الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصح الاقتداء لاختلاف المكان إلا أن يكون رديفا لإمامه "ولم تجز" صلاة الخوف "بلا حضور عدو" حتى لو ظنوا سوادا عدوا وتين بخلافه أعادوها دون الإمام "ويحتسب حمل السلاح في الصلاة عند الخوف" وقال الإمام مالك والشافعي رحمهما الله تعالى بوجوبه للأمر قلنا هو للندب لأنه ليس من أعمال الصلاة "وإن لم يتنازعوا" أي للقوم "في الصلاة خلف إمام واحد فالأفضل صلاة كل طائفة" مقتدين "بإمام" فتذهب الأولى بعد إتمامها ثم تجيء الأخرى فتصلى بإمام آخر "مثل حالة الأمن" للتوقي عن المشي ونحوه كذا في فتح للقدير وهو حسبي ونعم الوكيل.
ــ.
كما في التبيين ومجمع الأنهر وفي التنوير والسابح في البحر إن أمكنه أن يرسل أعضاءه ساعة صلى بالإيماء وإلا لا تصح قوله: "لضرورة" أي لضرورة الخوف والأولى أن يقول للضرورة بلامين قوله: "وفرادى" جمع فرد على غير قياس وهو حال كما أن ركبانا كذلك من الأحوال المتداخلة أو المترادفة أفاده السيد قوله: "إذ لا يصح الاقتداء" وقال محمد يجوز قال في الهداية وليس بصحيح لعدم اتحاد المكان اهـ وفيه أن الأكثر تصحيحا اعتبار الاشتباه وعدمه في حصة الاقتداء وعدمه الأولى غير ما ظنوه قبل أن تتجاوز الصفوف فإن لهم البناء استحسانا أما صلاة الإمام فصحيحة بكل حال لعدم المفسد في حقه كذا في الشرح قوله: "للأمر" وقوله تعالى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} قوله: "ولم تجز صلاة الخوف" أي صلاة القوم إلا إذا تبين للطائفة قوله: "لأنه ليس من أعمال الصلاة" أي فلا يجب فيها كما في البرهان وفيه أنه يرد هذا على القول بالندب وأن الوجوب لعارض وهو خوف هجوم العدو ولا يرد هذا إلا إذا جعلناه من واجبات الصلاة قوله: "للتوقي عن المشي" هذه العلة تشعر بالوجوب لا بالأفضلية ويمكن أن يقال إنما لم تجب صلاة كل خلف إمام مستقل لوجود أصل العذر قوله: "ونعم الوكيل" الذي في الشرح ونعم النصير وهو الأنسب بالسجع والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.
باب أحكام الجنائز
جمع جنازة بالفتح والكسر للميت والسرير وقال الأزهري ولا تسمى جنازة حتى
ــ.
باب أحكام الجنائز
من إضافة الشيء إلى سببه فإن وجوب جميع ما يتعلق بالميت بسبب الميت ولا بد من حضوره ووجه المناسبة بينها وبين الخوف أن الخوف قد يفضي إلى الموت ومنه يفهم وجه تأخير الجنائز ووجهه أيضا بأن صلاة الخوف حق خالص لله تعالى وهذا فيه مدخل
يشتد الميت عليه مكفنا "يسن توجيه المحتضر" أي من قرب من الموت "على يمينه" لأنه السنة "وجاز الاستلقاء" على ظهره لأنه أيسر لمعالجته "و" لكن "ترفع رأسه قليلا" ليصير وجهه إلى القبلة دون السماء "و" يسن أن "يلقن" وذلك "بذكر" كلمة "الشهادة عنده" لقوله صلى الله عليه وسلم: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه مسلم ليس يقولها عند الموت إلا أنجته من النار" ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" أي مع الفائزين وإلا فكل
ــ.
للعبد وحرمة الحق كحرمة صاحبه وأيضا أن صلاة الجنازة ليست صلاة من كل وجه وهي أيضا متعلقة بعارض هو آخر يعرض للحي في دار التكليف وكل منها يقتضي التأخير عن أنواع الصلاة فكيف وقد اجتمعت قوله: "للميت والسرير" أي هما لهما وقيل بالكسر الميت نفسه وبالفتح السرير وقيل بالعكس وقيل الكسر للسرير مع الميت وكل ما أثقل على قوم واغتموا به فهو جنازة من جنز الشيء بجنزه من باب ضرب إذا ستره وجمعه كما في القاموس والمصباح وغيرهما سميت بذلك لأنها مجموعة مهيأة كما في مسكين والموت صفة وجودية خلقت ضد الحياة وقيل عدم الحياة عمن شأنه الحياة كما في التلويح قوله: "يسن توجيه المحتضر" أي للقبلة والمحتضر اسم مفعول أي من حضرته ملائكة الموت على الحقيقة أو من حضره الموت وحل به وعلاماته استرخاء قدميه واعوجاج منخره وانخساف صدغيه وينبغي لكل مكلف الإكثار من ذكر الموت والإستعداد له بالتوبة ورد المظالم لا سيما المريض وطلب الدعاء منه محبوب ذكره ابن أميرحاج والمرجوم لا يوجه قوله: "على يمينه" وهو السنة في النوم واللحد وهو مقيد بما إذا لم يشق فإن شق عليه ترك على حاله نهر وينظر حكم من يقتل بالسيف قصاصا هل يوجه أم لا حموي والظاهر نعم لأن خير المجالس ما استقبل به القبلة فالموت عليه أولى قوله: "وجاز الاستلقاء" ويوضع هكذا في الغسل والصلاة قال في شرح الطحاوي وهو العرف بين الناس قال في الزاد والأول أفضل لأنه السنة كذا في المضمرات قوله: "لأنه أيسر لمعالجته" من تغميضه وشد لحييه وأمتع من تقوس أعضائه فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله أو لمعاجلة الميت طلوع الروح فهو من إضافته إلى فاعله وفي التنوير وقيل يوضع كما تيسر على الأصح قوله: "ويسن أن يلقن" قال في النهر وهذا التلقين مستحب بالإجماع ومحله عند النزع قبل الغرغرة وما في القنية الواجب على إخوانه وأصدقائه أن يلقنوه تجوز اهـ والتلقين التفهيم والتذكير أي بذكر وبندب أن يكون الملقن غير متهم بالمسرة بموته وأن يكون ممن يعتقد فيه الخير فيذكرها عنده جهرا عساه أن يأتي بها لتكون آخر كلامه قوله: "لقنوا موتاكم" الجمهور على أن المراد من هذا الحديث مجازه أي من قرب موته لا الميت حقيقة كقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلا فله سلبه" ويدل عليه قوله بعد فإنه ليس مسلم بقولها الخ قوله: "ألا أنجته من النار" أي فلا يدخلها أبدا وإلا فلكل مؤمن لا بد وأن ينجو منها ولو بعد دخولها قوله: "يدخل الجنة" وإن لم يقلها عند
مسلم ولو فاسقا يموت على الإيمان يدخل الجنة ولو بعد طول العذاب وإنما اقتصرنا على ذكر الشهادة تبعا للحديث الصحيح ولذا قال في المستصفى وغيره: ويلقن الشهادتين لا إله إلا الله محمد رسول الله معللا بأن الأولى لا تقبل بدون الثانية ليس إلا في حق الكافر وكلامنا في تلقين المؤمن قال شيخ الإسلام ابن حجر: وقول جمع: "يلقن محمد رسول الله أيضا لأن القصد موته على الإسلام ولا يسمى مسلما إلا بهما: مردود بأنه مسلم وإنما المراد ختم كلامه بلا إله إلا الله ليحصل له ذلك الثواب وأما الكافر فيلقنهما قطعا مع أشهد لوجوبه إذ لا يصير مسلما إلا بهما انتهى. فتذكر الشهادة عند المسلم المتحضر "من غير إلحاح" لأن الحال صعب عليه فإذا قالها مرة ولم يتكلم بعدها حصل المراد "ولا يؤمر بها" فلا يقال له قل لأنه يكون في شدة فربما يقول لا جوابا لغير الأمر فيظن به خلاف الخير وقالوا: إنه إذا ظهر منه ما يوجب الكفر لا يحكم بكفره حملا على أنه زال عقله واختار بعضهم زوال عقله عند موته لهذا الخوف ومما ينبغي أن يقال له على جهة الاستتابة أستغفر
ــ.
الموت وحينئذ فلا تظهر للحديث ثمرة إلا بما قلنا قوله: "ولذا قال في المستصفى" الأولى ما في الشرح وإن قال في المستصفى الخ وهو كذلك في نسخ قوله: "لأنه ليس إلا في حق الكافر" علة لما استفيد من أولوية ما فعله المصنف المأخوذة من قوله تبعا للحديث الصحيح قوله: "فكلا منا" الأولى التعبير بالواو وهو في نسخ كذلك قوله: "ذلك الثواب" وهو دخول الجنة مع الفائزين قوله: "فيلقنهما قطعا مع أشهد" هذا على مقتضى مذهبه ولا يشترط ذلك عندنا قوله: "من غير الحاح" أي إكثار قوله: "لأن الحال صعب عليه" فيكره الالحاح خوف أن يتضجر قوله: "حصل المراد" وهو ختم كلامه بها قوله: "فلا يقال له قل" ذكر في جنائز المضمرات عن السراجية لو قال المسلم قل لا إله إلا الله فلم يقل كفر بالله تعالى وإن اعتقد الإيمان اهـ فينبغي التحرز عنه حتى للأحياء وإن كان هذا الكلام ليس على إطلاقه لما في اليتيمة ولو قيل لمسلم قل لا إله إلا الله فقال: لا أقول بلا نية حضرت أو على نية التأبيد كفر ولو نوى الآن لا يكفر فعلى هذا لو قال لا أقول بقولك أو لأني معلوم الإسلام لا يكفر كما أفاده المنلا علي في شرح البدر الرشيد وفي الفتاوي الهندية عن خزانة المفتين لو قيل له صل فقال: لا أصلي يحتمل أربعة أوجه أحدها لا أصلي لأني صليت والثاني لا أصلي بأمرك فقد أمرني من هو خير منك والثالث فسقا ومجانة فهذه الثلاثة ليست بكفر والرابع لا أصلي إذ ليس تجب علي الصلاة أو لم أو مر بها يكفر اهـ قوله: "جوابا لغير الآمر" بالمد وعدمه وذلك لأنه يرى ما لا يرى الحاضرون قوله: "خلاف الخير" وهو الكفر قوله: "لا يحكم بكفره" فيعامل معاملة موتى المسلمين قوله: "واختار بعضهم الخ" يتأمل في هذا الاختيار مع عدم الوقوف على حقيقة حال الميت وإن أريد به أنه يغتفر ما وقع منه ويعامل معاملة موتى المسلمين رجع إلى ما قبله قوله: "لهذا الخوف" أي المخوف وهو
الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه سبحانه لا إله إلا هو الحي القيوم لأنه قد يستضر بذكر ما يشعر أنه محتضر وأما الكافر فيؤمر بهما لما روى البخاري عن أيس؟؟ رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال: "أسلم" فنظر إلى أبيه فقال له: أطع أبا القاسم فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول "الحمد لله الذي أنقذه من النار""وتلقينه" بعد ما وضع "في القبر مشروع" لحقيقة قوله صلى الله عليه وسلم: "لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله" أخرجه الجماعة إلا البخاري ونسب إلى أهل السنة والجماعة "وقيل لا يلقن" في القبر ونسب إلى المعتزلة "وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه" وكيفيته أن يقال: يا فلان أين فلان أذكر دينك الذي كنت عليه في دار الدنيا بشهادة أن لا إله
ــ.
الحكم بالكفر المعلوم من المقام قوله: "ومما ينبغي أن يقال الخ" أي ويكفي عن التلقين لقوله في الشرح فيشمل التلقين بلطف قوله: "على وجه الاستتابة" بتاءين أي طلب التوبة وهي لا تشعر بالاحتضار لأنها واجبة فور كل ذنب ولو صغيرا والمختار قبول توبة اليائس دون إيمانه لا طلاق قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} بخلاف الكافر لعدم الإيمان بالغيب لأنه قد شاهد ملائكة العذاب فيكون الإيمان منه قهريا بسبب المعاينة والمطلوب الإيمان بالغيب ويكره تمني الموت فإن كان ولا بد فليقل أحيني ما دامت الحياة خير إلي وتوفني إذا كانت الوفاة خير إلي قوله: "قد يستضر" السين والتاء زائدتان أو للصيرورة قوله: "وأما الكافر" أي ولو محتضرا فيؤمر بهما أي بالشهادتين فهو مخالف للمحتضر المؤمن حيث لا يؤمر قوله: "فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده" أخذ منه جواز عيادة أهل الذمة لا سيما إذا كان يرجوا سلامه قوله: "الذي أنقذه من النار" أي فلا يدخلها أبدا لأن الإسلام يجب ما قبله هذا ما ظهر قوله: "وتلقينه بعدما وضع في القبر مشروع" قال في المفتاح التلقين على ثلاثة أوجه ففي المحتضر لا خلاف في حسنه وما بعد انقضاء الدفن لا خلاف في عدم حسنه والثالث اختلفوا فيه وهو ما إذا لم يتم دفنه اهـ حموي قوله: "لقنوا موتاكم الخ" فإن الميت حقيقة فيمن حل به الموت لا فيمن قرب منه قوله: "ونسب إلى المعتزلة" كذا في الفتح وفي شرح السيد وهو ظاهر الرواية نهر إذ المراد بموتاكم في الحديث من قرب من الموت زيلعي اهـ وهو في الجواهر سئل القاضي محمد الكرماني عنه فقال: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن كذا في القهستاني وكيف لا يفعل مع أنه لا ضرر فيه بل فيه نفع للميت لأنه يستأنس بالذكر على ما ورد في بعض الآثار ففي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص قال: "إذا دفنتموني أقيموا عند قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع رسل ربي" وعن عثمان قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: "استغفروا الله لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسئل" رواه أبو داود والبيهقي بإسناد حسن ذكره الحلبي قوله: "يا فلان بن فلان" أو يا عبد الله بن عبد الله وفي النهر عن الحواشي قيل يا
إلا الله وأن محمدا رسول الله" ولاشك أن اللفظ لا يجوز إخراجه عن حقيقته إلا بدليل تعيبنه يقول "موتاكم" حقيقة ونفى صاحب الكافي فائدته مطلقا ممنوع نعم الفائدة الأصلية منفية ويحتاج إليه لتثبيت الجنان للسؤال في القبر قال المحقق ابن الهمام: وحمل أكثر مشايخنا إياه على المجاز - أي من قرب من الموت - مبناه على أن الميت لا يسمع عندهم وأورد عليهم قوله صلى الله عليه وسلم في أهل القليب "ما أنتم بأسمع منهم" وأجابوا تارة بأنه مردود من عائشة رضي الله عنها وتارة بأنه خصوصية له وتارة بأنه من ضرب المثل ويشكل
ــ.
رسول الله فإن لم يعرف اسمه قال ينسب إلى حواء ومن لا يسئل ينبغي أن لا يلقن والأصح أن الأنبياء عليهم السلام لا يسئلون وكذا أطفال المؤمنين واختلف في أطفال المشركين ودخولهم الجنة وفي الجوهرة والطفل يلقنه الملك فيقول من ربك ثم يقول للطفل قل الله ربي وقيل يلهمه الله تعالى كإلهام عيسى عليه السلام في المهد اهـ وفي شرح العلامة العيني على البخاري قالالنووي الصحيح المختار الذي ذهب إليه المحققون أن أطفال المشركين في الجنة لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} وإذا كان لا يعذب العاقل لكونه لم تبلغه الدعوة فغير العاقل أولى اهـ والأشهر أن السؤال حين يدفن وقيل في بيته تنطبق عليه الأرض كالقبر وفي البزازية السؤال فيما يستقر فيه الميت حتى لو أكله سبع فالسؤال في بطنه فإن جعل في تابوت أياما لنقله إلى مكان آخر لا يسئل ما لم يدفن كذا في حاشية الدرر للمؤلف قوله: "بشهادة أن لا إله إلا الله" الباء للتصوير قوله: "ولا شك أن اللفظ" أي وهو موتاكم قال البرهان الحلبي ولا مانع من الجمع بين الحقيقة والمجاز في مثل هذا اهـ قوله: "فيجب تعيينه" أي تعيين اللفظ باعتبار المعنى أو تعيين هذا القيل وهو مشروعية التلقين في القبر وقوله حقيقة منصوب على التمييز قوله: "فائدته" بالنصب مفعول نفي وذلك لأن العبرة بحال النزع فإن كان مسلما فهو مثبت وإن كان كافرا لا ينفعه هذا التلقين وقوله مطلقا حال من فائدته يعني أنه لا فائدة فيه أصلا قوله: "ممنوع" بأن فيه فائدة التثبيت للجنان قوله: "نعم الفائدة الأصلية" وهي تحصيل الإيمان في هذا الوقت قوله: "وحمل أكثر مشايخنا" مقول القول وهو مبتدأ خبره قوله مبناه قوله: "مبناه على أن الميت لا يسمع عندهم" على ما صرحوا به في كتاب الإيمان لو حلف لا يكلمه فكلمه ميتا لا يحنث لأنها تنعقد على من يفهم والميت ليس كذلك لعدم السماع قال تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] وهذا التشبيه لحال الكفار في عدم إذعانهم للحق بحال الموتى وهو يفيد تحقيق عدم سماع الموتى إذ هو فرعه قوله: "في أهل القليب" قليب بدر وهو حفرة رميت فيها جيف كفار قريش فخاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا" فقال عمر: ما معناه إنك تخاطب أجساما أجيفت فأجابه بما ذكر قوله: "بأنه مردود من عائشة" فإنها قالت كيف يقول صلى الله عليه وسلم ذلك ردا
عليهم ما في مسلم أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا وتمامه بفتح القدير قلت يمكن الجمع فيلقن عند الاحتضار لصريح قوله فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجته من النار وعملا بحقيقة موتاكم لتثبيته للسؤال في القبر لما روى سعيد بن منصور وسمرة ابن حبيب وحكيم بن عمير قالوا: إذا سوى على الميت قبره وانصرف الناس كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره يا فلان قل لا إله إلا الله ثلاث مرات يا فلان قل ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم اللهم أني أتوسل إليك بحبيبك المصطفى أن ترحم فاقتي بالموت على الإسلام والإيمان وآن تشفع فينا نبيك عليه أفضل الصلاة والسلام "ويستحب لأقرباء المحتضر" وأصدقائه "وجيرانه الدخول عليه" للقيام بحقه وتذكيره وتجريعه وسقيه الماء لأن
ــ.
على الراوي والله تعالى يقول: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} أي فلم يقله قوله: "وتارة بأنه" أي إسماع الكفار خصوصية له صلى الله عليه وسلم معجزة وزيادة حسرة على الكفار أو أن ذلك كان وقت المسئلة فإنهم أحياء يسمعون وأمور الآخرة لا تدخل تحت حصر فقد ورد أن أرواح السعداء تطلع على قبورهم قالوا: وأكثر ما يكون منها ليلة الجمعة ويومها وليلة السبت إلى طلوع الشمس قيل وإذا كانوا على قبورهم يسمعون من يسلم عليهم ولو أذن لهم لردوا السلام قوله: "وتارة بأنه من ضرب المثل" يعني أنه مثل صلى الله عليه وسلم حاله وحال أهل القليب بحال أهل الجنة وقت استقرارهم فيها وأهل النار حيث ينادي أهل الجنة أهل النار فيقولون إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم الآية وفيه أنه لا يلائم آخر الحديث قوله: "ويشكل عليهم" أي على المجيبين بهذه الأجوبة قوله: "وتمامه بفتح القدير" حاصل ما فيه أنه مخصوص بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال جمعا بينه وبين الآيتين وأيضا فإن السماع يستلزم الحياة وهي مفقودة وإنما تجيء عند السؤال وتمامه في الشرح قوله: "يمكن الجمع" أي بين التلقين حال النزع والتلقين بعد الموت قوله: "وعملا بحقيقة موتاكم" المناسب زيادة ويلقن بعد الوضع في القبر الخ قوله: "اللهم إني أتوسل إليك الخ" قال الكمال والعبد الضعيف مؤلف الكلمات فوض أمره إلى الرب الغني الكريم متوكلا عليه طالبا منه جلت عظمته أن يرحم عظيم فاقتي بالموت على الإيمان والإيقان ومن يتوكل على الله فهو حسبه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اهـ لفظه وكذا أقول كما قال وعلى الله الكريم اعتمادي في كل حال كذا في الشرح وكذا أقول كما قال فإنه المرجو لكل عظيم ولا يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم قوله: "بالموت على الإسلام والإيمان" متعلق بترحم والموت على الإسلام بأن يحافظ على أعماله الظاهرة إلى قرب النزع والموت على الإيمان لجزم قلبه بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما علم مجيئه به حال خروج روحه قوله: "للقيام بحقه" ومن حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض وأن يوجهه إلى القبلة إن أمكن قوله: "وتذكيره" أي بتلقينه وبالوصية ونحو ذلك وعطفه على ماقبله من عطف الخاص على
العطش يغلب لشدة النزع حينئذ ولذلك يأتي الشيطان كما ورد بماء زلال ويقول لا إله غيري حتى أسقيك نعوذ بالله منه ويذكرون فضل الله وسعة كرمه ويحسنون ظنه بالله تعالى لخبر مسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله أنه يرحمه ويعفو عنه" وخبر الصحيحين: "قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي""ويتلون عنده سورة يس" للأمر به وفي خبر "ما من مريض يقرأ عنده سورة يس إلا مات ريانا وأدخل قبره ريانا""واستحسن" بعض المتأخرين قراءة "سورة الرعد" لقول جابر رضي الله عنه فإنها تهون عليه خروج روحه "واختلفوا في إخراج الحائض والنفساء" والجنب "من عنده" وجه الإخراج امتناع حضور الملائكة محلا به حائض أو نفساء كما ورد ويحضر عنده طبيب "فإذا مات شد لحياه" بعصابة عريضة تعمهما وتربط فوق رأسه تحسينا وحفظا لفمه "وغمض عيناه" للأمر به في السنة "ويقول مغمضه: بسم الله وعلى ملة رسول الله" صلى الله عليه وسلم "اللهم يسر عليه أمره وسهل عليه ما بعده وأسعده بلقائك واجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج عنه" قاله الكمال ثم يسجى
ــ
العام قوله: "وسقيه الماء" عطف تفسير قوله: "حينئذ" أي حين النزع والأولى حذفه قوله: "ولذلك" أي لغلبة العطش في هذا الحال قوله: "بماء زلال" أي بارد قوله: "لا يموتن أحدكم الخ" أخذ منه أنه يقدم حالة الرجاء في المرض وأما في حالة الصحة فيقدم الخوف قوله: "أنا عند ظن عبدي بي" أي إن جزائي لعبدي يكون على حسب ظنه بي من خير وشر قوله: "للأمر به" وهو اقرؤوا على موتاكم يس والحكمة في قراءتها أن أحوال القيامة والبعث مذكورة فيها فتجدد له بذكرها والإيمان بها مزيدا اهـ من الشرح قوله: "فإنها تهون" بدل من قول جابر قوله: "وجه الإخراج إلخ" إخراجهم على سبيل الأولوية إذا كان عن حضورهم غنى فلا ينافي ما ذكره الكاكي من أنه لا يمتنع حضور الجنب والحائض وقت الاحتضار ووجه عدم الإخراج أنه قد لا يمكن الإخراج للشفقة أو للاحتياج إليهن ونص بعضهم على إخراج الكافر أيضا وهو حسن قوله: "فإذا مات الخ" ويقال عنده حينئذ سلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين لمثل هذا فليعمل العاملون وعد غير مكذوب كما في ابن أميرحاج قوله: "شد لحياه" تثنية لحي بالفتح منبت اللحية بالكسر من الأسنان وغيره أو العظم الذي عليه الأسنان قوله: "وحفظا لقمه" من الهوام ومن دخول الماء عند غسله قوله: "وغمض" بالبناء للمجهول والتغميض والإغماض بمعنى كما في الصحاح وهو إطباق الجفن الأعلى على الأسفل قوله: "للأمر به في السنة" هو قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح وقولوا خيرا فإن الملائكة تؤمن على ما يقول أهل الميت" وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما أغمض أبا سلمة قال: "اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الفائزين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه" قال في المجتبي ينبغي أن يحفظه كل مسلم فيدعو به عند الحاجة قوله: "ما خرج إليه" أي
بثوب "ويوضع على بطنه حديدة لئلا ينتفخ" وهو مروي عن الشعبي والحديد يدفع النفخ لسر فيه وإن لم يوجد فيوضع على بطنه شيء ثقيل وروى البيهقي أن أنسا أمر بوضع حديد على بطن مولى له مات "وتوضع يداه بجنبيه" إشارة لتسليمه الأمر لربه "ولا يجوز وضعهما على صدره" لأنه صنيع أهل الكتاب وتلين مفاصله وأصابعه بأن يرد ساعده لعضده وساقه لفخذه وفخذه لبطنه ويردها مليئة ليسهل غسله وإدراجه في الكفن "وتكره قراءة القرآن عنده حتى يغسل" تنزيها للقراءة من نجاسة الحدث فإنه يزول عن المسلم
ــ.
من الدار الأخرى وقوله خيرا مما خرج عنه بأن يبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه قوله: "ثم يسجى بثوب" بالتشديد أي يغطى لما روي أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجي ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى وفي التمهيد لما توفي عثمان يعني ابن مظعون كشف النبي صلى الله عليه وسلم الثوب عن وجهه وبكى بكاء طويلا وقبل بين عينيه فلما رفع على السرير قال: "طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها" قوله: "ويوضع على بطنه حديدة" أو مرآة كما في الحموي وتنكير الحديدة يفيد أنه يكفي فيه القليل منه قوله: "لأنه صنيع أهل الكتاب" أي وقد أمرنا بمخالفتهم وتعبير المصنف بلا يجوز يفيد الحرمة قوله: "وتكره قراءة القرآن" ولو آية كما في شرح السيد وقوله عنده أي بقربه قوله: "عن نجاسة الحدث" هذا ينافي ما في الشرح من أنه على القول بأن نجاسة الميت نجاسة حدث ينبغي أن تجوز القراءة كما لو قرأها المحدث وفي السيد ما يفيد أن في الكراهة على هذا القول خلافا ورجح في النهاية الكراهة والحاصل أنهم اختلفوا في نجاسة الميت فقيل نجاسة خبث وقيل حدث ويشهد للثاني ما رويناه من تقبيله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون وهو ميت قبل الغسل إذ لو كان نجسا وضع فاه الشريف على جسده ولا ينافي ذلك ما ذكروه من أنه لو حمله إنسان قبل الغسل فصلى به لا تصح صلاته وكذا كراهة القراءة عنده قبل الغسل لجواز أن يكون ذلك لعدم خلوه عن نجاسة غالبا والغالب كالمحقق وروى البخاري تعليقا عن ابن عباس "المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا" ووصله الحاكم في المستدرك عن ابن عباس أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا" قال العيني في شرح البخاري والنووي في شرح مسلم هذا أصل عظيم في طهارة المسلم حيا وميتا أما الحي فبالإجماع حتى الجنين إذا ألقته أمه وعليه رطوبة فرجها فهو ظاهر بإجماع المسلمين وأما الميت ففيه خلاف العلماء قال البدر العيني فإن قلت على هذا ينبغي أن لا يغسل الميت لأنه طاهر قلنا الموجب اتباع الوارد واختلف أصحابنا في سبب غسله فقيل حدث يحل به لا لنجاسته لأن الآدمي لا ينجس بالموت كرامة له إذ لو تنجس لما طهر بالغسل كسائر الحيوانات وكان الواجب الاقتصار على أعضاء الوضوء كما في حال الحياة لكن ذلك إنما كان نفيا للحرج فيما يتكرر كل يوم والحدث بسبب الموت لا يتكرر فكان كالجنابة فبقي
فالغسل تكريما له بخلاف الكافر "ولا بأس بإعلام الناس بموته" بل يستحب لتكثير المصلين عليه لما روى الشيخان أن صلى الله عليه وسلم نعى لأصحابه النجاشي في اليوم الذي مات فيه وأنه نعى جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة. وقال في النهاية إن كان عالما أو زاهدا أو ممن يتبرك به فقد استحسن بعض المتأخرين النداء في الأسواق لجنازته وهو الأصح اه. وكثير من المشايخ لم يرو بأسا بأن يؤذن بالجنازة ليؤدي أقاربه وأصدقاؤه حقه لكن لا على جهة التفخيم والإفراط في المدح "و" إذا تيقن موته "يعجل بتجهيزه"
ــ.
على الأصل وهو وجوب غسل البدن كله لعدم الحرج وقال العراقيون ينجس بالموت لانحباس الدم فيه كسائر الحيوانات والحجة عليهم ما روينا قال والكافر كالمسلم في هذه الأحكام كما هو مذهب الجماهير سلفا وخلفا وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فالمراد به نجاسة الاعتقاد لا نجاسة الأبدان لأن الله تعالى أباح نكاح الكتابيات ومعلوم أن عرقهن يصيب ضجيعهن غالبا ولم يجب غسله إذ لا فرق بين النساء والرجال اهـ قوله: "فإنه يزول" الأولى ويزول وفي نسخة وإنه يزول بالواو وهي للحال قوله: "بخلاف الكافر" هذا من المؤلف كآخر كلام البدر العيني بناء على القول بنجاسة الخبث أما على القول بنجاسة الحدث فلا فرق بينهما قوله: "لتكثير المصلين عليه" والمستغفرين له وللأخذ في الاستعداد للصلاة عليه وتشييعه قوله: "نعي" أي أخبر بموته قوله: "بأن يؤذن" أي يعلم وقوله بالجنازة أي مطلقا قوله: "لكن لا على جهة التفخيم والإفراط في المدح" فينبغي أن يكون بنحو مات الفقير إلى الله تعالى فلان ابن فلان وقال في التجنيس والمزيد يكره الإفراط في مدح الميت لا سيما عند جنازته لأنه صنيع الجاهلية وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه على هن أبيه ولا تسكنوا" ولا بأس1 بإرثاء الميت بشعر أو غيره ما لم يفرط في مدحه ولا يكره البكاء عليه بإرسال الدموع بلا رفع صوت ولا نياحة ولا شق ثوب وضرب خد ونحو ذلك وسواء في ذلك قبل الموت وبعده على الصحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم بكى على ابنه ابراهيم فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله تبكي فقال: "يا ابن عوف إنها رحمة وقال إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" أخرجه الشيخان وفي حديث ألا تسمعون أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم رواه الشيخان أيضا وأما ما ورد أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فأجمعوا على أنه محمول على البكاء بصوت ونياحة ولا بمجرد الدمع وحمله عامة أهل العلم على ما إذا أوصى بذلك
1 قوله بإرثاء هكذا في الأصل وصوابه برثاء لأن فعله ثلاثي كما يعلم بمراجعة المصباح وغيره أهـ مصححه.
إكراما له لما في الحديث وعجلوا به فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله والصارف عن وجوب التعجيل الاحتياط قال بعض الأطباء إن كثيرين ممن يموت بالسكتة ظاهرا يدفنون أحياء لأنه يعسر إدراك الموت الحقيقي بها إلا على أفضل الأطباء فيتعين التأخير فيها إلى ظهور اليقين بنحو التغيير وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين ضحوة ودفن في جوف الليل من ليلة الأربعاء "فيوضع كما مات" الكاف للمفاجأة إذا تيقن في موته
ــ.
وأما من بكوا عليه وناحوا من غير وصية فلا لقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وهذا هو الصحيح من أوجه الحمل وأوجب داود ومن تبعه الوصية بترك البكاء والنوح عليه وقيل المراد بالعذاب أن يتأذى الميت بذلك إذ لا شك في تأذي الأرواح بما تتأذى به الأشباح قال في شرح المشكاة والحاصل أن الميت إذا كان له تسبب في هذه المعصية فالعذاب على حقيقته ويعذب بفعل نفسه حيث تسبب في ذلك لا بفعل غيره وإلا فمحمول على تألمه سواء عند نزعه أو موته ويستوي فيه الكافر والمؤمن وبهذا يحصل الجمع بين قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وبين الأحاديث المطلقة في هذه البلية الكبرى اهـ قوله: "بين ظهراني أهله" أي ظهر أهله قال في القاموس وهو بين ظهرهم وظهرانيهم ولا تكسر النون وبين أظهرهم أي وسطهم اهـ قوله: "الاحتياط" أي في أمر المريض فإنه يحتمل أن الذي به داء السكتة قوله: "قال بعض الأطباء" أتى به دليلا للاحتياط ولو جعل الدليل أولا تأخر دفن النبي صلى الله عليه وسلم لكان أنسب قوله: "ممن يموت بالسكتة" أي يظنون أنهم موتى وإليه أشار بقوله ظاهرا قوله: "بها" أي بسبب السكتة فالموت لا يشتبه إلا فيمن فيه هذا الداء قوله: "فيتعين التأخير الخ" ظاهر هذا وجوب التأخير وهو ينافي التعجيل المطلوب إلا أن يحمل ذلك الوجوب على من به داء السكتة وأصل هذا الداء يحدث من أكل الأوز الأبيض والملوخية وتقليتها بدهن ويمكث هذا الداء ثمان ساعات وظاهر كلامهم أن التأخير مطلوب مطلقا لما رواه من الحديث والمراد التأخير إلى تيقن الموت فإنه ربما عرض عليه هذا الداء وقد يقال كيف يتأتى مع وجود العلامات الدالة عليه ويستحب تعجيل خمسة أشياء جمعت في هذه الأبيات وهي:
وخمسة قد رأوا تعجيلها حسنا.
…
وفي سواها تأتي واسع المهل.
تزويج كفء وميت هاك ثالثها.
…
دفع الديون وتب لله من زلل.
والخامس الضيف إذ يأتيك في نزل.
…
فقم له بحثيث الجد واحتفل.
قوله: "فيوضع كمامات" لئلا تغيره نداوة الأرض وقيده القدوري بما إذا أرادوا غسله وهو الذي عليه العمل اليوم اهـ ولا بأس بالتأخير لعارض كما في ابن أميرحاج قوله: "على سرير" هو التخت الذي يغسل عليه فإن لم يوجد فعلى لوح أو حجر مرتفع ليمكن غسله
"على سرير مجمر" أي مبخر إخفاء لكريه الرائحة وتعظيما للميت ويكون "وترا" ثلاثا أو خمسا ولا يزاد عليه قاله الزيلعي وفي الكافي والنهاية أو سبعا ولا يزاد عليه وكيفيته أن يدار بالمجمرة حول السرير "ويوضع" الميت "كيف اتفق على الأصح" قاله شمس الأئمة السرخسي وقيل عرضا وقيل إلى القبلة "ويستر عورته" ما بين سرته إلى ركبته قاله الزيلعي والنهاية هو الصحيح وفي الهداية يكتفي بستر العورة الغليظة هو الصحيح تيسيرا وهو ظاهر الرواية ولبطلان الشهوة "ثم" بعد ستر العورة بإدخال الساتر من تحت الثياب "جرد من ثيابه" إن لم يكن خنثى وتغسل عورته بخرقة ملفوفة تحت الساتر أو من فوقه إن لم توجد خرقة "و" بعده "وضئ" يبدأ بوجهه ويمسح رأسه "في الصحيح" إلا أن يكون صغيرا لا يعقل الصلاة فلا يوضأ "بلا مضمضة واستنشاق" للتعسر ويمسح فمه وأنفه بخرقة
ــ
وتقليبه كما في العيني قوله: "مجمر أي مبخر" بنحو عود ثم المتبادر أن فعل ذلك قبل وضعه عليه وقيل عند إرادة غسله إخفاء للرائحة الكريهة عيني وظاهر كلام المؤلف الثاني قوله: "وقيل عرضا" أي كما يوضع في القبر قوله: "وقيل إلى القبلة" فتكون رجلاه إليها كالمريض إذا أراد الصلاة بإيماء وفي القهستاني عن المحيط وغيره أنه السنة قوله: "ويستر عورته" وجوبا لحرمة النظر إليها كعورة الحي قوله: "والنهاية" الأولى وفي النهاية قوله: "هو الصحيح" صححه في التبيين وغاية البيان لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي: "لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت" أخرجه أبو داود قوله: "هو الصحيح" كذا صححه في المجتبى وجزم به مسكين والعيني صاحب التنوير قوله: "ولبطلان الشهوة" عطف على تيسرا وفيه نظر فإنه يقتضي عدم الستر أصلا قوله: "جرد عن ثيابه" ليمكنهم التنظيف وتغسيله صلى الله عليه وسلم في قميصه خصوصية له ويستحب أن يستر الموضع الذي يغسل فيه الميت فلا يراه إلا الغاسل ومن يعينه سراج وغسله فرض كفاية بالإجماع كالصلاة عليه وتجهيزه ودفنه حتى لو اجتمع أهل بلدة على ترك ذلك قوتلوا بحر ونهر قوله: "إن لم يكن خنثى" وإلا بأن كان خنثى يمم وقيل يغسل في ثيابه قوله: "وتغسل عورته بخرقة ملفوفة الخ" تحرزا عن مسها لأنه حرام كالنظر كذا في البحر قوله: "وبعده وضيء" لم يذكر الاستنجاء وذكره رضي الدين في المحيط فقال: أنه يستنجي عندهما لأن موضع الاستنجاء لا يخلو عن نجاسة فلا بد من إزالتها اعتبارا بحال الحياة وصورته أن يلف على يده خرقة فيغسل حتى يطهر الموضع لأن مس العورة حرام وعند أبي يوسف لا يستنجي ومشى عليه صاحب الخلاصة لأن المسكة قد زالت وبالاستنجاء ربما يزيد الاسترخاء فتخرج نجاسة أخرى فيكتفي بوصول الماء إليه اهـ من التبيين ملخصا قوله: "يبدأ بوجهه" لأنه لم يباشر ذلك بنفسه فلا يحتاج لغسل يديه أولا بخلاف الحي ولا يؤخر غسل رجليه لأنه ليس في مستنقع الماء قوله: "فلا يوضأ" لأنه لم يكن من أهل الصلاة قاله الحلواني وهذا يقتضي أن من بلغ مجنونا لا يوضأ أيضا ولم أره لهم وإنه لا
عليه عمل الناس "إلا أن يكون جنبا" أو حائضا أو نفساء فيكلف غسل فمه وأنفه تتميما لطهارته "و" بعد الوضوء "صب عليه ماء مغلي" قد مزج "بسدر أو حرض" أشنان غير مطحون مبالغة في التنظيف وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تغسل بنته والمحرم الذي وقصته دابته بماء وسدر "وإلا" أي وإن لم يوجد "ف" الغسل ب "القراح: وهو الماء الخالص" كاف ويسخن
ــ.
يوضأ إلا من بلغ سبعا لأنه الذي يؤمر بالصلاة كذا في النهر لكن قال الحلبي وهذا التوجيه ليس بقوي إذا يقال هذا الوضوء سنة الغسل المفروض للميت لا يتعلق بكون الميت بحيث يصلي أولا كما في المجنون اهـ قوله: "ويمسح فمه وأنفه" قال في الفتح وغيره استحب بعض العلماء أن يلف الغاسل على إصبعه خرقة ويمسح بها أسنانه ولهاثه وشفتيه ومنخريه وسرته كما عليه عمل الناس اليوم قوله: "إلا أن يكون جنبا" هذا ما ذكره الخلخالي وهو غريب مخالف لعامة الكتب كما في الشلبي على الكنز والذي في التبيين أن الجنب كغيره وما في شرح السيد من أن ما ذكره الخلخالي مخالفا لغيره مخرج على خلاف آخر في الشهيد إذا كان جنبا فإنه يغسل عند الإمام وما ذكره غيره مخرج على قول الصاحبين وهو الذي في عامة الكتب فيه نظر لأن الكلام هنا في المضمضمة والاستنشاق لا في الغسل والفرق أنه لا حرج فيه بخلافهما وقد عرفنا غسل الشهيد الجنب بالنص وهو تغسيل الملائكة حنظلة بن الراهب حين استشهد وهو جنب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف الفضة" ولم يذكر فيه المضمضة والاستنشاق فانصرف إلى المعهود في غسل الميت وهو الغسل بدونهما فتأمل أفاده بعض الأفاضل قوله: "أو حائضا أو نفساء" هذا بحث للمصنف كما تفيده عبارته في الشرح قياسا لهما على الجنب للاشتراك في افتراض المضمضة والاستنشاق فيما بينهم وقد علمت رده في الجنب والكلام فيهما كالكلام فيه قوله: "صب عليه ماء" والأولى أن يكون حلوا لأنه أبلغ في أزالة الوسخ لا سيما إذا كان يغسل بالصابون أفاده بعضهم قوله: "مغلي" من أغليت الماء أغلاه لا من الغلي والغليان لأنهما مصدران للازم واللازم لا يبنى منه اسم المفعول على المشهور ودل كلامه على أن الحار أفضل مطلقا سواء كان عليه وسخ أم لا نهر وأصل مغلي مغلي تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ثم حذفت لالتقاء الساكنين قوله: "بسدر" هو ورق النبق ويطلق على نفس الشجر وعلى الغسل كما في النهر قوله: "أو حرض" بضم الحاء المهملة ويجوز في الراء السكون والضم قوله: "أشنان غير مطحون" تبع فيه صاحب الجوهرة وكتب اللغة خالية عن هذا التقييد وأو هنا للتخيير فيكفي حصول أحدهما وفيه يقال إنما ذكره لكونه الأنسب للمقام لا أنه تفسير للمعنى اللغوي قوله: "الذي وقصته دابته" أي ألقته فدقت عنقه قوله: "وإن لم يوجدا" أي السدر أو الحرض والأولى إفراد الضمير لأن العطف بأو أو يكون الضمير للماء المغلي بأحد هذين الشيئين قوله: "فالغسل بالقراح" القراح
إن تيسر لأنه أبلغ في التنظيف "ويغسل رأسه" أي شعر رأسه "و" شعر "لحيته بالخطمى" نبت بالعراق طيب الرائحة يعمل عمل الصابون في التنظيف وإن لم يكن فالصابون وإن لم يكن به شعر لا يتكلف لهذا "ثم" بعد تنظيف الشعر والبشرة "يضجع" الميت "على يساره فيغسل" شقه الأيمن ابتداء لأن البداءة بالميامن سنة "حتى يصل الماء إلى ما" أي الجنب الذي "يلي التخت" بالخاء المعجمة "منه" أي الميت "ثم" يضجع "على يمينه" فيغسل "كذلك" حتى يصل الماء إلى سائر جسده "ثم أجلس" الميت "مسندا إليه" لئلا يسقط "ومسح بطنه" مسحا رقيقا ليخرج فضلاته "وما خرج منه غسله" فقط تنظيفا "ولم يعد غسله" ولا وضوءه لأنه ليس بناقض في حقه "ثم ينشف بثوب" كيلا تبتل أكفانه والنية في تغسيله لإسقاط الفرض عنا حتى أنه إذا وجد غريقا يحرك في الماء بنية غسله لهذا لا لصحة الصلاة عليه وإذا يمم لفقد الماء ثم وجد بعد الصلاة عليه بالتيمم غسل وصلي عليه ثانيا والمنتفخ
ــ.
كسحاب قوله: "وهو الماء الخالص" الذي لم يخالطه شيء كما في القاموس قوله: "كاف" خبر للمبتدأ المحذوف قوله: "بالخطمي" مشدد الياء وكسر الخاء أكثر من الفتح مصباح قوله: "وإن لم يكن به شعر" أي بالميت سواء انتفى من المحلين أو أحدهما فلا يتكلف للخطمي فيما لا شعر فيه قوله: "ثم بعد تنظيف الشعر والبشرة" أشار بثم إلى ان ما سبق من قوله وصب عليه ماء مغلي الخ وقوله وغسل رأسه يفعل قبل الترتيب الآتي ليبتل ما عليه من الدرن قوله: "مسندا" بصيغة اسم الفاعل والمفعول حال من الغاسل أو المغسول قوله: "رفيقا" بالفاء أي لطيفا والمصنف لم يذكر إلا غسلتين الأولى بقوله وأضجع على يساره والثانية بقوله ثم على يمينه كذلك وأما الثالثة فبعد اقعاده يضجعه على شقه الأيسر ويغسله لأن تثليث الغسلات مسنون ويسن أن يصب الماء عليه عند كل إقعاد ثلاثا والزيادة جائزة للحاجة وإلا ينبغي أن يكون إسرافا كحال الحياة أفاده السيد قوله: "ولم يعد غسله" بالبناء للمجهول والغسل بالضم لا غير قيل وبالفتح أيضا وقيل ان أضيف إلى المغسول كما هنا فتح وإلى غيره كغسل الجمعة ضم وفي المضمرات عن الخزانة إذا كفن في كفن نجس لا تجوز الصلاة عليه بخلاف ما لو نجس بنجاسة الميت لأن فيه ضرورة وبلوى ولا كذلك الكفن النجس ابتداء اه قوله: "ثم ينشف بثوب" أي يؤخذ ماؤه بثوب حتى يجف من نشف الماء أخذه بخرقة من باب ضرب ومنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها إذا توضأ وفي الصحاح نشف الثوب الرق بالكسر ونشف الحوض الماء ينشفه نشفا شربه اهـ ولا تخالف بينهما فإن كان بمعنى أخذ فبفتحها من حد ضرب وإن كان بمعنى شرب فبكسر الشين من حد علم كما في الصحاح قاله السيد قوله: "يحرك في الماء" ثلاثا في قول أبي يوسف كما في الفتح وعن محمد إن نوى الغسل عند الإخراج من الماء يغسل مرتين يعني على وجه السنة والفرض قد سقط بالنية عند الإخراج قوله: "ثم وجد" أي الماء قوله: "وصلى عليه ثانيا" في قول أبي
الذي تعذر مسه يصب عليه الماء ويغسله أقرب الناس إليه وإلا فأهل الأمانة والورع ويستر ما لا ينبغي إظهاره ويكره أن يكون جنبا أو بها حيض ويندب الغسل من تغسيله وتقدم "و" بعد تنشيفه يلبس القميص ثم تبسط الأكفان و "يجعل الحنوط" هو عطر مركب من أشياء طيبة ولا بأس بسائر أنواعه غير الزعفران والورس" للرجال "على رأسه ولحيته"
ــ.
يوسف وعنه يغسل ولا تعاد الصلاة عليه كجنب تيمم وصلى ثم وجد الماء كما في البرهان قوله: "وإلا فأهل الأمانة والورع" والأفضل أن يغسله مجانا وإن ابتغى الغاسل أجرا جاز إن كان ثمة غيره وإلا لا لتعينه عليه واختلفوا في أجرة خياطة كفن وحمال وحفار وتكون من رأس المال كما في البحر والشرنبلالية وينبغي أن يكون مثل الأول لأن ذلك من فروض الكفاية كما في السراج والضياء.
تنبيه: الأصل في مشروعية الغسل تغسيل الملائكة آدم عليه السلام أخرج الحاكم وصححه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كان آدم رجلا أشقر طوالا كأنه نخلة سحوق فلما حضره الموت نزلت الملائكة بحنوطه وكفنه من الجنة" فلما مات عليه الصلاة والسلام غسلوه بالماء والسدر ثلاثا وجعلوا في الثالثة كافورا وكفنوه في وتر من الثياب وحفروا له لحدا وصلوا عليه وقالوا: يا بني آدم هذه سنتكم من بعده فكذا كم فافعلوا قوله: "ويستر ما لا ينبغي إظهاره" في الأزهار قال العلماء فإذا رأى الغاسل من الميت ما يعجبه كاستنارة وجهه وطيب ريحه وسرعة انقلابه على المغتسل استحب أن يتحدث به وإن رأى ما يكره كنتنه وسواد وجهه وبدنه أو انقلاب صورته حرم أن يتحدث به كذا في شرح المشكاة قيل إلا أن يكون مبتدعا يظهر البدعة أو مجاهرا بالفسق والظلم فيذكر ذلك زجرا لأمثاله كذا في ابن أمير حاج وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم" أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان قال حجة الإسلام غيبة الميت أشد من الحي لأن عفو الحي واستحلاله ممكن ومتوقع في الدنيا بخلاف الميت وروى البيهقي في المعرفة والحاكم في المستدرك وقال على شرط مسلم من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة ومن كفنه كساه الله من السندس والإستبرق ومن حفر له قبرا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث وفي الجنائز لابن شاهين يا علي غسل الموتى فإنه من غسل ميتا غفر له سبعون مغفرة لو قسمت مغفرة منها على جميع الخلائق لوسعتهم قلت ما يقول من يغسل قال يقول غفرانك يا رحمن حتى يفرغ من الغسل قوله: "ويكره أن يكون جنبا" وتغسيل الكافر أشد كراهة إلا إذا لم يوجد غيره ذاكرا في حق المسلم أو أنثى في حق المسلمة كما في ابن أمير حاج قوله: "ويجعل الحنوط" بفتح الحاء المهملة ويقال له الحناط بكسر الحاء قوله "مركب من أشياء طيبة" ويدخل فيه المسك في قول الأكثر خلافا لعطاء قوله: "للرجال" فيكرهان لهم دون النساء اعتبارا بحال الحياة فجعلهما في كفن الرجال جهل كما في
روي ذلك عن علي وأنس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم "و" يجعل "الكافور على مساجده" سواء فيه المحرم وغيره فيطيب ويغطى رأسه ليطرد الدود عنها وهي الجبهة وأنفه ويداه وركبتاه وقدماه روي ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه فتخص بزيادة إكراه "وليس في الغسل استعمال القطن في الروايات الظاهرة" وقال الزيلعي: لا بأس بأن يجعل القطن على وجهه وأن يحشى به مخارقه كالدبر والقبل والأذنين والأنف والفم انتهى. وفي الظهيرية واستقبح عامة المشايخ جعله في دبره أو قبله "ولا يقص ظفره" أي الميت "و" لا "شعره ولا يسرح شعره" أي شعر رأسه "ولحيته" لأنه للزينة وقد استغنى عنها "والمرأة تغسل زوجها" ولو معتدة من رجعي أو إظهار منها في الأظهر أو إيلاء لحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة فلو ولدت عقب موته أو انقضت عدتها من رجعي أو كانت مبانة أو
ــ.
الشمني والسراج وغيرهما والورس الكركم قوله: "على رأسه ولحيته" وسائر جسده كما في الجوهرة بعد أن يوضع على الإزار كما في القهستاني قوله: "ويجعل الكافور" هو شجر عظيم بالهند والصين قهستاني قوله: "سواءفيه المحرم وغيره" لأن الإحرام ينقطع بالموت عندنا خلافا للشافعي قوله: "ليطرد الدود عنها" هذ حكمة تخصيص الكافور وهو علة لقوله ويجعل الكافور على مساجده قوله: "فتخص بزيادة إكرام" أي لما كانت هذه الأعضاء يسجد بها خصت بزيادة إكرام صيانة لها عن سرعة الفساد قوله: "كالدبر الخ" الكاف للاستقصاء أو للتمثيل وتدخل حينئذ نحو الجراح المفتوحة قوله: "واستقبح عامة المشايخ جعله في دبره أو قبله" ظاهر تقييده بهما أنهم لم يستقبحوه في غيرهما فيكون لا بأس به في غيرهما قوله: "ولا يقص ظفره" إلا أن يكون مكسورا فلا بأس بأخذه ورميه روي ذلك عن الإمام والثاني كما في البحر وغيره وفي القهستاني عن العتابية فلو قطع شعره أو ظفره أدرج معه في الكفن وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه يقص شاربه وظفره ويزال من شعره ما حفه لإزالة كذا في مسكين قوله: "ولا يسرح شعره" ظاهر القنية أنها تحريمية حيث قال إما لتزيين بعد موتها والامتشاط وقطع الشعر فلا يجوز نهر قوله: "ولحيته" إنما ذكرها بعد الشعر لعدم تبادر الذهن عند إطلاق الشعر إليها لكونها مخصوصة باسم أو من عطف الخاص على العام قوله: "ولو معتمدة من رجعي" أي ولو كانت المرأة معتدة من رجعي فإن معتدته زوجة يحل قربانها ومحترزة صرح به الشرح بعد قوله: "أو ظهار منها في الأظهر" الأولى أن يقول ولو مظاهرا منها في الأظهر وهذا ينافي ما قاله في الشرح وفي المظاهر منها روايتان الأظهر أن لا يحل لها تغسيله فجعل الأظهر عدم الحل قوله: "أو إلى ما لا يحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة" لعل في العبارة تحريفا من الناسخ وصوابها وإيلاء لحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة قال في الشرح والإيلاء لا يحرم وطئها فتغسله اهـ فهذا يقتضي عطف الإيلاء على ما قبله لمشاركته له في الحكم وقال أيضا والمرأة تغسل زوجها لحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة اهـ وهذا
حرمت بردة أو رضاع أو صهرية لا تغسله "بخلافه" أي الرجل لا يغسل زوجته لانقطاع النكاح وإذا لم توجد امرأة لتغسيلها ييممها وليس عليه غض بصره عن ذراعيها بخلاف الأجنبي وهو "كأم الولد" والمدبرة والقنة "لا تغسل سيدها" وتيممه بخرقة جمع جنازة بالفتح والكسر للميت والسرير وقال الأزهري ولا تسمى جنازة "ولو ماتت امرأة مع الرجال" المحارم وغيرهم "يمموها كعكسه" وهو موت بين النساء وكن محارمه يممنه "بخرقة" تلف على يد الميمم الأجنبي حتى لا يمس الجسد ويغص
ــ
يقتضي التعليل لقوله تغسله فتأمل قوله: "فلو ولدت" أي امرأته التي توفي عنها هو محترز قوله معتدة قوله: "أو كانت مبانة" محترز قوله ولو معتدة من رجعي قوله: "أو رضاع" بأن أرضعت ضرتها الصغيرة قوله: "أو صهرية" كان مست ابنه أو أباه بشهوة والأصل في تغسيل الزوجة زوجها ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت واستقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه ومعنى ذلك أنها لم تكن عالمة وقت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة غسل المرأة زوجها ثم عملت بعد ذلك وروي أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أوصى إلى امرأته أسماء بنت عميس أنها تغسله بعد وفاته وهكذا فعل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه ولأن إباحة الغسل مستفادة بالنكاح فتبقى ما بقي النكاح والنكاح باق بعد الموت إلى انقضاء العدة قوله: "فإنه لا يغسل زوجته" وكذا لا يمسها ولا يمنع من النظر إليها في الأصح تنوير قوله: "لانقطاع النكاح" بانعدام محله فصار الزوج أجنبيا واعتبر بملك اليمين حيث لا ينتفي عن المحل بموت المالك ويبطل بموت المحل فكذا هذا وقالت الأئمة الثلاثة يجوز لأن عليا غسل فاطمة رضي الله عنها قلنا وروى أنها غسلتها أم أيمن ولو ثبت أن عليا غسلها فهو محمول على بقاء الزوجية لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل سبب ونسب ينقطع بالموت إلا سببي ونسبي" مع أن ابن مسعود رضي الله عنه أنكر عليه فقال له: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة" فدعواه الخصوصية دليل على أنه كان معروفا بينهم أن الرجل لا يغسل زوجته قوله: "ييممها" أي زوجها قوله: "بخلاف الأجنبي" أي فإنه يلف يده بخرقة وييممها مع كف بصره عن ذراعيها إلا أن تكون أمة فلا تحتاج إلى حائل قوله: "وهو كأم الولد" لا تغسله ولا يغسلها وكذا المكاتبة لزوال ملكه عن الأمة والمكاتبة إلى الورثة وبطلانه في أم الولد والمدبرة لعتقهما بالموت فإن قيل أم الولد تعتد منه فينبغي أن تلحق بالزوجة قلنا عدتها لم تجب قضاء لحقه بل للتعرف عن براءة الرحم فإن قيل هلا اكتفى بحيضة كما في استبراء الأمة قلنا عدة أم الولد وجبت بزوال الفراش فأشبهت عدة النكاح قوله: "المحارم" الأولى حذفه للتصريح به في قوله بعد وأن وجد ذو رحم محرم قوله: "يمموها" فعل ماض وفي نسخة بالمضارع والمناسب عليها إثبات النون قوله: "وكن محارمه" الأولى غير محارمه قوله: "بخرقة" راجع إلى الصورتين إلا أن تكون المرأة أمة فلا تحتاج إلى حائل
بصره عن ذراعي المرأة ولو عجوزا وإن وجد ذو رحم محرم يمم" الميت ذكرا كان أو أنثى "بلا خرقة" لجواز مس أعضاء التيمم للمحرم بلا شهوة كالنظر إليها منها له "وكذا الخنثى المشكل ييمم في ظاهر الرواية" وقيل يجعل في قميص لا يمنع وصول الماء إليه "ويجوز للرجل والمرأة تغسيل صبي وصبية لم يشتهيا" لأنهما ليس لأعضائهما حكم العورة وعن أبي يوسف أنه قال أكره أن يغسلهما الأجنبي والمجبوب كالفحل "ولا بأس بتقبيل الميت" للمحبة والتبرك توديعا خالصة عن محظور "وعلى الرجل تجهيز امرأته" أي تكفينها ودفنها عند أبي يوسف لو كانت معسرة وهذا التخصيص مختار صاحب المغني والمحيط والظهيرية اه. ويلزمه أبي يوسف بالتجهيز مطلقا أي "ولو" كان الزوج "معسرا" وهي
ــ.
قوله: "كالنظر" أي كمجواز النظر إليها أي إلى أعضاء التيمم منها أي الكائنة منها وقوله له متعلق بالجواز المقدر قوله: "وكذا الخنثى المشكل" أي ولو مراهقا وإلا فهو كغيره فيغسله الرجال والنساء در قوله: "لم يشتهيا" قال في الدر من شروط الصلاة عن السراج لا عورة للصغير جدا ثم ما دام لم يشته فقبل ودبر ثم تغلظ إلى عشر سنين ثم كبالغ وفي الأشباه يدخل على النساء إلى خمس عشر سنة قوله: "والمجبوب كالفحل" فليس له تغسيل امرأة أجنبية إلا أن تكون من محارمه فييممها بخرقة قاله السيد أي ولا يعطي حكم النساء بسبب الجب وكذا إذا مات بين النساء يمم أما بخرقة أو دونها على التفصيل وكذا له أن يغسل الصبي والصبية اللذين لم يشتهيا فالحاصل أنه في حكم الرجال من كل وجه قوله: "ولا بأس بتقبيل الميت" لما روي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى ولم يفعل ذلك إلا قدوة به صلى الله عليه وسلم لما روى أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم مصححا عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت فأكب عليه وقبله ثم بكى حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه وفي التمهيد لما توفي عثمان كشف النبي صلى الله عليه وسلم الثوب عن وجهه وبكى بكاء طويلا وقبل بين عينيه فلما رفع على السرير قال طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها اهـ قوله: "والتبرك" الواو بمعنى أو فإن تقبيله صلى الله عليه وسلم عثمان للمحبة وتقبيل أبي بكر الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم لهما معا قوله: "خالصة عن محظور" هذا قيد في الجواز أما إذا كانت لشهوة فحرام ولو زوجة فيما يظهر لقولهم أن النكاح انقطع بموتها لذهاب محله قوله: "ودفنها" أي مؤنته أن لم يتبرع به قوله: "لو كانت معسرة" هذا أحد وجهين لأبي يوسف والأولى تأخيره عن قوله ولو معسرا ويجعله مقابلا له قوله: "وهذا التخصيص" أي تخصيص وجوب التجهيز على الزوج بما إذا كانت معسرة قوله: "ويلزمه أبو يوسف" في نسخة بأو وهي لحكاية الخلاف عن أبي يوسف وهي الصواب قال
موسرة "في الأصح" وعليه الفتوى وقال محمد ليس عليه تكفينها لانقطاع الزوجية من كل وجه "ومن" مات "ولا مال له فكفنه على من تلزمه نفقته" من أقاربه وإذا تعدد من وجبت عليه النفقة فالكفن على قدر ميراثهم كالنفقة ولو كان له مولى وخالة فعلى معتقه وقال محمد على خالته "وإن لم يوجد من تجب عليه نفقته ففي بيت المال" تكفينه وتجهيزه من أموال التركات التي لا وارث لأصحابها "فإن لم يعط" بيت المال "عجزا" لخلوه من الأموال "أو ظلما" بمنعه صرف الحق لمستحقه وجهته "فعلى الناس" القادرين "و" يجب أن "يسأل له" أي للميت "التجهيز من" علم به وهو "لا يقدر عليه" أي التجهيز "غيره" من القادرين بخلاف الحي إذا عري لا يجب السؤال له بل يسأل لنفسه ثوبا لقدرته عليه وإذا فضل عنه
ــ.
في البحر فقد اختلف النقل عن أبي يوسف لكن الظاهر ترجيح ما في الخانية لأنه كالكسوة فيلزمه على كل حال اهـ فالقولان المذكوران عن أبي يوسف وليس للإمام في عبارة الشرح ذكر ووجه قوله أنه لو لم يجب عليه لوجب على الأجانب وهو قد كان أولى بإيجاب الكسوة عليه حال حياتها فرجح على سائر الأجانب ولأن العزم بالغنم اهـ قوله: "وقال محمد الخ" ينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يقم بها مانع يمنع الوجوب حالة الموت من نشوز أو صغر مع كبره ونحو ذلك وأنها إذا ماتت في العدة منه وهي ممن تلزمه نفقتها وكسوتها أن يجب عليه تجهيزها كذا بحثه ابن أمير حاج قال ولم أره مصرحا به قوله: "لانقطاع الزوجية" فصار الزوج كالأجنبي قوله: "ولا مال له" قيد به لأنه لو كان له مال فإنه يجب فيه ويقدم على الدين والوصية والإرث إلى قدر السنة ما لم يتعلق بعين ماله حق الغير كالرهن والمبيع قبل القبض والعبد الجاني قاله السيد قوله: "على من تلزمه نفقته من أقاربه" أي الذين هم ذوو رحم محرم منه نسبا قوله: "وإذا تعدد من وجبت عليه النفقة" كأخ وأخت قوله: "فالكفن على قدر ميراثهم" فثلثاه على الأخ وثلثه على الأخت قوله: "فعلى معتقه" وجه هذا القول أنه وارثه قوله: "وقال محمد على خالته" لأنها رحم محرم منه قوله: "وإن لم يوجد من تجب عليه نفقته قوله: "أو وجد إلا أنه معسر قوله: "من أموال التركات" أي لا من غيرها كبيت الخراج والخمس والركاز ولأحدهما الاستقراض من الآخر كما وضح في محله قوله: "وجهله" من عطف السبب أو من عطف المغاير بأن كان يدفع إلى غير من يستحق جهلا وفي نسخة وجهته وهو من عطف المرادف قوله: "فعلى الناس القادرين" أي فيفترض على سائر الناس العالمين به أن يجهزوه ويكفنوه قوله: "غيره" بالنصب مفعول يسأل وظاهر ما في المجتبى حيث قال فإن عجزوا سألوا له ثوبا أنه لا يجب عليهم إلا سؤال كفن الضرورة لا الكفاية در فإن لم يوجد من يكفن غسل وجعل عليه الأذخر ودفن وصلى على قبره وسأل متعد إلى مفعولين هنا أو التجهيز مفعول له وفيه أنه لم يتحد فاعله مع فاعل الفعل قوله: "لا يجب السؤال" نفي الوجوب وأما الجواز فالظاهر جوازه لأنه من
شيء صرف لمالكه وإن لم يعرف كفن به آخر وإلا تصدق به ولا يجب على من له ثوب فقط تكفين ميت ليس عنده غيره وإذا أكل الميت سبع فالكفن لمن تبرع به لا لوارث الميت وإذا وجد أكثر البدن أو نصفه مع الرأس غسل وصلي عليه وإلا لا. والتكفين فرض وأما عدد أثوابه فهي على ثلاثة أقسام سنة وكفاية وضرورة الأول "و" هو "كفن الرجل سنة" ثلاثة أثواب "قميص من أصل العنق إلى القدمين بلا دخريص وكمين "وإزار" من القرن إلى القدم "و" الثالث "لفافة" تزيد على ما فوق القرن والقدم ليلف بها الميت وتربط
ــ.
الإعانة على السبر قوله: "ولا يجب على من له ثوب فقط الخ" أي إذا لم يكن عند الميت إلا رجل واحد وليس له إلا ثوب واحد ولا شيء للميت فصاحبه أحق به ولا يكفن به الميت قلت الظاهر أنه إذا كان عند الميت رجال كثيرون وكل واحد له ثوب فقط فالحكم كذلك وأفاد أنه إذا كان له ثوبان يكفنه في أحدهما قوله: "أو نصفه مع الرأس" قيد به لأنه لو وجد النصف بدون رأس لا يغسل ولا يصلي عليه بل يدفن وهذا مستفاد من قوله وإلا لا والبدن اسم لما عدا الأطراف قوله: "والتكفين فرض" أي كفاية بالنظر لعامة المسلمين لا لمن خص بلزومه كما في حاشية المؤلف على الدرر قوله: "وأما عدد أثوابه" الأولى أنواعه قوله: "وهو كفن الرجل" أي البالغ ومثله المراهق ومن لم يراهق فالأحسن فيه كذلك وإن كفن في ثوب واحد جاز والسقط والمولود ميتا يلفان في خرقة من غير مراعاة وجه الكفن كالعضو من الميت لأنه ليس لهما حرمة كاملة لأن الشرع إنماورد بتكفين الميت واسم الميت لا ينطلق عليهما كما لا ينطلق على بعض الميت كذا في النحانية وغيرها قوله: "ثلاثة أثواب" لما روي أنه صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب ولأنها غاية ما يتجمل به الرجل في حياته فكذا بعد موته برهان وتكره الزيادة كما في المجتبى إلا أن يوصى بالأكثر فلا يكره بخلاف ما إذا أوصى أن يكفن في ثوبين فإنه يكفن في ثلاثة أثواب ولا يراعى شرطه لأنه خلاف السنة وفي غاية البيان لا بأس بالزيادة على الثلاث في كفن الرجل وذكر ابن أمير حاج عن الذخيرة أن الزيادة في كفن الرجل إلى خمسة غير مكروهة ولا بأس بها وحينئذ فالاقتصار على الثلاث لنفي كون الأقل مسنونا كما في الحموي يعني لا لأن الزيادة عليها مكروهة قوله قميص "هو والدرع سواء كما في الحاوي لكن التعبير بالقميص أظهر لأن الدرع مشترك بينه وبين درع الحديد آلة الحرب قوله: "بلاد خريص وكمين" مكرر مع ما يأتي في المصنف قوله: "وإزار" هو والرداء واللفافة بمعنى واحد وهو ثوب طويل عريض يستر البدن من القرن إلى القدم كما في ابن أمير حاج عن الحاوي القدسي وفي هذا التفسير بحث لمولانا الكمال رحمه الله تعالى فراجعه إن شئت قوله: "من القرن إلى القدم" هذا هو المشهور كما في القهستاني وفي بعض نسخ المختار من المنكب إلى القدم قوله: "والثالث لفافة" بالكسر ما يلف به عيني وتسمى رداء قهستاني وهي ما تبسط على الأرض أو لا حموي ولا إشكال في
من أعلاه وأسفله ويؤخذ الكفن "مما كان يلبسه" الرجل "في حياته" يوم الجمعة والعيدين ويحسن للحديث "حسنوا أكفان الموتى فإنهم يتزاورون فيما بينهم ويتفاخرون بحسن أكفانهم" ولا يغالى فيه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعا" وكفن صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية بفتح السين وبالضم قرية باليمن "و" الثاني كفن "كفاية"
ــ.
أنها من القرن إلى القدم فتح قوله: "تزيد الخ" ظاهره أن الزيادة إنما تكون في اللفافة فقط وهو غير ما يعطيه كلامه الآتي قوله: "وتربط" عطف على يلف فهو منصوب قوله: "مما كان يلبسه الرجل في حياته" أفاد بطريق المنطوق جواز تكفينه في كل ما جاز لبسه له وهو حي من كل جنس كما في البحر فيكفن بالبرد والقصب والكتان والقطن كما في الفتح والقهستاني والقصب بالتحريك ثياب ناعمة من كتان الواحد قصبي قاموس ومنع بالمفهوم ما لا يجوز لبسه في حال حياته كحرير ونحوه اعتبارا بحال الحياة إلا إذا لم يوجد غيره لكن لايزاد على ثوب واحد لأن الضرورة تندفع به ويجوز ذلك للنساء كمزعفر ومعصفر كما في مجمع الأنهر قوله: "يوم الجمعة والعيدين" ولها ما كانت تلبسه في زيارة الأبوين وقيل كفن المثل ما يلبس غالبا لهما قوله: "ويحسن" بالبناء للمجهول أي الكفن قوله: "للحديث حسنوا الخ" أخرج ابن عدي أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتزاورون في قبورهم وأخرج مسلم إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه يعني فليختر من الثياب أنظفها وأتمها وأبيضها على ما روته الستة ولم يرد به ما يفعله المبذرون إسرافا ورياء وسمعة من الثياب الرقيقة النفيسة فإنه منهي عنه بأصل الشرع لإضاعة المال كذا في شرح المشكاة وغيره وفي شرح الصدور بشرح حال الموتى في القبور للحافظ السيوطي أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات لأحدكم الميت فأحسنوا كفنه وعجلوا إنجاز وصيته وأعمقوا له في قبره وجنبوه جار السوء" قيل يا رسول الله وهل ينفع الجار الصالح في الآخرة قال: "هل ينفع في الدنيا" قالوا: نعم قال: "كذلك ينفع في الآخرة" والحاصل أن الحد الوسط في الكفن هو المستحب المستحسن قوله: "فأنهم يتزاورون فيما بينهم" أي تزور الأرواح بعضها بعضا فتطلع على كسوة الجسم قوله: "ويتفاخرون الخ" أي أنهم يسرون بذلك لا كتفاخر الدنيا قوله: "ولا يغالي فيه" حتى لو أوصى أن يكفن بألف درهم كفن كفنا وسطا كذا في البحر عن الروضة ويكون الباقي مما أوصى به ميراثا كما في الحموي عن الخصاف وفي شرعة الإسلام ومن السنة أن يحسن كفن الميت فيتخذه من أطيب الثياب وأشدها بياضا ولا يتخذه من الثياب الفاخرة فإنه سيسلب سلبا اهـ قوله: "لا تغالوا" بحذف إحدى التاءين قوله: "فإنه يسلب سريعا" قال الطيبي استعير السلب لبلى الثوب مبالغة في السرعة أي يبلي سريعا اهـ قوله: "في ثلاثة أثواب بيض" من كرسف كما رواه الجماعة عن عائشة والكرسف القطن قوله: "بفتح السين" هو المشهور قوله: "والثاني كفن كفاية" أي ما يكتفي به حال
للرجل "إزار ولفافة" في الأصح مع قلة المال وكثرة الورثة هو أولى وعلى القلب كفن السنة أولى "وفضل البياض من القطن" لما روينا والخلق الغسيل والجديد فيه سواء "وكل من الإزار واللفافة" للميت يكون "من القرن" يعني شعر الرأس "إلى القدم" مع الزيادة للربط "ولا يجعل لقميصه كم" لأنه لحاجة الحي "ولا دخريص" لأنه لا يفعل إلا للحي ليتسع الأسفل للمشي فيه "ولا جيب" وهو الشق النازل عن الصدر لأنه لحاجة الحي ولو كفن في قميص حي قطع جيبه ولبنته وكميه "ولا تكف أطرافه" لعدم الحاجة إليه "وتكره العمامة في
ــ.
الاختيار بدون كراهة وهو القدر الواجب وفي الفتح ويكره الاقتصار على ثوب واحد حالة الاختيار كما تكره الصلاة فيه حال الاختيار اهـ قوله: "في الأصح" وقيل قميص ولفافة وفي جوامع الفقه ليس لصاحب الدين أن يمنع من كفن السنة اهـ قال الحلبي وهو يشمل السنة من حيث العدد ومن حيث القيمة اهـ قوله: "مع قلة المال" حال من قوله هو أولى أي كفن الكفاية أولى حال كون المال قليلا والورثة كثيرا وقد ذكر ذلك في الخانية والخلاصة ونقل مثله فخر الإسلام في شرح الجامع الصغير عن الجصاص قال وهذا أحسن عند مشايخنا وإن لم يرو ذلك عن السلف كما في الفتح والبحر والحلبي وابن أمير حاج وغيرها قوله: "من القطن" تخصيص القطن على وجه الأفضلية وإلا فالظاهر العموم لإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم ومن خير أكحالكم الإثمد فإنه ينبت الشعر ويجلوا البصر" رواه أبو داود والترمذي بسند صحيح قوله: "لما روينا" من أنه صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض أي من القطن قوله: "والخلق الغسيل والجديد فيه سواء" لما عن عائشة رضي الله عنها قالت قال أبو بكر لثوبيه اللذين كان يمرض فيهما اغسلوهما وكفنوني فيهما فقالت عائشة ألا نشتري لك جديدا قال الحي أحوج إلى الجديد من الميت كذا في الشرح قوله: "من القرن" وفي نسخة من الفرق قوله: "لا يفعل" في مقام التعليل لما قبله قوله: "وهو الشق النازل على الصدر" فيكتفي بقدر ما يدخل منه الرأس وهو حسن لا سيما في حق المرأة لما فيه من زيادة الستر وبعضهم فسر الجيب بالخزانة التي تكون في الشق كفخر الإسلام في شرح الجامع الصغير ورضي الدين في محيطه وحافظ الدين في الكافي قوله: "قطع جيبه" هذا إنما يظهر على تفسير الجيب بما قاله فخر الإسلام ومن ذكر معه قوله: "ولبنته" بكسر اللام وسكون الموحدة وفتح النون ما يجعل في قبة الثوب من ديباج ونحوه وفي نسخة وكميه فقطع حينئذ بالبناء للفاعل قوله: "ولا تكف أطرافه" ولو كفت جاز بلا كراهة على الصحيح أفاده القهستاني قوله: "لعدم الحاجة إليه" لأن ذلك لصيانته ولا حاجة إليها قوله: "وتكره العمامة في الأصح" كذا في المجتبى لأنها لم تكن في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعللها في البدائع لأنها لو فعلت لصار الكفن شفعا والسنة أن يكون وترا.
الأصح" لأنها لم تكن في كفن النبي صلى الله عليه وسلم واستحسنها بعضهم لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعممه ويجعل العذبة على وجهه "و" تبسط اللفافة ثم الإزار فوقها ثم يوضع الميت مقمصا ثم يعطف عليه الإزار و "لف" الإزار "من" جهة "يساره ثم" من جهة "يمينه" ليكون اليمين أعلى ثم فعل باللفافة كذلك اعتبارا بحالة الحياة "وعقد" الكفن إن خيف انتشاره" صيانة للميت عن الكشف "وتزاد المرأة" على ما ذكرناه للرجل "في" كفنها على جهة "السنة خمارا لوجهها" ورأسها "وخرقة" عرضها ما بين الثدي إلى السرة وقيل إلى الركبة كيلا ينتشر الكفن بالفخذ وقت المشي بها "لربط ثدييها" فسنة كفنها درع وإزار وخمار وخرقة ولفافة "و" تزاد المرأة "في" كفن "الكفاية" على كفن الرجل "خمارا" فيكون ثلاثة خمار ولفافة وإزار "ويعل شعرها ضفيرتين" وتوضعان "على صدرها فوق القميص ثم" يوضع "الخمار" على رأسها ووجهها "فوقه" أي القميص فيكون "تحت اللفافة ثم" تربط "الخرقة فوقها" لئلا تنتشر الأكفان وتعطف من اليسار ثم من اليمين "وتجمر الأكفان" للرجل والمرأة جميعا تجميرا "وترا قبل أن يدرج" الميت "فيها" لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أجمرتم
ــ
قوله: "واستحسنها بعضهم" وهم المتأخرون وخصه في الظهيرية بالعلماء والإشراف دون الأوساط كما في النهر وغيره قوله: "ولف الخ" عطف تفسير على قوله ثم يعطف عليه الإزار قوله: "إن خيف انتشاره" والإبان كان المدفن قريبا لا يخشى انتشاره فلا يعقد قوله: "وتزاد المرأة" ولو أمة كما في الحلبي قوله: "وقيل إلى الركبة" وقيل إلى الفخذ وخير الأمور أوساطها نهر أي فأحسن الأقوال القول بالستر إلى الفخذ قوله: "كي لا ينتشر" علة للقول الثاني وقوله بالفخذ وقع في نسخة من الشرح في الفخذ والمعنى إنما أمر بكون الخرقة إلى الركبة خوف انتشار الكفن عن الفخذ وقت المشي بالجنازة قوله: "لتربط ثدييها" أي وبطنها كما في الجامع الصغير وتربط بالبناء للفاعل وضميره يرجع إلى الخرقة وفي نسخة لربط قوله: "فيكون ثلاثة وما دونها كفن ضرورة في حقها كما في التبيين قوله: "تحت اللفافة" هذا بيان الترتيب في كفن الكفاية أما في كفن السنة فيكون الخمار تحت الإزار ثم تربط الخرقة فوقه ثم تعطف اللفافة قوله: "ثم تربط الخرقة فوقها" أي فوق اللفافة والظاهر أن هذا الترتيب مسنون لا واجب قوله: "وتجمر الأكفان" جمع نظيرا إلى تعداد الأثواب أو تعداد الموتى يقال جمر ثوبه وأجمره تجميرا وإجمارا بخره والمراد أنها تطيب بالجمر وهو ما يبخر به الثوب من عود ونحوه ويقال للشيء الذي يوقد فيه ذلك مجمرة وما قيل أن المراد بالتجمير جمع الأكفان قبل الغسل لأنه يقال تجمر القوم إذا تجمعوا وجمر شعره جمعه لا يخفي بعده كما في النهر قوله: "تجميرا وترا" أشار بتقدير تجميرا إلى أن وترا صفة لمصدر محذوف
الميت فأجمروا وترا" ولا يزاد على خمس ولا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ويكره تجمير القبر "وكفن الضرورة" للمرأة والرجل ويكتفي فيه بكل "ما يوجد" روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فكتم عليه غفر الله له أربعين كبيرة ومن كفنه كساه الله من السندس والإستبرق ومن حفر له قبرا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث" ورد يا علي غسل الموتى
ــ
قوله: "فأجمرا وأوترا" وفي رواية للحاكم إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا ولفظ البيهقي جمروا كفن الميت ثلاثا وجميع ما يجمر فيه الميت ثلاثة مواضع عند خروج روحه وعند غسله وعند تكفينه قوله: "ولا يزاد على خمس" ليس من الحديث وتبع فيه الزيلعي وزاد منلا مسكين قوله أو سبعا أفاده السيد قوله: "ولا تتبع الجنازة بصوت ولا نار" كذا في حديث أبي داود وزاد في رواية ولا يمشي بين يديها قال محمد وبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة قال في البدائع لأنه فعل أهل الكتاب فيكره التشبه بهم أي ولأن فيه تفاؤلا رديئا قالوا: والخنثى المشكل في التكفين كالمرأة إلا أنه يجنب الحرير والمعصفر والمزعفر احتياطا والأمة كالحرة والمراهق كالبالغ والمراهقة كالبالغة وكذا هو الأحسن لصغير وصغيرة وأدنى ما يكفي للصغير ثوب وللصغيرة ثوبان والسقط يلف ولا يكفن كالعضو من الميت والمحرم كالحلال وفي السيد عن البحر ولو كفنه الوارث ليرجع على الغائب ليس له رجوع إذا فعل بغير إذن القاضي كالعبد أو الزرع أو النخل بين شريكين أنفق أحدهما ليرجع على الغائب إذا فعل بغير إذن القاضي اهـ قوله: "يكتفي فيه بكل ما يوجد" لما روى أن حمزة رضي الله عنه كفن في ثوب واحد ومصعب بن عمير لم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة أي كساء فيه خطوط بيض وسود كما في المغرب فكانت إذا وضعت على رأسه بدت رجلاه وإذا وضعت على رجليه خرج رأسه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطي رأسه ويجعل على رجليه شيء من الأذخر وهذا دليل على أن ستر العورة وحدها لا يكفي خلافا للشافعي كذا في الشرح عن الزيلعي إلا زيادة تفسير النمرة فمن السيد قوله: "حتى يجنه" أي يستره من أجن بمعنى ستر وأفاد في القاموس أنه يأتي ثلاثيا ورباعيا والجنن محركة القبر وهذا الحديث رواه الحاكم في المستدرك وقال أنه على شرط مسلم وفيه التصريح بأن هذا الفعل يكفر الكبائر والظاهر أن محله أن كان بغير أجر وقوله فكتم عليه أي ستر عليه في الإزهار قال العلماء إذا رأى الغاسل من الميت ما يعجبه كاستنارة وجهه وطيب ريحه وسرعة انقلابه على المغتسل استحب أن يتحدث به وإن رأى ما يكره كنتنه وسواد وجهه وبدنه أو انقلاب صورته حرم أن يتحدث به كذا في شرح المشكاة قيل إلا أن يكون مبتدعا يظهر البدعة أو مجاهر بالغسق والظلم فيذكر ذلك زجرا لأمثاله كما في ابن أمير حاج وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ" رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي والأمر فيه للندب وصرفه عن الوجوب حديث ابن عباس المصرح فيه بعدم الوجوب قال محمد ونأخذ بأنه