الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَاهِلًا بِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَنْبِيهٌ: الصَّوْمُ لِمُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ أَفْضَلُ مِنْ الْفِطْرِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَالْقَصْرُ لَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ إنْ بَلَغَ سَفَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي جَوَازِ قَصْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَمَّا لَوْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَمَلَّاحٍ يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ عِيَالُهُ فِي سَفِينَتِهِ وَمَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ مُطْلَقًا فَالْإِتْمَامُ لَهُ أَفْضَلُ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ.
وَلَمَّا فَرَغَ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَحْكَامِ الْقَصْرِ شَرَعَ فِي
أَحْكَامِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ
فَقَالَ: (وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ) سَفَرَ قَصْرٍ (أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ) صَلَاتَيْ (الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ أَيِّهِمَا شَاءَ) تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا (وَ) أَنْ يَجْمَعَ (بَيْنَ) صَلَاتَيْ (الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَكَّةَ نَظَرًا لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِهَا وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ يَسْتَمِرُّ سَفَرُهُمْ إلَى رُجُوعِهِمْ إلَيْهَا مِنْ مِنًى لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَقْصُودِهِمْ، فَلَا تَأْثِيرَ لِنِيَّتِهِمْ الْإِقَامَةَ الْقَصِيرَةَ قَبْلَهَا وَلَا الطَّوِيلَةَ إلَّا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ مِنًى وَدُخُولِهِمْ مَكَّةَ لِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ مَجَالٌ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَالرَّابِعُ يُشْتَرَطُ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) فَإِنْ ضَرَّهُ أَيْ بِنَحْوِ أَلَمٍ يَشُقُّ احْتِمَالُهُ عَادَةً فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ، أَمَّا إذَا خَشِيَ مِنْهُ تَلَفَ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ فَيَجِبُ الْفِطْرُ، فَإِنْ صَامَ عَصَى وَأَجْزَأَهُ. اهـ. ز ي قَوْلُهُ:(وَالْقَصْرُ لَهُ أَفْضَلُ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ الْجَمَاعَةَ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّاهَا تَامَّةً صَلَّاهَا جَمَاعَةً فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُعَارِضْ سُنَّةً صَحِيحَةً كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ عَلَى قَوْلِهِ وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَصْرِ وَالصَّوْمُ دَخِيلٌ فِيهِ قَوْلُهُ:(إنْ بَلَغَ) أَيْ إنْ كَانَ يَبْلُغُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ قَطْعُهَا قَوْلُهُ: (فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ) بَلْ يُكْرَهُ الْقَصْرُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ اهـ أج قَوْلُهُ: (خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ) فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُوجِبُ الْقَصْرَ إنْ بَلَغَهَا وَالْإِتْمَامَ إنْ لَمْ يَبْلُغْهَا. اهـ. شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (وَمَعَهُ عِيَالُهُ) لَيْسَ قَيْدًا قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ مَعَهُ عِيَالُهُ أَوْ لَا وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ.
وَقَوْلُهُ: فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ أَيْ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَكُونُ الْإِتْمَامُ فِيهَا أَفْضَلَ، وَذَلِكَ إنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ هَكَذَا قَالَهُ ح ل. وَقَدْ يُقَالُ: مُقْتَضَى مُرَاعَاةِ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْإِطْلَاقُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ ز ي وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ) فَإِنَّهُ لَا يُجَوِّزُ لَهُ الْقَصْرُ وَقُدِّمَ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْإِتْمَامُ. اهـ. ز ي.
[أَحْكَامِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ]
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَالْأَفْضَلُ تَرْكُ الْجَمْعِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْبِيرُ بِيَجُوزُ، لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ يَجُوزُ كَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى، وَقَدْ يَجِبُ الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَإِنَّمَا كَانَ تَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلَ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ لِلسَّفَرِ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلِأَنَّ فِيهِ إخْلَاءَ أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ عَنْ صَلَاتِهِ وَقَدْ يَجِبُ الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فِيمَا إذَا أَخَّرَ الظُّهْرَ لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ وَضَاقَ وَقْتُ الْعَصْرِ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِمَا تَامَّتَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا مَا يَسَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَيَجِبُ قَصْرُهُمَا وَجَمْعُهُمَا ز ي قَوْلُهُ:(سَفَرَ قَصْرٍ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ طَوِيلًا إلَخْ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ أَمَّا عِنْدَنَا فَلَا جَمْعَ فِي قَصِيرٍ وَجَمْعُهُ صلى الله عليه وسلم فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَدِيمًا فِي سَفَرِهِ الطَّوِيلِ إذْ لَمْ يُقِمْ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ لِلنُّسُكِ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ. قَوْلُهُ:(أَنْ يَجْمَعَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتَا تَامَّتَيْنِ أَمْ مَقْصُورَتَيْنِ أَمْ إحْدَاهُمَا تَامَّةً وَالْأُخْرَى مَقْصُورَةً. قَالَ فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ: وَاخْتَصَّ هُوَ وَأُمَّتُهُ بِقَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَبِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ إذَا عَجَّلَ السَّيْرَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» . وَرَوَيَا عَنْ «مُعَاذٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ تَبُوكَ وَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» . وَرَوَيَا أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ» .
فِي وَقْتِ أَيِّهِمَا شَاءَ) تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا.
وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرِ وَقْتِ أُولَى تَأْخِيرٌ وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ ذَهَبَ إلَى مَنْعِ الْجَمْعِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَتَمَسَّكَ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ» وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ، وَرَدَّهُ الشَّافِعِيَّةُ بِضَعْفِ هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّ حَنَشًا الْمَذْكُورَ وَاهٍ جِدًّا كَذَّبَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ وَبِفَرْضِ ثُبُوتِهِ فَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ السَّفَرُ وَالْمَطَرُ كَذَا مَثَّلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ لِلْعُذْرِ، وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ أَيْضًا وَأَنَّهُ بِالْعِشَاءَيْنِ اهـ.
قَوْلُهُ: (صَلَاتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إلَخْ) وَلَا جَمْعَ عَلَى الْأَوْجَهِ مَنْ تَرَدَّدَ فِي الْخَادِمِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَقْتَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا وَقْتَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِمَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، فَالنَّذْرُ إنَّمَا يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الشَّرْعِ فِي الْعَزَائِمِ دُونَ الرُّخَصِ وَإِلَّا لَجَازَ الْقَصْرُ فِيهِ اهـ إيعَابٌ اهـ أج قَوْلُهُ:(تَقْدِيمًا) أَيْ فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِمَا بِتَمَامِهِمَا فِي الْوَقْتِ، فَلَا يَكْفِي إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ شَيْخُنَا ح ف. لَكِنْ نَقَلَ سم عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي إدْرَاكُ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَعِبَارَتُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ إنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَدُونَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ الْعُذْرِ. وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي جَوَازُ الْجَمْعِ، قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بِوُقُوعِ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهُ، فَلَمَّا اكْتَفَى بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِذَلِكَ فِي الْوَقْتِ قَوْلُهُ:(وَتَأْخِيرًا) أَيْ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ شَمِلَ الْمُتَحَيِّرَةَ وَفَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوَهُمَا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمْعَيْنِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بِحَالٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ وُقُوعُ الْأُولَى مَعَ التَّأْخِيرِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَقَعَ فِي الظُّهْرِ لَوْ فَعَلَتْهَا فِي وَقْتِهَا. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ) أَيْ كَأَنْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ قَرْيَةً بِطَرِيقِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ الظُّهْرُ، لَكِنْ لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ مَعَهُمْ فَيَجُوزُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَجْمَعَ الْعَصْرَ مَعَهَا تَقْدِيمًا اط ف. وَقَوْلُهُ: فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَيْ وَيَمْتَنِعُ جَمْعُهَا تَأْخِيرًا لِأَنَّهَا لَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَعِبَارَةُ ع ش: وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، أَيْ إذَا لَمْ نَشُكَّ فِي صِحَّتِهَا، أَمَّا إذَا شَكَكْنَا فِي صِحَّتِهَا فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى اهـ قَوْلُهُ:(وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرِ وَقْتٍ أُولَى) هَذَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَمَا الْأَفْضَلُ مِنْهُمَا؟ فَقَالَ: وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرِ وَقْتٍ أُولَى إلَخْ. أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ أَوْ نَازِلًا. وَقَوْلُهُ: (وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمٌ) وَهُوَ مَنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ أَوْ سَائِرًا، فَيَكُونُ التَّقْدِيمُ فِي صُورَتَيْنِ أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ فِيمَا إذَا كَانَ نَازِلًا فِيهِمَا، بَلْ أَفْضَلُ فِيهَا التَّأْخِيرُ فَتُضَمُّ إلَى الِاثْنَيْنِ فَيَكُونُ التَّقْدِيمُ فِي صُورَةٍ وَالتَّأْخِيرُ فِي ثَلَاثَةٍ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَالْأَفْضَلُ أَيْ لِمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ، فَلَا يُقَالُ تَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ فَهَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَفْضُولِ كَأَنْ يُقَالَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ الْعُلَمَاءِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَمَتَى صَحِبَ أَحَدَ الْجَمْعَيْنِ كَمَالٌ خَلَا عَنْهُ الْآخَرُ كَانَ الْمُقْتَرِنُ بِهِ أَفْضَلَ كَمَا فِي ز ي كَأَنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَالْآخَرِ بِالتَّيَمُّمِ، أَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا يَجِدُ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ وَفِي الْآخَرِ يُصَلِّي مَكْشُوفَهَا، أَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا مَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً وَفِي الْآخَرِ يُصَلِّي فُرَادَى قَوْلُهُ:(وَلِغَيْرِهِ) بِأَنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الْأُولَى سَائِرًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ، أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا أَوْ سَائِرًا فِيهِمَا هَكَذَا يَقْتَضِيه كَلَامُهُ، فَيَكُونُ التَّقْدِيمُ أَفْضَلَ تَقْدِيمًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النَّازِلَ فِيهِمَا جَمْعُهُ تَأْخِيرًا أَفْضَلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي حَالَةِ الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ، وَوَقْتُ الْأُولَى لَا يَكُونُ وَقْتًا لِلثَّانِيَةِ إلَّا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَطَرٍ. وَلَوْ قَالَ: وَالْأَفْضَلُ لِنَازِلٍ فِي وَقْتِ أُولَى سَائِرٍ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ تَقْدِيمٌ وَلِغَيْرِهِ أَيْ مِنْ سَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى أَوْ فِيهِمَا أَوْ نَازِلٍ فِيهِمَا تَأْخِيرٌ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ.
لِلِاتِّبَاعِ.
وَشُرِطَ لِلتَّقْدِيمِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: التَّرْتِيبُ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْأُولَى لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا، وَالثَّانِيَةُ تَبَعٌ لَهَا وَالثَّانِي: نِيَّةُ الْجَمْعِ لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ عَنْ التَّقْدِيمِ سَهْوًا أَوْ عَبَثًا فِي أُولَى وَلَوْ مَعَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا. وَالثَّالِثُ: وَلَاءٌ بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ عُرْفًا وَلَوْ ذَكَرَ بَعْدَهُمَا تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى أَعَادَهُمَا وَلَهُ جَمْعُهُمَا تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا لِوُجُودِ الْمُرَخِّصِ، فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ بَيْنَ سَلَامِهَا وَالذِّكْرِ تَدَارَكَ وَصَحَّتَا، فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ وَلَا جَمْعَ لِطُولِ الْفَصْلِ، وَلَوْ جَهِلَ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّ التَّرْكَ مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَعَادَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الْأُولَى بِغَيْرِ جَمْعِ تَقْدِيمٍ. وَالرَّابِعُ: دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، فَلَوْ أَقَامَ قَبْلَهُ فَلَا جَمْعَ لِزَوَالِ السَّبَبِ.
وَشُرِطَ لِلتَّأْخِيرِ أَمْرَانِ فَقَطْ: أَحَدُهُمَا نِيَّةُ جَمْعٍ فِي وَقْتِ أُولَى مَا بَقِيَ قَدْرٌ يَسَعُهَا تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ التَّأْخِيرِ تَعَدِّيًا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ النِّيَّةَ إلَى وَقْتٍ لَا يَسَعُ الْأُولَى عَصَى.
وَإِنْ وَقَعَتْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ) وَيُزَادُ خَامِسٌ وَهُوَ بَقَاءُ وَقْتِ الْأُولَى يَقِينًا، فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ بَطَلَ الْجَمْعُ وَالصَّلَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ شَوْبَرِيٌّ وَس ل. وَتَقَدَّمَ عَنْ الرُّويَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَيُزَادُ سَادِسٌ وَهُوَ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى لِتَخْرُجَ الْمُتَحَيِّرَةُ، فَإِنَّ الْأُولَى لَهَا لَيْسَتْ مَظْنُونَةَ الصِّحَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي الْحَيْضِ ع ش. وَبِهَذَا حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ وَهُوَ أَنَّ ظَنَّ صِحَّةِ الْأُولَى شَرْطٌ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ لَا فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ اهـ اط ف قَوْلُهُ:(فِي أُولَى)
فَإِنْ قُلْتَ: كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الْجَمْعِ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ إلَخْ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ إنَّمَا هُوَ لِلثَّانِيَةِ. أُجِيبَ: بِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى وَلَا يُحْسَبُ الضَّمُّ الْمَذْكُورُ إلَّا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ فِي الْأُولَى لِتَصِيرَ الصَّلَاتَانِ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ تَدَبَّرْ. فَلَوْ نَوَى الْجَمْعَ فِيهَا ثُمَّ رَفَضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ وَنَوَى وَهُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَكْفِي لِوُجُودِ مَحَلِّ النِّيَّةِ، وَهُوَ الْأَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى الْجَمْعَ فِي الْأُولَى ثُمَّ رَفَضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ عَنْ قُرْبٍ وَنَوَاهُ فَقَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: يَجُوزُ وَلَهُ الْجَمْعُ وَخَالَفَهُ مُحَشِّيَاهُ، وَاعْتَرَضَا عَلَيْهِ وَاسْتَوْجَهَا مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْجَمْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ النِّيَّةِ. وَعِبَارَةُ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ نَوَى تَرْكَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَرَادَهُ وَلَوْ فَوْرًا لَمْ يَجُزْ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِأَنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ انْقَضَى فَلَمْ يُفِدْ الْعَوْدُ إلَيْهَا شَيْئًا وَإِلَّا لَزِمَ إجْزَاؤُهَا بَعْدَ تَحَلُّلِ الْأُولَى اهـ قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَعَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا) وَهُوَ حَاصِلٌ بِمَا ذُكِرَ اهـ بَابِلِيٌّ قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ) وَلَوْ بِعُذْرٍ وَلَوْ احْتِمَالًا لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَمِنْ الْفَصْلِ الطَّوِيلِ قَدْرُ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَمَا اقْتَضَى إطْلَاقُهُمْ اهـ. فَيُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي الرَّاتِبَةَ بَيْنَهُمَا بَلْ يُؤَخِّرُهَا. نَعَمْ إنْ أَسْرَعَ بِهَا إسْرَاعًا مُفْرِطًا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا قَالَهُ أج. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ذَكَرَ بَعْدَهُمَا) تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْفَاءِ. وَخَرَجَ بِبَعْدِهِمَا مَا لَوْ عَلِمَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَهُوَ كَمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأُولَى وَبَطَلَ إحْرَامُهُ بِالثَّانِيَةِ، وَبَعْدَ الْبِنَاءِ يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ تَدَارَكَ وَبَنَى، وَلِأَجْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ قَيَّدَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ قَوْلُهُ:(أَعَادَهُمَا) أَمَّا الْأُولَى فَلِتَرْكِ الرُّكْنِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِفَسَادِهَا بِعَدَمِ شَرْطِهَا لَكِنْ تَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضٌ مِنْ نَوْعِهَا وَإِلَّا وَقَعَتْ عَنْهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر اهـ أج قَوْلُهُ:(بِغَيْرِ جَمْعِ تَقْدِيمٍ) وَإِنَّمَا امْتَنَعَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الثَّانِيَةِ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ بِهَا، وَبِالْأُولَى الْمُعَادَةُ بَعْدَهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ لِأَنَّهُ إذَا أَعَادَهُمَا يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ مَثَلًا ثُمَّ الْعَصْرِ، وَالْحَالُ أَنَّنَا فَرَضْنَا أَنَّ الظُّهْرَ الَّتِي صَلَّاهَا أَوَّلًا صَحِيحَةٌ فَقَدْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الظُّهْرِ الصَّحِيحَةِ وَالْعَصْرِ الَّتِي صَلَّاهَا ثَانِيًا بِالْعَصْرِ الْفَاسِدَةِ وَالظُّهْرِ الْمُعَادَةِ. اهـ. ح ل مُلَخَّصًا. وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ بِغَيْرِ جَمْعِ تَقْدِيمٍ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ جَمْعِ التَّأْخِيرِ وَصَلَاةِ كُلٍّ فِي وَقْتِهَا قَوْلُهُ:(إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ) وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عِنْدَ عَقْدِ الْأُولَى، فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي بَلْدَةٍ ثُمَّ سَافَرَ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ أَيْ وَإِنْ أَقَامَ فِي أَثْنَائِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ جَمِيعِ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، فَلَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ
أَدَاءً، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْجَمْعَ أَوْ نَوَاهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا عَصَى وَكَانَتْ قَضَاءً. وَثَانِيهِمَا دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى تَمَامِهِمَا، فَلَوْ أَقَامَ قَبْلَهُ صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ لِلْعُذْرِ وَقَدْ زَالَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَفِي الْمَجْمُوعِ إذَا أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُولَى أَدَاءً بِلَا خِلَافٍ وَمَا بَحَثَهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَتَعْلِيلُهُمْ مُنْطَبِقٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأُولَى، فَلَوْ عَكَسَ وَأَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ فَقَدْ وُجِدَ الْعُذْرُ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ وَأَوَّلِ التَّابِعَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَنَّهَا أَدَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ، وَأَجْرَى الطَّاوُسِيُّ الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَقَالَ: وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ بَلْ شَرَطَ دَوَامَهُ إلَى إتْمَامِهَا لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتَ الْعَصْرِ إلَّا فِي السَّفَرِ وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ، وَأَمَّا وَقْتُ الْعَصْرِ فَيَجُوزُ فِيهِ الظُّهْرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الظُّهْرُ إلَى السَّفَرِ إلَّا إذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِيهِمَا وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَيْهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِهَا بَطَلَ الْجَمْعُ وَوَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا.
قَوْلُهُ: (مَا بَقِيَ قَدْرٌ يَسَعُهَا) أَيْ جَمِيعَهَا تَامَّةً أَوْ مَقْصُورَةً إنْ أَرَادَ قَصْرَهَا قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) اقْتَضَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ النِّيَّةَ إلَى وَقْتٍ يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الْأُولَى أَوْ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ أَنَّهُ يَعْصِي بِتَأْخِيرِ النِّيَّةِ إلَى ذَلِكَ الْحَدِّ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَكُونُ أَدَاءً إذَا فَعَلَهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النِّيَّةِ. وَقَوْلُهُ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ: أَوْ نَوَاهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ، وَقَدْ حَكَمَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ قَضَاءٌ فِيهَا فَتُخَالِفُ الْعِبَارَةَ الْأُولَى فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ وَقْتُ النِّيَّةِ يَسَعُ رَكْعَةً، فَإِنَّ الْعِبَارَةَ الْأُولَى تَقْتَضِي أَنَّهَا أَدَاءٌ وَالثَّانِيَةَ تَقْتَضِي أَنَّهَا قَضَاءٌ، وَأَمَّا الْإِثْمُ فَهُوَ بِاتِّفَاقٍ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَالِاقْتِصَارَ عَلَى الثَّانِيَةِ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِ الْأُولَى عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ رَكْعَةً وَالثَّانِيَةُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ يَسَعُ دُونَهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً) أَيْ وَإِنْ أَخَّرَهَا إلَى وَقْتٍ لَوْ فَعَلَهَا فِيهِ وَقَعَتْ أَدَاءً بِأَنْ أَخَّرَهَا إلَى أَنْ بَقِيَ مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَلَا جَمْعَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، بَلْ تَصِيرُ الْأُولَى قَضَاءً إنْ فَعَلَهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهَا حَيْثُ صَرَّحَ أَوَّلًا بِالْأَدَاءِ وَثَانِيًا بِالْقَضَاءِ قَوْلُهُ:(صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً) أَيْ فَائِتَةَ حَضَرٍ فَلَا تُقْصَرُ فِي السَّفَرِ شَوْبَرِيٌّ وَلَا إثْمَ فِيهِ، وَهَذَا صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ أَيْ سَوَاءٌ قَدَّمَ الظُّهْرَ عَلَى الْعَصْرِ أَوْ الْعَصْرَ عَلَى الظُّهْرِ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ ظَاهِرًا فِي صُورَةِ مَا إذَا قَدَّمَ الظُّهْرَ عَلَى الْعَصْرِ دُونَ الْعَكْسِ قَوْلُهُ:(وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهِ حِكَايَةُ خِلَافٍ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يُظْهِرُ فِيهَا التَّعْلِيلَ، وَهِيَ مَا إذَا قَدَّمَ الظُّهْرَ عَلَى الْعَصْرِ وَأَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الْعَصْرِ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ: هِيَ أَيْ الظُّهْرُ أَدَاءٌ اكْتِفَاءً بِوُجُودِ الْعُذْرِ فِي بَعْضِ الْعَصْرِ. وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا قَوْلُهُ: (وَمَا بَحَثَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ يَنْبَغِي إلَخْ قَوْلُهُ: (مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ) أَيْ حَيْثُ اشْتَرَطُوا لِصِحَّةِ الْجَمْعِ بَقَاءَ الْعُذْرِ إلَى تَمَامِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ أَقَامَ قَبْلَهُ بَطَلَ الْجَمْعُ فَصَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً لِوُقُوعِهَا خَارِجَ وَقْتِهَا قَوْلُهُ:(قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهِ حِكَايَةُ خِلَافٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ مَا إذَا قَدَّمَ الْعَصْرَ قَوْلُهُ:(وَتَعْلِيلُهُمْ) أَيْ بِأَنَّ الْأُولَى تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ لِلْعُذْرِ إلَخْ قَوْلُهُ: (عَلَى تَقْدِيمِ الْأُولَى) أَيْ الظُّهْرِ مَثَلًا قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَكَسَ) كَأَنْ قَدَّمَ الْعَصْرَ قَوْلُهُ: (فَقَدْ وُجِدَ الْعُذْرُ) أَيْ السَّفَرُ. وَقَوْلُهُ (فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ) أَيْ الْعَصْرِ وَقَوْلُهُ (وَأَوَّلُ التَّابِعَةِ) أَيْ الظُّهْرِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ قَوْلُهُ وَدَوَامُ سَفَرِهِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ قَوْلُهُ:(كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ) أَيْ بَعْضُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَقَدْ زَالَ وَهُنَا لَمْ يَزُلْ قَوْلُهُ: (وَأَجْرَى الطَّاوُسِيُّ) مُعْتَمَدَ قَوْلِهِ: (عَلَى إطْلَاقِهِ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ دَوَامِ السَّفَرِ إلَى تَمَامِهَا فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَتْبُوعَةَ وَمِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي وَقْتِ عَقْدِ الثَّانِيَةِ إذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا م د قَوْلُهُ: (فَقَالَ وَإِنَّمَا اكْتَفَى إلَخْ) غَرَضُهُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ قَوْلُهُ: (إلَّا فِي السَّفَرِ) فِيهِ أَنَّهُ يَكُونُ وَقْتًا لَهَا أَيْضًا فِي الْحَضَرِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ، وَيُمْكِنُ أَنَّ الْحَصْرَ إضَافِيٌّ أَيْ لَا فِي الْحَضَرِ بِلَا عُذْرٍ قَوْلُهُ:(وَإِلَّا جَازَ) بِأَنْ انْتَهَى السَّفَرُ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَنْصَرِفَ إلَى غَيْرِهِ) وَهُوَ الْحَضَرُ فَتَكُونَ الْأُولَى قَضَاءً.