الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ
وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ (وَتُقَوَّمُ عُرُوضُ التِّجَارَةِ عِنْدَ) آخِرِ (الْحَوْلِ بِمَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ) هَذَا إذَا مَلَكَ مَالَ التِّجَارَةِ بِنَقْدٍ وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ بِغَيْرٍ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ، أَوْ دُونَ نِصَابٍ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِ لِأَنَّهُ أَصْلُ مَا بِيَدِهِ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا لَمْ تَجِبْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
[فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ]
ِ وَالْعُرُوضُ جَمْعُ عَرْضٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا قَابَلَ النَّقْدَيْنِ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا قَابَلَ الطُّولَ وَبِضَمِّ الْعَيْنِ مَا قَابَلَ النَّصْلَ فِي السِّهَامِ وَبِكَسْرِهَا مَحَلُّ الذَّمِّ وَالْمَدْحِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ مَعًا مَا قَابَلَ الْجَوْهَرَ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ) أَيْ بَعْدَهُ لَا بِطَرَفَيْهِ وَلَا بِجَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْقِيمَةِ وَيُعْسَرُ مُرَاعَاتُهَا كُلَّ وَقْتٍ لِاضْطِرَابِ الْأَسْعَارِ انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا. وَاكْتَفَى بِاعْتِبَارِهَا آخِرَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ تَجِبُ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ بِمُعَاوَضَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مَحْضَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنَّ الْمُعَاوَضَةَ قِسْمَانِ: مَحْضَةٌ وَهِيَ مَا تَفْسُدُ بِفَسَادِ مُقَابِلِهَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِعِوَضٍ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَوْ نَقْدٍ أَوْ دَيْنٍ حَالٍّ وَمِنْ الْمَمْلُوكِ بِمُعَاوَضَةٍ مَا لَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَنْ دَمٍ وَمَا أَجَّرَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ مَالَهُ؛ أَوْ غَيْرُ مَحْضَةٍ وَهِيَ مَا لَا تَفْسُدُ بِفَسَادِ مُقَابِلِهَا كَالنِّكَاحِ، وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ فِي تَعْرِيفِ الْمُعَاوَضَةِ فَشَمِلَ الْقِسْمَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ ق ل وَالْمُنَاوِيُّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خَلَفَ لِوَرَثَتِهِ عُرُوضَ التِّجَارَةِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِيهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُمْلَكْ بِمُعَاوَضَةٍ.
ثَانِيهَا: أَنْ تَقْتَرِنَ نِيَّةُ التِّجَارَةِ بِحَالِ الْمُعَاوَضَةِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ فِي مَجْلِسِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ بِالْمُعَاوَضَةِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ التِّجَارَةُ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُمَيِّزَةٍ إنْ لَمْ يُجَدِّدْهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِجَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ، أَيْ إذَا بَاعَ مَا اقْتَرَنَتْ بِهِ النِّيَّةُ حَالَ شِرَائِهِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِانْسِحَابِ حُكْمِ التِّجَارَةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ اشْتَرَى عَرْضًا آخَرَ فَلَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ نِيَّةٍ مُقْتَرِنَةٍ بِهِ، وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَفْرُغَ رَأْسُ الْمَالِ. ثَالِثُهَا: أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالْمَالِ الْقِنْيَةَ وَهِيَ الْإِمْسَاكُ لِلِانْتِفَاعِ، أَيْ وَكَذَا بِبَعْضِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، وَيَرْجِعْ فِي تَعْيِينِهِ لَهُ فَإِنْ قَصَدَهَا بِهِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ. رَابِعُهَا: مُضِيُّ حَوْلٍ مِنْ الْمِلْكِ؛ نَعَمْ إنْ مَلَكَهُ بِعَيْنِ نَقْدِ نِصَابٍ أَوْ دُونَهُ وَفِي مِلْكِهِ بَاقِيَةٌ كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا أَوْ بِعَيْنِ عَشَرَةٍ وَفِي مِلْكِهِ عَشَرَةٌ أُخْرَى بَنَى عَلَى نَقْدِ الْحَوْلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِنِصَابٍ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ أَيْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ فَيَنْقَطِعُ حَوْلُهُ وَيُبْتَدَأُ حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ. وَفَرْقٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ النَّقْدَ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَرْفُهُ لِلشِّرَاءِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى. خَامِسُهَا: أَنْ لَا يَنِضَّ جَمِيعُهُ، أَيْ مَالِ التِّجَارَةِ، مِنْ الْجِنْسِ نَاقِصًا عَنْ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، فَإِنْ نَضَّ كَذَلِكَ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ فَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ يَكُونُ مِنْ الشِّرَاءِ.
سَادِسُهَا: أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ آخِرَ الْحَوْلِ نِصَابًا، وَكَذَا إنْ بَلَغَتْهُ دُونَ نِصَابٍ وَمَعَهُ مَا يَكْمُلُ بِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَابْتَاعَ بِخَمْسِينَ مِنْهَا وَبَلَغَ مَالُ التِّجَارَةِ آخِرَ الْحَوْلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَيُضَمُّ لِمَا عِنْدَهُ وَيَجِبُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ اهـ.
قَوْلُهُ: (الْغَالِبِ) لَوْ حَذَفَ " الْغَالِبَ " لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَوْ دُونَ نِصَابٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَمْلِكُهُ بِنَقْدٍ وَتَارَةً بِنَقْدَيْنِ وَتَارَةً بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ وَتَارَةً بِغَيْرِ نَقْدٍ أَصْلًا وَتَارَةً يَمْلِكُهُ لَا بِشَيْءٍ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِ) أَيْ بِالنَّقْدِ وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ.
الزَّكَاةُ وَإِنْ بَلَغَ بِغَيْرِهِ، أَمَّا إذَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ نَقْدٍ كَعَرْضٍ وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ يُقَوَّمُ بِهِ.
فَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ بِمَحَلٍّ لَا نَقْدَ فِيهِ كَبَلَدٍ يُتَعَامَلُ فِيهِ بِفُلُوسٍ أَوْ نَحْوِهَا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ بِنَقْدٍ وَغَيْرِهِ قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِيَ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ.
فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ عَلَى التَّسَاوِي وَبَلَغَ مَالُ التِّجَارَةِ نِصَابًا بِأَحَدِهِمْ دُونَ الْآخَرِ قُوِّمَ لِتَحَقُّقِ تَمَامِ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ أَوْ بِنَقْدٍ لَا يُقَوَّمُ بِهِ دُونَ نَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ.
وَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا بِكُلٍّ مِنْهُمَا خُيِّرَ الْمَالِكُ كَمَا فِي شَاتَيْ الْجُبْرَانِ وَدَرَاهِمِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ صُحِّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَنْفَعُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَيُضَمُّ رِبْحٌ حَاصِلٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لِأَصْلٍ فِي الْحَوْلِ إنْ لَمْ يَنِضَّ بِمَا يُقَوَّمُ بِهِ.
فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ قَبْلَ آخِرِهِ بِلَحْظَةٍ ثَلَثَمِائَةٍ زَكَّاهَا آخِرَهُ، أَمَّا إذَا نَضَّ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِمَا يُقَوَّمُ بِهِ وَأَمْسَكَهُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ فَلَا يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ بَلْ يُزَكَّى الْأَصْلُ بِحَوْلِهِ وَيُفْرَدُ الرِّبْحُ بِحَوْلٍ (وَيُخْرِجُ مِنْ) قِيمَةِ (ذَلِكَ) لَا مِنْ الْعُرُوضِ (رُبْعُ الْعُشْرِ) أَمَّا أَنَّهُ رُبْعُ الْعُشْرِ فَكَمَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِمَا، وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ عَيْنِ الْعُرُوضِ.
(وَمَا) أَيْ وَأَيُّ نِصَابٍ (اُسْتُخْرِجَ مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقَوْلُهُ " لِأَنَّهُ " أَيْ بِالنَّقْدِ، وَقَوْلُهُ " فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ " أَيْ بِمَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ، وَقَوْلُهُ " فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ " أَيْ بَلَدِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ خ ض عَلَى التَّحْرِيرِ.
وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: فَلَوْ حَالَ إلَخْ " وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: أَيْ نَقْدُ بَلَدِ الْإِخْرَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِي) وَهُوَ مَا قَابَلَ غَيْرَ النَّقْدِ، وَيُعْرَفُ مُقَابِلُهُ بِتَقْوِيمِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَجَمْعِ قِيمَتِهِ مَعَ النَّقْدِ وَنِسْبَتِهِ مِنْ الْجُمْلَةِ، فَلَوْ كَانَ اشْتَرَى بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَبِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَمُقَابِلُهُ ثُلُثُ مَالِ التِّجَارَةِ فَيُقَوَّمُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ جِنْسُ النَّقْدَيْنِ الْمُتَقَوِّمِ بِهِمَا لَمْ يَكْمُلْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَلَا تَجِبُ زَكَاةُ مَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ.
قَوْلُهُ: (لِتَحَقُّقِ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالتَّحَقُّقِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّحَقُّقِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّ الْوَزْنَ أَضْبَطُ لَكَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) أَيْ الْمُقَوَّمِ بِهِمَا حَتَّى يُفَارِقَ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (مَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ) أَيْ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا) مُقَابِلُ قَوْلِهِ " بِأَحَدِهِمَا ".
قَوْلُهُ: (بِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ الْغَالِبَيْنِ عَلَى التَّسَاوِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ صُحِّحَ) ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (وَيُضَمُّ رِبْحُ) سَوَاءٌ حَصَلَ الرِّبْحُ بِزِيَادَةٍ فِي نَفْسِ الْعَرْضِ كَسَمْنِ الْحَيَوَانِ أَمْ بِارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ شَرْحُ م ر. وَإِنَّمَا ضَمَّ الرِّبْحُ قِيَاسًا عَلَى النِّتَاجِ مَعَ الْأُمَّهَاتِ وَلِعُسْرِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى حَوْلِ كُلِّ زِيَادَةٍ مَعَ اضْطِرَابِ الْأَسْوَاقِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ارْتِفَاعًا وَانْخِفَاضًا اهـ شَرْحُ حَجّ.
قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَنِضَّ) بِأَنْ لَمْ يَنِضَّ أَصْلًا أَوْ نَضَّ بِغَيْرِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ أَيْ بِيعَ بِغَيْرِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّضَّ الْبَيْعُ، فَمَنْطُوقُهُ شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ، وَتَفْسِيرُ النَّضِّ بِالْبَيْعِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ وَإِلَّا فَمَعْنَاهُ أَنْ يَصِيرَ نَاضًّا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: أَمَّا إذَا نَضَّ إلَخْ. وَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْبَيْعَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إنَّمَا يُسَمُّونَ النَّقْدَ نَاضًّا إذَا تَحَوَّلَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَتَاعًا؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ مَا نَضَّ بِيَدِي مِنْهُ شَيْءٌ أَيْ مَا حَصَلَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ
قَوْلُهُ: (فَصَارَتْ قِيمَتُهُ) أَوْ نَضَّ فِيهِ بِهَا وَهِيَ مِمَّا لَا تُقَوَّمُ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَهَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَنْطُوقِ. قَوْلُهُ:(أَمَّا إذَا نَضَّ) بِأَنْ بِيعَ بِمَا ذَكَرَهُ، وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَضَّ مِنْ الْجِنْسِ فَقَدْ رَجَعَ رَأْسُ الْمَالِ إلَى أَصْلِهِ فَيَصِيرُ الرِّبْحُ مُسْتَقِلًّا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنِضَّ أَوْ نَضَّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَمْ يَرْجِعْ رَأْسُ الْمَالِ إلَى أَصْلِهِ فَلَا يَصِيرُ الرِّبْحُ مُسْتَقِلًّا، لِارْتِبَاطِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِرَأْسِ الْمَالِ ارْتِبَاطَ التَّابِعِ بِالْمَتْبُوعِ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَأَمْسَكَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، إذْ مِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَيُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلٍ) فَإِذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَّاهُ. وَلَا يُقَالُ إنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ النِّصَابُ، وَالرِّبْحُ لَيْسَ نِصَابًا كَامِلًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ الْإِخْرَاجَ لَيْسَ عَنْهُ وَحْدَهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا بِيَدِهِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ أَنْ يَضُمَّهَا لِمَا عِنْدَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَلِأَنَّهَا) أَيْ الْقِيمَةَ مُتَعَلِّقَةٌ أَيْ رُبْعُ الْعُشْرِ.
قَوْلُهُ: (وَأَيُّ نِصَابٍ) أَيْ وَلَوْ بِضَمِّهِ لِمَا عِنْدَهُ كَمَا يَأْتِي، وَسَوَاءٌ اُسْتُخْرِجَ بِمُعَالَجَةٍ أَوْ بِدُونِهَا خِلَافًا لِلْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ بَيْنَ مَا اُسْتُخْرِجَ بِمُعَالَجَةٍ فَفِيهِ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَمَا اُسْتُخْرِجَ بِلَا
وَالْفِضَّةِ) أَيْ اسْتَخْرَجَ ذَلِكَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ (يُخْرِجُ مِنْهُ) أَيْ النِّصَابِ (رُبْعَ الْعُشْرِ) بِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ لِخَبَرِ «وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ» إذْ لَا وَقْصَ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ كَمَا مَرَّ.
وَلَا يُشْتَرَطُ الْحَوْلُ بَلْ يَجِبُ الْإِخْرَاجُ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْحَوْلَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِأَجْلِ تَكَامُلِ النَّمَاءِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الثِّمَارَ وَالزُّرُوعَ، وَيُضَمُّ بَعْضُ الْمُخْرَجِ إلَى بَعْضٍ إنْ اتَّحَدَ الْمَعْدِنُ وَتَتَابَعَ الْعَمَلُ كَمَا يُضَمُّ الْمُتَلَاحِقُ مِنْ الثِّمَارِ، وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّمِّ اتِّصَالُ النَّيْلِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ غَالِبًا إلَّا مُتَفَرِّقًا.
وَإِذَا قُطِعَ الْعَمَلُ بِعُذْرٍ كَإِصْلَاحِ آلَةٍ وَمَرَضٍ ضُمَّ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ عُرْفًا، فَإِنْ قُطِعَ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يُضَمَّ طَالَ الزَّمَنُ أَمْ لَا لِإِعْرَاضِهِ.
وَمَعْنَى عَدَمِ الضَّمِّ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي فِي إكْمَالِ النِّصَابِ وَيُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ بَاقِيًا كَمَا يَضُمُّهُ إلَى مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْمَعْدِنِ كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ، فَإِذَا اسْتَخْرَجَ مِنْ الْفِضَّةِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَمِائَةً وَخَمْسِينَ بِالثَّانِي فَلَا زَكَاةَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُعَالَجَةٍ فَفِيهِ الْخُمْسُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَعَادِنِ) أَيْ أَمْكِنَةِ الذَّهَبِ إلَخْ فَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ وَالْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ أَوْ مَعَادِنَ هِيَ الذَّهَبُ، فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَمِنْ بَيَانٍ لِمَا؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَكَانِ وَعَلَى الْمُسْتَخْرَجِ سَوَاءٌ كَانَ بِكَسْرِ الدَّالِ أَوْ فَتْحِهَا.
وَقِيلَ: إنَّ الْمَكَانَ بِالْفَتْحِ وَالْمُسْتَخْرِجَ بِالْكَسْرِ، وَالْمَعَادِنُ جَمْعُ مَعْدِنٍ مِنْ عَدَنَ بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ، وَمِنْهُ {جَنَّاتُ عَدْنٍ} [الرعد: 23] أَيْ إقَامَةٍ ح ل قَالَ م ر سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُدُونِهِ أَيْ إقَامَتِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ) سَكَتَ عَمَّا اُسْتُخْرِجَ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ مَوْقُوفٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْتَخْرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ وَقْفِهِ مَسْجِدًا فَهُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا بَعْدَ الْوَقْفِيَّةِ فَهُوَ مِنْ رِيعِ الْمَسْجِدِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى شَخْصٍ إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَقْفِيَّةِ فَهُوَ مِنْ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فَيَكُونُ مَمْلُوكًا لِلشَّخْصِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مَسْجِدٍ.
قَوْلُهُ: (رُبْعُ الْعُشْرِ) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ إنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مِلْكَهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأَرْضَ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِمَّا يُخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (إنْ اتَّحَدَ الْمَعْدِنُ) أَيْ الْمَكَانُ لَا إنْ تَعَدَّدَ وَإِنْ تَقَارَبَ م ر.
وَكَذَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ فِي الرِّكَازِ، ابْنُ حَجَرٍ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَتَتَابَعَ الْعَمَلُ) أَوْ قَطَعَهُ بِعُذْرٍ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكِهِ) كَأَنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ بِالتَّلَفِ فَيُضَمُّ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لِمَا تَلِفَ وَتَخْرُجُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ إنْ كَمُلَ النِّصَابُ؛ فَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ كَأَنْ كَانَ كُلَّمَا أَخْرَجَ شَيْئًا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ إلَى أَنْ أَخْرَجَ نِصَابًا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ نَحْوِ الْبَيْعِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَيَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ وَإِنْ تَلِفَ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ ع ش. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّمِّ اتِّصَالُ النَّيْلِ) أَيْ الْمَنَالِ. وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا " وَتَتَابَعَ الْعَمَلُ " إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَتَابُعِ الْعَمَلِ اتِّصَالُ النَّيْلِ، فَقَدْ تَكُونُ الْأَرْضُ صُلْبَةً يَكْثُرُ الْعَمَلُ فِيهَا وَلَا يُدْرِكُ الْمَنَالَ.
قَوْلُهُ: (اتِّصَالُ النَّيْلِ) أَيْ اتِّصَالًا حَقِيقِيًّا، وَإِلَّا فَالِاتِّصَالُ الْعُرْفِيُّ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَفِي الْقَامُوسِ: النَّيْلُ وَالنَّوْلُ مَا نِلْتُهُ أَيْ حَصَّلْتُهُ.
. قَوْلُهُ: (كَإِصْلَاحِ آلَةٍ) أَيْ وَهَرَبِ أَجِيرٍ م ر.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَالَ) غَايَةٌ لِلضَّمِّ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَطَعَ بِلَا عُذْرٍ) أَوْ تَعَدَّدَ الْمَعْدِنُ.
قَوْلُهُ: (بِإِعْرَاضِهِ) نَعَمْ يَتَسَامَحُ بِمَا اُعْتِيدَ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِيهِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَقَدْ يَطُولُ وَقَدْ يَقْصُرُ، وَلَا يُتَسَامَحُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (لَا يُضَمُّ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي) خَرَجَ بِالثَّانِي غَيْرُهُ مِمَّا يَمْلِكُهُ فَيُضَمُّ إلَيْهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْتَخْرَجِ نِصَابًا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ أَيْ وَأَيُّ نِصَابٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ إذَا بَلَغَ الْمُسْتَخْرَجُ نِصَابًا يَضُمُّهُ لِمَا عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُزَكَّى.
قَوْلُهُ: (فِي إكْمَالِ النِّصَابِ) الْأَوْلَى فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ ق ل. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " فِي إكْمَالِ النِّصَابِ " أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُزَكِّيَ الْجَمِيعَ وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ لِيُزَكِّيَ الثَّانِيَ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ.
وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " وَيُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ " لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ضَمِّ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ ضَمُّ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي اط ف مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ بَاقِيًا) هَذَا لَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ سَابِقًا " وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكِهِ " لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَتَابَعَ الْعَمَلُ، وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَتَابَعْ الْعَمَلُ؛ هَذَا مَا ظَهَرَ.
فِي الْخَمْسِينَ وَتَجِبُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ كَمَا تَجِبُ فِيمَا لَوْ كَانَ مَالِكًا لِخَمْسِينَ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ.
تَنْبِيهٌ: خَرَجَ بِقَوْلِنَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَعْدِنِ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَأَمَّا مَا يَأْخُذُهُ الرَّقِيقُ فَلِسَيِّدِهِ فَيَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِحْيَاءِ بِهَا لِأَنَّ الدَّارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ دَخِيلٌ فِيهَا وَالْمَانِعُ لَهُ لِلْحَاكِمِ فَقَطْ، فَإِنْ أَخَذَهُ قَبْلَ مَنْعِهِ مَلَكَهُ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ، وَيُفَارِقُ مَا أَحْيَاهُ بِتَأَبُّدِ ضَرَرِهِ وَوَقْتُ وُجُوبِ حَقِّ الْمَعْدِنِ حُصُولُ النَّيْلِ فِي يَدِهِ، وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ عَقِبَ التَّخْلِيصِ وَالتَّنْقِيَةِ مِنْ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ، كَمَا أَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ فِي الزَّرْعِ اشْتِدَادُ الْحَبِّ وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ التَّنْقِيَةُ.
(وَمَا) أَيْ وَأَيُّ نِصَابٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (يُؤْخَذُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الرِّكَازِ (فَفِيهِ الْخُمُسُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخَالَفَ الْمَعْدِنُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا مُؤْنَةَ فِي تَحْصِيلِهِ أَوْ مُؤْنَتُهُ قَلِيلَةٌ فَكَثُرَ وَاجِبُهُ كَالْمُعَشَّرَاتِ، وَيُصْرَفُ هُوَ وَالْمَعْدِنُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا مِنْ النَّقْدِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ، وَالرِّكَازُ بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ وَهُوَ دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَيْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ جَهَالَاتِهِمْ، وَيُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الْمَدْفُونِ الْجَاهِلِيِّ رِكَازًا أَنْ لَا يُعْلَمَ أَنَّ مَالِكَهُ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا بَلَغَتْهُ وَعَانَدَ وَوُجِدَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ إلَخْ) وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ وَقْتَ تَمَامِهِمَا وَلَا يَتِمَّانِ إلَّا بَعْدَ اسْتِخْرَاجِ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ إنْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِمَا، يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ فِي الصُّنْدُوقِ خَمْسُونَ وَاسْتَخْرَجَ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَجَبَتْ زَكَاةُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَانْعَقَدَ حَوْلُ الْمِائَتَيْنِ مِنْ حِينَئِذٍ وَمَا مَضَى عَلَى الْخَمْسِينَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا يُحْسَبُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْقِيَاسُ انْعِقَادُهُ مِنْ حِينِ الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِهِمَا لَا مِنْ حِينِ تَمَامِهِمَا لِمِلْكِ الْمُسْتَحِقِّينَ جُزْءًا مِنْ الْمُسْتَخْرَجِ فَيَنْقُصُ مَجْمُوعُ الْمَمْلُوكِ عَنْ النِّصَابِ فَلَا يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ.
. قَوْلُهُ: (وَالْمَانِعَ لَهُ الْحَاكِمُ فَقَطْ) عِبَارَةُ م ر: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَنْقَدِحُ حِينَئِذٍ جَوَازُ مَنْعِهِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:(وَيُفَارِقُ مَا أَحْيَاهُ) فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِتَأَبُّدِ ضَرَرِهِ) أَيْ ضُرِّ مَا أَحْيَاهُ. قَوْلُهُ: (حُصُولُ النَّيْلِ) أَيْ الْمَنَالِ
قَوْلُهُ: (بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ) أَوْ بِالْجِيمِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ وَلَعَلَّ اخْتِيَارَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُودِ الْأَخْذُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الرِّكَازِ) مِنْ الرِّكْزِ وَهُوَ الْخَفَاءُ، قَالَ تَعَالَى:{أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98] أَيْ صَوْتًا خَفِيًّا ح ل.
قَوْلُهُ: (وَخَالَفَ الْمَعْدِنَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَإِنْ وَافَقَهُ فِي الْإِخْرَاجِ فَوْرًا.
قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ إنَّهُ) أَيْ الرِّكَازَ. وَقَوْلُهُ " لَا مُؤْنَةَ فِي تَحْصِيلِهِ " كَأَنْ أَظْهَرَهُ السَّيْلُ، وَقَوْلُهُ " أَوْ مُؤْنَتُهُ قَلِيلَةٌ " أَيْ إنْ لَمْ يُظْهِرْهُ السَّيْلُ. قَوْلُهُ:(كَالْمُعَشَّرَاتِ) فَإِنَّ فِيهَا الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَإِنَّ فِيهِ رُبْعَ الْعُشْرِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَيْ فَلَمَّا كَانَتْ الْمُعَشَّرَاتُ لَا مُؤْنَةَ فِيهَا أَوْ مُؤْنَتُهَا قَلِيلَةٌ كَثُرَ وَاجِبُهَا عَلَى مَا مُؤْنَتُهُ كَثِيرَةٌ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، قَالَ م ر: وَبِهِ انْدَفَعَ قِيَاسُهُ عَلَى الْفَيْءِ.
. قَوْلُهُ: (قَدْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ " وَأَيُّ نِصَابٍ " وَأَمَّا.
قَوْلُهُ: " وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ " فَقَدْ عُلِمَ مِنْ السُّكُوتِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ) أَيْ النَّاسُ الَّذِينَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى مَنْ يَعْقِلُ تَشْبِيهًا لَهُمْ بِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ لِعَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَيْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الدَّافِنُ مِنْ قَوْمِ مُوسَى أَوْ عِيسَى وَغَيْرِهِمَا أج.
قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّ مَالِكَهُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ دَفِينٌ جَاهِلِيٌّ أَيْ قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَهَذَا بَعْدَهُ فَلَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ دَفَنَهُ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَهُوَ جَاهِلِيٌّ ثُمَّ بُعِثَ الرَّسُولُ وَبَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَلَمْ يُؤْمِنْ فَهَذَا دَفِينٌ جَاهِلِيٌّ، فَإِذَا وَجَدَهُ شَخْصٌ فَلَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرِكَازٍ بَلْ فَيْءٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ؛ أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: