المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط صحة صلاة الجمعة] - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٢

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تُطْلَبُ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الصَّلَاةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي فِي مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌[حُكْمُ سُجُود السَّهْو وَمَحَلُّهُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاة]

- ‌تَتِمَّةٌ: تَنْقَطِعُ قُدْوَةٌ بِخُرُوجِ إمَامِهِ مِنْ صَلَاتِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌ أَحْكَامِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ

- ‌ الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌شَرَائِطُ وُجُوبِ) صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَرَائِضُ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[تَتِمَّةٌ سَبُّ الرِّيحِ]

- ‌فَصْلٌفِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجِنَازَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الْإِبِلِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الْبَقَرِ وَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ

- ‌[فَصْلٌ فِي نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي زَكَاةِ خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌فَصْلٌ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا]

الفصل: ‌[شروط صحة صلاة الجمعة]

وَبِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ وَقَبْلَ الزَّوَالِ وَأَوَّلُهُ الْفَجْرُ كَبَعْدِهِ فِي الْحُرْمَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا حَرُمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ السَّعْيُ قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ وَسُنَّ لِغَيْرِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ بِمَحَلِّهَا جَمَاعَةٌ فِي ظَاهِرِهِ وَإِخْفَاؤُهَا إنْ خَفِيَ عُذْرُهُ لِئَلَّا يُتَّهَمَ بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَسُنَّ لِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَعَبْدٍ يَرْجُو الْعِتْقَ تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إلَى فَوَاتِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا مَنْ لَا يَرْجُو زَوَالَ عُذْرِهِ كَامْرَأَةٍ فَتَعْجِيلُ الظُّهْرِ أَفْضَلُ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ شُرُوطُ الصِّحَّةِ فَقَالَ: (وَشَرَائِطُ) صِحَّةِ (فِعْلِهَا) مَعَ شُرُوطِ غَيْرِهَا (ثَلَاثَةٌ) بَلْ ثَمَانِيَةٌ كَمَا سَتَرَاهَا؛ الْأَوَّلُ: (أَنْ تَكُونَ الْبَلَدُ) أَيْ أَنْ تُقَامَ فِي خُطَّةِ أَبْنِيَةِ أَوْطَانِ الْمُجَمِّعِينَ مِنْ الْبَلَدِ سَوَاءٌ الرِّحَابُ الْمُسْقَفَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لِأَمْرٍ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَاَلَّذِينَ يُرِيدُونَ زِيَارَةَ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ فَيُرِيدُونَ السَّفَرَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي رَكْبٍ وَالسَّفَرُ فِيهِ يُفَوِّتُ جُمُعَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَكِنْ يُوجَدُ غَيْرُهُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ فِيمَا يَلِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ مَعَهُ التَّمَكُّنُ مِنْ السَّفَرِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الظُّهْرَ يَتَكَرَّرُ) أَيْ فَخُفِّفَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الزَّوَالِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ كَبَعْدِهِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَبْلَ وَبَعْدَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ تَلْزَمُ النَّصْبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ تُجَرُّ بِمِنْ، وَهُنَا جُرَّتْ بِالْكَافِ وَجُعِلَتْ مُبْتَدَأً وَالْمُبْتَدَأُ لَازِمٌ لِلرَّفْعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَيْسَ مُبْتَدَأً حَقِيقَةً بَلْ صِفَةَ الْمُبْتَدَأِ وَالتَّقْدِيرُ، وَالسَّفَرُ قَبْلَ الزَّوَالِ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَبَعْدِهِ التَّقْدِيرُ كَالسَّفَرِ بَعْدَهُ، فَلَمْ يُدْخِلْ الْكَافَ عَلَى بَعْدَ وَلَعَلَّ فِيهِ خِلَافًا حَتَّى فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ مَعَ كَوْنِ الْحُكْمِ وَاحِدًا وَإِلَّا فَكَانَ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ: وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ السَّفَرُ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَبِفَجْرٍ حَرُمَ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ سَفَرٌ تَفُوتُ بِهِ لَا إنْ خَشِيَ ضَرَرًا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ) أَيْ لِكَوْنِهَا مُضَافَةً لِلْيَوْمِ، وَالْمُرَادُ بِإِضَافَتِهَا إلَيْهِ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ لُغَوِيَّةٌ وَإِلَّا فَالْيَوْمُ مُضَافٌ إلَيْهَا نَحْوُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَوْلُهُ:(يَجِبُ السَّعْيُ قَبْلَ الزَّوَالِ) وَقَدْ صَحَّ «مَنْ سَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ فَيَقُولَانِ: لَا نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ سَفَرِهِ، وَلَا أَعَانَهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ» قَالَهُ م ر الْكَبِيرُ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ: (عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ) أَيْ مِنْ حِينِ الْفَجْرِ كَذَا قَالُوهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ إلَّا بِهِ حَجّ ز ي وَشَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ:(إنْ خَفِيَ عُذْرُهُ) وَالْعُذْرُ الْخَفِيُّ كَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْخَوْفِ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْخَوْفِ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَفَقْدِ الْمَرْكُوبِ اللَّائِقِ وَالْوَحْلِ وَالْمَطَرِ. قَوْلُهُ: (وَسُنَّ لِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ) أَيْ رَجَا قَرِيبًا ع ش قَوْلُهُ: (إلَى فَوَاتِ الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ فَرْضِ أَهْلِ الْكَمَالِ أج. وَيَحْصُلُ الْفَوَاتُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ق ل. فَإِنْ قُلْتَ: يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ إلَّا بِالسَّلَامِ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ. قُلْتُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْجُمُعَةَ ثَمَّ لَازِمَةٌ فَلَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالسَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ تَرْكَ شَيْءٍ يُوجِبُ الْقِيَامَ لِلرُّكُوعِ فَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ حِينَئِذٍ وَلَا كَذَلِكَ مَا هُنَا إذْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ أج.

[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

قَوْلُهُ: (أَنْ تَكُونَ الْبَلَدُ فَقَالَ) أَيْ أَنْ تُوجَدَ الْأَبْنِيَةُ الْمُجْتَمِعَةُ. وَقَوْلُهُ مِصْرًا كَانَتْ أَوْ قَرْيَةً بَيَانٌ لِلْبَلَدِ بِمَعْنَى الْأَبْنِيَةِ وَهَذَا مَا سَلَكَهُ الشِّهَابُ الْعَبَّادِيُّ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا سَلَكَهُ الشَّارِحُ، إذْ مَا سَلَكَهُ سم يَنْدَفِعُ بِهِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْمَتْنُ مِنْ الْإِيهَامِ إذْ الْبَلَدُ لَا يَكُونُ مِصْرًا أَوْ قَرْيَةً إلَّا بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ، أَعْنِي تَأْوِيلَهَا بِالْأَبْنِيَةِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ يُطْلَقُ الْبَلَدُ وَالْبَلْدَةُ عَلَى كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْأَرْضِ عَامِرًا كَانَ أَوْ خَلَاءً اهـ. وَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَى تَأْوِيلٍ وَمَا ذَكَرَهُ سم مِنْ تَأْوِيلِهِ الْبَلَدَ بِالْأَبْنِيَةِ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا. الْبَلَدُ لَا تَكُونُ مِصْرًا أَوْ قَرْيَةً إلَّا بِالتَّأْوِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ قَوْلُهُ:(فِي خِطَّةِ أَبْنِيَةِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَرْضٌ خُطَّ عَلَيْهَا أَعْلَامٌ لِلْبِنَاءِ فِيهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالْخِطَّةِ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ إذَا كَثُرَ فِيهَا عَدَدٌ مُعْتَبَرٌ شَرْحُ م ر وَقَالَ ق ل لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ خِطَّةٍ لَكَانَ أَوْلَى إذْ الْخِطَّةُ عَلَامَاتُ الْأَبْنِيَةِ قَبْلَ وُجُودِهَا وَلَيْسَتْ كَافِيَةً وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ الْخِطَّةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبِنَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ إضَافَةَ خِطَّةٍ لِلْأَبْنِيَةِ بَيَانِيَّةٌ شَيْخُنَا وَشَمِلَتْ الْأَبْنِيَةُ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (الْمُجَمِّعِينَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ

ص: 188

وَالسَّاحَاتُ وَالْمَسَاجِدُ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ الْأَبْنِيَةُ وَأَقَامُوا عَلَى عِمَارَتِهَا لَمْ يَضُرَّ انْهِدَامُهَا فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَظَالَّ لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ. لَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ بِنَاءٍ إلَّا فِي هَذِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلُوا مَكَانًا وَأَقَامُوا فِيهِ لِيَعْمُرُوهُ قَرْيَةً لَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ قَبْلَ الْبِنَاءِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فِي الْحَالَيْنِ.

وَكَذَا لَوْ صَلَّتْ طَائِفَةٌ خَارِجَ الْأَبْنِيَةِ خَلْفَ جُمُعَةٍ مُنْعَقِدَةٍ لَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ لِعَدَمِ وُقُوعِهَا فِي الْأَبْنِيَةِ الْمُجْتَمِعَةِ فِيهِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.

وَتَجُوزُ فِي الْفَضَاءِ الْمَعْدُودِ مِنْ خُطَّةِ الْبَلَدِ (مِصْرًا كَانَتْ أَوْ قَرْيَةً) بِحَيْثُ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَمَا فِي السَّكَنِ الْخَارِجِ عَنْهَا الْمَعْدُودِ مِنْهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَعْدُودِ مِنْهَا، فَمَنْ أَطْلَقَ الْمَنْعَ فِي السَّكَنِ الْخَارِجِ عَنْهَا أَرَادَ هَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْقُرَى يُؤَخِّرُونَ الْمَسْجِدَ عَنْ جِدَارِ الْقَرْيَةِ قَلِيلًا صِيَانَةً لَهُ عَنْ نَجَاسَةِ الْبَهَائِمِ، وَعَدَمُ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ فِيهِ بَعِيدٌ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ بَنَى أَهْلُ الْبَلَدِ مَسْجِدَهُمْ خَارِجَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ لِانْفِصَالِهِ عَنْ الْبِنَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى انْفِصَالٍ لَا يُعَدُّ بِهِ مِنْ الْقَرْيَةِ اهـ.

وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الْبَزْرِيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَيْ الْبَلَدُ كَبِيرًا أَوْ خَرِبَ مَا حَوَالَيْ الْمَسْجِدِ لَمْ يَزُلْ حُكْمُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُشَدَّدَةِ أَيْ الْمُصَلِّينَ الْجُمُعَةَ.

قَوْلُهُ: (وَأَقَامُوا) أَيْ أَهْلُهَا أَوْ ذُرِّيَّتُهُمْ عَلَى قَصْدِ عِمَارَتِهَا أَوْ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى قَصْدِ الرَّحِيلِ حَتَّى يَرْحَلُوا عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ ق ل. وَقَوْلُهُ: أَوْ ذُرِّيَّتُهُمْ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْأَهْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَقْتَ مَوْتِ آبَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ اهـ.

قَوْلُهُ: (عَلَى عِمَارَتِهَا) أَيْ لِأَجْلِ عِمَارَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْرَعُوا فِيهَا، فَالشَّرْطُ أَنْ يَقْصِدُوا الْعِمَارَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقُوا أَوْ قَصَدُوا عَدَمَ الْعِمَارَةِ فَتَكُونُ عَلَى فِي عِبَارَتِهِمْ بِمَعْنَى اللَّامِ، أَوْ أَنَّهُ ضَمَّنَ أَقَامُوا مَعْنَى عَزَمُوا فَعَدَّاهُ بِعَلَى وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فِي الصُّورَةِ الْإِطْلَاقُ. قَوْلُهُ (لِيَعْمُرُوهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَضَمِّ الْمِيمِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: 18] قَوْلُهُ: (اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُ الْأَبْنِيَةِ فِي الْأُولَى وَعَدَمُهَا فِي الثَّانِيَةِ.

قَوْلُهُ: (خَارِجَ الْأَبْنِيَةِ) أَيْ أَوْ خَارِجَ السُّورِ، فَالْمُرَادُ أَنَّ مَا يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِلْمُسَافِرِ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ وَلَوْ تَبَعًا لِأَهْلِهِ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ الْخُطْبَةُ فِيهِ وَلَا سَمَاعُهَا مِمَّنْ هُوَ فِيهِ ق ل. قَالَ الشَّيْخُ م ر: وَلَوْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ فِي مَحَلٍّ تَصِحُّ فِيهِ فَامْتَدَّتْ الصُّفُوفُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَوَرَاءً مَعَ الِاتِّصَالِ الْمُعْتَبَرِ حَتَّى خَرَجَتْ إلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ مَثَلًا صَحَّتْ جُمُعَةُ الْخَارِجِينَ إنْ كَانُوا بِمَكَانٍ لَا يَقْصُرُ فِيهِ مَنْ سَافَرَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، فَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمَرَاكِبِ الرَّاسِيَةِ بِسَاحِلِ بُولَاقَ تَبَعًا لِمَنْ فِي الْمَدْرَسَةِ السِّنَانِيَّةِ النَّاشِئَةِ بِالسَّاحِلِ لِأَنَّ الْمَرَاكِبَ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَيْرِهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْقَصْرِ قَوْلُهُ:(وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى قَوْلِ شَيْخِنَا م ر بِصِحَّتِهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِمَنْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقَصْرُ نَحْوِ مَنْ فِي الْمَرَاكِبِ فِي سَاحِلِ بُولَاقَ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِ الْمَحَلِّ مَحَلَّ قَصْرٍ وَإِنْ امْتَنَعَ فِيهِ الْقَصْرُ لِبَعْضِ الْأَفْرَادِ فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ فِي الْفَضَاءِ الْمَعْدُودِ) بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا أَيْ بَيْنَ خِطَّةِ الْبَلَدِ.

قَوْلُهُ: (مِصْرًا كَانَتْ أَوْ قَرْيَةً) جَعَلَهُ مُرْتَبِطًا بِلَفْظِ بَلَدِ النِّدَاءِ الَّتِي فِي الشَّارِحِ، فَلَوْ قَدَّمَهُ بِجَنْبِ الْمَتْنِ كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا، وَالْمِصْرُ مَا فِيهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ وَحَاكِمٌ شُرَطِيٌّ وَأَسْوَاقٌ لِلْمُعَامَلَةِ وَالْبَلَدُ مَا فِيهِ بَعْضُ ذَلِكَ وَالْقَرْيَةُ مَا خَلَتْ عَنْ الْجَمِيعِ. وَخَصَّ أَبُو حَنِيفَةَ الصِّحَّةَ بِالْمِصْرِ اهـ ق ل وَقَوْلُهُ أَوْ قَرْيَةً. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَا تَسْكُنْ الْكُفُورَ فَإِنَّ سَاكِنَ الْكُفُورِ كَسَاكِنِ الْقُبُورِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ. وَالْمُرَادُ بِالْكُفُورِ الْقُرَى الْبَعِيدَةِ عَنْ الْمُدُنِ الَّتِي هِيَ مَجْمَعُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ قَوْلُهُ:(بِحَيْثُ) أَيْ بِمَكَانٍ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَوْلُهُ: (فِي السَّكَنِ) كَزَرِيبَةٍ خَارِجَةٍ عَنْهَا أَيْ غَيْرِ مُتَّصِلَةٍ بِأَبْنِيَتِهَا لَكِنَّهَا دَاخِلَةُ السُّورِ.

قَوْلُهُ: (الْبَزْرِيِّ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَغَرَضُ ابْنِ الْبَزْرِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي اتِّصَالُ الْمَسْجِدِ إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْبَارِزِيُّ مَرْحُومِيٌّ. قَالَ

ص: 189

الْوُصْلَةِ عَنْهُ وَيَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْسَخٌ اهـ وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ بِحَيْثُ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.

وَلَوْ لَازَمَ أَهْلُ الْخِيَامِ مَوْضِعًا مِنْ الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ النِّدَاءُ مِنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَبْنِيَةُ الْمُسْتَوْطِنِينَ، وَلِأَنَّ قَبَائِلَ الْعَرَبِ كَانُوا مُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَمَا كَانُوا يُصَلُّونَهَا وَمَا أَمَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم بِهَا.

(وَ) الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ (أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ أَرْبَعِينَ) رَجُلًا وَلَوْ مَرْضَى وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ (مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ) وَهُمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي التُّحْفَةِ: هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ نِسْبَةً لِبِزْرِ الْكَتَّانِ اهـ. وَاَلَّذِي فِي طَبَقَاتِ الْإِسْنَوِيِّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ مُعْجَمَةٍ نِسْبَةً إلَى بَرْزَةَ قَرْيَةٍ بِدِمَشْقَ. وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِالْخُشَنِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا نُونٌ وَكَانَ يَحْفَظُ مُخْتَصَرَ الْمُزَنِيِّ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ هَذَا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَخَرِبَ) بَابُهُ عَلِمَ. قَوْلُهُ: (فَرْسَخٌ) عِبَارَةُ حَجّ فَرَاسِخُ. قَوْلُهُ: (وَالضَّابِطُ) أَيْ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ الْبَلَدِ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا ق ل اعْتَمَدَهُ م ر وَابْنُ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ خِيَامُهُمْ فِي خِلَالِ الْأَبْنِيَةِ وَهُمْ مُسْتَوْطِنُونَ فَتَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ، وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ فِي خِلَالِ الْأَبْنِيَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ فِي أَبْنِيَةٍ اهـ حَجّ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ بِقَرْيَةٍ مَسْجِدٌ ثُمَّ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ فَصَارَ مُنْفَرِدًا وَلَمْ يُهْجَرْ بَلْ اسْتَمَرَّ النَّاسُ يَتَرَدَّدُونَ إلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيهِ وَلَوْ بَعُدَ الْعُمْرَانُ عَنْهُ، إذْ بَقَاؤُهُ عَامِرًا بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ يَصِيرُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِرِ مِنْ الْخَرَابِ كَخَرَابٍ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْعُمْرَانِ، وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ أج وَابْنُ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ) أَيْ الْمُسَافِرِينَ أَيْ شَأْنُهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامُوا بِهَا أَبَدًا قَوْلُهُ: (مُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْمَعُونَ نِدَاءَهَا مِنْهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَرْبَعِينَ رَجُلًا) وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَلَّاهَا فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى. وَحِكْمَةُ هَذَا الْعَدَدِ أَنَّهُ مِقْدَارُ زَمَنِ بَعْثِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَنَّهُ مِقْدَارُ زَمَنِ مِيقَاتِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ كَمَا قِيلَ مِقْدَارُ عَدَدٍ لَمْ يَجْتَمِعْ مِثْلُهُ إلَّا وَفِيهِمْ وَلِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَشَرْطُهُمْ صِحَّةُ إمَامَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْبَاقِينَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْجِنِّ حَيْثُ عُلِمَتْ ذُكُورَتُهُمْ وَلَوْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ سُورَةِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَرْبَعُونَ مِنْ الْآدَمِيِّينَ الَّذِينَ اتَّفَقَتْ أُمِّيَّتُهُمْ بِأَنْ اتَّفَقُوا فِي الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ وَلَيْسُوا مُقَصِّرِينَ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ ق ل وَعِبَارَةُ ز ي: وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعِينَ فِيهِمْ أُمِّيٌّ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَيَنْقُصُونَ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا اهـ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ صِحَّةُ إمَامَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْبَاقِينَ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ. وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا:

أَحَدُهَا: تَصِحُّ مِنْ الْوَاحِدِ؛ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ. وَتَأَمَّلْ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ لِابْنِ حَجَرٍ وَعِبَارَتُهُ: وَفِيهِ أَيْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ» أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَهُوَ إجْمَاعٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ.

الثَّانِي: اثْنَانِ كَالْجَمَاعَةِ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ.

الثَّالِثُ: اثْنَانِ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَاللَّيْثِ.

ص: 190

الذُّكُورُ الْأَحْرَارُ الْمُكَلَّفُونَ الْمُسْتَوْطِنُونَ بِمَحَلِّهَا لَا يَظْعَنُونَ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجَمِّعْ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ أَيَّامًا لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ، وَكَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ فِيهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الرَّابِعُ: ثَلَاثَةٌ مَعَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانٍ الثَّوْرِيِّ.

الْخَامِسُ: سَبْعَةٌ عِنْدَ عِكْرِمَةَ.

السَّادِسُ: تِسْعَةٌ عِنْدَ رَبِيعَةَ.

السَّابِعُ: اثْنَا عَشَرَ عِنْدَ رَبِيعَةَ أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ وَمَالِكٍ.

الثَّامِنُ: مِثْلُهُ غَيْرُ الْإِمَامِ عِنْدَ إِسْحَاقَ.

التَّاسِعُ: عِشْرُونَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ.

الْعَاشِرُ: ثَلَاثُونَ كَذَلِكَ.

الْحَادِيَ عَشَرَ: أَرْبَعُونَ بِالْإِمَامِ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

الثَّانِي عَشَرَ: أَرْبَعُونَ غَيْرُ الْإِمَامِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَائِفَةٌ.

الثَّالِثَ عَشَرَ: خَمْسُونَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَحُكِيَتْ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

الرَّابِعَ عَشَرَ: ثَمَانُونَ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ.

الْخَامِسَ عَشَرَ: جَمْعٌ كَثِيرٌ بِغَيْرِ حَصْرٍ. وَلَعَلَّ هَذَا الْأَخِيرَ أَرْجَحُهَا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي اهـ مَوَاهِبُ شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ خ ض وَتَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ بِخِلَافِ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ أَوْ مِنْهُمْ وَمِنْ الْإِنْسِ، قَالَهُ الْقَمُولِيُّ؛ أَيْ إنْ عَلِمَ وُجُودَ الشُّرُوطِ فِيهِمْ وَقَيَّدَهُ الدَّمِيرِيُّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ بِمَا إذَا تَصَوَّرُوا بِصُورَةِ بَنِي آدَمَ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا نُقِلَ مِنْ كُفْرِ مُدَّعِي رُؤْيَتِهِمْ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ ادَّعَى رُؤْيَتَهُمْ عَلَى مَا خُلِقُوا عَلَيْهِ، وَكَلَامُنَا فِيمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى صُورَةِ بَنِي آدَمَ فَشَرْطُ كُلٍّ أَنْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ وَأَنْ تَكُونَ مُغْنِيَةً عَنْ الْقَضَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ إمَامًا لِلْقَوْمِ، قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ أَيْ الِاكْتِفَاءِ بِأَرْبَعِينَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَمَّا فِيهَا فَيُشْتَرَطُ زِيَادَتُهُمْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِيُحْرِمَ الْإِمَامُ بِأَرْبَعِينَ وَيَقِفَ الزَّائِدُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ أَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْأَوَّلِينَ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ أَيْ الزَّائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ حَالَ التَّحَرُّمِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ) سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْخَطِيبُ أَوْ لَا. وَيُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ صِحَّةُ إمَامَتِهِ لَهُمْ أَيْضًا فَلَا تَصِحُّ الْخُطْبَةُ مِنْ أُمِّيٍّ أَوْ أَرَتَّ أَوْ نَحْوِهِ ق ل قَوْلُهُ: (وَهُمْ الذُّكُورُ) أَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ رَجُلًا.

قَوْلُهُ: (الْمُسْتَوْطِنُونَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ لِلْمُتَوَطِّنِ مَسْكَنٌ وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنَانِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا كَثُرَتْ فِيهِ إقَامَتُهُ، فَإِنْ اسْتَوَتْ إقَامَتُهُ فِيهِمَا فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِيهِ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْكُلِّ فَالْعِبْرَةُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ حَالَةَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ حَجّ أج. وَفِي ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: وَلَوْ تَوَطَّنَ بِبَلَدَيْنِ اُعْتُبِرَ مَا فِيهِ أَهْلُهُ وَمَالُهُ فَمَا إقَامَتُهُ فِيهِ أَكْثَرُ فَإِنْ اسْتَوَتْ انْعَقَدَتْ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (لَا يَظْعَنُونَ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِيطَانِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجَمِّعْ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ إلَخْ) اُعْتُرِضَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام مُنْذُ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ لَمْ يُقِمْ إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ فَهُوَ مُسَافِرٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ. اهـ. ابْنُ شَرَفٍ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَرْبَعُونَ بِبَلَدٍ سِنِينَ وَكَانُوا عَازِمِينَ عَلَى الرَّحِيلِ وَلَيْسَ بِهَا غَيْرُهُمْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِهِمْ لِكَوْنِهِمْ غَيْرُ مُتَوَطِّنِينَ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَهُ عَمِيرَةُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ يَكْفِي فِي الدَّلِيلِ أَنَّ غَالِبَ أَحْوَالِهَا التَّعَبُّدُ وَلَمْ تَثْبُتْ إقَامَتُهَا بِغَيْرِ مُسْتَوْطِنِينَ رَحْمَانِيٌّ قَوْلُهُ:(لَمْ يُجَمِّعْ) هُوَ بِالْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ قَوْلُهُ: (مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ) أَيْ بِمَكَّةَ بَعْدَ عَرَفَةَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى سَفَرِهِ؛ فَلِذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ وَقِيلَ كَانَ مُقِيمًا وَالْجَمْعُ لِلنُّسُكِ كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةُ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ

ص: 191

وَالْعَصْرَ تَقْدِيمًا كَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا بَطَلَتْ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي دَوَامِهَا كَالْوَقْتِ وَقَدْ فَاتَ فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا أَوْ فِي خُطْبَةٍ لَمْ يُحْسَبْ رُكْنٌ مِنْهَا فُعِلَ حَالَ نَقْصِهِمْ لِعَدَمِ سَمَاعِهِمْ لَهُ، فَإِنْ عَادُوا قَرِيبًا عُرْفًا جَازَ بِنَاءً عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا، فَإِنْ عَادُوا بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا لِانْتِفَاءِ الْمُوَالَاةِ الَّتِي فَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ فِيهَا كَنَقْصِهِمْ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ فَإِنَّهُمْ إنْ عَادُوا قَرِيبًا جَازَ الْبِنَاءُ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ لِذَلِكَ.

وَلَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ تَمَّتْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنْ أَحْرَمُوا عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ قَالَ فِي الْوَسِيطِ: تَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ.

وَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ خَلْفَ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَمُسَافِرٍ وَمَنْ بَانَ مُحْدِثًا وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ كَغَيْرِهَا إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتِمَّ إلَّا بِهِمْ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُصَنِّفِ لِتَعْلِيلِهِ بِعَدَمِ التَّوَطُّنِ، إذْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ لَعَلَّلَ بِعَدَمِ الْإِقَامَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَدَمُ التَّوَطُّنِ لَا يُنَافِي عَدَمَ الْإِقَامَةِ فَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ. وَيَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْحُجَّاجِ دُخُولُهُ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِنَحْوِ يَوْمٍ نَاوِينَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ مِنًى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ سَفَرُهُمْ حَتَّى يَرْجِعُوا مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ فَلَمْ تُؤَثِّرْ نِيَّتُهُمْ لِتِلْكَ الْإِقَامَةِ قَبْلَهُ رَحْمَانِيٌّ اهـ قَوْلُهُ:(أَيَّامًا) أَيْ غَيْرَ قَاطِعَةٍ لِلسَّفَرِ أَيْ دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.

قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ) الْأَوْلَى لِعَدَمِ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا غَيْرَ مُتَوَطِّنٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ. فَعَدَمُ إقَامَتِهِ الْجُمُعَةَ بِعَرَفَةَ لِلسَّفَرِ وَلِعَدَمِ الْأَبْنِيَةِ فِيهَا لَا لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ هَذَا التَّعْلِيلُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ مُشْكِلٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَوْلُهُ:(تَقْدِيمًا) أَيْ لِلسَّفَرِ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا بَطَلَتْ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ نَقَصُوا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهَا وَشَامِلٌ لِمَا لَوْ نَقَصُوا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَشَامِلٌ لِمَا إذَا عَادُوا فَوْرًا وَشَامِلٌ لِمَا إذَا عَادُوا بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُمْ إذَا عَادُوا فَوْرًا وَكَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَعَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَحِينَئِذٍ يُبْنَى عَلَى مَا مَضَى، وَأَمَّا إذَا نَقَصُوا بَعْدَ رُكُوعِ الْأُولَى أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تُمْكِنْهُمْ الْفَاتِحَةُ وَإِنْ عَادُوا فَوْرًا فِيهِمَا فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ ز ي.

قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) أَيْ الْجُمُعَةُ فَقَطْ إنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ أُخْرَى فَيَجِبُ الظُّهْرُ بِنَاءً عَلَى مَا صَلَّوْهُ مِنْهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيُتِمُّهَا إلَخْ. وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ مِنْ أَصْلِهَا إنْ أَمْكَنَ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ أُخْرَى كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (جَازَ بِنَاءً عَلَى مَا مَضَى) أَيْ مَعَ إعَادَةِ مَا فَعَلَ حَالَ نَقْصِهِمْ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ) ضَبَطَهُ حَجّ بِمَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ بِأَقَلِّ مُجْزِئٍ. قَوْلُهُ: (إنْ عَادُوا قَرِيبًا) أَيْ قَبْلَ إحْرَامِ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: جَازَ الْبِنَاءُ أَيْ مِنْ الْإِمَامِ. اهـ. ح ل. قَوْلُهُ (لِذَلِكَ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الْمُوَالَاةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ) أَيْ وَلَوْ مُتَرَتِّبِينَ كَأَنْ كَانُوا كُلَّمَا أَحْرَمَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ بَطَلَتْ صَلَاةُ مِثْلِهِ مِنْ الْأَوَّلِينَ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَءُوا الْفَاتِحَةَ حَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْهَا بِأَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ إحْرَامِهِمْ؛ لَكِنْ مَحَلُّ هَذَا إنْ قَرَأَهَا الْأَوَّلُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلَوْ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ رُكُوعِهَا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرَّفْعِ مِنْ رُكُوعِهَا اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَحْرَمُوا عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ إلَخْ) فَإِحْرَامُهُمْ عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ صَيَّرَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا مَعَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ انْفِضَاضٌ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إحْرَامُهُمْ عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى وَأَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ صَحَّ كَالْمُتَبَاطِئِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ لِخُلُوِّ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَنْ الْعَدَدِ فِي جُزْءٍ مِنْهَا ح ل وَقَوْلُ ح ل: وَهَذَا عَامٌّ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الَأُجْهُورِيُّ وَالْعَنَانِيِّ.

قَوْلُهُ: (سَمِعُوا الْخُطْبَةَ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَأَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ. وَعِبَارَةُ الَأُجْهُورِيُّ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ رُكُوعِهِ. وَالْمُرَادُ أَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ أَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرَّكْعَةَ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَانَ مُحْدِثًا) مِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَنْ بَانَ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ، وَانْظُرْ هَلْ الْخُطْبَةُ كَذَلِكَ حَتَّى إذَا بَانَ أَنَّ الْخَطِيبَ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ تَصِحُّ الْخُطْبَةُ

ص: 192

(وَ) الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ (الْوَقْتُ) وَهُوَ وَقْتُ الظُّهْرِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَيُشْتَرَطُ الْإِحْرَامُ بِهَا وَهُوَ (بَاقٍ) بِحَيْثُ يَسَعُهَا جَمِيعَهَا. (فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) أَوْ ضَاقَ عَنْهَا وَعَنْ خُطْبَتَيْهَا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ (أَوْ عُدِمَتْ الشُّرُوطُ) أَيْ شُرُوطُ صِحَّتِهَا أَوْ بَعْضُهَا كَأَنْ فُقِدَ الْعَدَدُ أَوْ الِاسْتِيطَانُ (صُلِّيَتْ) حِينَئِذٍ (ظُهْرًا) كَمَا لَوْ فَاتَ شَرْطُ الْقَصْرِ يَرْجِعُ إلَى الْإِتْمَامِ فَعُلِمَ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى جُمُعَةً بَلْ ظُهْرًا، أَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا وَجَبَ الظُّهْرُ بِنَاءً إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ فَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ الْمُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ. فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ ظُهْرٌ بِنَاءً وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةُ الْجُمُعَةِ صَحِيحَةً، وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ الْأُولَى وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فِي الْوَقْتِ وَسَلَّمَهَا الْبَاقُونَ خَارِجَهُ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ، أَمَّا الْمُسَلِّمُونَ خَارِجَهُ أَوْ فِيهِ لَوْ نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعِينَ كَأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِيهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَعَهُ أَوْ بَعْضُهُمْ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فَإِنْ قِيلَ: لَوْ تَبَيَّنَ حَدَثُ الْمَأْمُومِينَ دُونَ الْإِمَامِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَيَانِ مَعَ عَدَمِ انْعِقَادِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْجُمُعَةُ لَا يَبْعُدُ أَنَّهَا كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ خَطَبَ الْخَطِيبُ قَاعِدًا وَبَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ لَا يَضُرُّ م ر.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ بِخُرُوجِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ عَمَلًا بِخَبَرِ الْعَدْلِ كَمَا فِي غَالِبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَمِنْ ثَمَّ رَجَّحَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ بِهِ الْفَاسِقَ إذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ احْتِيَاطًا لِانْعِقَادِهَا وَيَضُرُّ فِي الِابْتِدَاءِ فَيَمْنَعُ الِانْعِقَادَ كَمَا قَالَهُ الرَّحْمَانِيُّ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَرَفٍ: فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَيْ يَقِينًا لَا ظَنًّا حَتَّى لَوْ ظَنَّ أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُهَا لَمْ تَنْقَلِبْ ظُهْرًا إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يَأْكُلَ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ، وَلَوْ نَوَى الْجُمُعَةَ إنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَإِلَّا فَالظُّهْرُ صَحَّتْ إنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ قِيَاسًا عَلَى نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَرَفٍ وَمِثْلُهُ فِي م ر. وَخَالَفَ ابْنُ حَجَرٍ وَقَالَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرَاجِعْهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِهِ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، فَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ الْأُولَى وَتِسْعَةً وَثَلَاثُونَ فِي الْوَقْتِ وَسَلَّمَهَا الْبَاقُونَ خَارِجَهُ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ فَقَطْ دُونَ الْمُسَلِّمِينَ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ، وَكَذَا جُمُعَةُ الْمُسَلِّمِينَ فِيهِ لَوْ نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعِينَ. وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ لِلْإِمَامِ وَحْدَهُ فِيمَا لَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ دُونَهُ لِأَنَّ سَلَامَهُ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ فَثَبَتَتْ فِيهِ صُورَةُ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ السَّلَامِ؛ وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِيمَا إذَا فَقَدْ الطَّهُورَيْنِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ؛ وَلِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي ذَلِكَ اهـ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْخُرُوجِ أَوْ الضِّيقِ أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ أَيْ وَهُمْ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (صُلِّيَتْ ظُهْرًا) قَالَ سم: لَا يَخْفَى مَا فِي إعَادَةِ الضَّمِيرِ إلَى الْجُمُعَةِ مِنْ التَّجَوُّزِ، إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْجُمُعَةِ تُصَلَّى ظُهْرًا؛ لَكِنَّهُ أَعَادَهُ إلَيْهَا نَظَرًا لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ أَوَّلًا. وَيُمْكِنُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي صُلِّيَتْ عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الْمَقَامِ لَا لِلْجُمُعَةِ، وَلَوْ قَالَ صُلِّيَ الظُّهْرُ بِحَذْفِ التَّاءِ لَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ فِي إعَادَةِ الضَّمِيرِ مُؤَنَّثًا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا صَحَّتْ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ، وَمِثْلُهُ تَرْكُ بَعْضِهِمْ الْقِرَاءَةَ أَوْ الْبَسْمَلَةَ كَمَا يَقَعُ فِي الْأَرْيَافِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ الْمَالِكِيَّةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ عَمِيرَةُ.

قَوْلُهُ (بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ) أَيْ وَهُمْ فِيهَا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا لَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ، فَلَوْ أَحْرَمُوا عِنْدَ الشَّكِّ بِالظُّهْرِ فَبَانَتْ سَعَةَ الْوَقْتِ تَعَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ الظُّهْرِ سم عَلَى حَجّ. قَالَ ع ش: وَتَنْعَقِدُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا. قُلْتُ: مَحَلُّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ نَوْعِهَا وَإِلَّا وَقَعَتْ عَنْهَا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَتِسْعَةٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ (فِي الْوَقْتِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَلَّمَ قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضُ مَنْ مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ) أَيْ الْجَمِيعِ حَتَّى الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ قِيلَ) وَارِدٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ جُمُعَةِ الْإِمَامِ.

ص: 193

صَلَاتِهِمْ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُحْدِثَ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا بِخِلَافِهَا خَارِجَ الْوَقْتِ.

وَالرَّابِعُ مِنْ الشُّرُوطِ وُجُودُ الْعَدَدِ كَامِلًا مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ الْأُولَى إلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ لَتَخْرُجَ مَسْأَلَةُ الِانْفِضَاضِ الْمُتَقَدِّمَةُ.

وَالْخَامِسُ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَسْبِقَهَا وَلَا يُقَارِنَهَا جُمُعَةٌ فِي مَحَلِّهَا وَلَوْ عَظُمَ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدِينَ لَمْ يُقِيمُوا سِوَى جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ فِعْلُهَا فِي مَسْجِدَيْنِ لَجَازَ فِي مَسَاجِدِ الْعَشَائِرِ، وَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا إلَّا إذَا كَبُرَ الْمَحَلُّ وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَان بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّ الْجُمُعَةِ مَوْضِعٌ يَسَعُهُمْ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا غَيْرَ مَسْجِدٍ فَيَجُوزُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَالرَّابِعُ مِنْ الشُّرُوطِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ الشُّرُوطِ الزَّائِدَةِ بَعْدَ فَرَاغِ كَلَامِ الْمَتْنِ أَوْ كَانَ يَذْكُرُ هَذَا الرَّابِعَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ إلَخْ، بِأَنْ يَزِيدَ وَيَقُولَ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ:(لِتَخْرُجَ مَسْأَلَةُ الِانْفِضَاضِ) أَيْ فَإِنَّ فِيهَا تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ تَمَّتْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنْ أَحْرَمُوا عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ تَمَّتْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَسْمَعُوا الْخُطْبَةَ وَأَنْ يَكُونَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَأَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ عَنْ أَقِلِّ الرُّكُوعِ وَإِلَّا فَلَا. وَخُرُوجُ مَسْأَلَةِ الِانْفِضَاضِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَحْرَمُوا قَبْلَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا الْخُطْبَةَ حِينَئِذٍ، وَإِنْ انْفَضُّوا فِي الْخُطْبَةِ وَحَضَرَ آخَرُونَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْأَرْكَانِ حَالَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَكْفِ، إذْ شَرْطُ الصِّحَّةِ سَمَاعُ الْأَرْكَانِ. فَإِنْ عَادَ الْمُنْفَضُّونَ عَنْ قُرْبٍ وَلَمْ يَفُتْهُمْ رُكْنٌ جَازَ بِنَاءً عَلَى مَا مَضَى وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ لِتَرْكِ الْمُوَالَاةِ اهـ أج. فَخُرُوجُهَا بِالنِّسْبَةِ لِطُولِ الْفَصْلِ تَأَمَّلْ وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِمَسْأَلَةِ الِانْفِضَاضِ نَقْصُهُمْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَظُمَ إلَخْ) وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ إذَا عَظُمَ الْبَلَدُ وَعَسُرَ الِاجْتِمَاعُ تَعَدُّدُ الْجُمُعَةُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ وُجُوبِ تَعَدُّدِ مَحَالِّهَا لِأَجْلِ ظُهُورِ الشِّعَارِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: اعْتَنَوْا بِالْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْأُسْبُوعِ مَرَّةً فَلَمْ يَنْظُرُوا لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ) إضَافَتُهُ لِمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (فِي مَسَاجِدِ الْعَشَائِرِ) وَهِيَ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا أَهْلُ الْحَارَةِ لِلصَّلَاةِ وَقِيلَ مَسَاجِدُ الْعَشَائِرِ هِيَ مَسَاجِدُ الْقَبَائِلِ لِكُلِّ قَبِيلَةٍ مَسْجِدٌ وَقَالَ م د قِيلَ مَسَاجِدُ الْعَشَائِرِ مَسَاجِدُ فِي الْمَدِينَةِ خَارِجَهَا كَانُوا يَتْرُكُونَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَأْتُونَ مَسْجِدَهُ صلى الله عليه وسلم.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا) هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فَكَأَنَّهُ قَالَ مَحَلُّ الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ مَا إذَا لَمْ يَعْسُرْ الِاجْتِمَاعُ وَإِلَّا جَازَ.

قَوْلُهُ: (كَبُرَ الْمَحَلُّ) بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي الْمَحْسُوسَاتِ كَمَا هُنَا وَبِضَمِّهَا فِي الْمَعَانِي نَحْوِ {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} [الصف: 3] هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَوَاشِي وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كَسْرَ الْبَاءِ وَاجِبٌ فِي السِّنِّ وَيَجِبُ ضَمُّهَا فِي الْجِسْمِ كَمَا هُنَا وَالْمَعْنَى وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ

كَبِرْت بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي السِّنِّ وَاجِبٌ

مُضَارِعُهُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ يَا صَاحِ

وَفِي الْجِسْمِ وَالْمَعْنَى كَبُرْت بِضَمِّهَا

مُضَارِعُهُ بِالضَّمِّ جَاءَ بِإِيضَاحِ

ع ش

ص: 194

التَّعَدُّدُ لِلْحَاجَةِ بِحَسَبِهَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه دَخَلَ بَغْدَادَ وَأَهْلُهَا يُقِيمُونَ بِهَا جُمُعَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُونَ عَلَى عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَا يَحْتَمِلُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ غَيْرَهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَبِهِ أَفْتَى الْمُزَنِيّ بِمِصْرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُسْرِ بِمَنْ يُصَلِّي لَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ وَلَا بِجَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُ النَّصِّ مَنْعُ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ كَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمُتَابِعِيهِ فَالِاحْتِيَاطُ لِمَنْ صَلَّى جُمُعَةً بِبَلَدٍ تَعَدَّدَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَبْقَ جُمُعَتِهِ أَنْ يُعِيدَهَا ظُهْرًا، فَلَوْ سَبَقَهَا جُمُعَةٌ فِي مَحَلٍّ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (عَلَى عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ) . وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُجْتَهِدٍ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِمَنْ يُصَلِّي) أَيْ بِالْفِعْلِ لَا بِمِنْ تَلْزَمُهُ. وَعِبَارَةُ م ر: وَهَلْ الْمُرَادُ اجْتِمَاعُ مَنْ تَلْزَمُهُ أَوْ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا أَوْ مَنْ يَفْعَلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ غَالِبًا؛ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ أَقْرَبَهَا الْأَخِيرُ اهـ. فَكَلَامُ الشَّارِحِ ضَعِيفٌ نَعَمْ إنْ حَمَلْنَا قَوْلَ الشَّارِحِ هُنَا عَلَى مَنْ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْ غَالِبًا، لَا بِالْفِعْلِ وَافَقَ مَا اعْتَمَدَهُ م ر اهـ أج. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: إلَّا إنْ عَسُرَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ، أَيْ الْحَاضِرِينَ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر، أَوْ مَنْ يَغْلِبُ حُضُورُهُ عِنْدَ شَيْخِنَا ز ي، أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ عِنْدَ الْخَطِيبِ، أَوْ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ؛ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَرِقَّاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالنِّسَاءُ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ التَّعَدُّدُ فِي مِصْرٍ كُلِّهِ لِحَاجَةٍ، فَلَا تَجِبُ الظُّهْرُ حِينَئِذٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ. اهـ. شَيْخِنَا. وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَعْسُرُ اجْتِمَاعُهُمْ مَنْ يَفْعَلُهَا غَالِبًا حَتَّى لَوْ كَانَ الْغَالِبُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ اعْتَبَرْنَا كُلَّ زَمَنٍ بِحَسْبِهِ اهـ.

وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ غَالِبَ مَا يَقَعُ مِنْ التَّعَدُّدِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إذْ كُلُّ بَلَدٍ لَا تَخْلُو غَالِبًا عَنْ مَحَلٍّ يَسَعُ النَّاسَ وَلَوْ نَحْوَ خَرَابَةٍ وَحَرِيمِ الْبَلَدِ. وَالثَّانِي: أَنَّ نَحْوَ مَا يَقَعُ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي نَحْوِ طَنْدَتَا فِي زَمَنِ الْمَوْلِدِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ كُلِّهِ فَلَا تَجِبُ الظُّهْرُ هُنَاكَ حِينَئِذٍ، لِأَنَّ مَنْ يَغْلِبُ فِعْلُهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ. اهـ. شَيْخُنَا. ثُمَّ عَسُرَ الِاجْتِمَاعُ إمَّا لِكَثْرَتِهِمْ، قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: أَوْ لِقِتَالٍ بَيْنَهُمْ أَوْ بُعْدِ أَطْرَافِ الْبَلَدِ؛ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَنْ بِطَرَفِهَا لَا يَبْلُغُهُمْ الصَّوْتُ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ. وَعِبَارَةُ أج: وَمِنْ الْحَاجَةِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَهْلِ الْبَلَدِ قِتَالٌ فَكُلُّ فِئَةٍ بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ يَلْزَمُهَا الْجُمُعَةُ وَلَوْ بَعُدَتْ أَطْرَافُ الْبَلَدِ وَكَانَ الْبَعِيدُ بِمَحَلٍّ لَا يَسْمَعُ مِنْهُ نِدَاءَهَا وَكَانَ إذَا خَرَجَ عَقِبَ الْفَجْرِ لَا يُدْرِكُهَا، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ السَّعْيُ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلِّ الْبَعِيدِ أَرْبَعُونَ صَلَّوْا الْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَالظُّهْرَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الْأَذَانِ لِمَنْ فِي الْبَلَدِ بَلْ يُشْتَرَطُ سَمَاعُ مَنْ بِخَارِجِهَا.

قَوْلُهُ: (فَالِاحْتِيَاطُ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ يَجُوزُ التَّعَدُّدُ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ وَمَحَلُّ كَوْنِ ذَلِكَ احْتِيَاطًا وَمَنْدُوبًا إذَا أُرِيدَ رِعَايَةُ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِمَنْعِ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُرَاعَ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ الظُّهْرِ وَلَا تَنْعَقِدُ إذَا كَانَ التَّعَدُّدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَقَطْ، وَكَذَا إذَا زَادَتْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَصَلَّى مَعَ مَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا بِأَنْ أَحْرَمُوا قَبْلَ غَيْرِهِمْ فَلَا تَصِحُّ الظُّهْرُ أَيْضًا لَا فُرَادَى وَلَا جَمَاعَةً بِخِلَافِ مَنْ زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ وَلَوْ فُرَادَى، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ صُورَةٌ لِصَلَاتِهَا ظُهْرًا احْتِيَاطًا. اهـ. ق ل. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ فِعْلَ الظُّهْرِ احْتِيَاطًا إنَّمَا هُوَ لِرِعَايَةِ الْقَوْلِ بِمَنْعِ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ تُطْلَبُ مُرَاعَاتُهُ فَيُنْدَبُ فِعْلُ الظُّهْرِ وَلَوْ فُرَادَى مُرَاعَاةً لِهَذَا الْقَوْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر ع ش.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُعِيدَهَا) أَيْ مُرَاعَاةً لِهَذَا الْقَوْلِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ سَبَقَهَا جُمُعَةٌ فِي مَحَلٍّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تُعْلَمَ السَّابِقَةُ وَلَمْ تُنْسَ، أَوْ يُعْلَمَ وُقُوعُهُمَا مَعًا، أَوْ يُشَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ وَالسَّبْقِ، أَوْ تُعْلَمَ عَيْنُ السَّابِقَةِ ثُمَّ تُنْسَى، أَوْ يُعْلَمَ سَبْقُ وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا.

فَفِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا عُلِمَتْ السَّابِقَةُ وَلَمْ تُنْسَ يَجِبُ الظُّهْرُ عَلَى الْمَسْبُوقَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ، وَهَلْ يَجِبُ مَعَ ذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ إعَادَةُ الظُّهْرِ لِأَنَّ احْتِمَالَ السَّبْقِ فِي إحْدَاهُمَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الظُّهْرِ عَلَى الْأُخْرَى أَوْ يُنْدَبُ فَقَطْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا؟ قَالَ الْإِمَامُ بِالْأَوَّلِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي. وَأَمَّا فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَهُمَا أَنْ تُعْلَمَ السَّابِقَةُ ثُمَّ تُنْسَى أَوْ يُعْلَمَ سَبْقُ وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ لِوُجُودِ جُمُعَةٍ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، فَلَا

ص: 195

يَجُوزُ التَّعَدُّدُ فِيهِ فَالصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ لِاجْتِمَاعِ الشَّرَائِطِ فِيهَا وَاللَّاحِقَةُ بَاطِلَةٌ، وَالْمُعْتَبَرُ سَبْقُ التَّحَرُّمِ بِتَمَامِ التَّكْبِيرِ وَهُوَ الرَّاءُ، وَإِنْ سَبَقَهُ الْآخَرُ بِالْهَمْزَةِ فَلَوْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ فَلَمْ يَدْرِ أَوَقَعَتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا اُسْتُؤْنِفَتْ الْجُمُعَةُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَوَافُقِهِمَا فِي الْمَعِيَّةِ فَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ عَدَمُ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ قَالَ الْإِمَامُ: وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُمْ إذَا أَعَادُوا الْجُمُعَةَ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمْ مُشْكِلٌ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ الْأُخْرَى، فَالْيَقِينُ أَنْ يُقِيمُوا جُمُعَةً ثُمَّ ظُهْرًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ كَافِيَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالُوهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ وَإِنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَتَعَيَّنْ كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ تَكْبِيرَتَيْنِ مُتَلَاحِقَتَيْنِ وَجَهِلَا الْمُتَقَدِّمَ فَأُخْبِرَا بِذَلِكَ أَوْ تَعَيَّنَتْ وَنُسِيَتْ بَعْدَهُ صَلَّوْا ظُهْرًا لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وُقُوعَ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا يُمْكِنُ إقَامَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَتَأَتَّى إقَامَةُ جُمُعَةٍ بَعْدَهَا مَعَ عَدَمِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِمْ بِفِعْلِهَا لِكَوْنِهَا سُبِقَتْ بِالْمُبْهَمَةِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (سَبْقُ التَّحَرُّمِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ بِتَمَامِ التَّكْبِيرِ وَهُوَ الرَّاءُ مِنْ الْإِمَامِ دُونَ تَكْبِيرِ مَنْ خَلْفَهُ؛ فَإِذَا أَحْرَمَ إمَامٌ أَوَّلًا بِهَا ثُمَّ آخَرُ بَعْدَهُ أَيْضًا وَاقْتَدَى بِالثَّانِي تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ ثُمَّ بِالْأَوَّلِ مِثْلُهُ، فَالْجُمُعَةُ لِلْأَوَّلِ إذْ بِإِحْرَامِهِ تَعَيَّنَتْ جُمُعَتُهُ لِلسَّبْقِ وَامْتَنَعَ عَلَى غَيْرِهِ افْتِتَاحُ جُمُعَةٍ أُخْرَى اهـ أج.

قَوْلُهُ: (اُسْتُؤْنِفَتْ الْجُمُعَةُ) بِأَنْ يَجْتَمِعَ الْفَرِيقَانِ وَيُصَلُّوا الْجُمُعَةَ، أَيْ إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُمْ وَاجْتِمَاعُهُمْ وَجَبَ الظُّهْرُ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَوْ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ، لَكِنَّ اسْتِئْنَافَ الْجُمُعَةِ قَدْ أَيِسَ مِنْهُ فِي مِصْرِنَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ فَقَطْ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى. اهـ. ق ل. وَفِي الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَإِذَا عَسُرَ الِاجْتِمَاعُ جَازَ التَّعَدُّدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا بَطَلَتْ لِلْكُلِّ إنْ وَقَعُوا مَعًا أَوْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ وَالسَّبْقِ وَصَحَّتْ لِلسَّابِقِ إنْ عَلِمَ إلَى تَمَامِ الْحَاجَةِ. وَيَلْزَمُ فِي الْأُولَتَيْنِ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ لِلْكُلِّ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا صَلَّوْا ظُهْرًا، وَفِي الثَّالِثَةِ يَلْزَمُ الْمَسْبُوقِينَ الظُّهْرُ اتِّفَاقًا، فَمَا يَقَعُ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ الْآنَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَنَّهَا مُعَادَةٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ شَاكًّا فِي جُمُعَتِهِ فَالظُّهْرُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَيْنًا وَلَوْ فُرَادَى، أَوْ غَيْرَ شَاكٍّ فَلَا تَصِحُّ الظُّهْرُ مِنْهُ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُعَادُ ظُهْرًا ق ل. قُلْتُ: إذَا تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ لِحَاجَةٍ صَحَّتْ لِلْجَمِيعِ عَلَى الْأَصَحِّ وَتُسَنُّ الظُّهْرُ مُرَاعَاةً لِمُقَابِلِهِ أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِي جَمِيعِهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا وَوَقَعَ إحْرَامُ الْأَئِمَّةِ مَعًا أَوْ شَكًّا فِي السَّبْقِ وَالْمَعِيَّةِ بَطَلَتْ عَلَى الْجَمِيعِ، ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ بِخُطْبَتَيْهَا وَجَبَ أَيْ وَسُنَّ مَعَهَا الظُّهْرُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمَعِيَّةِ فَلَا تُسَنُّ صَلَاةُ الظُّهْرِ بَلْ لَا تَصِحُّ، أَوْ مُرَتَّبًا وَعُلِمَ السَّبْقُ صَحَّتْ لِلسَّابِقَاتِ إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ وَبَطَلَتْ فِيمَا زَادَ ثُمَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ السَّابِقَاتِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الظُّهْرُ بَلْ تُسَنُّ لَهُ فَقَطْ أَوْ مِنْ الزَّائِدَاتِ أَوْ شَكَّ وَجَبَتْ الظُّهْرُ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ مَمْنُوعَةٌ؛ فَالْوَاجِبَةُ فِي مِثْلِ مِصْرٍ، وَالْمُسْتَحَبَّةُ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَتْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَالْمُمْتَنِعَةُ فِيمَا إذَا أُقِيمَتْ جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْبَلَدِ فَيَمْتَنِعُ فِعْلُ الظُّهْرِ حِينَئِذٍ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِمَسْأَلَةِ الشَّكِّ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (وَحَكَمَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّهُمْ) أَيْ الشَّاكِّينَ إلَخْ وَأَشَارَ لِذَلِكَ فِي الْبَهْجَةِ بِقَوْلِهِ:

قُلْتُ إذَا لَمْ يُدْرَ بِالسَّبْقِ وَلَا

بِالِاقْتِرَانِ فَالْإِمَامُ اسْتَشْكَلَا

بَرَاءَةً بِجُمُعَةٍ إذَا احْتُمِلْ

سَبْقٌ فَلَا تَصِحُّ أُخْرَى فَلْيَقُلْ

فِي هَذِهِ إنَّ السَّبِيلَ الْمُبْرِي

إعَادَةُ الْجُمُعَةِ ثُمَّ الظُّهْرِ

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) مُرَكَّبٌ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ وَإِنْ لَا يَكُنْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ مُسْتَحَبًّا فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: (" فَالْجُمُعَةُ " كَافِيَةٌ) وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ لَامِ التَّعْلِيلِ، وَالْمَعْنَى: لِأَنَّ الْجُمُعَةَ كَافِيَةٌ.

قَوْلُهُ: (مَرِيضَانِ) أَوْ مُسَافِرَانِ أَوْ صَحِيحَانِ مُقِيمَانِ وَأَدْرَكَا الْإِمَامَ فِي رَكْعَةٍ وَإِلَّا فَهُمَا فَاسِقَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَكَتَبَ أج عَلَى قَوْلِهِ " مَرِيضَانِ " أَيْ أَوْ مُسَافِرَانِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ؛ وَإِخْبَارُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ كَافٍ فِي ذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ

ص: 196