالتَّقْصِيرِ. قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ إذَا طَرَأَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ ظَهَرَ أَوْجَبَ الِاسْتِئْنَافَ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِمْرَارُ مَعَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ. وَكُلُّ مَا لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ مِمَّا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ ابْتِدَاءً عِنْدَ الْعِلْمِ إذَا طَرَأَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ ظَهَرَ لَا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ، وَيَجُوزُ الِاسْتِمْرَارُ مَعَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ) وَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ يُقْبَلُ خَبَرُ الْكَافِرِ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ اهـ م د قَوْلُهُ: (لَا إنْ بَانَ ذَا حَدَثٍ) وَكَذَا كُلُّ مَا يَخْفَى عَلَى الْمَأْمُومِ عَادَةً كَعَدَمِ النِّيَّةِ وَتَيَمُّمِهِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ. اهـ. ق ل. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بَانَ تَارِكًا لِلْفَاتِحَةِ فِي السِّرِّيَّةِ أَوْ لِلتَّشَهُّدِ مُطْلَقًا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ بِإِحْرَامِهِ ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا بِنِيَّةٍ سِرًّا بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى وَلَا أَمَارَةَ عَلَيْهِ اهـ. قَوْلُهُ:(خَفِيَّةٌ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ، وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ أَيْ الَّتِي لَيْسَ لَهَا طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَلَا بَيْنَ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَلَا بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ، وَلَا بَيْنَ بَاطِنِ الثَّوْبِ وَظَاهِرِهِ اهـ ع ش قَالَ م د. وَيُفْرَضُ الْأَعْمَى بَصِيرًا وَالْبَعِيدُ قَرِيبًا. قَوْلُهُ:(بِخُنْثَى) أَيْ ظَنَّ ذُكُورَتَهُ ابْتِدَاءً حَتَّى يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ طَرَأَ التَّرَدُّدُ فِي خُنُوثَتِهِ فِي الْأَثْنَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِ الْمَأْمُومِ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ شَرْحِ قَوْلِهِ: وَلَا يَأْتَمُّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ.
قَوْلُهُ: (لِتَرَدُّدِ الْمَأْمُومِ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عِنْدَهَا) أَيْ عِنْدَ الْقُدْوَةِ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ دَخَلَ عَالِمًا بِأَنَّهُ خُنْثَى، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ خُنُوثَتَهُ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ ثُمَّ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ شَرْحُ م ر. وَعَلَّلَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِالْخُنْثَى إمَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى، وَكُلٌّ مِنْهُمْ إمَّا أَنْ يَظُنَّ الْخُنْثَى الْمُقْتَدِيَ بِهِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى أَوْ لَا يَظُنُّ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ. وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَظْهَرَ الْإِمَامُ بَعْدَ الصَّلَاةِ رَجُلًا أَوْ أُنْثَى أَوْ يَبْقَى عَلَى خُنُوثَتِهِ، فَهَذِهِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ مِنْهَا صُوَرُ الْمَرْأَةِ الْمُقْتَدِيَةِ الِاثْنَا عَشَرَ صَحِيحَةٌ، وَأَرْبَعَةٌ أَيْضًا صَحِيحَةٌ وَهِيَ مَا إذَا ظَنَّهُ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى ذَكَرًا حَالَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَبَانَ كَذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَظُنَّهُ شَيْئًا فَبَانَ ذَكَرًا وَالْعِشْرُونَ الْبَاقِيَةُ بَاطِلَةٌ. اهـ. عَنَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (كَمَا عَهِدَ) أَيْ لِمَا عَهِدَ قَوْلُهُ: (إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ) هَذِهِ هِيَ الْأُولَى قَوْلُهُ: (أَوْ بِغَيْرِهِ إلَخْ) هِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، وَشَمَلَ مَا إذَا كَانَا فِي فَضَاءٍ، وَمَا إذَا كَانَا فِي بِنَاءٍ، وَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ وَالْآخَرُ فِي فَضَاءٍ فَهِيَ شَامِلَةٌ لِأَرْبَعِ
أَحْوَالٍ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ فَضَاءٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ وَالْآخَرُ خَارِجَهُ (وَ) إذَا كَانَا بِمَسْجِدٍ فَ (أَيُّ مَوْضِعٍ صَلَّى) الْمَأْمُومُ (فِي الْمَسْجِدِ) وَمِنْهُ رَحْبَتُهُ (بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (وَهُوَ عَالِمٌ بِصَلَاتِهِ) أَيْ الْإِمَامُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ بَعْضِ صَفٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَسَمَاعِ صَوْتِهِ أَوْ (صَوْتِ مُبَلِّغٍ أَجْزَأَهُ) أَيْ كَفَاهُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ نَافِذَةٌ إلَيْهِ كَبِئْرٍ وَسَطْحٍ سَوَاءٌ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ أَمْ لَا كَأَنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا عَلَى سَطْحِهِ أَوْ مَنَارَتِهِ وَالْآخَرُ فِي سِرْدَابٍ أَوْ بِئْرٍ فِيهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ مُؤَدَّوْنَ لِشِعَارِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً إلَيْهِ لَمْ يَعُدْ الْجَامِعُ لَهُمَا مَسْجِدًا وَاحِدًا فَيَضُرُّ الشُّبَّاكُ وَالْمَسَاجِدُ الْمُتَلَاصِقَةُ الَّتِي تُفْتَحُ أَبْوَابُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهَا بِإِمَامٍ وَجَمَاعَةٍ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ (مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ) الْمَأْمُومُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ صَلَّى) الْإِمَامُ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
صُوَرٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ) فِيهِ صُورَتَانِ قَوْلُهُ: (وَأَيُّ مَوْضِعٍ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ صَلَّى إلَخْ، فَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ أَيْ صَلَّى فِيهِ إلَخْ قَوْلُهُ:(وَمِنْهُ رَحْبَتُهُ) قَالَ م ر: وَهِيَ مَا كَانَ خَارِجُهُ مَحُوطًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ شَارِعًا قَبْلَ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ وَقْفِيَّتَهَا مَسْجِدًا أَمْ جَهِلَ أَمْرَهَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُنْتَهَكَةً غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ. وَخَرَجَ بِالرَّحْبَةِ الْحَرِيمُ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَسْجِدِ الْمُهَيَّأُ لِمَصْلَحَتِهِ كَانْصِبَابِ الْمَاءِ وَطَرْحِ الْقُمَامَاتِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِيمَا مَرَّ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُ الرَّحْبَةِ عَنْ الْحَرِيمِ بِعَلَامَةٍ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ لِتُعْطَى حُكْمَ الْمَسْجِدِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزٌ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَمَيَّزَانِ بِالْقَصْدِ لَا بِالْكَيْفِيَّةِ، وَانْظُرْ لَوْ احْتَمَلَ كَوْنَهَا رَحْبَةً وَكَوْنَهَا حَرِيمًا فَأَدْخَلَهَا النَّاظِرُ فِي تَرْبِيعِهِ وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا هَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا يُرَاجَعُ اهـ م د. وَلَوْ خَرَجَ مَا كَانَ شَارِعًا وَحَجَرَ عَلَيْهِ صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ كَرَحْبَةِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ الَّتِي بَيْنَ الطَّبَرَسِيَّةِ والابتغاوية فَلَيْسَتْ بِمَسْجِدٍ قَطْعًا ابْنُ حَجَرٍ اهـ م د قَوْلُهُ:(بِرُؤْيَتِهِ) بَيَانٌ لِطُرُقِ الْعِلْمِ الْأَرْبَعَةِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ قَوْلُهُ: (أَوْ صَوْتِ مُبَلِّغٍ) أَيْ عَدْلٍ رِوَايَةً بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا، وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَأْمُونُ وَالْفَاسِقُ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ، وَلَوْ ذَهَبَ الْمُبَلِّغُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَتْ الْمَأْمُومَ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إنْ لَمْ يَرْجُ عَوْدَهُ أَوْ انْتِصَابَ مُبَلِّغٍ آخَرَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِي ظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. ح ل قَوْلُهُ:(نَافِذَةٌ) أَيْ تَنَافُذًا عَادِيًّا فَخَرَجَتْ الطَّاقَاتُ الْعَالِيَةُ أَيْ يُمْكِنُ الِاسْتِطْرَاقُ. مِنْ ذَلِكَ الْمَنْفَذِ عَادَةً وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْإِمَامِ إلَّا بِازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ ظُهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ ح ل.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُهَا أَمْ لَا) خَرَجَ مَا لَوْ سُمِّرَتْ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ ق ل. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف عَدَمَ الْبُطْلَانِ إذَا سُمِّرَتْ فِي الْأَثْنَاءِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ اهـ وَمِثْلُ تَسْمِيرِ الْأَبْوَابِ مَا إذَا كَانَ بِنَحْوِ سَطْحٍ لَا مَرْقَى لَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ شَرْحُ م ر قَوْلُهُ: (أَوْ مَنَارَتِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ أَيْ الدَّاخِلَةِ فِيهِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً) كَأَنْ كَانَتْ مُسَمَّرَةَ الْأَبْوَابِ قَوْلُهُ: (فَيَضُرُّ الشُّبَّاكُ) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ كَانَ الِاسْتِطْرَاقُ مُمْكِنًا مِنْ فُرْجَةٍ مِنْ أَعْلَاهُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاسْتِطْرَاقِ الْعَادِي ح ل. وَكَذَا يَضُرُّ زَوَالُ سُلَّمِ الدَّكَّةِ ابْتِدَاءً لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. اهـ. ح ف. وَيَضُرُّ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَ جَانِبَيْ الْمَسْجِدِ نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ قَدِيمٌ بِأَنْ سَبَقَ وُجُودَهُ أَوْ قَارَنَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا يَكُونُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ بَلْ كَمَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ النَّهْرُ طَارِئًا بَعْدَ الْمَسْجِدِيَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا وَاقِفَيْنِ بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَالْمَسَاجِدُ الْمُتَلَاصِقَةُ) كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَالطَّبَرَسِيَّةِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ. اهـ إطْفِيحِيٌّ قَوْلُهُ: (كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ) فَلَا يَضُرُّ غَلْقُ أَبْوَابِهَا. وَقَالَ ع ش: فَلَا يَضُرُّ التَّبَاعُدُ وَإِنْ كَثُرَ، أَيْ مَا لَمْ يَحُلْ نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ قَدِيمٌ أَوْ مُقَارِنٌ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ اهـ أج قَوْلُهُ:(مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ) هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ كُلُّ صُوَرِ الِاقْتِدَاءِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ. وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ ق ل. أَيْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَا لَوْ اسْتَدَارُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَكَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ
الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ (خَارِجَ الْمَسْجِدِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (قَرِيبًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَسْجِدِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا مُعْتَبَرًا مِنْ آخِرٍ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ (وَهُوَ عَالِمٌ بِصَلَاتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَلَا حَائِلَ هُنَاكَ) بَيْنَهُمَا كَالْبَابِ الْمَفْتُوحِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ وَالْمُشَاهَدَةَ (جَازَ) الِاقْتِدَاءُ حِينَئِذٍ، فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ خَارِجَهُ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ طَرَفِهِ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ، فَإِنْ حَالَ جِدَارٌ لَا بَابَ فِيهِ أَوْ بَابٌ مُغْلَقٌ مُنِعَ الِاقْتِدَاءَ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ وَكَذَا الْبَابُ الْمَرْدُودُ وَالشُّبَّاكُ يَمْنَعُ لِحُصُولِ الْحَائِلِ مِنْ وَجْهٍ إذْ الْبَابُ الْمَرْدُودُ مَانِعٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ وَالشُّبَّاكُ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: نَعَمْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: لَوْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَانْغَلَقَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ انْتَهَى. أَمَّا الْبَابُ الْمَفْتُوحُ فَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْوَاقِفِ بِحِذَائِهِ وَالصَّفُّ الْمُتَّصِلُ بِهِ وَإِنْ خَرَجُوا عَنْ. الْمُحَاذَاةِ بِخِلَافِ الْعَادِلِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ لِلْحَائِلِ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ مِنْ فَضَاءٍ أَوْ بِنَاءٍ شُرِطَ فِي فَضَاءٍ وَلَوْ مَحُوطًا أَوْ مُسْقَفًا أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا وَلَا مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ وَشَخْصَيْنِ مِمَّنْ ائْتَمَّ بِالْإِمَامِ خَلْفَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ تَقْرِيبًا أَخْذًا مِنْ عُرْفِ النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ يَعُدُّونَهُمَا فِي ذَلِكَ مُجْتَمِعِينَ فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ كَصَحْنٍ وَصِفَةٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِأَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ تَقَدُّمًا عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) أَيْ بِذِرَاعِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ وَهُوَ شِبْرَانِ م ر. وَقَوْلُهُ تَقْرِيبًا فَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ، وَإِنَّمَا اغْتَفَرُوا الثَّلَاثَةَ وَفِي الْقُلَّتَيْنِ رِطْلَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ وَثَمَّ عَلَى قُوَّةِ الْمَاءِ وَعَدَمِهَا وَلِأَنَّ الْوَزْنَ أَضْبَطُ مِنْ الذَّرْعِ فَضَايَقُوا ثَمَّ أَكْثَرُ مِمَّا هُنَا اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَلَا حَائِلَ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَوْ أَرَادَ الْوُصُولَ إلَى الْإِمَامِ يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ، وَيُقَالُ لِهَذَا ازْوِرَارٌ وَانْعِطَافٌ اهـ. ق ل. فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ سم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَمْنَعُ مُرُورًا وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الرَّوِيَّةَ كَالشُّبَّاكِ، أَوْ مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْمُرُورَ كَالْبَابِ الْمَرْدُودِ بِخِلَافِ الْحَائِلِ الَّذِي يُشْتَرَطُ نَفْيُهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَمْنَعُ الْوُصُولَ إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الرُّؤْيَةَ فَيَضُرُّ الشُّبَّاكُ، فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْوُصُولَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ مَنَعَ الرُّؤْيَةَ كَالْبَابِ الْمَرْدُودِ أَوْ الْمُغْلَقِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُهَا أَمْ لَا، وَيَضُرُّ التَّسْمِيرُ فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا فِي الدَّوَامِ فَلَا يَضُرُّ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ فَافْهَمْ.
قَوْلُهُ: (كَالْبَابِ) تَمْثِيلٌ لِلنَّفْيِ أَيْ وَانْتِفَاءُ الْحَائِلِ كَالْبَابِ إلَخْ أَيْ كَالِانْتِفَاءِ فِي الْبَابِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ) هِيَ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَالَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا حَائِلَ قَوْلُهُ: (فَانْغَلَقَ) يُفِيدُ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ انْغَلَقَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ بِغَلْقِ الْمَأْمُومِ أَوْ بِأَمْرِهِ: ق ل. قَوْلُهُ: (الْوَاقِفِ بِحِذَائِهِ) أَيْ مُقَابِلِهِ يُشَاهِدُ الْإِمَامَ أَوْ مَنْ مَعَهُ، وَيُقَالُ لِهَذَا رَابِطَةٌ لِأَهْلِ الصَّفِّ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَكَذَا مَنْ خَلْفَهُمْ مِنْ الصُّفُوفِ، وَهُوَ كَالْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْقِفِ وَلَا فِي الْإِحْرَامِ، وَأَنْ يَكُونَ تَصِحُّ إمَامَتُهُ لَهُمْ، وَأَنْ لَا يُخَالِفُوهُ فِي أَفْعَالِهِ وَإِنْ خَالَفُوا الْإِمَامَ حَتَّى لَوْ كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ وَتَأَخَّرَ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ التَّأْخِيرُ بِهَا مَعَهُ، وَأَنْ يُعَيِّنُوهُ لَوْ تَعَدَّدَ، وَأَنْ لَا يَنْتَقِلُوا مِنْ الرَّابِطَةِ إلَى الرَّبْطِ بِغَيْرِهِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَإِذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ تَابَعُوا الْإِمَامَ الْأَصْلِيَّ إنْ عَلِمُوا بِانْتِقَالَاتِهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ اهـ ق ل. قَوْلُهُ:(وَإِنْ خَرَجُوا عَنْ الْمُحَاذَاةِ) إذْ تَعَلُّقُهُمْ إنَّمَا هُوَ بِالرَّابِطَةِ قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْعَادِلِ) أَيْ الْخَارِجِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ) هِيَ الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَحُوطًا أَوْ مُسْقَفًا) أَوْ هُمَا، فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعُ لَكِنْ كَيْفَ يُقَالُ فَضَاءً مَعَ كَوْنِهِ مَحُوطًا مُسْقَفًا أَوْ مَحُوطًا فَقَطْ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ فَضَاءً أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ بِنَاءٌ، فَمَتَى جَمَعَهُمَا مَكَانٌ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ بَيْنَهُمَا يُقَالُ لَهُ. فَضَاءٌ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ قَوْلُهُ (أَوْ شَخْصَيْنِ) بِأَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ ذَكَرٌ وَخُنْثَى وَأُنْثَى فَإِنَّهُ يَجْعَلُ كُلَّ وَاحِدٍ صَفًّا. اهـ. ح ف قَوْلُهُ:(فَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) الْأَوْلَى ثَلَاثٌ بِلَا تَاءٍ لِأَنَّ تَأْنِيثَ الذِّرَاعِ أَفْصَحُ مِنْ تَذْكِيرِهَا اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ. وَعِبَارَةُ م ر: فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَفَاحِشَةٍ كَثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ
مِنْ دَارٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِبِنَاءٍ وَالْآخَرُ بِفَضَاءٍ شُرِطَ مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا إمَّا عَدَمُ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا يَمْنَعُ مُرُورًا أَوْ رُؤْيَةً، أَوْ وُقُوفُ وَاحِدٍ حِذَاءَ مَنْفَذٍ فِي الْحَائِلِ إنْ كَانَ فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ مُرُورًا كَشِبَّاكٍ أَوْ رُؤْيَةً كَبَابٍ مَرْدُودٍ أَوْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ فِيمَا مَرَّ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ إذْ الْحَيْلُولَةُ بِذَلِكَ تَمْنَعُ الِاجْتِمَاعَ.
وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْوَاقِفِ فِيمَا مَرَّ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ وَإِنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْإِمَامِ لِمَنْ خَلْفَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَا يَضُرُّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ شَارِعٌ وَلَوْ كَثُرَ طُرُوقُهُ، وَلَا نَهْرٌ وَإِنْ أَحْوَجَ إلَى سِبَاحَةٍ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعُدَّا لِلْحَيْلُولَةِ، وَكُرِهَ ارْتِفَاعُهُ عَلَى إمَامه وَعَكْسُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا عَلَى مُسْتَوٍ إلَّا لِحَاجَةٍ كَتَعْلِيمِ الْإِمَامِ الْمَأْمُومِينَ صِفَةَ الصَّلَاةِ، وَكَتَبْلِيغِ الْمَأْمُومِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَنَحْوُهَا وَمَا قَارَبَهَا. وَعِبَارَةُ أج قَوْلُهُ: فَلَا تَضُرُّ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَهَا. وَقَوْلُ م ر فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ: وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَنَحْوُهَا وَمَا قَارَبَهَا لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَلْ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَتِهِمَا مَا قُلْنَاهُ وَنَقَلْنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ الشِّهَابِ م ر وسم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُ م ر وَمَا قَارَبَهَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَنَحْوُهَا، وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ مَا قَارَبَهَا بِأَنْ كَانَ أَزْيَدَ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ تَضُرُّ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ إلَخْ) هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ شَرَطَ فِي فَضَاءٍ إلَخْ قَوْلُهُ: (شُرِطَ مَعَ مَا مَرَّ) هُوَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَأَنْ يَعْلَمَ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ. قَالَ ق ل: وَمِنْهُ يَعْنِي مِمَّا مَرَّ فِي الْحَاشِيَةِ أَنْ لَا يَكُونَ ازْوِرَارٌ وَانْعِطَافٌ فِي وُصُولِ الْمَأْمُومِ لِلْإِمَامِ وَوُجُودُ الِاسْتِطْرَاقِ عَادَةً قَوْلُهُ: (أَوْ وُقُوفٌ وَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَهُوَ الرَّابِطَةُ الْمُتَقَدِّمُ فَفِيهِ مَا ذُكِرَ فِيهِ ق ل قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ مُرُورًا) قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ بِسَطْحِ دَارِهِ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مَكَانُ الِاسْتِطْرَاقِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ ازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ، وَلَا تَكْفِي الْمُشَاهَدَةُ ز ي وَأ ج. قَوْلُهُ:(أَوْ لَمْ يَقِفْ إلَخْ) قِيلَ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِالْوَاوِ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ لَا يَسْتَقِيمُ إذْ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ لَكِنْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ إلَخْ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُجُودُ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ مُغْلَقٍ مَعَ وُجُودِ الْحَائِلِ اهـ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا يَأْتِي إذَا جُعِلَ الْعَطْفُ عَلَى قَوْلِهِ حَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْعَطْفُ عَلَى الْقَيْدِ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ إلَخْ دُونَ مُقَيَّدِهِ، وَالْمَعْنَى فِي الْعَطْفِ أَوْ حَالَ مَا لَا يَمْنَعُ مُرُورًا وَلَا رُؤْيَةً بِأَنْ كَانَ فِيهِ بَابٌ مَفْتُوحٌ لَكِنْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ بِحِذَائِهِ اهـ ع ش. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ مَرْدُودٌ أَيْ أَوْ غَيْرَ مَرْدُودٍ وَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ فِيمَا مَرَّ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِذَا كَانَا بِمَسْجِدٍ إلَى هُنَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِدُكَّانٍ وَالْآخَرُ بِأُخْرَى مُقَابِلَتَهَا. فِي الصَّفِّ الثَّانِي صَحَّ، وَلَوْ وَقَفَ بِسَطْحِ بَيْتِهِ وَالْإِمَامُ بِسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَهُمَا هَوَاءٌ فَعَنْ الزَّجَّاجِيِّ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَيْ مَعَ إمْكَانِ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ عَادَةً بِأَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ السَّطْحَيْنِ نَحْوَ السِّقَالَةِ قَوْلُهُ: إلَى (سِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ عَوْمٍ وَهُوَ عِلْمٌ لَا يُنْسَى قَوْلُهُ: (ارْتِفَاعُهُ) أَيْ ارْتِفَاعًا يَظْهَرُ فِي الْحِسِّ وَهُوَ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يُوضَعْ نَحْوَ الْمَسْجِدِ مُشْتَمِلًا عَلَى ارْتِفَاعٍ وَانْخِفَاضٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ اهـ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ، كَالْأَشْرَفِيَّةِ وَالْغُورِيَّةِ. وَلَوْ تَعَارَضَ إكْمَالُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَكِنْ مَعَ ارْتِفَاعٍ وَالْوُقُوفُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي لَا مَعَ ارْتِفَاعٍ وَقَفَ فِي الثَّانِي، وَتَرَكَ تَكْمِيلَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ كَرَاهَةَ الِارْتِفَاعِ أَشَدُّ فَإِنَّهَا تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ تَقْطِيعِ الصُّفُوفِ فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُهَا عَلَى مَا فِي فَتَاوَى م ر اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَعَكْسُهُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الِارْتِفَاعِ أَيْ انْخِفَاضُ الْمَأْمُومِ عَنْ إمَامِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ. وَالْكَرَاهَةُ فِي الشِّقَّيْنِ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَأْمُومِ وَبِهَا تَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ لَوْ ارْتَفَعَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ أَوْ انْخَفَضَ وَحْدَهُ فَالْوَجْهُ نِسْبَةُ الْكَرَاهَةِ إلَيْهِ ق ل قَوْلُهُ: (كَتَعْلِيمِ الْإِمَامِ) هَذَا مِثَالٌ لِارْتِفَاعِ الْإِمَامِ لِحَاجَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الْعِلْمَ بِالْكَيْفِيَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَيْفَ يَدْخُلُونَ غَيْرَ عَالِمِينَ بِهَا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تَمْيِيزُ الْفَرَائِضِ مِنْ السُّنَنِ وَهَذَا مَعْلُومٌ لَهُمْ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ صُورَةِ الْفُرُوضِ وَالسُّنَنِ فَأَرَادَ الْإِمَامُ تَعْلِيمَهَا لَهُمْ بِالْفِعْلِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَكَتَبْلِيغِ الْمَأْمُومِ) هُوَ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ إلَى فَاعِلِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الذِّكْرِ فِيهِ وَلَوْ مَعَ الْإِعْلَامِ. نَعَمْ يُعْذَرُ
تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَيُسَنُّ ارْتِفَاعُهُمَا لِذَلِكَ كَقِيَامِ غَيْرِ مُقِيمٍ مِنْ مَرِيدِي الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِ إقَامَةٍ لِأَنَّهُ وَقْتُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ أَمْ غَيْرُهُ. أَمَّا الْمُقِيمُ فَيَقُومُ قَبْلَ الْإِقَامَةِ لِيُقِيمَ قَائِمًا، وَكُرِهَ ابْتِدَاءً نَفْلٌ بَعْدَ شُرُوعِ الْمُقِيمِ فِي الْإِقَامَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي النَّفْلِ أَتَمَّهُ إنْ لَمْ يَخْشَ بِإِتْمَامِهِ فَوْتَ جَمَاعَةٍ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَإِلَّا نُدِبَ لَهُ قَطْعُهُ وَدَخَلَ فِيهَا لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْهُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْجَاهِلُ بِهَذَا لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى. اهـ. ق ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: كَتَبْلِيغٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ اسْتِمَاعُ الْمَأْمُومِينَ اهـ. قَالَ ع ش: عَلَيْهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُبَلِّغُونَ مِنْ ارْتِفَاعِهِمْ عَلَى الدَّكَّةِ فِي غَالِبِ الْمَسَاجِدِ وَقْتَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ تَبْلِيغَهُمْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: (تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ) لَوْ أَسْقَطَ هَذَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ لِأَنَّ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ فَلَا أَعَمِّيَّةَ وَلَا غَيْرَهَا. وَيَكْفِي عِنْدَ الشَّارِحِ قَصْدُ الذِّكْرِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ لِجَمِيعِ التَّكْبِيرَاتِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فَرَاجِعْهُ ق ل قَوْلُهُ: (فَيُسَنُّ ارْتِفَاعُهُمَا لِذَلِكَ) أَيْ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَوْضِعًا عَالِيًا أُبِيحَ وَلَمْ يُمْكِنْ إلَّا ارْتِفَاعُ أَحَدِهِمَا فَلْيَكُنْ الْإِمَامُ لِمَا فِي عَكْسِهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِالْأَدَبِ، فَكَانَ إيثَارُ الْإِمَامِ بِالْعُلُوِّ أَوْلَى اهـ م ر وأ ج.
قَوْلُهُ: (كَقِيَامِ غَيْرِ مُقِيمٍ) الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ التَّوَجُّهُ لِيَشْمَلَ الْمُصَلِّيَ قَاعِدًا فَيَقْعُدَ، أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ بَطِيءَ النَّهْضَةِ بِحَيْثُ لَوْ أَخَّرَ الْقِيَامَ إلَى فَرَاغِهَا فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ مَعَ الْإِمَامِ قَامَ فِي وَقْتٍ يَعْلَمُ بِهِ إدْرَاكُهُ لِلتَّحَرُّمِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ بَعِيدًا وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَثَلًا وَكَانَ لَوْ أَخَّرَ قِيَامَهُ إلَى فَرَاغِ الْإِقَامَةِ وَذَهَبَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ، وَشَمَلَ قَوْلُهُ غَيْرَ مُقِيمٍ الْإِمَامَ فَقَوْلُ م ر وأ ج. وَلَا يَقُومُ أَيْ مَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ هُمْ الَّذِينَ يُبَادِرُونَ لِلْقِيَامِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ اهـ قَوْلُهُ:(بَعْدَ فَرَاغِ إقَامَةٍ) هَذَا إذَا كَانَ يُدْرِكُ فَضِيلَةَ الْإِحْرَامِ مَعَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلْيَقُمْ فِي وَقْتٍ يُدْرِكُهَا فِيهِ اهـ ق ل. وَالْمُرَادُ فَرَاغُ جَمِيعِهَا لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْهَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِالْإِجَابَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُقِيمُ فَيَقُومُ) أَيْ يَتَوَجَّهُ قَوْلُهُ: (لِيُقِيمَ قَائِمًا) أَيْ حَيْثُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ إذْ هُوَ مِنْ سُنَنِهَا، وَالْأَفْضَلُ لِلدَّاخِلِ عِنْدَهَا أَوْ قَدْ قَرُبَتْ اسْتِمْرَارُهُ قَائِمًا اهـ م ر قَوْلُهُ:(وَكُرِهَ) أَيْ تَنْزِيهًا قَوْلُهُ: (ابْتِدَاءُ نَفْلٍ) دَخَلَ فِيهِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَالرَّاتِبَةِ ح ل قَوْلُهُ: (بَعْدَ شُرُوعِ الْمُقِيمِ فِي الْإِقَامَةِ) أَيْ أَوْ قُرْبَ شُرُوعِهِ وَإِنَّمَا تُكْرَهُ لِمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ اهـ أج قَوْلُهُ: (أَتَمَّهُ) أَيْ نَدْبًا قَوْلُهُ: (نُدِبَ لَهُ قَطْعُهُ) وَدَخَلَ فِيهَا مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ تَحْصِيلُ جَمَاعَةٍ أُخْرَى وَإِلَّا أَتَمَّهُ، فَالْمُرَادُ بِالْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ فَوْتَ جَمَاعَةٍ الْجِنْسُ لَا خُصُوصُ الَّتِي أُقِيمَتْ. قَالَ م ر: وَمَحَلُّ النَّدْبِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا فِيهَا فَقَطْعُهُ وَاجِبٌ لِإِدْرَاكِهَا بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا الثَّانِي. وَخَرَجَ بِالنَّفْلِ الْفَرْضُ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرَةً كُرِهَ وَإِنْ كَانَ فَائِتَةً فَخِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّ التَّرْتِيبَ سُنَّةٌ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَخَرَجَ بِالنَّفْلِ الْفَرْضُ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ الْمَقْضِيِّ مِنْهُ إلَّا لِجَمَاعَةٍ تُنْدَبُ فِيهِ بِأَنْ تَكُونَ فِي نَوْعِهِ وَلَيْسَ فَوْرِيًّا وَلَا الْمُؤَدَّى مِنْهُ إنْ ضَاقَ وَكَذَا إنْ اتَّسَعَ إلَّا إنْ كَانَ لِأَجْلِ جَمَاعَةٍ تُنْدَبُ فِيهِ بَعْدَ قَلْبِهِ نَفْلًا، وَيُنْدَبُ إتْمَامُ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْهُ بَعْدَ قَلْبِهِ نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ بَعْدَ قَلْبِهَا نَفْلًا فَرَاجِعْهُ. وَعِبَارَةُ أج: وَخَرَجَ بِالنَّفْلِ الْفَرْضُ، فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا بِصَلَاةٍ صُبْحًا أَوْ غَيْرَهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَقَدْ قَامَ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ لِثَالِثَةٍ سُنَّ لَهُ إتْمَامُ صَلَاتِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ لِثَالِثَةٍ قَلَبَهَا نَفْلًا وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، بَلْ لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ تَمَّمَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَاسْتِئْنَافُهَا جَمَاعَةً وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى التَّمْثِيلِ بِالرَّكْعَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِلْأَفْضَلِ وَإِلَّا فَالرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ كَالرَّكْعَتَيْنِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا تَحَقَّقَ إتْمَامُهَا فِي الْوَقْتِ لَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَإِلَّا حَرُمَ السَّلَامُ. أَمَّا إذَا كَانَ فِي فَائِتَةٍ فَلَا يَقْلِبُهَا نَفْلًا لِيُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً فِي حَاضِرَةٍ أَوْ فَائِتَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي تِلْكَ الْفَائِتَةِ بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَكُنْ قَضَاؤُهَا فَوْرِيًّا جَازَ لَهُ قَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ نَدْبٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْبُ الْفَائِتَةِ نَفْلًا إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ اهـ.
وَالرَّابِعُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ تَوَافُقُ نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ، فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مَعَ اخْتِلَافِهِ كَمَكْتُوبَةٍ وَكُسُوفٍ أَوْ جِنَازَةٍ لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ، وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِمُؤَدٍّ بِقَاضٍ وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ، وَفِي طَوِيلَةٍ بِقَصِيرَةٍ كَظُهْرٍ بِصُبْحٍ وَبِالْعَكْسِ وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُقْتَدِي فِي نَحْوِ الظُّهْرِ بِصُبْحٍ أَوْ مَغْرِبٍ كَمَسْبُوقٍ فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ بَعْدَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا) الْمُرَادُ بِالنَّظْمِ الصُّورَةُ وَالْهَيْئَةُ الْخَارِجِيَّةُ، أَيْ تَوَافُقُ هَيْئَةِ صَلَاتَيْهِمَا. وَمِنْ التَّوَافُقِ صَلَاةُ التَّسَابِيحِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِمُصَلِّيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَنْتَظِرُهُ الْمَأْمُومُ فِي السُّجُودِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي إذَا طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ وَالْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي الْقِيَامِ إذَا طَوَّلَ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَوْلُهُ:(فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ) خَرَجَ بِالْأَفْعَالِ الْأَقْوَالُ، فَلَا يُشْتَرَطُ التَّوَافُقُ فِيهَا كَالْعَاجِزِ عَنْ الْفَاتِحَةِ الْآتِي بِبَدَلِهَا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يُحْسِنُهَا، وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَةِ الْبَاطِنَةُ كَنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَوْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ كَالصُّبْحِ بِالظُّهْرِ مَثَلًا فَلَا يُشْتَرَطُ التَّوَافُقُ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِمُؤَدٍّ إلَى آخِرِهِ قَوْلُهُ:(فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ) أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ أَيْ تَنْعَقِدُ النِّيَّةُ لَا أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ نِيَّةَ الْإِمَامِ لَهَا أَوْ يَجْهَلَهَا، وَإِنْ بَانَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ قَوْلُهُ:(مَعَ اخْتِلَافِهِ) وَمِنْهُ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بِمَنْ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّ فِيهِ اقْتِدَاءَ مَنْ فِي صَلَاةٍ بِمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ بِمَنْ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ وَعَكْسُهُ اهـ خ ل قَوْلُهُ:(أَوْ جِنَازَةٍ) لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ لَأَفَادَتْ مَسَائِلَ فِي الْمَذْكُورَاتِ وَهِيَ مَكْتُوبَةٌ خَلْفَ كُسُوفٍ أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ مَكْتُوبَةٍ خَلْفَ جِنَازَةٍ أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ جِنَازَةٍ خَلْفَ كُسُوفٍ أَوْ عَكْسِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الِاقْتِدَاءُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ، وَهِيَ مَكْتُوبَةٌ وَنَافِلَةٌ خَلْفَ جِنَازَةٍ وَكُسُوفٍ وَتِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَبِالْعَكْسِ أَيْ الْأَرْبَعَةُ خَلْفَهُمَا فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَالْجِنَازَةُ خَلْفَ الْكُسُوفِ وَسَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَبِالْعَكْسِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ، وَالْكُسُوفُ خَلْفَ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَبِالْعَكْسِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ فَتَمَّتْ الصُّوَرُ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ:(لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ) نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي فَمَا بَعْدَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خِلَافًا لحج حَيْثُ جَوَّزَهُ فِي آخِرِ تَكْبِيرِ الْجِنَازَةِ، وَلَا يَصِحُّ فِي سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ.
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِمُؤَدٍّ) أَيْ مَعَ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ شَرْحُ م ر. وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذِهِ غَيْرُ سُنَّةٍ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا تُسَنُّ فِي مَقْضِيَّةٍ خَلْفَ مُؤَدَّاةٍ وَبِالْعَكْسِ بَلْ مَكْرُوهَةٌ وَمَا لَا يُطْلَبُ لَا ثَوَابَ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْصُلُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَعِبَارَةُ ز ي: وَالِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَضْلَ وَرُدَّ بِقَوْلِهِمْ الِانْتِظَارُ أَفْضَلُ إذْ لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةً لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ قَوْلُهُ:(وَفِي طَوِيلَةٍ بِقَصِيرَةٍ) عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لِمُؤَدٍّ بِقَاضٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَالْمُقْتَدِي فِي نَحْوِ ظُهْرٍ إلَخْ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ لِمُؤَدٍّ بِقَاضٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَّفِقِينَ فِي الْعَدَدِ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ: وَفِي طَوِيلَةٍ بِقَصِيرَةٍ ز ي. وَيُمْكِنُ اقْتِدَاءُ مُصَلِّي الطَّوِيلَةِ بِمُصَلِّي الْقَصِيرَةِ مَعَ كَوْنِهِمَا مُؤَدَّاتَيْنِ كَمَا إذَا جَمَعَ الْمَغْرِبَ مَعَ الْعِشَاءِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ وَصَلَّى وَاحِدٌ خَلْفَهُ الْعِشَاءَ مَعَ صَلَاتِهِ الْمَغْرِبَ، أَوْ جَمَعَ الْعِشَاءَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فَصَلَّاهَا خَلْفَ مُصَلِّي الْمَغْرِبِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لِمُؤَدٍّ بِقَاضٍ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ وَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ صَلَاتِهِ قَوْلُهُ:(وَبِالْعَكْسِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ. اهـ. ق ل. وَعَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: وَبِالْعُكُوسِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْعَكْسِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَفِي طَوِيلَةٍ بِقَصِيرَةٍ وَسَبَبُ ذَلِكَ التَّوَهُّمِ اخْتِلَافُ الْعَامِلِ وَمَجِيءُ الْمَصْدَرِ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْإِفْرَادُ فَارْتَكَبَ خِلَافَ الْأَصْلِ دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ، فَلَوْ وَافَقَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ) أَيْ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِمَا وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا فِي النِّيَّةِ وَهِيَ فِعْلٌ قَلْبِيٌّ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعَ.
قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَدِي فِي نَحْوِ الظُّهْرِ إلَخْ بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي
سَلَامِ إمَامِهِ، وَالْأَفْضَلُ مُتَابَعَتُهُ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَتَشَهُّدِ آخِرِ الْمَغْرِبِ، وَلَهُ فِرَاقُهُ بِالنِّيَّةِ إذَا اشْتَغَلَ بِهِمَا، وَالْمُقْتَدِي فِي صُبْحٍ أَوْ مَغْرِبٍ بِنَحْوِ ظُهْرٍ إذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ، وَالْأَفْضَلُ انْتِظَارُهُ فِي صُبْحٍ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْمَغْرِبِ لَيْسَ لَهُ انْتِظَارُهُ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، وَيَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ إنْ أَمْكَنَهُ الْقُنُوتُ بِأَنْ وَقَفَ الْإِمَامُ يَسِيرًا وَإِلَّا تَرَكَهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ، وَلَهُ فِرَاقُهُ بِالنِّيَّةِ لِيَقْنُتَ تَحْصِيلًا لِلسُّنَّةِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الصُّبْحَ أَوْ الْمَغْرِبَ، وَالْمَأْمُومُ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَحْوَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ قَوْلُهُ:(وَالْأَفْضَلُ مُتَابَعَتُهُ) وَإِنْ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ بِالْقُنُوتِ وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ بِالتَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ فَاغْتُفِرَ س ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ جَوَازُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لِلْمُقْتَدِي فَكَيْفَ يَجُوزُ لَهُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِهِ. رُدَّ بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ لَيْسَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ أَوْ يُفَارِقُهُ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ هُنَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُ فِي الْجُمْلَةِ وَهُنَاكَ لَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُ أَصْلًا. اهـ. قَالَ ع ش. قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ هُنَا إلَخْ. قَدْ يُقَالُ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي لَهُ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الِانْتِظَارُ فِي السُّجُودِ مَعَ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَرَى تَطْوِيلَهُ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِصِحَّةِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ فِي نَفْسِهَا عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَكَانَ فِعْلُهَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا نَادِرًا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ صَلَاةٍ لَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ فِيهَا اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ) وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْعِشَاءِ بِمُصَلِّي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ، فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مُتَابَعَتَهُ فِي الْقُنُوتِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمُصَلِّي صَلَاةِ التَّسَابِيحِ لِكَوْنِهِ مِثْلَهُ فِي النَّفْلِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقْتَدِي بِصَلَاةِ التَّسْبِيحِ مُشَابَهَةُ هَذَا لِلْفَرْقِ بِتَوْقِيتِهِ وَتَأَكُّدِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ فِرَاقُهُ بِالنِّيَّةِ) مُرَاعَاةً لِنَظْمِ صَلَاتِهِ، وَالْمُفَارَقَةُ هُنَا لِعُذْرٍ فَلَا تَفُوتُ بِهَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَأَجْرَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ مُفَارَقَةٍ خُيِّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ شَرْحُ م ر اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَالْمُقْتَدِي فِي صُبْحٍ) بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَحْوَهُ، وَالْمَأْمُومُ يُصَلِّي الصُّبْحَ أَوْ الْمَغْرِبَ قَوْلُهُ:(إذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّبْحِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَغْرِبِ لِأَنَّهُ فِي الْمَغْرِبِ يَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ لِلرَّابِعَةِ لِيَتَشَهَّدَ، فَهُوَ لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ حِينَ الْمُفَارَقَةِ فَلَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَقُولَ إذَا أَتَمَّ مَا تَوَافَقَا فِيهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى أَتَمَّ صَلَاتَهُ قَارَبَ أَنْ يُتِمَّهَا تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ) أَيْ جَوَازًا فِي الصُّبْحِ وَوُجُوبًا فِي الْمَغْرِبِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَغْرِبِ لَيْسَ لَهُ انْتِظَارُهُ تَأَمَّلْ. وَهَذِهِ الْمُفَارَقَةُ بِعُذْرٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ:(وَالْأَفْضَلُ انْتِظَارُهُ فِي صُبْحٍ) يُسْتَفَادُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الِانْتِظَارِ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ تَشَهَّدَ وَإِلَّا بِأَنْ قَامَ بِلَا تَشَهُّدٍ فَارَقَهُ حَتْمًا أَيْ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، وَكَذَا إذَا جَلَسَ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ لِأَنَّ جُلُوسَهُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَلَا جُلُوسٍ أَيْ فَيُفَارِقُهُ حَتْمًا. وَمَحَلُّ الِانْتِظَارِ فِي الصُّبْحِ إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ تَحَلُّلِ إمَامِهِ وَإِلَّا فَلَا يَنْتَظِرُهُ، وَإِذَا انْتَظَرَهُ أَطَالَ الدُّعَاءَ بَعْدَ تَشَهُّدٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. قَالَ اهـ ع ش: فَإِنْ خَشِيَهُ فَعَدَمُ الِانْتِظَارِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِجَوَازِ الْمَدِّ فِي الصَّلَاةِ.
وَقَوْلُهُ: أَطَالَ الدُّعَاءَ. أَيْ نَدْبًا وَلَا يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ، فَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا دُعَاءً قَصِيرًا كَرَّرَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا سُكُوتَ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُكَرِّرْ التَّشَهُّدَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ قَوْلُهُ:(لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) أَيْ لِيَقَعَ السَّلَامُ فِي جَمَاعَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَارَقَهُ حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الشِّقُّ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِلِانْتِظَارِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ انْتِظَارَهُ فِي السُّجُودِ الثَّانِي اهـ سم قَوْلُهُ: (وَيَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ) فِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ. وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَقْنُتُ نَدْبًا إنْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ الْأَوَّلِ، وَجَوَازًا إنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ هَوِيِّهِ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ اهـ ق ل. وَيُفَارِقُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُمَا هُنَا اشْتَرَكَا فِي الِاعْتِدَالِ فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ الْمَأْمُومُ، ثُمَّ انْفَرَدَ بِالْجُلُوسِ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ جَلَسَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِرَاحَةِ لِأَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ هُنَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ اهـ م ر وحج وز ي قَوْلُهُ:(وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ) أَيْ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ لِأَنَّ شَأْنَهُ التَّحَمُّلُ شَرْحُ م ر قَوْلُهُ: (وَلَهُ فِرَاقُهُ لِيَقْنُتَ) وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ فَلَا
وَالْخَامِسُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ مُوَافَقَتُهُ فِي سُنَنٍ تَفْحُشُ مُخَالَفَتُهُ فِيهَا فِعْلًا وَتَرْكًا كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ، وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَا تَفْحُشُ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ.
وَالسَّادِسُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ تَبَعِيَّةُ إمَامِهِ بِأَنْ يُؤَخِّرَ تَحَرُّمَهُ عَنْ تَحَرُّمِ إمَامِهِ، فَإِنْ خَالَفَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ. وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ وَلَوْ غَيْرَ طَوِيلَيْنِ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَأَنْ لَا يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِهِمَا بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ خَالَفَ فِي السَّبْقِ أَوْ التَّخَلُّفِ بِهِمَا وَلَوْ غَيْرَ طَوِيلَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ بِلَا عُذْرٍ بِخِلَافِ سَبْقِهِ بِهِمَا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يُكْرَهُ لَكِنْ عَدَمُ الْمُفَارَقَةِ أَفْضَلُ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (فِعْلًا) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ مُوَافَقَتُهُ عَلَى أَنَّهُ تَمْيِيزٌ قَوْلُهُ: (كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ) أَيْ كَأَنْ سَجَدَ الْمَأْمُومُ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بَعْدَ تَرْكِ الْإِمَامِ لَهُمَا، فَإِنْ فَعَلَ الْمَأْمُومُ ذَلِكَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا. وَقَوْلُهُ: تَرْكًا كَأَنْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ بَعْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ لَهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا سُنَّ لَهُ الْعَوْدُ، وَإِنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ رَاجِعٌ لِلتَّشَهُّدِ فَقَطْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَأَمَّا إذَا تَرَكَ الْمَأْمُومُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ مَعَ الْإِمَامِ فَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا فَلَا قَوْلُهُ:(وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ) أَيْ أَصْلُهُ، وَأَمَّا إتْمَامُهُ فَلَا يَضُرُّ التَّخَلُّفُ لَهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّبَعِيَّةِ. وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ إنَّ تَخَلُّفَهُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ هُوَ الْأَوْجَهُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ مَمْنُوعٌ اهـ. قَالَ أج: وَحِينَئِذٍ إذَا كَمَّلَ تَشَهُّدَهُ وَأَدْرَكَ زَمَنًا خَلْفَ الْإِمَامِ لَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَيُغْتَفَرُ لَهُ التَّخَلُّفُ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ أهـ.
قَوْلُهُ: (تَبَعِيَّةُ) تَعْبِيره بِالتَّبَعِيَّةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ بِالْمُتَابَعَةِ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِذَا عَبَّرَ بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمِنْهَاجِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُ) أَيْ يَقِينًا، وَالْمُرَادُ أَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ تَحَرُّمِهِ عَنْ انْتِهَاءِ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ، أَيْ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ جَمِيعُ تَحَرُّمِهِ عَنْ جَمِيعِ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ، فَلَوْ قَارَنَهُ فِي حَرْفٍ مِنْ التَّكْبِيرِ لَمْ تَنْعَقِدْ. وَمَحَلُّ هَذَا الشَّرْطِ فِيمَا إذَا نَوَى الْمَأْمُومُ الِاقْتِدَاءَ مَعَ تَحَرُّمِهِ، أَمَّا لَوْ نَوَاهُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ أَيْ الْمَأْمُومُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ تَحَرُّمِهِ بَلْ يَصِحُّ تَقَدُّمُهُ عَلَى تَحَرُّمِ الْإِمَامِ الَّذِي اقْتَدَى بِهِ فِي الْأَثْنَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَبَّرَ عَقِبَ تَكْبِيرِهِ ثُمَّ كَبَّرَ إمَامُهُ ثَانِيًا خِفْيَةً لِشَكِّهِ فِي تَكْبِيرِهِ مَثَلًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ فُرَادَى كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ:(فَإِنْ خَالَفَهُ) أَيْ التَّبَعِيَّةُ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهَا بِالْحُكْمِ، أَوْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلتَّأَخُّرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: يَتَأَخَّرُ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ خَالَفَهُ بِأَنْ سَبَقَ أَوْ قَارَنَ أَوْ شَكَّ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَيْرَ طَوِيلَيْنِ) أَيْ طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ لِأَنَّ الْقَصِيرَيْنِ لَا يَتَصَوَّرَانِ ح ل فَفِيهِ تَغْلِيبٌ، وَتَوَالِي فِعْلَيْنِ طَوِيلَيْنِ مُمْكِنٌ كَالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْقِيَامِ كَأَنْ سَجَدَ الْمَأْمُومُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ وَقَامَ، وَالْإِمَامُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَجُلُوسُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لِأَنَّ السَّبْقَ وَالتَّخَلُّفَ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا اهـ اط ف.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِهِمَا بِلَا عُذْرٍ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ بِمَا لَا يُبْطِلُهُ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِلتِّلَاوَةِ وَفَرَغَ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ، وَإِنْ لَحِقَهُ أَيْ أَتَى بِهِ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَمَّا لَمْ يَفُتْ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الرُّكْنَ يَفُوتُ بِانْتِقَالِ الْمَأْمُومِ عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ عَامِدًا عَالِمًا، وَهُنَا بِمَا ذُكِرَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَعَمُّ مِنْ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ كَبُطْءِ الْقِرَاءَةِ وَالزَّحْمَةِ. وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَبْقِهِ بِهِمَا نَاسِيًا مُحْتَرَزُ عَامِدًا عَالِمًا وَتَأْخِيرُهُ إلَى هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ فَسَّرَ التَّبَعِيَّةَ بِعَدَمِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، فَجَعَلَ عَدَمَ التَّخَلُّفِ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِ التَّبَعِيَّةِ فَجَمْعُ مَفْهُومِ الْقَيْدَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَفْرِيقِهِ لِيَكُونَ بَيَانُ الْمَفْهُومِ بَعْدَ
بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فَيَأْتِي بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ بِرَكْعَةٍ وَبِخِلَافِ سَبْقِهِ بِرُكْنٍ كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ، وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ أَوْ ابْتَدَأَ رَفْعَ الِاعْتِدَالِ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ لَكِنَّهُ فِي الْفِعْلِيِّ بِلَا عُذْرٍ حَرَامٌ، وَبِخِلَافِ سَبْقِهِ بِرُكْنَيْنِ غَيْرِ فِعْلِيَّيْنِ كَقِرَاءَةٍ وَرُكُوعٍ أَوْ تَشَهُّدٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَحْقِيقِ الْمَنْطُوقِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَيْرَ طَوِيلَيْنِ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ التَّخَلُّفُ بِهِمَا. أَمَّا غَايَةُ السَّبْقِ فَتَقَدَّمَتْ قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) كَأَنْ هَوَى لِلسُّجُودِ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ لِلْقِرَاءَةِ، أَوْ هَوَى إمَامُهُ لِلسُّجُودِ وَهُوَ قَائِمٌ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ عَامِدًا عَالِمًا. وَعِبَارَةُ م ر: كَأَنْ هَوَى لِلسُّجُودِ أَيْ وَزَالَ عَنْ حَدِّ الْقَائِمِ فِي الْأَوْجَهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْقِيَامِ حِينَئِذٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ. وَقَدْ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ هَوَى لِلسُّجُودِ اهـ. وَقَوْلُهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. اهـ. ع ش قَوْلُهُ: (لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ بِلَا عُذْرٍ) رَاجِعٌ لِلسَّبْقِ وَالتَّخَلُّفِ، وَالْعُذْرُ فِي السَّبْقِ أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَفِي التَّخَلُّفِ ذَلِكَ وَزِيَادَةٌ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْعُذْرُ إلَخْ. وَحِينَئِذٍ هَلَّا جَعَلَ قَوْلَهُ فِي الْمَتْنِ بِلَا عُذْرٍ رَاجِعًا لِلسَّبْقِ وَالتَّخَلُّفِ، وَيُسْقِطُ قَوْلَهُ عَامِدًا عَالِمًا. وَيَقُولُ: وَالْعُذْرُ فِي الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ عَامِدًا عَالِمًا، وَفِي الثَّانِي كَأَنْ أَسْرَعَ إلَخْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعُذْرُ فِي التَّخَلُّفِ أَعَمَّ مِنْ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِخِلَافِهِ فِي السَّبْقِ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمَا فَصَلَ كُلًّا عَنْ الْآخَرِ بِقَيْدِهِ قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ سَبْقِهِ بِهِمَا نَاسِيًا) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ، أَعْنِي قَوْلَهُ وَبِخِلَافِ سَبْقِهِ بِرُكْنٍ لِيَكُونَ الْإِخْرَاجُ مُرَتَّبًا، وَكَانَ الْأَوْلَى أَيْضًا تَقْدِيمَ مُحْتَرَزِ عَدَمِ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِهِمَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَصَوَّرَهَا بِشَيْئَيْنِ وَهُمَا أَنْ لَا يَسْبِقَهُ وَأَنْ لَا يَتَخَلَّفَ، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْمُحْتَرَزِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْغَيْرِ الْمُرَتَّبِ قَالَ بَعْضُهُمْ: سَيَأْتِي فِي الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ أَنَّ النِّسْيَانَ وَالْجَهْلَ يُبَاحُ فِيهِمَا التَّخَلُّفُ بِأَكْثَرَ مِنْ رُكْنَيْنِ، فَهَلْ يُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا أَوْ لَا لِأَنَّ السَّبْقَ أَفْحَشُ فِي الْمُخَالَفَةِ وَحِينَئِذٍ إذَا اسْتَمَرَّ نِسْيَانُهُ أَوْ جَهْلُهُ حَتَّى شَرَعَ فِي رُكْنٍ ثَالِثٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا. قَوْلُهُ:(لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ) أَيْ مَا لَمْ يُعِدْ بَعْدَ التَّذَكُّرِ أَوْ التَّعَلُّمِ، وَيَأْتِي بِهِمَا مَعَ الْإِمَامِ. اهـ. شَوْبَرِيُّ بِخِلَافِ التَّأَخُّرِ بِهِمَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ حُسْبَانَ الرَّكْعَةِ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْإِمَامِ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْعَوْدِ عِنْدَ التَّذَكُّرِ وَالتَّعَلُّمِ اهـ قَوْلُهُ:(وَبِخِلَافِ سَبْقِهِ بِرُكْنٍ) وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَقِيلَ تَبْطُلُ بِالسَّبْقِ بِرُكْنٍ تَامٍّ فِي الْعَمْدِ وَالْعِلْمِ لِمُنَاقَضَةِ الِاقْتِدَاءِ بِخِلَافِ التَّخَلُّفِ إذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فُحْشُ مُخَالَفَةٍ قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ إلَخْ. لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْدُ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْتَدِ رَفْعَ الِاعْتِدَالِ بَلْ اسْتَمَرَّ رَاكِعًا لَمَّا وَصَلَهُ الْإِمَامُ لَا يُقَالُ: إنَّهُ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ إلَّا إذَا انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ كَالِاعْتِدَالِ، أَوْ أَعَادَ لِلْإِمَامِ وَمَا دَامَ مُتَلَبِّسًا بِالرُّكْنِ لَا يُقَالُ سَبَقَ بِهِ بَلْ يُقَالُ سَبَقَهُ بِبَعْضِ رُكْنٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَالْحَفْنَاوِيُّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: الْمُرَادُ بِسَبْقِهِ بِرُكْنٍ انْتِقَالُهُ عَنْهُ لَا الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ مِنْهُ اهـ. وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْغَايَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ سَوَاءً عَادَ إلَيْهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءً ابْتَدَأَ رَفْعَ الِاعْتِدَالِ أَوْ لَا، فَتَصْدُقُ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ فِي الرُّكُوعِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَسْبِقْ بِرُكْنٍ بَلْ بَعْضِهِ. وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قُلْت: مَا مُفَادُ هَذِهِ الْغَايَةِ؟ قُلْت: الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ عَامٌّ، وَلَوْ تَمَّ الرُّكْنُ بِنَحْوِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ وَإِلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِالرُّكْنِ الْآخَرِ كَمَا صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ لَا قَوْلُهُ:(أَوْ ابْتَدَأَ رَفْعَ الِاعْتِدَالِ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ) لَا يُخْفَى أَنَّ هَذِهِ صُورَةُ مَا قَبْلَ الْغَايَةِ، وَفِي كَوْنِ هَذَا سَبْقًا بِرُكْنٍ نَظَرٌ بَلْ هُوَ سَبْقٌ بِبَعْضِ رُكْنٍ وَلَا يَتَحَقَّقُ السَّبْقُ بِهِ إلَّا إنْ شَرَعَ فِي الِاعْتِدَالِ، وَحِينَئِذٍ يُسَنُّ الْعَوْدُ إنْ تَعَمَّدَ مَا ذُكِرَ وَيُخَيَّرُ إنْ كَانَ سَاهِيًا وَعِبَارَةُ ق ل. هَذَا هُوَ السَّبْقُ بِرُكْنٍ وَهُوَ الَّذِي فِي كَلَامِهِ، فَإِنْ اعْتَدَلَ فَهُوَ سَبْقٌ بِرُكْنٍ وَبَعْضُ رُكْنٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ فِي الْفِعْلِيِّ) وَكَذَا بَعْضُهُ كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى الْحُرْمَةِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ» وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَيْ يَجْعَلُ اللَّهُ رَأْسَهُ عَلَى صُورَةِ رَأْسِ الْحِمَارِ، وَيَبْقَى بَدَنُهُ بَدَنَ إنْسَانٍ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ أَيْ يَمْسَخَ صُورَتَهُ كُلَّهَا فَيَجْعَلُ جَمِيعَ بَدَنِهِ بَدَنَ حِمَارٍ، وَيَجْعَلُ صُورَتَهُ وَرَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ الْمَسْخِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهُ وَالْمَسْخُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا تَجِبُ إعَادَةُ ذَلِكَ، وَبِخِلَافِ تَخَلُّفِهِ بِفِعْلِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ بِفِعْلِيَّيْنِ بِعُذْرٍ كَأَنْ ابْتَدَأَ إمَامُهُ هُوِيَّ السُّجُودِ وَهُوَ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ، وَالسَّبْقُ بِهِمَا يُقَاسُ بِالتَّخَلُّفِ بِهِمَا وَبِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ لَكِنَّهَا فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَهَلْ هِيَ مُفَوِّتَةٌ لِمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ أَوْ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا ثَوَابُ الصَّلَاةِ فَلَا يَفُوتُ بِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا صَلَّى بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ فَالْمَكْرُوهُ أَوْلَى، وَالْعُذْرُ لِلتَّخَلُّفِ كَأَنْ أَسْرَعَ إمَامٌ قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ مُوَافِقٍ لَهُ الْفَاتِحَةَ وَهُوَ بَطِيءُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة: 60] اهـ. ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: لَكِنَّهُ فِي الْفِعْلِيِّ أَيْ لَكِنَّ السَّبَقَ فِي الْفِعْلِيِّ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ الْمَصْدَرِ قَوْلُهُ: (حَرَامٌ) أَيْ مِنْ الْكَبَائِرِ. اهـ. ع ش وَالسَّبْقُ بِبَعْضِ رُكْنٍ مِنْ الصَّغَائِرِ قَوْلُهُ: (هُوِيَّ السُّجُودِ) أَيْ وَزَالَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ فِي الْأَوْجَهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْقِيَامِ حِينَئِذٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ، أَيْ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ عَدَمُ الضَّرَرِ وَقَدْ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ هُوِيَّ السُّجُودِ شَرْحُ م ر قَوْلُهُ:(يُقَاسُ بِالتَّخَلُّفِ بِهِمَا) أَيْ فِي التَّصْوِيرِ بِأَنْ فَرَغَ مِنْهُمَا وَالْإِمَامُ فِيمَا قَبْلَهُمَا ح ل بِأَنْ ابْتَدَأَ الْمَأْمُومُ هُوِيَّ السُّجُودِ وَإِمَامُهُ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ) أَيْ فَتَضُرُّ فِيهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا حَتَّى لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ أَوْ ظَنَّ التَّأَخُّرَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ اهـ أج قَوْلُهُ: (لَكِنَّهَا فِي الْأَفْعَالِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: حَرَامٌ مُبْطِلَةٌ أَيْ مَانِعَةٌ مِنْ الِانْعِقَادِ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَمَنْدُوبَةٌ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي التَّأْمِينِ، وَمَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ الْعَمْدِ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي الْأَفْعَالِ وَالسَّلَامِ، وَمُبَاحَةٌ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَوَاجِبَةٌ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يُدْرِكْهَا.
قَوْلُهُ: (الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) مُعْتَمَدٌ فَإِذَا قَارَنَهُ فِي الرُّكُوعِ فَاتَهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ رُكُوعًا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَالَ ق ل: وَالْمُقَارَنَةُ فِي أَقْوَالٍ يُطْلَبُ التَّأْخِيرُ فِيهَا كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (كَأَنْ أَسْرَعَ) الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ الِاعْتِدَالُ، فَإِطْلَاقُ الْإِسْرَاعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُطْءِ الْحَاصِلِ لِلْمَأْمُومِ، وَأَمَّا لَوْ أَسْرَعَ الْإِمَامُ حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الْمَأْمُومُ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ لِلْمُعْتَدِلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَيَتْرُكَهَا لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا وَلَوْ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ ع ش عَلَى م ر وَق ل. قَوْلُهُ:(قَبْلَ إتْمَامِ مُوَافِقٍ لَهُ) وَالْمُوَافِقُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ، وَكَذَا مَنْ شَكَّ هَلْ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر. قَالَ حَجّ: لَكِنْ لَا يُدْرِكُ أَعْنِي الشَّاكَّ الرَّكْعَةَ إلَّا إذَا أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: عَدَمُ إدْرَاكِهَا، وَعَدَمُ تَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا. فَرَجَّحْنَا الثَّانِيَ احْتِيَاطًا، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ م ر أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ وَيَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ فَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الْإِمَامِ رُخْصَةٌ وَالرُّخْصَةُ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ اهـ أج.
وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي يُغْتَفَرُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، أَنْ يَكُونَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ لِعَجْزٍ خَلْقِيٍّ لَا لِوَسْوَسَةٍ وَالْإِمَامُ مُعْتَدِلُهَا، أَوْ عَلِمَ أَوْ شَكَّ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَبَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ، أَوْ انْتَظَرَ سَكْتَةَ الْإِمَامِ لِقِرَاءَتِهِ السُّورَةِ فَرَكَعَ أَعْنِي الْإِمَامَ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ، أَوْ كَانَ مُوَافِقًا وَاشْتَغَلَ بِسُنَّةٍ كَدُعَاءِ افْتِتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ، أَوْ طَوَّلَ السَّجْدَةَ الْأَخِيرَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ كَمَّلَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَوْ نَامَ فِيهِ مُتَمَكِّنًا أَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ مَسْبُوقٌ أَوْ مُوَافِقٌ، أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ سَمِعَ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَظَنَّهَا تَكْبِيرَةَ التَّشَهُّدِ فَإِذَا هِيَ تَكْبِيرَةُ قِيَامٍ فَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَامَ فَرَأَى الْإِمَامَ رَاكِعًا اهـ. وَذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْضَهَا كَمَا تَرَى. وَقَدْ نَظَمَهَا شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ بِقَوْلِهِ:
إنْ رُمْتَ ضَبْطًا لِلَّذِي شُرِعَا عُذْرٌ
…
حَتَّى لَهُ ثَلَاثُ أَرْكَانٍ غُفِرَ
مَنْ فِي قِرَاءَةٍ لِعَجْزِهِ بَطِيٌّ
…
أَوْ شَكَّ أَنْ قَرَا وَمَنْ لَهَا نَسِي
الْقِرَاءَةِ فَيُتِمُّهَا وَيَسْعَى خَلْفَهُ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، فَإِنْ سَبَقَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْفَاتِحَةِ إلَّا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ عَنْ السُّجُودِ أَوْ جَالِسٌ لِلتَّشَهُّدِ تَبِعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ تَدَارَكَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ مَا فَاتَهُ كَمَسْبُوقٍ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا الْمُوَافِقُ لِشُغْلِهِ بِسُنَّةٍ كَدُعَاءِ افْتِتَاحٍ فَمَعْذُورٌ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ كَمَأْمُومٍ عَلِمَ أَوْ شَكَّ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَبَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ فَيَقْرَؤُهَا وَيَسْعَى خَلْفَهُ كَمَا مَرَّ فِي بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ بَعْدَ رُكُوعِهِمَا لَمْ يَعْدُ إلَى مَحَلِّ قِرَاءَتِهَا لِيَقْرَأَهَا فِيهِ لِفَوْتِهِ بَلْ يَتْبَعُ إمَامَهُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَسْبُوقٍ. وَسُنَّ لِمَسْبُوقٍ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ بِسُنَّةٍ كَتَعَوُّذٍ بَلْ بِالْفَاتِحَةِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ إدْرَاكَهَا مَعَ اشْتِغَالِهِ بِالسُّنَّةِ، وَإِذَا رَكَعَ إمَامُهُ وَلَمْ يَقْرَأْ الْمَسْبُوقُ الْفَاتِحَةَ فَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِسُنَّةٍ تَبِعَهُ وُجُوبًا فِي الرُّكُوعِ وَأَجْزَأَهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِسُنَّةٍ قَرَأَ وُجُوبًا بِقَدْرِهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ لِتَقْصِيرِهِ بِعُدُولِهِ عَنْ فَرْضٍ إلَى سُنَّةٍ سَوَاءٌ أَقَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْفَاتِحَةِ أَمْ لَا، فَإِنْ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَضِفْ مُوَافِقًا لِسُنَّةِ عَدَلَ
…
وَمَنْ لِسَكْتَةٍ انْتِظَارُهُ حَصَلَ
مَنْ نَامَ فِي تَشَهُّدٍ أَوْ اخْتَلَطَ
…
عَلَيْهِ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ مَا انْضَبَطَ
كَذَا الَّذِي يُكْمِلُ التَّشَهُّدَا
…
بَعْدَ إمَامٍ قَامَ مِنْهُ قَاصِدَا
وَالْخُلْفُ فِي أَوَاخِرِ الْمَسَائِلِ
…
مُحَقَّقٌ فَلَا تَكُنْ بِغَافِلِ
وَإِنْ سَهَا فِي سَجْدَةٍ عَنْ اقْتِدَا
…
فَفَاتَهُ إلَى الرُّكُوعِ فَاهْتَدَى
وَمَنْ يَشُكُّ فِي الزَّمَانِ هَلْ يَسَعْ
…
أُمَّ الْكِتَابِ بَلْ قَرَأَ فَلَا رَكَعْ
وَمَنْ يَرَى تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ
…
عَنْ سَجْدَةٍ مِنْ رَكْعَةِ الْإِمَامِ
مُضَافَةً لِجِلْسَةِ التَّشَهُّدِ
…
وَلَمْ يُصِبْ حِينَ الْجُلُوسِ يَبْتَدِي
فَذَا مِنْ الْأَعْذَارِ فِي التَّخَلُّفِ
…
لِأُمِّ قُرْآنٍ بِهَا حَتْمًا يَفِي
قَوْلُهُ: (وَيَسْعَى خَلْفَهُ) أَيْ عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ قَوْلُهُ: (طَوِيلَةٍ) فَلَا يُعَدُّ مِنْهَا الِاعْتِدَالُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ) أَيْ الْمَأْمُومُ مِنْ الْفَاتِحَةِ إلَخْ. أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْثَرِ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِالثَّلَاثَةِ وَالْإِمَامُ مُتَلَبِّسٌ بِالرَّابِعِ، فَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ لَمْ يَرْكَعْ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ لِلْقِرَاءَةِ فَقَدْ تَلَبَّسَ بِالرَّابِعِ لِأَنَّهُ سَبَقَ بِالرُّكُوعِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَمَا هُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ وَهُوَ الْقِيَامُ. قَالَ م ر: فَلَوْ كَانَ السَّبْقُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ وَالْإِمَامُ فِي الْخَامِسِ كَأَنْ تَخَلَّفَ بِالرُّكُوعِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَالْقِيَامِ وَالْإِمَامُ حِينَئِذٍ فِي الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ أج قَوْلُهُ: (قَائِمٌ عَنْ السُّجُودِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى مَحَلِّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا فِي م ر، فَلَوْ سَكَتَ عَنْ لَفْظِ السُّجُودِ لَكَانَ أَوْلَى ق ل. فَلَا عِبْرَةَ بِشُرُوعِهِ فِي الِانْتِصَابِ لِلْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي أَحَدِهِمَا إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَبَقَ بِأَكْثَرَ إلَّا حِينَئِذٍ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مُقَدِّمَةٌ لِلرُّكْنِ لَا مِنْهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ شَوْبَرِيُّ قَوْلُهُ:(تَبِعَهُ) اعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ امْتَنَعَ الْمَشْيُ عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ فَمَشَى بَطَلَتْ إنْ تَعَمَّدَ وَعَلِمَ التَّحْرِيمَ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ لَا اعْتِدَادَ بِمَا أَتَى بِهِ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (الْمُوَافِقُ) وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا وَضِدُّهُ الْمَسْبُوقُ. اهـ. ق ل قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْدُ إلَى مَحَلِّ قِرَاءَتِهَا) فَإِنْ عَادَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ: (لِمَسْبُوقٍ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ اهـ شَوْبَرِيُّ قَوْلُهُ: (كَتَعَوُّذٍ) أَيْ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِشَيْءٍ بِأَنْ سَكَتَ زَمَنًا بَعْدَ تَحَرُّمِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَظُنَّ إدْرَاكَهَا) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ مَسْبُوقًا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، أَوْ يُقَالَ إنَّهُ ظَنَّ إدْرَاكَهَا مَعَ الْإِسْرَاعِ. وَعِبَارَةُ أج قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظُنَّ إدْرَاكَهَا إلَخْ بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ حَالُهُ أَوْ ظَنَّ مِنْهُ الْإِسْرَاعَ وَأَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا مَعَهُ فَيَبْدَأُ بِالْفَاتِحَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ) فَلَوْ تَخَلَّفَ لِقِرَاءَتِهَا حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْ الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا تَخَلَّفَ بِرُكْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. اهـ. شَوْبَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (قَرَأَ وُجُوبًا بِقَدْرِهَا) ثُمَّ إنْ فَرَغَ مِمَّا لَزِمَهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ رَكَعَ