الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في أوصاف الوضوء
وقد ذكرها بعد بيان سببه وشرطه وحكمه وركنه فقال: "الوضوء على ثلاثة أقسام: الأول" منها أنه "فرض" كما قدمناه بدليله والمراد بالفرض هنا الثابت القطعي وأما المحدود والمقدر فهو ما يفوت الجواز بفوته ليشمل الفرض الاجتهادي كربع الرأس ونزلت آيته بالمدينة وقد فرض بمكة "على المحدث" إذا أراد القيام "للصلاة" كما أمر الله تعالى "ولو كانت" الصلاة "نفلا" لأن الله لا يقبل صلاة من غير طهور كما تقدم وهو بفتح الطاء وقال بعضهم الأجود ضمه "و" كذا "لصلاة الجنازة" لأنها صلاة وإن لم تكن كاملة "و" مثلها "سجدة التلاوة "و" كذا الوضوء فرض "لمس المصحف ولو آية" مكتوبة على درهم أو حائط لقوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} وسواء الكتابة والبياض وقال بعض مشايخنا إنما يكره للمحدث مس الموضع المكتوب دون الحواشي لأنه لم يمس القرآن حقيقة والصحيح أن مسها كمس المكتوب ولو بالفارسية يحرم مسه اتفاقا على الصحيح "و" القسم "الثاني" وضوء "واجب" وهو الوضوء للطواف بالكعبة لقوله عليه السلام: "الطواف حول الكعبة مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير" ولما لم يكن صلاة حقيقة لم تتوقف صحته على الطهارة فيجب بتركه دم في الواجب وبدنة.
ــ.
فصل.
في أوصاف الوضوء قوله: "الوضوء على ثلاثة أقسام" العدد لا يفيد الحصر فلا ينافي أنه قد يكون مكروها كالوضوء على الوضوء قبل تبدل المجلس الأول أو أدائه عبادة لا تصح بدونه به وقد يكون حراما كما إذا كان ذلك من ماء الوقف والمدارس قوله: "والمراد بالفرض هنا الثابت بالقطعي" فالمراد الوضوء من حيث هو بقطع النظر عن أجزائه قوله: "والمقدار" عطف تفسير قوله: "فهو ما يفوت الجواز بفوته" أي فالمراد بالفرض بالنظر إليه الفرض الأعم وهو ما يفوت صحة الشيء إذا عدم فيعم القطعي بالنظر إلى أصل الغسل والمسح والعملي بالنظر إلى المقدار ولذا قال المصنف ليشمل الخ قوله: "إذا أراد القيام" أي الشروع فليس المراد به ضد القعود فإن المراد بالصلاة ما يعم النافلة وهي تصح من قعود قوله: "وهو بفتح الطاء" الطهور المصدر واسم ما يتطهر به أو الطاهر المطهر قاموس قوله: "ومثلها سجدة التلاوة" لقولهم يشترط لها ما يشترط للصلاة قوله: "ولما لم يكن صلاة حقيقة" يعن إنه لما أشبه الصلاة من وجه دون وجه قلنا بوجوب الطهارة وعدم توقف صحته عليها قوله: "فيجب بتركه دم في الواجب" اعلم أنه إذا طاف الفرض محدثا وجب دم وإن كان جنبا فبدنه وإذا طاف الواجب كالوداع أو النفل محدثا فصدقة وجنبا فدم فقوله فيجب بتركه.
في الفرض للجنابة وصدقة في النفل بترك الوضوء كما ذكره في محله "و" القسم "الثالث" وضوء "مندوب" في أحوال كثيرة كمس الكتب الشرعية ورخص مسها للمحدث إلا التفسير كذا في الدرر وهو يقتضي وجوب الوضوء لمس التفسير فيكون من القسم الثاني وندب الوضوء "للنوم على طهارة و" أيضا "إذا استيقظ منه" أي النوم "و" تجديده "للمدوامة عليه" لحديث بلال رضي الله عنه "وللوضوء على الوضوء" إذا تبدل مجلسه لأنه نور على نور وإذا لم يتبدل فهو إسراف وقيد بالوضوء لأن الغسل على الغسل والتيمم على التيمم يكون عبثا "وبعد" كلام "غيبة" بذكرك أخاك بما يكره في غيبته "وكذب" اختلاق ما لم يكن.
ــ.
أي الوضوء في الواجب دم لا يتم فليتأمل قوله: "كمس الكتب الشرعية" نحو الفقه والحديث والعقائد فيتطهر لها تعظيما قال الحلواني إنما نلنا هذا العلم بالتعظيم فإني ما أخذت الكاغد إلا بطهارة والسرخسي حصل له في ليلة داء البطن وهو يكرر درس كتابه فتوضأ تلك الليلة سبع عشرة مرة اهـ من الشرح قوله: "إلا التفسير" أي فلا يرخص ولو كان التفسير أكثر وهو صادق بأن يكون فرضا أو واجبا لأن عدم الرخصة يجامعهما فقول المصنف وهو يقتضي الخ فيه تأمل ونقل العلامة نوح عن الجوهرة والسراج إن كتب التفسير لا يجوز مس موضع القرآن منها وله أن يمس غيرها بخلاف المصحف لأن جميع ذلك تبع له اهـ قوله: "للنوم على طهارة" ظاهره إنه لا يأتي بذلك المندوب إلا إذا أخذه النوم وهو متطهر فلو تطهر ثم اضطجع وأحدث فنام لا يكون آتيا به قوله: "وإذا استيقظ منه" مبادرة للطهارة قوله: "لحديث بلال" حاصل معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى مناما أنه دخل الجنة وبلال أمامه يسمع خشخشة نعاله فسأله عن ذلك فقال: إني كلما أحدثت أتوضأ وأصلي ركعتين وسئل بعض الأفاضل هل يلبس في الجنة نعال فأجاب نعم مستدلا بهذا الحديث قوله: "إذا تبدل مجلسه" أو أدى بالأول عبادة مقصودة من مشروعية الوضوء قوله: "وبعد كلام غيبة" لا حاجة إلى تقدير مضاف لأن الغيبة حقيقة في ذكر الاخ وقوله بذكر الخ تصوير للغيبة وقوله في غيبته الأولى حذفه لأنها كذلك في الحضور ولا تسمى غيبة إلا إذا كان صادقا فيها وأما إذا كانت كذبا فبهتان قال الخازن وهو أشد من الغيبة وكما تكون بالقول تكون بغيره من كل ما يفهم منه المقصود وكما يحرم ذكرها باللسان يحرم اعتقادها بالقلب واستماعها وتباح عند الشكوى من الظالم لمن له قدرة على إنصافه وعند الإستعانة به على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب وعند الاستفتاء بأن يقول للمفتي ظلمني فلان بكذا أو زوجي يفعل كذا وكذا وعند تحذير المسلمين من الشركبيان جرح المجروحين من الرواة والشيوخ وكالأخبار عن العيب عند المشاورة في مصاهرة إنسان أو معاملته أو المسافرة معه وكالأخبار بعيب ما يشتريه وهو لا يعلم به بل يجب وعند ذكر الفاسق بما يجاهر به لا بغيره وعند التعريف بما اشتهر به من اللقب كالأعمش والأعرج وعند الشفقة.
ولا يجوز إلا في نحو: الحرب وإصلاح ذات البين وإرضاء الأهل "ونميمة" النمام: المضرب والنميم والنميمة: السعاية بنقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد "و" بعد "كل خطيئة وإنشاد شعر" قبيح لأن الوضوء يكفر الذنوب الصغائر "وقهقة خارج الصلاة" لأنها حدث صورة "وغسل ميت وحمله" لقوله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ"" ولوقت كل صلاة" لأنه أكمل لشأنها "وقبل غسل الجنابة" لورود السنة.
ــ.
على المغتاب وعند عدم التعيين فهي ثمانية قوله: "وكذب الخ" وأما التعريض بالكذب لغير ضرورة قيل يحرم لأن اللفظ ظاهره الكذب وإن احتمل الصدق وقيل لا يحرم لأنه ليس بكذب لأنه مما يحتمله اللفظ واعلم أن الاستعارة تفارق الكذب من وجهين أحدهما البناء على التأويل والثاني نصب القرائن على إرادة خلاف الظاهر نحو رأيت أسدا في الحمام بخلاف الكذب كذا في شرح شرعة الإسلام قوله: "إختلاق ما لم يكن" أي افتراؤه يقال خلق الافك واختلقه وتخلقه إفتراه وتخلق الكلام صنعه أفاده في القاموس قوله: "وإصلاح ذات البين" وأما دفع الظالم عن المظلوم ففي معنى الصلح بين اثنين وبعضهم جعله رابعا قوله: "النمام المضرب" لم يذكر هذا المعنى1 المجد في القاموس وإنما قال النم رفع الحديث إشاعة له وإفسادا وذكر له معاني أخر اهـ قوله: "وبعد كل خطيئة" منها الشتيمة والنفاق والتملق والشتيمة هي السب في الوجه كما في فتح الباري والنفاق ترك المحافظة على أمور الدين سرا ومراعاتها علنا وأما التملق فهو الود واللطف وأن يعطي باللسان ما ليس في القلب قاموس وفي شرح التحفة للعيني هو اللطف الشديد الخارج عن العادة وقال المناوي هو الزيادة في التودد وما ينبغي ليستخرج ما عند الإنسان وفي مجمع الأنهر التملق مذموم بخلاف التواضع فإنه ممدوح ومن الخطايا المداهنة وهي ترك الدين لإصلاح الدنيا وأما المداراة فهي بذل الدنيا ومنه حسن المعاشرة والرفق لإصلاح الدين أو الدنيا أو هما معا وهي مباحة وربما استحبت اهـ.
قوله: "لقوله صلى الله عليه وسلم من غسل ميتا الخ" فيه نظر فإنه يدل على أن المندوب للمغسل الغسل لا الوضوء وبه صرح الحلبي في الشرح الكبير على المنية قاله السيد قوله: "ومن حمله فليتوضأ" أخذ به الإمام أحمد فأوجبه فيندب الوضوء خروجا من الخلاف وعملا بالحديث قوله: "وقبل غسل الجنابة" الظاهر أن الحيض والنفاس كالجنابة كذا بحثه بعض الأفاضل قوله: "وللجنب عند إرادة أكل الخ" أما الوضوء بين الجماعين وعند النوم فالمراد به الشرعي في قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والجمهور كما في شرح البخاري للبدر.
1 قوله لم يذكر هذا المعنى الخ قد ذكره صاحب اللسان في مادة ضرب فقال وضربت بينهم في الشر خلطت والتضريب بين القوم الإغراء؟ كتبه مصححه.
به "وللجنب عند" إرادة "أكل وشرب ونوم و" معاودة "وطء ولغضب" لأنه يطفئه "و" لقراءة "قرآن و" قراءة "حديث وروايته" تعظيما لشرفهما "ودراسة علم" شرعي "وأذان وإقامة وخطبة" ولو خطبة نكاح "وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم" تعظيما لحضرته ودخول مسجده "ووقوف بعرفة" لشرف المكان ومباهاة الله تعالى الملائكة بالواقفين بها "وللسعي بين الصفا والمروة" لأداء العبادة وشرف المكانين "و" بعد أكل لحم جزور للقول بالوضوء منه خروجا من الخلاف ولذا عممه فقال: "وللخروج من خلاف" سائر "العلماء كما إذا مس امرأة" أو فرجه بباطن كفه لتكون عبادته صحيحة بالاتفاق عليها استبراء لدينه هكذا جمعت وإن ذكر بعضها بصفة السنة في محله للفائدة التامة بتوفيق الله تعالى وكرمه.
ــ.
العيني والحافظ ابن حجر لما رواه البخاري عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة ولأحمد ومسلم والأربعة وابن حبان والحاكم والبيهقي في السنن الكبرى إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوأ زاد ابن حبان ومن بعده فإنه أنشط للعود وقال أبو يوسف لا يستحب بينهما وله على ذلك دلائل حملت على بيان الجواز جمعا بين الروايات ومشى الطحاوي على أن الأمر بالوضوء في كل من معاودة الأهل والنوم منسوخ وأما الوضوء عند إرادة أكل أو شرب فالمراد به اللغوي لما روى الطحاوي وأبو داود وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه قال في شرح المشكاة وعليه جمهور العلماء وفي الخانية الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب المستحب له أن يغسل يديه وفاه وإن ترك لا بأس به ولفظ خزانة الأكمل وإن ترك لا يضره وفي منية المصلي إذا أراد الجنب الأكل والشرب ينبغي له أن يغسل يديه وفاه ثم يأكل أو يشرب لأنه يورث الفقر اهـ أي لأن الأكل والشرب بدون ما ذكر سبب للفقر قاله ابن أمير حاج قوله: "ولغضب" لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" رواه الإمام أحمد وأبو داود في الأدب أي ولو كان متوضئا فإن اشتد الغضب ندب له الغسل قاله في مواهب القدير قوله: "وقراءة حديث" هي المتعارفة الآن من التكلم على ما فيه من فقه وغريب ومشكل واختلاف ولغة وإعراب قوله: "وروايته" هي مجرد ذكر الإسناد والمتن قوله: "وشرف المكانين" الصفا والمروة قوله: "للقول بالوضوء منه" هو قول الإمام أحمد قوله: "وللخروج من خلاف سائر العلماء" ظاهره ولو غير الأربعة قوله: "كما إذا مس امرأة" أي مشتهاة غير محرمة فإن مس المحرم وغير المشتهاة لا ينقض إتفاقا قوله: "استبراء لدينه" أي طلبا لبراءة دينه من القول بالإفساد.