الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القعود الأخير في محله "وكره سلام المقتدي بعد تشهد الإمام" لوجود فرض القعود "بعد سلامه" لتركه المتابعة وصحت صلاته حتى لا تبطل بطلوع الشمس في الفجر ووجدان الماء للتيمم وبطلت صلاة الإمام على المرجوح وعلى الصحيح صحت كما سنذكره.
ــ.
قوله: "وكره سلام المقتدي الخ" أي تحريما للنهي عن الاختلاف على الإمام1 إلا أن يكون القيام لضرورة صون صلاته عن الفساد كخوف حدث لو انتظر السلام وخروج وقت فجر وجمعة وعيد ومعذور وتمام مدة مسح ومرور مار بين يديه فلا يكره حينئذ أن يقوم بعد القعود قدر التشهد قبل السلام قوله: "لوجود فرض القعود" الأولى تأخيره بعد قوله وصحت صلاته قوله: "لتركه المتابعة" علة لقوله وكره وأفاد به أن الكراهة تحريمية قوله: "وبطلت صلاة الإمام" أي بوجود ما ذكر قوله: "على المرجوح" وهو القول بأن الخروج بالصنع فرض قوله: "وعلى الصحيح" أي من عدم افتراض الخروج بالصنع قوله: "كما سنذكره" أي في المسائل الأثنى عشرية إن شاء الله تعالى والله عز وجل أعلم وأستغفر الله العظيم.
1 قوله إلا أن يكون القيام إلخ مقتضى هذه العبارة أن لفظ المصنف وكره قيام المقتدي إلخ لإسلام المقتدي فليتأمل ويحرر اهـ مصححه.
فصل: في صفة الأذكار
الواردة بعد" صلاة "الفرض" وفضلها وغيره "القيام إلى" أداء "السنة" التي تلي الفرض "متصلا بالفرض مسنون" أي أنه يستحب الفصل بينهما كما كان عليه السلام إذا سلم يمكث قدر ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام
ــ.
فصل في صفة الأذكار
قوله: "وغيره" أي غير ما ذكر أو غير الفضل كبيان التحول ورفع الأيدي عند الدعاء ومسح الوجه بهما قوله: "متصلا بالفرض" المراد بالوصل أن لا يفصل بغير ما سيأتي فلا ينافي قوله غير أنه يستحب الخ ولم يتكلم على الفصل بين السنن كما إذا صلى سنة الظهر مثلا البعدية أربعا وفصل بينها بسلام والظاهر استحباب عدم الفصل بشيء أصلا وحرره نقلا قوله: "كما كان عليه السلام الخ" الكاف للتعليل أي لكونه صلى الله عليه وسلم كان يمكث الخ قوله: "اللهم أنت السلام" أي ذو السلامة من كل نقص فهو اسم مصدر أخبر به للمبالغة قوله: "ومنك السلام" أي والسلامة من كل شر حاصلة منك لا من غيرك قوله: "واليك يعود السلام" قال في شرح المشكاة عن الجزري وأما ما يزاد بعد قوله ومنك السلام من نحو وإليك يرجع
تباركت يا ذا الجلال والإكرام ثم يقوم إلى السنة قال الكمال وهذا هو الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي تؤخر عنه السنة ويفصل بينها وبين الفرض انتهى. قلت: ولعل المراد غير ما ثبت أيضا بعد المغرب وهو ثان رجله لا إله إلا الله إلى آخره عشرا وبعد الجمعة من قراءة الفاتحة والمعوذات سبعا سبعا اهـ "و" قال الكمال "عن شمس الأئمة الحلواني" أنه قال "لا بأس بقراءة الأوراد بين الفريضة والسنة" فالأولى تأخير الأوراد عن السنة فهذا ينفي الكراهة ويخالفه ما قاله في الاختيار كل صلاة بعدها سنة يكره القعود بعدها والدعاء بل
ــ.
السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام فلا أصل له بل مختلق بعض القصاص اهـ ويؤيد ذلك ما ذكره المؤلف بعد من رواية مسلم قوله: "تباركت" أي كثر خيرك قوله: "يا ذا الجلال" أي العظمة وهو جامع لجميع الفضائل قوله: "والإكرام" أي الإنعام وهو إسداء النعم وهو جامع لجميع الفواضل وفي رواية عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام الخ وهي تفيد كالذي ذكره المؤلف أنه ليس المراد أنه كان يقول ذلك بعينه بل كان يقعد زمانا يسع ذلك المقدار ونحوه من القول تقريبا فلا ينافي ما في الصحيحين عن المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" وهذا لا ينافي ما في مسلم عن عبد الله بن الزبير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من صلاته قال بصوته الأعلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ولا نعبد إلا إياه وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخصلين له الدين ولو كره الكافرون لأن المقدار المذكور من حيث التقريب دون التحديد قد يسع كل واحد من هذه الأذكار لعدم التفاوت الكثير بينها ويستفاد من الحديث الأخير جواز رفع الصوت بالذكر والتكبير عقب المكتوبات بل من السلف من قال باستحبابه وجزم به ابن حزم من المتأخرين قوله: "التي تؤخر عنه السنة" الأولى الاقتصار على الجملة الثانية قوله: "قلت ولعل المراد الخ" أقول لعل ذلك لم يقو قوة الحديث المتقدم فلذا لم ينص عليه أهل المذهب والخير في الاتباع قوله: "بعد المغرب" إنما خصها لأن السنة تعقبها وإلا فقد ورد في الفجر مثل ذلك قوله: "والمعوذات" فيه تغليب المعوذتين على الصمدية ومن ثمرات ذلك إلا من الفتن والبلاء إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام وتكفير جميع الذنوب كما ذكره الأجهوري في فضائل رمضان واعلم أن محل الكلام السابق فيما إذا صلى السنة في المسجد مثلا أما إذا أراد الانتقال إلى البيت لفعلها فلا يكره الفصل وإن زاد على القدر المسنون قوله: "ويخالفه الخ" تنتفي المخالفة بحمل الكراهة المذكورة في الاختيار على التنزيهية وهي معنى قول الحلواني لا بأس لأنها تستعمل فيما خلافه أولى منه أو يحمل ما في الاختيار على كراهة
يشتغل بالسنة كيلا يفصل بين السنة والمكتوبة وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقعد مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام الخ كما تقدم فلا يزيد عليه أو على قدره ثم قال الكمال ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم الفصل بالأذكار التي يواظب عليها في المساجد في عصرنا من قراءة آية الكرسي والتسبيحات وأخواتها ثلاثا وثلاثين وقوله صلى الله عليه وسلم لفقراء المهاجرين: "تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة" الخ لا يقتضي وصلها بالفرض بل كونها عقب السنة من غير اشتغال بما ليس من توابع الصلاة فصح كونها دبرها وقد أشرنا إلى أنه إذا تكلم بكلام كثير أو أكل أو شرب بين الفرض والسنة لا تبطل وهو الأصح بل نقص ثوابها والأفضل في السنن أداؤها فيما هو أبعد من الرياء وأجمع للخلوص سواء البيت أو غيره "ويستحب للإمام بعد سلامه أن يتحول" إلى يمين القبلة وهو الجانب المقابل "إلى" جهة "يساره" أي يسار المستقبل لأن يمين المقابل جهة يسار المستقبل فيتحول إليه "لتطوع بعد الفرض" لأن لليمين فضلا ولدفع الاشتباه بظنه في الفرض فيقتدي به وكذلك للقوم
ــ.
التحريم ويحمل على الأدعية الطويلة وحينئذ يكون ما قاله الحلواني محمولا على الفصل بنحو اللهم أنت السلام ولا بأس مستعملة في مطلق الجواز قوله: "والدعاء" هذا لا ينافي الإتيان باللهم أنت السلام الخ لأنه ليس دعاء بل ثناء إلا أن يراد بالدعاء ما يعم الذكر أو هو بالنظر إلى قوله فحينا الخ دعاء على ما فيه قوله: "وعن عائشة الخ" هو من جملة ما في الاختيار كما يفيده كلامه في كبيره وحينئذ فتحمل الكراهة على الإتيان بما هو أزيد من ذلك أو المراد بالدعاء حقيقته وهو أحد الاحتمالين السابقين قوله: "بما ليس من توابع الصلاة" كأكل وشرب قوله: "وقد أشرنا الخ" لا تفهم تلك الإشارة مما سبق لأن ما سبق في الفصل بالأوراد وهذا في الفصل بالكلام الكثير ولا يفهم حكم أحدهما من الآخر قوله: "إلى أنه إذا تكلم الخ" مثل ذلك ما إذا أخر السنة إلى آخر الوقت على الأصح وقيل لا تكون سنة وظاهر كلامه يعم القبلية والبعدية والأفضل الوصل فيهما قوله: "أداؤها فيما هو أبعد من الرياء" أي ما عدا التراويح فإن الأفضل فيها المسجد أفاده الشرح وما عدا تحية المسجد قوله: "وأجمع للخلوص" أي أكثر إخلاصا وهو أعم مما قبله قوله: "أو غيره" أو بمعنى الواو لأن التسوية لا تقع إلا بين متعدد وأو لأحد الشيئين أو الأشياء وفي نسخ بالواو قوله: "لأن لليمين فضلا" هذا علة لمحذوف أي وإنما اختير يمين القبلة عن يسارها وإن كان جائزا الآن الخ قوله: "ولدفع الاشتباه الخ" هذه العلة لأصل التحول لا لكونه لجهة اليمين فالأولى ذكرها عند قوله أن يتحول قوله: "وكذلك للقوم" أي وكذلك يستحب للقوم وهو عطف على قوله ويستحب للإمام ودليله ما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة" يعني في السبحة رواه أبو داود وابن ماجه وقال بعض
ولتكثير شهوده لما روي أن مكان المصلي يشهد له يوم القيامة "و" يستحب "أن يستقبل بعده" أي بعد التطوع وعقب الفرض إن لم يكن بعده نافلة يستقبل "الناس" إن شاء أن لم يكن في مقابلة مصل لما في الصحيحين كان النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أقبل علينا بوجهه" وإن شاء الإمام انحرف عن يساره وجعل القبلة عن يمينه وإن شاء انحرف عن يمينه وجعل القبلة عن يساره وهذا أولى لما في مسلم "كنا إذا صلينا خلف رسول الله أحببنا أن نكون عن يمينه حتى يقبل علينا بوجهه" وإن شاء ذهب لحوائجه قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} والأمر للإباحة وفي مجمع الروايات: إذا فرغ من صلاته إن شاء قرأ ورده جالسا وإن شاء قرأه قائما "ويستغفرون الله" العظيم "ثلاثا" لقول ثوبان "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله تعالى ثلاثا وقال "اللهم أنت
ــ.
مشايخنا لا حرج عليهم في ترك الانتقال لانعدام الاشتباه على الداخل عند معاينة فراغ مكان الإمام عنه قوله: "لما روي أن مكان المصلى الخ" روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال أتدرون ما أخبارها قالوا: الله ورسوله أعلم قال "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول عمل كذا في كذا" رواه الترمذي وقال حسن صحيح ونقل القرطبي في تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} عن علي وابن عباس رضي الله عنهما أنه يبكي على المؤمن مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء وتقدير الآية على هذا فما بكت عليهم مصاعد أعمالهم من السماء ولا مواضع عبادتهم من الأرض اهـ ومن هنا قال عطاء الخراساني ما من عبد يسجد لله تعالى سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت اهـ ابن أمير حاج ملخصا قوله: "ويستحب أن يستقبل بعدها إلخ" سواء كان الجماعة عشرة أو أقل خلافا لمن فصل وروي في ذلك حديثا موضوا وصنيعه كغير يفيد أن الإمام مخير بعد الفراغ من التطوع أو المكتوبة إذا لم يكن بعدها تطوع إن شاء انحرف عن يمينه وإن شاء عن يساره وإن شاء ذهب إلى حوائجه وإن شاء استقبل الناس بوجهه واعلم ان هذه الأربعة غير التحول للتطوع لأنه يفعلها بعده فتأمل قوله: "إن لم يكن في مقابلة مصل" فإن كان يكره لما في الصحيحين كره عثمان رضي الله عنه أن يستقبل الرجل وهو يصل وحكاه عياض عن عامة العلماء ولم يفصل بين ما إذا كان المصلي في الصف الأول أو الأخير وهو ظاهر المذهب وإن كان بينهما صفوف لأن جلوس الإمام مستقبلا له وإن كان بعيدا عنه بمنزلة جلوسه بين يديه قالابن أمير حاج والذي يظهر أنه إذا كان بين الإمام والمصلى بحذائه رجل جالس ظهره إلى وجه المصلي أنه لا يكره للإمام استقبال القوم لأنه في هذه الحالة لا يكره المرور قدام المصلي لحيلولة ذلك الرجل بينه وبين المصلي فكذا هنا يكون حائلا لاستقبال من وراءه قال ولعل محمدا رحمه الله تعالى إنما لم يذكر هذا القيد للعلم به قوله: "والأمر للإباحة" أصل هذا الكلام للحلبي وتمامه فيه وكونه
السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام" رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم: " من استغفر الله تعالى في دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان فر من الزحف" "ويقرؤون آية الكرسي" من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ومن قرأها حين يأخذ مضجعه آمنه الله على داره ودار جاره وأهل دويرات حوله "و" يقرؤون "المعوذات" لقول عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذات في دبر كل صلاة "ويسبحون الله ثلاثا وثلاثين ويحمدونه كذلك" ثلاثا وثلاثين "ويكبرونه كذلك" ثلاثا وثلاثين "ثم يقولون" تمام المائة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" لقوله صلى الله عليه وسلم: "من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله
ــ.
في الجمعة لا ينافي كونه في غيرها بل يثبته بطريق الدلالة قوله: "في دبر كل صلاة الخ" صنيع المصنف يقتضي أن المراد كل صلاة من المفروضات قوله: "وإن كان فر من الزحف" أي من صف القتال المطلوب شرعا كقتل الكفار وأطلق زحفا على زاحف والمراد به ما تقدم وفي الحديث ما يفيد أن هذا الاستغفار يكفر الكبائر لأن الفرار من الكبائر كما في الحديث وهي طريقة لبعض العلماء قوله: "لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت" معناه أنه إذا مات دخل الجنة والمراد أن روحه تستقر فيها أو المراد بالدخول التنعم يعني أنه بمجرد موته وصل إلى تنعمه بنعيم الجنة فإن القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار قوله: "آمنه الله على داره الخ" أي حفظ الله تعالى ما ذكر وورد أن من قرأها مع خواتيم سورة البقرة في مكان ثلاث ليال لم يقربه شيطان أبدا قوله: "ويقرؤون المعوذات" تقدم أن فيه تغليبا والمراد الصمدية والمعوذتان روى الطبراني في بعض طرق حديث آية الكرسي زيادة قل هو الله أحد وصنيعه يفيد أن هذه الكيفية المذكورة لم يرد بها حديث واحد وإنما جمعت من أحاديث متعددة قوله: "من سبح الله في دبر كل صلاة الخ" يشمل الفرض والنفل لكن حمله أكثر العلماء على الفرض فإنه ورد في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة فكأنهم حملوا المطلق على المقيد وهذا الترتيب وقع في أكثر الأحاديث وفي بعض الروايات تقديم التكبير على التحميد خاصة وفي رواية تقديم التحميد على التسبيح فدل ذلك على أنه لا ترتيب فيها ويمكن أن يقال الأولى البداءة بالتسبيح لأنه من باب التخلية ثم التحميد لأنه من باب التحلية ثم التكبير لأنه تعظيم وورد إحدى عشرة من كل وورد عشرا وورد ستا وورد مرة واحدة وورد سبعين وورد مائة فقد اختلفت الروايات في تعيين هذه الأعداد وكل ذلك لا يكون إلا عن حكمة وإن خفيت علينا فيجب علينا أن نمتثل ذلك قال الحافظ الزين العراقي وكل ذلك حسن وما زاد فهو أحب إلى الله تعالى وجمع البغوي بأنه يحتمل صدور ذلك في أوقات متعددة وأن يكون ذلك على سبيل التخيير أو يفترق بافتراق الأحوال كما
ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" رواه مسلم وفيما قدمناه إشارة إلى مثله وهو حديث المهاجرين "ثم يدعون لأنفسهم وللمسلمين" بالأدعية المأثورة الجامعة لقول أبي أمامة قيل يا رسول الله أي
ــ.
ذكره البدر العيني في شرح البخاري والمنلا علي في شرح المشكاة وفي الإتيان بالثلاث والثلاثين إتيان بما هو دون ذلك قال البدر العيني فسقط ما قيل ان هذه الأعداد الواردة عقب الصلوات من الأذكار إذا كان لها عدد مخصوص مع ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على عددها عمدا لا يحصل له ذلك الثواب الوارد في الإتيان بالعدد الناقص فلعل لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة تلك الأعداد وتعديها وليس هذا إلا تهافتا والصواب ما قلنا لأن هذه الأعداد ليست من الحدود التي نهي عن تعديها ومجاوزة أعدادها بل مما يتنافس فيه المتنافسون ويرغب فيه الراغبون والطاعة لا حصر فيها فإن قلت هل الشرط في تحصيل السنة والفضل الموعود به أن يقول الذكر المنصوص عليه بالعدد متتابعا أم لا وفي مجلس واحد أم لا قلت كل ذلك ليس بشرط لكن الأفضل أن يأتي به متتابعا في الوقت الذي عين فيه اهـ ملخصا وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه وورد أنه قال واعقدوه بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات وجاء بسند ضعيف عن علي مرفوعا نعم المذكر السبحة قالابن حجر والروايات بالتسبح بالنوى والحصا كثيرة عن الصحابة وبعض أمهات المؤمنين بل رآها صلى الله عليه وسلم وأقرا عليه وعقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة وقيل إن أمن من الغلط فهو أولى وإلا فهي أولى كذا في شرح المشكاة قوله: "وفيما قدمناه الخ" قدمه قريبا بلفظ وقوله صلى الله عليه وسلم لفقراء المهاجرين تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة الخ لا يقتضي اهـ قوله: "وهو حديث المهاجرين" بيان لما قدمه روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجون ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون فقال: "ألا أحدثكم بما إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين" اهـ قوله: "ثم يدعون لأنفسهم" يبدؤون بها لقوله صلى الله عليه وسلم: "أبدأ بنفسك" الحديث وهو وإن ورد في الانفاق فالمحققون يستعملونه في أمور الآخرة أيضا حتى قالوا: يجب على العالم أن يبدأ بعياله في التعليم يدل عليه قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} ذكره الأبياري في شرح الجامع الصغير قوله: "بالأدعية المأثورة الجامعة" وينبغي أن يلح بالدعاء مرة بعد أخرى وقتا بعد وقت وأن يكرره ثلاثا ويكره أن يرفع بصره إلى السماء لما فيه من ترك الأدب وتوهم الجهة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في شرح الحصن الحصين
الدعاء أسمع قال جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبات ولقوله صلى الله عليه وسلم: "والله إني لأحبك أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك""رافعي أيديهم" حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه بخشوع وسكون ثم يختمون بقوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} الآية لقول علي رضي الله عنه من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من
ــ.
وأن يخص صلاة أو وقتا بدعاء لأنه يقسي القلب وأن يعتدي في الدعاء لقوله عز وجل انه لا يحب المعتدين واختلف في تفسيره فقيل هو أن يدعو بمستحيل شرعا أو عقلا وقيل هو طلب ما لا يليق به كمراتب الأنبياء وقيل هو الصياح به وقيل تكلف السجع وقيل الإطناب فيه وقيل طلب أمر لا يعلم حقيقته وأفاد المصنف بقوله وللمسلمين جواز الدعاء لهم عموما لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41] وقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] ولا يلزم من سؤال المغفرة أن يغفر لهم فقد لا يستجاب له ويكون في الدعاء بالاستغفار إظهار الافتقار إلى الله تعالى وعلى تقدير الإجابة لا يلزم أن يغفر لهم جميع الذنوب فقد يغفر لهم البعض دون البعض كما ذكره ابن العماد وبهذا يسقط ما ذكره العراقي من حرمة الدعاء للمؤمنين بغفران جميع الذنوب قوله: "والله اني لأحبك الخ" ينبغي العمل بها لأنها وصية المحب للمحبوب ومن الأدب في الدعاء أن يدعو بخشوع وتذلل وخفض صوت أي بأن يكون بين المخافتة والجهر كما في الأذكار عن الأحياء ليكون أقرب إلى الإجابة قوله: "حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه" الذي في الحصن الحصين وشرحه أن يرفعهما حذاء منكبيه باسطا كفيه نحو السماء لأنها قبلة الدعاء اهـ قال بعض الأفاضل ولا منافاة بينهما لأن المراد أن لا يجعل بطونهما جهة الأرض والتفاوت في مقدار الرفع قليل كما يشير إليه ما في أبي داود عن ابن عباس قال المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو دونهما وأما ما روي أنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه فمحمول على بيان الجواز أو على حالة الاستسقاء ونحوها من شدة البلاء والمبالغة في الدعاء وفي النهر من فعل كيفيته المستحبة أن يكون بين الكفين فرجة وإن قلت وأن لا يضع إحدى يديه على الأرض فإن كان لا يقدر على رفع يديه لعذر أو برد فأشار بالمسبحة أجزأ اهـ لكن في شرح الحصن الحصين والظاهر أن من الأدب أيضا ضم اليدين وتوجيه أصابعهما نحو القبلة وفي شرح المشكاة ورد أنه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة جمع بين كفيه في الدعاء وأن أريد بالضم في كلام القرب التام لا ينافي وجود الفرجة القليلة وأما قوله جمع بين كفيه لا ينافيه أيضا لأن المعنى جمع بينهما في الرفع ولم يفرد أحدهما به قوله: "رب العزة" أي العظمة وقيل هي حية عظيمة دائرة بالعرش قريب ذنبها من رأسها فإذا اجتمعا قامت القيامة قوله: "من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى" المراد به تكثير الأجر.
مجلسه سبحان ربك الآية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال دبر كل صلاة سبحان ربك الآية فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر"" ثم يمسحون بها" أي بأيديهم "وجوههم في آخره" لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعوت الله فادع بباطن كفيك ولا تدع بظهورهما فإذا فرغت فامسح بهما وجهك" وكان صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحيطهما وفي رواية لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه والله تعالى الموفق.
ــ.
قوله: "ثم يمسحون بها وجوههم" الحكمة في ذلك عود البركة عليه وسرايتها إلى باطنه وتفاؤلا بدفع البلاء وحصول العطاء ولا يمسح بيد واحدة لأنه فعل المتكبرين ودل الحديث على أنه إذا لم يرفع يديه في الدعاء لم يمسح بهما وهو قيد حسن لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو كثيرا كما هو في الصلاة والطواف وغيرهما من الدعوات المأثورة دبر الصلوات وعند النوم وبعد الأكل وأمثال ذلك ولم يرفع يديه ولم يمسح بهما وجهه أفاده في شرح المشكاة وشرح الحصن الحصين وغيرهما.
فروع اختلف هل الإسرار في الذكر أفضل فقيل نعم لأحاديث كثيرة تدل عليه منها خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي ولأن الإسرار أبلغ في الإخلاص وأقرب إلى الإجابة وقيل الجهر أفضل لأحاديث كثيرة منها ما رواه ابن الزبير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال بصوته إلا على لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتقدم وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال بصوته إلا على لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتقدم وقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر من يقرأ القرآن في المسجد أن يسمع قراءته وكان ابن عمر يأمر من يقرأ عليه وعلى أصحابه وهم يستمعون ولأنه أكثر عملا وأبلغ في التدبر ونفعه متعد لإيقاظ قلوب الغافلين وجمع بين الأحاديث الواردة بأن ذلك يختلف بحسب الأشخاص والأحوال فمتى خاف الرياء أو تأذى به أحد كان الإسرار أفضل ومتى فقد ما ذكر كان الجهر أفضل قال في الفتاوى لا يمنع من الجهز بالذكر في المساجد احترازا عن الدخول تحت قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114] كذا في البزازية ونص الشعراني في ذكر الذاكر للمذكور والشاكر للمشكور ما لفظه وأجمع العلماء سلفا وخلفا على استحباب ذكر الله تعالى جماعة في المساجد وغيرها من غير نكير إلا أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصل أو قارىء قرآن كما هو مقرر في كتب الفقه وفي الحلبي الأفضل الجهر بالقراءة إن لم يكن عند قوم مشغولين ما لم يخالطه رياء اهـ وفي الدرة المنيفة عن القنية يكره للقوم أن يقرؤوا القرآن جملة لتضمنها ترك الاستماع والإنصات وقيل لا بأس به اهـ وفيها أيضا قراءة القرآن في الحمام إن لم يكن ثمة أحد مكشوف العورة وكان الموضع طاهرا تجوز جهرا وخفية وإن لم يكن كذلك فإن قرأ في نفسه فلا بأس به ويكره الجهر اهـ وفي الدر من الكراهة أيضا الترجيع بالقراءة والأذان بالصوت الطيب طيب ما لم يزد حرفا فيكره له ولمستمعه وقول
............................................................................................
القائل لمن زاد ذلك حين سكت أحسنت ان لسكوته فحسن وإن لتلك القراءة يخشى عليه الكفر اهـ وفيه أيضا التغني بالقرآن إذا لم يخرج بألحانه عن قدر ما هو صحيح في العربية مستحسن والتغني حرام إذا كان بذكر امرأة معينة حية أو وصف خمر يهيج إليها أو قصد هجو ولو لذمي وأجاز بعضهم الغناء في العرس كضرب الدف فيه ومنهم من أباحه مطلقا ومنهم من كرهه مطلقا ذكره العيني وتبعه الباقاني قلت لكن في البحر والمذهب حرمته مطلقا فانقطع الاختلاف بل ظاهر الهداية أنها كبيرة ولو لنفسه وهو قول شيخ الإسلام وكذا لسامعه وحاضره اهـ من سكب الأنهر ملخصا وذكر ابن الجزري في الحصن الحصين أن كل ذكر مشروع أي مأمور به في الشرع واجبا كان أو مستحبا لا يعتد بشيء منه حتى يتلفظ به ويسمع به نفسه اهـ والمعنى أنه إذا قرأ في قلبه حال القراءة أو سبح بقلبه في الركوع والسجود لا يكون آتيا بفرض القراءة وسنة التسبيح وإلا فقد أخرج أبو يعلى عن عائشة1 أفضل الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة سبعون ضعفا الخ وأما الرقص والتصفيق والصريخ وضرب الأوتار والصنج والبوق الذي يفعله بعض من يدعي التصوف فإنه حرام بالإجماع لأنهازي الكفار كما في سكب الأنهر وفي مجمع الأنهر عن التسهيل الوجد مراتب وبعضه يسلب الاختيار فلا وجه لمطلق الإنكار وفي التتارخانية ما يدل على جوازه للمغلوب الذي حركاته كحركات المرتعش اهـ والمصافحة سنة في سائر الأوقات لما أخرج أبو داود عن أبي ذر ما لقيت النبي صلى الله عليه وسلم إلا وصافحني الحديث وفيه اعتنقه مرة وفي القهستاني وغيره هي إلصاق الكف بالكف وإقبال الوجه بالوجه فأخذ الأصابع ليس بمصافحة خلافا للروافض والسنة أن تكون بكلتا يديه وبغير حائل من نحو ثوب وعند اللقاء بعد السلام وأن يأخذ الإبهام فإن فيه عرقا تتشعب منه المحبة وفي الهداية ويكره أن يقبل الرجل الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه في إزار واحد وقال أبو يوسف لا بأس بذلك كله اهـ وفي غاية البيان عن الواقعات تقبيل يد العالم أو السلطان العادل جائز وورد في أحاديث ذكرها البدر العيني ما يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل يده ورجله وكان صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن وفاطمة وقبل صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد موته وكذلك قبل الصديق رضي الله تعالى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه جعفرا بين عينيه ثم قال البدر العيني فعلم من مجموع ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد والرجل والكشح والرأس والجبهة والشفتين وبين العينين ولكن كل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام وأما إذا كان ذلك على وجه الشهوة فلا يجوز إلا في حق الزوجين اهـ أي والسيد وأمته وفي رفع العوائق عن البحر الزاخر لا بأس بتقبيل يد العالم والسلطان
ــ
1 يراجع هذا الحديث ويحرر.
................................................................................................................
ــ.
العادل وفي غيرهما إن أراد شيئا من عرض الدنيا فمكروه وإن أراد تعظيم المسلم وإكرامه فلا بأس به اهـ وكان عمر يأخذ المصحف كل غداة ويقبله وكان عثمان يقبله ويمسحه على وجهه وتقبيل الخبز قال أصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه انه بدعة مباحة وقالوا: يكره دوسه لا بوسه وقواعدنا لا تأباه وفي رسالة المصافحة للشرنبلالي عن شيخ مشايخه الحانوتي التحية بالركوع واسترخاء الرأس مكروهة لكل أحد مطلقا ومثله السلام باليد كما نصت عليه الحنفية اهـ قال الشرنبلالي بعد ومحل كراهة الإشارة باليد إذا اقتصر عليها وذكر حديثا يفيد أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة وفي مشكل الآثار القيام لغيره ليس بمكروه لعينه إنما المكروه محبة القيام من الذي يقام له فإن لم يحب وقاموا له لا يكره لهم يعني جميعا قال وقال القاضي البديع وقيام قارىء القرآن للقادم تعظيما لا يكره إذا كان ممن يستحق التعظيم وقيل له أن يقوم بين يدي العالم تعظيما له أما في غيره فلا يجوز وقال ابن وهبان في شرحه والقيام يستحب في زماننا لما يورث تركه من الحقد والبغضاء والوعيد إنما هو في حق من يحب القيام بين يديه كما يفعله الترك وفي المشكاة عن أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المسجد يحدثنا فإذا قام قمنا قياما حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه وعن واثلة دخل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في المسجد فتزحزح له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: يا رسول الله إن في المكان سعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن للمسلم لحقا" رواهما البيهقي في الشعب وأما المعانقة وهي كما في القهستاني جعل كل منهما يده على عنق الآخر فقالا بكراهتها وأباحه أبو يوسف وظاهر عبارة مواهب الرحمن اختياره حيث قال مقتصرا عليه ويبيح أي أبو يوسف للرجل معانقة مثله وتقبيله للمبرة بلا شهوة كالمصافحة وتقبيل يد العالم والسلطان العادل للتبرك اهـ قالوا: الخلاف فيما إذا لم يكن عليهما غير الإزار وأما إذا كان عليهما قميص أو جبة أو رداء مع الإزار فلا بأس به بالإجماع كما في رفع العوائق عن الشمني والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.
"باب ما يفسد الصلاة"
الفساد ضد الصلاح والفساد والبطلان في العبادة كالبيع مفترقان وحصر المفسد بالعد تقريبا لا تحديدا فقال: "وهو ثمانية وستون شيئا" منه
ــ.
باب ما يفسد الصلاة.
يقال فسد كنصر وعقد وكرم ولم يسمع انفسد قاموس ملخصا قوله: "مفترقان" فما كان مشروعا بأصله دون وصفه كالبيع بشرط لا يقتضيه العقد فهو فاسد وما ليس مشروعا بأصله ولا وصفه كبيع الميتة والدم فهو باطل.
"الكلمة" وإن لم تكن مفيدة كيا "ولو" نطق بها "سهوا" يظن كونه ليس في الصلاة "أو" نطق بها "خطأ" كما لو أراد أن يقول يا أيها الناس فقال: يا زيد ولو جهل كونه مفسدا ولو نائما في المختار لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" والعمل القليل عفو لعدم الاحتراز منه "و" يفسدها "الدعاء بما يشبه كلامنا" نحو اللهم ألبسني ثوب
ــ.
قوله: "منه الكلمة" ويشترط فيها تصحيح الحروف وسماعها حتى تكون مفسدة فإن فقد أحدهما فلا فساد لأنه لا يعتبر كلاما اهـ حلبي قوله: "وإن لم تكن مفيدة كيا" ذكر الإمام خواهر زاده انها تفسد بالنفخ المسموع بلا حروف وفي السراج والبناية إذا تكلم كلاما يتعارف في متفاهم الناس سواء حصل به حروف أو لا حتى لو قال ما يساق به الحمار مثلا فسدت صلاته اهـ ومن ثمة استشكل الشرنبلالي ما ذكره بعضهم من أنه لو ساق حمارا لم تفسد لأنه صوت لا هجاء له وإن كره بأنه عمل كثير يظن من رأى فاعله أنه ليس في الصلاة وتمثيله لغير المفيدة بيا فيه نظر فإنها بمعنى أدعو فهي نائبة عن جملة وأما المنادي فهو فضلة لأنه مفعول في المعنى وقد تأتي للتنبيه اللهم إلا أن يقال عده لها غير مفيدة نظر إلى عدم تعيين المنادى واعلم أنه لا فرق في المفسد إذا كان حرفين بين أن يكون من أحرف الزيادة أو لا وفصل أبو يوسف وتفصيل المقام يعلم من المطولات قوله: "ولو نطق بها سهوا" الفرق بين السهو والنسيان أن الصورة الحاصلة عند العقل إن كان يمكنه الملاحظة أي وقت شاء تسمى ذهولا وسهوا ولا أي لا يمكنه الملاحظة إلا بعد كسب جديد تسمى نسيانا نهر وبينه وبين الخطأ أن السهو ما يتنبه له صاحبه والخطأ ما لم يتنبه له بالتنبيه أو يتنبه بعد أتعاب حموي عن الأكمل وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه لا تفسد بالكلام ناسيا إلا إذا طال واحتج بحديث ذي اليدين ولنا قوله صلى الله عليه وسلم: "وليبن على صلاته ما لم يتكلم حيث غيا" جواز البناء بالتكلم فيقتضي إنتهاء الجواز بالتكلم وعموم قوله صلى الله عليه وسلم "إن هذه الصلاة لا تصلح" الخ دل على أن عدم الكلام من حقها كما جعل وجود الطهارة من حقها فكما لا تجوز مع عدم الطهارة لا تجوز مع وجود الكلام وهو واضح جدا ولو كان النسيان عذرا لاستوى قليله وكثيره وحديث ذي اليدين كان في ابتداء الإسلام قبل تحريم الكلام فإن قيل السلام كالكلام في أن كلا منهما قاطع للصلاة فلم فصلتم في السلام بين العمد والنسيان فالجواب أن السلام له شبه بالأذكار إذ هو من أسماء الله تعالى ومذكور في التشهد فهو من جنس الصلاة وإنما يلحق بالكلام إذا قصد به الخطاب فإذا أتى به ناسيا اعتبرناه بالأذكار وإن كان عمدا اعتبرناه بالكلام عملا بالشبهين اهـ قوله: "في المختار" واختار فخر الإسلام وغيره أنها لا تفسد كما في المضمرات والمنح قوله: "لا يصلح فيها شيء الخ" كذا في رواية الإمام أحمد ومسلم والنسائي وفي رواية أبي داود والطبراني لا يحل مكان لا يصلح قال في الشرح وما لا يحل ولا يصلح في الصلاة فمباشرته تفسدها اهـ قوله: "والعمل القليل عفو" هذا جواب عن
كذا أو أطعمني كذا أو اقض ديني أو ارزقني فلانة على الصحيح لأنه يمكن تحصيله من العباد بخلاف قوله اللهم عافني واعف عني وارزقني "و" يفسدها "السلام بنية التحية" وإن لم يقل عليكم "ولو" كان "ساهيا" لأنه خطاب "و" يفسدها "رد السلام بلسانه" ولو سهوا لأنه من كلام الناس "أو" رد السلام "بالمصافحة" لأنه كلام معنى "و" يفسدها "العمل الكثير" لا القليل والفاصل بينهما أن الكثير هو الذي لا يشك الناظر لفاعله أنه ليس في الصلاة وإن اشتبه فهو قليل
ــ.
سؤال حاصله انكم جعلتم الكلام قليله وكثيره مفسدا وفصلتم في العمل بين قليله فلا يفسد وكثيره فيفسد وحاصل الجواب أنه إنما عفي عن القليل من العمل لأن بدن الحي لا يخلو عن حركة طبعا فلا يمكن الاحتراز عن قليلها فعفي ما لم يكثر ويدخل في حد ما لا يمكن الاحتراز عنه وليس الكلام كذلك فإن يمكن الاحتراز عن قليله لأنه ليس من طبعه أن يتكلم فلم يعف وعن نحو الأكل ناسيا في الصوم دون الصلاة لأن حالة الصلاة مذكرة دون الصوم اهـ قوله: "أو أقض ديني" تقدم أن هذا مما ورد في السنة وذكر في البحر عن المرغيناني ضابطا فقال الحاصل: أنه إذا دعا في الصلاة بما جاء في القرآن أو في المأثور لا تفسد صلاته وإن لم يكن في القرآن أو المأثور فإن استحال طلبه من العباد لا يفسد وإلا أفسد اهـ ملخصا من الشرح فجعل التفصيل بين ما استحال وما لم يستحل فيما لم يرد في القرآن والسنة وإنما خص الدعاء مع دخوله في عموم الكلام لوقوع الخلاف فيه فإن الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول بعدم الفساد به فإن قيل الدعاء ليس بخطاب الآدمي فكيف يكون من كلام الناس قلنا لا يشترط في ذلك المخاطبة ألا ترى أن من قال قرأت الفاتحة مثلا تبطل صلاته وإن لم يكن بحضرته أحد يخاطبه كذا في التبيين قوله: "أو ارزقني" أشار به إلى الفرق بين طلب الرزق المقيد بنحو فلان فيفسد والمطلق كهذا فلا يفسد قوله: "بنية التحية ولو ساهيا" احترز به عن سلام التحليل فإنه لا يفسدها إذا كان ساهيا كما لو سلم على رأس الركعتين في الرباعية ساهيا إلا إذا سلم على ظن أنها ترويحة أو على ظن أنها الفجر فإنها تفسد كما إذا سلم في حال القيام في غير صلاة الجنازة قوله: "لأنه خطاب" لا يظهر فيما إذا لم يقل عليكم أو أن المراد شأنه أن يخالب به أو أنه لا يشترط في الكلام خطاب قوله: "بلسانه" قيد به لأنه لو رده بيده لا تفسد لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى قباء فجاء الأنصار فسلموا عليه قال عمر قلت لبلال كيف النبي صلى الله عليه وسلم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي قال يقول هكذا وبسط جعفر بن عوف كفه وجعل بطنه أسفل وظهره إلى فوق فإن قلت هذا يقتضي عدم الكراهة وقد صرحوا بكراهة الرد بالإشارة وهو في الصلاة أجاب العلامة ابن أمير حاج بأنها كراهة تنزيه وفعله صلى الله عليه وسلم إنما كان تعليما للجواز فلا يوصف بالكراهة قوله: "لأنه كلام معنى" أورد عليه بأن الرد باليد كلام معنى وهو لا يفسد فالأولى أن يعلل الفساد فيها بأنه عمل كثير بخلاف الرد باليد أفاده السيد قوله: "هو الذي لا يشك الناظر الخ"
على الأصح وقيل في تفسيره غير هذا كالحركات الثلاث المتواليات كثير ودونها قليل ويكره رفع اليدين عند إرادة الركوع والرفع عندنا لا يفسد على الصحيح "و" يفسدها "تحويل الصدر عن القبلة لتركه فرض التوجه إلا لسبق حدث أو لاصطفاف حراسة بإزاء العدو في صلاة الخوف "و" يفسدها "أكل شيء من خارج فمه ولو قل" كسمسمة لإمكان
ــ.
قال ابن أمير حاج والمراد من الناظر من لا علم له بكونه في الصلاة وإلا فمن المعلوم أنه لو شاهد شروع إنسان في الصلاة ثم رأى منه ما ينافيها كأن تناول مشطا وسرح رأسه أو لحيته مرات متواليات فإنه يفسد حتما مع إنتفاء التيقن بأنه ليس في الصلاة فتنبه اهـ.
فرع يقع لغزا فيقال فيه أي بغيره شخص شرب ففسدت صلاة غيره بشربه ولو لم يكن مقتديا ولا متيمما وجوابه صبي رضع ثدي امرأة ثلاثا ونزل لبنها فإنها تفسد صلاتها على الأصح أفاده الشرح قوله: "على الأصح" كذا في التبيين وهو قول العامة وهو المختار وهو الصواب كما في المضمرات قوله: "كالحركات الثلاث المتواليات كثير" حتى لو روح على نفسه بمروحة ثلاث مرات أو حك موضعا من جسده كذلك أو رمى ثلاثة أحجار أو نتف ثلاث شعرات فإن كانت على الولاء فسدت صلاته وإن فصل لا تفسد وإن كثر وفي الخلاصة وإن حك ثلاثا في ركن واحد تفسد صلاته إذا رفع يده في كل مرة وإلا فلا تفسد لأنه حك واحد اهـ وقيل ما يقام باليدين عادة كثير وإن فعله بيد واحدة وما يقام بيد واحدة قليل وإن فعله بيدين وقيل إن الكثير ما يكون مقصودا للفاعل والقليل بخلافه وقيل إنه مفوض إلى رأي المبتلي فإن استكثره فكثير وإن استقله فقليل وهذا أقرب الأقوال إلى رأي الإمام كما في التبيين قال المصنف وفروعهم في هذا الباب قد اختلفت ولم تتفرع كلها على قول واحد والظاهر أن أكثرها تفريعات من المشايخ لم تكن منقولة عن الإمام الأعظم قوله: "على الصحيح" وذكر في شرح الجامع الصغير رواية مكحول عن الإمام أنه يفسد قوله: "ويفسدها تحويل الصدر عن القبلة" الظاهر أن حكم الصدر في الاستقبال الحكم السابق فيعد مستقبلا باستقبال جزء منه ولا تفسد إلا بالتحويل إلى المغارب أو إلى المشارق قوله: "إلا لسبق حدث" فلا تفسد به ولا بالمشي وفي الحلبي إذا مشى في صلاته مشيا غير متدارك بأن مشى قدر صف ووقف قدر ركن ثم مشى قدر صف آخر هكذا إلى أن مشى قدر صفوف كثيرة لا تفسد صلاته إلا إذا خرج من المسجد إن كان يصلي فيه أو تجاوز الصفوف في الصحراء فإن مشى متلاحقا بأن مشى قدر صفين دفعة واحدة أو خرج من المسجد أو تجاوز الصفوف في الصحراء فسدت صلاته اهـ وذكر المحقق ابن أمير حاج ما حاصله أن المشي لا يخلو إما أن يكون بلا عذر أو يكون بعذر فإن كان بلا عذر فإن كان كثيرا متواليا يفسد صلاته سواء استدبر القبلة مع ذلك أو لا لأنه حينئذ عمل كثير ليس من أعمال الصلاة ولم تقع الرخصة فيه وإن كان كثيرا غير متوال بل تفرق في ركعات أو تخلله مهلات فإن استدبر معه
الاحتراز عنه "و" يفسدها "أكل ما بين أسنانه" إن كان كثيرا "وهو" أي الكثير "قدر الحمصة" ولو بعمل قليل لإمكان الاحتراز عنه بخلاف القليل بعمل قليل لأنه نبع لريقه وإن كان بعمل كثير أفسد بالعمل "و" يفسدها "شربه" لأنه ينافي الصلاة ولو رفع رأسه إلى السماء فوقع في حلقه برد أو مطر ووصل إلى جوفه بطلت صلاته "و" يفسدها "التنحنح بلا عذر" لما فيه من الحروف وإن كان لعذر كمنعه البلغم من القراءة لا يفسد "والتأفيف" كنفخ التراب والتضجر "والأنين" وهو اهـ بسكون الهاء مقصور بوزن دع "والتأوه" وهو أن يقول أوه وفيها
ــ.
القبلة فسدت لوجود المنافي قطعا من غير ضرورة وإن لم يستدبر معه القبلة لم تفسد ولكن يكره لما عرف أن اأفسد كثيره كره قليله عند عدم الضرورة وإن كان بعذر كأن كان لأجل الوضوء لحدث سبقه في الصلاة أو لانصرافه إلى وجه العدو أو رجوعه منه في صلاة الخوف لا يفسد ولا يكره مطلقا سواء كان كثيرا أو قليلا استدبر القبلة أو لم يستدبر اهـ قوله: "وهو قدر الحمصة" وقال الإمام خواهر زاده ما دون ملء الفم لا يفسده وما في المصنف أولى كما في النهر وفي الخلاصة لو أكل شيئا من الحلاوة وابتلع عينها فوجد حلاوتها في فيه وابتلعها لا تفسد صلاته ولو أدخل الفانيد أو السكر في فيه ولم يمضغه لكن يصلي والحلاوة تصل إلى جوفه تفسد صلاته ثم قال ولو مضغ علكا فسدت صلاته إذا كثر اهـ قوله: "وإن كان بعمل كثير" كأنه مضغه مرات قوله: "ويفسدها شربه" لا فرق بين العمد والنسيان كذا في الشرح قوله: "بطلت صلاته" لوصول شيء من خارج إلى جوفه كذا في البزازية قوله: "بلا عذر" العذر وصف يطرأ على المكلف يناسب التسهيل عليه قوله: "لما فيه من الحروف" أفاد بالتعليل تقيدا لفساد بالتنحنح بما إذا حصل به حروف كالجشاء إن حصل به حروف ولم يكن مدفوعا إليه وكذا السعال يفسد إذا حصل به حروف بلا ضرورة أما العطاس فلا يفسد وإن حصل به كلمة أفاده السيد قوله: "وإن كان لعذر الخ" منه التنحنح لإصلاح الصوت وتحسينه أو ليهتدي إمامه من خطئه أو للإعلام بأنه في الصلاة على الصحيح كما في الفتح قوله: "كمنعه البلغم" بالرفع فاعل المنع قال في الخلاصة:
وبعد جره الذي أضيف له.
…
كمل بنصب أو برفع عمله.
قوله: "والتأفيف" إذا كان مسموعا والتأفيف أن يقول أف أو تف لنفخ التراب أو التضجر وقيل أف اسم لوسخ الأظافر أو الأذن وتف اسم لوسخ البراجم قوله: "والأنين" يقال أن الرجل يئن بالكسر أنينا وأنانا بالضم صوت فهو آن كفاعل وهي آنة اهـ مصباح قوله: "بوزن دع" توجع العجم وفي المصباح اهـ من كذا بالمد وكسر الهاء يقال عند التوجع ونحوه في القهستاني قوله: "والتأوه" واسم الفاعل منه متأوه أما الأواه فهو الموقن أو كثير الدعاء أو الرخيم الرقيق أو الفقيه أو المؤمن بالحبشية قاموس
لغات كثيرة تمد لا تمد مع تشديد الواو المفتوحة وسكون الهاء وكسرها "وارتفاع بكائه" وهو أن يحصل به حروف مسموعة وقوله "من وجع" بجسه "أو مصيبة" بفقد حبيب أو مال قيد للأنين وما بعده لأنه كلام معنى "لا" تفسد بحصولها "من ذكر جنة أو نار" اتفاقا لدلالتها على الخشوع "و" يفسدها "تشميت" بالشين المعجمة أفصح من المهملة الدعاء بالخير خطاب "عاطس بيرحمك الله" عندهما خلافا لأبي يوسف "وجواب مستفهم عن ند"
ــ.
قوله: "وفيها لغات كثيرة" عد في البحر تبعا للحلبي فيها ثلاث عشرة لغة قوله: "وارتفاع بكائه" البكاء بالمد الصوت وبالقصر خروج الدمع وقد جمع الشاعر بين اللغتين فقال:
بكت عيني فحق لها بكاها.
…
وما يغني البكاء ولا العويل.
اهـ مصباح والمراد بكونه مرتفعا كونه مسموعا فلو لم يسمع نفسه بالحروف لا تفسد على قياس ما قدمناه قريبا وأشار إليه المؤلف بقوله مسموعة قوله: "وهو أن يحصل به حروف" كذا قيده في الفتح والسراج وشروح الكنز ومرادهم بالجمع ما فوق الواحد وفيه إشارة إلى أن مجرد الصوت غير مفسد خلافا لظاهر البحر ومحل الفساد به عند حصول الحروف إذا أمكنه الإمتناع عنه أما إذا لم يمكنه الامتناع عنه فلا تفسد به عند الكل كما في الظهيرية كالمريض إذا لم يمكنه منع نفسه عن الأنين والتأوه لأنه حينئذ كالعطاس والجشاء إذا حصل بهما حروف بحر قوله: "أو مصيبة" هي ما يصيب الإنسان من كل ما يؤذيه من موت أو مرض أو نحو ذلك فهو من عطف العام على الخاص إلا أن شرط ذلك العطف أن يكون بالواو خاصة أفاده السيد قوله: "لأنه كلام معنى" كأنه يقول انه مريض فاعذروه أو مصاب فعزوه والدلالة تعمل عمل الصريح إن لم يكن صريح يخالفها ولو أفصح به تفسد فكذا هنا اهـ من الشرح أو لأن فيه إظهار التأسف وهو من جنس كلام الناس كما حققه في الفتح قوله: "لدلالتها على الخشوع" أي الخوف من الله الواحد القهار فكأنه من الخوف يبس كالأرض الخاشعة قال تعالى: {تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [فصلت: 39] وفي الحديث من أطاع الله باكيا دخل الجنة ضاحكا ومن أذنب ضاحكا دخل النار باكيا أفاده في الشرح.
فروع لو أعجبته قراءة الإمام فبكى وقال نعم أو بلى لا تفسد ولو وسوسه الشيطان فحوقل أن لأمور الآخرة لا تفسد وان لأمور الدنيا فسدت ولو لدغته عقرب فقال: باسم الله لا تفسد على ما عليه الفتوى كذا في المضمرات والنهر قوله "أفصح من المهملة" لأنه أعلى في كلامهم وأكثر مجمع الأنهر قوله: "خطاب عاطس" بدل من قوله الدعاء بالخير وهو من إضافة المصدر إلى مفعوله أي خطاب المصلي العاطس وإنما قيد بالخطاب من المصلي لأنه لو قاله العاطس لنفسه لا تفسد لأنه بمنزلة قوله يرحمني الله وبه لا تفسد ظهيرية ولو قال
لله سبحانه أي قال هال مع الله إله آخر فأجابه المصلي "بلا إله إلا الله" يفسد عندهما خلافا لأبي يوسف وهو يقول أنه ثناء لا يتغير بعزيمته وهما يقولان أنه صار جوابا فيكون متكلما بالمنافي "وخبر سوء بالاسترجاع" إنا لله وإنا إليه راجعون "وسار بالحمد لله و" جواب خبر "عجب بلا إله إلا الله أو بسبحان الله و" يفسدها "كل شيء" من القرآن "قصد به الجواب كيا يحيى خذ الكتاب" لمن طلب كتابا ونحوه وقوله آتنا غداءنا لمستفهم عن الإتيان بشيء وتلك حدود الله فلا تقربوها نهيا لمن استأذن في الأخذ وهكذا وإن لم يرد به الجواب بل أراد إعلام أنه في الصلاة لا تفسد بالاتفاق "و" يفسدها "رؤية متيمم" أو مقتد به ولم يره إمامه "ماء" قدر على استعماله قبل قعوده قدر التشهد كما سنقيد به المسائل التي بعد
ــ.
الحمدلله فمن العاطس نفسه لا تفسد وكذا من غيره إن أراد الثواب إتفاقا كما تفسد إتفاقا إذا أراد به تعليم العاطس أن يقول ذلك ولو أراد به الجواب للعاطس لا تفسد لأنه دعاء لم يتعارف جوابا وقيل تفسد1 قوله: "وقال أبو يوسف لا تفسد" لأنه دعاء بالمغفرة والرحمة وجه قول الإمام حديث معاوية بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين شمت العاطس أن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس وهو غير صالح في الصلاة قوله: "ويفسدها كل شيء من القرآن قصد به الجواب" إنما قيد بالقرآن ليعلم الحكم في غيره بالأولى فلو ذكر الشهادتين عند ذكر المؤذن لهما أو سمع ذكر الله فقال: جل جلاله أو ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه أو قال عند ختم الإمام القراءة صدق الله العظيم أو صدق رسوله أو سمع الشيطان فلعنه أو ناداه رجل بأن يجهر بالتكبير ففعل فسدت فإن قيل روي أنه صلى الله عليه وسلم قال في جواب ابن مسعود حين استأذن عليه في الدخول وهو في الصلاة ادخلوها بسلام آمنين ولم تفسد الصلاة أجاب عنه السرخسي بأنه محمول على أنه انتهى بالقراءة إلى هذا الموضع ولم يرد به الخطاب كما في شروح الهداية قوله: "أو مقتد به ولم يره أمامه" قال في البحر المتوضى خلف المتيمم إذا رأى الماء فقهقه المؤتم فعليه الوضوء عندهما خلافا لمحمد وزفر بناء على أن الفريضة متى فسدت لا تقطع التحريمة عندهما خلافا لمحمد وزفر وحاصله أن هذه المسألة متفق فيها على بطلان الصلاة غير أن الإمام وأبا يوسف يبطلانها وصفا فقط ومحمد وزفر وصفا وأصلا ولذا حكما بعدم النقض بالقهقهة فيها لأنه لم يكن في الصلاة أصلا ولا شك أن هذا الحكم ليس من الأحكام الإثني عشرية فافهم قوله: "قدر على استعماله" الضمير في قدر للإمام في الصورتين قوله: "قبل قعوده قدر التشهد" إنما قيد به ليكون الفساد فيها متفقا عليه بخلاف ما إذا قعد قدر التشهد حيث لا تفسد عندهما وتفسد عنده لهما أن هذه المعاني وإن كانت مفسدة كالحدث والكلام إلا أن حدوثها إنما جاء بعد التمام إذا لم يبق عليه شيء من الفرائض
1 وقوله وقال أبو يوسف لا تفسد الذي في الشرح هنا خلافا لأبي يوسف اهـ.
هذه أيضا وكذا تبطل بزوال كل عذر أباح التيمم "و" كذلك "تمام مدة ماسح الخف" وتقدم بيانها "و" كذا "نزعه" أي الخف ولو بعمل يسير لوجوده قبل القعود قدر التشهد "وتعلم الأمي آية" ولم يكن مقتديا بقارئ نسبة إلى أمة العرب الخالية عن العلم والكتابة كأنه كما ولدته أمه وسواء تعلمها بالتلقي أو تذكرها "ووجدان العاري ساترا" يلزمه الصلاة فيه فخرج نجس الكل وما لم يبحه مالكه "وقدرة المومي على الركوع والسجود" لقوة باقيها فلا يبني
ــ.
والأركان بدليل ما في حديث ابن مسعود إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك حيث علق التمام بالقعدة فمن شرط شيئا آخر فقد زاد على النص وهي نسخ ولم يجز بالرأي واختلف في الوجه للإمام فذهب أبو سعيد البردعي إلى أنه إنما قال بالبطلان لأن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عنده لأنها لا تبطل إلا بترك فرض ولم يبق عليه سوى الخروج بصنعه فلولا أنه فرض لما فسدت بتركه وتبعه على ذلك العامة كما في العناية وذهب أبو الحسن الكرخي إلى أن البطلان عنده باعتبار ان هذه المعاني مغيرة للفرض كنية الإقامة فاستوى في حدوثها أول الصلاة وآخرها ولا خلاف بينهم في أن الخروج بصنعه ليس بفرض وإنما استنبطه البردعي من هذه المسائل وهو غلط منه لأنه لو كان فرضا كما زعمه لاختص بما هو قربة وهو السلام قال في المجتبى والمحققون من أصحابنا على قول الكرخي وفي المعراج معزيا للحلواني والصحيح ما قاله الكرخي قال صاحب التأسيس ما قالهأبو الحسن أحسن اهـ قوله "وكذا تبطل بزوال كل عذر أباح التيمم" كمرض وخوف من عدة إذا زال قبل القعود قدر التشهد قوله: "وتقدم بيانها" وهي للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها قوله: "لوجوده قبل القعود قدر التشهد" ولو كان بعد ما قعد قدر التشهد فعلى ما سبق من الخلاف في فسادها أيضا عند الإمام خلافا لهما وهذا إذا كان واجدا للماء كما في الزيلعي وإن لم يكن واجدا له لا تبطل لأن الرجلين لا حظ لهما من التيمم وقيل تبطل لأن الحدث السابق يسري إلى القدم فيتيمم له كما إذا بقي لمعة من عضوه ولم يجد ماء وبهذا القيل جزم في النهر قاله السيد قوله: "ولم يكن مقتديا بقارىء" اختلف فيما لو كان الأمي خلف قارىء أي وقد تعلم آية والعامة على البطلان لكن صحح في الظهيرية عدمه قالالفقيه أبو الليث وبه نأخذ قوله: "كأنه كما ولدته أمه" هذا لا يناسب سابقه وإنما يناسب لو كان منسوبا إلى أمه فيقال في بيان وجه النسبة كأنه الخ فتدبر قوله: "وسواء تعلمها بالتلقي أو تذكرها" قد علمت أن هذا مفروض فيما إذا حصل أحد هذه الأشياء قبل القعود قدر التشهد أما لو كان بعده فإن التعلم بالتلقي لا يفسدها اتفاقا لأنه عمل كثير قوله: "يلزمه الصلاة فيه" بأن كان مالكا له أو أبيح له وهو طاهر أو نجس وعنده ما يطهره به أو لا إلا أن ربعه طاهر قوله: "وقدرة المومي على الركوع والسجود لقوة باقيها" هذا يفيد أن القدرة حصلت بعد ركوع وسجود بالإيماء فأما إذا حصلت قبل فعلهما أصلا فلا بناء لضعيف على قوي في ذلك فلا تفسد
على ضعيف "وتذكر فائتة لذي ترتيب" والفساد موقوف فإن صلى خمسا متذكرا الفائتة وقضاها قبل خروج وقت الخامسة بطل وصف ما صلاه قبلها وصار نفلا وإن لم يقضها حتى خرج وقت الخامسة صحت وارتفع فسادها "واستخلاف من لا يصلح إماما" كأمي ومعذور "وطلوع الشمس في الفجر" لطرو الناقض على الكامل "وزوالها" أي الشمس "في" صلاة "العيدين ودخول وقت العصر في الجمعة" لفوات شرط صحتها وهو الوقت "وسقوط الجبيرة عن برء" لظهور الحدث السابق "وزوال عذر المعذور" يناقض ويعلم زواله
ــ.
ويحرر قوله: "وتذكر فائتة لذي ترتيب" عليه أو على إمامه ولو وترا في الوقت سعة قوله: "متذكرا الفائتة" إنما قيد به لأنه لو كان ناسيا يسقط الترتيب به فيعتبر حينئذ تذكر فيه لا ما نسي فيه قوله: "صحت وارتفع فسادها" لصيرورة الفوائت ستا بضميمة المتروكة أولا قوله: "واستخلاف من لا يصلح إماما" أما لو كان ذلك بعد القعود قدر التشهد فاختار أبو جعفر وفخر الإسلام أنها تامة إجماعا وصححه صاحب الكافي وغيره قال في الفتح وهو المختار لأن الاستخلاف عمل كثير في نفسه وإنما لا يؤثر ضرورة ولا ضرورة هنا لعدم الاحتياج إلى إمام لا يصلح نهر قوله: "وطلوع الشمس في الفجر" ليس المراد أن ينظر إلى القرص بل إذا رأى الشعاع الذي لو لم يكن ثمة جبل يمنعه لرأى القرص كما في التبيين وكذا إذا دخل وقت من الثلاثة على مصل للقضاء قوله: "لطر والناقص وهو وقت طلوعها لأنه وقت عبادة عابديها قوله: "على الكامل" وهو ما قبل الطلوع لعدم حصول ذلك النقص فيه قوله: "وزوالها أي الشمس في صلاة العيدين" لفوات شرطها وهو وقت الضحى كذا في الشرح والذي في الشرح العيد بالإفراد وفيما رأيته من نسخ الصغير أن العيد بالمداد الأحمر والياء والنون علامة التثنية بالمداد الأسود قوله: "ودخول وقت العصر في الجمعة" قد علمت أن موضوع المسائل فيما قبل التشهد فإذا دخل أول المثل الثاني على قولهما أو انقضى المثل على قوله فسدت على قولهما في الأول وفي الثاني على قوله لا الأول وأما إذا كان بعد القعود قدر التشهد ففيه الخلاف بين المشايخ وبحث فيه بأنه كيف يتحقق الخلاف بينهم مع اختلافهم في دخول وقت العصر وأجيب بأنه يمكن أن يطيل الجلوس بعدما قعد قدر التشهد إلى أن يصير الظل مثليه وتمامه في شرح السيد وإنما قيد بالجمعة لأن الظهر لا يبطل بدخول وقت العصر وما في مجمع الأنهر عن السراجية قيل تخصيص الجمعة إتفاقي لأن الحكم في الظهر كذلك اهـ غريب قوله: "عن بره" قيد به لأنها لو سقطت لا عن برء لا تفسد قوله: "بناقض" متعلق بقوله المعذور وصورته توضأت مستحاضة مع السيلان وشرعت في الظهر فقبل القعود قدر التشهد انقطع الدم ودام الانقطاع إلى غروب الشمس وكذا لو توضأت على الانقطاع فوجد قبل الشروع في الصلاة أو بعده وأما لو توضأت وصلت على الإنقطاع فلا تلزمها الإعادة مطلقا تبين زوال عذرها أم لا اهـ من السيد ملخصا
بخلو وقت كامل عته "والحدث عمدا" أي لا يسبقه لأنه به يبني "أو يصنع غيره" كوقوع ثمرة أدمته "والإغماء والجنون والجنابة" الحاصلة "بنظر أو احتلام" نائم متمكن "ومحاذاة المشتهاة" بساقها وكعبها في الأصح ولو محرما له أو زوجة اشتهت ولو ماضيا كعجوز شوهاء في أداء ركن عند محمد أو قدره عند أبي يوسف "في صلاة" ولو بالإيماء "مطلقة" فلا تبطل صلاة الجنازة إذ لا سجود لها "مشتركة تحريمة" باقتدائهما بإمام أو اقتدائها به
ــ.
قوله: "لا بسبقه" أي لا تفسد بسبقه أي الحدث لأنه أي المسبوق به يبنى بالشروط المعلومة في البناء قوله: "أو بصنع غيره" أي أو الحدث بصنع غيره وإنما كان مفسدا لأنه لا يجوز فيه البناء إذ شرط الحدث المجوز للبناء أن يكون سماويا قوله: "والإغماء والجنون" وإن قلا قوله: "نائم متمكن" جواب عما يقال لا حاجة لإضافة البطلان إلى الاحتلام لسبق بطلانها بالنوم وحاصل الجواب أن هذا محمول على ما إذا نام في صلاته على وجه لا يبطلها فاحتلم قوله: "ومحاذاة المشتهاة" أي محاذاة الرجل المشتهاة وإنما قيد بالرجل إشارة إلى اشتراط كونه مكلفا وإلا فلا فساد كما في سكب الأنهر وقيد بالمشتهاة احترازا عن محاذاة الأمرد فإنها لا تفسد وشذ من أفسد بها ولا متمسك له في الرواية كما صرحوا به ولا في الدراية لتصريحهم بأن الفساد في المرأة غير معلول بعروض الشهوة بل يترك فرض المقام كما في الفتح وأطلق فيها فعمت الحرة والأمة والأجنبية والزوجة والعجوز الشوهاء والمشتهاة هي من تصلح للجماع ولا اعتبار بالسن كما صححه الشرح وغيره وعبارة الدر مشتهاة حالا كبنت تسع مطلقا وثمان وسبع لو ضخمة أو ماضيا كعجوز اهـ قوله: "بساقها ركعها في الأصح" كذا في التبيين قال في النهر ولا دليل عليه والتفسير الصحيح لها ما في المجتبى وهو أن تقوم المرأة بجنب الرجل أو قدامه من غير حائل وفي الدر المعتبر المحاذاة بعضو واحد وخصه الزيلعي بالساق والكعب وفي الخانية لوصلت المرأة على الصفة والرجل أسفل منها بجنبها أو خلفها إن كان يحاذي عضو من الرجل عضوا منها فسدت صلاته لوجود المحاذاة ببعض بدنها اهـ وليس هنا محاذاة بالساق والكعب قوله: "في أداء ركن عند محمد" اختاره في الفتح وجزم به الحلبي كالمؤلف وفي الخانية أن قليل المحاذاة وكثيرها مفسد ونسب إلى أبي يوسف قوله: "في صلاة" أطلق فيها فشمل ما لو نوت الظهر خلف من يصلي العصر فأنه يصح نفلا على المذهب والجار والمجرور في محل نصب على الحال أي حال كونهما في صلاة فخرج محاذاة المجنونة فإنها غير مفسدة لعدم إنعقاد صلاتها قوله: "إذ لا سجود لها" فهي ليست بصلاة حقيقة وإنما هي دعاء للميت وإنما لا يصح اقتداء الرجل بالمرأة فيها لشبهها بالصلاة المطلقة في اشتمالها على التحريم والتحليل اهـ سيد عن العناية وإنما خص السجود لأنه أعظم أركان الصلاة وإلا فلا ركوع لها ولا قعود فيها قوله: "مشتركة" احترز به عن محاذاة المصلية لمصل ليس هو في صلاتها حيث تكره ولا تفسد كما في الدر قال في
"في مكان متحد" ولو حكما بقيامها على ما دون قامة "بلا حائل" قدر ذراع أو فرجة تسع رجلا ولم يشر إليها لتتأخر عنه فإن لم تتأخر بإشارته فسدت صلاتها لا صلاته ولا يكلف
ــ.
العناية والاشتراك إنما يتحقق باتحاد الصلاتين حقيقة كإقتداء مفترض بمثله ومتطوع بمثله أو ضمنا كإقتداء متنفل بمفترض اهـ قوله: "تحريمة" أي من حيث التحريمة ومعناه ما ذكره المؤلف وبعضهم زاد قيد الأداء ومعناه أن يكون لهما إمام فيما يؤديانه تحقيقا كالمدركين أو تقديرا كاللاحقين وهما شرطان في الشركة أما التحريمة فباتفاق وأما الأداء فعلى الأصح كما في الإيضاح عن شرح التلخيص حتى لو سبقهما الحدث فحاذته وهما ذاهبان للوضوء أو عند المجيء قبل الاشتغال بعمل الصلاة فلا فساد لعدم الإشتراك أداء حال المحاذاة لأن هذه الحالة ليست حالة أداء وكذا لو كانا مسبوقين فحاذته بعد سلام الإمام فيما يقضيانه فلا فساد لأن المسبوق منفرد فيما يقضي وإن وجد الإشتراك تحريمة في الصورتين وليس من شرط الاشتراك في التحريمة أن تدرك أول صلاة الإمام على الصحيح بل لو سبقها بركعة أو أكثر فحاذته فيما أدركت فسدت صلاته كما في البحر عن السراج فإن قيل ذكر الإشتراك في الأداء يغني عن ذكر الاشتراك في التحريمة ولذا اكتفى به في تلخيص الجامع أجيب بأنهم أفردوا كلا منهما بالذكر تفصيلا لمحل الخلاف عن محل الوفاق كذا في الإيضاح قوله: "في مكان متحد" فلو اختلف المكان بأن كانت المرأة على مكان عال بحيث لا يحاذي شيء منه شيئا منها لا تفسد قوله: "ولو حكما بقيامها الخ" هذا منه جرى على الصحيح انه لا يشترط في المحاذاة أن تكون بالساق والقدم وهو مخالف لما اختاره أولا فتأمل قوله: "قدر ذراع" أي في غلظ أصبع وإنما قدر به لأنه أدنى أحوال القعود وهو قريب من هذا القدر فقدر به وانظر هل يكفي وضعها في الفراغ الذي يكون بين القدمين ومحل السجود أي موضع منه أو لا بد من كونها بين قدميها وقدميه وعليه إنما يكون إذا تحاذت الأقدام فأما لو تقدم عليها هل يعتبر كونها بحذاء قدميه أو قدميها وهذه حادثة الفتوى فليراجع ولعلهم أخذوا هذا التقدير من السترة فإن هذا القدر اعتبره الشارع حاجزا بين المصلي والمار حتى منع الإثم قوله: "أو فرجة" عطف على حائل وهذا التقدير للزيلعي وتبعه من بعده قوله: "ولم يشر إليها لتتأخر" وهو مأمور بتأخيرها لما روي عن ابن مسعود موقوفا أخروهن من حيث أخرهن الله وهو وإن كان خبر آحاد إلا أنه يفيد الإفتراض لأنه وقع بيانا لمجمل الكتاب وهو قوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] قال في الفتح وقد يستدل بحديث إمامته صلى الله عليه وسلم لأنس واليتيم حيث قامت العجوز من وراء أنس واليتيم فقد قامت منفردة خلف الصف وهو مفسد عند الإمام أحمد ومكروه عندنا فلولا أن المحاذاة مفسدة ما أخرها لإرتكاب المكروه اهـ فلو لم يشر إليها لتتأخر بعد ما دخلت في الصلاة فقد ترك فرض المقام فتفسد صلاته دون صلاتها إلا إذا كان المحاذي الإمام وأطلق في الإشارة فشمل ما إذا كانت من المؤتم وهو المتبادر
بالتقدم عنها لكراهته "و" تاسع شروط المحاذاة المفسدة أن يكون الإمام قد "نوى إمامتها" فإن لم ينوها لا تكون في الصلاة فانتفت المحاذاة "و" يفسدها "ظهور عورة من سبقه الحدث" في ظاهر الرواية "ولو اضطر إليه" للطهارة "ككشف المرأة ذراعها للوضوء" أو عورته بعد سبق الحدث على الصحيح "وقراءته" لا تسبيحه في الأصح أي قراءة من سبقه الحدث حالة كونه "ذاهبا أو عائدا للوضوء" وإتمام الصلاة لف ونشر لإتيانه بركن مع الحدث أو المشي ذاهبا وعائدا "ومكثه قدر أداء ركن بعد سبق الحدث مستيقظا" بلا عذر فلو مكث لزحام أو لينقطع رعافه أو نوم رعف فيه متمكنا فإنه يبني ويرفع رأسه من ركوع أو سجود سبقه فيه الحدث بنية التطهير لا بنية إتمام الركن حذرا عن الإفساد به
ــ.
منه قوله: "لا يكلف الخ" هذا في حق المأموم لأن التقدم من الإمام عليها مطلوب قوله: "وتاسع شروط المحاذاة الخ" وأولها المشتهاة ثانيها أن يكون بالساق والكعب على ما ذكره ثالثها أن تكون في أداء ركن أو قدره رابعها أن تكون في صلاة مطلقة خامسها أن تكون في صلاة مشتركة تحريمة سادسها إتحاد المكان سابعها عدم الحائل ثامنها عدم الإشارة إليها بالتأخر قوله: "أن يكون الإمام قد نوى إمامتها" هذا القيد مستغنى عنه لعلمه من قيد الاشتراك إذ لا اشتراك إلا بنية الإمام إمامتها لأنه إذا لم ينو إمامتها لا يصح إقتداؤها بحر ولا فرق في ذلك بين صلاة وصلاة وهو قول الجمهور كما في الكافي والتبيين وإنما لا يصح إقتداؤهن بدون نية إمامتهن إذا وجدت المحاذاة أما إذا لم تحاذ أحدا ففي رواية صح إقتداؤها بلا نية الإمام لها لأنه لا فساد في الحال واحتماله في المآل بأن تمشي خطوة أو خطوتين فتحاذي الرجل أمر موهوم والظاهر أن لا تفعله لكراهتاه فإن فعلت وحاذت بطل إقتداؤها لفوات شرطه وهو نية الإمام ولم تبطل صلاة من حاذته لعدم صحة إقتدائها وفي رواية لا يصح اقتداؤها لأنه لما احتمل الفساد من جهتها توقف ذلك على اختيارها بلا اعتبار الأحوال كذا في الكافي والتبيين وغاية البيان والحاصل أن محاذاتها لا توجب فساد صلاة أحد بدون نية الإمام إمامتها في جميع الصلوات قوله: "من سبقه الحدث" سواء كان رجلا أو امرأة قوله: "ولو اضطر إليه" وفي الخانية إذا اضطر إلى الكشف يبني وإلا لا وبه جزم في التنوير وشرحه قوله: "لا تسبيح" مثله التهليل والاستغفار فإنها لا تفسد بها لأنه ليس من أجزائها كما في البحر فالمراد بالتسبيح الذكر غير القرآن قوله: "لف ونشر" أي مرتب فقوله للوضوء مرتبط بقوله ذاهبا وقوله وإتمام الصلاة مرتبط بقوله أو عائدا قوله: "ذاهبا وعائدا" لف ونشر مرتب كذا أفاده في الشرح وفيه أنه في الذهاب اجتمع الحدث والمشي وهذا إنما يظهر إذا سبقه الحدث حال القيام أما إذا كان بعد الركوع أو السجود فلا إلا إذا قلنا أنه يشبه أداء الركن وعبارتهم مطلقة قوله: "بنية التطهير إلخ" وتفسد إذا لم ينو شيئا على إحدى الروايتين كما في الدر ولو رفع قائلا سمع الله لمن حمده لا يبنى لأن الرفع محتاج إليه للإنصراف
ويضع يده على أنفه تسترا "ومجاوزته ماء قريبا" بأكثر من صفين "لغيره" عامدا مع وجود آلة وله خرز دلو وفتح باب وتكرار غسل وسنن طهارة على الأصح وتطهير ثوبه من حدثه وإلقاء النجس عنه "و" يفسدها "خروجه من المسجد يظن الحدث" لوجود المنافي بغير عذر إلا إذا لم يخرج من المسجد أو الدار أو البيت أو الجبانة أو مصلى العيد استحسانا لقصد الإصلاح "و" يفسدها "مجاوزته الصفوف" أو سترته "في غيره" أي غير المسجد وهو فيحكمه كما ذكرناه وهو الصحراء وإن لم يكن أمامه صف أو صلى منفردا وليس بين يديه سترة اغتفر له قدر موضع سجوده من كل جانب في الصحيح فإن تجاوز ذلك "بظنه"
ــ.
فمجرده لا يمنع فلما اقترن به التسميع ظهر قصد الأداء كما في الفتح وغيره وفي الشرح ويرفع رأسه ناويا البناء ويتأخر محدودبا للستر ثم ينصرف للطهارة اهـ وفي السيد وإذا توضأ أعاد الركوع أو السجود الذي وجد سبق الحدث فيه حتى لو لم يعده تفسد أما عند محمد فلأن إتمام الركن بالإنتقال ولم يوجد وأما عند أبي يوسف فلأن القومة والجلسة فرض عنده اهـ قوله: "بأكثر من صفين" أما إذا كان قدرهما فلا تفسد أفاده في البحر قوله: "عامدا" المراد أنه لا عذر له فلو كان له عذر كأن كان المكان ضيقا أو لا يتأتى له الوصول إليه أو جاوزه ناسيا أو لاحتياجه إلى الاستقاء من البئر فلا تفسد والتيمم مثل الوضوء في موضع لا ماء فيه قوله: "مع وجود آلة" فلو ذهب للأبعد لوجود الآلة فيه وفقدها في القريب فلا فساد قوله: "وله خرز دلو" الذي في البحر أنه لا يبنى مع خرز الدلو المنخرق وليس له طلب الماء بالإشارة ولا شراؤه بالمعاطاة قوله: "وتكرار غسل" ثلاثا كذا في الشرح قوله: "وسنن طهارة" كاستيعاب الرأس بالمسح والمضمضة والاستنشاق ثلاثا على الأصح كذا في الشرح والأول أن يقول وفعل سنن قوله: "وتطهير ثوبه من حدثه" قيد به لأنها إن لم تكن من حدثه لا يبنى عندهما خلافا لأبي يوسف والفرق أن هذا غسل لثوبه أو بدنه ابتداء وفي الأولى تبعا للوضوء ولو أصابته نجاسة من خارج ومن سبق الحدث لا يبنى وإن كانتا في موضع واحد كذا في التبيين قوله: "وإلقاء النجس عنه" في البحر عن الظهيرية لو ألقى الثوب المتنجس من غير حدثه وعليه غيره أجزأه اهـ قوله: "لوجود المنافي بغير عذر" وهو المشي قوله: "لقصد الإصلاح" علة لقوله لا إذا لم يخرج أي لا تفسد إذا لم يخرج الخ قوله: "كما ذكرناه" وهو الدار والبيت والجبانة ومصلى العيد فإن هذه لا يعتبر فيها الصفوف كالمسجد قوله: "وهو الصحراء" الضمير راجع إلى الغير قوله: "وإن لم يكن أمامه صف" بفتح همزة أمام واعلم أنه إذا صلى في الصحراء فظن أنه أحدث فذهب عن مكانه فعلم أنه لم يحدث فإذا كان يصلي بجماعة فمكان الصفوف له حكم المسجد حتى لو انتهى إلى أخر الصفوف ولم يجاوز الصفوف يبني وإن جاوزها لا وإن تقدم قدامه فالحد السترة فإن جاوزها بطلت صلاته وإن لم يكن بين يديه سترة فمقدار الصفوف خلفه حتى لو تقدم قدر ما لو تأخر لجاوز الصفوف.
الحدث ولم يكن أحدث كما إذا نزل من أنفه ماء فظنه دما فسدت صلاته كما إذا لم يعد لإمامه وقد بقي فيها وإذا فرغ منها فله الخيار إن شاء أتمها في مكانه أو عاد واختلفوا في الأفضل "و" يفسدها "انصرافه" عن مقامه "ظنا أنه غير متوضئ أو" ظانا "أن مدة مسحه انقضت أو" ظانا "أن عليه فائتة أو" أن عليه "نجاسة وإن لم يخرج" في هذه المسائل "من المسجد" ونحوه لانصرافه على سبيل الترك لا الإصلاح وهو الفرق بينه وبين ظن الحدث وعلمت بما ذكرناه شروط البناء لسبق الحدث السماوي فأغنى عن انفراده بباب "والأفضل الاستئناف" خروجا من الخلاف وعملا بالإجماع "و" يفسدها "فتحه" أي المصلي
ــ.
تفسد صلاته وإن كان أقل منه لا وإن كان منفردا يعتبره موضع سجوده من كل جانب اهـ نقله السيد عن المنلا مسكين قوله: "كما إذا لم يعد لإمامه" اعلم أنه إذا كان منفردا فالعود أفضل لتقع الصلاة في مكان واحد وقيل الأفضل أن لا يعود لما فيه من تقليل المشي وكذا إن كان مقتديا فرغ إمامه فإن لم يفرغ وكان بينهما ما يمنع الإقتداء تحتم عليه العود والإمام كالمقتدي في تحتم العودان كان ثمة ما يمنع الاقتداء لتحول الإمامة عنه أفاده السيد فالفساد في عبارة المؤلف مقيد بما إذا كان بين المقتدي والإمام ما يمنع الإقتداء قوله: "عن مقامه" بفتح الميم قوله: "ونحوه" كالأربعة السابقة في كلامه قوله: "لانصرافه" علة لقوله ويفسدها قوله: "لا الإصلاح" بخلاف الإنصراف لظن الحدث فإنه لا يفسد لأنه قصد الإصلاح قوله: "لسبق الحدث السماوي" المراد بسبقه أنه لا يقصده فلا يصح البناء بعد الحدث العمد والسماوي ما لا اختيار للعبد في سببه قاله في البحر وهو المراد بالسبق وعليه فيكون قوله سماوي صفة موضحة لا مخصصة وفي الجوهرة فإن سبقه الحدث أو غلب عليه الخ وقال فيها السبق بغير علمه وقصده والغلبة بعلمه لكن لم يقدر على ضبطه اهـ ولو عض زنبور مثلا أو أصابته شجة فسال منها دم لا يبني لأنه بصنع العباد مع ندرته فلا يلحق بالغالب وعند أبي يوسف يبنى لعدم صنع نفسه ولو وقعت طوبة من سطح أو سفرجلة من شجرة أو تعثر بشيء موضوع في المسجد فأدماه قيل يبني إتفاقا لعدم صنع العباد وقيل هو على الخلاف أيضا كما في التبيين وغيره ولو عطس أو تنحنح فسبقه حدث بقوته قيل يبني وقيل لا وهو الصحيح كما في القهستاني عن الظهيرية واعلم أن البناء عند سبق الحدث مروي عن عائشة وابن عباس وأبي بكر وعمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وسلمان الفارسي وهؤلاء صحابة وعن علقمة وطاوس وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير والشعبي وابراهيم النخعي وعطاء ومكحول وسعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنهم أجمعين وهؤلاء تابعون وكفى بهم قدوة كما في الفتح وغيره قوله: "فأغنى عن أفراده بباب" خالف القوم في ذلك ولم يستوف بما ذكره أحكامه المحتاج إلى بيانها قوله: "والأفضل الاستئناف" مطلقا تحررا عن شبهة الخلاف وقيل هذا في المنفرد وأما في غيره فالبناء أفضل
"على غير إمامه" لتعليمه بلا ضرورة وفتحه على إمامه جائز ولو قرأ المفروض أو انتقل لآية أخرى على الصحيح لإصلاح صلاتهما "و" يفسدها "التكبير بنية الانتقال لصلاة أخرى غير صلاته" لتحصيل ما نواه وخروجه عما كان فيه كالمنفرد إذا نوى الاقتداء وعكسه كمن انتقل بالتكبير من فرض إلى فرض أو نفل وعكسه بنيته وأشرنا إلى أنه لو كبر يريد استئناف عين ما هو فيه من غير تلفظ بالنية لا يفسد إلا أن يكون مسبوقا لاختلاف حكم
ــ.
صيانة لفضيلة الجماعة وقيده في السراج بما إذا كان لا يجد جماعة أخرى وهو الصحيح قال في النهر وينبغي وجوبه إذا ضاق الوقت اهـ قوله: "خروجا من الخلاف" أي خلاف الإمام الشافعي رضي الله عنه فإنه لا يقول بالبناء قوله: "وعملا بالإجماع" أي بالمجمع عليه وهو صحة الصلاة بعد الاستئناف وأما إذا بنى يكون عاملا بقول البعض والعمل بالمجمع عليه أولى وهذا يرجع إلى قوله خروجا من الخلاف قوله: "على غير إمامه" سواء كان الغير في الصلاة أم لا هذا إذا قصد تعليمه لأنه يقع جوابا من غير ضرورة فكان من كلام الناس وإن أراد القراءة دون التعليم لا تفسد كما في مسكين وغيره وفتح المراهق كالبالغ وتفسد بأخذ الإمام ممن ليس معه ولو سمع المقتدي ممن ليس معه في الصلاة ففتحه على إمامه يجب أن تبطل صلاة الكل لأنه تلقين من خارج كذا في البحر قوله: "وفتحه على إمامه جائز" لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة سورة المؤمنين فترك كلمة فلما فرغ قال ألم يكن فيكم أبي قال بلى قال هلا فتحت علي قال ظننت أنها نسخت فقال صلى الله عليه وسلم: "لو نسخت لأعلمتكم" وقال: "إذا استطعمك الإمام فأطعمه" أي إذا استفتحك الإمام فافتح عليه والصحيح أنه ينوي الفتح دون التلاوة لأن الفتح مرخص فيه وقراءة المقتدي محظورة ويكره للمقتدي أن يعجل بالفتح لأن الإمام ربما يتذكر فيكون التلقين من غير حاجة ويكره للإمام أن يلجئهم إليه بأن يقف ساكنا بعد الحصر أو يكرر الآية بل ينتقل إلى آية أخرى أو يركع أن قرأ القدر المستحب وقيل قدر الفرض والأول هو الظاهر قوله: "لإصلاح صلاتهما" لأن لو لم يفتح ربما يجري على لسانه ما يكون مفسدا فيكون فيه إصلاح صلاة الإمام وبإصلاحها تصلح صلاة المقتدي قوله: "ويفسدها التكبير بنية الإنتقال" قيد بالتكبير لأنه لو نوى بقلبه فقط لا يكون قاطعا للأولى كما في المنح وغاية البيان قوله: "لصلاة أخرى" أخرج بالصلاة الصوم وأخرج بأخرى ما إذا كانت عين الأولى والمراد أنها أخرى ولو من وجه كما أفاده الشرح قوله: "غير صلاته" مستغنى عنه بقوله أخرى قوله: "لتحصيل ما نواه" علة للفساد قوله: "كالمنفرد" أشار به إلى ما قلنا من أن المراد بالأخرى الأخرى ولو من وجه لأن صلاة الجماعة غير صلاة الواحد في الجملة وكذا لو كبر ينوي إمامة النساء أو الواجب قوله: "كمن انتقل بالتكبير من فرض إلى فرض" فإنه يفسد الأول ثم إن كان صاحب ترتيب وفاتته صلاة وكبر ينوي غير الفائتة كان متنفلا وإلا صحت نيته الفريضة الفائتة قوله: "وأشرنا إلخ" أي بقوله أخرى قوله: "من غير
المنفرد والمسبوق وإذا لم يفسد هـ ما مضى يلزمه الجلوس على ما هو آخر صلاته به فإن تركه معتمدا على ما ظنه بطلت صلاته ولا يفسده الجلوس في آخر ما ظن أنه افتتح به وفيه إشارة إلى أن الصائم عن قضاء فرض لو نوى بعد شروعه فيه الشروع في غيره لا يضره ثم قيد بطلان الصلاة فيما ذكره بما "إذا حصلت" واحدة من "هذه" الصور "المذكورات قبل الجلوس الأخير مقدار التشهد" فتبطل بالاتفاق وأما إذا عرض المنافي قبل السلام بعد القعود قدر التشهد فالمختار صحة الصلاة لأن الخروج منها بفعل المصلي واجب على الصحيح وقيل تفسد بناء على ما قيل أنه فرض عند الإمام ولا نص عن الإمام بل تخريج أبي سعيد البردعي من الإثني عشرية لأن الإمام لما قال بفساد الصلاة فيها لا يكون إلا بترك فرض ولم يبق إلا الخروج بالصنع فحكم بأنه فرض لذلك وعندهما ليس بفرض لأنه لو كان كذلك لتعين بما هو قربة ولم يتعين به لصحة الخروج بالكلام والحدث العمد فدل على أنه واجب لا فرض فإذا عرضت هذه العوارض ولم يبق عليه فرض صار كما بعد السلام وغلط الكرخي البردعي في تخريجه لعدم تعيين ما هو قربة وهو السلام وإنما الوجه فيه وجود المغير وفيه بحث "ويفسدها أيضا مد الهمزة في التكبير"
ــ.
تلفظ بالنية" أما لو تلفظ بها انتقض ما صلى ولا يجتزىء به قوله: "لاختلاف حكم المنفرد والمسبوق" ألا ترى أن الاقتداء بالمسبوق لا يصح وبالمنفرد يصح قاله في الشرح وهو داخل في الاختلاف لأن المراد به كما تقدم الاختلاف ولو من وجه قوله: "وإذا لم يفسد ما مضى" بفتح الياء وما مضى فاعله وهو مرتبط بقوله لا يفسد اهـ قوله: "آخر صلاته به" الجار متعلق بآخر يعني أنه إنما صار آخر بواسطة كونه مضمونا إلى ما مضى قوله: "وفيه إشارة إلخ" من حيث أن المتن قيد بالصلاة قوله: "عن قضاء فرض" إنما مثل بالقضاء دون الأداء لأن الأداء وقته معيار له لا يسع غيره فربما يقال انه إنما لا يصح فيه غيره لكونه معيارا ففرض المثال في القضاء ليتعين أن نية الإنتقال لا تعتبر أصلا لعدم اعتبار الشارع إياها لا للوجه المذكور في الأداء قوله: "فيما ذكره" أي من جميع المسائل المتقدمة أفاده السيد قوله: "قبل الجلوس الأخير" المراد به ما يقع آخر الصلاة وإن لم يسبقه غيره قوله: "بل تخريج أبي سعيد البردعي" أي أخذه واستنباطه والبردعي نسبة إلى بردعة بفتح الباء والدال والعين المهملتين وسكون الراء بلد بأذربيجان كذا قاله السيوطي في لب اللباب قوله: "لصحة الخروج بالكلام والحدث العمد" أي وهما حرامان قوله: "فدل على أنه واجب لا فرض" قد يقال أن الواجب لا بد أن يكون عبادة ولا يصح أن يكون محرما قوله: "لعدم تعيين ما هو قربة" أي للخروج منها قوله: "وإنما الوجه فيه" أي في فساد الصلاة قوله: "وجود المغير" يعني أن هذه المعاني مغيرة للفرض كنية الإقامة فاستوى في حدوثها أول الصلاة وآخرها قوله: "وفيه بحث" أي في هذا التغليظ ووجهه ما ذكره المؤلف في رسالته أن الدخول في صلاة فرض آخر فرض عليه وهو
وقدمنا الكلام عليه "وقراءة ما لا يحفظه من مصحف" وإن لم يحمله للتلقي من غيره وأما إذا كان حافظا له ولم يحمله فلا تفسد لانتفاء العمل والتلقي "و" يفسدها "أداء ركن"
ــ.
لا يتأتى إلا بخروجه من الأولى وما لا يتأتى الفرض إلا به فهو فرض ولذا قال السيد وفي قوله وفيه بحث تأييد لما ذكره أبو سعيد البردعي من أن الخروج بصنعه فرض عند الإمام قوله: "ويفسدها أيضا مد الهمزة في التكبير" ذكر في النهر أنه لو مد همزة الاسم أو الخبر فسدت ولو في التحريمة لا يصير شارعا وخيف عليه الكفران كان قاصدا الاستفهام قال في المعراج هذا من حيث الظاهر إذ الهمزة للإنكار وضعا أما من حيث انه يجوز أن تكون للتقرير فلا يلزم الكفر وتبعه في العناية ثم قال ولو مد باء أكبر لا تفسد وقيل تفسد منتقى وقال الحلبي وظاهره ترجيح عدم الفساد ومد الهاء خطأ أما مد اللام فحسن ما لم يخرج عن حده وحده أن لا يبالغ بحيث يحدث من ذلك الإشباع ألف بين اللام والهاء فإن فعل كره ولا تفسد في المختار أفاده السيد ولو كرر الراء بأن ارتعد طرف لسانه فنشأ منه تكرارها فالظاهر أنه إن كررها مرتين أفسدها لأن النطق بحرفين مفسد وانظر ما لو فتح باء أكبر ومدها والظاهر عدم الفساد لاغتفار الخطا في الإعراب في القراءة على المفتى به والمد بانفراده لا يفسد وحرره قوله: "وقراءة ما لا يحفظه" أي مطلقا سواء كان قليلا أو كثيرا وهو ظاهر الرواية عن الإمام وقيل لا تفسد ما لم يقرأ قدر الفاتحة وقيل لا تفسد ما لم يقرأ قدر آية وهو الأطهر كما في الحلبي وتبعه في سكب الأنهر وعندهما صلاته تامة لأنها عبادة انضافت إلى أخرى وهو النظر في المصحف ولهذا كانت القراءة في المصحف أفضل من القراءة غائبا إلا أنه يكره في الصلاة لما فيه من التشبه بأهل الكتاب كذا قالوا: وفيه نظر لأن التشبه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء فاننا نأكل كما يأكلون ونشرب كما يشربون وإنما الحرام التشبه بهم فيما كان مذموما وما يقصد به التشبه قاله قاضيخان في شرح الجامع الصغير فعلى هذا لو لم يقصد التشبه لم يكره عندهما كما في البحر ولأبي حنيفة في فسادها وجهان أحدهما أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير وعلى هذا لو كان موضوعا بين يديه وهو لا يحمله ولا يقلب الأوراق أو قرأ المكتوب في المحراب لا تفسد والثاني أنه تلقن من المصحف فصار كما لو تلقن من غيره وهو مناف للصلاة وهذا يوجب التسوية بين المحمول وغيره فتفسد بكل حال وهو الصحيح كذا في الكافي ولو لم يكن قادرا إلا على القراءة من المحصف لا يجوز له ذلك ويصلي بغير قراءة لأنه أمي ولا فرق بين الإمام والمنفرد وتقييد الهداية بالإمام اتفاقي قوله: "من مصحف" أراد به ما كتب فيه شييء من القرآن كذا في النهر فعم ما لو قرأ من المحراب وهو الصحيح وأشار إليه بقوله وإن لم يحمله قوله: "لانتفاء العمل والتلقي" أي والقراءة مضافة إلى حفظه لا إلى تلقيه من المصحف
كركوع "أو إمكانه" أي مضى زمن يسع أداء ركن "مع كشف العورة أو مع نجاسة مانعة" لوجود المنافي فإن دفع النجاسة بمجرد وقوعها ولا أثر لها ستر عورته بمجرد كشفها فلا يضره "و" يفسدها "مسابقة المقتدي بركن لم يشاركه فيه إمامه" كما لو ركع ورفع رأسه قبل الإمام ولم يعده معه أو بعده وسلم وإذا لم يسلم مع الإمام وسابقه بالركوع والسجود في كل الركعات قضى ركعة بلا قراءة لأنه مدرك أول صلاة الإمام لاحق وهو يقضي قبل فراغ الإمام وقد فاتته الركعة الأولى بتركه متابعة الإمام في الركوع والسجود ويكون ركوعه وسجوده في الثانية قضاء عن الأولى وفي الثالثة عن الثانية وفي الرابعة عن الثالثة فيقضي بعده ركعة بغير قراءة وتمام تعريفه بالأصل "و" يفسدها "متابعة الإمام في سجود السهو للمسبوق" إذا تأكد انفراده بأن قام بعد سلام الإمام أو قبله بعد قعوده قدر التشهد وقيد ركعته بسجدة فتذكر الإمام سجود سهو فتابعه فسدت صلاته لأنه اقتدى بعد وجود الانفراد
ــ.
قوله: "زمن يسع أداء ركن" وإن كان في ركن طويل والمراد أنه يسعه بسنته وهو قدر ثلاث تسبيحات وهذا مذهب الثاني وهو المختار كما في الدر قوله: "مع كشف العورة" الحاصل أن الكشف الكثير في الزمن الكثير مضر والقليل في القليل غير مضر كالكثير في القليل والقليل في الكثير والمراد بكشف العورة ما يعم كشف ربع العضو منها قوله: "أو مع نجاسة مانعة" ولو سهو أو تأتي الصور المذكورة في الكشف هنا قوله: "أو ستر عورته الخ" كأن هبت الريح فكشفته فستر عورته من ساعته فلا يضره قوله: "وإذا لم يسلم مع الإمام الخ" أما لو سلم معه فسدت صلاته لأنه سلم عمد أبناء على أنه أتمها قوله: "لأن مدرك الخ" روح العلة قوله لا حق الخ.
قوله: "وهو يقضي قبل فراغ الإمام" أي حتما إن أمكنه إدراكه قوله: "فيقضي بعده ركعة" أي بعد سلام الإمام والأولى التصريح به قوله: "وتمام تفريعه بالأصل" أي في الأصل قال فيه وإن ركع مع إمامه وسجد قبله لزمه قضاء ركعتين لأنه يلتحق سجدتاه في الثانية بركوعه في الأولى لأنه كان معتبرا ويلغو ركوعه في الثانية لوقوعه عقب ركوعه الأول بلا سجود ثم ركوعه في الثالثة مع الإمام معتبر دون ركوعه في الرابعة لكونه قبل سجوده فيلتحق به سجوده في رابعة الإمام فيصير عليه الثانية والرابعة فيقضيهما وإن ركع قبل إمامه وسجد معه يقضي أربعا بلا قراءة لأن السجود لا يعتد به إذا لم يتقدمه ركوع صحيح وركوعه في كل الركعات قبل الإمام يبطل سجوده الحاصل معه وإما إن ركع إمامه وسجد ثم ركع وسجد بعده جازت صلاته فهذه خمس صور مأخوذة من فتح القدير والخلاصة والمراد أنها خمسة بما في المصنف قوله: "للمسبوق" أي المتابعة الثابتة للمسبوق والأولى كما قاله السيد أن يقول متابعة المسبوق الإمام في سجود السهو قوله: "وقيد ركعته بسجدة" أما إذا
ووجوبه فتفسد صلاته وقيدنا قيام المسبوق بكونه بعد قعود الإمام قدر التشهد لأنه إن كان قبله لم يجزه لأن الإمام بقي عليه فرض لا ينفرد به المسبوق فتفسد صلاته "و" يفسدها "عدم إعادة الجلوس الأخير بعد أداء سجدة صلبية" أو سجدة تلاوة "تذكرها بعد الجلوس" لأنه لا يعتد بالجلوس الأخير إلا بعد تمام الأركان لأنه لختمها ولا تعارض ولارتفاض الأخير بسجدة التلاوة على المختار "و" يفسدها "عدم إعادة ركن أداه نائما" لأن شرط صحته أداؤه مستيقظا كما تقدم "و" يفسدها "قهقهة إمام المسبوق" وإن لم يتعمدها "وحدثه العمد" الحاصل بغير القهقهة إذا وجدا "بعد الجلوس الأخير" قدر التشهد عند الإمام بفساد الجزء الذي حصلت فيه ويفسد مثله من صلاة المسبوق فلا يمكن بناؤه الفائت عليه "و" يفسدها "السلام على رأس ركعتين في غير الثانية" المغرب ورباعية المقيم "ظانا أنه مسافر" وهو مقيم "أو" ظانا "أنها الجمعة" أو ظانا "أنها التراويح وهي العشاء أو كان قريب عهد بالإسلام"
ــ.
لم يقيد وسجد الإمام وجب متابعته وارتفض ما أداه وإن مضى على صلاته صحت لأن المتابعة واجبة لكونها في واجب وترك الواجب لا يوجب فسادا ويسجد للسهو بعد الفراغ من قضائه استحسانا ولو تابع المسبوق إمامه في سجود السهو فتبين أنه لا سهو عليه فصلاة المسبوق جائزة عند المتأخرين وعليه الفتوى ولو سجد الإمام للتلاوة فإن لم يتأكد انفراد المسبوق عاد حتما ولا يعتد بما أدى قبله ولو لم يعد فسدت صلاته لارتفاض القعود في حق الإمام فيرتفض في حقه وإن تأكد انفراده بتقييد الركعة بسجدة فإن عاد فسدت صلاته رواية واحدة وإن لم يعد ومضى ففيه روايتان وظاهر الرواية الفساد وهو أصح الروايتين لأن العود إلى سجود التلاوة يرفض القعدة فتبين أن المسبوق إنفرد في موضع الإقتداء فتفسد صلاته اهـ من الشرح مختصرا.
قوله: "لأنه لختمها" ولذلك يسمى أخيرا قوله: "على المختار" لأنها أثر القراءة فيعطي لها حكمها وهو الأصح وقيل لا ترفعها لأنها واجبة فلا ترفع الفرض وأختاره شمس الأئمة أفاده السيد قوله: "عند الإمام" وقالا لا تفسد صلاة المسبوق بقهقهة الإمام بعد ما قعد قدر التشهد لعدم فساد صلاة الإمام بها أو قيد بقوله بعد الجلوس الأخير لأن الحدث العمد لو حصل قبل القعود بطلت صلاة الكل إتفاقا وقيد وإفساد صلاة المسبوق عند الإمام بما إذا لم يتأكد إنفراده فلو قام قبل سلامه تاركا للواجب فقضى ركعة فسجد لها ثم فعل الإمام ذلك لا تفسدصلاته لأنه استحكم انفراده ذكره السيد والظاهر أن تصحيح قول الصاحبين في الأثني عشرية ينسحب على هذه الجزئية فتأمل قوله: "ويفسدها السلام" وإن لم يقل عليكم بحر عن الخلاصة ذكره السيد قوله: "المغرب ورباعية المقيم" بدل من غير الثنائية قوله: "أو ظانا أنها الجمعة" المناسب أن يزيد وهي الظهر مثلا ليساوي ما قبله وما بعده.
أو نشأ مسلما جاهلا "فظن الفرض ركعتين" في غير الثنائية لأنه سلام عمد على جهة القطع قبل أوانه فيفسد الصلاة.
ــ.
قوله: "لأنه سلام عمد على جهة القطع" أي بخلاف ما إذا سلم على رأس الركعتين من الرباعية على ظن أنها الرابعة حيث لا تفسد ذكره السيد وبقي من المفسدات1 الإرتداد بالقلب وكل ما أوجب الوضوء والغسل وترك الركن بلا قضاء والشرط بلا عذر كذا في النهر.
تكميل زلة القارىء من أهم المسائل وهي مبنية على قواعد ناشئة من الاختلافات لا كما توهم أنه ليس لها قاعدة تبني عليها فالأصل فيها عند الإمام ومحمد رحمهما الله تعالى تغير المعنى تغيرا فاحشا وعدمه للفسا وعدمه مطلقا سواء كان اللفظ موجودا في القرآن أو لم يكن وعندأبي يوسف رحمه الله إن كان اللفظ نظيره موجودا في القرآن لا تفسد مطلقا تغير المعنى تغيرا فاحشا أو لا وإن لم يكن موجودا في القرآن تفسد مطلقا ولا يعتبر الإعراب أصلا ومحل الاختلاف في الخطأ والنسيان أما في العمد فتفسد به مطلقا بالاتفاق إذا كان مما يفسد الصلاة أما إذا كان ثناء فلا يفسد ولو تعمد ذلك أفاده ابن أمير حاج وفي هذا الفصل مسائل الأولى الخطأ في الإعراب ويدخل فيه تخفيف المشدد وعكسه وقصر الممدود وعكسه وفك المدغم وعكسه فإن لم يتغير به المعنى لا تفسد به صلاته بالإجماع كما في المضمرات وإذا تغير المعنى نحو أن يقرأ وإذ ابتلى ابراهيم ربه برفع ابراهيم ونصب ربه فالصحيح عنهما الفساد وعلى قياس قول أبي يوسف لا تفسد لأنه لا يعتبر الإعراب وبه يفتي وأجمع المتأخرون كمحمد بن مقاتل ومحمد بن سلام واسمعيل الزاهد وأبي بكر سعيد البلخي والهندواني وابن الفضل والحلواني على أن الخطأ في الإعراب لا يفسد مطلقا وإن كان مما اعتقاده كفر لأن أكثر الناس لا يميزون بين وجوه الإعراب وفي اختيار الصواب في الإعراب إيقاع الناس في الحرج وهو مرفوع شرعا وعلى هذا مشى في الخلاصة فقال: وفي النوازل لا تفسد في الكل وبه يفتى وينبغي ان يكون هذا فيما إذا كان خطأ أو غلطا وهو لا يعلم أو تعمد ذلك مع ما لا يغير المعنى كثيرا كنصب الرحمن في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أما لو تعمد مع ما يغير المعنى كثيرا أو يكون اعتقاده كفرا فالفساد حينئذ أقل الأحوال والمفتى به قول أبي يوسف وأما تخفيف المشدد كما لو قرأ إياك نعبد أو رب العالمين بالتخفيف فقال المتأخرون: لا تفسد مطلقا من غير استثناء على المختار لأن ترك المد والتشديد بمنزلة الخطأ في الإعراب كما في قاضيخان وهو الأصح كما في المضمرات وكذا نص في الذخيرة على أنه الأصح كما في ابن أمير حاج وحكم تشديد المخفف كحكم.
1 قوله الارتداد بالقلب في نسخة زيادة والجنون والإغماء اهـ.
............................................................................................
عكسه في الخلاف والتفصيل وكذا إظهار المدغم وعكسه فالكل نوع واحد كما في الحلبي المسألة الثانية في الوقف والإبتداء في غيره وضعهما فإن لم يتغير به المعنى لا تفسدبالإجماع من المتقدمين والمتأخرين وإن تغير به المعنى فهي إختلاف والفتوى على عدم الفساد بكل حال وهو قول عامة علمائنا المتأخرين لأن في مراعاة الوقف والوصل إيقاع الناس في الحرج لا سيما العوام والحرج مرفوع كما في الذخيرة والسراجية والنصاب وفيه أيضا لو ترك الوقف في جميع القرآن لا تفسد صلاته عندنا وأما الحكم في قطع بعض الكلمة كما لو أراد أن يقول الحمدلله فقال: ال فوقف على اللام أو على الحاء أو على الميم أو أراد أن يقرأ والعاديات فقال: والعا فوقف على العين لانقطاع نفسه أو نسيان الباقي ثم تمم أو انتقل إلى آية أخرى فالذي عليه عامة المشايخ عدم الفساد مطلقا وان غير المعنى للضرورة وعموم البلوى كما في الذخيرة وهو الأصح كما ذكره أبو الليث المسألة الثالثة وضع حرف موضع حرف آخر فإن كانت الكلمة لا تخرج عن لفظ القرآن ولم يتغير به المعنى المراد لا تفسد كما لو قرأ أن الظالمون بواو الرفع أو قال والأرض وما دحاها مكان طحاها وإن خرجت به عن لفظ القرآن ولم يتغير به المعنى لا تفسد عندهما خلافا لأبي يوسف كما لو قرأ قيامين بالقسط مكان قوامين أو دوارا مكان ديارا وإن لم تخرج به عن لفظ القرآن وتغير به المعنى فالخلاف بالعكس كما لو قرأ وأنتم خامدون مكان سامدون وللمتأخرين قواعد آخر غير ما ذكرنا واقتصرنا على ما سبق لإطرادها في كل الفروع بخلاف قواعد المتأخرين واعلم أنه لا يقيس مسائل زلة القارىء بعضها على بعض إلا من له دراية باللغة والعربية والمعاني وغير ذلك مما يحتاج إليه التفسير كما في منية المصلي وفي النهر وأحسن من لخص من كلامهم في زلة القارىء الكمال في زاد الفقيه فقال: إن كان الخطأ في الإعراب ولم يتغير به المعنى ككسر قواما مكان فتحها وفتح باء نعبد مكان ضمها لا تفسد وإن غير كنصب همزة العلماء وضم هاء الجلالة من قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] تفسد على قول التمقدمين واختلف المتأخرون فقال ابن الفضل وابن مقاتل وأبو جعفر والحلواني وابن سلام واسمعيل الزاهدي لا تفسد وقول هؤلاء أوسع وإن كان بوضع حرف مكان حرف ولم يتغير المعنى نحو أياب مكان أواب لا تفسد وعن أبي سعيد تفسد وكثيرا ما يقع في قراءة بعض القرويين والأتراك والسودان وياك نعبد بواو مكان الهمزة والصراط الذين بزيادة الألف واللام وصرحوا في الصورتين بعدم الفساد وإن غير المعنى وتمامه فيه فليراجع والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.