المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب أحكام الشهيد - حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

[الطحطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌فصل في بيان أحكام السؤر

- ‌فصل في مسائل الآبار

- ‌فصل في الاستنجاء

- ‌فصل".فيما يجوز به الاستنجاء

- ‌فصل: في" أحكام "الوضوء

- ‌فصل".في تمام أحكام الوضوء

- ‌فصل".في سنن الوضوء

- ‌فصل: من آداب الوضوءأربعة عشر شيئا

- ‌فصل".في المكروهات

- ‌فصل في أوصاف الوضوء

- ‌فصل: نواقض الوضوء

- ‌فصل عشرة أشياء لا تنقض الوضوء

- ‌فصل: عشرة أشياء لا يغتسل منها مذي

- ‌فصل لبيان فرائض الغسل

- ‌فصل في سنن الغسل

- ‌فصل: وآداب الاغتسال

- ‌فصل يسن الاغتسال لأربعة أشياء

- ‌باب التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌فصل في الجبيرة ونحوها

- ‌باب الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌باب الأنجاس والطهارة عنها

- ‌فصل: يطهر جلد الميتة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌فصل" في الأوقات المكروهة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة وأركانها

- ‌فصل في متعلقات الشروط وفروعها

- ‌فصل في بيان واجب الصلاة

- ‌فصل في بيان سننها

- ‌فصل: من آدابها

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الصلاة

- ‌باب الإمامة

- ‌فصل: يسقط حضور الجماعة بواحد من ثمانية عشر شيئا

- ‌فصل: في بيان الأحق بالإمامة

- ‌فصل: فيما يفعله المقتدي بعد فراغ إمامه من واجب وغيره لو سلم الإمام

- ‌فصل: في صفة الأذكار

- ‌باب فيما لا يفسد الصلاة

- ‌فصل في المكروهات

- ‌فصل في اتخاذ السترة ودفع المار بين يدي المصلى إذا ظن

- ‌فصل فيما لا يكره للمصلي

- ‌فصل فيما يوجب قطع الصلاة وما يجيزه

- ‌باب الوتر وأحكامه

- ‌فصل في بيان النوافل

- ‌فصل في تحية المسجد وصلاة الضحى وإحياء الليالي

- ‌فصل في صلاة النفل جالسا وفي الصلاة على الدابة وصلاة الماشي

- ‌فصل: في صلاة الفرض والواجب على الدابة

- ‌فصل في الصلاة في السفينة صلاة الفرض

- ‌فصل: في صلاة التراويح

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة المريض

- ‌فصل في إسقاط الصلاة والصوم

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب سجود السهو

- ‌فصل في الشك

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌فصل: سجدة الشكر مكروهة عند أبي حنيفة رحمه الله

- ‌باب الجمعة

- ‌باب أحكام العيدينمن الصلاة وغيرها سمي عيدا

- ‌باب صلاة الكسوف والخسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب أحكام الجنائز

- ‌فصل الصلاة عليه

- ‌فصل السلطان أحق بصلاته

- ‌فصل في حملها ودفنها

- ‌فصل في زيارة القبور

- ‌باب أحكام الشهيد

- ‌كتاب الصوم

- ‌مدخل

- ‌فصل في صفة الصوم وتقسيمه

- ‌فصل فيما لا يشترط تبييت النية وتعيينها فيه وما يشترط

- ‌فصل فيما يثبت به الهلال وفي صوميوم الشك

- ‌باب في بيان ما لا يفسد الصوم

- ‌فصل في الكفارة وما يسقطها عن الذمة

- ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء

- ‌فصل يجب الإمساك

- ‌فيما يكره للصائم وما لا يكره وما يستحب

- ‌فصل في العوارض

- ‌باب ما يلزم الوفاء به

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌باب المصرف

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الحج

- ‌فصل القران

- ‌فصل التمتع

- ‌فصل العمرةسنة

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل قوله: "ولا شيء بقتل غراب

- ‌فصل الهدي

- ‌فصل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌باب أحكام الشهيد

‌باب أحكام الشهيد

سمي به لأنه مشهود له بالجنة "المقتول" بأي سبب كان "ميت ب" انقضاء أجله لم يبق من "أجله" ولا رزقه شيء "عندنا" معاشر أهل السنة والجماعة قاله في العناية "والشهيد" شرعا هو "من قتله أهل الحرب" مباشرة أو تسببا بأي آلة كانت ولو بماء أو نار رموها بين المسلمين "أو" قتله "أهل البغي أو" قتله "قطاع الطريق" بأي آلة كانت "أو" قتله "اللصوص في منزله ليلا ولو بمثقل" أو نهارا "أو وجد في المعركة" سواء كانت معركة أهل

ــ

باب أحكام الشهيد

قوله: "لأنه مشهود له بالجنة" حاصل ما قيل فيه أنه بمعنى فاعل لشهوده أي حضوره يرزق عند ربه على المعنى الذي يصح أو لأن عليه شاهدا يشهد له وهو دمه وجرحه وشجه أو لأن روحه شهدت دار السلام وروح غيره لا تشهدها إلا يوم القيامة أو لقيامه بشهادة الحق حين قتل أو لأنه يشهد عند خروج روحه ماله من الثواب أو بمعنى مفعول لما أنه مشهود له بالجنة أو لأن الملائكة تشهده إكراما له كذا في حاشية الدر عن النهر قوله: "لم يبق من أجله" بفتح الياء وهو تفسير لما قبله ولو لم يقتل لاحتمل أن يموت وأن يبقى وقالت المعتزلة إن القاتل قطع على المقتول أجله وإنه لو لم يقتل لبقي حيا قوله: "والشهيد شرعا الخ" أما لغة فقال في القاموس الشهيد وتكسر شينه الشاهد والأمين في شهادته والذي لا يغيب عن علمه شيء والقتيل في سبيل الله لأن ملائكة الرحمة تشهده أو لأن الله تعالى وملائكته شهود له بالجنة أو لأنه ممن يستشهد يوم القيامة على الأمم الخالية أو لسقوطه على الشاهد أي الأرض أو لأنه حي عند ربه حاضر أو لأنه يشهد ملكوت الله وملكه اهـ وقد ذكر بعض المعاني الشرعية مع اللغوية قوله: "هو من قتله أهل الحرب" هو حقيقة عرفية في كافر لم يدخل تحت أماننا وأما بالنظر للمعنى اللغوي فكل من حارب أهل حرب قوله: "أو تسبيبا" بأن ألقوا أحجار في طريق المسلمين فهلكوا بها أو أرسلوا ماء فأغرقوهم به قوله: "ولو بماء الخ" مثله ما لو وطئت دابتهم مسلما أو نفروا دابة مسلم فرمته أو رموه من السور أو ألقوا عليه حائطا قوله: "أو أهل البغي" مباشرة أو تسبيبا أيضا كقتل أهل الحرب لأنه لما كان القتال مع البغاة وقطاع الطريق مأمورا به ألحق بقتال أهل الحرب فعمت الآلة كما عمت هناك معراج وأما قتل أهل البغي بعضهم بعضا وكذا قطاع الطريق فقال يعقوب باشا لا يبعد أن يعد المقتول منهم شهيدا كذا في الحاشية قوله: "بأي آلة كانت" راجع إلى أهل البغي وقطاع الطريق قوله: "ليلا ولو بمثقل" قال في البحر ولو نزل عليه اللصوص ليلا في المصر فقتل بسلاح أو غيره أو قتله قطاع الطريق خارج المصر بسلاح أو غيره فهو شهيد لأن القتل لم يخلف في هذه المواضع بدلا هو مال اهـ قوله: "أو

ص: 625

الحرب أو البغي أو قطاع الطريق "وبه أثر" كجرح وكسر وحرق وخروج دم من أذن أو عين لا من فم وأنف ومخرج "أو قتله مسلم ظلما" لا بحد وقود "عمدا" لا خطأ "بمحدد" خرج به المقتول شبه عمد بمثقل وشمل من قتله أبوه أو سيده "وكان" المقتول "مسلما بالغا خاليا من حيض ونفاس وجنابة ولم يرتث" أي ما صار خلقا في الشهادة كالثوب بوجود رفق من مرافق الحياة "بعد انقضاء الحرب" فيلحق بشهداء أحد "فيكفن بدمه" أي مع دمه من غير تغسيل لقوله صلى الله عليه وسلم: "زملوهم بدمائهم فإنه ليس كلمة تكلم قي سبيل الله إلا تأتي يوم القيامة تدمي لونه لون دم والريح ريح المسك""و" بكفن مع "ثيابه"

ــ.

نهارا" أي بسلاح كما أفاده في الشرح قوله: "كجرح الخ" وكذا لو كان به أثر كدم أو صدم حموي أو أثر ضرب أو خنق كذا في حاشية السيد علي مسكين قوله: "لا من وأنف ومخرج" لأن الدم يخرج من هذه المخارج من غير ضرب عادة فإن الإنسان يبتلى بالرعاف والجبان يبول دما أحيانا وصاحب الباسور يخرج الدم من دبره قوله: "أو قتله مسلم" قيد بالقتل لأنه لو تردى من موضع أو احترق بالنار أو مات بهدم أو غرق فإنه لا يكون شهيدا في حكم الدنيا وهو شهيد الآخرة بحر وقوله ظلما دخل فيه المقتول مدافعا عن نفسه أو ماله أو المسلمين أو أهل الذمة اهـ در منتقى قوله: "لا بحد وقود" محترز التقييد بالظلم والضابط في قتل من يكون شهيدا أن لا يجب بنفس القتل مال أما لو قتله مسلم خطأ أو عمدا بالمثقل فليس بشهيد لوجوب الدية بقتله وكذا لو وجد مذبوحا ولم يعلم قاتله أو وجد في محله مقتولا ولم يعلم قاتله لأنه لا يدري أقتل ظالما أو مظلوما عمدا أو خطأ بحر قوله: "وشمل من قتله أبوه أو سيده" لأن نفس القتل موجب للقصاص وإنما سقط لعارض قوله: "وكان المقتول مسلما الخ" أي مقتول من ذكر من أهل الحرب وغيرهم قوله: "كالثوب الخلق" قال في البحر هو في اللغة من الرث وهو الشيء البالي وسمي مرتثا لأنه صار خلقا في حكم الشهادة والمرتث شرعا من خرج عن صفة القتلى وصار إلى حال الدنيا بأن جرى عليه شيء من أحكامها أو وصل إليه شيء من منافعها وهو شهيد في حكم الآخرة فينال الثواب الموعود للشهداء قوله: "بوجود رفق" متعلق بيرتث والرفق الانتفاع قوله: "بعد انقضاء الحرب" ولو فيها لا يصير مرتثا بشيء مما ذكر اهـ در قوله: "فيلحق بشهداء أحد في الحكم" أي فيلحق من ذكر من مقتول أهل الحرب والبغي وقطاع الطريق والمقتول ظلما وبين حكم شهداء أحد بقوله فيدفن بدمه الخ قوله: "أي مع دمه" فالباء للمصاحبة قوله: "زملوهم بدمائهم" التزميل اللف بالثوب قوله: "فإنه ليس كلمة" أي جرحة وهي بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الميم قوله: "تكلم" تجرح أي بجرح صاحبها قوله: "تدمى" أي يخرج منها الدم بفتح الميم من دمي اللازم ومنه الحديث إن أنت إلا إصبع دميت قوله: "لونه" أي لون الخارج المفهوم قوله تدمى قوله: "ويكفن مع ثيابه"

ص: 626

للأمر به في شهداء أحد "ويصلي عليه" أي الشهيد "بلا غسل" نص عليه تأكيدا وإن علم مما سبق لأن النبي صلى الله عليه وسلم وضع حمزة رضي الله عنه وجئ برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه ثم رفع وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة كما في مسند أحمد وصلى النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى بدر والصلاة على الميت لإظهار كرامته حتى اختص به المسلم وحرم المنافق والشهيد أولى بهذه الكرامة "فينزع عنه" أي عن الشهيد "ما ليس صالحا للكفن كالفرو والحشو" إن وجد غيره صالحا للكفن "و" ينزع عنه "السلاح والدرع" لما في أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهما الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم "ويزاد" إن نقص ما عليه عن كفن السنة ليتم "وينقص" إن زاد العدد "في ثيابه" على كفن السنة توفرة على الورثة أو المسلمين "وكره نزع جميعها" أي ثيابه التي قتل فيها ليبقى عليها أثره "ويغسل" الشهيد عند الإمام "إن قتل جنبا" لأن حنظلة بن الراهب استشهد يوم أحد وقال عليه السلام: "إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف الفضة" قال أبو أسيد فذهبنا ونظرنا فإذا برأسه يقطر ماء فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى امرأته فأخبرته أنه خرج وهو جنب "أو صبيا أو مجنونا" لأن السيف كفى عن التغسيل فيمن يوصف بذنب ولا ذنب لهما

ــ

ويكره نزع ثيابه وتجديد الكفن نهر قوله: "وإن علم مما سبق" أي من قوله بدمه وثيابه قوله: "لأن النبي صلى الله عليه وسلم الخ" دليل لقوله ويصلى عليه وما قيل من أنهم أحياء والحي لا يصلى عليه فمدفوع بأنه حكم أخروي لا دنيوي بدليل ثبوت أحكام الموتى لهم من قسمة تركاتهم وبينونة نسائهم إلى غير ذلك وما قيل إنها للاستغفار وهم مغفور لهم فمتنقض بالنبي صلى الله عليه وسلم والصبي بحر عن الهداية قوله: "فصلى عليه" أي مع حمزة كما هو المتبادر قوله: "والصلاة على الميت لإظهار كرامته" أي لا لتحصيل المغفرة "وحرم المنافق" الضمير محذوف أي وحرمها المنافق قوله: "كالفرو" أدخلت الكاف الخف والقلنسوة بحر والأشبه أن لا تنزع عنه السراويل قهستاني.

قوله: "إن وجد غيره" وإلا كفن به للضرورة هذا ما يعطيه مفهومه قوله: "توفرة على الورثة" علة لقوله وينقص قوله: "أو المسلمين" أي فيرد لبيت مالهم إن لم يكن له ورثة قوله: "أثره" أي أثر الشهيد وهو الدم قوله: "عند الإمام" أي خلافا لهما قوله: "بماء المزان" أي السحاب جمع مزنة كما في الجلالين وفي الصحاح المزنة السحابة البيضاء ولم يعد صلى الله عليه وسلم غسله لحصوله بغسل الملائكة بدليل قصة آدم در قوله: "أو صبيا" هذا عند الإمام وعندهما لا يغسل ومثله المجنون والجنب لأن ما وجب بالجنابة سقط بالموت والصبي أحق بهذه الكرامة وهي سقوط الغسل فإن سقوطه لإبقاء أثر كونه مظلوما وغير المكلف

ص: 627

فلم يكونا في معنى شهداء أحد "أو" قتل "حائضا أو نفساء" سواء كان بعد انقطاع الدم أو قبل استمراره في الحيض ثلاثة أيام في الصحيح والمعنى فيها كالجنب "أو ارتث" بالبناء للمجهول أي حمل من المعركة رثيثا أي جريحا وبه رمق كذا في الصحاح وسمي مرتثا لأنه صار خلقا في حكم الشهادة بما كلف به من أحكام الدنيا أو وصل إليه من منافعها "بعد انقضاء الحرب" فسقط حكم الدنيا وترك الغسل فيغسل وهو شهيد في حكم

ــ.

أولى بهذه الكرامة لأن مظلوميته أشد حتى قال أصحابنا خصومة البهيمة يوم القيامة أشد من خصومة المسلم كذا في الشرح وقد ذكر المصنف دليل الإمام قوله: "أو قبل استمراره في الحيض ثلاثة أيام" فيه أنه إذا لم يستمر ثلاثا لا يكون حيضا إلا أن الغالب فيه ذلك فبنوا الحكم عليه وقيد بقوله في الحيض لأن النفاس لأحد لأقله قوله: "والمعنى فيهما كالجنب" أي فالنص الوارد في الجنب يشملهما لأن كلامنهما حدث أكبر بل هما أغلظ من الجنابة إذ لا يرتفعان بالغسل.

قوله: "وبه رمق" أي بقية الحياة قاموس قوله: "بما كلف به من أحكام الدنيا" كوجوب الصلاة فيما إذا مضى عليه وقت صلاة وهو يعقل وهو متعلق بقوله صار خلقا قوله: "أو وصل إليه من منافعها" كأكل وشرب.

قوله: "وهو شهيد في حكم الآخرة" عد السيوطي في التثبيت شهداء الآخرة فقال من مات بالبطن واختلف فيه هل المراد الاستسقاء أو الإسهال قولان ولا مانع من الشمول أو الغرق أو الهدم أو بالجنب وهي قروح تحدث في داخل الجنب بوجع شديد لم تنفتح في الجنب أو بالجمع قال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة ماتت بجمع فهي شهيدة" والجمع بالضم بمعنى المجموع كالذخر بمعنى المذخور والمعنى أنها ماتت من شيء مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة أو بالسل وهو داء يصيب الرئة ويأخذ البدن منه في النقصان والاصفرار أو في الغربة أو بالصرع أو بالحمى أو دون أهله أو ماله أو دمه أو مظلمة أو بالعشق مع العفاف والكتم وإن كان سببه حراما أو بالشرق أو بافتراس السبع أو بحبس سلطان ظلما أو بالضرب أو متواريا أو لدغته هامة أو مات على طلب العلم الشرعي أو مؤذنا محتسبا أو تاجرا صدوقا ومن سعى على امرأته وولده وما ملكته يمينه يقيم فيهم أمر الله تعالى ويطعمهم من حلال كان حقا على الله تعالى أن يجعله مع الشهداء في درجاتهم يوم القيامة والمائد في البحر أي الذي حصل له غثيان والذي يصيبه القيء له أجر شهيد أي ومات من ذلك ومن ماتت صابرة على الغيرة لها أجر شهيد ومن قال كل يوم خمسا وعشرين مرة اللهم بارك لي في الموت وفيما بعد الموت ثم مات على فراشه أعطاه الله أجر شهيد ومن صلى الضحى وصام ثلاثة أيام من كل شهر ولم يترك الوتر سفرا ولا حضرا

ص: 628

الآخرة له ثواب الموعود للشهداء ولو ارتث "بأن أكل أو شرب أو نام" ولو قليلا "أو تداوى" لرفق الحياة "أو مضى عليه وقت الصلاة وهو يعقل" ويقدر على أدائها إذ لا يلزمه بدون قدرة فمع العجز لا يغسل "أو نقل من المعركة" حيا ليمرض "لخوف وطء الخيل" أو الدواب فإنه بهذا لا يكون مرتثا "أو أوصى" عطف على قوله أكل سواء أوصى بأمر الدنيا أو الآخرة عند أبي يوسف وقال محمد لا يكون مرتثا إذا زادت الوصية على كلمتين إما بالكلمة والكلمتين فلا تبطل الشهادة "أو باع أو اشترى أو تكلم بكلام

ــ.

كتب له أجر شهيد والمتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد ومن قال في مرضه أربعين مرة لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين أعطي أجر شهيد وإن بريء بريء مغفورا له قال وحذفت أدلة ذلك طلبا للاختصار اهـ ملخصا قوله: "له الثواب الموعود" بيان الحكم الآخرة قوله: "أو تداوى لرفق الحياة" الأولى بنيله شيئا من مرافق الحياة كما في الشرح ففي الكلام حذف مضاف قوله: "ويقدر على أدائها" أما إذا لم يقدر على أداء الصلاة مع العقل فلا يصير مرتثا إذ لا يلزمه الصلاة بموته حينئذ لأنه لا تكليف بالأداء إلا مع القدرة على الفعل ولو بالإيماء وهو منعدم ولم تحصل له حياة ليقضي ما مضى مع العقل والعجز على طريق من ألزمه القضاء بمجرد العقل وأما على طريق من شرط القدرة مع العقل فذاك ظاهر في عدم كونه مرتثا.

قوله: "أو نقل من المعركة" سواء وصل إلى بيته حيا أو مات قبله ولو انتقل بنفسه يكون مرتثا بالأولى قاله السيد قوله: "ليمرض" اعلم أن بعضهم كصاحب البدائع جعل العلة في ارتثائه أن نقله من المعركة يزيده ضعفا ويوجب حدوث ألم فيكون النقل مشاركا للجراحة في إثارة الموت فلم يمت بسبب الجراحة يقينا فلا يسقط الغسل بالشك وحينئذ فلا فرق بين أن ينقل ليمرض أو لخوف وطء الحيوان وبعضهم جعل العلة في الارتثاث نيل شيء من مرافق الدنيا فعلى هذا يظهر وجه الفرق بين ما لو حمل للتداوي أو للخوف من وطء الحيوان أفاده السيد1 قوله: "وقيل لا خلاف" قال في البحر والأظهر أنه لا خلاف فجواب أبي يوسف بأن يكون مرتثا فيما إذا كان بأمور الدنيا وجواب محمد بعدمه فيما إذا كان بأمور الآخرة فيوصي بما يكفن به ويخلص رقبته ويبرد جلده من النار ويدخر لنفسه ذخيرة الآخرة.

1 "قوله قوله وقيل لا خلاف" لا وجود لذلك في الشرح الذي بالهامش كما ترى وإنما الموجود فيه وقيل الخلاف في أمور الدنيا فلعله محف عما أثبته المحشي أو محذوف في نسخة الشرح التي طبع منها وليحررها أهـ مصحه.

ص: 629

كثير" بخلاف القليل من شهداء أحد من تكلم كسعد بن الربيع وهذا كله إذا كان بعد انقضاء الحرب "وإن وجد ما ذكر" من الأكل ونحوه مع الجراحة وكان "قبل انقضاء الحرب لا يكون" الشهيد "مرتثا" بذلك كذا قاله الكمال وإذا اختلط قتلى المسلمين بقتلى الكفار أو موتاهم بموتاهم فإن كان المسلمون أكثر يصلي عليهم وينوي المسلمين وإلا فلا إلا من عرف أنه من المسلمين ويتخذ لهم مقبرة على حدة كذمية ماتت حبلى بمسلم

ــ

قوله: "كسعد بن الربيع" هو كما في رواية زيد بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد لطلب سعد بن الربيع وقال إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له كيف تجدك قال فأصبته وهو في آخر رمق وبه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم فقلت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات فقال إني في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل أن سعد بن الربيع يقول جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته وقل إني أجد ريح الجنة وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم أن سعد بن الربيع يقول لكم لا عذر لكم عند الله تعالى أن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكروه ومنكم عين تطرف ثم لم يبرح أن مات فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر خبره قال في القاموس وقرأ عليه السلام أبلغه كإقرأ أو لا يقال أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوبا.

قوله: "مع الجراحة" أي مثلا وإلا فالشهادة لا تخصها قوله: "لا يكون الشهيد مرتثا بذلك" في أول الكلام غنى عنه قوله: "يصلي عليهم" أي بغير تغسيل في القتلى وبعد التغسيل في الموتى وذلك لأن الحكم للغالب إلا من عرف أنه كافر قوله: "إلا من عرف أنه من المسلمين" أي بالسيما وهي الختان والخضاب ولبس السواد وإن استويا لم يصل عليهم لأن الصلاة على الكفار منهي عنها ويجوز ترك الصلاة على بعض المسلمين وقال صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمع الحرام والحلال في شيء إلا غلب الحرام الحلال" كذا في الشرح.

قوله: "ويتخذ لهم مقبرة على حدة" نقله في الشرح عن بعض المشايخ وجعل محله فيما إذا لم يصل عليهم اهـ وهو فيما إذا غلب الكفار أو تساويا وظاهر هذا التقييد أنهم إذا صلي عليهم يدفنون في مقابر المسلمين.

قوله: "كذمية الخ" هذه المسئلة اختلف فيها الصحابة رجح بعضهم جانب الولد فقال تدفن في مقابر المسلمين وبعضهم جانبها فإن الولد في حكم جزئها ما دام في بطنها فتدفن في مقابر المشركين وقال عقبة بن عامر يتخذ لها مقبرة على حدة أفاده في الشرح أي ويجعل ظهرها إلى القبلة لأن وجه الولد إليه والخلاف في الموتى المختلطين أصله الخلاف في هذه المسئلة والله سبحانه وتعالى أعلم واستغفر الله العظيم

ص: 630