الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستحب "تأخيره" لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال في الصلاة""وتعجيل الفطر في غير يوم غيم" وفي الغيم يحتاط حفظا للصوم عن الإفساد والتعجيل المستحب قبل استفحال النجوم ذكره قاضيخان والبركة ولو بالماء قال صلى الله عليه وسلم: "السحور بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين" رواه أحمد رحمه الله.
ــ
بعض الجوع ليرحم المساكين وليكون أجره على قدر مشقته قوله: "كما يفعله المترفهون" أي المتنعمون قوله: "تأخير السحور" ويكره تأخيره إلى وقت يقع فيه الشك هندية قوله: "وتعجيل الفطر" ويستحب الإفطار قبل الصلاة وفي البحر التعجيل المستحب التعجيل قبل اشتباك النجوم ومن السنة عند الإفطار أن يقول اللهم لك صمت وبك آمنت وعليك توكلت وعلى رزقك أفطرت وصوم الغد من شهر رمضان نويت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت قوله: "قبل استفحال النجوم" أي ظهورها وتبين كل نجم بانفراده وهو بالفاء والحاء المهملة ويقال لسهيل فحل لاعتزاله النجوم كالفحل فإنه إذا قرع الإبل اعتزالها أفاده في القاموس قوله: "ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء" قال في القاموس الجرعة مثلثة من الماء حسوة منه أو بالفتح وبالضم الإسم من جرع الماء كسمع ومنع بلعه وبالضم ما اجترعت اهـ قوله: "يصلون على المتسحرين" أي الله يرحم والملائكة تستغفر لهم أو يراد بها العطف وهو في كل بما يناسبه والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.
فصل في العوارض
جمع عارض بالمرض والسفر والإكراه والحبل والرضاع والجوع والعطش والهرم
ــ.
فصل في العوارض
هي جديرة بالتأخير جمع عارض وهو كل ما استقبلك ومنه عارض ممطرنا وهو السحاب والعارض الباب والخد وعرض له عارض أي آفة من كبر أو مرض كذا في ضياء الحلوم ولما كان إفساد الصوم بغير عذر يوجب إثما وبعذر لا يوجبه احتيج إلى بيان الأعذار المسقطة له نهر قوله: "والسفر" فيه أنه لا يبيح الفطر وإنما يبيح عدم الشروع في الصوم إذ لو كان السفر يبيح الفطر لجاز لمن أصبح مقيما ثم سافر الفطر مع أنه لا يجوز وحينئذ فالمراد بالعوارض هنا ما يبيح عدم الصوم ليطرد في الكل أفاده السيد وكذا يراد بالفطر في قوله بها يباح الفطر ما أباح عدم الصوم سواء أباحه من أوله أو بعد الشروع فيه.
بها يباح الفطر فيجوز "لمن خاف" وهو مريض "زيادة المرض" بكم أو كيف لو صام والمرض معنى يوجب تغير الطبيعة إلى الفساد ويحدث أولا في الباطن ثم يظهر أثره وسواء كان لوجع عين أو جراحة أو صداع أو غيره "أو" خاف "بطء البرء" بالصوم جاز له الفطر لأنه قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه والغازي إذا كان يعلم يقينا أو بغلبة الظن القتال بكونه بإزاء العدو ويخاف الضعف عن القتال وليس مسافرا له الفطر قبل الحرب ومن له نوبة حمى أو عادة حيض لا بأس بفطره على ظن وجوده فإن لم يوجد اختلف في لزوم الكفارة والأصح عدم لزومها عليهما وكذا أهل الرستاق ولو سمعوا الطبل يوم الثلاثين فظنوا عيدا فأفطروا ثم تبين أنه لغيره لا كفارة عليهم "و" يجوز الفطر "لحامل ومرضع خافت" على نفسها "نقصان العقل أو الهلاك أو المرض" سواء كان "على نفسها أو
ــ
قوله: "وهو مريض" أفاد أن الصحيح الذي غلب على ظنه المرض بصومه ليس له أن يفطر وأفاد السيد أن في ذلك خلافا فالزيلعي على إباحة الفطر له ولعلامة مسكين على عدمه وقد تبع فيه صاحب الذخيرة وجرى على إباحة الفطر في الدر وذكر في القهستاني أن الممرض ملحق بالمريض قوله: "بكم" المراد بالكم أن ينشأ بالصوم مرض آخر وليس المراد به زيادة الأيام وإلا تكرر مع قوله أو خاف بطء البرء قوله: "أو كيف" بأن يحدث بالصوم اشتداد في المرض القائم قوله: "والمرض معنى الخ" قال في القاموس المرض ظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها اهـ ويقال في اسم الفاعل مارض ومرض ومريض اهـ قوله: "ويحدث أولا في الباطن الخ" قال في القاموس المرض بالفتح للقلب خاصة وبالتحريك أو كلاهما الشك والنفاق والفتور والظلمة والنقصان قوله: "أو غيره" كفساد العضو قوله: "فيجب الاحتراز عنه" هذا يقتضي وجوب الإفطار وهو ينافي التعبير باللام في قوله لمن خاف ويمكن الجمع بأن الجواز عند عدم تحقق الهلاك والوجوب عند تحققه وسيأتي في المسافر نظيره قوله: "بكونه" أي بسبب وجوده بمقابلة العدو قوله: "ويخاف الضعف عن القتال" أي بالصوم قوله: "وليس مسافرا" أما المسافر فيجوز له الفطر بغير عذر قوله: "ومن له الخ" يعم الذكر والأنثى والتذكير في له نظرا للفظ من قوله: "لا بأس بفطره" أفاد أن الأولى أن لا يفطرا حتى يتحققا وعلل في الشرح جواز الفطر بأن ما ذكر بحكم الغلبة كالكائن قوله: "والأصح عدم لزومها عليهما" وكذا هو المعتمد في الغازي كما في الدر قوله: "وكذا أهل الرستاق" أي القرى إذا سمعوا صوت طبل أمير مدينة ذلك الرستاق على ما جرت به عادتهم أنهم يضربونه يوم العيد قوله: "أنه لغيره" أي أن ضرب الطبل لغير العيد كأن كان لفرح قوله: "لا كفارة عليهم" لأنهم لم يقصدوا الجناية قوله: "ويجوز الفطر لحامل" هي التي في بطنها حمل بفتح الحاء أي ولد والحاملة التي على رأسها أو ظهرها حمل بكسر الحاء نهر قوله: "ومرضع" هي التي شأنها الإرضاع فتسمى به ولو في غير حال المباشرة
ولدها نسبا أو رضاعا" ولها شرب الدواء إذا أخبر الطبيب أن يمنع استطلاق بطن الرضيع وتفطر لهذا العذر لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصوم" ومن قيد بالمستأجرة للإرضاع فهو مردود "والخرف المعتبر" لإباحة الفطر طريق معرفته أمران أحدهما "ما كان مستندا" فيه "لغلبة الظن" فإنها بمنزلة اليقين "بتجربة" سابقة والثاني قوله "أو إخبار طبيب" مسلم حاذق عدل عالم بداء كذا في البرهان وقال الكمال مسلم حاذق غير ظاهر الفسق وقيل عدالته شرط "و" جاز الفطر "لمن حصل له عطش شديد وجوع" الفرط "يخاف منه الهلاك" أو نقصان العقل أو ذهاب بعض الحواس وكان ذلك لا بإتعاب نفسه إذ لو كان به تلزمه الكفارة وقيل لا "وللمسافر"
ــ
والمرضعة التي هي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي ذكره صاحب الكشاف قوله: "خافت نقصان العقل" خاص بها وأما خوف الهلاك والمرض فيتحقق فيها وفي الولد قوله: "نسبا كان أو رضاعا" أما الظئر فلأنه واجب عليها بالعقد ولو كان العقد في رمضان كما في البرجندي خلافا لما في صدر الشريعة من تقييد حل الإفطار بما إذا صدرت الإجارة قبل رمضان وأما الأم فلو جوبه عليها ديانة مطلقا وقضاء إذا كان الأب معسرا أو كان الولد لا يرضع من غيرها وأما إذا أكره على الإفطار بهلاك ابنه فلا يجوز له لأن العذر في الإكراه جاء من فعل من ليس له الحق فلا يعذر لصيانة نفس غيره بخلاف الحامل والمرضع كذا في البحر قوله: "وتفطر لهذا العذر" أعاده وإن فهم مما تقدم ليستدل عليه ويحتمل أنه راجع إلى ما قبله فقط وقوله لقوله الخ علة للمصنف قوله: "فهو مردود" بالحديث السابق وبأن الإرضاع واجب على الأم ديانة لا سيما إذا كان الأب معسرا كذا في الشرح قوله: "بتجربة" ولو كانت من غير المريض عند اتحاد المرض ذكره السيد في الحاشية وزاد في البحر غلبة الظن الصادرة بأمارة ظهرت له باجتهاد والاجتهاد غير مجرد الوهم اهـ قوله: "مسلم" جرى على التقييد بالإسلام في الظهيرية حيث قال وهو عندي محمول على المسلم دون الكافر كمسلم شرع في الصلاة بالتيمم فوعده كافر بالماء لا يقطع فلعل غرضه إفساد الصلاة عليه فكذا في الصوم وفيه إيماء إلى أنه يجوز أن يستطب بالكافر فيما ليس فيه إبطال عبادة بحر ونهر قوله: "حادق" أي له معرفة تامة في الطب فلا يجوز تقليد من له أدنى معرفة فيه قوله: "عدل" جزم باشتراط العدالة الزيلعي وظاهر ما في البحر والنهر كالفتح ضعفه قوله: "يخاف منه الهلاك" ذكر القهستاني عن الخزانة ما نصه أن الحر الخادم أو العبد أو الذاهب لسد النهر أو كريه إذا اشتد الحر وخاف الهلاك فله الإفطار كحرة أو أمة ضعفت للطبخ أو غسل الثوب اهـ قوله: "وكان ذلك الخ" الظاهر أن القيد لإسقاط الكفارة أما حل الفطر للأعذار المذكورة فالظاهر الجواز مطلقا كما تدل عليه عبارة القهستاني قوله: "وللمسافر" أي سفرا شرعيا وهو الذي تقصر فيه الصلاة ولو لمعصية لأن القبح المجاور لا يعدم المشروعية
الذي أنشأ السفر قبل طلوع الفجر إذ لا يباح له الفطر بإنشائه بعد ما أصبح صائما بخلاف ما لو حل به مرض بعده فله "الفطر" لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ولما رويناه "وصومه" أي المسافر "أحب أن لم يضره" لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} "و" هذا إذا "لم تكن عامة رفقته مفطرين ولا مشتركين في النفقة فإن كانوا مشتركين أو مفطرين فالأفضل فطره" أي المسافر "موافقه للجماعة" كما فبي الجوهرة "ولا يجب الإيصاء" بكفارة ما أفطره "على من مات قبل زوال عذره" بمرض وسفر ونحوه كما تقدم من الأعذار المبيحة للفطر لفوات إدراك عدة من أيام أخر "و" إن أدركوا العدة "قضوا ما قدروا على قضائه" وإن لم يقضوا لزمهم الإيصاء "بقدر الإقامة" من السفر
ــ
وأشار باللام إلى أنه مخير بين الصوم والفطر لكن الفطر رخصة والصوم عزيمة فكان أفضل إلا إذا خاف الهلاك فالإفطار واجب كما في البحر قوله: "إذ لا يباح له الفطر بإنشائه الخ" لكن إذا أفطر لا كفارة عليه قاله السيد وقد تقدم قوله: "فعدة من أيام أخر" أي فأفطر فعليه عدة الأيام التي أفطرها من أيام أخر قوله: "ولما رويناه" أي من قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع عن المسافر الصوم" قوله: "إن لم يضره" أراد بالضرر الضرر الذي ليس فيه خوف الهلاك لأن ما فيه خوف الهلاك بسبب الصوم فالإفطار في مثله واجب لا أنه أفضل بحر قوله: "لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ولأن رمضان أفضل أفضل فكان الأداء أفضل وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصيام في السفر" فمحمول على مسافر ضره الصوم زيلعي قال في الدرر والخير بمعنى البر لا أفعل تفضيل أي لاقتضائه أن الإفطار فيه خير مع أنه مباح وفيه نظر ذكرته في حاشية الدر قوله: "وهذا إذا لم تكن عامة رفقته مفطرين" قيد بالعامة فأفاد أن القليل لو أفطر لا يكون الفطر أفضل قوله: "فإن كانوا مشتركين" أي وأفطروا أي وإن لم يكونوا عامتهم وقيد المسئلة في الدر بمشقة إفطاره على رفقته قوله: "أو مفطرين" أي وإن لم يكونوا مشتركين في النفقة قوله: "موافقة للجماعة" عدل إليه عن قول صاحب البحر إذا كانت النفقة مشتركة فالفطر أفضل لما أن ضرر المال كضرر النفس لما قاله في النهر إن التعليل بموافقة الجماعة أولى وأما لزوم ضرر المال بضياعه بصومه فممنوع أفاده في تحفة الأخيار أي لجواز أن يأخذ نصيبه ويبقيه أو يكون سمحا يتجاوز عن نصيبه قوله: "لفوات" علة لقول المصنف لا يجب قوله: "قضوا ما قدروا" ينبغي أن يستثني الأيام المنهية لأنه عاجز عن القضاء فيها شرعا برجندي فلو فاته عشرة أيام فقدر على خمسة أدى فديتها فقط وفائدة لزوم القضاء وجوب الوصية بالإطعام وينفذ ذلك من الثلث بشرط أن لا يكون في التركة دين من ديون العباد حتى لو كان ينفذ ذلك من ثلث الباقي إلا إذا لم يكن له وارث فحينئذ ينفذ من جميع ما بقي ولو أوصى ولم يترك ما لا يستقرض نصف صاع ويعطيه لمسكين ثم يتصدق المسكين عليه أو يهبه له ثم وثم إلى أن يتم لكل صوم نصف صاع وبدون الوصية لا يلزم الوارث
"والصحة" من المرض وزوال العذر اتفاقا على الصحيح والخلاف فيمن نذر أن يصوم شهرا إذا برأ ثم برأ يوما يلزمه الإيصاء بالإطعام لجميع الشهر عندهما وعند محمد قضى ما صح فيه "ولا يشترط التتابع في القضاء" لإطلاق النص لكن المستحب التتابع وعدم التأخير عن زمان القدرة مسارعة إلى الخير وبراءة الذمة.
"تنبيه" أربعة متتابعة بالنص أداء رمضان وكفارة الظهار والقتل واليمين والمخير فيه قضاء رمضان وفدية الحلق لأذى برأس المحرم والمتعة وجزاء الصيد وثلاثة لم تذكر في القرآن وثبتت بالإخبار صوم كفارة الإفطار عمدا في رمضان وهو متتابع والتطوع متخير فيه والنذر وهو على أقسام إما أن بنذر أياما متتابعة معينة أو غير معينة بخصوصها أو منه ما لزم بنذر الاعتكاف وهو متتابع وإن لم ينص عليه إلا أن يصرح بعدم التتابع في النذر "فإن جاء رمضان آخر" ولم يقض الفائت "قدم" الأداء "على القضاء" شرعا حتى لو نواه عن
ــ
الإطعام غير أنه لو تبرع به ولو في كفارة قتل الصيد أو يمين أجزأه إلا العتق لما فيه من إلزام الولاء على الميت والصلاة كالصوم استحسانا وتعتبر كل صلاة ولو وترا بصوم يوم والوارث والأجنبي في جواز التبرع سواء ولو صام وليه عنه أو صلى لا يصح لحديث لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد أفاده السيد قوله: "وزوال العذر" عطف على الإقامة قوله: "اتفاقا" أي بين الشيخين ومحمد قوله: "والخلاف فيمن الخ" مبتدأ وخبر أي لا خلاف في المسئلة السابقة وإنما الخلاف في صورة النذر قوله: "ثم برىء يوما" حكم ما زاد على اليوم كاليوم قوله: "وعدم التأخير" أي بعد زوال العذر قوله: "وبراءة الذمة" عطف على الخير قوله: "والفتل" أي الخطأ قوله: "واليمين" إنما اشترط فيها التتابع لأن ابن مسعود قرأ فصيام ثلاثة أيام متتابعة وهي قراءة مشهورة يجوز بها الزيادة على الكتاب قوله: "وفدية الحلق لأذى برأس المحرم" أي حال كونه لأذى حصل برأس المحرم قال تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] قوله: "والمتعة والقران" بالرفع عطفا على قضاء أي وصوم التمتع والقران لمن لم يجد دم الشكر فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه قوله: "وجزاء الصيد" المقتول حال الإحرام أو في الحرم قوله: "أما أن ينذر أياما متتابعة" هو بكسر الذال وضمها كما في القاموس وسيأتي للشرح وأما أنذر الرباعي فهو بمعنى أعلم وحذر وخوف قوله: "أو غير معينة بخصوصها" يعني أن المدار على ذكر التتابع سواء عين كشهر رجب متتابعا مثلا أو لم يعين كشهر متتابع مثلا لكن أن أفطر يوما في الأول قضاه بلا استقبال لئلا يقع كله في غير الوقت وفي الثاني يستقبل لأنه أخل بالوصف كما في التنوير وشرحه من عوارض الصوم وفي شرح السيد وقدمنا أن كل كفارة شرع فيها العتق
القضاء لا يقع إلا عن الأداء كما تقدم "ولو فدية بالتأخير إليه" لإطلاق النص "ويجوز الفطر لشيخ فان وعجوز فانية" سمي فانيا لأنه قرب إلى الفناء أو فنية قوته وعجز عن الأداء "وتلزمهما الفدية" وكذا من عجز عن نذر الأبد لا لغيرهم من ذوي الأعذار "لكل يوم نصف صاع من بر" أو قيمته بشرط دوام عجز الفاني والفانية إلى الموت ولو كان مسافرا أو مات قبل الإقامة لا تجب عليه الفدية بفطره في السفر "كما نذر صوم الأبد فضعف عنه" لاشتغاله بالمعيشة يفطر ويفدي للتيقن لعدم قدرته على القضاء "فإن لم يقدر" من تجوز له الفدية "على الفدية لعسرته يستغفر الله سبحانه ويستقبله" أي يطلب منه العفو عن تقصيره في حقه "و" لا تجوز الفدية إلا عن صوم هو أصل بنفسه لا بدل عن غيره حتى "ولو وجبت عليه
ــ
كان التتابع شرطا في صومها وما لا فلا ولا خلاف في وجوب التتابع في كفارة رمضان كما لا خلاف في ندب التتابع فيما لم يشترط فيه وهو صوم المتعة وكفارة الحلق وجزاء الصيد وقضاء رمضان قوله: "كما تقدم" من أنه معيار لا يسع غيره قوله: "لا طلاق النص" وهو قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} قوله: "لشيخ فان" هو الذي كل يوم في نقص إلى أن يموت وإنما لزمته باعتبار شهوده الشهر وأبيح له للحرج وأفاد القهستاني عن الكرماني أن المريض إذا تحقق اليأس من الصحة أي صحة يقدر معها على الصوم فعليه الفدية لكل يوم وإن لم يقدر على الصوم لشدة الحر أفطر ويقضيه في الشتاء كما في البحر قوله: "لأنه قرب إلى الفناء" ففيه مجاز الأول قوله: "أو فنيت قوته" أي التي يتمكن بها من الصيام وعليه فهو حقيقة قوله: "وتلزمهما الفدية" ثم إن شاء أعطى في أول رمضان وإن شاء أعطى في آخره ولا يشترط في المدفوع إليه العدد قوله: "وكذا من عجز الخ" الأولى حذفه لأن المصنف ذكره صريحا بعد ومعناه أنه عجز عن إنهاء الصوم الذي لزمه بنذر الأبد قوله: "لا لغيرهم من ذوي الأعذار" كالحامل والمرضع والمريض والمسافر فإنهم لا يقدرون لعدم ورود نص فيهم والأولى حذف اللام لأن المعنى لا تلزم غيرهم قوله: "لكل يوم نصف صاع" لو قال وتلزمها الفدية كالفطرة لكان أخصر وأشمل قوله: "بشرط دوام عجز الفاني والفانية" فمن قدرا قضيا قوله: "ومات قبل الإقامة" أما إذا أقام فمقتضى ما سبق التفصيل إن أقام شهرا وجبت عليه الفدية بقدره وإن أقام أقل منه وجبت بقدره قوله: "لا تجب عليه الفدية" لأنه يخالف غيره في التخفيف لا في التغليظ كذا في الشرح وقال في الدر في وجوب الفدية على الفاني إذ الصوم أصل بنفسه وخوطب بأدائه حتى لو لزمه الصوم لكفارة يمين أو قتل ثم عجز لم تجز الفدية لأن الصوم هنا بدل عن غيره ولو كان مسافرا فمات قبل الإقامة لم يجب الإيصاء قوله: "فضعف" وكذا لو أفطر أياما مع القدرة فإن القضاء غير متأت له فالتقييد بالضعف اتفاقي فيما يظهر قوله: "أي يطلب منه العفو" أي يطلب منه الإقالة وهي ترك المؤاخذ وهو العفو قوله: "هو أصل بنفسه" أي كالصورتين السابقتين قوله: "لا بدل عن
كفارة يمين أو قتل" أو إظهار أو إفطار "فلم يجد ما يكفر به من عتق" وإطعام وكسوة "وهو شيخ فان أو لم يصم" حال قدرته على الصوم حتى صار فانيا "لا تجوز له الفدية" لأن الصوم بدل عن غيره وهو التكفير بالمال ولذا لا يجوز المصير إلى الصوم إلا عند العجز عما يكفر به من المال فإن أوصى بالتكفير نفذ من الثلث ويجوز في الفدية الإباحة في الطعام أكلتان مشبعتان في اليوم كما يجوز التمليك بخلاف صدقة الفطر فإنه لا بد فيها من التمليك كالزكاة. اعلم أن ما شرع بلفظ الإطعام أو الطعام يجوز فيه التمليك والإباحة وما شرع بلفظ الإيتاء أو الأداء يشترط فيه التمليك "ويجوز للمتطوع" بالصوم "الفطر بلا عذر في رواية" عن أبي يوسف قال الكمال واعتقادي أنها أوجه لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "هل عندكم شيء" فقلنا "لا" فقال: "إني إذا صائم" ثم أتى في يوم آخر فقلنا "يا رسول الله أهدي إلينا حيس" فقال: "أرينه" فقلت "أصبحت صائما فأكل" وزاد النسائي "ولكن أصوم يوما مكانه" وصحح هذه الزيادة أبو محمد عبد الحق وذكر الكرخي وأبو بكر أنه ليس له أن يفطر إلا من عذر وهو ظاهر الرواية لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل وإن كان
ــ
غيره" لأن البدل لا بدل له قوله: "أو قتل" أي قتل نفس خطأ قوله: "من عتق" عام للكفارات الأربع وقوله وإطعام وكسوة خاص بكفارة اليمين أما القتل فلا إطعام فيه كما لا كسوة وأما الظهار ففيه الإطعام لكنه بعد الصيام وكذا الإفطار قوله: "أو لم يصم" مقابل قوله وهو شيخ فان أي أنه لا فرق في عدم الفدية في الصوم الذي ليس أصلا بين أن يجب عليه وهو قادر عليه ثم تراخى فيه حتى فني وبين أن يصدر موجبه من ظهار أو يمين مثلا في حالة فنائه قوله: "ولذا لا يجوز" أي لكون الصوم هنا بدلا قوله: "أكلتان مشبعتان" بفتح الهمزة تثنية أكلة المرة الواحدة من الأكل لا بالضم لأنها اللقمة قوله: "لليوم" أي لفدية كل يوم قوله: "بلفظ الإطعام" ككفارة المظاهر والمفطر في رمضان قوله: "أو الطعام" وهو جزاء الصيد المقتول في الحرم أو الإحرام فإن الله تعالى قال: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} قوله: "بلفظ الإيتاء" كالزكاة فإن الله تعالى قال: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} قوله: "أو الإداء" كما في زكاة الفطرة فقد ورد أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير نصف صاع من بر أو صاعا من شعير قوله: "فقال إني إذن صائم" صريح في صح النية نهارا في النفل كما هو المذهب قوله: "أهدى إلينا حيس" هو تمر ينزع نواه ويدق مع الإقط ويعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد وهو في الأصل مصدر يقال حاس الرجل حيسا إذا اتخذ ذلك قاله السيد في الحاشية عن المصباح والإقط مثلثة وتحرك وككتف ورجل وابل شيء يتخذ من المخيض الغنمي والمخيض هو اللبن الذي أخذ زبده والمضارع مثلث الخاء قاموس.
صائما فليصل" أي فليدع قال القرطبي: ثبت هذا الحديث عنه عليه الصلاة والسلام ولو كان الفطر جائزا كان الأفضل الفطر لإجابة الدعوة التي هي السنة وصححه في المحيط. اعلم أن فساد الصوم والصلاة بلا عذر بعد الشروع فيهما نفلا مكروه وليس بحرام لأن الدليل ليس قطعي الدلالة وإن لزم القضاء وإذا عرض عذر أبيح للمتطوع الفطر اتفاقا "والضيافة عذر على الأظهر للضيف والمضيف" فيما قبل الزوال لا بعده إلا أن يكون في عدم فطره بعده عقوق لأحد الأبوين لا غيرهما للتأكد ولو حلف شخص بالطلاق ليفطرن فالاعتماد على أنه يفطر ولو بعد الزوال ولا يخشاه لرعاية حق أخيه "ولو البشارة بهذه الفائدة الجليلة" قال في
ــ
قوله: "فليدع" حمله بعضهم على الصلاة الحقيقية لأنها المرادة شرعا ولتحصل بركة الصلاة للمحل والحاضرين قوله: "مكروه" الظاهر من إطلاقهم أنها كراهة تحريم قوله: "لأن الدليل" وهو قوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} قوله: "ليس قطعي الدلالة" لاحتمال أن يكون المعنى والله تعالى أعلم ولا تبطلوا ثواب أعمالكم بنحو رياء وسمعة قوله: "والضيافة عذر على الأظهر" لما رواه الطبراني في كبيره عن ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فإن أراد أن يفطر فليفطر إلا أن يكون صومه ذلك رمضان أو قضاء رمضان أو نذرا" اهـ كذا في الجامع الصغير للسيوطي قوله: "على الأظهر" وقيل عذر مطلقا وقيل ليست بعذر مطلقا وقيل عذران وثق من نفسه بالقضاء وإن كان لا يثق لا يفطر وإن كان في ترك الإفطار أذى أخيه المسلم قال شمس الأئمة الحلواني وهو أحسن ما قيل في هذا الباب بحر وقيد صاحب التنوير العذر بها بما إذا كان صاحبها ممن لا يرضى بمجرد حضوره ويتأذى بترك الإفطار وإلا فلا قال في الدر عن الظهيرية وهو الصحيح من المذهب قوله: "للضيف" يقال للواحد والجمع ويجمع على أضياف وضيوف وضيفان قوله: "والمضيف" بفتح الميم أصله مضيوف وفي عبارة القاموس ما يفيد أنه يقال مضاف قوله: "إلا أن يكون في عدم فطره بعده عقوق لأحد الأبوين" فيفطر بعده إلى العصر لا بعده كذا في الدر قوله: "للتأكد" أي تأكد حق الوالدين وفي الشرح ما يفيد أنه علة لقوله لا بعده وعبارته ووجه الفرق أن الصوم في أول اليوم لا يتأكد عادة لما عرف أنه لا يشتد على البدن ولا كذلك بعد الزوال اهـ بتصرف فإن قوله ولا كذلك بعد الزوال أي فإنه يتأكد اهـ قوله: "بالطلاق" أطلقه فعم الرجعي وهل العتق مثله يحرر قوله: "فالاعتماد على أنه يفطر" ولو كان صائما قضاء تنوير وشرحه قوله: "ولو بعد الزوال" الذي يلوح من عبارة صاحب النهر أن ذلك فيما إذا كان قبل الزوال لا بعده قوله: "ولا يحنثه" استشكل بما هو مصرح به من أنه في الحلف على ما لا يملك يبر بمجرد القول فيبر بقوله أفطر ويمكن التوفيق بحمل ما هنا مما يقتضي أنه إن لم يفطر يحنث على ما إذا كان الحلف بطريق التعليق أو يحمل على ما إذا لم يأمره بالفعل قاله السيد في حاشية الأشباه قوله: "لرعاية حق أخيه" علة لقوله يفطر قوله:
التجنيس والمزيد: رجل أصبح صائما متطوعا فدخل على أخ من إخوانه فسأله أن يفطر لا بأس بأن يفطر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أفطر لحق أخيه يكتب له ثواب الصوم ألف يوم ومتى قضى يوما يكتب له ثواب صوم ألفي يوم" ونقله أيضا في التتارخانية والمحيط والمبسوط "وإذا أفطر" المتطوع "على أي حال" كان "عليه القضاء" لا خلاف بين أصحابنا في وجوب صيانة لما مضى عن البطلان "إلا إذا شرع متطوعا" بالصوم "في خمسة أيام يومي العيدين وأيام التشريق فلا يلزمه قضاؤه بإفسادها في ظاهر الرواية" عن أبي حنيفة رحمه الله لأن صومها مأمور بنقضه ولم يجز لأن بنفس الشروع ارتكب المنهي عنه للإعراض عن ضيافة الله تعالى فأمر بقطعه وعن أبي يوسف ومحمد عليه القضاء يعني وإن وجب الفطر وفيما ذكرنا إشارة إلى قضاء نفل الصلاة التي قطعه عند نحو الطلوع كما تقدم والله الموفق بمنه الأعظم للدين الأقوم
ــ
"قال في التجنيس" بيان للفائدة قوله: "فسأله" ظاهره ولو كان السؤال بغير يمين وكذلك قوله في الحديث لحق أخيه عام قوله: "ثواب صوم ألفي يوم" أي غير الألف السابقة قوله: "وإذا أفطر على أي حال كان" سواء كان الفطر لعذر أم لا وسواء أفسده قصدا أم لا وهذا إذا شرع قصدا فلو شرع فيه ظنا أنه عليه تذكر أنه ليس عليه شيء فأفطر فورا فلا قضاء عليه أما لو مضى ساعة لزمه القضاء لأنه يمضيها صار كأنه نوى في هذه الساعة أفاده في البحر والمراد بالساعة القطعة من الزمن وانظر ما لو تذكر أنه ليس عليه ونوى قطعه إلا أنه لم يتعاط مفطرا هل يكون شارعا ومقتضى قولهم أنه بنية الفطر لا يكون مفطرا أنه لا يعد إفطارا أو يكون مشروعا وحرره قوله: "لا خلاف بين أصحابنا" إلا في صائمة تطوعا عرض عليها الحيض ففي القضاء خلاف والأصح الوجوب قوله: "صيانة لما مضى" أي من الشروع عن البطلان فإنه لما أعقب القضاء كان غير باطل بخلاف ما إذا لم يعقبه قوله: "وعن أبي يوسف ومحمد عليه لقضاء" لأن الشروع ملزم كالنذر كالشروع في الصلاة في الأوقات المكروهة ووجه الفرق للإمام أن القضاء بالشروع يبتني على وجوب الإتمام وهو منتف لأنه بنفس الشروع يكون مرتكبا للنهي فأمر بقطعه بخلاف النذر حيث لم يصر مرتكبا للنهي بمجرد النذر لأنه التزم طاعة الله تعالى وإنما المعصية بالفعل وبخلاف الشروع في الصلاة في الأوقات المكروهة حيث لم يصر مرتكبا للنهي بمجرد الشروع ولهذا لا يحنث به إن حلف لا يصلي ما لم يسجد والشروع هو الموجب للقضاء دون الصلاة فصار كالنذر ولأنه يمكنه الأداء بذلك الشروع في الصلاة لا على وجه الكراهة بأن يمسك حتى تبيض الشمس زيلعي قوله: "وفيما ذكرنا" أي من قوله لأنه بنفس الشروع ارتكب المنهي عنه الخ فإنه لا يقال في الصلاة أنه بنفس الشروع فيها ارتكب المنهى عنه بل إنما يكون ذلك بالسجود بدليل مسئلة اليمين قوله: "عند نحو الطلوع" هو الاستواء والغروب والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.