الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي نُهُوضِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فِيمَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ، فَلَوْ قَرَأَ فِيهِ شَيْئًا أَعَادَهُ، وَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي هُوِيِّ الْعَاجِزِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَجَبَ الْقِيَامُ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ لِيَرْكَعَ مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطُّمَأْنِينَةُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ ارْتَفَعَ لَهَا إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ عَنْ قِيَامٍ، فَإِنْ انْتَصَبَ ثُمَّ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ، وَلَوْ قَدَرَ فِي الِاعْتِدَالِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ وَاطْمَأَنَّ وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَرَادَ قُنُوتًا فِي مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ. وَقَضِيَّةُ الْمُعَلِّلِ جَوَازُ الْقِيَامِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ، فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. فَائِدَةٌ: سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ رَجُلٍ يَتَّقِي الشُّبُهَاتِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَأْكُولٍ يَسُدُّ الرَّمَقَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ فَضَعُفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْقِيَامِ فِي الْفَرَائِضِ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي وَرَعٍ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى.
فَصْلٌ: فِي سُجُودِ السَّهْوِ
فِي الصَّلَاةِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
يُصَلِّي مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا قَوْلُهُ: (وَلَا تُجْزِئُهُ قِرَاءَتُهُ فِي نُهُوضِهِ) أَيْ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ مَعَ الْعَجْزِ وَكَذَا فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ. فَإِنْ قُلْت: يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالنَّفْلِ فِي نُهُوضِهِ قَاعِدًا صَحَّ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَرَّطَ نَفْسَهُ بِالْقِيَامِ فِيهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِحْرَامِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي هُوِيِّ الْعَاجِزِ) أَيْ إذَا كَانَ يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ وَعَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ مَثَلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَهُوَ هَاوٍ لِلْقُعُودِ قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِيَامُ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ اطْمَأَنَّ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِيهِ لَا يَضُرُّ م ر. وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ إلَخْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَوْ اطْمَأَنَّ وَأَعَادَ الْفَاتِحَةَ كَانَ أَكْمَلَ، وَلَوْ تَرَكَ الْقِيَامَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا تَبْطُلُ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَكِنْ لَا تُحْسَبُ هَذِهِ الرَّكْعَةُ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ فِيهَا. وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ تَرَكَ فِيهِ وَاجِبًا لَزِمَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ) أَيْ الْقِيَامُ غَيْرُ مَقْصُودٍ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقِيَامِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ قَوْلُهُ:(فَإِنْ انْتَصَبَ ثُمَّ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ) تَعْبِيرُهُ بِلَا يَلْزَمُهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا انْتَقَلَ مُنْحَنِيًا بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَقَلَ مُنْتَصِبًا لِيَرْكَعَ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ رُكُوعٍ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ الْجَوَازَ وَالْمَجْمُوعِ الْمَنْعَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الِاعْتِدَالُ لِيَسْجُدَ مِنْهُ قَوْلُهُ:(فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِيَامُ لِلْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ مِنْ غَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَالْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ الْقِيَامُ لِيَرْكَعَ مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) وَهُوَ أَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَوْجَهُ) فِيهِ نَظَرٌ إنْ لَمْ يَطُلْ بَلْ وَإِنْ طَالَ لِأَنَّ اعْتِدَالَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهُ مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ ق ل. وَكَتَبَ أج عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ: وَهُوَ أَوْجَهُ مُعْتَمَدٍ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْبُطْلَانِ بِمَا إذَا طَالَ بِهِ الْجُلُوسُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ جِلْسَةٌ يَسِيرَةٌ بَيْنَ الِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ اهـ. حَجّ. اهـ. ز ي.
وَالْقُنُوتُ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ هُنَا لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ مَعَ الْعِلْمِ وَالْعَمْدِ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ اهـ اج.
[فَصْلٌ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]
ِ قَوْلُهُ: (فِي سُجُودِ السَّهْوِ) مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ أَيْ سُجُودٌ سَبَبُهُ السَّهْوُ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ عَمْدًا لِأَنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي جَبْرِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، وَالْمُرَادُ فِي أَسْبَابِهِ وَحُكْمِهِ وَمَحَلِّهِ.
وَأَسْبَابُهُ خَمْسَةٌ، أَحَدُهَا تَرْكُ بَعْضٍ. ثَانِيهَا: سَهْوُ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ فَقَطْ. ثَالِثُهَا: نَقْلٌ قَوْلِيٌّ غَيْرُ مُبْطِلٍ. رَابِعُهَا: الشَّكُّ فِي تَرْكِ
وَهُوَ لُغَةً نِسْيَانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَةُ عَنْهُ وَاصْطِلَاحًا الْغَفْلَةُ عَنْ شَيْءٍ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا سَيَأْتِي. وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ:(وَالْمَتْرُوكُ مِنْ الصَّلَاةِ) فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) وَهِيَ (فَرْضٌ وَسُنَّةٌ) أَيْ بَعْضٌ (وَهَيْئَةٌ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهَا (فَالْفَرْضُ) الْمَتْرُوكُ سَهْوًا (لَا يَنُوبُ) أَيْ لَا يَقُومُ (عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ) وَلَا غَيْرُهُ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ (بَلْ) حُكْمُهُ أَنَّهُ (إنْ ذَكَرَهُ) قَبْلَ سَلَامِهِ أَتَى بِهِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ لَا تَتِمُّ بِدُونِهِ، وَقَدْ يُشْرَعُ مَعَ الْإِتْيَانِ بِهِ السُّجُودُ كَأَنْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ سَهْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّ مَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ، وَقَدْ لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِتَدَارُكِهِ بِأَنْ لَا تَحْصُلَ زِيَادَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ فَتَذَكَّرَهُ عَنْ قُرْبٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بَعْضِ مُعَيَّنٍ هَلْ فَعَلَهُ أَمْ لَا؟ خَامِسُهَا: إيقَاعُ الْفِعْلِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهِ. وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يُعْلَمْ فِي أَيِّ وَقْتٍ شُرِعَ، وَشُرِعَ سُجُودُ السَّهْوِ لِجَبْرِ الْخَلَلِ تَارَةً كَأَنْ سَهَا بِتَرْكِ بَعْضٍ مِنْ الْأَبْعَاضِ وَإِرْغَامًا لِلشَّيْطَانِ أُخْرَى كَأَنْ تَرَكَ بَعْضًا مِنْ الْأَبْعَاضِ عَمْدًا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ أَيْ جَبْرُ الْخَلَلِ وَاطَلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلثَّانِي أَيْ إرْغَامِ الشَّيْطَانِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ م ر قَوْلُهُ:(وَالْغَفْلَةُ عَنْهُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ وَقَالَ الشَّيْخُ الْمَدَابِغِيُّ: عَطْفٌ عَامٌّ لِأَنَّ الْغَفْلَةَ تَشْمَلُ النِّسْيَانَ وَالسَّهْوَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ السَّهْوَ وَالنِّسْيَانَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي اللُّغَةِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْغَفْلَةُ غَيْبَةُ الشَّيْءِ عَنْ بَالِ الْإِنْسَانِ وَعَدَمِ تَذَكُّرِهِ لَهُ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَنْ تَرَكَهُ إهْمَالًا وَإِعْرَاضًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1] قَوْلُهُ وَاصْطِلَاحًا الْغَفْلَةُ عَنْ شَيْءٍ عِبَارَةٌ الْمَدَابِغِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَشَرْعًا نِسْيَانُ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِ النِّسْيَانِ الْمَذْكُورِ فَسَقَطَ بِقَوْلِنَا أَوْ مَا هُوَ إلَخْ الِاعْتِرَاضُ عَلَى التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ إذْ لَا يَشْمَلُ سَهْوَ مَا يَبْطُلُ عَمْدُهُ فَقَطْ كَتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ وَكَقَلِيلِ كَلَامٍ وَأَكْلٍ وَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ سَهْوًا وَإِنَّمَا أُضِيفَ السُّجُودُ إلَى السَّهْوِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الْخَلَلُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْعَاقِلِ إلَّا عَنْ سَهْوٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَسْجُدُ لِلْعَمْدِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. .
قَوْلُهُ: (فِي الصَّلَاة) أَيْ مَا عَدَا صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، فَلَا يُشْرَعُ فِيهَا سُجُودُ سَهْوٍ بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِيهِمَا لِلسَّهْوِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي. وَلَا مَانِعَ مِنْ جَبْرِ الشَّيْءِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. اهـ. ح ل. وَفِي الرَّحْمَانِيِّ مَا نَصُّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لَا يَدْخُلُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ يَدْخُلُهُمَا سُجُودُ السَّهْوِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُ يُعِيدُهُ إنْ كَانَ رَفَعَ، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ إلَى الْآنَ فِي مَحَلِّهِ. فَإِنْ قُلْت: يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْءَ يُجْبَرُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. قُلْت: لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ عَهْدٌ فِي تَرْكِ نَحْوِ كَلِمَةٍ مِنْ الْقُنُوتِ وَإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ فَإِنَّهُ صَوْمُ سِتِّينَ يَوْمًا لِعَاجِزٍ عَنْ الْعِتْقِ. وَعَلَى هَذَا يُلْغَزُ: فَيُقَالُ لَنَا جَابِرٌ أَكْثَرُ مِنْ أَصْلِهِ فَإِنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَسُجُودَ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ الْأَبْعَاضِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ نَحْوِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّهُ فِيهَا لَا مِنْهَا ق ل وَكَذَا قُنُوتُ النَّازِلَةِ فَلَا سُجُودَ لِتَرْكِهِمَا قَوْلُهُ:(أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ) لَعَلَّهُ أَدْخَلَ فِيهِ نَقْلَ الْمَطْلُوبِ الْقَوْلِيِّ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَرَاجِعْهُ ق ل قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِالشَّكِّ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلثَّانِي يُقَيَّدُ بِمَا إذَا احْتَمَلَ الْفِعْلُ الزِّيَادَةَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِذَا شَكَّ فِي عَدَدٍ إلَخْ وَيَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ تَكَلَّمَ قَلِيلًا نَاسِيًا أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ، وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالشَّكِّ يَرْجِعُ لِلْأَمْرَيْنِ التَّرْكِ وَالْفِعْلِ فَالْأَوَّلُ كَشَكِّهِ هَلْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَثَلًا أَمْ لَا؟ وَالثَّانِي بِأَنْ فَعَلَ فِعْلًا يُحْتَمَلُ زِيَادَتُهُ كَأَنْ رَأَى الْإِمَامَ رَاكِعًا فَاقْتَدَى بِهِ وَرَكَعَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَيُتِمُّ بِهِ صَلَاتَهُ أَوْ لَا فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ نَدْبًا وَهَذِهِ الرَّكْعَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلزِّيَادَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا هَكَذَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ لَا لِلشَّكِّ فِي فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَإِنْ أَبْطَلَ عَمْدَهُ كَكَلَامٍ قَلِيلٍ نَاسِيًا فَلَا يَسْجُدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ اهـ قَوْلُهُ:(وَلَا غَيْرُهُ) فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اكْتِفَاءٌ قَالَ ق ل: وَفِيهِ نَظَرٌ لِقِيَامِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ مَقَامَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرَاجِعْهُ، وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ قَوْلُهُ:(كَمَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ تَرْكُ الْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ كَأَنْ طَالَ وُقُوفُهُ أَوْ قُعُودُهُ،
وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِنْ مَوْضِعِهِ فَيُسَلِّمُ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ وَإِنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ (وَالزَّمَانُ قَرِيبٌ) وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً (أَتَى بِهِ) وُجُوبًا (وَبَنَى عَلَيْهِ) بَقِيَّةَ الصَّلَاةِ وَإِنْ تَكَلَّمَ قَلِيلًا وَاسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً اسْتَأْنَفَهَا، وَتُفَارِقُ هَذِهِ الْأُمُورُ وَطْءَ النَّجَاسَةِ بِاحْتِمَالِهَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِهِ وَقِصَرِهِ إلَى الْعُرْفِ. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْقِصَرُ بِالْقَدْرِ الَّذِي نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَالْمَنْقُولُ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ قَامَ وَمَضَى إلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وَرَاجَعَ ذَا الْيَدَيْنِ وَسَأَلَ الصَّحَابَةَ فَأَجَابُوهُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَقَالَ: (وَالْمَسْنُونُ) أَيْ الْبَعْضُ الْمَتْرُوكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (لَا يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِغَيْرِهِ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَظَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَالتَّشَهُّدَ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ التَّرْكَ وَأَتَى بِالْمَتْرُوكِ قَوْلُهُ: (عَنْ قُرْبٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ الْإِتْيَانُ بِهِ مُطْلَقًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ سُكُوتٌ طَوِيلٌ وَتَعَمُّدُهُ لَا يَضُرُّ أج. فَقَوْلُهُ: عَنْ قُرْبٍ لَيْسَ قَيْدًا.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً) أَوْ وَطِئَهَا وَفَارَقَهَا حَالًا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ تَطْرَأْ نَجَاسَةٌ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُحْتَرِزِ الْأُولَى، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً أَيْ رَطْبَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا بِأَنْ لَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً أَصْلًا أَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً جَافَّةً وَفَارَقَهَا حَالًا، أَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا. وَيُزَادُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً وَلَمْ يَتَكَلَّمْ كَثِيرًا وَلَمْ يَفْعَلْ مُبْطِلًا كَثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ قَوْلُهُ:(أَتَى بِهِ) أَيْ فَوْرًا أَيْ إنْ لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهُ وَإِلَّا قَامَ الْمَفْعُولُ مَقَامَ الْمَتْرُوكِ وَلَغَا مَا بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ بِدُونِ أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (أَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً) أَوْ أَتَى بِكَثِيرِ كَلَامٍ أَوْ فِعْلٍ سم قَوْلُهُ: (وَتُفَارِقُ هَذِهِ) أَيْ التَّكَلُّمَ قَلِيلًا وَاسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ: (بِاحْتِمَالِهَا) أَيْ هَذِهِ الْأُمُورِ قَوْلُهُ: (وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِهِ) أَيْ الْفَصْلِ قَوْلُهُ: (فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ) وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ بِمُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ فَرَاءٍ سَاكِنَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ فَقَافٍ وَوُصِفَ بِذِي الْيَدَيْنِ لِطُولِهِمَا حَقِيقَةً أَوْ بِالْإِعْطَاءِ عَاشَ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم زَمَانًا كَثِيرًا. وَخَبَرُهُ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم لَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ سَلَّمَ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُ ثُمَّ مَشَى إلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَاسْتَنَدَ إلَى خَشَبَةٍ فِي جَانِبِهِ كَالْغَضْبَانِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ لَهُ: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ: بَلْ بَعْضُ ذَلِكَ قَدْ كَانَ، فَالْتَفَتَ صلى الله عليه وسلم إلَى الصَّحَابَةِ وَقَالَ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَتَذَكَّرَ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ مُسْتَقْبِلًا وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ» . ق ل قَوْلُهُ: (وَرَاجَعَ ذَا الْيَدَيْنِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهُ بَلْ رَدَّ عَلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ السَّهْوَ وَالْإِغْمَاءَ غَيْرَ الطَّوِيلِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ جَائِزَانِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْجَائِزَةِ عَلَيْهِمْ، لَكِنْ لَيْسَ كَإِغْمَاءِ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتُرُ مِنْهُمْ حَوَاسَّهُمْ الظَّاهِرَةَ دُونَ قُلُوبِهِمْ. وَلِذَا قُيِّدَ بِغَيْرِ الطَّوِيلِ لِأَنَّهَا إذَا عُصِمَتْ عَنْ النَّوْمِ فَالْإِغْمَاءُ أَوْلَى، وَمَا فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ نِسْبَةِ النِّسْيَانِ إلَيْهِمْ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَكَذَا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، فَالْمُرَادُ بِالنِّسْيَانِ فِيهِ السَّهْوُ لِأَنَّ نِسْبَةَ النِّسْيَانِ إلَيْهِمْ نَقْصٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ أَنَّ السَّهْوَ زَوَالُ صُورَةِ الشَّيْءِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ، وَالنِّسْيَانَ زَوَالُ صُورَةِ الشَّيْءِ عَنْهُمَا مَعًا فَيَحْتَاجُ حُصُولُهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَوَاسَّ عَشْرَةٌ خَمْسَةٌ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ وَاللَّمْسُ، وَخَمْسَةٌ بَاطِنَةٌ اثْنَانِ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَهُمَا الْحِسُّ الْمُشْتَرَكُ الْمُدْرِكُ لِلْمَحْسُوسَاتِ وَخِزَانَتُهُ الْخَيَالُ، وَاثْنَانِ فِي مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ وَهُمَا الْوَاهِمَةُ وَالْحَافِظَةُ خِزَانَتُهَا، وَالْخَامِسَةُ الْمُفَكِّرَةُ وَهِيَ فِي وَسَطِ الرَّأْسِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِغَيْرِهِ) فِي نُسَخٍ بِالْفَرْضِ وَهِيَ أَوْلَى، وَيُشْتَرَطُ فِي الْفَرْضِ أَنْ يَكُونَ فِعْلِيًّا بِخِلَافِ قَطْعِ الْقَوْلِيِّ كَالْفَاتِحَةِ لِلتَّعَوُّذِ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَحْرُمُ. نَعَمْ لَا تَبْعُدُ الْكَرَاهَةُ انْتَهَى. قَالَهُ أج: وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا الِانْتِصَابُ قَائِمًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فِي تَرْكِ أَبْعَاضِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ السُّجُودِ بِوَضْعِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ عِنْدَ الشَّارِحِ كَمَا سَيَأْتِي، وَبَعْدَ التَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ عِنْدَ شَيْخِنَا فِي تَرْكِ أَبْعَاضِ الْقُنُوتِ ق ل. وَقَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا بِأَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ قَوْلُهُ: (بَعْدَ
كَأَنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ انْتِصَابِهِ تَرْكَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِأَنَّهُ تَلَبَّسَ بِفَرْضٍ فَلَا يَقْطَعُهُ لِسُنَّةٍ، فَإِنْ عَادَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ زَادَ قُعُودًا عَمْدًا وَإِنْ عَادَ لَهُ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا تَبْطُلُ لِعُذْرِهِ وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ (وَلَكِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) لِأَنَّهُ زَادَ جُلُوسًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَتَرَكَ التَّشَهُّدَ وَالْجُلُوسَ فِي مَوْضِعِهِ أَوْ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الْعَوْدِ فَكَذَا لَا تَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ كَالنَّاسِي لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ، وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ عِنْدَ الْعِلْمِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. تَنْبِيهٌ: هَذَا فِي الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ إمَامِهِ لِلتَّشَهُّدِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْقُنُوتَ فَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِيَقْنُتَ إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى. أُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يُحْدِثْ فِي تَخَلُّفِهِ وُقُوفًا وَهَذَا أَحْدَثَ فِيهِ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ، وَلَوْ قَعَدَ الْمَأْمُومُ فَانْتَصَبَ الْإِمَامُ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ قِيَامِ الْمَأْمُومِ حَرُمَ قُعُودُهُ مَعَهُ لِوُجُوبِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ بِانْتِصَابِ الْإِمَامِ، وَلَوْ انْتَصَبَا مَعًا ثُمَّ عَادَ لَمْ يَعُدْ الْمَأْمُومُ لِأَنَّهُ إمَّا مُخْطِئٌ بِهِ فَلَا يُوَافِقُهُ فِي الْخَطَأِ أَوْ عَامِدٌ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ بَلْ يُفَارِقُهُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ عَادَ نَاسِيًا، فَإِنْ عَادَ مَعَهُ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاته أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا، وَإِذَا انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ نَاسِيًا وَجَلَسَ إمَامُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ آكَدُ مِمَّا ذَكَرُوهُ وَمِنْ التَّلَبُّسِ بِالْفَرْضِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِهَا الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ عَنْ الْمَسْبُوقِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
انْتِصَابِهِ) الْمُرَادُ بِهِ وُصُولُهُ إلَى مَحَلٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا فِي م ر بِأَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَادَ لَهُ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ) اسْتَشْكَلَ عَوْدُهُ لِلتَّشَهُّدِ مَعَ نِسْيَانِهِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَوْدِهِ لِلتَّشَهُّدِ تَذَكُّرُ أَنَّهُ فِيهَا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَوْدِهِ لِلتَّشَهُّدِ عَوْدُهُ لِمَحَلِّهِ وَهُوَ مُمْكِنٌ مَعَ نِسْيَانِ أَنَّهُ فِيهَا، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي عَوْدِهِ لِلْقُنُوتِ نَاسِيًا كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.
قَوْلُهُ: (فِي مَوْضِعِهِ) أَفْرَدَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِاتِّحَادِ مَوْضِعِهِمَا أَوْ أَنَّهُ أَعَادَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (أَوْ جَاهِلًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا م ر. وَتَعْلِيلُ الشَّارِحِ الْآتِي يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، وَأَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ عَنْ النَّاسِي وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدًا لِلْخِلَافِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ عَدَمُ الْعَوْدِ لِلْبَعْضِ الْمَسْنُونِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْمَأْمُومُ إلَخْ) هَذَا لَا يَحْسُنُ مُقَابِلًا لِمَا قَبْلَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي الْمُقَابَلَةِ: وَأَمَّا الْمَأْمُومُ إذَا تَرَكَهُ أَيْ الْبَعْضَ الْمَسْنُونَ نَاسِيًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ قَوْلُهُ: (لِلتَّشَهُّدِ) أَيْ فِيمَا إذَا تَرَكَهُ إمَامُهُ قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا: إنْ قَصَدَ الْمُخَالَفَةَ وَشَرَعَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ ق ل. اهـ. مَدَابِغِيٌّ. فَقَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ إلَخْ) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ الْقُنُوتُ فِيمَا ذَكَرَهُ، وَيَجُوزُ بِلَا نَدْبٍ إنْ لَحِقَهُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهِ وَجَبَ تَرْكُهُ أَوْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ قَوْلُهُ:(أُجِيبَ إلَخْ) كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ أَحْدَثَ قِيَامَ قُنُوتٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ، فَإِنْ أَرَادُوا مُوَافَقَتَهُ فِي مُطْلَقِ الْقِيَامِ اقْتَضَى أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَجَلَسَ مَعَهُ الْمَأْمُومُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِالتَّخَلُّفِ، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ فَتَأَمَّلْ ق ل.
قَوْلُهُ: (جُلُوسُ تَشَهُّدٍ) هُوَ قَيْدٌ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ لَا يَكُونُ جُلُوسُهُ مُجَوِّزًا لِتَخَلُّفِ الْمَأْمُومِ عَنْهُ لِلتَّشَهُّدِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَعَدَ الْمَأْمُومُ) أَيْ نَاسِيًا وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ عَيْنُ الْأُولَى إلَّا أَنَّهَا زَادَتْ عَلَيْهَا بِعَوْدِ الْإِمَامِ قَبْلَ قِيَامِ الْمَأْمُومِ قَوْلُهُ: (حَرُمَ قُعُودُهُ) أَيْ اسْتِمْرَارُ قُعُودِهِ بَلْ يُفَارِقُهُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ وَمُفَارَقَتُهُ أَوْلَى ح ل. فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَقَوْلُهُ لَمْ يُعِدْ الْمَأْمُومُ أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ق ل قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُخْطِئٌ إلَخْ) أَيْ نَاسٍ أَوْ جَاهِلٌ فَصَحَّ مُقَابَلَتُهُ بِالْعَامِدِ وَإِلَّا فَالْعَامِدُ مُخْطِئٌ أَيْضًا، وَهَذَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلْأُولَى أَيْضًا قَوْلُهُ:(وَإِذَا انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ نَاسِيًا) لَمَّا فَرَغَ مِنْ التَّكَلُّمِ عَلَى تَرْكِ الْإِمَامِ التَّشَهُّدَ وَمُخَالَفَةِ الْمَأْمُومِ لَهُ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى عَكْسِهِ وَهُوَ فِعْلُ الْإِمَامِ لَهُ، وَتَرْكُ الْمَأْمُومِ إيَّاهُ وَهَذَا فِي التَّشَهُّدِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُنُوتِ، فَإِذَا تَرَكَهُ الْمَأْمُومُ سَهْوًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعَوْدِ وَنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا تَخَيَّرَ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ وَنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ قَوْلُهُ:(وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ) فَلَوْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى قَامَ إمَامُهُ بِأَنْ
فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ فَإِنْ قِيلَ: إذَا ظَنَّ الْمَسْبُوقُ سَلَامَ إمَامِهِ فَقَامَ لَزِمَهُ الْعَوْدُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ هُنَا فَعَلَ فِعْلًا لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمُسْتَشْكِلِ بِهَا لِأَنَّهُ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ فَجَازَ لَهُ الْمُفَارَقَةُ لِذَلِكَ، أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ التَّرْكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ بَلْ يُسَنُّ لَهُ كَمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِتَحْرِيمِهِ حِينَئِذٍ، وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيّ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَامَ نَاسِيًا حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْعَامِدَ انْتَقَلَ إلَى وَاجِبٍ وَهُوَ الْقِيَامُ فَخُيِّرَ بَيْنَ الْعَوْدِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ تَخَيَّرَ بَيْنَ وَاجِبَيْنِ بِخِلَافِ النَّاسِي فَإِنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْذُورًا كَانَ قِيَامُهُ كَالْعَدَمِ فَتَلْزَمُهُ الْمُتَابَعَةُ كَمَا لَوْ لَمْ يَقُمْ لِيَعْظُمَ أَجْرُهُ، وَالْعَامِدُ كَالْمُفَوِّتِ لِتِلْكَ السُّنَّةِ بِتَعَمُّدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَلَوْ رَكَعَ قَبْلَ إمَامِهِ نَاسِيًا تَخَيَّرَ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ فِيمَا لَوْ قَامَ نَاسِيًا لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ ثَمَّ فَيُقَيِّدُ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيّ بِذَلِكَ أَوْ عَامِدًا سُنَّ لَهُ الْعَوْدُ. وَلَوْ ظَنَّ الْمُصَلِّي قَاعِدًا أَنَّهُ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فَافْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ لِلثَّالِثَةِ لَمْ يَعُدْ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ، وَإِنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ لِأَنَّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ إمَامِهِ لَمْ يَعُدْ وَلَمْ تُحْسَبْ قِرَاءَتُهُ، وَمِثْلُهُ الْقُنُوتُ فَلَوْ تَرَكَ الْقُنُوتَ نَاسِيًا وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ وَقَفَ لَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَيْ الْمَأْمُومِ الْعَوْدُ بِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ أَوْ عَامِدًا نُدِبَ قَوْلُهُ:(مِنْ التَّلَبُّسِ بِالْفَرْضِ) أَيْ مَعَ أَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمُتَعَمِّدَ فَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ الْعَوْدَ مَعَ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ آكَدُ قَوْلُهُ:(لَزِمَهُ الْعَوْدُ) وَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَيَعُودُ لِمَحَلِّ جُلُوسِ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقُومُ قَوْلُهُ: (فَعَلَ فِعْلًا) وَهُوَ الْقِيَامُ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْإِمَامِ. وَقَوْلُهُ: فَجَازَ لَهُ الْمُفَارَقَةُ أَيْ فِي الْأُولَى فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَعَلَ فِعْلًا وَقَوْلُهُ: لِذَلِكَ أَيْ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِيهَا فِعْلًا لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَهُ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْلِسَ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَرْحُومِيُّ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ التَّرْكَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَإِذَا انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ نَاسِيًا إلَخْ قَوْلُهُ: (وَإِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِتَحْرِيمِهِ) أَيْ الْعَوْدِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ ذَكَرَ لِلْمَأْمُومِ أَحْوَالًا خَمْسَةً: الْأُولَى: أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ أَوَّلَ فَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الْمُتَابَعَةُ، فَإِنْ تَخَلَّفَ بِغَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَعُودَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ بَعْدَ انْتِصَابِهِ مَعَ تَخَلُّفِ الْمَأْمُومِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِقِيَامِ الْإِمَامِ وَلَيْسَ لَهُ مُوَافَقَتُهُ فِي الْعَوْدِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَهُوَ مُخْطِئٌ فَلَا يُوَافِقُهُ عَلَى الْخَطَأِ، وَتَسْتَمِرُّ الْقُدْوَةُ حَمْلًا عَلَى النِّسْيَانِ أَوْ الْجَهْلِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَنْتَصِبَا مَعًا ثُمَّ يَعُودَ الْإِمَامُ فَلَا يُوَافِقُهُ الْمَأْمُومُ كَمَا فِي الثَّانِيَةِ. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَنْتَصِبَ الْمَأْمُومُ نَاسِيًا دُونَ الْإِمَامِ فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لِلْمُتَابَعَةِ. الْخَامِسَةُ: إذَا انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ عَامِدًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ بَلْ يُسَنُّ تَأَمَّلْ م د. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ النَّاسِي فَإِنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ) مُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ فَإِنَّهُ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِ وَاجِبٍ، وَلَكِنَّ هَذَا لَازِمٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ فَلَمْ يَنْتَقِلْ لِوَاجِبٍ قَوْلُهُ:(كَانَ قِيَامُهُ كَالْعَدَمِ) أَيْ مَعَ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فَلَا يَرِدُ مَا إذَا رَكَعَ قَبْلَ إمَامِهِ نَاسِيًا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَيُقَيَّدُ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيّ بِذَلِكَ، قَوْلُهُ:(لِيَعْظُمَ أَجْرُهُ) مُتَعَلِّقُ يَلْتَزِمُهُ قَوْلُهُ: (كَالْمُفَوِّتِ) الْأَوْلَى: مُفَوِّتٌ بِالْفِعْلِ قَوْلُهُ: (لِتِلْكَ السُّنَّةِ) أَيْ الطَّرِيقَةِ وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ قَوْلُهُ: (فَيُقَيَّدُ فَرْقُ الزَّرْكَشِيّ) أَيْ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالنَّاسِي أَيْ أَنَّنَا إنْ لَمْ نُقَيِّدْ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيّ بِذَلِكَ وَرَدَّ عَلَيْنَا مَسْأَلَةَ الرُّكُوعِ، وَإِنْ قَيَّدْنَا فَلَا تُرَدُّ عَلَيْنَا بِأَنْ نَزِيدَ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ النَّاسِي فَإِنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ أَيْ مَعَ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فَخَرَجَتْ مَسْأَلَةُ الرُّكُوعِ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنَّ إلَخْ) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ الَّذِي تَلَبَّسَ بِهِ تَارِكُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ هُوَ الْقِيَامُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا قَوْلُهُ: (الْمُصَلِّي قَاعِدًا) لِعَجْزِهِ إنْ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ فِي نَفْلٍ أج قَوْلُهُ: (لَمْ يَعُدْ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ) لَكِنْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْعَوْدِ كَمَا فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. اهـ. شَوْبَرِيُّ، وَالْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ مَعَ الْعَمْدِ وَالْعِلْمِ كَمَا نَقَلَهُ ق ل عَنْ شَيْخِهِ م ر قَالَ: وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى إفْتَاءِ وَالِدِهِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَبَقَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مَفْهُومَ مَا قَبْلَهَا وَإِنَّمَا مَفْهُومُهَا أَنْ يُقَالَ: فَإِنْ عَادَ إلَى التَّشَهُّدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ نَاسِيًا بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِالْعَوْدَةِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ
تَعَمُّدَ الْقِرَاءَةِ كَتَعَمُّدِ الْقِيَامِ وَسَبْقُ اللِّسَانِ إلَيْهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ.
وَلَوْ نَسِيَ قُنُوتًا فَذَكَرَهُ فِي سُجُودِهِ لَمْ يَعُدْ لَهُ لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنْ لَمْ يَضَعْ جَمِيعَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ حَتَّى لَوْ رَفَعَ الْجَبْهَةَ فَقَطْ أَوْ بَعْضَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ لِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْفَرْضِ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ إنْ بَلَغَ أَقَلَّ الرُّكُوعِ فِي هُوِيِّهِ لِأَنَّهُ زَادَ رُكُوعًا سَهْوًا، وَالْعَمْدُ بِهِ مُبْطِلٌ لِأَنَّ ضَابِطَ ذَلِكَ أَنَّ مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ كَرُكُوعٍ زَائِدٍ أَوْ سُجُودٍ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَمَا لَا كَالِالْتِفَاتِ وَالْخُطْوَتَيْنِ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ وَلَا لِعَمْدِهِ لِعَدَمِ وُرُودِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْقِرَاءَةِ كَالْقِيَامِ فِي الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ تَأَمَّلْ ق ل. قَالَ أج: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر، لَكِنْ نَقَلَ عَنْهُ فِي غَيْرِ الشَّرْحِ أَنَّهُ مَتَى شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَا يَعُودُ لِلتَّشَهُّدِ اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ سَوَاءٌ شَرَعَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لَكِنْ بِفَرْضِ ثُبُوتِهِ عَنْهُ يُحْمَلُ عَلَى نِسْيَانِهِ لِلتَّشَهُّدِ فَيُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا وَمَا فِي شَرْحِهِ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ الْعَوْدُ مَرْحُومِيٌّ. مَسْأَلَةٌ: رَفَعَ الْمَأْمُومُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ رَفَعَ، وَأَتَى بِالثَّانِيَةِ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ فِيهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْإِمَامَ فِي الْأُولَى، لَمْ يُحْسَبْ لِلْمَأْمُومِ جُلُوسُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَا سَجْدَتُهُ الثَّانِيَةُ بَلْ يُتَابِعُ الْإِمَامَ وَيَحْمِلُ سَهْوَهُ اهـ. مِنْ الْقَوْلِ التَّامِّ فِي أَحْكَامِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ قَوْلُهُ:(وَلَوْ نَسِيَ قُنُوتًا إلَخْ) النِّسْيَانُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ الْعَمْدُ وَالْجَهْلُ، وَهَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ تَرْكِهِ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، فَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا أَوْ فَعَلَهُ سَهْوًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَأَمَّا إذَا تَرَكَهُ عَمْدًا فَلَا يَلْزَمُهُ أَوْ الْعَوْدُ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ وَنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَكَذَا إذَا فَعَلَهُ الْمَأْمُومُ عَمْدًا لَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ وَالْعَوْدُ لِلْإِمَامِ، بَلْ يُنْدَبُ لَهُ إتْمَامُ الْقُنُوتِ إنْ كَانَ يَلْحَقُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَوَازًا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَعِبَارَةُ أج: وَلَوْ نَسِيَ قُنُوتًا أَيْ قُنُوتَ الصُّبْحِ أَوْ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ لَا قُنُوتَ النَّازِلَةِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عَارِضَةٌ فِي الصَّلَاةِ يَزُولُ بِزَوَالِهَا فَلَمْ يَتَأَكَّدْ شَأْنُهُ بِالْجَبْرِ، وَتَرْكُ بَعْضِ الْقُنُوتِ كَتَرْكِ كُلِّهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَعَيُّنِ كَلِمَاتِهِ لِأَنَّهُ بِشُرُوعِهِ فِيهِ يَتَعَيَّنُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَعْدِلْ إلَى بَدَلِهِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَارِدِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ يَحْتَاجُ إلَى جَبْرٍ بِخِلَافِ الْبَدَلِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، فَإِنَّ قَلِيلَهُ كَكَثِيرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْقُنُوتِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي حُصُولِهِ بِخِلَافِ تَرْكِ أَحَدِ الْقَنُوتَيْنِ لِأَنَّهُ أَتَى بِقُنُوتٍ تَامٍّ. نَعَمْ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَنُوتَيْنِ فَتَرَكَ كَلِمَةً مِنْ قُنُوتِ عُمَرَ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ. وَلَا يُقَالُ: لَوْ تَرَكَ الْقُنُوتَ بِجُمْلَتِهِ لَا يَسْجُدُ فَكَيْفَ يَسْجُدُ لِتَرْكِ كَلِمَةٍ. لِأَنَّا نَقُولُ بِشُرُوعِهِ فِيهِ تَعَيُّنُ إتْمَامِهِ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ فَإِسْقَاطُ كَلِمَةٍ يُعَدُّ خَلَلًا فَطُلِبَ جَبْرُهُ اهـ قَوْلُهُ: (فَذَكَرَهُ) أَيْ الْقُنُوتَ أَيْ إنْ كَانَ يُحْسِنُهُ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُ طُلِبَ مِنْهُ قِيَامٌ بِقَدْرِهِ زِيَادَةً عَلَى ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ فَإِذَا تَرَكَهُ وَتَذَكَّرَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقُنُوتِ أج قَوْلُهُ:(لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ) وَلَوْ كَانَ الْقُنُوتُ وَنَحْوُهُ مَنْذُورًا لِأَنَّهُ تَلَبَّسَ بِفَرْضٍ شَرْعِيٍّ، وَالنَّذْرُ فَرْضٌ جَعْلِيٌّ وَمُرَاعَاةُ الشَّرْعِيِّ أَقْوَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْجَعْلِيِّ قَوْلُهُ:(بِأَنْ لَمْ يَضَعْ جَمِيعَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ) فَيُمْتَنَعُ الْعَوْدُ بِوَضْعِهَا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ ق ل قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) أَيْ لِلْقُنُوتِ إنْ كَانَ يُحْسِنُهُ أَوْ الْقِيَامُ إنْ لَمْ يُحْسِنْهُ. قَالَ م ر: فَلَوْ كَانَ وَقَفَ وَقْفَةً لَا تَسَعُ الْقُنُوتَ إذَا كَانَ لَا يُحْسِنُهُ كَفَى لِإِتْيَانِهِ بِأَصْلِ الْقِيَامِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْوَالِدِ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْوَقْفَةُ لَا تَسَعُ الْقُنُوتَ الْمَعْهُودَ وَتَسَعُ قُنُوتًا مُجْزِئًا، أَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا تَسَعُ قُنُوتًا مُجْزِئًا أَصْلًا فَالْأَوْجَهُ السُّجُودُ. فَرْعٌ: لَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ قَنَتَ فِي اعْتِدَالِهِ لَا سُجُودَ عَلَى الْمَأْمُومِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُوَافِقُ اعْتِقَادَ الْمَأْمُومِ، فَلَوْ اعْتَدَلَ وَسَكَتَ سَكْتَةً تَسَعُ الْقُنُوتَ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ سَكَتَ سَكْتَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ تَسَعُ الْبَسْمَلَةَ حَيْثُ اكْتَفَوْا بِهَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ قَالَ شَيْخُنَا: الْأَقْرَبُ الْفَرْقُ إذْ الْبَسْمَلَةُ لَمَّا كَانَتْ مَطْلُوبَةً عِنْدَهُمْ لَكِنْ لَا يُجْهَرُ بِهَا عِنْدَهُمْ حَمَلْنَا سُكُوتَهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا، وَالْقُنُوتُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَطْلُوبًا عِنْدَهُمْ حَمَلْنَاهُ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ فَالْأَوْلَى السُّجُودُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ شَافِعِيًّا فَإِنَّا نَحْمِلُ سُكُوتَهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ اهـ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ ق ل: يَسْجُدُ وَإِنْ سَمِعَهُ يَتْلُو الْقُنُوتَ لِأَنَّهُ أَتَى بِخَلَلٍ فِي صَلَاتِهِ وَتَطَرَّقَ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ اهـ. قُلْت: الْعِبْرَةُ عِنْدَنَا بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ وَقَدْ فَعَلَهُ الْإِمَامُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ، فَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ اهـ.
السُّجُودِ لَهُ. وَلَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ نَاسِيًا فَتَذَكَّرَ قَبْلَ جُلُوسِهِ عَادَ إلَى الْجُلُوسِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ أَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى قَرَأَهُ فِي الْخَامِسَةِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ ظَنَّهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَتَى بِهِ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضِ مُعَيَّنٍ كَقُنُوتٍ سَجَدَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفِعْلِ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ قَدْ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ كَأَنْ شَكَّ فِي الْمَتْرُوكِ هَلْ هُوَ بَعْضٌ أَوْ لَا لِضَعْفِهِ بِالْإِبْهَامِ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ مَعْنًى خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ فَجَعَلَ الْمُبْهَمَ كَالْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ كَالْمُعَيَّنِ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضًا وَشَكَّ هَلْ هُوَ قُنُوتٌ مَثَلًا أَوْ تَشَهُّدٌ أَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ يَسْجُدُ لِعِلْمِهِ بِمُقْتَضَى السُّجُودِ، أَوْ شَكَّ فِي ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَإِنْ أَبْطَلَ عَمْدُهُ كَكَلَامٍ قَلِيلٍ فَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَلَوْ سَهَا وَشَكَّ هَلْ سَهَا بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي سَجَدَ لِتَيَقُّنِ مُقْتَضِيهِ، وَلَوْ سَهَا وَشَكَّ هَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَوْ لَا سَجَدَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ مَا يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى السَّبَبِ الثَّانِي مِنْ سَبَبَيْ السُّجُودِ وَهُوَ فِعْلُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّنْبِيهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ شَرَعْت فِي السَّبَبِ الثَّانِي إلَخْ قَوْلُهُ: (فَتَذَكَّرَ قَبْلَ جُلُوسِهِ) أَيْ فِي الْخَامِسَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ) أَيْ أَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ فِي الرَّابِعَةِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ حَتَّى قَرَأَ التَّشَهُّدَ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ فَهِيَ رَابِعَةٌ فِي الْوَاقِعِ وَفِي ظَنِّهِ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ لَا يَكُونُ إلَّا فِيهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ قَامَ لِخَامِسَةٍ أَيْ فِي الْوَاقِعِ، وَظَنُّهُ أَنَّهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي أَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي ظَنِّهِ قَبْلَ تَذَكُّرِهِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْجُدُ) بِحَرْفِ الْعَطْفِ أَيْ لِلزِّيَادَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَسْجُدْ وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ قَوْلُهُ:(وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَشَهَّدْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ قَوْلُهُ:(وَلَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ) أَيْ يَقِينًا قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بَعْضٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِي جُمْلَةِ الْمَنْدُوبَاتِ أَيْ الشَّامِلَةِ لِلْهَيْئَاتِ أَيْ هَلْ هُوَ بَعْضٌ أَوْ هَيْئَةٌ لَا أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ ح ل. وَقَوْلُهُ: فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ مَنْدُوبًا بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْهَيْئَاتِ وَالْأَبْعَاضِ أَوْ لَا، أَوْ تَيَقَّنَ تَرْكَ مَنْدُوبٍ وَشَكَّ هَلْ بَعْضٌ أَوْ هَيْئَةٌ وَاقْتَصَرَ شَيْخُنَا ز ي فِي تَقْرِيرِهِ عَلَى الثَّانِيَةِ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ شَوْبَرِيُّ قَوْلُهُ:(كَأَنْ شَكَّ فِي الْمَتْرُوكِ هَلْ هُوَ بَعْضٌ أَوْ لَا) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، بَلْ هِيَ عَيْنُهَا حُكْمًا وَتَصْوِيرًا وَتَعْلِيلًا، فَمَا رَتَّبَهُ عَلَى هَذِهِ بِقَوْلِهِ لِضَعْفِهِ بِالْإِبْهَامِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ كَأَنْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ مُقْتَضِيهِ مَعَ ضَعْفِهِ بِالْإِبْهَامِ، وَبِهَذَا عُلِمَ إلَخْ فَتَأَمَّلْ ق ل. وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ كَأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ بَعْضًا أَوْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ، وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا مَعَ تَيَقُّنِهِ عَدَمَ تَرْكِ مَنْدُوبٍ غَيْرَ بَعْضٍ. وَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ إلَّا أَنَّ الْإِبْهَامَ لَمَّا أَضْعَفَهُ لَمْ يَنْظُرْ لِذَلِكَ وَمِثْلُهُ سم.
قَوْلُهُ: (هَلْ هُوَ قُنُوتٌ مَثَلًا أَوْ تَشَهُّدٌ أَوَّلُ) اُنْظُرْ صُورَتَهُ إذْ لَيْسَ ثَمَّ صَلَاةٌ فِيهَا تَشَهُّدٌ أَوَّلُ وَقُنُوتٌ يَقْتَضِي تَرْكَهُ سُجُودَ السَّهْوِ. وَنُقِلَ عَنْ ز ي أَنَّهُ صَوَّرَهُ بِمَا إذَا صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ مَثَلًا وَكَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، ثُمَّ لَمَّا أَتَمَّ مُصَلِّي الصُّبْحِ صَلَاتَهُ شَكَّ قَبْلَ سَلَامِهِ فِي بَعْضٍ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ الْقُنُوتُ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَتَطَرَّقُ إلَى صَلَاتِهِ خَلَلٌ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ اهـ وَصَوَّرَهُ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنْ صَلَّى وِتْرَ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ مَوْصُولًا عَلَى قَصْدِ إتْيَانِهِ بِتَشَهُّدَيْنِ، وَشَكَّ هَلْ نَسِيَ أَوَّلَهُمَا أَوْ الْقُنُوتَ قَوْلُهُ:(وَلَوْ سَهَا) أَيْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ أَتَى بِمَا يُطْلَبُ لَهُ سُجُودٌ، وَشَكَّ هَلْ هُوَ مِنْ تَرْكِ الْمَأْمُورِ أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمَنْهِيِّ سَجَدَ. تَتِمَّة: لَوْ نَقَلَ مَطْلُوبًا قَوْلِيًّا إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، فَإِنْ كَانَ رُكْنًا كَفَاتِحَةٍ أَوْ بَعْضِهَا فِي رُكُوعٍ مَثَلًا سَجَدَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضًا كَتَشَهُّدٍ أَوْ قُنُوتٍ فِي رُكُوعٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ قَصَدَهُ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ هَيْئَةً لَمْ يَسْجُدْ مُطْلَقًا ق ل.
قَوْلُهُ: (بِالْأَوَّلِ) أَيْ تَرْكُ مَأْمُورٍ بِهِ. وَالثَّانِي فِعْلُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَوْبَرِيُّ أَيْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ أَتَى بِمَا يُطْلَبُ لَهُ سُجُودٌ، وَشَكَّ هَلْ هُوَ مِنْ تَرْكِ الْمَأْمُورِ أَوْ فِعْلِ الْمَنْهِيِّ قَوْلُهُ:(هَلْ سَجَدَ) سَتَأْتِي هَذِهِ فِي مَوْضِعِهَا
قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَرْكِهَا) وَإِنْ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ
هَلْ سَجَدَ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ سَجَدَ أُخْرَى.
(وَالْهَيْئَةُ) كَالتَّسْبِيحَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ (لَا يَعُودُ) الْمُصَلِّي (إلَيْهَا بَعْدَ تَرْكِهَا وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَنْهَا) سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أَمْ سَهْوًا
(وَإِذَا)(شَكَّ فِي عَدَدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الرَّكَعَاتِ) أَهِيَ ثَالِثَةٌ أَمْ رَابِعَةٌ (بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ) الْعَدَدُ (الْأَقَلُّ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَيَأْتِي) وُجُوبًا (بِمَا بَقِيَ) فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهَا (وَيَسْجُدُ لَهُ سُجُودَ السَّهْوِ) لِلتَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي فِعْلِهِ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ كَالْحَاكِمِ إذَا نَسِيَ حُكْمَهُ لَا يَأْخُذُ بِقَوْلِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَاجَعَ أَصْحَابَهُ ثُمَّ عَادَ لِلصَّلَاةِ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ. أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى تَذَكُّرِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ وَهُوَ بَحْثٌ حَسَنٌ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَصَلَّوْا إلَى هَذَا الْحَدِّ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِفِعْلِهِمْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ بِأَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ لِفِعْلِهَا مَعَ التَّرَدُّدِ، وَكَذَا حُكْمُ مَا يُصَلِّيهِ مُتَرَدِّدًا وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ زَائِدًا أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهِ وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ بِأَنْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُ أَنَّهَا رَابِعَةٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهَا، أَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ زِيَادَةً كَأَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَهِيَ ثَالِثَةٌ أَمْ رَابِعَةٌ فَتَذَكَّرَ فِيهَا أَنَّهَا ثَالِثَةٌ فَلَا يَسْجُدُ لِأَنَّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بَعْدَهَا ق ل. وَعِبَارَةُ أج قَوْلُهُ: بَعْدَ تَرْكِهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، وَتَلَبَّسَ بِالْفَرْضِ بَعْدَهَا كَأَنْ يَعُودَ مِنْ الرُّكُوعِ لِلْقِيَامِ لِيَأْتِيَ بِالسُّورَةِ أَوْ مِنْ الِاعْتِدَالِ لِلرُّكُوعِ لِيَأْتِيَ بِالتَّسْبِيحِ اهـ قَوْلُهُ:(وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَنْهَا) فَإِنْ سَجَدَ عَنْهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ، وَيُطْلَبُ سُجُودُ السَّهْوِ لِجَبْرِ هَذَا السُّجُودِ لِأَنَّهُ خَلَلٌ
قَوْلُهُ: (وَإِذَا شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ فَشَمَلَ الظَّنَّ م ر قَوْلُهُ: (أَهِيَ ثَالِثَةٌ أَمْ رَابِعَةٌ) صَوَابُهُ ثَلَاثَةٌ أَمْ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي نَفْسِ الْعَدَدِ وَالضَّمِيرُ فِي هِيَ رَاجِعٌ لِمَا أَتَى بِهِ نَظَرًا لِمَعْنَاهُ أَوْ نَظَرًا لِلْخَبَرِ قَوْلُهُ: (بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) أَيْ الْمُتَيَقِّنِ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْيَقِينِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَهُوَ الْعَدَدُ قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي بِمَا بَقِيَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ سَاقِطٌ، وَالْأَوْلَى إثْبَاتُهُ م د.
قَوْلُهُ: (وَيَسْجُدُ لَهُ) أَيْ لِمَا أَتَى بِهِ أَيْ لِأَجْلِهِ، وَقَوْلُهُ لِلتَّرَدُّدِ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ أَوْ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ قَوْلُهُ:(فِي فِعْلِهِ) أَيْ فِعْلِ مَا شَكَّ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ قَوْلُهُمْ وَفِعْلُهُمْ إلَّا إذَا بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ فَيُرْجَعُ لِقَوْلِهِمْ وَفِعْلِهِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل. وَمِثْلُهُ ز ي وَعِنْدَ م ر يَعْمَلُ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْقَوْلِ دَلَالَةُ مُطَابَقَةٍ بِخِلَافِ الْفِعْلِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظُ قَوْلٍ. وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ حَذْفُهُ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ ذِكْرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْخُذُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَا يَأْخُذُ لَا بِقَوْلِ الْغَيْرِ وَلَا بِفِعْلِهِ إلَّا إذَا بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ كَمَا عَلِمْت قَوْلُهُ:(أَنَّهُ يَكْتَفِي بِفِعْلِهِمْ) مِثْلُهُ ابْنُ حَجَرٍ وَاعْتَمَدَ م ر خِلَافَهُ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ. قَالَ سم: وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْيَقِينُ إذْ لَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَعَ حُصُولِ الْيَقِينِ قَوْلُهُ: (لِلتَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ أَنْ يَقُولَ لِفِعْلِهَا مَعَ التَّرَدُّدِ قَوْلُهُ: (فَتَذَكَّرَ فِيهَا) أَيْ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ. قَالَ م ر بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الْقَيْدَ وَبَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ: وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلِ الْقِيَامِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَرَدُّدُهُ بَعْدَ نُهُوضِهِ وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ إذْ حَقِيقَةُ الْقِيَامِ الِانْتِصَابُ، وَمَا قَبْلَهُ انْتِقَالٌ لَا قِيَامٌ. قَالَ الشَّيْخُ: فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُمْ أَهْمَلُوهُ أَيْ قَوْلُهُ قَبْلَ الِانْتِصَابِ مَرْدُودٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا تَقْتَضِي السُّجُودَ لِأَنَّ عَمْدَهُ لَا يُبْطِلُ، وَإِنَّمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ مَعَ عَوْدِهِ كَمَا مَرَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ نَاسِيًا فَفَارَقَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا، وَفِيمَا مَرَّ فِي الْقِيَامِ عِنْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اهـ. وَقَوْلُهُ: فَتَذَّكَّر أَيْ قَبْلَ الْقِيَامِ لِمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَ بَعْدَ الْقِيَامِ أَوْ كَوْنَهُ إلَيْهِ أَقْرَبَ فَيَسْجُدُ اهـ سم. وَلَوْ جَلَسَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ فِي ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ فَشَكَّ الْمَأْمُومُ أَهِيَ ثَالِثَةٌ أَمْ رَابِعَةٌ فَقَضِيَّةُ وُجُوبِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ أَنَّهُ يَجْعَلُهَا ثَالِثَةً، وَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي هَذَا الْجُلُوسِ وَالتَّشَهُّدِ، وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ أَوْ يَجُوزُ لَهُ انْتِظَارُهُ قَائِمًا فَلَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ شَكَّ فَيَقُومُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي سم اهـ أج.
قَوْلُهُ: (أَنَّهَا ثَالِثَةٌ) أَيْ أَوْ رَابِعَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّذَكُّرُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي شَكَّ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى غَيْرِهَا لَا سُجُودٍ، وَأَمَّا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْقِيَامِ لِرَكْعَةٍ أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي شَكَّ فِيهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا أَوْ رَابِعَةٍ
مَا فَعَلَهُ مِنْهَا مَعَ التَّرَدُّدِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ سَلَامِهِ وَإِنْ قَصَرَ الْفَصْلُ فِي تَرْكِ فَرْضِ غَيْرِ نِيَّةٍ وَتَكْبِيرَةٍ تَحَرُّمٍ لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ السَّلَامِ عَنْ تَمَامٍ، فَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ نِيَّةً أَوْ تَكْبِيرَةً تَحَرُّمٍ اسْتَأْنَفَ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي أَصْلِ الِانْعِقَادِ وَهَلْ الشَّرْطُ كَالْفَرْضِ؟ اخْتَلَفَ فِيهِ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ: لَوْ شَكَّ هَلْ كَانَ مُتَطَهِّرًا أَنَّهُ يُؤْثِرُ فَارِقًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ يَكْثُرُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ، وَبِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ حَصَلَ بَعْدَ تَيَقُّنِ الِانْعِقَادِ، وَالْأَصْلُ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الصِّحَّةِ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ فَإِنَّهُ شَكَّ فِي الِانْعِقَادِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ أَنْ تَكُونَ الشُّرُوطُ كُلُّهَا كَذَلِكَ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، وَعَلَّلَهُ بِالْمَشَقَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الطُّهْرِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ عَنْ جَمْعٍ، وَالْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
حَيْثُ لَا يَسْجُدُ. وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ أَوْ أَنَّهَا رَابِعَةٌ فَيَسْجُدُ لِأَنَّهُ هُنَا تَذَكَّرَ فِي الَّتِي شَكَّ فِيهَا، وَفِي تِلْكَ تَذَكَّرَ فِي رَكْعَةٍ بَعْدَ الَّتِي شَكَّ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بَعْدَهُ عَوْدٌ لِلصَّلَاةِ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ مَا لَوْ شَكَّ فِي السَّلَامِ نَفْسِهِ فَيَجِبُ تَدَارُكُهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ اهـ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ:(فِي تَرْكِ فَرْضٍ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الرُّكْنُ، فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ ق ل بِأَنَّ الشَّرْطَ فَرْضٌ أَيْضًا شَوْبَرِيُّ قَوْلُهُ:(اسْتَأْنَفَ) أَيْ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا شَكَّ فِيهِ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الشَّكُّ فِيهِمَا بَعْدَ السَّلَامِ، فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِيهِمَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ مُضِيِّ قَدْرِ رُكْنِ الطُّمَأْنِينَةِ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ شَيْخُنَا قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ شَكَّ فِي أَصْلِ الِانْعِقَادِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ أَنَوَى فَرْضًا أَمْ نَفْلًا لَا الشَّكَّ فِي نِيَّةِ الْقُدْوَةِ فِي غَيْرِ نَحْوِ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ فِي نِيَّتِهِ لِمَشَقَّةِ الْإِعَادَةِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي النِّيَّةِ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهَا هُنَا. اهـ. عَنَانِيٌّ قَوْلُهُ:(وَهَلْ الشَّرْطُ كَالْفَرْضِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ ز ي. وَشَمَلَ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ مَا إذَا شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ الْحَدَثِ لِأَنَّ هَذَا الْأَصْلَ مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ الصَّلَاةَ إلَّا بَعْدَ الطَّهَارَةِ لَكِنْ يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ صَلَاةٍ أُخْرَى بِهَذِهِ الطَّهَارَةِ. نَعَمْ إذَا شَكَّ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ كَالشَّكِّ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ فِي أَثْنَائِهَا بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ صَلَاةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا الشَّكُّ فِي وُجُودِ حَدَثٍ مِنْهُ بَعْدَ وُجُودِ الطَّهَارَةِ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.
قَالَ شَيْخُنَا الْخَلِيفِيُّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّكَّ تَارَةً يَقَعُ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ وَتَارَةً فِي رَافِعِهَا، وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. نَعَمْ لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ الطُّهْرِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَلَا أَثَرَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ، وَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ افْتِتَاحُ صَلَاةٍ أُخْرَى بِذَلِكَ مَا دَامَ شَكُّهُ لِأَنَّ الشَّكَّ حِينَئِذٍ فِي وُجُودِ الطُّهْرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ افْتِتَاحَ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَقَعُ مَعَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ، وَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلِأَنَّ الشَّكَّ فِي رَافِعِ الِانْعِقَادِ وَقَعَ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ. اهـ. م د. وَفِي ع ش خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ الشَّكَّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فِي وُجُودِ الطَّهَارَةِ أَوْ فِي نِيَّتِهَا يَضُرُّ، وَقَالَ الْعَزِيزِيُّ: مَا لَمْ يَزُلْ شَكُّهُ سَرِيعًا وَإِذَا كَانَ الشَّكُّ يَضُرُّ امْتَنَعَ عَلَيْهِ إكْمَالُهَا.
قَوْلُهُ: (اُخْتُلِفَ فِيهِ) أَيْ فِي جَوَابِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) فِي تَرْكِيبِهِ قَلَاقَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّهُ يُؤَثِّرُ إنْ كَانَ مَقُولُ الْقَوْلِ اقْتَضَى أَنَّ قَوْلَهُ: لَوْ شَكَّ لَيْسَ مِنْ الْمَقُولِ وَإِنْ جُعِلَ الْمَجْمُوعُ مَقُولَ الْقَوْلِ لَا يَسْتَقِيمُ أَيْ لِعَدَمِ جَوَابِ لَوْ لِأَنَّ جَوَابَهَا يَكُونُ مَاضِيًا بِكَثْرَةٍ، وَيَقِلُّ كَوْنُهُ مُسْتَقْبَلًا وَأَنَّهُ يُؤَثِّرُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً إلَّا أَنْ يُقَالَ لَوْ بِمَعْنَى إنْ فَيَكُونُ جَوَابُهَا. قَوْلُهُ إنَّهُ يُؤْثَرُ فَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ لَوْ شَكَّ هَلْ كَانَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا هَلْ يُؤَثِّرُ أَمْ لَا الرَّاجِحُ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ:(عَدَمُ الْإِعَادَةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عَدَمُ الْفَرْقِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ فِي الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ مَا عَدَا النِّيَّةَ وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ قَوْلُهُ: (فِي مَسْحِ الْخُفِّ) عِبَارَةُ م ر. وَشَرْحُ الْبَهْجَةِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ أَيْ أَنَّهُ نَقَلَ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الطُّهْرِ لَا يَضُرُّ فَلَا يُعِيدُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي مَسْحٍ مُتَعَلِّقًا
الْقَائِلِينَ بِهِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ طَوَافِ نُسُكِهِ هَلْ طَافَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا، لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ جَوَازُ دُخُولِ الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ قَبْلَ الشَّكِّ وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ. تَنْبِيهٌ: لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالسَّلَامِ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ بَعْدَهُ الشَّكُّ سَلَامٌ لَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ عَوْدٌ إلَى الصَّلَاةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَلَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا لِسُجُودِ السَّهْوِ ثُمَّ عَادَ وَشَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ.
وَسَهْوُ الْمَأْمُومِ حَالَ قُدْوَتِهِ الْحِسِّيَّةِ كَأَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ كَأَنْ سَهَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فِي ثَانِيَتِهَا مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ يَحْمِلُهُ إمَامُهُ كَمَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْجَهْرَ وَالسُّورَةَ وَغَيْرَهُمَا كَالْقُنُوتِ، وَخَرَجَ بِحَالِ الْقُدْوَةِ سَهْوُهُ قَبْلَهَا كَمَا لَوْ سَهَا وَهُوَ مُنْفَرِدٌ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ تَرْجِيحَ تَحَمُّلِهِ لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ وَسَهْوُهُ بَعْدَهَا، كَمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِنَقَلَ لَا بِالطُّهْرِ كَمَا فَهِمَهُ الْمَدَابِغِيُّ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ هَلْ مَسَحَ الْخُفَّ أَمْ لَا لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الشَّكِّ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ وَعَلَى تَصْوِيرِهِ: الشَّكُّ فِي طَهَارَةِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الرِّجْلَانِ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَخْ) غَرَضُهُ بِذَلِكَ تَقْوِيَةُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي الطُّهْرِ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَضُرُّ، وَوَجْهُ التَّقْوِيَةِ أَنَّ الْإِمَامَ الْمَذْكُورَ جَوَّزَ الدُّخُولَ فِيهَا بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ مَعَ أَنَّ الِابْتِدَاءَ وَالِانْعِقَادَ يُحْتَاطُ لَهُ فَبَعْدَ فَرَاغِهَا وَتَمَامِهَا لَا يَضُرُّ الشَّكُّ بِالْأَوْلَى قَوْلُهُ:(وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ) فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا مَرَّ فِيمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ ق ل.
وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: وَظَاهِرُ جَوَابٍ عَنْ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّهَارَةِ وَبَقَاءُ الْحَدَثِ. فَأَجَابَ بِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ بَعْدَ الشَّكِّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا قَبْلَ الشَّكِّ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ شَكَّ هَلْ هُوَ مُتَطَهِّرٌ أَمْ لَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا قَبْلَ الشَّكِّ قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ) . وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ: لَنَا سُنَّةٌ عَادَ لَهَا فَلَزِمَهُ فَرْضٌ أَوْ يُقَالُ لَنَا سُنَّةٌ أَوْجَبَتْ فَرْضًا أَيْ لِأَنَّهُ بَانَ بِعَوْدِهِ أَنَّ الشَّكَّ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ الْعَائِدُ إمَامًا لَزِمَ الْمَأْمُومَ مُوَافَقَتُهُ إنْ كَانَ لَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا، وَقَدْ قَامَ لِمَا عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ وَيَلْغُو مَا فَعَلَهُ. اهـ. ق ل
قَوْلُهُ: (وَسَهْوُ الْمَأْمُومِ) أَيْ مُقْتَضَاهُ وَهُوَ السَّجْدَتَانِ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا تَحَقَّقَ فِعْلُهُ حَالَ اقْتِدَائِهِ، أَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ حَالَ قُدْوَتِهِ فَيَحْمِلُهُ أَوْ بَعْدَ انْفِرَادِهِ كَأَنْ كَانَ مَسْبُوقًا فَلَا. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: فِيهِ نَظَرٌ قَالَ ع ش: الْأَقْرَبُ عَدَمُ السُّجُودِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ اهـ. وَأَقُولُ الْأَقْرَبُ السُّجُودُ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا مُقْتَضِيَهُ وَشَكَكْنَا فِي مُسْقِطِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ اهـ أج قَوْلُهُ: (فِي ثَانِيَتِهَا) بِأَنْ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ وَصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً مِنْ الثُّنَائِيَّةِ، ثُمَّ تُتِمُّ لِنَفْسِهَا ثُمَّ تَجِيءُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهَا الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ وَيَنْتَظِرُهَا فِي التَّشَهُّدِ لِتُسَلِّمَ مَعَهُ فَهِيَ مُقْتَدِيَةٌ بِهِ حُكْمًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ:(يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) أَيْ إذَا تَحَقَّقَ فِعْلُهُ حَالَ اقْتِدَائِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ كَمَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فَخَرَجَ الْمُحْدِثُ قَوْلُهُ:(كَالْقُنُوتِ) فَإِنَّهُ يَتَحَمَّلُهُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ كَأَنْ اسْتَمَعَ قُنُوتَ إمَامِهِ، وَمِثْلُ الْقُنُوتِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَدُعَاءُ الْقُنُوتِ وَالْقِرَاءَةُ عَنْ الْمَسْبُوقِ وَالْقِيَامُ عَنْهُ. وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا م د فَقَالَ:
تَحَمُّلُ الْإِمَامِ عَنْ مَأْمُومٍ
…
فِي تِسْعَةٍ تَأْتِيك فِي الْمَنْظُومِ
قِيَامُهُ فَاتِحَةً مَعَ جَهْرِ
…
كَذَاك سُورَةٌ لِذَاتِ الْجَهْرِ
تَشَهُّدٌ أَوَّلُ مَعَ قُعُودٍ
…
فَاتَهُمَا الْإِمَامُ مَعَ سُجُودٍ
إذَا سَهَا الْمَأْمُومُ حَالَ الِاقْتِدَا
…
أَوْ كَانَ فِي ثَانِيَةٍ قَدْ اقْتَدَى
تَحَمَّلَ الْإِمَامُ عَنْهُ أَوَّلَا
…
تَشَهُّدًا كَذَا قُنُوتًا حَمَلَا
وَقَوْلُهُ: مَعَ سُجُودٍ شَامِلٍ لِسُجُودِ السَّهْوِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ بِأَنْ حَصَلَ لِلْمَأْمُومِ خَلَلٌ فِي صَلَاتِهِ يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ عَنْهُ، وَكَأَنْ قَرَأَ الْمَأْمُومُ آيَةَ سَجْدَةٍ فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ سُجُودَهَا قَوْلُهُ:(فَلَا يَتَحَمَّلُهُ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ عَنْهُ كَمَا أَنَّهُ يَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ الْوَاقِعُ قَبْلَ الْقُدْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ تَعَدِّي الْخَلَلِ
لَوْ سَهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَسْبُوقًا أَمْ مُوَافِقًا لِانْتِهَاءِ الْقُدْوَةِ، فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ بِسَلَامِ إمَامِهِ فَذَكَرَهُ حَالًا بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ سَهْوَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ مَعَهُ لَمْ يَسْجُدْ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَيَلْحَقُ الْمَأْمُومَ سَهْوُ إمَامِهِ غَيْرِ الْمُحْدِثِ وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ لِصَلَاتِهِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ وَلِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ السَّهْوَ، أَمَّا إذَا بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا فَلَا يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ وَلَا يَتَحَمَّلُ هُوَ عَنْهُ إذْ لَا قُدْوَةَ حَقِيقَةَ حَالِ السَّهْوِ فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ لِلسَّهْوِ لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ سَهَا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ سَهَا، فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ الْمُتَابَعَةَ عَمْدًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَكْسِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ: (وَسَهْوُهُ بَعْدَهَا) أَيْ وَخَرَجَ سَهْوُهُ بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ سَهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) .
فَائِدَةٌ: الْقَاعِدَةُ أَنْ تُكْتَبَ الْأَلْفُ الْمُنْقَلِبَةُ عَنْ الْيَاءِ عَلَى صُورَةِ الْيَاءِ كَرَمَى، وَالْأَلْفُ الْمُنْقَلِبَةُ عَنْ الْوَاوِ عَلَى صُورَةِ الْأَلْفِ كَغَزَا، وَالْأَلْفُ فِي سَهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْوَاوِ فَكَانَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ أَنْ تَكْتُبَ عَلَى صُورَةِ الْأَلْفِ إلَّا أَنَّ غَالِبَ النُّسَّاخِ لِجَهْلِهِمْ بِرَسْمِ الْخَطِّ يَكْتُبُونَهَا عَلَى صُورَةِ الْيَاءِ. قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: سَهَا فِي الْأَمْرِ كَدَعَا سَهْوًا وَسَهْوًا نَسِيَهُ وَغَفَلَ عَنْهُ وَذَهَبَ قَلْبُهُ إلَى غَيْرِهِ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ) يَعْنِي سَاهِيًا أَيْ بِأَنْ أَتَى بِكُلِّ السَّلَامِ. أَمَّا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ السَّلَامِ فَإِنْ نَوَى انْقِطَاعَ الْقُدْوَةِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ السَّلَامِ أَيْ كَأَنْ قَالَ السَّلَامُ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَيَسْجُدُ مَسْبُوقٌ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ سَهْوًا لِأَنَّ سَهْوَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ، فَإِنْ ظَنَّهُ الْمَسْبُوقُ بِرَكْعَةٍ مَثَلًا سَلَّمَ فَقَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ قَبْلَ سَلَامِهِ لَمْ تُحْسَبْ لِفِعْلِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، فَإِذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَعَادَهَا وَلَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ، وَلَوْ عَلِمَ فِي الْقِيَامِ أَنَّهُ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ أَيْ وَلَوْ كَانَ عَلِمَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ لِأَنَّ قِيَامَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، فَإِذَا جَلَسَ وَوَجَدَهُ لَمْ يُسَلِّمْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ سَلَامَهُ، فَلَوْ أَتَمَّهَا جَاهِلًا بِالْحَالِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَمْ تُحْسَبْ فَيُعِيدُهَا لِمَا قُلْنَاهُ. وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ اهـ بِحُرُوفِهِ مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ:(بِسَلَامِ إمَامِهِ) أَيْ بِسَبَبِ سَلَامِ إمَامِهِ بِأَنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَعِيَّةِ قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِاخْتِلَالِ الْقُدْوَةِ بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِي السَّلَامِ. اهـ. عَنَانِيٌّ قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْجُدْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِضَعْفِ الْقُدْوَةِ، وَاخْتِلَالِهَا بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِي السَّلَامِ فَلَا يَتَحَمَّلُ حِينَئِذٍ سَهْوَ الْمَأْمُومِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّلَامِ وَقَبْلَ الْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر بَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ فُرَادَى كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ اقْتِصَارِ م ر عَلَى نَفْيِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ حَيْثُ نُسِبَ لَهُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ أَصْلًا فَاحْفَظْهُ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَيَلْحَقُ الْمَأْمُومَ إلَخْ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ يَلْحَقُ، وَسَهْوُ إمَامِهِ بِالرَّفْعِ فَاعِلُهُ وَمَعْنَى لُحُوقِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي صَلَاتِهِ خَلَلٌ بِسَبَبِهِ يَسْجُدُ لَهُ. وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوَافِقًا فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ، فَإِنْ تَخَلَّفَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ، وَإِنْ تَخَلَّفَ سَهْوًا سَجَدَ وُجُوبًا وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ سَهْوًا وَقَرُبَ الزَّمَنُ تَدَارَكَهُ وَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا، فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ سَجَدَ مَعَهُ وُجُوبًا وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِ التَّشَهُّدِ إذَا كَانَ مَحَلَّ تَشَهُّدِهِ بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ ابْنُ حَجَرٍ وم ر لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ آكَدُ مِنْ تَشَهُّدِهِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ قَبْلَ كَمَالِ التَّشَهُّدِ، فَعِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ وُجُوبًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ. يُكْمِلُ التَّشَهُّدَ وُجُوبًا بِنَاءً لَا اسْتِئْنَافًا، وَعِنْدَ م ر يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ فَإِنْ سَجَدَ قَبْلَ إكْمَالِهِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِذَا تَخَلَّفَ الْمَسْبُوقُ عَنْ السُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ تَخَلَّفَ سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُ السُّجُودِ إنْ اسْتَمَرَّ سَهْوُهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ الْإِمَامُ، فَإِنْ زَالَ فِي أَثْنَائِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمَا أَدْرَكَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْبَاقِي قَوْلُهُ:(سَهْوُ إمَامِهِ) وَكَذَا عَمْدُهُ ز ي قَوْلُهُ: (وَلِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ السَّهْوَ) أَيْ فَيَلْحَقُهُ سَهْوُهُ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعِي قَوْلَهُ: (أَمَّا إذَا بَانَ إمَامُهُ مُحَدِّثًا) أَيْ حَالَ السَّهْوِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ) هُوَ عَائِدٌ
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ كَأَنْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا سَجَدَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ جَبْرًا لِلْخَلَلِ، وَلَوْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ بِمَنْ سَهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ أَوْ قَبْلَهُ سَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ يَسْجُدُ أَيْضًا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السَّهْوِ الَّذِي لَحِقَهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ سَجَدَ الْمَسْبُوقُ آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ لِمَا مَرَّ.
(وَسُجُودُ السَّهْوِ) وَإِنْ كَثُرَ السَّهْوُ (سَجْدَتَانِ) لِاقْتِصَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمَا فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ تَعَدُّدِهِ، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَلَّمَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِقَوْلِهِ: وَيَلْحَقُ الْمَأْمُومَ إلَخْ وَمَحَلُّ سُجُودِهِ مَعَهُ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوَاجِبَةِ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ السُّجُودُ فِي هَذِهِ بَعْدَ فَرَاغِ تَشَهُّدِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر. فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ق ل. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ قَضِيَّتُهُ وَلَوْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِأَقَلَّ التَّشَهُّدِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْعُبَابُ ثُمَّ يُتِمُّ تَشَهُّدَهُ وَعَلَيْهِ هَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ أَوْ لَا؟ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ وَالِدُ شَيْخِنَا اهـ وَقَالَ ح ف: وَهُوَ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ.
قَوْلُهُ: (عَمْدًا) قَيْدٌ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا تَرَكَ الْمَأْمُومُ الْمُتَابَعَةَ سَهْوًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَاهِيًا عَنْهُ أَوْ جَاهِلًا لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ وَإِلَّا أَعَادَ الصَّلَاةَ كَمَا لَوْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْهَا، أَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ سُجُودِ الْإِمَامِ سَهْوًا وَفَاتَهُ بِهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَقَدْ فَاتَتْ، وَإِنْ فَاتَهُ بِسَجْدَةٍ مِنْهُ وَجَبَ أَنْ يُوَافِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى سَجْدَةٍ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا سَجَدَ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا لَمْ يَسْجُدْ أُخْرَى. قَالَ سم: نَعَمْ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ اسْتِقْرَارِهِ بِسُجُودِ الْإِمَامِ بَعْدَ السَّلَامِ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِهِ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ م د.
قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ إذَا تَخَلَّفَ عَنْهُ بِفِعْلَيْنِ بِأَنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ شُرُوعِهِ هُوَ فِي الْأُولَى، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ هُوِيِّ الْإِمَامِ لَهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَصَدَ الْمُبْطِلَ وَشَرَعَ فِيهِ بِتَخَلُّفِهِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِهِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَنْوِ الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ أَوَّلَ شُرُوعِهِ فِيهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَإِلَّا سَقَطَ هُوَ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَاحْفَظْهُ م د.
قَوْلُهُ: (سَجَدَ مَعَهُ) أَيْ وُجُوبًا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ مَوْضِعَهُ آخِرُ صَلَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى سَجْدَةٍ لَمْ يَسْجُدْ أُخْرَى بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ شَرْحُ م ر. قَالَ سم فِي شَرْحِ الْكِتَابِ: فَلَوْ سَهَا الْمَأْمُومُ أَيْ الْمَسْبُوقُ عَنْ سُجُودِ الْإِمَامِ حَتَّى سَلَّمَ فَالْمُتَّجَهُ سُقُوطُ السُّجُودِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَحْضُ مُتَابَعَةٍ. وَقَدْ فَاتَتْ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ أَيْضًا لَا اهـ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ أَيْ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ أُخْرَى لَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى سَجْدَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَهَا سَهْوًا وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدُ أَيْ نَدْبًا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَحَلُّ السَّهْوِ) أَيْ مَحَلُّ جَبْرِ السَّهْوِ قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السَّهْوِ الَّذِي لَحِقَهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَثُرَ السَّهْوُ) سَوَاءٌ كَانَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ بِهِمَا، وَيُجْبَرُ جَمِيعُ الْخَلَلِ إنْ قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَصَدَ جَبْرَ بَعْضٍ حَصَلَ جَبْرُهُ وَفَاتَ جَبْرُ غَيْرِهِ وَلَا يُكَرِّرُهُ لَهُ وَفَارَقَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَيْ حَيْثُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُقْتَضِي بِعَدَمِ الِانْحِصَارِ هُنَا ق ل. وَعِبَارَةُ سم: وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرَاحَتُهُ فِي امْتِنَاعِ تَعَدُّدِ سُجُودِ السَّهْوِ بِتَعَدُّدِ الْمُقْتَضِي بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّبَبَ هُنَا قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الِاخْتِيَارِ وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ، فَلَوْ طَلَبَ تَعَدُّدَ السُّجُودِ رُبَّمَا تَسَلْسَلَ اهـ وَهَذَا بِظَاهِرِهِ عَامٌّ لِمَا لَوْ خَصَّ بِهِ بَعْضَ الْخَلَلِ أَوْ لَا اهـ أج. وَالْغَايَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْمِيمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا كَانَ السَّهْوُ جِنْسَيْنِ كَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ سَجَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَجْدَتَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِيزَانِ، وَنَصُّهُ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي لِلسَّهْوِ أَنْ تُكَرَّرَ سَجْدَتَانِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إنَّهُ إنْ كَانَ السَّهْوُ جِنْسَيْنِ كَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ سَجَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَجْدَتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إنَّهُ يَسْجُدُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَيْنِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (سَجْدَتَانِ) أَيْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ أَتَى بِهَا بِقَصْدِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ بَعْدَ فِعْلِهَا لِأَنَّ غَايَتَهُ تَرْكُ إتْمَامِ النَّفْلِ،
مِنْ ثِنْتَيْنِ وَتَكَلَّمَ وَمَشَى لِأَنَّهُ يَجْبُرُ مَا قَبْلَهُ وَمَا وَقَعَ فِيهِ وَمَا بَعْدَهُ، حَتَّى لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ بِكَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثَلَاثًا سَهْوًا فَلَا يَسْجُدُ ثَانِيًا لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَ مِثْلِهِ فِي السُّجُودِ ثَانِيًا فَيَتَسَلْسَلُ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا أَبُو يُوسُفَ الْكِسَائِيَّ لَمَّا ادَّعَى أَنَّ مَنْ تَبَحَّرَ فِي عِلْمٍ اهْتَدَى بِهِ إلَى سَائِرِ الْعُلُومِ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ إمَامٌ فِي النَّحْوِ وَالْأَدَبِ فَهَلْ تَهْتَدِي إلَى الْفِقْهِ؟ فَقَالَ: سَلْ مَا شِئْت. فَقَالَ: لَوْ سَجَدَ سُجُودَ السَّهْوِ ثَلَاثًا هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ الْمُصَغَّرَ لَا يُصَغَّرُ
وَكَيْفِيَّتُهُمَا كَسُجُودِ الصَّلَاةِ فِي وَاجِبَاتِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالتَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ وَالِافْتِرَاشِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَالتَّوَرُّكُ بَعْدَهُمَا. وَيَأْتِي بِذِكْرِ سُجُودِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا.
وَهُوَ (سُنَّةٌ) لِلْأَحَادِيثِ الْمَارَّةِ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ (وَمَحَلُّهُ) بَعْدَ تَشَهُّدِهِ وَ (قَبْلَ السَّلَامِ) لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ فَقَامَ مِنْ الْأُولَتَيْنِ وَلَمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: لَوْ أَتَى بِوَاحِدَةٍ قَالَ الْقَفَّالُ: تُجْزِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لَا تُجْزِيهِ وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ ابْتِدَاءً أَنْ يَأْتِيَ بِسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى بِوَاحِدَةٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ لَا، فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ طَالَ الزَّمَنُ لَمْ يَأْتِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ أَتَى بِهَا وَحُمِلَ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِوَاحِدَةٍ ابْتِدَاءً فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَرَادَ تَرْكَ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ فَيَضُرُّ ابْتِدَاءً فَقَطْ دُونَ مَا إذَا عَرَضَ لَهُ، وَلَوْ فَعَلَ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ كَتَرْكِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِ كَتَرْكِ التَّسْبِيحَاتِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَقَصَدَهُمَا هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ أَوْ لَا لِوُجُودِ مُقْتَضَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ هَذَا مُقْتَضٍ وَمَانِعٌ وَإِذَا اجْتَمَعَا غَلَبَ الْمَانِعُ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (مَعَ تَعَدُّدِهِ) أَيْ السَّهْوُ قَوْلُهُ: (وَمَا وَقَعَ فِيهِ) وَلَا يَجْبُرُ نَفْسَهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ سَجَدَ قَوْلُهُ:(هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ) الْأَنْسَبُ هَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ السَّائِلُ حَنَفِيٌّ وَسُجُودُ السَّهْوِ وَاجِبٌ عِنْدَهُ أج، أَيْ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ الْوُجُوبُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمِيزَانِ وَعِبَارَتُهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْكَرْخِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّ سُجُودَ السَّهْوِ وَاجِبٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ يَجِبُ فِي النُّقْصَانِ وَيُسَنُّ فِي الزِّيَادَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ وَالشَّافِعِيُّ إنَّهُ مَسْنُونٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الْمُصَغَّرَ لَا يُصَغَّرُ) أَيْ وَهَذَا يُشْبِهُهُ فَلَا يُصَغَّرُ أَيْضًا بِالسُّجُودِ ثَانِيًا، وَوَجْهُ تَشْبِيهِهِ بِالْمُصَغَّرِ أَنَّ فِي الْمُصَغَّرِ زِيَادَةَ حَرْفٍ كَعُمَيْرِ تَصْغِيرِ عُمَرَ وَسُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ، فَإِذَا أَتَى بِثَلَاثَةٍ أَشْبَهَ الْمُصَغَّرَ كَمَا ذَكَرَهُ م د وَمَعْنَى كَوْنِهِ لَا يُصَغَّرُ أَنَّهُ لَا يُزَادُ سَجْدَتَانِ ثَانِيًا كَمَا أَنَّ عُمَيْرًا لَا يُصَغَّرُ أَيْ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ حَرْفٌ آخَرُ
قَوْلُهُ: (كَسُجُودِ الصَّلَاةِ) وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ لِغَيْرِ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ سَجَدَ بِدُونِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَمَنْدُوبَاتُهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ لَمْ يُسَبِّحْ فِيهِ عَشْرًا كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَارْتَضَاهُ فِي الْأَذْكَارِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَالْأَلْيَقُ أَنْ يَقُولَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَائِقًا بِالْحَالِ بَلْ اللَّائِقُ الِاسْتِغْفَارُ، وَسَكَتُوا عَنْ الذِّكْرِ بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالذِّكْرِ بَيْنَ سَجْدَتَيْ الصَّلَاةِ، فَلَوْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ السَّجْدَةِ أَوْ الْجُلُوسِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي السَّجْدَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِخْلَالَ بِهِ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ مَعَهُ وَفَعَلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَرَأَ لَهُ أَثْنَاءَ فِعْلِهِ الْإِخْلَالُ بِهِ وَأَنَّهُ يَتْرُكُهُ فَتَرَكَهُ فَوْرًا لَمْ تَبْطُلْ، وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْإِسْنَوِيِّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ شَرْحُ م ر. قَالَ سم: وَلَوْ أَتَى بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَمَا بَعْدَهَا أَجْزَأَ اهـ. أَيْ وَيَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ سُنَّةِ السُّجُودِ، وَعِبَارَةُ م ر وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ صَلَاتِهِ عَلَى الْآلِ ثُمَّ أَتَى بِهَا بِالْمَأْثُورِ حَصَلَ أَصْلُ سُنَّةِ السُّجُودِ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ اهـ أج. وَفِي ق ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ أَيْ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيُجْزِئُ بَعْدَ وَاجِبِهِ وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِ الْمَنْدُوبِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ عَنْ الْإِمَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ هُوِيِّ الْإِمَامِ لَهُ إنْ قَصَدَ الْمُخَالَفَةَ وَإِلَّا فَبِهُوِيِّهِ إلَى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُهُ إنْ كَانَ مَسْبُوقًا فَلَهُ تَرْكُهُ، وَلَهُ السُّجُودُ وَلَوْ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَكَذَا لَوْ نَوَى مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ قَبْلَهُ، وَلَوْ سَجَدَ سَجْدَةً فَقَطْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ إنْ قَصَدَ تَرْكَ الثَّانِيَةِ بَعْدَ فِعْلِ الْأُولَى وَإِلَّا بَطَلَتْ بِشُرُوعِهِ فِيهَا، فَإِنْ أَرَادَ السُّجُودَ بَعْدَ التَّرْكِ فَلَا بُدَّ مِنْ سَجْدَتَيْنِ. اهـ. ق ل.