الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ.
وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ بِذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالسِّوَارِ وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا مِنْ الثِّيَابِ.
وَتَحْرُمُ الْمُبَالَغَةُ فِي السَّرَفِ كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ، وَكَذَا يَحْرُمُ إسْرَافُ الرَّجُلِ فِي آلَةِ الْحَرْبِ.
وَيَجُوزُ تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ بِفِضَّةٍ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَيَجُوزُ لَهَا فَقَطْ بِذَهَبٍ لِعُمُومِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي» قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمَنْ كَتَبَ بِذَهَبٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَا زَكَاةَ فِي سَائِرِ الْجَوَاهِرِ كَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ لِعَدَمِ وُرُودِهَا فِي ذَلِكَ.
فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ
وَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ (وَنِصَابُ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» وَالْأَوْسُقُ جَمْعُ وَسْقٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الصِّيعَانَ وَهِيَ بِالْوَزْنِ أَلْفُ رِطْلٍ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ بِالْعِرَاقِيِّ أَيْ الْبَغْدَادِيِّ لِأَنَّ الْوَسْقَ سِتُّونَ صَاعًا، وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَقُدِّرَتْ بِهِ لِأَنَّهُ الرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ مِائَةٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَالْقِرَابِ وَغِمْدِ السَّيْفِ " عَطْفٌ مُرَادِفٌ. وَأَمَّا سِكِّينُ الْمِهْنَةِ أَوْ الْمَقْلَمَةِ. فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ " تَحْلِيَتُهُمَا " كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَحْلِيَةُ الدَّوَاةِ وَالْمِرْآةِ م ر.
وَقَوْلُهُ " أَوْ الْمَقْلَمَةِ أَيْ أَوْ سِكِّينِ الْمَقْلَمَةِ وَهِيَ الْمِقْشَطُ.
قَوْلُهُ: (وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ كَالسَّبْتَةِ وَتُسَمَّى الْآنَ بِالْحِيَاصَةِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَجَعَلَهَا مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ لِأَنَّهَا تَنْفَعُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تَمْنَعُ وُصُولَ السَّهْمِ لِلْبَدَنِ، فَالْمُرَادُ بِالْآلَةِ مَا يَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ) وَكَالْمَرْأَةِ الطِّفْلُ فِي ذَلِكَ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَا نُسِجَ) أَيْ لُبْسُ مَا نُسِجَ بِهِمَا فَخَرَجَ الْفُرُشُ كَالسَّجَّادَةِ الْمَنْسُوجَةِ بِهِمَا فَتَحْرُمُ لِأَنَّهَا لَا تَدْعُو لِلْجِمَاعِ كَالْمَلْبُوسِ م ر.
قَوْلُهُ: (الْمُبَالَغَةُ فِي السَّرَفِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مُجَرَّدَ السَّرَفِ حَرَامٌ وَلَوْ بِدُونِ مُبَالَغَةٍ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَائِلِ بِالْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، قَالَ ق ل: وَعَلَى كُلٍّ يَلْزَمُهَا زَكَاةُ الْجَمِيعِ لَا مَا زَادَ وَكَذَا آلَةُ الْحَرْبِ الْمَذْكُورَةُ.
قَوْلُهُ: (مِائَتَا دِينَارٍ) أَيْ مَجْمُوعُ فَرْدَتَيْهِ ح ل. وَيَلْزَمُهَا زَكَاةُ الْجَمِيعِ لَا مَا زَادَ فَقَطْ شَرْحُ م ر؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِإِبَاحَةِ الْحُلِيِّ لَهَا التَّزَيُّنُ لِلرِّجَالِ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ الدَّاعِي إلَى كَثْرَةِ النَّسْلِ، وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (تَحْلِيَةُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّحْلِيَةِ الْمَارِّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّمْوِيهِ حُرْمَةُ التَّمْوِيهِ هُنَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. فَإِنْ قُلْت: الْعِلَّةُ الْإِكْرَامُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِكُلٍّ؟ قُلْت: لَكِنَّهُ فِي التَّحْلِيَةِ لَمْ يَخْلُفْهُ مَحْذُورٌ بِخِلَافِهِ فِي التَّمْوِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. وَإِنْ قُلْت: يُؤَيِّدُ الْإِطْلَاقَ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ: مَنْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِالذَّهَبِ فَقَدْ أَحْسَنَ؟ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي حُرُوفِ الْقُرْآنِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي نَحْوِ وَرِقِهِ وَجِلْدِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إكْرَامُهَا إلَّا بِذَلِكَ. اهـ. حَجّ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (الْمُصْحَفِ) وَمِثْلُهُ التَّمَائِمُ وَكَذَا جِلْدُهُ وَكِيسُهُ وَعَلَّاقَتُهُ وَخَيْطُهُ لَا كُرْسِيُّهُ. وَخَرَجَ بِالْمُصْحَفِ بَقِيَّةُ الْكُتُبِ، فَتَحْرُمُ التَّحْلِيَةُ وَالتَّمْوِيهُ. وَالْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ مَا فِيهِ قُرْآنٌ وَلَوْ لِلتَّبَرُّكِ كَمَا فِي س ل.
وَالتَّفْسِيرُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْلِيَةِ كَالْمُصْحَفِ إنْ حَرُمَ مَسُّهُ، وَإِلَّا فَلَا؛ عَنَانِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. فَرْعٌ: قَدْ سُئِلَ م ر عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ جَوَازِ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ حَتَّى لِلرِّجَالِ وَحُرْمَةِ تَحْلِيَتِهِ بِالذَّهَبِ لِلرَّجُلِ. وَلَعَلَّهُ أَنَّ كِتَابَتَهُ رَاجِعَةٌ لِنَفْسِ حُرُوفِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تَحْلِيَتِهِ فَالْكِتَابَةُ أَدْخَلُ فِي التَّعَلُّقِ؛ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ نِصَابِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]
قَوْلُهُ: (وَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ) وَهُوَ إمَّا الْعُشْرُ وَإِمَّا نِصْفُهُ وَإِمَّا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (سُمِّيَ) أَيْ مَدْلُولُهُ وَهُوَ الْمِقْدَارُ الْمَعْلُومُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَجْمَعُ) أَيْ وَالْوَسْقُ الْجَمْعُ قَوْلُهُ (لِأَنَّ الْوَسْقَ
وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَالنِّصَابُ الْمَذْكُورُ تَحْدِيدٌ كَمَا فِي نِصَابِ الْمَوَاشِي وَغَيْرِهَا، وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَإِنَّمَا قُدِّرَتْ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا أَوْ إذَا وَافَقَ الْكَيْلَ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوَزْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ الْوَسَطُ فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْخَفِيفِ وَالرَّزِينِ، وَكَيْلُهُ بِالْإِرْدَبِّ الْمِصْرِيِّ سِتَّةُ أَرَادِبَّ وَرُبُعُ إرْدَبٍّ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ بِجَعْلِ الْقَدَحَيْنِ صَاعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي جَعْلِهَا خَمْسَةَ أَرَادِبَ وَنِصْفًا وَثُلُثًا لِأَنَّهُ جَعَلَ الصَّاعَ قَدَحَيْنِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
سِتُّونَ صَاعًا) وَذَلِكَ لِأَنَّك تَضْرِبُ الْخَمْسَةَ عِدَّةَ الْأَوْسُقِ فِي مِقْدَارِهَا مِنْ الصِّيعَانِ وَهُوَ سِتُّونَ تَبْلُغُ ثَلَثَمِائَةٍ، ثُمَّ تَضْرِبُ الثَّلَثَمِائَةِ فِي مِقْدَارِ الصَّاعِ مِنْ الْأَمْدَادِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ مُدًّا، ثُمَّ تَضْرِبُ الْأَلْفَ وَالْمِائَتَيْنِ فِي مِقْدَارِ الْمُدِّ وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثُ أَلْفٍ وَمِائَتَانِ فِي رِطْلٍ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ رِطْلًا وَأَلْفٌ وَمِائَتَانِ فِي ثُلُثٍ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ ثُلُثًا وَمَجْمُوعُهَا أَرْبَعُمِائَةٍ صِحَاحٌ؛ فَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ) وَجْهُ كَوْنِهِ الرِّطْلَ الشَّرْعِيَّ أَنَّهُ وَقَعَ التَّقْدِيرُ بِهِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (تَحْدِيدٌ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ وَالْمَجْمُوعُ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ تَقْرِيبٌ، وَعَلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ نَقْصَ رِطْلٍ، لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْحَوَاشِي: إنَّ الْمَشْهُورَ التَّحْدِيدُ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا ز ي أج.
قَوْلُهُ: (اسْتِظْهَارًا) أَيْ اسْتِيفَاءً لِجَمِيعِ الْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ الْوَاجِبَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الِاحْتِيَاطَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْهُمَا. وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا الْكَيْلُ لَا الْوَزْنُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ إذَا وَافَقَ الْكَيْلَ) أَيْ فَهُمَا جَوَابَانِ؛ وَلِذَلِكَ لَوْ كَمُلَ بِالْكَيْلِ وَنَقَصَ بِالْوَزْنِ. وَجَبَتْ زَكَاتُهُ لَا عَكْسُهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) أَيْ النَّوْعَ، وَقَوْلُهُ " وَالرَّزِينِ أَيْ وَالْمُتَوَسِّطِ وَالرَّزِينُ الثَّقِيلُ فِي الْمِيزَانِ.
قَوْلُهُ: (سِتَّةُ أَرَادِبَ وَرُبْعُ إرْدَبٍّ) مِقْدَارُ ذَلِكَ بِالْأَرْبَاعِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ رُبْعًا وَبِالْأَقْدَاحِ سِتُّمِائَةٍ لِأَنَّ الْمِائَةَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَالْخَمْسِينَ بِمِائَتَيْنِ وَقَوْلُهُ خَمْسَةَ أَرَادِبَ وَنِصْفًا وَثُلُثًا مِقْدَارُ ذَلِكَ بِالْأَرْبَاعِ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ رُبْعًا وَبِالْأَقْدَاحِ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لِأَنَّ الْمِائَةَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَالْأَرْبَعِينَ بِمِائَةٍ وَسِتِّينَ.
وَقَوْلُهُ " إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ " وَعَلَى هَذَا فَمِقْدَارُ النِّصَابِ بِالْأَقْدَاحِ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ النِّصَابِ بِالصِّيعَانِ ثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا سِتُّونَ مُدًّا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ قَدَحًا؛ لِأَنَّ كُلَّ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا سَبْعَةُ أَقْدَاحٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ قَدَحٍ بِمُدَّيْنِ وَسُبْعِ مُدٍّ بِنَاءً عَلَى جَعْلِ الصَّاعِ قَدَحَيْنِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ كُلَّ تِسْعِينَ صَاعًا بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَسِتِّينَ قَدَحًا، فَالْمِائَتَانِ وَالسَّبْعُونَ صَاعًا بِخَمْسِمِائَةِ قَدَحٍ وَأَرْبَعَةِ أَقْدَاحٍ، وَالثَّلَاثُونَ صَاعًا تَمَامُ الثَّلَثِمِائَةِ بِسِتَّةٍ وَخَمْسِينَ، فَأَضِفْهَا لِلْخَمْسِمِائَةِ وَالْأَرْبَعَةِ فَتَصِيرُ الْجُمْلَةُ خَمْسَمِائَةٍ وَسِتِّينَ قَدَحًا وَمِقْدَارُهَا بِالْأَرَادِبِ خَمْسَةُ أَرَادِبَ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ إرْدَبٍّ بِسِتَّةٍ وَتِسْعِينَ قَدَحًا.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مِقْدَارَ النِّصَابِ بِالْأَمْدَادِ وَهُوَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ يَكُونُ خَمْسَمِائَةٍ وَسِتِّينَ قَدَحًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ مُدًّا بِسِتَّةٍ وَخَمْسِينَ قَدَحًا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَنِصْفًا وَثُلُثًا) وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا وَيْبَتَانِ وَنِصْفُ وَيْبَةٍ.
قَوْلُهُ: (قَدَحَيْنِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَدَحَيْنِ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَسُبْعَا مُدٍّ عِنْدَ السُّبْكِيّ، فَهُمَا أَزْيَدُ مِنْ الصَّاعِ بِسُبْعَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَمُولِيَّ وَالسُّبْكِيَّ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْقَدَحِ، فَعِنْدَ الْقَمُولِيِّ أَنَّ الصَّاعَ قَدَحَانِ بِجَعْلِ كُلِّ مُدَّيْنِ قَدَحًا وَعِنْدَ السُّبْكِيّ قَدَحَانِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْقَدَحَ مُدَّيْنِ وَسُبْعَ مُدٍّ، فَالْقَدَحُ عِنْدَهُ أَزْيَدُ مِنْ الْقَدَحِ عِنْدَ الْقَمُولِيِّ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا بِسَبْعَةِ أَقْدَاحٍ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَيْبَةٌ وَنِصْفٌ وَرُبْعٌ فَثَلَاثُونَ صَاعًا ثَلَاثُ وَيْبَاتٍ وَنِصْفٌ فَثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَيْبَةً وَهِيَ خَمْسَةُ أَرَادِبَ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ، فَالنِّصَابُ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَدَحًا وَعَلَى الْأَوَّلِ سِتُّمِائَةٍ شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ.
وَقَالَ
تَنْبِيهٌ: لَا يُضَمُّ تَمْرُ عَامٍ وَزَرْعُهُ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ إلَى تَمْرٍ وَزَرْعِ عَامٍ آخَرَ، وَيُضَمُّ ثَمَرُ الْعَامِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ إدْرَاكُهُ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَبِلَادِهِ حَرَارَةَ وَبُرُودَةَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ، فَتِهَامَةُ حَارَّةٌ يُسْرِعُ إدْرَاكُ التَّمْرِ بِهَا بِخِلَافِ نَجْدٍ لِبَرْدِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِ هُنَا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً، وَالْعِبْرَةُ بِالضَّمِّ هُنَا بِإِطْلَاعِهِمَا فِي عَامٍ فَيُضَمُّ طَلْعُ نَخِيلٍ إلَى الْآخَرِ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ جِدَادِ الْأَوَّلِ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ.
نَعَمْ لَوْ أَثْمَرَ نَخْلٌ مَرَّتَيْنِ فِي عَامٍ فَلَا يُضَمُّ بَلْ هُمَا كَثَمَرَةِ عَامَيْنِ، وَزَرْعَا الْعَامِ يُضَمَّانِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ زِرَاعَتُهُمَا فِي الْفُصُولِ، وَالْعِبْرَةُ بِالضَّمِّ هُنَا اعْتِبَارُ وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً كَمَا مَرَّ.
(وَ) يَجِبُ (فِيهَا) أَيْ فِي الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَمَا زَادَ (إنْ سُقِيَتْ بِمَاءِ السَّمَاءِ أَوْ) بِمَاءِ (السَّيْحِ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ السَّيْلِ أَوْ بِمَا انْصَبَّ مِنْ جَبَلٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ شَرِبَ بِعُرُوقِهِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ وَهُوَ الْبَعْلِيُّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الثَّمَرُ وَالزَّرْعُ (الْعُشْرُ) كَامِلًا (وَ) يَجِبُ فِيهَا (إنْ سُقِيَتْ بِدُولَابٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ أَوْ دَالِيَةٌ وَهِيَ الْبَكْرَةُ أَوْ نَاعُورَةٌ وَهِيَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ (أَوْ بِنَضْحٍ) مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ بِحَيَوَانٍ وَيُسَمَّى الذَّكَرُ نَاضِحًا وَالْأُنْثَى نَاضِحَةً، أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ، أَوْ غَصَبَهُ لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ (نِصْفُ الْعُشْرِ) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: النِّصَابُ الْآنَ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ أَرْبَعَةُ أَرَادِبَ وَوَيْبَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ الْآنَ نَقَصَ عَدَدُهُ عَمَّا كَانَ بِسَبَبِ مَا يُكَالُ بِهِ الْآنَ حَتَّى صَارَتْ الْأَرْبَعَةُ أَرَادِبَ وَوَيْبَةٌ مِقْدَارَ السِّتَّةِ أَرَادِبَ وَالرُّبْعِ مِنْ الْأَرَادِبِ الْمُقَدَّرَةِ نِصَابًا سَابِقًا، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا إرْدَبَّانِ وَكَيْلَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَيَضُمُّ ثَمَرَ الْعَامِ الْوَاحِدِ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَنْوَاعٌ مِنْ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ حَصَلَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، فَيَضُمُّ بَعْضَ الْأَنْوَاعِ إلَى بَعْضٍ؛ أَوْ كَانَ لَهُ فِي بِلَادٍ أَنْوَاعٌ مِنْ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ حَصَلَ مِنْهَا مِثْلُ ذَلِكَ ز ي.
قَوْلُهُ: (وَبِلَادِهِ حَرَارَةً وَبُرُودَةً) هَذَا مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اخْتِلَافَ أَنْوَاعِهِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ بِلَادِهِ حَرَارَةً وَبُرُودَةً؛ عَزِيزِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَالْعِبْرَةُ بِالضَّمِّ) أَيْ فِي الضَّمِّ، فَالْبَاءُ بِمَعْنَى " فِي " وَقَوْلُهُ:" هُنَا " أَيْ فِي الثِّمَارِ، احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الزُّرُوعِ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِالْحَصَادِ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (هُنَا) أَيْ فِي الثِّمَارِ (بِإِطْلَاعِهِمَا) أَيْ ظُهُورِهِمَا وَبُرُوزِهِمَا.
قَوْلُهُ: (إنْ أَطْلَعَ) أَيْ ظَهَرَ وَبَرَزَ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ جَدَادِ الْأَوَّلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ إعْجَامِ الذَّالِ وَإِهْمَالِهَا، فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُضَمُّ) أَيْ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَالنَّادِرُ يَلْحَقُ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ وَهُوَ كَوْنُ الثَّمَرِ مِنْ عَامَيْنِ.
فَقَوْلُهُ " لَوْ أَثْمَرَ نَخْلٌ " أَيْ نَخْلٌ وَاحِدٌ، بِأَنْ كَانَ الَّذِي أَثْمَرَ ثَانِيًا هُوَ الَّذِي أَثْمَرَ أَوَّلًا، وَاَلَّذِي قَبْلَ الِاسْتِدْرَاكِ صُورَتُهُ أَيْ نَوْعًا مِنْ النَّخْلِ أَيْ بَعْضًا أَثْمَرَ أَوَّلًا وَبَعْضًا آخِرًا أَثْمَرَ ثَانِيًا.
قَوْلُهُ: (وَزَرْعَا الْعَامِ إلَخْ) الْعَامُ لَيْسَ قَيْدًا، بَلْ وَلَوْ كَانَ زَرْعَيْ عَامَيْنِ وَلَكِنْ بَيْنَ حَصَادَيْهِمَا أَقَلُّ مِنْ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَضُمُّ.
قَوْلُهُ: (فِي الْفُصُولِ) بِأَنْ يَكُونَ ذُرَةً زُرِعَتْ فِي الصَّيْفِ وَأُخْرَى فِي الْخَرِيفِ وَأُخْرَى فِي الرَّبِيعِ.
قَوْلُهُ: (وَالْعِبْرَةُ بِالضَّمِّ هُنَا) أَيْ فِي الزُّرُوعِ.
قَوْلُهُ: (اعْتِبَارُ وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا) أَيْ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِاعْتِبَارِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ) بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي دُونَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً. وَلَا عِبْرَةَ بِابْتِدَاءِ الزَّرْعِ لِأَنَّ الْحَصَادَ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَعِنْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ، وَيَكْفِي عَنْ الْحَصَادِ زَمَنُ إمْكَانِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. حَجّ وم ر.
قَوْلُهُ: (عَرَبِيَّةً) أَيْ هِلَالِيَّةً.
قَوْلُهُ: (وَفِيهَا إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَالْعُشْرُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ.
وَقَوْلُهُ " إنْ سُقِيَتْ " شَرْطٌ جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فَفِيهَا الْعُشْرُ، لَكِنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ الْعُشْرَ فَاعِلًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِمَاءِ السَّيْحِ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَوْ؛ وَوَجْهُ الْخُصُوصِ أَنَّهُ يَنْزِلُ الْمَاءُ مِنْ السَّمَاءِ فِي حُفْرَةٍ فَيَمْلَؤُهَا ثُمَّ يَجْرِي مِنْهَا لِلزَّرْعِ وَالثَّمَرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَرِبَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ سُقِيَتْ. قَوْلُهُ: (الْعُشْرُ) وَقَدْرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ رُبْعًا عَلَى كَلَامِ الْقَمُولِيِّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ) كَالسَّاقِيَّةِ.
قَوْلُهُ:
وَغَيْرُهُ، وَالْمَعْنَى فِيهِ كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ وَخِفَّتُهَا كَمَا فِي الْمَعْلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ.
وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ مَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّيْلِ الْجَارِي إلَيْهِ فِي حُفْرَةٍ وَتُسَمَّى الْحُفْرَةُ عَاثُورًا لِتَعْثِيرِ الْمَاءِ بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا وَالْقَنَوَاتُ وَالسَّوَّاقِي الْمَحْفُورَةُ مِنْ النَّهْرِ الْعَظِيمِ كَالْمَطَرِ فَفِي الْمَسْقِيِّ بِمَاءٍ يَجْرِي فِيهَا مِنْهُ الْعُشْرُ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْقَنَوَاتِ إنَّمَا تَخْرُجُ لِعِمَارَةِ الْقَرْيَةِ، وَالْأَنْهَارُ إنَّمَا تُحْفَرُ لِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ، فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى الزَّرْعِ بِطَبْعِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِخِلَافِ السَّقْيِ بِالنَّوَاضِحِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْمُؤْنَةَ لِلزَّرْعِ نَفْسِهِ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّوْعَيْنِ كَالنَّضْحِ وَالْمَطَرِ يَسْقُطُ بِاعْتِبَارِ مُدَّةِ عَيْشِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَنَمَائِهِمَا لَا بِأَكْثَرِهِمَا وَلَا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ مَثَلًا إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَةٍ فَسُقِيَ بِالْمَطَرِ، وَفِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخْرَى إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ، وَكَذَا لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَ مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ أَخْذًا بِالِاسْتِوَاءِ وَاحْتَاجَ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سَقْيَاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ سُقِيَ بِمَاذَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْمَعْنَى فِيهِ) أَيْ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ. وَقَوْلُهُ " كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ " لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ، فَالْكَثْرَةُ رَاجِعَةٌ لِنِصْفِ الْعُشْرِ وَالْخِفَّةُ لِلْعُشْرِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمَعْلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ) التَّنْظِيرُ فِي مُطْلَقِ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ وَكَثْرَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمَعْلُوفَةُ لَا زَكَاةَ فِيهَا أَصْلًا.
فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يُؤَثِّرْ ثِقَلُ الْمُؤْنَةِ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ مِنْ أَصْلِهِ هُنَا وَأَثَّرَ فِي الْمَعْلُوفَةِ؟ قُلْت: لِأَنَّ الْقَصْدَ بِاقْتِنَاءِ الْحَيَوَانِ نَمَاؤُهُ لَا عَيْنُهُ، فَلَمَّا عُلِفَ لَمْ يَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ لِكَوْنِ الْعَلَفِ فِي نَظِيرِ النَّمَاءِ وَمِنْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ عَيْنُهُ فَيُنْظَرُ إلَيْهَا مُطْلَقًا، ثُمَّ تَفَاوَتُوا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ. قَوْلُهُ:(بِمَاءِ السَّيْلِ) أَيْ الْمَطَرِ الْمُجْتَمِعِ.
قَوْلُهُ: (فِي حُفْرَةٍ) وَهِيَ أَنْ تُحْفَرَ حَفِيرَةٌ يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ مِنْ السَّيْلِ إلَى أُصُولِ الشَّجَرِ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، إطْفِيحِيٌّ. قَوْلُهُ:(وَالْقَنَوَاتُ) أَيْ الْأَنْهَارُ الصَّغِيرَةُ.
قَوْلُهُ: (وَالسَّوَّاقِي) الْمُرَادُ بِهَا الْمَسَاقِي وَهِيَ الْأَنْهَارُ الْكَبِيرَةُ كَالْخُلْجَانِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ لِأَنَّ فِي الْمُسْقَى بِتِلْكَ نِصْفَ الْعُشْرِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ النَّهْرِ) أَيْ مِنْ جَنْبِهِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْقَنَوَاتِ إنَّمَا تَخْرُجُ إلَخْ) أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا عِبْرَةَ بِمُؤْنَةِ الْقَنَوَاتِ وَالسَّاقِيَّةِ لِأَنَّهَا لِعِمَارَةِ الضَّيْعَةِ لَا لِنَفْسِ الزَّرْعِ.
قَوْلُهُ: (وَنَمَائِهِمَا) تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: (لَا بِأَكْثَرِهِمَا) أَيْ الْمَطَرِ وَالنَّضْحِ خِلَافًا لِلْمَدَابِغِيِّ مِنْ جَعْلِهِ الضَّمِيرَ لِلْمُدَّتَيْنِ، أَيْ لَا يُعْتَبَرُ بِأَكْثَرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ تَرْجِيحًا لِلْغَلَبَةِ، وَيُلْغَى الْأَقَلُّ عَنْ الِاعْتِبَارِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا تَقْسِيطَ بِأَكْثَرِهِمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ؛ إذْ الْأَكْثَرُ لَا تَقْسِيطَ فِيهِ حَتَّى يُنْفَى. قَوْلُهُ:(وَلَا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ) أَيْ وَلَا يُقَسَّطُ بِعَدَدِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ التَّقْسِيطَ بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَتْنُ الْمِنْهَاجِ وَعِبَارَتُهُ وَفِيمَا سُقِيَ بِهِمَا سَوَاءٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ؛ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَسَّطُ بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ وَنَمَائِهِ، وَقِيلَ بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ يَوْمِ الِاطِّلَاعِ فِي النَّخْلِ أَوْ ظُهُورِ الْعِنَبِ فِي الْكَرْمِ إ ط ف.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) وَلَوْ اُعْتُبِرَ عَدَدُ السَّقْيَاتِ لَوَجَبَ ثُلُثَا الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ السَّقْيَةَ الَّتِي بِالْمَطَرِ يَجِبُ فِيهَا ثُلُثُ الْعُشْرِ وَالسَّقْيَتَانِ بِغَيْرِ الْمَطَرِ يَجِبُ فِيهِمَا ثُلْثَا نِصْفِ الْعُشْرِ وَثُلْثَا نِصْفِ الْعُشْرِ ثُلُثٌ كَامِلٌ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا) أَيْ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَ إلَخْ بِأَنْ شَكَكْنَا هَلْ انْتَفَعَ بِسَقْيَةِ الْمَطَرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَقْيَتَيْ النَّضْحِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهَا تُقَسَّطُ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ بِأَنْ تُجْعَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِسَقْيَتَيْ الْمَطَرِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِسَقْيَتَيْ النَّضْحِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ " أَخَذَ بِالِاسْتِوَاءِ " أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
وَقَوْلُهُ " مِنْ نَفْعِ إلَخْ " يَقْتَضِي أَنَّ النَّفْعَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّقْسِيطِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف وَصَرَّحَ بِهِ عَمِيرَةُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ نَفْعٍ) مُتَعَلِّقُ الْمِقْدَارِ، وَقَوْلُهُ " بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ " مُتَعَلِّقٌ بِ " نَفْعٍ ". وَقَوْلُهُ " أَخْذًا بِالِاسْتِوَاءِ " أَيْ بِتَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ بِجَعْلِ نِصْفَ الْمُدَّةِ لِلسَّقْيَةِ وَنِصْفَهَا لِلسَّقْيَتَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحَكُّمُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ زِيَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) أَيْ نَظَرًا لِسَقْيِ السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ " وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ " أَيْ نَظَرًا لِسَقْيِ
صُدِّقَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ نَدْبًا، وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا ذَكَرَ بِبُدُوِّ صَلَاحِ ثَمَرٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَلَحٌ وَحِصْرِمٌ، وَبِاشْتِدَادِ حَبٍّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَعَامٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ، وَالصَّلَاحُ فِي ثَمَرٍ وَغَيْرِهِ بُلُوغُهُ صِفَةً يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا وَعَلَامَتُهُ فِي الثَّمَرِ الْمَأْكُولِ الْمُتَلَوِّنِ أَخْذُهُ فِي حُمْرَةٍ أَوْ سَوَادٍ أَوْ صُفْرَةٍ كَبَلَحٍ وَعُنَّابٍ وَمِشْمِشٍ، وَفِي غَيْرِ الْمُتَلَوِّنِ مِنْهُ كَالْعِنَبِ الْأَبْيَضِ لِينُهُ وَتَمْوِيهُهُ وَهُوَ صَفَاؤُهُ وَجَرَيَانُ الْمَاءِ فِيهِ وَبُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ وَإِنْ قَلَّ كَظُهُورِهِ.
وَسُنَّ خَرْصُ أَيْ حَزْرُ كُلِّ ثَمَرٍ فِيهِ زَكَاةٌ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ لِلِاتِّبَاعِ، فَيَطُوفُ الْخَارِصُ بِكُلِّ شَجَرَةٍ وَيُقَدِّرُ ثَمَرَتَهَا أَوْ ثَمَرَةَ كُلِّ نَوْعٍ رَطْبًا ثُمَّ يَابِسًا وَذَلِكَ لِتَضْمِينِ أَيْ لِنَقْلِ الْحَقِّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا لِيُخْرِجَهُ بَعْدَ جَفَافِهِ.
وَشُرِطَ فِي الْخَرْصِ الْمَذْكُورِ عَالِمٌ بِهِ أَهْلٌ لِلشَّهَادَاتِ كُلِّهَا، وَشُرِطَ تَضْمِينٌ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
النَّضْحِ، وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ هُوَ ثُمْنُ الْعُشْرِ.
قَالَ ح ل: وَلَمْ يُعَبِّرْ بِثُمْنِ الْعُشْرِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ مُحَافَظَةً عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا تَقْتَضِيهِ النِّسْبَةُ.
قَوْلُهُ: (حَلَّفَهُ) فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِالنُّكُولِ شَيْءٌ م د.
قَوْلُهُ: (وَحِصْرِمٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بِوَزْنِ زِبْرِجٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
قَوْلُهُ: (وَبِاشْتِدَادِ حَبٍّ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ: وَحَيْثُ اشْتَدَّ الْحَبُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمَالِكِ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُولِ حَيْثُ عَلِمَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ؛ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ أَيْضًا أُجْرَةُ الْحَصَّادِينَ مِنْهُ وَالصَّدَقَةُ مِنْهُ قَبْلَ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَغْرَمُ بَدَلَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ اتِّفَاقًا. وَمَعَ حُرْمَتِهِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ. وَكَتَبَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ عَلَى قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ وَمِنْهُ الْفَرِيكُ الْمَعْرُوفُ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَصْلُحُ لِلِادِّخَارِ، وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ بِاشْتِدَادِ الْحَبِّ إلَّا إذَا صَلُحَ لِلِادِّخَارِ، وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ الْفَرِيكِ الَّذِي يُبَاعُ الْآنَ؛ وَكَذَا الْفُولُ الْأَخْضَرُ بِجَوَازِ الْأَكْلِ مِنْهُ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ. وَهَذِهِ دَقِيقَةٌ يُغْفَلُ عَنْهَا.
وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بِالْأَكْلِ وَالْإِهْدَاءِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَعُنَّابٍ وَمِشْمِشٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّلَوُّنِ لَا لِلزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا زَكَاةَ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: (كَالْعِنَبِ الْأَبْيَضِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ مُتَلَوِّنٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَلَوِّنِ الَّذِي يَحْدُثُ لَهُ لَوْنٌ بَعْدَ آخَرَ، وَبَيَاضُ هَذَا مَوْجُودٌ فِيهِ مِنْ حِينِ ظُهُورِهِ.
قَوْلُهُ: (وَجَرَيَانُ الْمَاءِ فِيهِ) عَطْفٌ لَازِمٌ. قَوْلُهُ: (كَظُهُورِهِ) أَيْ كُلِّهِ
قَوْلُهُ: (وَسُنَّ خَرْصٌ إلَخْ) أَيْ، إنْ كَانَ الْمَالِكُ مُوسِرًا، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِهِ عَلَى حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ " أَيْ حَزْرُ كُلِّ " أَيْ تَخْمِينُهُ وَتَقْدِيرُهُ، وَحِكْمَتُهُ الرِّفْقُ بِالْمَالِكِ وَالْمُسْتَحَقِّينَ.
وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْخَرْصُ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إلَى الذِّمَّةِ، لَكِنْ كَيْفَ يُحْتَاجُ لِهَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ لَهُ ثَمَرٌ قَدْ خُرِصَ عَلَيْهِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِذَلِكَ الثَّمَرِ اهـ.
قَوْلُهُ: (إذَا بَدَا صَلَاحُهُ) نَعَمْ إنْ بَدَا صَلَاحُ نَوْعٍ دُونَ آخَرَ، فَالْأَقْيَسُ جَوَازُ خَرْصِ الْكُلِّ م د. وَكَذَا إذَا بَدَا صَلَاحُ حَبَّةٍ مِنْ نَوْعٍ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُ حَبَّةٍ فِي بُسْتَانٍ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُ الْكُلِّ بِلَا شَرْطِ الْقَطْعِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيْ سَنُّ الْخَرْصِ.
قَوْلُهُ: (تَمْرًا) حَالٌ مِنْ الْحَقِّ. قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ أَيْ التَّمْرِ تَمْرٌ وَلَا زَبِيبٌ أَخْرَجَ مِنْهُ رَطْبًا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ لِأَنَّهُ وَقْتُ كَمَالِهِ، فَيُقَدَّرُ جَفَافُهُ فَيَكْمُلُ بِهِ نِصَابٌ مَعَ مَا يَجِفُّ مِنْ ذَلِكَ اهـ مَعَ زِيَادَةٍ. وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ غَالِبَ ثَمَرِ قُرَى مِصْرَ كَمَالُهُ حَالَ تَرَطُّبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ.
قَوْلُهُ: (عَالِمٌ بِهِ) أَيْ كَوْنُهُ عَالِمًا بِهِ أَيْ بِالْخَرْصِ؛ لِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ وَالْجَاهِلُ بِشَيْءٍ غَيْرُ أَهْلٍ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (أَهْلٌ لِلشَّهَادَاتِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا نَاطِقًا بَصِيرًا عَدْلَ شَهَادَةٍ، فَلَا يُقْبَلُ الْفَاسِقُ فِيهِ وَلَا يَكْفِي عَدْلُ الرِّوَايَةِ كَالْمَرْأَةِ. قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: قُلْت: لَوْ فُقِدَ الْخَارِصُ وَكَانَ هُوَ عَارِفًا فَهَلْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَا لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ احْتَاجَ لِلْأَكْلِ مِنْ الزَّرْعِ هَلْ تَنْتَفِي الْحُرْمَةُ وَيَتَعَلَّقُ قَدْرُهَا بِمَا أَكَلَهُ بِذِمَّتِهِ؟ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ قَالَ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَأْتِي عَلَى قَوَاعِدِنَا، وَلَهُ تَحْكِيمُ عَدْلَيْنِ يَخْرُصَانِ عَلَيْهِ وَيُضَمِّنَانِهِ عِنْدَ فَقْدِ الْخَارِصِ مِنْ جِهَةِ السَّاعِي، وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ " وَلَوْ وَاحِدًا " مَحْمُولٌ
لِمُخْرِجٍ مِنْ مَالِكٍ وَنَائِبِهِ وَقَبُولٍ لِلتَّضْمِينِ فَلِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ تَصَرُّفٌ فِي الْجَمِيعِ.
فَإِنْ ادَّعَى حَيْفَ الْخَارِصِ فِيمَا يَخْرُصُهُ أَوْ غَلَطَهُ بِمَا يَبْعُدُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَيُحَطُّ فِي الثَّانِيَةِ الْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ.
وَإِنْ ادَّعَى غَلَطَهُ بِالْمُحْتَمَلِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَخْرُوصِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا بِلَا يَمِينٍ.
وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَ الْمَخْرُوصِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ فَكَوَدِيعٍ لَكِنَّ الْيَمِينَ هُنَا سُنَّةٌ بِخِلَافِهَا فِي الْوَدِيعِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَارِصُ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ كَفَى وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (كُلِّهَا) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " كُلِّهَا " عَنْ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (لِمُخْرَجٍ) أَيْ بِشَرْطِ يَسَارِهِ، حَتَّى لَوْ ضَمِنَ وَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ مُعْسِرًا حَالَ التَّضْمِينِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُنْقَلْ الْحَقُّ إلَى ذِمَّتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي.
قَوْلُهُ: (وَقَبُولٍ لِلتَّضْمِينِ) كَأَنْ يَقُولَ: ضَمَّنْتُك حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الرُّطَبِ بِكَذَا، فَيَقْبَلُ أَيْ فَوْرًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: أَيْ يُسَنُّ الْخَرْصُ لِنَقْلِ الْحَقِّ، أَيْ بِصِيغَةٍ كَضَمَّنْتُك نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ رُطَبًا بِكَذَا تَمْرًا، وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ لَفْظًا وَالرِّضَا؛ فَإِنْ انْتَفَى الْخَرْصُ أَوْ التَّضْمِينُ أَوْ الْقَبُولُ نَفَذَ التَّصَرُّفُ فِيمَا عَدَا قَدْرَهَا شَائِعًا، رَحْمَانِيٌّ.
قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَيْسَ هَذَا التَّضْمِينُ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُ الثِّمَارِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ سُرِقَتْ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْجَرِينِ قَبْلَ الْجَفَافِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِفَوَاتِ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا؛ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصَابَ زَكَاةٍ أَوْ دُونَهُ أَخْرَجَ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمْكِينَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ، فَإِنْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ ضَمِنَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ مَعَ تَقَدُّمِ التَّضْمِينِ لِبِنَاءِ أَمْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ؛ لِأَنَّهَا أَيْ الزَّكَاةَ ثَبَتَتْ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ فَبَقَاءُ الْحَقِّ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ) أَيْ حَيْثُ وُجِدَ الْخَرْصُ.
وَالتَّضْمِينُ وَالْقَبُولُ، فَإِنْ انْتَفَى الْخَرْصُ أَوْ التَّضْمِينُ أَوْ الْقَبُولُ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ بَلْ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَ شَائِعًا لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي الْعَيْنِ لَا مُعَيَّنًا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ، فَالتَّمْرَةُ الْوَاحِدَةُ لَهُ مِنْهَا تِسْعَةُ أَعْشَارٍ وَلَهُمْ فِيهَا عُشْرٌ أج. قَوْلُهُ:(فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا خُرِصَ بَيْعًا وَغَيْرَهُ لِانْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ عَنْ الْعَيْنِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَلَطَهُ بِمَا يَبْعُدُ) وَهُوَ الَّذِي تُحِيلُ الْعَادَةُ وُقُوعَ الْغَلَطِ فِيهِ ح ف، كَأَنْ قَالَ الْخَارِصُ: التَّمْرُ عِشْرُونَ وَسْقًا، فَادَّعَى الْمَالِكُ غَلَطَهُ بِخَمْسَةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَطْ فَالْخَمْسَةُ يَبْعُدُ غَلَطُهُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ " وَيَحُطُّ فِي الثَّانِيَةِ الْقَدْرَ الْمُحْتَمَلَ " أَيْ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، وَالْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ هُوَ الَّذِي لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ قُبِلَ كَوَاحِدٍ فِي مِائَةٍ، وَقَدْ مَثَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِنِصْفِ الْعُشْرِ، شَرْحُ حَجّ مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (بِمَا يَبْعُدُ) كَالرُّبْعِ وَالثُّلُثِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحُطُّ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ يَحُطُّ مِنْ الْأَوْسُقِ الْقَدْرَ الَّذِي يُحْتَمَلُ أَنَّ الْخَارِصَ غَلِطَ فِيهِ، وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَى غَلَطَهُ بِالْمُحْتَمَلِ) أَيْ وَبَيَّنَ قَدْرًا وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) أَيْ الْمَالِكُ
قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَ الْمَخْرُوصِ) أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الزَّكَاةِ لِيَكُونَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى فَائِدَةٌ وَهِيَ سُقُوطُ زَكَاةِ مَا تَلِفَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ أَوْ بَعْضِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا مَعْنَى لِهَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ تَلِفَ أَوْ بَقِيَ.
قَوْلُهُ: (فَكَوَدِيعٍ) فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ مُطْلَقًا أَوْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ أَوْ ظَاهِرٍ كَنَهْبٍ فِي عُرْفٍ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَوْ عُرِفَ مَعَ عُمُومِهِ، فَكَذَلِكَ إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ؛ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِهِ لِإِمْكَانِهَا ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي التَّلَفِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ فَمُقْتَضَاهُ الضَّمَانُ وَإِنْ تَلِفَ الْمَخْرُوصُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ؟ أُجِيبُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ بِأَدَائِهِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ بِأَنْ جَفَّ، فَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْخَرْصِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الرَّوْضِ.