المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل صلاة - حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

[الطحطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌فصل في بيان أحكام السؤر

- ‌فصل في مسائل الآبار

- ‌فصل في الاستنجاء

- ‌فصل".فيما يجوز به الاستنجاء

- ‌فصل: في" أحكام "الوضوء

- ‌فصل".في تمام أحكام الوضوء

- ‌فصل".في سنن الوضوء

- ‌فصل: من آداب الوضوءأربعة عشر شيئا

- ‌فصل".في المكروهات

- ‌فصل في أوصاف الوضوء

- ‌فصل: نواقض الوضوء

- ‌فصل عشرة أشياء لا تنقض الوضوء

- ‌فصل: عشرة أشياء لا يغتسل منها مذي

- ‌فصل لبيان فرائض الغسل

- ‌فصل في سنن الغسل

- ‌فصل: وآداب الاغتسال

- ‌فصل يسن الاغتسال لأربعة أشياء

- ‌باب التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌فصل في الجبيرة ونحوها

- ‌باب الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌باب الأنجاس والطهارة عنها

- ‌فصل: يطهر جلد الميتة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌فصل" في الأوقات المكروهة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة وأركانها

- ‌فصل في متعلقات الشروط وفروعها

- ‌فصل في بيان واجب الصلاة

- ‌فصل في بيان سننها

- ‌فصل: من آدابها

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الصلاة

- ‌باب الإمامة

- ‌فصل: يسقط حضور الجماعة بواحد من ثمانية عشر شيئا

- ‌فصل: في بيان الأحق بالإمامة

- ‌فصل: فيما يفعله المقتدي بعد فراغ إمامه من واجب وغيره لو سلم الإمام

- ‌فصل: في صفة الأذكار

- ‌باب فيما لا يفسد الصلاة

- ‌فصل في المكروهات

- ‌فصل في اتخاذ السترة ودفع المار بين يدي المصلى إذا ظن

- ‌فصل فيما لا يكره للمصلي

- ‌فصل فيما يوجب قطع الصلاة وما يجيزه

- ‌باب الوتر وأحكامه

- ‌فصل في بيان النوافل

- ‌فصل في تحية المسجد وصلاة الضحى وإحياء الليالي

- ‌فصل في صلاة النفل جالسا وفي الصلاة على الدابة وصلاة الماشي

- ‌فصل: في صلاة الفرض والواجب على الدابة

- ‌فصل في الصلاة في السفينة صلاة الفرض

- ‌فصل: في صلاة التراويح

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة المريض

- ‌فصل في إسقاط الصلاة والصوم

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب سجود السهو

- ‌فصل في الشك

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌فصل: سجدة الشكر مكروهة عند أبي حنيفة رحمه الله

- ‌باب الجمعة

- ‌باب أحكام العيدينمن الصلاة وغيرها سمي عيدا

- ‌باب صلاة الكسوف والخسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب أحكام الجنائز

- ‌فصل الصلاة عليه

- ‌فصل السلطان أحق بصلاته

- ‌فصل في حملها ودفنها

- ‌فصل في زيارة القبور

- ‌باب أحكام الشهيد

- ‌كتاب الصوم

- ‌مدخل

- ‌فصل في صفة الصوم وتقسيمه

- ‌فصل فيما لا يشترط تبييت النية وتعيينها فيه وما يشترط

- ‌فصل فيما يثبت به الهلال وفي صوميوم الشك

- ‌باب في بيان ما لا يفسد الصوم

- ‌فصل في الكفارة وما يسقطها عن الذمة

- ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء

- ‌فصل يجب الإمساك

- ‌فيما يكره للصائم وما لا يكره وما يستحب

- ‌فصل في العوارض

- ‌باب ما يلزم الوفاء به

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌باب المصرف

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الحج

- ‌فصل القران

- ‌فصل التمتع

- ‌فصل العمرةسنة

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل قوله: "ولا شيء بقتل غراب

- ‌فصل الهدي

- ‌فصل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل صلاة

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل صلاة المرأة فقال: "في أشد مكان من بيتها ظلمة" فعلى هذا ينبغي أنها إذا التزمت الصلاة في المسجد الحرام بالنذر فصلت في أشد مكان من بيتها ظلمة تخرج عن موجب نذرها على ما يقول زفر رحمه الله "وإن علق" الناذر "النذر بشرط" كقوله إن قدم زيد فلله علي أن أتصدق بكذا "لا يجزئه عنه ما فعله قبل وجود شرطه" لأن المعلق بالشرط عدم قبول وجوده وإنما يجوز الأداء بعد وجود السبب الذي علق النذر به والله المنان بفضله.

ــ

قوله: "فعلى هذا الخ" لا يظهر إلا في النذر المعلق أما غير المعلق لا يختص بمكان كما قدمه قريبا قوله: "عن موجب" بفتح الجيم قوله: "على ما يقوله زفر" أما على قول غيره فتخرج عنه بصلاتها في أي مكان كان وفيه أن زفر يقول بالتعيين من غير نظر لكثرة الثواب كما هو المتبادر عنه قوله: "لا يجزيه عنه ما فعله قبل وجود شرطه" بقي ما لو وجد الشرط هل يتعين الزمان والمكان والفقير والدرهم والظاهر نعملها في التنوير ثم إن علقه بشرط يريده كان قدم غاثبي يوفي إن وجد اهـ فإنه لا يكون موفيا إلا إذا كان على الوجه المذكور في نذره.

تتمة: النذر لا يدخل تحت الحكم ولو بعتق رقبة في ملكة نذر أن يذبح ولده فعليه شاة لقصة الخليل عليه السلام نذر أن يتصدق بعشرة دراهم من الخبز فتصدق بغيره جاز إن ساوى العشرة كتصدقه بثمنه قال على نذر ولم يزد عليه ولا نية له فعليه كفارة يمين فإن وصل به المشيئة بطل لأنها تبطل كل ما تعلق بالقول عبادة أو معاملة قال إن ذهبت هذه العلة فعلى كذا فذهبت ثم عادت لا يلزمه شيء اهـ من التنوير وشرحه من الإيمان وفيهما من عوارض الصوم واعلم أن صيغة النذر تحتمل اليمين فلذا كانت ست صور ذكرها بقوله فإن لم ينو بنذره الصوم شيئا أو نوى النذر فقط أي من غير تعرض لليمين أو نوى النذر ونوى أن لا يكون يمينا كان في هذه الصور نذرا فقط إجماعا عملا بالصيغة وإن نوى اليمين وأن لا يكون نذرا كان يمينا إجماعا وعليه كفارة يمين أن أفطر وإن نواهما أو نوى اليمين من غير تعرض للنذر كان نذرا ويمينا حتى لو أفطر يجب القضاء للنذر والكفارة لليمين عملا بعموم المجاز خلافا للثاني والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.

ص: 698

‌باب الاعتكاف

هو لغة اللبث والدوام على شيء وهو متعد فمصدره العكف ولازم فمصدره.

ــ

باب الاعتكاف

وجه المناسبة للصوم والتأخير عنه اشتراط الصوم في بعضه والطلب الأكيد في العشر الأخير من رمضان وهو من الشرائع القديمة لقوله تعالى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ}

ص: 698

العكوف فالمتعدي بمعنى الحبس والمنع ومنه قوله تعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً} ومنه الاعتكاف في المسجد لأنه حبس النقص ومنعها واللازم الإقبال على شيء بطريق المواظبة ومنه قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} وشرعا "هو الإقامة بنيته" أي بنية الاعتكاف "في مسجد تقام فيه الجماعة بالفعل للصلوات الخمس" لقول علي وحذيفة رضي الله عنهما لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ولأنه انتظار الصلاة على أكمل الوجوه بالجماعة "فلا يصح في مسجد لا تقام فيه الجماعة لصلاة" في الأوقات الخمس "على المختار" عن أبي يوسف الاعتكاف الواجب لا يجوز في غير مسجد الجماعة والنقل يجوز وهذا في حق الرجال "وللمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها وهو محل عينته" المرأة "للصلاة فيه" فإن لم تعين لها

ــ

[الحج: 125] قاله السيد قوله: "هو لغة اللبث" بفتح اللام وتضم المكث اهـ در قوله: "وهو" أي الاعتكاف في حد ذاته لا بالمعنى المتقدم لأنه به يناسب اللازم والمعنى أن فعله يأتي لازما ومتعديا قوله: "متعد" فيكون من باب ضرب ولازم فيكون من باب طلب ذكره السيد قوله: "والهدى معكوفا" أي محبوسا أي حبسه ومنعه الكفار سنة ست في الحديبية عن أن يبلغ محله وهو الحرم قوله: "لأنه حبس النفس" أي على طاعة الله تعالى وملازمة بيته وقوله ومنعها أي عن الخروج عن المسجد وعن المعاصي قوله: "وشرعا هو الإقامة" هذا معنى اللازم وقد جعل الاعتكاف في المسجد من المتعدى والظاهر أنه إن اعتبر فيه حبس النفس يأتي من المتعدى وإن اعتبر فيه اللبث والإقامة يكون من اللازم قوله: "بنية" سيأتي أن النية شرطه فلا يحصل له ثوابه ولا يخرج عن واجبه بدونها قوله: "بالفعل" ظاهره ولو بكون المقيم لها المعتكف وعبارة التنوير مع شرحه هو لبث ذكر في مسجد هو ماله إمام ومؤذن أديت الخمس فيه أولا وعن الإمام اشتراط أداء الخمس فيه وصححه بعضهم وقال لا يصح في كل مسجد وصححه السروجي وأما الجامع فيصح فيه مطلقا اتفاقا اهـ فما ذكره المؤلف أحد قولين عن الإمام قوله: "ولأنه انتظار الصلاة الخ" أي فيختص بمكان يصلي فيه بالجماعة كذا في الشرح قوله: "على أكمل الوجوه" متعلق بمحذوف صفة الصلاة وقوله بالجماعة تصوير لأكمل الوجوه قوله: "على المختار" هذا مذهب الإمام وقالا يصح في كل مسجد وصححه السروجي قوله: "وعن أبي يوسف الخ" وجهه ظاهر فإن الواجب لا بد فيه من إقامة الصلاة في المسجد فاشتراط الجماعة له وجه وأما النفل فينتهي بالخروج ولا يلزمه صلاة في المسجد فلا وجه لاشتراط الجماعة فيه قوله: "وللمرأة الأعتكاف في مسجد بيتها" ولا تخرج منه إذا اعتكفت فلو خرجت لغير عذر يفسد واجبه وينتهي نفله ولو اعتكفت في المسجد فظاهر ما في النهاية أنه يكره تنزيها وينبغي على قياس ما صرحوا به من أن المختار منعهن من الخروج في الصلوات كلها أن لا يتردد في منعهن من الاعتكاف في المسجد قاله السيد

ص: 699

محلا لا يصح لها الاعتكاف فيها وهي ممنوعة من حضور المساجد والركن اللبث وشرط المسجد المخصوص والنية والصوم في المنذور والإسلام والعقل لا البلوغ والطهارة من حيض ونفاس في المنذور لا اشتراط الصوم لها ولا تشترط الطهارة من الجنابة لصحة الصوم معها ولو في المنذور وسببه النذر في المنذور والنشاط الداعي إلى طلب الثواب في النفل وحكمه سقوط الواجب ونيل الثواب إن كان واجبا وإلا فالثاني سنذكر محاسنه. وأما صفته فقد بينها بقوله "والاعتكاف" المطلوب شرعا "على ثلاثة أقسام واجب في المنذور" تنجيزا أو تعليقا "وسنة" كفاية "مؤكدة في العشر الأخير من رمضان" لا اعتكافه صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه بعده لأنه صلى الله عليه وسلم لما اعتكف العشر الأوسط أتاه جبريل عليه السلام فقال: "إن الذي تطلب أمامك" يعني ليلة القدر فاعتكف العشر الأخير وعلى هذا ذهب الأكثر إلى أن ليلة القدر في العشر الأخير من رمضان فمنهم من قال في ليلة إحدى وعشرين ومنهم في سبع وعشرين وفي الصحيح "التمسوها في العشر الأواخر" والتمسوها في كل وتر وعن أبي حنيفة أنها في رمضان ولا

ــ

تنبيه: أفضل الاعتكاف ما كان في المسجد الحرام ثم في مسجده صلى الله عليه وسلم ثم في المسجد الأقصى ثم في الجامع نهر واعلم أن المسجد يتعين بالشروع فيه فليس له أن ينتقل إلى مسجد آخر من غير عذر سيد عن الحموي قوله: "وهي ممنوعة عن حضور المساجد" يؤيد ما ذكره السيد سابقا قوله: "المسجد المخصوص" وهو ما تقام فيه الجماعات عند الإمام قوله: "لا البلوغ فيصح اعتكاف الصبي العاقل ولا تشترط الحرية فيصح من العبد وكذا المرأة بإذن الزوج والمولى منح ولو أذن لها لم يكن له الرجوع لكونه ملكها منافع الاستمتاع بنفسها وهي من أهل الملك بخلاف المملوك لأنه ليس من أهله وقد أعاره منافعه وللمعير الرجوع لكنه يكره لخلف الوعد بحر وكذا لو أذن لها في صوم شهر بعينه وصامت فيه متتابعا ليس له منعها لأنه أذن لها في التتابع كذا في كتابة الدر قوله: "والطهارة الخ" عطف على قوله المسجد المخصوص فهي شرط صحة وأما النفل بناء على أنه لا يشترط له الصوم وهو المعتمد فهي شرط الحل كما نبه عليه صاحب النهر قوله: "ولا تشترط الطهارة من الجنابة" أي لصحته بل لحله قوله: "تنجيزا" كقوله لله على أن اعتكف كذا قوله: "أو تعليقا" كقوله إن شفي الله مريضي فلانا لاعتكفن كذا قوله: "وسنة كفاية" قال الزاهدي عجبا للناس كيف تركوا الإعتكاف وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل الشيء ويتركه ولم يترك الاعتكاف منذ دخل المدينة إلى أن مات فهذه المواظبة المقرونة بعدم الترك مرة لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة كانت دليل السنية أي على الكفاية وإلا كانت دليل الوجوب على الأعيان قوله: "لأنه صلى الله عليه وسلم" علة للعلة قوله: "وعن هذا" أي عن قول جبريل أي لأجله قوله: "وعن أبي حنيفة" رضي الله عنه أي في غير المشهور عنه.

ص: 700

يدري أي ليلة هي وقد تتقدم وقد تتأخر وعندهما كذلك إلا أنه معينة لا تتقدم ولا تتأخر والمشهور عن الإمام أنها تدور في السنة كما قدمناه في إحياء الليالي وذكرت هنا طلبا لزيادة الثواب وقيل في أول ليلة من رمضان وقيل ليلة تسع وعشرين وقال زيد بن ثابت ليلة أربع وعشرين وقال عكرمة ليلة خمس وعشرين. وأجاب أبو حنيفة عن الأدلة المفيدة لكونها في العشر الأواخر بأن المراد في ذلك لرمضان الذي التمسها عليه السلام فيه ومن علامتها أنها بلجة ساكنة لا حارة ولا قارة تطلع الشمس صبيحتها بلا شعاع كأنها طشت وإنما أخفيت ليجتهد في طلبها فينال بذلك أجر المجتهد في العبادة كما أخفى الله سبحانه وتعالى الساعة ليكونوا على وجل من قيامها بغتة والله سبحانه وتعالى أعلم "و" القسم الثالث "مستحب فيما سواه" أي في أي وقت شاء سوى العشر الأخير ولم يكن منذورا "والصوم شرط لصحة" الاعتكاف "المنذور" ولا نذر لأنه من متعلقات اللسان

ــ

قوله: "وعندهما كذلك" أي في رمضان وفائدة الخلاف لو قال لعبده أنت حر ليلة القدر وكان أول ليلة من رمضان فلا يعتق عنده حتى يمضي رمضان الآتي كله لاحتمال أنها في رمضان السابق كانت أول ليلة منه وفي الثاني في آخره وعندهما يعتق بمضي ليلة من رمضان الآتي لأنها إن كانت في الأولى دائما فقد جاءت وإن كانت في غيرها من الليالي بعدها فقد حصلها برمضان السابق قوله: "والمشهور عن الإمام" وقد روى عن غيره أيضا قال في المحيط والفتوى على قول الإمام لكن قيده بكون الحالف فقيها يعرف الاختلاف وإلا فهي ليلة السابع والعشرين اهـ در قوله: "وذكرت هنا" أي وإنما ذكرتها هنا مع تقدم الكلام عليها في إحياء الليالي طلبا للثواب أي لأجل طلبي الثواب بسبب التنبيه عليها بالإعادة قوله: "في ذلك الرمضان" أل للحضور أي رمضان الحاضر الذي أمر جبريل فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن يلتمسها في عشرة الأخير قوله: "أنها بلجة" أي مشرقة منيرة وفي القاموس رجل بلج طلق الوجه بسكون اللام والظاهر أن بلجة هنا بالسكون لا بالكسر قوله: "ولا قارة أي باردة بل متوسطة قوله: "تطلع الشمس الخ" ذكروا أن الدعاء ليلتها ويومها مستجاب فإن فاته ليلتها أدركه يومها قوله: "كأنها طشت" بالشين المعجمة والسين بفتح الطاء وكسرها فيهما وقد تبدل التاء سينا وتدغم في السين المهملة مع فتح الطاء وكسرها فهي ست لغات قوله: "وإنما أخفيت الخ" كما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة ليجتهد في جميعه بالعبادة وكما أخفي الولي في الخلق ليحسن الظن بكل مسلم ويتبرك به قوله: "ليجتهد" بالبناء للفاعل أي المكلف مثلا لقوله بعد فينال قوله: "سوى العشر الأخير" أي من رمضان فإنه فيه سنة وهو على حذف أي تفسير للضمير في سواه قوله: "والصوم شرط لصحة الاعتكاف المنذور" فلو قال لله علي أن اعتكف شهرا بغير صوم عليه أن يعتكف ويصوم بحر قوله: "لأنه من متعلقات

ص: 701

بخلاف النية فإن محلها القلب "فقط" وليس شرطا في النفل لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه" ومبنى النفل على المساهلة وروى الحسن أنه يلزمه الصوم بتقديره عليها باليوم كالمنذور أقله يوما للصوم "و" لكن المعتمد أن "أقله نفلا مدة يسيرة" غير محدودة فيحصل بمجرد المكث مع النية "ولو كان" الذي نواه "ماشيا" أي مارا غير جالس في المسجد ولو ليلا وهو حيلة من أراد الدخول والخروج من باب آخر في المسجد حتى لا يجعله طريقا فإنه لا يجوز "على المفتى به" لأنه متبرع وليس الصوم من شرطه وكل جزء من اللبث عبادة مع النية بلا انضمام إلى آخر ولذا لم يلزم النفل فيه بالشروع لانتهائه بالخروج "ولا يخرج منه" أي من معتكفه فيشمل المرأة المعتكفة بمسجد بيتها "إلا لحاجة شرعية" كالجمعة والعيدين فيخرج في وقت يمكنه إدراكها مع صلاة سنتها قبلها ثم يعود وإن أتم اعتكافه في الجامع صح وكره "أو" حاجة "طبيعية" كالبول والغائط وإزالة نجاسة واغتسال من جنابة باحتلام لأنه عليه السلام كان لا يخرج من معتكفه إلا

ــ

اللسان" بكسر اللام أي لأن النظر مما يتعلق باللسان أي بنطقه فلا يتحقق إلا به قوله: "إلا أن يجعله الخ" أي يوجبه بالنذر قوله: "لتقديره" أي النفل قوله: "عليها" أي على رواية الحسن المأخوذة من روى قوله: "غير محدودة" دفع بذلك توهم الساعة الفلكية قوله: "أي مارا غير جالس الخ" لأنه لا بد فيه من لبث ولو قليلا بين الخطوات قوله: "وهو" أي الاعتكاف بنيته حيلة الخ قوله: "فإنه لا يجوز" أي جعله طريقا قوله: "لأنه متبرع" علة لقول المصنف أقله نفلا مدة يسيرة قوله: "والعيدين" فيه أن العيدين يكره صومهما تحريما وأجيب بأن الواجب عليه عدم الصوم فيقضيه في غيرهما ولكنه لو صام خرج عن العهدة فإذا خرج حينئذ لعذر لا يفسد قوله: "فيخرج في وقت يمكنه إدراكها مع صلاة سنتها قبلها" يحكم في ذلك رأيه ويسنن بعدها أربعا أو ستا على الخلاف در قوله: "وكره" فالرجوع إلى الأول أفضل لأن الإتمام في محل واحد أشق على النفس نهر أي فالثواب فيه أكثر وتبعه الحموي وفيه مخالفة لما قدمه عن البرجندي من أن المسجد يتعين بالشروع فيه فليس له أن ينتقل إلى مسجد آخر من غير عذر اهـ إلا أن يقال خروجه لصلاة الجمعة هو العذر المبيح للإنتقال إلى غيره كذا في حاشية السيد قوله: "أو حاجة طبيعية" أي يدعو إليها طبع الإنسان ولو ذهب بعد أن خرج إليها لعيادة مريض أو صلاة جنازة من غير أن يكون لذلك قصدا جاز بخلاف ما إذا خرج لحاجة الإنسان ومكث بعد فراغه فإنه ينتقض اعتكافه عند الإمام بحر "واغتسال من جنابة باحتلام" أما جناية الوطء فمفسدة وفيه أن الغسل من الحوائج الشرعية ولعل عدم إياه من الطبيعية باعتبار سببه كذا في كتابة الدرر وفي التتارخانية عن الحجة لو شرط وقت النذر أن يخرج لعيادة المريض وصلاة الجنازة وحضور مجلس علم جاز ذلك فليحفظ اهـ در.

ص: 702

لحاجة الإنسان "أو" حاجة "ضرورية كانهدام المسجد" وأداء شهادة تعينت عليه "وإخراج ظالم كرها وتفرق أهله" لفوات ما هو المقصود منه "وخوف على نفسه أو متاعه من المكابرين فيدخل مسجدا من ساعته" يريد أن لا يكون خروجه إلا ليعتكف في غيره ولا يشتغل إلا بالذهاب إلى المسجد الآخر "فإن خرج ساعة بلا عذر" معتبر "فسد الواجب" ولا إثم به ويبطل بالإغماء والجنون إذا دام أياما إلا اليوم الأول إذا بقي وأتمه في المسجد ويقضي ما عداه بعد زوال الجنون وإن طال الجنون استحسانا وقالا إن خرج أكثر اليوم فسد وإلا فلا "وانتهى به" أي بالخروج "غيره" أي غير الواجب وهو النفل إذ ليس له حد "وأكل المعتكف وشربه ونومه وعقده البيع لما يحتاجه لنفسه أو عياله"

ــ

قوله: "أو حاجة ضرورية الخ" قال السيد في شرحه اعلم أن ما ذكره المصنف من عدم فساد الاعتكاف بالخروج لأجل انهدام المسجد وما بعده من الأعذار التي ذكرها هو مذهب الصاحبين وأما عند الإمام فيفسد لأن العذر في هذه المسائل مما لا يغلب وقوعه اهـ وفي الدر المختار وأما ما لا يغلب كإنجاء غريق وانهدام مسجد فمسقط للإثم لا للبطلان وإلا لكان النسيان أولى بعدم الفساد كما حققه الكمال خلافا لما فصله الزيلعي وغيره لكن في النهر وغيره جعل عدم الفساد لانهدامه وبطلان جماعته وإخراجه كرها استحسانا اهـ قوله: "وأداء شهادة تعينت عليه" فيه أن هذا من الحوائج الشرعية قوله: "لفوات ما هو المقصود منه" علة لعدم الفساد في هذه المسائل يعني إنما لم يفسد اعتكافه بل يخرج إلى غيره لأن المقصود للمعتكف وهو أداء الصلاة في ذلك المسجد على أكمل الوجوه قد فات قوله: "من المكابرين" أي المتجبرين من الكبر بمعنى التجبر قوله: "يريد أن لا يكون الخ" أي وليس المراد إرادة الساعة حقيقة لاحتمال بعد المسافة بين المسجدين قوله: "بلا عذر معتبر" أي في عدم الفساد فلو خرج لجنازة محرمة أو زوجته فسد لأنه وإن كان عذرا إلا أنه لم يعتبر في عدم الفساد قوله: "ولا إثم عليه به" أي بالعذر أي وأما بغير العذر فيأثم لقوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] قوله: "إذا دام" أي كل منهما قوله: "وأتمه في المسجد" أما إذا خرج منه فعليه قضاؤه أيضا لعدم وجود الركن قوله: "ويقضي ما عداه بعد زوال الخ" أي بالصوم عند القدرة جبرا لما فاته غير أن المنذور إن كان اعتكاف شهر بعينه يقضي قدر ما فسد لا غير ولا يلزمه الاستقبال كما في صوم رمضان وإن كان اعتكاف شهر بغير عينه يلزمه الاستقبال لأنه لزمه متتابعا فيراعي فيه صفة التتابع وتمامه في البحر قوله: "وقالا أن خرج أكثر اليوم الخ" قالوا: وهو الاستحسان فيقتضي ترجيح قولهما بحر وبحث فيه الكمال ورجح قوله لأن الضرورة التي يناط بها التخفيف اللازمة والغالبة وليس هنا كذلك اهـ أي فيكون من المواضع التي يعمل فيها بالقياس كذا في تحفة الأخيار قوله: "وأكل المعتكف الخ" وله غسل رأسه في المسجد إذا لم يلوثه بالماء المستعمل فإن كان بحيث يتلوث يمنع منه لأن

ص: 703

لا يكون إلا "في المسجد" لضرورة الاعتكاف حتى لو خرج لهذه الأشياء يفسد اعتكافه وفي الظهيرية وقيل يخرج بعد الغروب للأكل والشرب "وكره إحضار المبيع فيه" لأن المسجد محرر عن حقوق العباد فلا يجعله كالدكان "وكره عقد ما كان للتجارة" لأنه منقطعا إلى الله تعالى فلا يشتغل بأمور الدنيا ولهذا كره الخياطة ونحوها فيه وكره لغير المعتكف البيع مطلقا "وكره الصمت إن اعتقده قربة والتكلم إلا بخير" لأنه منهي عنه لأنه صوم أهل الكتاب وقد نسخ وأما إذا لم يعتقده قربة فيه ولكنه حفظ لسانه عن النطق بما لا يفيد فلا بأس به ولكنه يلازم قراءة القرآن والذكر والحديث والعلم ودراسته وسير النبي صلى الله عليه وسلم وقصص

ــ

تنظيف المسجد واجب ولو توضأ في المسجد في إناء فهو على هذا التفصيل اهـ بخلاف غير المعتكف فإنه يكره له التوضؤ في المسجد ولو في إناء إلا أن يكون في موضع أعد لذلك لا يصلي فيه وفي الفتح خصال لا تنبغي في المسجد لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا يقبض فيه بقوس ولا ينثر فيه نبل ولا يمر فيه بلحم نيء ولا يضرب فيه حد ولا يتخذ سوقا رواه ابن ماجه في السنن عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "يفسد اعتكافه" لعدم الضرورة در وقيدت هذه الأشياء بالمعتكف لأن غيره يكره له المبايعة فيه مطلقا والأكل والنوم قيل إلا لغريب كما في الأشباه وفي المجتبى ولغير المعتكف أن ينام في المسجد مقيما كان أو غريبا مضطجعا أو متكئا رجلاه إلى القبلة أو إلى غيرها فالمعتكف أولى اهـ لكن قوله رجلاه إلى القبلة محل نظر لما نصوا عليه من كراهة مد الرجل إليها فالحاصل أن في تعاطي هذه الأشياء في المسجد لغير المعتكف قولين والحمد لله الذي جعل دين الإسلام سهلا لا حرج فيه قوله: "وقيل يخرج بعد الغروب للأكل والشرب" قال في البحر ينبغي حمله على ما إذا لم يجد من يأتي له به فحينئذ يكون من الحوائج الضرورية اهـ قوله: "وكره إحضار المبيع فيه" أي تحريما لأنها محل إطلاقهم بحر قوله: "لأن المسجد محرر" أي مخلص وفي نسخة بالزاي آخره أي محفوظ لأن فيه شغله ولهذا قالوا: لا يجوز غرس الأشجار فيه قلت والظاهر أنه لا يكره إحضار المأكول لأنه يتناوله فيه ومثله المشروب فتحمل الكراهة على ما لا يحتاجه لنفسه فيه وفي الحموي عن البرجندي إحضار الثمن أو المبيع الذي لا يشغل في المسجد جائز قوله: "وكره عقد ما كان للتجارة" وإن لم يحضر المبيع فيه قوله: "ولهذا كره الخياطة ونحوها" كبيع وشراء وتعليم كتابة بأجر وكل شيء يكره فيه يكره في سطحه كذا في البحر قوله: "مطلقا" أي سواء حضر المبيع أم لا احتاج إليه أم لا كان للتجارة أم لا كما يفاد من البحر قوله: "وكره الصمت الخ" سئل الإمام عن بيانه فقال أن يصوم ولا يكلم أحدا ولم يبق صوم الصمت قربة في شريعتنا فإنه منهى عنه قوله: "فلا بأس به" المراد به أنه مطلوب شرعا ولما كان يتوهم منه أنه مساو لغيره من القراءة ونحوها قال ولكنه يلازم والمراد أن يكون يلازم ذلك غالب أوقاته قوله: "والذكر" هو وما

ص: 704

الأنبياء عليهم السلام وحكايات الصالحين وكتابه أمور الدين. وأما التكلم بغير خير فلا يجوز لغير المعتكف والكلام المباح مكروه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب إذا جلس في المسجد لذلك ابتداء "وحرم الوطء ودواعيه" لقوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فالتحق به اللمس والقبلة لأن الجماع محظور فيه فيتعدى إلى دواعيه كما في الإحرام والظهار والاستبراء بخلاف الصوم لأن الكف عن الجماع هو الركن فيه والحظر يثبت ضمنا كيلا يفوت الركن فلم يتعد إلى دواعيه لأن ما ثبت بالضرورة يقدر بقدرها "وبطل" الاعتكاف "بوطئه وبالإنزال بدواعيه" سواء كان عامدا

ــ

بعده بالنصب قوله: "وسير النبي صلى الله عليه وسلم" أي ذكر مغازيه وأحواله صلى الله عليه وسلم قوله: "وأما التكلم بغير خير فلا يجوز لغير المعتكف" أي فالمعتكف أولى ورد في الحديث رحم الله أمر أتكلم فغنم أو سكت فسلم فيكره التكلم إلا بخير قال في النهر والظاهر أن المباح عند الحاجة إليه خير لا عند عدمها اهـ قوله: "إذا جلس في المسجد لذلك" أي للكلام المباح ابتداء أي قصدا فأما إذا دخل للصلاة ثم تكلم فلا وبعضهم أطلق قوله: "وحرم الوطء" ورد أنهم كانوا يخرجون ويقضون حاجتهم في الجماع ثم يغتسلون ويرجعون إلى معتكفهم فنزل قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] الآية ويتصور الوطء من المعتكف بأن يخرج لنحو حاجة ضرورية فيجامع فيحرم عليه لأن اسم المعتكف لا يزول عنه بذلك الخروج وليس المراد حرمة الوطء لكونها في المسجد فإنها لا تخص المعتكف ويحتمل أن تكون الزوجة معتكفة في بيتها لا الزوج فيمكن الوطء في غير المسجد وحينئذ يبطل اعتكاف الزوجة حموي عن البرجندي قوله: "فالتحق به اللمس والقبلة" وجه ذلك أن حرمة الوطء لما ثبتت بصريح النص قويت فتعدت إلى الدواعي بخلاف الحيض والصوم حيث لا تحرم الدواعي فيهما لأن حرمة الوطء لم تثبت بصريح النهي ولكثرة الوقوع فلو حرمت الدواعي لزم الحرج وهو مدفوع قوله: "لأن الجماع محظور فيه" أي نصا والأولى زيادته والضمير في فيه إلى الاعتكاف وقوله فيتعدى إلى دواعيه لأنها سببه وسبب المحرم محرم قوله: "والحظر" أي المنع عن الجماع يثبت ضمنا أي لزوما واندراجا لتحقق الركن قوله: "لأن ما ثبت بالضرورة" وهو الجماع الثابت لأجل تحقق الركن وقوله يقدر بقدرها فلا يتعدى إلى الدواعي لأنه يكفي في تحقق الركن الكف عن الجماع فقط قوله: "وبطل بوطئه" مطلقا في قبل ودبر قوله: "أو ناسيا" بخلاف ما لو أكل ناسيا حيث لا يفسد اعتكافه لبقاء الصوم والأصل أن ما كان من محظورات الاعتكاف وهو ما منع منه لأجل الاعتكاف لا لأجل الصوم لا يختلف فيه السهو والعمد والليل والنهار كالجماع وكذا الخروج وما كان من محظورات الصوم وهو ما منع منه لأجل الصوم يختلف فيه العمد والسهو والليل والنهار كالأكل أو الشرب نقله السيد عن حاشية المؤلف والجماع وإن منع منه لأجل الصوم لكن لا كالمنع للاعتكاف فإنه

ص: 705

أو ناسيا أو مكرها ليلا أو نهارا لأن له حالة مذكرة كالصلاة والحج بخلاف الصوم ولو أمنى بالتفكر أو بالنظر لا يفسد اعتكافه "ولزمته الليالي أيضا" أي كما لزمته الأيام "بنذر اعتكاف أيام" لأن ذكر الأيام بلفظ الجمع يدخل فيها ما بإزائها من الليالي وتدخل الليلة الأولى فيدخل المسجد قبل الغروب من أول ليلة ويخرج منه بعد الغروب من آخر أيامه "ولزمته الأيام بنذر الليالي متتابعة وإن لم يشرط التتابع في ظاهر الرواية" لأن مبنى الاعتكاف على التتابع وتأثيره إن ما كان متفرقا في نفسه لا يجب الوصل فيه بالتنصيص وما كان متصل الأجزاء لا يجوز تفريقه إلا بالتنصيص "ولزمته ليلتان بنذر يومين" فيدخل عند الغروب كما ذكرنا لأن المثنى في معنى الجمع فيلحق به هنا احتياطا "وصح نية النهر" جمع نهار "خاصة" بالاعتكاف إذا نوى تخصيصه بالأيام "دون الليالي" إذا نذر اعتكاف دون شهر لأنه نوى حقيقة كلامه فتعمل نيته كقوله نذرت اعتكاف عشرين يوما ونوى بياض النهار

ــ

يخص النهار قوله: "أو مكروها الخ" الأولى أو مكرها قوله: "لأن له حالة مذكرة" وهي كونه في المسجد وقوله كالصلاة المذكر فيها كونه محرما قارئا مستقبلا والمذكر في الحج التجرد عن اللباس وتجنب الطيب قوله: "والحج" فإنه يبطل إحرامه بالوطء وبالإنزال بدواعيه ولو كان ناسيا بخلاف الصوم فإنه لا يبطل بفعل ذلك ناسيا لعدم المذكر قوله: "ولزمته الليالي الخ" وذلك لأن ذكر أحد اللفظين بلفظ الجمع يدخل ما بإزائها من الآخر قال تعالى: {ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً} وقال تعالى: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} القصة واحدة فعبر عنها تارة بالأيام وتارة بالليالي فعلم أن ذكر أحدهما بلفظ الجمع يتناول الآخر وحاصله أنه إما أن يأتي بلفظ المفرد أوالمثنى أو المجموع وكل منها ما أن يكون في الأيام أو الليالي فهي ستة وفي كل منها أما أن ينوي الحقيقة أو المجاز أو ينويهما أو لم تكن له نية فهي أربعة وعشرون وحكم الجميع مذكور في البحر قوله: "متتابعة" حال من الأيام وحذف نظيره من الجملة السابقة قوله: "وتأثيره" لو قال وضابطه لكان أوضح وتوضيحه ما في السيد عن البحر حيث قال لأن الإطلاق في الاعتكاف كالتصريح بالتتابع بخلاف الإطلاق في نذر الصوم والفرق أن الاعتكاف يدوم بالليل والنهار بخلاف الصوم فإنه لا يوجد ليلا اهـ فالمتفرق في نفسه الصوم لأنه يتخلل فيه زمن ليس محللا له وهو الليل والمتصل الأجزاء هو الاعتكاف لأنه يعم الليل والنهار قوله: "كما ذكرنا" أي في الجمع قوله: "لأن المثني في معنى الجمع" وعن أبي يوسف في التثنية والجمع لا تلزمه الليلة الأولى لأن الاعتكاف بالليل لا يكون إلا تبعا لضرورة الوصل بين الأيام ولا حاجة لإدخال الليلة الأولى لتحقق الوصل بدونها ومنهم من جعل خلاف أبي يوسف في التثنية فقط زيلعي قوله: "وصح نية النهر" أي فيما إذا ذكر الأيام فقط وهو جواب قوله إذا نوى تخصيصه بالأيام قوله: "إذا نذر اعتكاف دون شهر" مفهومه صرح به المصنف بعد قوله: "لأنه نوى حقيقة كلامه" اعترض بأن اللفظ كالأيام مثلا ينصرف

ص: 706

خاصة منها صحت نيته "وإن نذر اعتكاف شهر" معين أو غير معين "ونوى الشهر خاصة أو الليالي خاصة لا تعمل نيته إلا أن يصرح بالاستثناء" اتفاقا لأن الشهر اسم لمقدر يشتمل على الأيام والليالي وليس باسم عام كالعشرة على مجموع الآحاد فلا ينطلق على ما دون ذلك العدد أصلا كما لا تنطلق العشرة على الخمسة مثلا حقيقة ولا مجاز أما لو قال شهرا بالنهر دون الليالي لزمه كما قال وهو ظاهر أو استفتى فقال: إلا الليالي لأن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا فكأنه قال ثلاثين نهارا ولو استثنى الأيام لا يجب عليها شيء لأن باقي الليالي المجردة ولا يصح فيها لمنافاتها شرطه وهو الصوم هذا من فتح القدير بعناية المولى النصير "والاعتكاف مشروع بالكتاب" لما تلونا من قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فالإضافة إلى المساجد المختصة بالقرب وترك الوطء المباح

ــ

إلى الحقيقة بدون قرينة أو نية فما وجه هذا التعليل قلت كأنه اختار ما ذكره البعض من أن اليوم مشترك بين بياض النهار ومطلق الوقت وأحد معني المشترك يحتاج إلى ذلك التعيين الدلالة لا لنفس الدلالة وتمامه في العناية بقي لو ذكر الأيام ونوى الليالي لا تصح النية ويلزمه كلاهما كما في التنوير وشرحه قوله: "إلا أن يصرح بالاستثناء" مراده به ما يعم التقييد ليعم ما لو قال شهر بالنهار دون الليالي قوله: "لأن الشهر اسم لمقدر الخ" أي فهو خاص وهو كل لفظ وضع لمعنى على الانفراد قوله: "وليس باسم عام كالعشرة" فيه أن العشرة من أسماء العدد وهي من الخاص قال في شرح المنار كصاحب البحر والمراد بقوله أي في تعريف الخاص على الانفراد أن لا يكون لذلك المعنى الواحد أفراد سواء كان له أجزاء أو لم يكن فتدخل التثنية كما في التلويح واسم العدد تحت الخاص كالمائة فإن الواضع وضعه لمجموع وحدان الكثير من حيث هو مجموع فيكون كل من الوحد أن جزأ من أجزائه فيكون موضوعا لواحد بالنوع كالرجل والفرس بخلاف العام فإنه موضوع لأمر يشترك فيه وحد أن الكثير فيكون كل من الواحد أن جزئيا من جزئياته وبخلاف المشترك فإن كلا من الوحدان نفس الموضوع له كما في التلويح لكن ظاهر ما في التوضيح والتلويح والتحرير أن العدد موضوع لكثير كالعام فالمسمى متعدد فيهما لكن الأول محصور والثاني لا اهـ قلت ويمكن الجمع بأن اسم العدد كالعشرة بالنظر إلى كونه لا يشمل الزائد عنها أو الناقص خاص وبالنظر إلى كونه يصدق على كل عشرة عام فتأمل قوله: "على مجموع الآحاد" فيه أن شهر السم لمجموع الليل والنهار في المدة المعينة فهما سواء ويدل له قوله كما لا تنطلق العشرة الخ قوله: "ولا مجازا" فيه أن يقال ما المانع من إطلاق الشهر مثلا على النهار مجازا من إطلاق اسم الكل على جزئه قوله: "بعد الثنيا" أي الاستثناء والمراد بعد المستثنى قوله: "الليالي المجردة" خبر أن قوله: "هذا من فتح القدير" أراد أن هذا الكلام منقول من الفتح والعناية وأراد المعنى اللغوي أيضا قوله: "فالإضافة إلى المساجد" مراده

ص: 707

لأجله دليل على أنه قربة "والسنة لما روى أبو هريرة وعائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله تعالى وقال الزهري رضي الله عنه: عجبا من الناس كيف تركوا الاعتكاف ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل الشيء ويتركه وما ترك الاعتكاف حتى قبض وأشار إلى ثبوته بضرب من المعقول فقال: "وهو من أشرف الأعمال إذ كان عن إخلاص" لله تعالى لأن منتظر للصلاة كالمصلي وهي حالة قرب وانقطاع محاسنها لا تحصل "ومن محاسنه أن فيها تفريغ القلب من أمور الدنيا" بشغله بالإقبال على العبادة متجردا لها "وتسليم النفس إلى المولى" بتفويض أمرها إلى عزيز جنابه والاعتماد كرمه والوقوف ببابه "وملازمة عباده" والتقرب إليه ليقرب من رحمته كما أشار إليه في حديث "من تقرب إلي" وملازمة القرار "في بيته" سبحانه وتعالى واللائق بمالك المنزل إكرام نزيله تفضلا ورحمة وإحسانا منه ومنة للالتجاء إليه "والتحصن بحصنه" فلا يصل إليه عدوه بكيده وقهره وعزيز تأييده

ــ

بالإضافة إيقاعها فيها قوله: "المختصة" صفة المساجد قوله: "وترك" بالرفع عطف على الإضافة قوله: "لأجله" أي الاعتكاف فإن حرمة المباشرة مقيدة به في الآية قوله: "والسنة" تقدم أنه سنة كفاية وهي مؤكدة على المعتمد ولا تنافي بين تأكدها وكونها على الكفاية وقيل أنه مستحب في العشر الأخير قوله: "عجبا" مفعول مطلق لمحذوف أي عجبت عجبا قوله: "وما ترك الاعتكاف" أي في العشر الأواخر حتى قبض أي إلا لعذر لما روى أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأخير من رمضان فرأى خياما وقبابا في المسجد مضروبة فقال لمن هذا قالوا: هذا لعائشة وهذا لحفصة وهذا لسودة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أترون البر بهذا فأمر بأن تنزع قبته فنزعت ولم يعتكف فيه ثم قضى في شوال قوله: "بضرب" أي بنوع وقوله من المعقول أي من الدليل المعقول قوله: "وهو كالمصلى" أي يعطي المنتظر ثواب المصلى كما ورد به الخبر1 قوله: "وهي" أي الصلاة قوله: "وانقطاع" أي عن ملاهي الدنيا قوله: "ومحاسنها لا تحصى" أي الصلاة أو الحالة قوله: "بشغله" متعلق بتفريغ والباء للسببية قوله: "متجردا لها" حال مؤسسة فإذا لم يتجرد لها لا يتفرغ قلبه قوله: "بتفويض أمرها" الباء للتصوير قوله: "إلى عزيز جنابه" الجناب الفناء والرحل والناحية وجبل وعلم المحدث أفاده في القاموس قوله: "والوقوف ببابه" فيه استعارة تمثيلية قوله: "وملازمة عبادته" يغنى عنه قوله بشغله بالإقبال الخ قوله: "والتقرب إليه" بالجر عطفا على عبادته وبالنصب عطفا على تفريغ والمراد التقرب إليه بالعبادة قوله: "في حديث من تقرب" تمامه إلى ذراعا تقربت

1قوله وهي أي الصلة في نسخة وهي أي الاعتكاف وأنت نظرا للخبر اهـ.

ص: 708

ونصره ترى الرعايا يحبسون أنفسهم على باب سلطانهم وهو فرد منهم ويجهدون في خدمته والقيام أذلة بين يديه لقضاء مآربهم فيعطف عليهم بإحسانه ويحميهم من عدوهم بعزة قدرته وقوة سلطانه وقد نبهه على حصول المراد وأزال حجاب الوهم وأماط الغطاء وأظهر الحق لما أشار إليه بقوله "وقال" الأستاذ العارف بالله تعالى الإمام المجتهد "عطاء" بن أبي رباح التابعي تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما أحد مشايخ الإمام الأعظم رحمه الله تعالى قال أبو حنيفة ما رأيت أفقه من حماد ولا أجمع للعلم من عطاء ابن أبي رباح أكثر رواية الإمام الأعظم أبي حنيفة عن عطاء سمع ابن عباس وابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد وجابرا وعائشة رضي الله عنهم توفي سنة خمس عشرة ومائة وهو ابن ثمانين سنة كذا في أعلام الأخبار قال رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته ومدده "مثل المعتكف مثل رجل يختلف" أي يتردد ويقف "على باب" ملك أو وزير عظيم أو "إمام لحاجة" يقدر على قضائها عادة "فالمعتكف يقول" لسان حاله إن لم ينطق بذلك لسان قاله "لا أبرح" قائما بباب مولاي سائلا منه جميع مآربي وكشف ما نزل بي من الكرب وصار مصاحبي

ــ

إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة قوله: "للالتجاء" علة لقوله إكرام نزيله وتفضلا وما بعده أحوال قوله: "والتحصن" بالجر عطفا على الالتجاء وبالنصب عطفا على تفريغ قوله: "فلا يصل إليه عدوه" وهو الشيطان والدنيا قوله: "وعزيز تأييده" أي قوته قال في القاموس أيدته تأييدا فهو مؤيد قويته قوله: "ترى الرعايا الخ" أي فالحق أحق بهذا المنصب قوله: "وهو فرد منهم" أي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا وهو جملة حالية قوله: "لقضاء مآربهم" يحتمل الجمع والأفراد والأول أنسب للفظ الرعايا قوله: "بعزة قدرته" أي السلطان والأولى حذف ذلك لأن مثل هذا التعبير إنما يليق بالله تعالى قوله: "وقد نبه" أي المصنف قوله: "على حصول المراد" الأولى حذف حصول أي على المراد من الاعتكاف قوله: "وأزال حجاب الوهم" أي الوهم الذي كالحجاب أي الوهم الناشىء من بعض الناس في ثمرة الاعتكاف قوله: "وأماط الغطاء" عطف على نبه والمراد بالغطاء الحجاب والناشىء من الوهم قوله: "وأظهر الحق" عطف لازم قوله: "بفيض العطاء" أي بفيض ذي العطاء أو بالعطاء الذي هو كالفيض قوله: "المجتهد" أفاد أنه لم يقلد إماما معينا من الأربعة لظهورهم بعده قوله: "أكثر رواية الإمام" أي مروياته قوله: "كذا في أعلام الأخيار" بكسر همزة أعلام فيما يظهر قوله: "قال" أعاده لبعد الفعل الأول قوله: "ببركته" أي بكثرة خيره قوله: "ومدده" أي المدد المعطي له من الخيرات قوله: "مثل" بالتحريك أي صفة قوله: "أو إمام" يشمل العالم بخلاف ما قبله قوله: "لسان قاله" أي قوله وهو من قبيل إضافة المحل إلى الحال قوله: "من الكرب" هو ما يأخذ النفس من الغم والحزن قوله: "وصار" أي الكرب

ص: 709

وتجنبي لذلك أعز إخواني بل عين قرابتي "حتى يغفر لي" ذنوبي التي هي سبب بعدي ونزول مصائبي ثم يفيض بمنته علي بما يليق بأهليته وكرمه إكرام من التجاء إلى منيع حرزه وحماية حرمه وهذه إشارة إلى أن العبد الجامع لهذه المسائل واقف موقف العبد الذليل بباب مولاه عاريا من الأعمال ونسبة الفضائل متوجها إليه سبحانه بأعظم الوسائل مادا أكف الافتقار ملحا بالدعاء والمسائل مطروحا على أعتاب باب الله تعالى مرتجيا شفاعته غدا عنده بما وعد به وهو لكل خير كافل "وهذا ما تيسر" من انتخاب الشرح واختصاره اليسير كتيسير المتن وشرحه "للعاجز الحقير" ولم يكن إلا "بعناية مولاه القوي القدير" الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم

ــ

الذي نزل به وهو المقصود باسم الإشارة بعد قوله: "بل عين قرائبي" أي أقر بهم قوله: "ونزول مصائبي" قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] قوله: "بما يليق بأهليته" فإنه أهل التقوى وأهل المغفرة قوله: "إكرام من التجأ" أي يكرمني إكراما كإكرام من التجأ وهذا من الشارح يعني به نفسه وإلا فالمعتكف في منيع الحرر قوله: "وحماية حرمه" أي التجأ إلى الحماية الحاصلة بسبب الحرم أو إلى حرمة ذي الحماية والمراد بالحرم ما يحترم لا خصوص أحد الحرمين قوله: "وهذه الخ" إشارة إلى ما أدخله في خلال كلام عطاء قوله: "إلى أن العبد" أي المؤلف قوله: "الجامع لهذه المسائل" متنار شرحا قوله: "موقف" أي وقوف العبد قوله: "عاريا عن الأعمال الخ" أي متجردا عن وقوع الأعمال الصالحة منه وعاريا عن نسبة الفضائل إليه قوله: "بأعظم الوسائل" هو سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم قوله: "أكف الافتقار الخ" الإضافة لأدنى ملابسة أو أكف ذي الافتقار والافتقار أبلغ من الفقر قوله: "ملحا بالدعاء" الإلحاح بالدعاء مأمور به غير أنه لا يعتدي فيه ولا يستبطىء الإجابة قوله: "مطرحا" بطاء مشددة قوله: "على أعتاب باب الله تعالى" فيه استعارة تمثيلية قوله: "مرتجيا شفاعته" أي شفاعة الله تعالى فإنه ورد أنه يشفع بعد انتهاء شفاعة الشافعين أو الضمير يرجع إلى أعظم الوسائل قوله: "غدا" هو يوم القيامة وإنما عبر به لقربه قوله: "بما وعد به" بقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً} [الأحزاب: 47] أر بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} [الكهف: 30] قوله: "وهو كل خير كافل" أي ضامن قوله: "وهذا ما تيسر" الإشارة إلى ما نقشه من الشرح أو إلى ما في الذهن ونزله منزلة المحسوس فأشار إليه قوله: "من انتخاب" أي اختيار الشرح أي من المختار من الشرح الكبير قوله: "اليسير" أي أنه لم يحذف كثيرا من الشرح الكبير وفيه أن عدد الأوراق فيهما يقضي بأنه اختصار كثير قوله: "كتيسير" أي تيسيرا كتيسير المتن والشرح الكبير قوله: "الحقير" الحقر الذلة كالحقرية بالضم والحقارة مثلثة قاموس قوله: "الذي هدانا" أي أوصلنا قوله: "لهذا" أي للتأليف قوله:

ص: 710

الأنبياء وعلى آله وصحبه وذريته ومن والاه "ونسأل الله سبحانه متوسلين" إليه بالنبي المصطفى الرحيم "أن يجعله" وشرحه ومختصره هذا عملا " خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به" وبالشرح وبهذا المنتخب منه لتيسير "النفع العظيم ويجزل به" وبهما "الثواب الجزيل" وأن يمتعنا ببصرنا وسمعنا وقوتنا وجميع حواسنا وأن يختم أعمالنا وأن يغفر لنا ولوالدينا ومشايخنا وأصحابنا وإخواننا وذرياتنا وأن يستر عيوبنا ويرزقنا ما تقر به عيوننا حالا ومآلا آمين اهـ وكان ابتداء هذا المختصر من الشرح في أواخر جمادى الآخر واختتامه بأوائل رجب الحرام سنة أربع وخمسين بعد الألف وكان ابتداء جمع الشرح الأصلي في منتصف ربيع الأول سنة خمس وأربعين وختم جمعه في المسودة بختام شهر رجب الحرام بذلك العام. وكان انتهاء تأليف متنه في يوم الجمعة المبارك رابع عشر جمادى الأولى اثنتين وثلاثين وألف وكان الفراغ من تبيض الشرح المسمى ب "إمداد الفتاح شرح نور الإيضاح ونجاة الأرواح" في منتصف شهر ربيع الأول سنة ست وأربعون وألف وعدد أوراقه ثلاثمائة وستون ورقة ومبلغ عدد مختصره هذا مائة وخمس وأربعون ورقة

ــ

"لولا أن هدانا الله" أي لولا هداية الله موجودة لنا ما كنا لنهتدي قوله: "وذريته" ورد أن الله تعالى جعل ذريته في صلب علي وبطن فاطمة فنسب كل ابن أنثى لأبيه إلا ما كان من فاطمة فله صلى الله عليه وسلم قوله: "ومن والاه" أي نصره وتبعه في الخير قوله: "الرحيم" قال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] قوله: "عملا" قدره ليفيد أن خالصا صفة للمصدر المحذوف قوله: "لوجهه" أي لذاته هذا هو المناسب هنا قوله: "للتيسير" علة لقوله المنتخب قوله: "لنفع العميم" قد ظهرت أمارة الإجابة وانتفع به الخاص والعام قوله: "ويجزل" أي يكثر قوله: "الجسيم" أي العظيم قوله: "وأن يمنعنا" أي ينفعنا بذلك ويلزم من ذلك بقاؤها قوله: "وجميع حواسنا" أي الظاهرة والباطنية قوله: "ومشايخنا" بالياء لا بالهمزة قوله: "وإخواننا" نسبا ودينا قوله: "ما تقر به عيوننا" أي ما تسر به عيوننا قوله: "حالا ومآلا" أي دنيا وأخرى قوله: "آمين" اسم فعل مبنى على الفتح بمعنى استجب ويطلب ختم الدعاء بها كما في الحديث وهي من خصوصيات هذه الأمة قوله: "وكان ابتداء الخ" أفاد أنه لم يمكث فيه إلا أياما قليلة لم يستوف فيها شهرا قوله: "سنة أربع" راجع إلى جمادي ورجب قوله: "وختم جمعه الخ" فمكث في تسويده أربعة أشهر ونصفا قوله: "وكان انتهاء تأليف متنه الخ" لم يبين ابتداءه قوله: "من تبيض الشرح" أي من المسودة قوله: "في منتصف شهر ربيع الأول" أي في مثل أيام بداءته كما ذكره في الشرح فمدة التبييض ستة أشهر ونصف ابتداؤها شعبان وآخرها نصف ربيع الأول وعلم أن بين انتهاء المتن والشرح الكبير أربعة عشر عاما وبين الكبير والصغير نحو من سبع سنوات ونصف قوله: "وعدد أوراقه" أي بحسب نسخته وكذا يقال في عدد المختصر قوله: "هي هذه المسودة المبيضة" أفاد بذلك أنه لم

ص: 711

هي هذه المسودة المبيضة بتوفيق الله عبده الذليل الراجي فيضه الجزيل إذ حشره وعليه عرضه وأسأله قبوله خدمة لجناب حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم وزاده فضلا وشرفا لديه. قال كاتبه ومؤلفه حسن الشرنبلالي عفا الله عنه ثم إني أرت إتمام العبادات الخمس بإلحاق الزكاة والحج بما جمعته مختصرا فقلت:

ــ

يجعل مسودة للشرح الصغير بل مسودته الكبير قوله: "إذا حشره" ظرف للراجي قوله: "قبوله" أي الرضا به وترك الاعتراض عليه قوله: "خدمة" أي حال كونه خدمة أي ذا خدمة أو هو الخدمة مبالغة أو هو مفعول لأجله والمعنى أن القبول من جهة كونه خدمة لا من جهة كونه تأليفا مطلقا قوله: "بما جمعته" بدل من قوله بإلحاق بدل اشتمال والله سبحانه وتعالى أعلم واستغفر الله العظيم.

ص: 712