المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جُمُعَةٍ بَعْدَهَا، وَالطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ بِهَا الْجُمُعَةُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَصْلُ - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٢

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تُطْلَبُ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الصَّلَاةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي فِي مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌[حُكْمُ سُجُود السَّهْو وَمَحَلُّهُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاة]

- ‌تَتِمَّةٌ: تَنْقَطِعُ قُدْوَةٌ بِخُرُوجِ إمَامِهِ مِنْ صَلَاتِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌ أَحْكَامِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ

- ‌ الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌شَرَائِطُ وُجُوبِ) صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَرَائِضُ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[تَتِمَّةٌ سَبُّ الرِّيحِ]

- ‌فَصْلٌفِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجِنَازَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الْإِبِلِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الْبَقَرِ وَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ

- ‌[فَصْلٌ فِي نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي زَكَاةِ خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ نِصَابِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌فَصْلٌ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا]

الفصل: جُمُعَةٍ بَعْدَهَا، وَالطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ بِهَا الْجُمُعَةُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَصْلُ

جُمُعَةٍ بَعْدَهَا، وَالطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ بِهَا الْجُمُعَةُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْفَرْضِ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الظُّهْرُ

فَائِدَةٌ: الْجَمْعُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا مَعَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ كَالْجُمُعَتَيْنِ الْمُحْتَاجِ إلَى إحْدَاهُمَا فَفِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْهَانُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَفَرَائِضُهَا ثَلَاثَةٌ) وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَنْ عَبَّرَ بِالشُّرُوطِ كَالْجُمْهُورِ فَإِنَّ الشُّرُوطَ ثَمَانِيَةٌ كَمَا مَرَّ إذْ الْفَرْضُ وَالشَّرْطُ قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا بُدَّ مِنْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ (خُطْبَتَانِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا» وَكَوْنُهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَنْ شَذَّ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يُصَلِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا بَعْدَهُمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ثَبَتَتْ صَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ خُطْبَتَيْنِ.

وَأَرْكَانُهُمَا خَمْسَةٌ: أَوَّلُهَا: حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى لِلِاتِّبَاعِ وَثَانِيهَا: الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ افْتَقَرَتْ إلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

اهـ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُمْكِنُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ بَعْدَهَا) لِأَنَّ صِحَّةَ الْأُولَى مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّةِ غَيْرِهَا بَعْدَهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُحْتَاجِ. قَوْلُهُ: (فَفِي ذَلِكَ التَّفْصِيلُ) وَهُوَ أَنَّهُمَا إنْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ شَكَّ اُسْتُؤْنِفَتْ جُمُعَةً أَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَتَعَيَّنْ أَوْ تَعَيَّنَتْ وَنُسِيَتْ صُلِّيَتْ ظُهْرًا أج.

[فَرَائِضُ الْجُمُعَةَ]

قَوْلُهُ: (وَفَرَائِضُهَا إلَخْ) تَعْبِيرُهُ هُنَا بِالْفُرُوضِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِالشُّرُوطِ تَفَنُّنٌ وَإِلَّا فَكُلُّهَا شُرُوطٌ.

قَوْلُهُ: (إذْ الْفَرْضُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا يُخَالِفُ، قَالَ ق ل: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا فِي التَّعْبِيرِ بِالْفَرْضِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي التَّعْبِيرِ بِالشَّرْطِ عَنْ الرُّكْنِ، فَلَوْ قَالَ التَّعْبِيرُ بِالْفَرْضِ يُوهِمُ أَنَّهَا أَرْكَانٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكَانَ صَوَابًا وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ قَدْ لَكَانَ أَوْلَى. وَيُجَابُ بِأَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَشَرَائِطُ صِحَّةِ فِعْلِهَا ثَلَاثَةٌ بَلْ ثَمَانِيَةٌ كَمَا سَتَرَاهُ. وَتَعْبِيرُهُ هُنَا بِالْفَرَائِضِ وَتَغْيِيرُ الْأُسْلُوبِ حَيْثُ لَمْ يَعْطِفْهَا عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ شُرُوطًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ خُطْبَتَانِ) الْأَوْلَى تَقَدُّمُ خُطْبَتَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَذَلِكَ لِإِيهَامِ صَنِيعِهِ أَنَّ ذَاتَ الْخُطْبَتَيْنِ شَرْطٌ لِلْجُمُعَةِ وَأَنَّ تَقَدُّمَهُمَا شَرْطٌ لَهُمَا؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ تَقَدُّمُ خُطْبَتَيْنِ أَيْ لِأَنَّهُمَا شَرْطٌ وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَلَيْسَا بَدَلًا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ قَوْلُهُ: (وَكَوْنُهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَنْ شَذَّ) وَهَذَا بَعْدَ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: إنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، فَيَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَاتَّفَقَ لَهُ «صلى الله عليه وسلم مَرَّةً أَنَّهُ صَلَّى ثُمَّ أَخَذَ يَخْطُبُ فَبَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ إذْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ تِجَارَةٌ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكُوهُ قَائِمًا يَخْطُبُ، فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: 11] الْآيَةَ فَقُدِّمَتْ الْخُطْبَةُ مِنْ حِينَئِذٍ اهـ أج. وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ» . وَيَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يَرَى الْجُمُعَةَ بِاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا كَمَالِكٍ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَقَامَ لَهُمْ الْجُمُعَةَ حَتَّى يَكُونَ حُجَّةً لِاشْتِرَاطِ هَذَا الْعَدَدِ اهـ. وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَمْ يُصَلِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا بَعْدَهُمَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: " لَمْ يُصَلِّ إلَّا بَعْدَهُمَا " أَيْ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ: وَكَانَتَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقُدِّمَتَا. وَسَبَبُهُ: «أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَصَابَهُمْ جُوعٌ فَقَدِمَ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ بِتِجَارَةٍ مِنْ الشَّامِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ فَانْصَرَفُوا وَلَمْ يَبْقَ إلَّا ثَمَانِيَةُ أَنْفُسٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَوْ أَرْبَعُونَ فَقَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ خَرَجُوا جَمِيعًا لَأَضْرَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْوَادِيَ نَارًا» وَكَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ الْعِيرَ بِالطَّبْلِ وَالتَّصْفِيقِ؛ وَهُوَ الْمُرَادُ بِاللَّهْوِ فِي الْآيَةِ. وَخَصَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ بِالتِّجَارَةِ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْكَانُهُمَا خَمْسَةٌ) جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ نَظْمًا فَقَالَ:

ص: 197

ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَافْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَالصَّلَاةِ، وَلَفْظُ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ مُتَعَيَّنٌ لِلِاتِّبَاعِ، فَلَا يُجْزِئُ الشُّكْرُ وَالثَّنَاءُ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ يُجْزِئُ أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْجَلَالَةِ فَلَا يُجْزِئُ الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ أَوْ نَحْوُهُ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ بَلْ يُجْزِئُ نُصَلِّي أَوْ أُصَلِّي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ مُحَمَّدٍ بَلْ يَكْفِي أَحْمَدُ أَوْ النَّبِيُّ أَوْ الْمَاحِي أَوْ الْحَاشِرُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يَكْفِي رَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَثَالِثُهَا: الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى لِأَنَّ الْغَرَضَ الْوَعْظُ وَالْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَكْفِي أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَاقِبُوهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَرَابِعُهَا: قِرَاءَةُ آيَةٍ فِي إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْخُطْبَةِ دُونَ تَعْيِينٍ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَخُطْبَةٌ أَرْكَانُهَا قَدْ تُعْلَمُ

خَمْسَةٌ تُعَدُّ يَا أَخِي وَتُفْهَمُ

حَمْدُ الْإِلَهِ وَالصَّلَاةُ الثَّانِي

عَلَى نَبِيٍّ جَاءَ بِالْقُرْآنِ

وَصِيَّةٌ ثُمَّ الدُّعَاء لِلْمُؤْمِنِينْ

وَآيَةٌ مِنْ الْكِتَابِ الْمُسْتَبِينْ

قَوْلُهُ: (افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ ذِكْرِهِ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّ الذِّكْرَ أَعَمُّ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَلَفْظُ الْحَمْدِ) أَيْ مَادَّتُهُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْحَمْدِ أَيْ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) كَالْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعَيُّنِ لَفْظِ الْجَلَالَةِ فِي الْحَمْدِ لِلَّهِ بِأَنَّ لَهَا مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهَا مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لِأَنَّهَا قُطْبُهَا لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِهَا سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ. اهـ. سم. وَعِبَارَةُ أج: فَإِنْ قُلْتَ لِمَ تَعَيَّنَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ فِي الْحَمْدِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي الصَّلَاةِ. قُلْتُ: قَالَ سم. إنَّ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مَزِيَّةً تَامَّةً، فَإِنَّ لَهُ الِاخْتِصَاصَ التَّامَّ بِهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ سِوَاهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَلَا كَذَلِكَ لَفْظُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم اهـ. أَيْ أَنَّ لَفْظَ مُحَمَّدٍ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَلِهَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَفْظُهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِالضَّمِيرِ وَإِنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) وَهِيَ امْتِثَالُ أَوَامِرِ اللَّهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْغَرَضَ الْوَعْظُ) قَدْ يُقَالُ وَالْغَرَضُ مِنْ الْحَمْدِ الثَّنَاءُ وَمِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهِمَا فَمَا الْفَرْقُ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَمْدَ وَالصَّلَاةَ تُعُبِّدَ بِلَفْظِهِمَا فَتَعَيَّنَتَا وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ) أَيْ أَوْ الزَّجْرُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ فَيَكْفِي أَحَدُ هَذَيْنِ لِاسْتِلْزَامِ كُلٍّ الْآخَرَ. وَقَوْلُ م ر: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ أَيْ مُطَابَقَةً أَوْ اسْتِلْزَامًا اهـ أج. مُلَخَّصًا. وَلَا يَكْفِي اقْتِصَارُهُ فِيهَا عَلَى التَّحْذِيرِ مِنْ غُرُورِ الدُّنْيَا وَزَخْرَفَتِهَا، فَقَدْ يَتَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ أَيْ يَكُونُ وَصِيَّةً لَهُ بِتَرْكِ غُرُورِ الدُّنْيَا وَزَخْرَفَتِهَا اهـ شَرْحُ م ر. «وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم يُوَاظِبُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى فِي خُطْبَتِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَفِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، وَيَقُولُ بُعِثْت أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» كَمَا فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَرَاقِبُوهُ) أَيْ أَوْ رَاقِبُوهُ؛ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " فَيَكْفِي أَحَدُهُمَا.

قَوْلُهُ: (قِرَاءَةُ آيَةٍ) أَيْ مُفْهِمَةٍ وَعْدًا أَوْ وَعِيدًا أَوْ وَعْظًا أَوْ غَيْرِهَا، وَمِثْلُهَا بَعْضُ آيَةٍ طَوِيلَةٍ. وَخَالَفَهُ فِي التُّحْفَةِ فَقَالَ: لَا يُكْتَفَى بِبَعْضِ آيَةٍ وَإِنْ طَالَ اهـ. فَخَرَجَ نَحْوُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] إلَخْ لِعَدَمِ الْإِفْهَامِ. وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِآيَةٍ نُسِخَ حُكْمُهَا وَبَقِيَتْ تِلَاوَتُهَا وَعَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِآيَةٍ نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا، فَالْأُولَى قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: 240] وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى. " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ " أَيْ الْمُحْصَنُ وَالْمُحْصَنَةُ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

ص: 198

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ يُجْزِئُ أَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ قِرَاءَتَيْهِمَا قَالَ: وَكَذَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ صَرِيحًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسَنُّ جَعْلُهَا فِي الْأُولَى، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ نَزَلَ وَسَجَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ، فَإِنْ خَشِيَ مِنْ ذَلِكَ طُولَ فَصْلٍ سَجَدَ مَكَانَهُ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَخَامِسُهَا: مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ دُعَاءٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِأُخْرَوِيٍّ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِيمِ وَلَوْ خَصَّ بِهِ الْحَاضِرِينَ كَقَوْلِهِ: رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى،

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ يُجْزِئُ أَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ قِرَاءَتَيْهِمَا) هَذَا لَيْسَ زَائِدًا عَلَى قِرَاءَتِهِ آيَةً فِي إحْدَاهُمَا فَهُوَ تَأْيِيدٌ لَهُ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدُ، وَحِينَئِذٍ سَقَطَ اسْتِشْكَالُ الْمَرْحُومِيِّ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُبَيِّنَ مَا فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ عُسْرِ الْفَهْمِ حَيْثُ ذَكَرَهُ أَوْ يُسْقِطَهُ كَمَا أَسْقَطَهُ غَيْرُهُ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَخْفَى أَنَّ فِي فَهْمِ هَذَا الْكَلَامِ عُسْرًا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِالْآيَةِ قَبْلَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ فَقَدْ أَتَى بِهَا فِي الْأُولَى أَوْ بَعْدَ الْفَصْلِ فَقَدْ أَتَى بِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا السُّنِّيَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فَهِيَ حَالَةُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يَفْصِلُ بِالْجُلُوسِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَلَا تُجْزِئُ الْقِرَاءَةُ حَالَةَ الْجُلُوسِ لِأَنَّ شَرْطَهَا الْقِيَامُ لِكَوْنِهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَإِنْ كَانَ يَفْصِلُ بِالسُّكُوتِ لِكَوْنِهِ يَخْطُبُ مِنْ جُلُوسٍ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَلَا تُتَصَوَّرُ الْقِرَاءَةُ حَالَةَ السُّكُوتِ اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ أج: قُلْتُ: كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ، إذْ قَوْلُهُ " أَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ قِرَاءَتَيْهِمَا " أَيْ بَيْنَ قِرَاءَةِ أَحَدِهِمَا، أَيْ يُجْزِئُ قِرَاءَةُ الْآيَةِ بَيْنَ أَرْكَانِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:" وَكَذَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ إلَخْ " وَذَلِكَ التَّأْوِيلُ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] أَيْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْبَحْرُ الْمِلْحُ؛ فَالْمُرَادُ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ تَعَيُّنِ مَحَلِّهَا وَأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْأَرْكَانِ غَيْرُ وَاجِبٍ، فَتَأَمَّلْهُ يَظْهَرْ لَك حُسْنُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْمَاوَرْدِيُّ. وَرُدَّ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي فَهْمِهِ عُسْرٌ وَقَوْلُهُ بَيْنَ قِرَاءَةِ إحْدَاهُمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إضَافَةُ بَيْنَ لِمُفْرَدٍ مَعَ أَنَّهَا لَا تُضَافُ إلَّا لِمُتَعَدِّدٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْضًا، وَالتَّقْدِيرُ: بَيْنَ قِرَاءَةِ أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْخُطْبَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهَا ح ل؛ أَيْ لِتَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةٌ فِي كُلِّ خُطْبَةِ جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْخُطْبَةِ آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَيْ مَا عَدَا الصَّلَاةِ هُنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إذْ لَيْسَ لَنَا آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ لَفْظِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُطْبَةً اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ) وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ لِلْحَاضِرَيْنِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ سَجَدَ هُوَ أَمْ لَا ق ل؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا فَرَغَ قَبْلَهُمْ مِنْ السُّجُودِ فَيَكُونُونَ مُعْرِضِينَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ (بِأُخْرَوِيٍّ) فَلَا يَكْفِي الدُّنْيَوِيُّ وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ. اهـ. م د. لَكِنْ قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ: إنَّ الدُّنْيَوِيَّ يَكْفِي حَيْثُ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْفَاتِحَةِ، بَلْ مَا هُنَا أَوْلَى. وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْغَزَالِيُّ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ وَعَدَمِ دُخُولِهِمْ النَّارَ، لِأَنَّا نَقْطَعُ بِخَبَرِ اللَّهِ عز وجل وَخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ. وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ نُوحٍ:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نوح: 28] الْآيَةَ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ نَكِرَاتٌ وَيَجُوزُ قَصْدُ مَعْهُودٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَهْلُ زَمَانِهِ مَثَلًا اهـ شَرْحُ م ر أج. وَأَيْضًا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا.

قَوْلُهُ: (فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) الْمُرَادُ الْمَفْعُولَةُ ثَانِيًا وَلَوْ عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ الْمَعْهُودِ، شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَصَّ بِهِ الْحَاضِرِينَ) عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: فَلَوْ خَصَّ أَرْبَعِينَ مِنْ الْحَاضِرِينَ كَفَى أَوْ دُونَهُمْ أَوْ غَيْرَهُمْ لَمْ يَكْفِ، فَذَكَرَ الْمُؤْمِنَاتِ فِي كَلَامِهِ لِلْكَمَالِ وَالتَّعْمِيمِ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُنَّ دَخَلْنَ تَغْلِيبًا اهـ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ

ص: 199

بِخِلَافِ مَا لَوْ خَصَّ بِهِ الْغَائِبِينَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ.

وَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَصْفِهِ مُجَازَفَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالصِّفَاتِ الْكَاذِبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَرَبِيَّتَيْنِ، وَالْمُرَادُ أَرْكَانُهُمَا لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَلَمْ يُمْكِنْ تَعَلُّمُهَا خَطَبَ بِغَيْرِهَا أَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَيَكْفِي فِي تَعَلُّمِهَا وَاحِدٌ.

وَأَنْ (يَقُومَ) الْقَادِرُ (فِيهِمَا) جَمِيعًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ خَطَبَ جَالِسًا (وَ) أَنْ (يَجْلِسَ بَيْنَهُمَا) لِلِاتِّبَاعِ بِطُمَأْنِينَةٍ فِي جُلُوسِهِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

وَمَنْ خَطَبَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا لَوْ خَصَّ بِهِ الْغَائِبِينَ) كَأَنْ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ زَيْدًا وَعُمْرًا وَبَكْرًا وَكَانُوا غَائِبِينَ عَنْ الْمَسْجِدِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ع ش. قَالَ ابْنُ شَرَفٍ: وَلَوْ انْصَرَفَ مَنْ خَصَّهُمْ وَأَقَامَ الْجُمُعَةَ بِأَرْبَعِينَ غَيْرِهِمْ وَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ كَفَى.

قَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ) أَيْ بِخُصُوصِهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَصْفِهِ مُجَازَفَةٌ) أَيْ مُبَالَغَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْحَدِّ كَأَنْ يَقُولَ: أَخْفَى أَهْلَ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ مَثَلًا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَفِيهِ أَنَّ الْمُجَازَفَةَ فِي وَصْفِهِ لَيْسَتْ مِنْ الدُّعَاءِ حَتَّى يُحْتَرَزَ عَنْهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الدُّعَاءَ قَدْ يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا، كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اُنْصُرْ السُّلْطَانَ الَّذِي أَخْفَى جَمِيعَ أَهْلِ الشِّرْكِ.

قَوْلُهُ: (مُجَازَفَةٌ) هِيَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْأَوْصَافِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَخْشَ مِنْ تَرْكِهَا ضَرَرًا وَفِتْنَةً وَإِلَّا وَجَبَتْ كَمَا فِي قِيَامِ بَعْضِهِمْ أَيْ النَّاسِ لِبَعْضٍ؛ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي خَوْفِ الْفِتْنَةِ غَلَبَةُ الظَّنِّ. اهـ. حَجّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدُّعَاءَ لِلسُّلْطَانِ بِخُصُوصِهِ مُبَاحٌ؛ وَلِذَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ عُمُومًا بِالصَّلَاةِ بِالصَّلَاحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْعَدْلِ فَسُنَّةٌ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ (وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ) قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَشْغَلُوا قُلُوبَكُمْ بِسَبِّ الْمُلُوكِ وَلَكِنْ تَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ لَهُمْ يُعَطِّفْ اللَّهُ تَعَالَى قُلُوبَهُمْ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَرَبِيَّتَيْنِ) وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ كَوْنِ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ عَرَبِيٌّ وَإِلَّا كَفَى كَوْنُهَا بِالْعَجَمِيَّةِ إلَّا فِي الْآيَةِ فَهِيَ كَالْفَاتِحَةِ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْعَرَبِيَّةَ فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَصَوْا كُلُّهُمْ وَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّعَلُّمِ، بِرْمَاوِيٌّ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ: " عَرَبِيَّةٌ " وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ عَجَمًا، وَفَائِدَتُهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَوْلُهُ " الْجُمْلَةُ " أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ؛ قَالَهُ الرَّحْمَانِيُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُعْرَفَ بِقَرِينَةٍ أَنَّهُ وَاعِظٌ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَا وَعَظَ بِهِ. وَقَوْلُهُ " فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَصَوْا كُلُّهُمْ " أَيْ وَلَا تَصِحُّ خُطْبَتُهُمْ قَبْلَ التَّعَلُّمِ فَيُصَلُّونَ ظُهْرًا. وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ خَطَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِلِسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ الْحَاضِرُونَ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ لُغَاتُهُمْ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَحْسَنَ مَا أَحْسَنَهُ الْقَوْمُ فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَخْطُبَ بِهِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ التَّرْجَمَةَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا.

قَوْلُهُ: (لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ) السَّلَفُ الصَّحَابَةُ وَالْخَلَفُ مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ أَوْ السَّلَفُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَقَالَ حَجّ: الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ الثَّلَاثُمِائَةِ أَوْ الْأَرْبَعُمِائَةِ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ. قَوْلُهُ:(خَطَبَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِلُغَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا الْقَوْمُ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْسَنَ مَا يَفْهَمُونَهُ ز ي وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا الْآيَةِ مِنْ الْأَرْكَانِ، أَمَّا هِيَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُتَرْجَمُ عَنْهُ فَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ حِينَئِذٍ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ كَوْنِهِ يَأْتِي بَدَلَهَا بِذِكْرٍ ثُمَّ دُعَاءٍ ثُمَّ يَقِفُ بِقَدْرِهَا شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ " خَطَبَ بِغَيْرِهَا " أَيْ إنْ أَحْسَنَ أَحَدٌ مِنْهُمْ التَّرْجَمَةَ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ذَلِكَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا، فَلَوْ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا بَعْضَ الْأَرْكَانِ أَتَى بِهِ اهـ. قَوْلُهُ:(فَيَكْفِي فِي تَعَلُّمِهَا وَاحِدٌ) فَلَوْ تَرَكُوا التَّعَلُّمَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَصَوْا وَلَا جُمُعَةَ فَيُصَلُّونَ الظُّهْرَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُومَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَعَدَّ الْقِيَامَ وَالْجُلُوسَ هُنَا شَرْطَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِجُزْءٍ مِنْ الْخُطْبَةِ، إذْ هِيَ الذِّكْرُ وَالْوَعْظُ؛ وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنَيْنِ لِأَنَّهُمَا فِي جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ وَهِيَ تَكُونُ أَذْكَارًا وَغَيْرَ أَذْكَارٍ اهـ. أَيْ لَمَّا كَانَ مُسَمَّى الصَّلَاةِ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ عِنْدَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ مِنْ أَرْكَانِهَا وَمُسَمَّى الْخُطْبَةِ الْأَقْوَالَ جَعَلَ الْقِيَامَ وَالْجُلُوسَ شَرْطًا لَهَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ ق ل.

ص: 200

قَاعِدًا لِعُذْرٍ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وُجُوبًا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَيُشْتَرَطُ وَلَاءٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَرْكَانِهِمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ، وَطُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ، وَعَنْ نَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ وَمَكَانِهِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ، وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ أَرْكَانَهُمَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا وَعْظُهُمْ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (خَطَبَ جَالِسًا) أَيْ ثُمَّ مُضْطَجِعًا كَالصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ سَوَاءٌ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ أَمْ سَكَتَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لِلْعُذْرِ، فَإِنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَالْأَوْلَى لِلْعَاجِزِ الِاسْتِنَابَةُ اهـ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ:(وَأَنْ يَجْلِسَ) فَلَوْ تَرَكَهُ وَلَوْ سَهْوًا لَمْ تَصِحَّ خُطْبَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ الشُّرُوطُ يَضُرُّ الْإِخْلَالُ بِهَا وَلَوْ مَعَ السَّهْوِ م ر شَوْبَرِيٌّ. وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَأَنْ يَقْرَأَهَا فِيهِ، فَلَوْ تَرَكَ الْجُلُوسَ بَيْنَهُمَا حُسِبَتَا وَاحِدَةً فَيَجْلِسُ وَيَأْتِي بِخُطْبَةٍ أُخْرَى وَمَنْ خَطَبَ قَاعِدًا لِعُذْرٍ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وُجُوبًا بِسَكْتَةٍ فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ، وَمِثْلُهُ مَنْ خَطَبَ قَائِمًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجُلُوسِ أَوْ خَطَبَ مُضْطَجِعًا لِعَجْزِهِ اهـ. فَيُفْصَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِسَكْتَةٍ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ) أَيْ فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ وَلَاءٌ بَيْنَهُمَا) فَلَوْ عَلِمَ تَرْكَ رُكْنٍ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُوَ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ هَلْ تَجِبُ إعَادَتُهُمَا أَمْ إعَادَةُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَجْلِسَ ثُمَّ يَأْتِيَ بِالْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ الْأُولَى فَيَكُونُ جُلُوسُهَا لَغْوًا فَتَكْمُلُ بِالثَّانِيَةِ، وَيُجْعَلُ مَجْمُوعُهَا خُطْبَةً وَاحِدَةً فَيَجْلِسُ بَعْدَهَا وَيَأْتِي بِالثَّانِيَةِ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْمَتْرُوكِ مِنْ الثَّانِيَةِ فَالْجُلُوسُ بَعْدَهَا لَا يَضُرُّ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ جُلُوسٌ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَهُ تَكْرِيرٌ بِمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَاسْتِدْرَاكٌ لِمَا تَرَكَهُ مِنْهَا،. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَالَ م ر: أَمَّا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ الرُّكْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ كَالشَّكِّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ أَرْكَانِهِمَا) وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الْوَعْظِ بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا وَإِنْ طَالَ ق ل.

فَرْعٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا م ر فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ فِي سَرْدِ الْأَرْكَانِ، أَيْ ذِكْرَهَا مُتَتَابِعَةً، ثُمَّ أَعَادَهَا كَمَا اُعْتِيدَ الْآنَ، كَأَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} [فصلت: 46] الْآيَةَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إلَخْ. بِأَنَّهُ يَحْسِبُ مَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ ثَانِيًا بِمَنْزِلَةِ التَّأْكِيدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تَكْرِيرِ الرُّكْنِ، وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ اهـ سم مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (وَطُهْرٍ) فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ اسْتَأْنَفَهَا وَإِنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَقَصُرَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ (فَلَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ) كَالصَّلَاةِ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَضُرَّ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: فَلَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَالِاسْتِخْلَافُ فِيهَا جَائِزٌ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ: وَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ حَضَرَ جَازَ لِلثَّانِي الْبِنَاءُ عَلَى خُطْبَةِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ زَوَالُ الْأَهْلِيَّةِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَمَكَانُهُ) وَهُوَ الْمِنْبَرُ فَلَا تَصِحُّ الْخُطْبَةُ مَعَ قَبْضِ حَرْفِهِ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ تَحْتَ يَدِهِ كَذَرْقِ الطَّيْرِ مُطْلَقًا، وَلَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ إنْ كَانَ الْمِنْبَرُ يَنْجَرُّ بِجَرِّهِ؛ وَمِنْ النَّجَاسَةِ الْعَاجُ الْمَلْصُوقُ عَلَى الْمَنَابِرِ لِتَنْجِيسِهَا. اهـ. ق ل. وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ إذَا كَانَ فِي جَانِبِ الْمِنْبَرِ نَجَاسَةٌ لَيْسَتْ تَحْتَ يَدِ الْقَابِضِ سَوَاءٌ كَانَ الْمِنْبَرُ يَنْجَرُّ بِجَرِّهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ عُلُوَّهُ عَلَيْهِ مَانِعٌ مِنْ جَرِّهِ عَادَةً. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَابِضِ لِطَرَفِ شَيْءٍ عَلَى نَجِسٍ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ بِأَنَّ صَلَاةَ الْقَابِضِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا بَطَلَتْ لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِنَجِسٍ وَلَا يُتَخَيَّلُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ حَامِلٌ الْمِنْبَرَ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ) أَيْ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَكُونَ صَوْتُ الْخَطِيبِ مُرْتَفِعًا يَسْمَعُهُ الْحَاضِرُونَ لَوْ أَصْغَوْا. هَذَا فِي الْإِسْمَاعِ، وَأَمَّا السَّمَاعُ مِنْهُمْ فَبِالْقُوَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَرْحُومِيٌّ وَمِثْلُهُ ق ل. وَعِبَارَةُ ق ل: وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ بِأَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعُونَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِوُجُودِ لَغَطٍ؛ قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ نَوْمٍ بِخِلَافِهِ لِصَمَمٍ أَوْ بُعْدٍ اهـ. وَذَكَرَ خِلَافَهُ فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ، فَقَالَ: فَلَا يَضُرُّ نَحْوُ لَغَطٍ وَيَضُرُّ نَوْمٌ إلَخْ. وَاعْتَمَدَهُ

ص: 201

بِذَلِكَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهُمَا كَالْعَامِّيِّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَفْهَمُ مَعْنَاهَا، فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ وَلَا إسْمَاعُ دُونَ أَرْبَعِينَ وَلَا حُضُورُهُمْ بِلَا سَمَاعٍ لِصَمَمٍ أَوْ بُعْدٍ أَوْ نَحْوِهِ. وَسُنَّ تَرْتِيبُ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ، ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى، ثُمَّ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ الدُّعَاءِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ. وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَسُنَّ لِمَنْ يَسْمَعُهُمَا سُكُوتٌ مَعَ إصْغَاءٍ لَهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] ذُكِرَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ، وَسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ

وَوَجَبَ رَدُّ السَّلَامِ، وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قِرَاءَةِ الْخَطِيبِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ إبَاحَةَ الرَّفْعِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِكَرَاهَتِهِ وَعُلِمَ مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ فِيهِمَا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَنْ سَأَلَهُ مَتَى السَّاعَةُ؟ مَا أَعْدَدْت لَهَا؟ فَقَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَشَايِخُنَا. قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُضِرَّ النَّوْمُ الثَّقِيلُ لَا مُجَرَّدُ النُّعَاسِ، إذْ هُوَ كَالتَّشَاغُلِ كَالْمُحَادَثَةِ اهـ. فَكَلَامُ الرَّحْمَانِيِّ جَمَعَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ. وَهَلْ الْمُرَادُ بِسَمَاعِ الْأَرْكَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ حَتَّى لَوْ سَمِعَ الْأَرْكَانَ عِشْرُونَ مَثَلًا وَذَهَبُوا فَجَاءَ عِشْرُونَ فَأَعَادَ لَهُمْ الْأَرْكَانَ ثُمَّ حَضَرَ مَنْ سَمِعَ أَوَّلًا؟ هَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ نَظَرًا لِسَمَاعِ الْأَرْبَعِينَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ ظُهُورُ الشِّعَارِ وَلَا يُوجَدُ إلَّا بِأَرْبَعِينَ فِي آنٍ وَاحِدٍ اهـ أج. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فَيَكْفِي كَوْنُهُ أَصَمَّ لِأَنَّهُ يَفْهَمُ مَا يَقُولُ، فَيَكْفِي إسْمَاعُ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ سِوَاهُ أج. قَوْلُهُ:(فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِسْمَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالسَّمَاعِ. اهـ. حَلَبِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهُمَا) مِثْلُ الْقَوْمِ الْخَطِيبُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ أَرْكَانِهِمَا، كَمَنْ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَى الْفَاتِحَةِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ اهـ شَرْحُ م ر أج.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَهُ) كَالنَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَسُنَّ لِمَنْ يَسْمَعُهُمَا سُكُوتٌ مَعَ إصْغَاءٍ) قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ مِنْ الْمُسْتَمِعِينَ حَالَ الْخُطْبَةِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ قَالُوا إنَّهُ يَحْرُمُ، وَحَمَلْنَا الْآيَةَ عَلَى النَّدْبِ. نَعَمْ إنْ دَعَتْ لَهُ ضَرُورَةٌ وَجَبَ أَوْ سُنَّ كَالتَّعْلِيمِ لِوَاجِبٍ وَالنَّهْيِ عَنْ مُحَرَّمٍ، وَلَا يُكْرَهُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَبَعْدَهَا وَبَيْنَهُمَا وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ وَإِنْ كُرِهَ ابْتِدَاؤُهُ. فَإِنْ قُلْتَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَبَيْنَ الرَّدِّ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ هَذَا دُعَاءٌ لِلْغَيْرِ وَهُوَ لَا يَجِبُ، وَالرَّدُّ تَأْمِينٌ وَتَرْكُهُ مُخِيفٌ لِلْمُسْلِمِ وَتَقَدَّمَ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ؛ وَلَوْ فَرْضًا مُضَيَّقًا أَيْ قَضَاؤُهُ فَوْرِيٌّ مِنْ صُعُودِ الْمِنْبَرِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَالصَّلَاةِ فَيَمْتَنِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعْرَاضِ، وَلَوْ سَجَدَهَا الْخَطِيبُ. وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّ الْبَعِيدَ الْمُشْتَغِلَ بِتِلَاوَةٍ يَسْجُدُ لَهَا؛ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَةِ تَمْيِيزُ فُرُوضِهَا مِنْ سُنَنِهَا كَمَا فِي الصَّلَاةِ بِالتَّفْسِيرِ الْمَارِّ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ سم. قَوْلُهُ (ذَكَرَ فِي التَّفْسِيرِ) عِبَارَةَ م ر: كَمَا ذَكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسَّرَيْنِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ رَدُّ السَّلَامِ) أَيْ إذَا سَلَّمَ دَاخِلٌ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ السَّلَامُ مَكْرُوهًا أج. أَيْ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ كَمَا قَالَهُ ع ش. وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ لِأَنَّ الْخِطَابَ مِنْهُ وَمَعَهُ يُعَدُّ سَفَهًا وَقِلَّةَ مُرُوءَةٍ فَلَا يُلَائِمُهُ إيجَابُ الرَّدِّ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُلَائِمُهُ، إذْ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِعَارِضٍ لَا لِذَاتِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَلَا إشْكَالَ اهـ شَرْحُ م ر أج.

قَوْلُهُ: (تَشْمِيتٌ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَرَفْعُ الصَّوْتِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُبَاحُ ثُمَّ الْمُرَادُ الرَّفْعُ الَّذِي لَيْسَ بِبَلِيغٍ، أَمَّا الْبَلِيغُ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ فَبِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ فِيهِمَا) أَيْ السُّكُوتُ مَعَ الْإِصْغَاءِ لَهُمَا.

قَوْلُهُ: (عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ) نَعَمْ هُوَ مَكْرُوهٌ حَالَةَ الْخُطْبَةِ فَقَطْ بَعْدَ اتِّخَاذِهِ مَكَانًا وَاسْتِقْرَارِهِ فِيهِ دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ. وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ خَبَرُ مُسْلِمٍ: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ» .

ص: 202

فَقَالَ: إنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْكَلَامَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبَ السُّكُوتِ، فَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلنَّدَبِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، أَمَّا مَنْ لَا يَسْمَعُهُمَا فَيَسْكُتُ أَوْ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ أَوْ الْقِرَاءَةِ وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ السُّكُوتِ، وَسُنَّ كَوْنُهُمَا عَلَى مِنْبَرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ فَعَلَى مُرْتَفِعٍ، وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ أَوْ نَحْوَهُ وَانْتَهَى إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا الْمُسَمَّاةِ بِالْمُسْتَرَاحِ، وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَجْلِسَ فَيُؤَذِّنَ وَاحِدٌ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْجَمِيعِ، وَأَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» عَدَلَ عَنْ جَوَابِ سُؤَالِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالسُّؤَالِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْغَيْبِ، فَهُوَ مِنْ تَلَقِّي السَّائِلِ بِغَيْرِ مَا يَتَطَلَّبُ تَنْزِيلًا لِسُؤَالِهِ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَوْلَى، لَهُ كَقَوْلِهِ {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة: 215] وَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: 189] أَوْ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ التَّعَلُّقُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَنْفَعُ فِيهَا. فَإِجَابَةُ السَّائِلِ بِقَوْلِهِ " حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ " إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى عَمَلِهِ الظَّاهِرِ بَلْ طَرَحَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ إلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ وَقَبُولِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ السُّكُوتِ إلَخْ) وَلَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَلَوْ بَعْدَ الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا بَعْدَهَا وَلَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا كَلَامُ الدَّاخِلِ إلَّا إنْ اتَّخَذَ لَهُ مَكَانًا وَاسْتَقَرَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْكَلَامِ غَالِبًا اهـ قَوْلُهُ: (وَسُنَّ كَوْنُهُمَا عَلَى مِنْبَرٍ) أَيْ وَلَوْ فِي مَكَّةَ، خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ حَيْثُ قَالَ: يَخْطُبُ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ. قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَإِنَّمَا خَطَبَ عَلَى بَابِهَا بَعْدَ الْفَتْحِ لِتَعَذُّرِ مِنْبَرٍ حِينَئِذٍ وَلَمْ يُحْدِثْ الْمِنْبَرَ بِمَكَّةَ إلَّا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ مُشْتَقٌّ مِنْ " النَّبْرِ " وَهُوَ الِارْتِفَاعُ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ عَلَى يَمِينِ مُصَلَّى الْإِمَامِ لِأَنَّ مِنْبَرَهُ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا وُضِعَ، وَكَانَ يَخْطُبُ قَبْلَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَعَنْ يَسَارِهِ جِذْعُ نَخْلَةٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ قَدْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ. وَيُكْرَهُ مِنْبَرٌ كَبِيرٌ يُضَيِّقُ عَلَى الْمُصَلِّينَ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ) وَيَجِبُ الرَّدُّ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا ع ش. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ إنْ خَرَجَ مِنْ الْخَلْوَةِ الْمَعْهُودَةِ، فَإِنْ دَخَلَ مِنْ أَوَّلِ الْجَامِعِ سَلَّمَ عَلَى كُلِّ مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ كَمَا فِي ق ل قَوْلُهُ:(وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى جِهَتِهِمْ بِوَجْهِهِ، لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِأَدَبِ الْخِطَابِ، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ لِقَبُولِ الْوَعْظِ وَتَأْثِيرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ خِلَافُهُ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (إذَا صَعِدَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ م د وَالصَّوَابُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ لِأَنَّ مَصْدَرَهُ الصُّعُودُ وَهُوَ مِنْ بَابِ قَعَدَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ

وَفَعَلَ اللَّازِمُ مِثْلُ قَعَدَا

لَهُ فُعُولٌ بِاطِّرَادٍ كَغَدَا

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ وَلَكِنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى مَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ م د قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ) أَيْ لِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ. وَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالسَّلَامِ فِي بَاقِي الْمَوَاضِعِ. وَيُنْدَبُ رَفْعُ صَوْتِهِ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ اهـ أج قَوْلُهُ:(ثُمَّ يَجْلِسُ) أَيْ بَعْدَ سَلَامِهِ عَلَى الْمُسْتَرَاحِ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِ الصُّعُودِ اهـ م د قَوْلُهُ: (فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ وَاحِدًا لَا جَمَاعَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ أَذَّنُوا جَمَاعَةً كُرِهَ ذَلِكَ.

وَأَمَّا الْأَذَانُ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الْمَنَارَةِ فَأَحْدَثَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه، وَقِيلَ مُعَاوِيَةُ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ. {تَنْبِيهٌ} : مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اتِّخَاذِ مُمَرِّقٍ فِي زَمَنِنَا يَخْرُجُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ يَقْرَأُ الْآيَةَ وَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ قَرَأَ الْحَدِيثَ فَبِدْعَةٌ حَسَنَةٌ إذْ لَمْ تُفْعَلْ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ، بَلْ كَانَ يُمْهَلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَإِذَا اجْتَمَعُوا خَرَجَ إلَيْهِمْ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ جَاوِيشٍ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ إذْ فِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ تَرْغِيبٌ فِي الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ إكْثَارُهَا. وَفِي قِرَاءَةِ الْخَبَرِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ تَيَقُّظٌ لِلْمُكَلَّفِ لِاجْتِنَابِ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ أَوْ الْمَكْرُوهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ

ص: 203

تَكُونَ الْخُطْبَةُ فَصِيحَةً جَزْلَةً لَا مُبْتَذَلَةً رَكِيكَةً قَرِيبَةً لِلْفَهْمِ لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ، وَمُتَوَسِّطَةً لِأَنَّ الطَّوِيلَ يُمِلُّ وَالْقَصِيرَ يُخِلُّ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ:«أَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ» فَقَصْرُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ وَأَنْ لَا يَلْتَفِتَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَلْ يَسْتَمِرَّ مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا، وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ مُسْتَمِعِينَ لَهُ، وَأَنْ يَشْغَلَ يُسْرَاهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ وَيُمْنَاهُ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ، وَأَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَأَنْ يُقِيمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ مُؤَذِّنٌ وَيُبَادِرَ هُوَ لِيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ فَيَشْرَعَ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي تَحْقِيقِ الْوَلَاءِ الَّذِي مَرَّ وُجُوبُهُ، وَأَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ الْجُمُعَةَ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ جَهْرًا لِلِاتِّبَاعِ. وَرُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَانَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ فَهُمَا سُنَّتَانِ.

(وَ) الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الشَّرْطُ السَّابِعُ (أَنْ تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) بِالْإِجْمَاعِ، وَمَرَّ أَنَّهَا صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ ظُهْرًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي خِطْبَتِهِ؛ وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (فَصِيحَةً) الْفَصِيحُ الْخَالِصُ مِنْ تَنَافُرِ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ وَالتَّعْقِيدِ وَالْغَرَابَةِ وَالْجَزْلُ الْحَسَنُ أَيْ حُلْوَةَ الْأَلْفَاظِ؛ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُبْتَذَلَ يَعْنِي الْكَثِيرَ الِاسْتِعْمَالِ بَيْنَ النَّاسِ لَا يُقَابِلُ الْفَصِيحَ؛ وَأَمَّا الرَّكِيكُ فَتُمْكِنُ مُقَابَلَتُهُ لِلْجَزْلِ لِأَنَّهُ لَا حُسْنَ فِيهِ. اهـ. م د. قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ نَدْبِ الْبَلَاغَةِ فِيهَا حُسْنُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْخُطَبَاءِ مِنْ تَضَمُّنِهَا آيَاتٍ وَأَحَادِيثَ مُنَاسَبَةٍ لِمَا هُوَ فِيهِ قَوْلُهُ: (قَرِيبَةً لِلْفَهْمِ) أَيْ لِأَكْثَرِ الْحَاضِرِينَ اهـ أج قَوْلُهُ: (وَمُتَوَسِّطَةً) وَمَنْ عَبَّرَ بِقَصِيرَةٍ كَالْمِنْهَاجِ أَرَادَ التَّوَسُّطَ اهـ أج قَوْلُهُ: (وَاقْصُرُوا) بِضَمِّ الصَّادِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ اهـ قَوْلُهُ: (مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ) أَيْ إلَى جِهَتِهِمْ، فَلَا يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَنْ فِي مُقَابَلَتِهِ لَا مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ. وَقَوْلُهُ " وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ " أَيْ عَلَى جِهَتِهِ، فَلَا يَطْلُبُ مِمَّنْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَنْ يَنْحَرِفَ إلَيْهِ ح ل قَوْلُهُ:(وَأَنْ يَشْغَلَ يُسْرَاهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْغَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ شَغَلَ الثُّلَاثِيِّ؛ قَالَ تَعَالَى {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا} [الفتح: 11] أَيْ لَا بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ مِنْ الْمَزِيدِ، إذْ هِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَشْغَلُ يُسْرَاهُ بِالسَّيْفِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْمُمَرِّقِ بِالْيَمِينِ وَبَعْدَ نُزُولِهِ يُنَاوِلُهُ لَهُ بِالْيَمِينِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ق ل. وَحِكْمَةُ الِاعْتِمَادِ عَلَى السَّيْفِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ قَامَ بِالسِّلَاحِ؛ وَلِهَذَا يُسَنُّ قَبْضُهُ بِالْيُسْرَى عَلَى عَادَةِ مَنْ يُرِيدُ الْجِهَادَ بِهِ، وَلَيْسَ هَذَا تَنَاوُلًا حَتَّى يَكُونَ بِالْيَمِينِ بَلْ هُوَ اسْتِعْمَالٌ وَامْتِهَانٌ بِالِاتِّكَاءِ فَكَانَتْ الْيَسَارُ بِهِ أَلْيَقُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَمَامِ الْإِشَارَةِ إلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ عَبْدُ الْبَرِّ قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَيُكْرَهُ الدَّقُّ عَلَى دَرَجِ الْمِنْبَرِ فِي صُعُودِهِ، لَكِنْ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِاسْتِحْبَابِ الدَّقِّ لِتَنْبِيهِ الْحَاضِرِينَ قَوْلُهُ:(بِنَحْوِ سَيْفٍ) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ أَرْسَلَهُمَا وَالْغَرَضُ أَنْ يَخْشَعَ وَلَا يَعْبَثَ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُطَوِّلَهُ بِحَيْثُ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ، فَلَوْ طَالَ بِحَيْثُ انْقَطَعَتْ الْمُوَالَاةُ بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَالَ بَعْضُ الْأَرْكَانِ بِمُنَاسِبٍ لَهُ. اهـ. تُحْفَةٌ.

قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) وَأَنْ يَقْرَأَهَا أَيْضًا سَوَاءٌ إمَامَ مَحْصُورِينَ وَغَيْرِهِمْ ق ل. وَلَوْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى قَرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى قَرَأَ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ، كَيْ لَا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْهُمَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَقِرَاءَةُ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا إلَّا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَحُكْمُ سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (وَالرُّكْنُ الثَّانِي) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ أَنْ يَقُولَ: وَالْفَرْضُ الثَّانِي، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ رِعَايَةً لِعِبَارَةِ الْمَتْنِ السَّابِقَةِ قَوْلُهُ:(أَنْ تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) فِي عَدِّ هَذَا مِنْ الشُّرُوطِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَدَ الصَّلَاةِ لَمْ يُعَدَّ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِي

ص: 204