المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المغرب على الصحيح لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتطوع - حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

[الطحطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌فصل في بيان أحكام السؤر

- ‌فصل في مسائل الآبار

- ‌فصل في الاستنجاء

- ‌فصل".فيما يجوز به الاستنجاء

- ‌فصل: في" أحكام "الوضوء

- ‌فصل".في تمام أحكام الوضوء

- ‌فصل".في سنن الوضوء

- ‌فصل: من آداب الوضوءأربعة عشر شيئا

- ‌فصل".في المكروهات

- ‌فصل في أوصاف الوضوء

- ‌فصل: نواقض الوضوء

- ‌فصل عشرة أشياء لا تنقض الوضوء

- ‌فصل: عشرة أشياء لا يغتسل منها مذي

- ‌فصل لبيان فرائض الغسل

- ‌فصل في سنن الغسل

- ‌فصل: وآداب الاغتسال

- ‌فصل يسن الاغتسال لأربعة أشياء

- ‌باب التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌فصل في الجبيرة ونحوها

- ‌باب الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌باب الأنجاس والطهارة عنها

- ‌فصل: يطهر جلد الميتة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌فصل" في الأوقات المكروهة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة وأركانها

- ‌فصل في متعلقات الشروط وفروعها

- ‌فصل في بيان واجب الصلاة

- ‌فصل في بيان سننها

- ‌فصل: من آدابها

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الصلاة

- ‌باب الإمامة

- ‌فصل: يسقط حضور الجماعة بواحد من ثمانية عشر شيئا

- ‌فصل: في بيان الأحق بالإمامة

- ‌فصل: فيما يفعله المقتدي بعد فراغ إمامه من واجب وغيره لو سلم الإمام

- ‌فصل: في صفة الأذكار

- ‌باب فيما لا يفسد الصلاة

- ‌فصل في المكروهات

- ‌فصل في اتخاذ السترة ودفع المار بين يدي المصلى إذا ظن

- ‌فصل فيما لا يكره للمصلي

- ‌فصل فيما يوجب قطع الصلاة وما يجيزه

- ‌باب الوتر وأحكامه

- ‌فصل في بيان النوافل

- ‌فصل في تحية المسجد وصلاة الضحى وإحياء الليالي

- ‌فصل في صلاة النفل جالسا وفي الصلاة على الدابة وصلاة الماشي

- ‌فصل: في صلاة الفرض والواجب على الدابة

- ‌فصل في الصلاة في السفينة صلاة الفرض

- ‌فصل: في صلاة التراويح

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة المريض

- ‌فصل في إسقاط الصلاة والصوم

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب سجود السهو

- ‌فصل في الشك

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌فصل: سجدة الشكر مكروهة عند أبي حنيفة رحمه الله

- ‌باب الجمعة

- ‌باب أحكام العيدينمن الصلاة وغيرها سمي عيدا

- ‌باب صلاة الكسوف والخسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب أحكام الجنائز

- ‌فصل الصلاة عليه

- ‌فصل السلطان أحق بصلاته

- ‌فصل في حملها ودفنها

- ‌فصل في زيارة القبور

- ‌باب أحكام الشهيد

- ‌كتاب الصوم

- ‌مدخل

- ‌فصل في صفة الصوم وتقسيمه

- ‌فصل فيما لا يشترط تبييت النية وتعيينها فيه وما يشترط

- ‌فصل فيما يثبت به الهلال وفي صوميوم الشك

- ‌باب في بيان ما لا يفسد الصوم

- ‌فصل في الكفارة وما يسقطها عن الذمة

- ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء

- ‌فصل يجب الإمساك

- ‌فيما يكره للصائم وما لا يكره وما يستحب

- ‌فصل في العوارض

- ‌باب ما يلزم الوفاء به

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌باب المصرف

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الحج

- ‌فصل القران

- ‌فصل التمتع

- ‌فصل العمرةسنة

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل قوله: "ولا شيء بقتل غراب

- ‌فصل الهدي

- ‌فصل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: المغرب على الصحيح لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتطوع

المغرب على الصحيح لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتطوع بينهما "و" يكره "عند ضيق وقت المكتوبة" لتفويته الفرض عن وقته "و" يكره التنفل كالفرض حال "مدافعة" أحد "الأخبثين" البول والغائط وكذا الريح "و" وقت حضور طعام تتوقه نفسه "و" عند حضور كل "ما يشغل البال" عن استحضار عظمة الله تعالى والقيام بحق خدمته "ويخل بالخشوع" في الصلاة بلا ضرورة لإدخال النقص في المؤدي والله الموفق بمنه.

ــ.

قوله: "لتفويته الفرض الخ" أي لما ليس بفرض فيترك ما عليه ويفعل ما ليس عليه وهذا ليس من فعل العقلاء بل إذا كان الوقت الذي بعده وقت فساد كوقت الطلوع فإنه يترك الواجبات ويقتصر على أدنى ما تجوز به الصلاة كما في المجتبى قوله: "حال مدافعة أحد الأخبثين" أي الحصر بأحدهما والمفاعلة على غير بابها أو هي على بابها لأنها تندفع للخروج وهو يدفعها لداخل قوله: "تتوقه نفسه" أي تشتاق إليه فإن فيه شغلا والكراهة أن لم يضق الوقت وإلا قدمه ولا كراهة عند ذلك قوله: "وعند حضور كل الخ" من عطف العام.

تتمة مما يتصل بالمكروهات كراهة الكلام بعد الفجر إلى أن يصلي إلا بخير وفي إبطال السنة إذ فصل به كلام ولا بأس بالمشي لحاجة بعد الصلاة وقيل يكره إلى طلوع الشمس وقيل إلى ارتفاعها وأما بعد العشاء فأباحه قوم وحظره آخرون وكان صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبلها والحديث بعدها والمراد به ما ليس بخير وإنما يتحقق الخير في كلام هو عبادة إذ المباح لا خير فيه كما لا إثم فيه فيكره في هذه الأوقات نقله السيد عن النهر قوله: "لإدخال النقص في المؤدى" المراد به فعل العبادات ولو نفلا لا مقابل القضاء والله أعلم.

ص: 191

"‌

‌باب الأذان

"

لما ذكرت الأوقات التي هي أسباب ظاهرة على نعمة الله سبحانه وتعالى وإيجابه الغيبي ذكر الأذان الذي هو إعلام بدخولها وقدم السبب على العلامة لقربه ولأن الأوقات إعلام.

ــ.

باب الأذان.

قوله: "وأعلام على نعمة الله تعالى " بفتح الهمزة جمع علم بمعنى علامة أو بكسرها أي معلمة أو ذات أعلام والمراد المبالغة ويؤيد الأول التعبير بعلى والمراد بنعمة الله تعالى الصلاة أو الإيجاب فالعطف للتفسير وكل منهما نعمة لما يترتب عليه من الثواب قوله: "الذي هو إعلام" بكسر الهمزة وقوله بدخولها أي الأوقات قوله: "لقربه" وذلك لأن العلامة مجعولة ليعلم بها السبب فهي متأخرة عنه قوله: "في حق الخواص" أي العلماء فانهم يعلمون.

ص: 191

في حق الخواص والأذان إعلام في حق العوام والكلام فيه من جهة ثبوته وتسميته وأفضليته وتفسيره لغة وشريعة وسبب مشروعيته وسببه وشرطه وحكمه وركنه وصفته وكيفيته ومحل شرع فيه ووقته وما يطلب من سامعه وما أعد من الثواب لفاعله فثبوته بالكتاب والسنة وتسميته أذانا لأن من باب التفعيل. واختلف في أفضليته عندنا الإمامة.

ــ.

الأورقات بالعلامات الشرعية من بلوغ الظل المثل وغروب الشفق وطلوع الفجر قال بعضهم حقيق بالمسلم ان يتنبه بالوقت فإن لم ينبهه الوقت فينبهه الأذان أي فقدم ما إختص بالخواص لشرف مرتبتهم قوله: "وتسميته" المراد بها لفظه فإنه يتكلم فيه من جهة إشتقاقه قوله: "وأفضليته" أي على الإمامة قوله: "وسببه" أي بقاء قوله: "فثبوته بالكتاب" قال تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] وقصد الإنتهاء في الأولى والاختصاص في الثانية أو أن أحد الجارين بمعنى الآخر قوله: "والسنة" هو ما سيأتي قوله: "لأنه من باب التفعيل" لا وجه لهذا التعليل ولو قال من باب التفعيل ليفيد أنه أسم مصدر لأذن المشدد لكان أولى وهو في الأصل مصدر أذن أي أعلم ثم صار اسما للتأذين فإن فعالا بالفتح يأتي إسما للتفعيل مثل ودع وداعا وسلم سلاما وكلم كلاما وجهز جهازا وزوج زواجا والحاصل أن لفظ الأذان مصدر أذن كعلم وضرب كما في الصحاح أي سماعا وإسم للتأذين قياسا والمئذنة بكسر الميم وسكون الهمزة المنارة ويجوز تخفيف الهمزة كما في المصباح وهي محل التأذين ويقال لها منارة والجمع مناير بالياء التحتية وأولى من أحدثها بالمساجد سلمة بن خلف الصحابي رضي الله تعالى عنه وكان أميرا على مصر في زمن معاوية وكان بلال يأتي بسحور لأطول بيت حول المسجد لإمرأة من بني النجار يؤذن عليه قوله: "عندنا الأمامة أفضل منه" وكذا الإقامة أفضل منه كما في التنوير وذلك لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الإمامة وكذا الخلفاء الراشدون من بعده وقول عمر رضي الله تعالى عنه لولا الخلافة لأذنت لا يستلزم تفضيله عليها بل مراده لأذنت مع الإمامة لا مع تركها فيفيد أن الأفضل كون الإمام هو المئذن وهذا مذهبنا وكان عليه أبو حنيفة رضي الله عنه كذا في فتح القدير اهـ من الشرح قوله: "الإعلام" أي مطلقا قوله: "إعلام مخصوص" أي بوقت الصلاة ولا يختص بأول الوقت بل قد يؤخر عنه مع صلاة يندب تأخيرها وهذا تعريف للغالب فلا يرد أذان الفائتة وبين يدي الخطيب يوم الجمعة ولم يكن إلا هو حتى أحدث عثمان رضي الله عنه الأذان الأول على دار بسوق المدينة مرتفعة يقال لها الزوراء قوله: "وسبب مشروعيته مشاورة الصحابة الخ" السبب الأصلي حصول المشقة بسبب عدم ضبط وقت صلاته عليه الصلاة والسلام وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان يؤخر الصلاة تارة ويعجلها أخرى وبعض الصحابة كان يبادر حرصا على الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم فيفوته بعض مقاصده وبعضهم يشغله ذلك عن المبادرة لظن التأخير فتشاوروا في أن ينصبوا علامة يعرفون.

ص: 192

أفضل منه ومعناه لغة الإعلام. وشريعة إعلام مخصوص وسبب مشروعيته مشاورة الصحابة في علامة يعرفون بها وقت الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم وشرع في السنة الأولى من الهجرة وقيل.

ــ.

بها وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لئلا تفوتهم الجماعة فقال بعضهم: يضرب الناقوس فقال صلى الله عليه وسلم: "هو للنصارى" وقال بعضهم الشبور وهو البوق فقال صلى الله عليه وسلم: "هو لليهود" وقال بعضهم: يضرب الدف فقال صلى الله عليه وسلم: "هو للروم" وقال بعضهم نوقد نارا فقال صلى الله عليه وسلم: "ذلك للمجوس" وقال بعضهم تنصب رايه فإذا رآها الناس أعلم بعضهم بعضا فلم يعجبه صلى الله عليه وسلم ذلك فلم تتفق آراؤهم على شيء فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مهتما قال عبد الله بن زيد فبت مهتما بإهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا بين النائم واليقظان إذ أتاني آت وعليه ثوبان أخضران فقام على جدر حائط أي قطعة حائط وبيده ناقوس فقلت أتبيعني هذا فقال: ما تصنع به فقلت نضرب به عند صلاتنا فقال: أفلا أدلك على ما هو خير منه فقلت بلى فاستقبل القبلة قائما وقال الله أكبر حتى ختم الأذان ثم مكث هنيهة ثم قام فقال مثل مقالته الأولى وقال في أخره قد قامت الصلاة مرتين قال عبد الله بن زيد فمضيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال: رؤيا حق ألقها على بلال فإنه أندى منك صوتا فألقيتها عليه فقام على أعلى سطح بالمدينة فجعل يؤذن فسمعه عمر رضي الله عنه وهو في بيته فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إزار يهرول فقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا لقد رأيت مثل ما رأى إلا أنه سبقني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلله الحمد" وأنه لأثبت وروي أن سبعة من الصحابة رأوا تلك الرؤيا في تلك الليلة واختلف في هذا الملك فقيل جبريل وقيل غيره وثبت الأذان بأمره صلى الله عليه وسلم وأما الرؤيا فسبب على أنه يحتمل مقارنة الوحي لها ويؤيده ما روي أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فوجد الوحي قد سبقه بذلك وقيل إنما ثبت بتعليم جبريل ليلة الإسراء حين صلى عليه الصلاة والسلام بالأنبياء والملائكة إماما وإنما لم يعمل به صلى الله عليه وسلم إلا بعد هذه الرؤيا لظن أن ذلك مخصوص بتلك الصلاة وهو كالإقامة من خصائص هذه الأمة وما يروي أن آدم لما نزل الأرض استوحش فنادى جبريل بالأذان لا ينافي الخصوصية لأن المراد خصوصية الصلاة وفي الدرة المنيفة أول من أحدث أذان إثنين معا بنو أمية وأول ما زيدت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان على المنارة في زمن حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون بأمر المحتسب نجم الدين الطنيدي وذلك في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة كذا في الأوائل للسيوطي والصواب من الأقوال أنها بدعة حسنة وكذا تسبيح المؤذنين في الثلث الأخير من الليل وحكى بعض المالكية فيه خلافا وأن بعضهم منع ذلك أفاده في النهر قوله: "وشرع في السنة الأولى" على الراجح وقبل ذلك كانوا يصلون بالمناداة في الطرق الصلاة الصلاة أو الصلاة جامعة فيجتمع الناس فلما صرفت القبلة أمر بالأذان قوله: "في المدينة المنورة" بيان لمحل مشروعيته قوله: "وسببه" أي البقائي كما سبق قوله: "ومنه" أي من.

ص: 193

في الثانية في المدينة المنورة وسببه دخول الوقت وهو شرط له ومنه كونه باللفظ العربي على الصحيح من عاقل وشرط كماله كون المؤذن صالحا عالما بالوقت طاهرا متفقدا أحوال الناس زاجرا من تخلف عن الجماعة صيتا بمكان مرتفع مستقبلا وحكمه لزوم إجابته بالفعل والقول وركنه الألفاظ المخصوصة وصفته سنة مؤكدة وكيفيته الترسل ووقته أوقات الصلاة ولو قضاء ويطلب من سامعه الإجابة بالقول كالفعل وسنذكر بيان ألفاظه ومعانيها وثوابه "سن الأذان" فليس بواجب على الأصح لعدم تعليمه الأعرابي "و" كذا "الإقامة سنة مؤكدة" في قوة الواجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم" وللمدوامة عليهما "للفرائض" ومنها الجمعة فلا يؤذن لعيد واستسقاء وجنازة ووتر فلا يقع أذان العشاء للوتر على الصحيح "ولو" صلى الفرائض

ــ.

شروطه أي شروط صحته قوله: "صيتا" أي حسن الصوت عاليه روي أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال لمؤذن أذن حسنا وإلا فاعتزلنا قوله: " لزوم إجابته" أي وجوبها وقيل سنة وقوله بالفعل ضعيف وفيه حرج والمعتمد ندب الإجابة بالقول فقط قوله: "والقول" الواو بمعنى أو وهي لحكاية الخلاف قوله: "أوقات الصلاة" أي أصلا واستحبابا قوله: "ولو قضاء" فيه أن القضاء لا وقت له اللهم إلا أن يراد بالوقت وقت الفعل قوله: "ويطلب الخ" مستغنى عنه بقوله وحكمه الخ وإنما ذكره بيانا لقوله أولا وما يطلب من سامعه قوله: "كالفعل" قد علمت ما فيه قوله: "فليس بواجب على الأصح" وقيل أنه واجب لقول محمد لو اجتمع أهل بلدة على تركه قاتلتهم ولو تركه واحد ضربته وحسبته قال في المعراج وغيره والقولان متقاربان لأن السنة المؤكدة لها حكم الواجب في لحوق الإثم بالترك وإن كان الإثم مقولا بالتشكيك ثم ان محمدا لا يخص الحكم المذكور بالواجب بل هو في سائر السنن فلا دليل فيه على الوجوب والسنة نوعان سنة هدى كالأذان والإقامة وتركها يوجب الإساءة وسنة زائدة وتركها لا يوجبها كسنة النبي صلى الله عليه وسلم في قعوده وقيامه ولبسه وأكله وشربه ونحو ذلك كما في السراج ولكن الأولى فعلها لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] قوله: "لعدم تعليمه الأعرابي" الضمير للأذان من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول والفاعل هو صلى الله عليه وسلم يعني أنه لما علم الأعرابي كيف يصلي لم يذكر له الأذان قوله: "سنة مؤكدة" بالنصب مفعول لسن مبين للنوع وقوله وكذا الإقامة مبتدأ أو خبر بالنظر للشرح ومعطوف على الأذان من عطف المفردات بالنظر إلى المتن قوله: "لقول النبي صلى الله عليه وسلم" الحديث قاصر على الأذان قوله: "على الصحيح" وقيل هو لهما لأن الوقت لهما قوله: "ولو صلى الفرائض منفردا" إتيان المنفرد به على سبيل الأفضلية فلا يسن في حقه مؤكدا والمكروه له ترك الأذان والإقامة معا حتى لو ترك الأذان وأتى بالإقامة لا يكره كما في البحر قوله: "فانه يصلي خلفه الخ" أخرج عبد الرزاق عن سلمان رضي الله عنه قال: قال

ص: 194

"منفردا" بفلاة فإنه يصلي خلفه جند من جنود الله "أداء" كان "أو قضاء سفرا أو حضرا" كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم "للرجال وكرها" أي الأذان والإقامة "للنساء" لما روي عن ابن عمر من كراهتهما لهن "و" أشار إلى ضبط ألفاظه بقوله "يكبر في أوله أربعا" في ظاهر الرواية وروى الحسن مرتين ويجزم الراء في التكبير ويسكن كلمات الأذان والإقامة في الأذان حقيقة

ــ.

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان الرجل بأرض فحانت الصلاة فليتوضأ فإن لم يجد ماء فليتيمم فإن أقام صلى معه ملكان وإن أذن وأقام صلى معه من جنود الله ما لا يرى طرفاه": قوله: "وكرها للنساء" اعلم أن الأذان والإقامة من سنن الجماعة المستحبة فلا يندبان لجماعة النساء والعبيد والعراة لأن جماعتهم غير مشروعة كما في البحر وكذا جماعة المعذورين يوم الجمعة للظهر في المصر فإن أداءه بهما مكروه كما في الحلبي قوله: "من كراهتهما لهن" لأن مبنى حالهن على الستر ورفع صوتهن حرام والغالب أن الإقامة تكون برفع صوت إلا أنه أقلمن صوت الأذان قوله: "يكبر في أوله أربعا" بصوتين وأكبر أما بمعنى أعظم أو أقدم وقيل بمعنى عظيم فأفعل التفضيل ليس على بابه كقوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] أي هين وإنما عبر بأهون تقريبا لعقول المخاطبين إذ الإعادة عندهم أسهل من الابتداء قوله: "وروى الحسن مرتين" وهو رواية عن أبي يوسف وبه قال مالك قوله: "ويجزم الراء في التكبير" كان أبو العباس المبرد يقول سمع الأذان موقوفا في مقاطعه كقولهم حي على الصلاة وحي على الفلاح والأصل فيه الله أكبر الله أكبر بتسكين الراء فحولت فتحت الألف من إسم الله إلى الراء وهذا يقتضي تعيين التسكين في الراء الثانية وكذا الأولى غير أنه تنفل فتحة الألف إليها والتحقيق أن الراء الأخيرة ساكنة لا محالة وهو مخير فيما قبلها بين الضم والفتح تخلصا من الساكنين إذ لا يتعين الفتح في ذلك كما لا يخفى ولفظ الجلالة مرفوع في جميع الحالات أفاده بعض الأفاضل قوله: "ويسكن كلمات الأذان" يعني للوقف والأولى ذكره قوله: "في الأذان حقيقة" أي الوقف الذي لأجله السكون حقيقة في الأذان لأجل الترسل فيه قوله: "وينوي الوقف في الإقامة" لأنه لم يقف حقيقة لأن المطلوب فيها الحدر أفاده في الشرح قوله: "لقوله صلى الله عليه وسلم" علة لقوله ويسكن الخ ويأتي بالشهادتين كل واحدة مرتين يفصل بينهما بسكتة وهكذا الخ ويأتي بحي على الصلاة وهو المقصود من الأذان لأن المراد نداؤهم إلى الصلاة بل هو الأذان في الحقيقة إلا أنه سمى المجموع أذانا مجازا تسمية للكل بإسم الجزء لحصول المقصود بذلك وهو الإعلام بدخول الوقت وسميت الإقامة بها لأجل قد قامت كما في التبيين وهي هنا بمعنى أقبلوا لأنه هو الذي يتعدى بعلى ومعنى حي على الفلاح أقبلوا على ما فيه فلا حكم ونجاتكم وهي الصلاة أو أقبلوا على الصلاة عاجلا وعلى الفلاح آجلا قالوا: وليس في كلام العرب كلمة أجمع للخير من لفظ الفلاح ويقرب منه النصيحة ذكره النووي في شرح مسلم.

ص: 195

وينوي الوقف في الإقامة لقوله صلى الله عليه وسلم: "الأذان جزم والإقامة جزم والتكبير جزم" أي لافتتاح الصلاة "ويثني تكبير آخره" عودا للتعظيم "كباقي ألفاظه" وحكمة التكرير تعظيم شأن الصلاة في نفس السامعين "ولا ترجيع في" كلمتي "الشهادتين" لأن بلالا رضي الله عنه لم يرجع وهو أن يخفض صوته بالشهادتين ثم يرجع فيرفعه بهما "والإقامة مثله" لفعل الملك النازل "ويزيد" المؤذن "بعد فلاح الفجر" قوله "الصلاة خير من النوم" يكررها "مرتين" لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالا رضي الله عنه وخص به الفجر لأنه وقت نوم وغفلة "و" يزيد "بعد فلاح الإقامة قد قامت الصلاة" ويكررها "مرتين" كما فعله الملك "ويتمهل" يترسل "في الأذان" بالفصل بسكتة بين كل كلمتين "ويسرع" أي يحدر "في الإقامة" للأمر بهما في السنة "ولا يجزئ" الأذان "بالفارسية" المراد غير العربي "وإن علم أنه أذان في الأظهر" لوروده

ــ.

قوله: "عودا للتعظيم" هذا بيان حكمة إعادة التكبير وحكمة تكريره ذكرها بعد قوله: "تعظيم شأن الصلاة" وليكون أدعى إلى المساعدة إلى الطاعة والإجابة قوله: "لأن بلالا لم يرجع" في جميع الحالات وكذا ابن أم مكتوم وقال الشافعي أنه سنة لترجيع أبي محذورة بأمره صلى الله عليه وسلم وأجيب بأنه كان تعليما فظنه ترجيعا وبان أبا محذورة كان مؤذنا بمكة وكان حديث عهد بالإسلام فأخفى كلمتي الشهادة حياء من قومه ففرك النبي صلى الله عليه وسلم أذنه وأمره أن يعود فيرفع صوته ليعلمه أنه لا حياء من الحق قوله: "والإقامة مثله" حسا ومعنى وصفة إلا ما استثنى واختصاصا وسببا ولا لحن ولا ترجيع فيها قوله: "الصلاة خير من النوم" إنما كان النوم مشاركا للصلاة في الخيرية لأنه قد يكون عبادة إذا كان وسيلة إلى تحصيل طاعة أو ترك معصية ولكونه راحة في الدنيا والصلاة راحة في الآخرة وراحة الآخرة أفضل قاله في الشرح وهل يأتي به في أذان الفائتة محل توقف قوله: "بالفصل الخ" وقيل بتطويل الكلمات كما في البحر عن عقد الفرائد وكل ذلك مطلوب في الأذان فيطول الكلمات بدون تغن وتطريب كما في العناية قوله: "بين كل كلمتين" أي جملتين إلا في التكبير الأول فإن السكتة تكون بعد تكبيرتين قوله: "أي يحدر" من باب نصر ولو عكس بأن حدر بالأذان وترسل بالإقامة كره قال في الفتح وهو الحق اهـ والسنة أن يعاد الأذان لفوات تمام المقصود منه كما في القهستاني وكذا الإقامة كما في الخانية وهذا على سبيل الأفضلية كما في النهر وقيل لا تعاد الإقامة لترك الحدر لعدم مشروعية تكرارها وصحح قوله: "ولا يجزي الأذان بالفارسية" الظاهر ان الإقامة مثله للعلة المذكورة قوله: "ويستحب أن يكون المؤذن صالحا" لأنه يكون على المكان المرتفع وبعض النساء في صحن الدار والسطح وليؤتمن على الأوقات لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم" والصالح من يكون قائما بحقوق الله تعالى وحقوق العباد ولما كان ذلك قليلا وكان المراد خلافه بينه بقوله أي متقيا والمراد أن يكون ظاهر العدالة.

ص: 196

بلسان عربي في أذان الملك النازل "ويستحب أن يكون المؤذن صالحا" أي متقيا لأنه أمين في الدين "عالما بالسنة" في الأذان "و" عالما بدخول "أوقات الصلاة" لتصحيح العبادة "و" أن يكون "على وضوء" لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤذن إلا متوضئ""مستقبل القبلة" كما فعله الملك النازل "إلا أن يكون راكبا" لضرورة سفر ووحل ويكره في الحضر راكبا في ظاهر الرواية "و" يستحب "أن يجعل أصبعيه في أذنيه" لقوله صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه "اجعل أصبعيك في أذنيك فإنه أرفع لصوتك" وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة ويستغفر له كل رطب ويابس سمعه""و" يستحب "أن يحول وجهه يمينا بالصلاة ويسارا بالفلاح" ولو كان وحده في الصحيح لأنه سنة الأذان "ويستدير

ــ.

قوله: "بالسنة في الأذان" كتربيع التكبير والترسل قوله: "مستقبل القبلة والإقامة مثله ولو تركه جاز لحصول المقصود وكره تنزيها قوله: "لضرورة سفر" الظاهر أن المراد به اللغوي دون الشرعي لمقابلته بالحضر ويدل له أنهم أباحوا التنفل راكبا خارج المصر مطلقا فالأذان أولى أفاده بعض الأفاضل قوله "ويستحب أن يجعل أصبعيه" أي السبابتين والمراد أنملتهما وهو ليس بسنة أصلية إذ لم يكن في أذان الملك النازل من السماء ولم يشرع لأصل الإعلام بل للمبالغة فيه وان جعل يديه على أذنيه فحسن قوله: "لا يسمع مدى صوت المؤذن" المدى كالفتى الغاية وهذا شروع في بيان فضل فاعله وهو علة لقول المصنف وأن يجعل الخ المفيد رفع الصوت بالأذان في النسائي له مثل أجر من صلى معه اهـ ويخرج من قبره يؤذن والمؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة أي أكثر الناس رجاء وقيل أكثر الناس اتباعا لأنه يتبعهم كل من يصلي بأذانهم يقال جاءني عنق من الناس أي جماعة وقيل تطول أعناقهم فلا يلحقهم العرق يوم القيامة وضبط بكسر الهمزة والمعنى أنهم أشد الناس إسراعا في السير وورد أن المؤذن يجلس يوم القيامة على كثيب من المسك وأنه لا يهوله الفزع الأكبر وفي الضياء روي أنه صلى الله عليه وسلم أذن في سفر بنفسه وأقام وصلى الظهر قوله: "يمينا بالصلاة الخ" صححه الزيلعي وقيل يحول بهما جميعا في الجهتين قال الكمال وهو الأوجه قال في النهر لأنه خطاب للقوم فيواجههم به واختصاص اليمين بالصلاة واليسار بالفلاح تحكم بلا دليل قوله: "ولو كان وحده في الصحيح" وقال الحلواني إن أذن لنفسه لا يحول لأنه لا حاجة إليه قوله: "لأنه سنة الأذان" ولو لمولود أو لخوف قوله: "ويستدير في صومعته" بأن يخرج رأسه من الكوة اليمنى ويقول ما يقول ثم يذهب إلى الكوة اليسرى ويفعل كذلك كما في الدرر من غير استدبار للقبلة لأنه مكروه كما في الفتح والصومعة المنارة وهي في الأصل متعبد الراهب ذكره العيني ويحول في الإقامة إذا كان المكان متسعا وهو أعدل الأقوال كما في النهر واختلف في أذان المغرب والظاهر أنه يؤذن في مكان عال أيضا كما في السراج ويكره أن يؤذن في المسجد كما في القهستاني عن النظم فإن لم يكن ثمة مكان.

ص: 197

في صومعته" إن لم يتم الإعلام بتحويل وجهه "ويفصل بين الأذان والإقامة" لكراهة وصلها "بقدر ما يحضر" القوم "الملازمون للصلاة" للأمر به "مع مراعاة الوقت المستحب و" يفصل بينهما "في المغرب بسكتة" هي "قدر ثلاث آيات قصار" أو آية طويلة "أو" قدر "ثلاث خطوات" أو أربع "ويثوب" بعد الأذان في جميع الأوقات لظهور التواني في الأمور الدينية في الأصح وتثويب كل بلد بحسب ما تعارفه أهلها "كقوله" أي المؤذن "بعد الأذان الصلاة

ــ.

مرتفع للأذان يؤذن في فناء المسجد كما في الفتح قوله: "ويفصل بين الأذان والإقامة" لقوله صلى الله عليه وسلم لبلال: "اجعل بين أذانك وإقامتك نفسا حتى يقضي المتوضيء حاجته في مهل" وحتى يفرغ الآكل من أكل طعامه في مهل اهـ والنفس بفتحتين واحد الأنفاس وهو ما يخرج من الحي حال التنفس ولأن المقصود بالأذان إعلام الناس بدخول الوقت ليتهيؤا للصلاة بالطهارة فيحضروا المسجد وبالوصل ينتفي هذا المقصود قوله: "لكراهة وصلهما" في كل صلاة إجماعا قوله: "بقدر ما يحضر الملازمون" إلا إذا علم بضعيف مستعجل فإنه ينتظره ولا ينتظر رئيس المحلة كما في الفتح وما في المبتغى أن تأخير الإقامة وتطويل القراءة لإدراك بعض الناس حرام جدا معناه إذا كان لأجل الدنيا تأخيرا وتطويلا يشق على الناس لأنه إهانة لأحكام الشرع والحاصل أن التأخير اليسير للإعانة على الخير غير مكروه ولا بأس أن ينتظر الإمام إنتظارا وسطا كما في المضمرات قوله: "مع مراعاة الوقت المستحب" فلا يجوز التأخير عنه إلى المكروه مطلقا قوله: "أو قدر ثلاث خطوات" هذه رواية عن الإمام وهذه الأحوال متقاربة وعندهما يفصل بينهما بجلسة خفيفة بقدر ما تتمكن مقعدته ويستقر كل عضو في مفصله كما في الفصل بين الخطبتين والخلاف كما قال الحلواني في الأفضلية لا في الجواز قوله: "ويثوب الخ" هو لغة مطلق العود إلى الإعلام بعد الإعلام وشرعا هو العود إلى الإعلام المخصوص قوله: "بعد الأذان" على الأصح لا بعد الإقامة كما هو اختيار علماء الكوفة قوله: "في جميع الأوقات" استحسنه المتأخرون وقد روى أحمد في السنن والبزار وغيرهما بإسناد حسن موقوفا على ابن مسعود ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ولم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أصحابه إلا ما أمر به بلال أن يجعله في أذان الفجر قوله: "في الأصح" ويكره عندهما في غير الفجر لأنه وقت نوم وغفلة بخلاف غيره قوله: "بحسب ما تعارفه أهلها" ولو بالتنحنح لأن المقصود الإعلام كما في النهر عن المجتبى قوله: "كقوله" أي المؤذن قيد بكون المثوب هو المؤذن لأنه لا ينبغي لأحد أن يقول لمن فوقه في العلم والجاه حان وقت الصلاة سوى المؤذن لأنه إستفضال لنفسه قوله: "قوموا إلى الصلاة" أي أو قوموا قوله: "وهو التطريب" أي التغني به بحيث يؤدي إلى تغيير كلمات الأذان وكيفياتها بالحركات والسكنات ونقص بعض حروفها أو زيادة فيها فلا يحل فيه ولا في قراءة القرآن ولا يحل سماعه لأن فيه تشبها بفعل الفسقة في حال فسقهم فإنهم يترنمون اهـ من.

ص: 198

الصلاة يا مصلين" قوموا إلى الصلاة "ويكره التلحين" وهو التطريب والخطأ في الإعراب وأما تحسين الصوت بدونه فهو مطلوب "و" يكره "إقامة المحدث وأذانه" لما روينا ولما فيه من الدعاء لما لا يجيب بنفسه واتبعت هذه الرواية لموافقتها نص الحديث وإن صحح عدم كراهة أذان المحدث "و" يكره "أذان الجنب" رواية واحدة كإقامته "و" يكره بل لا يصح أذان "صبي لا يعقل" وقيل والذي يعقل أيضا لما روينا "ومجنون" ومعتوه "وسكران" لفسقه وعدم تمييزه بالحقيقية "و" أذان "امرأة" لأنها إن خفضت صوتها أخلت بالإعلام وإن

ــ.

الشرح ببعض تغيير قوله: "والخطأ في الإعراب" ويقال له لحن ويطلق اللحن على الفطنة والفهم لما لا يتفطن له غيره ومنه الحديث لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض اهـ من الشرح قوله: "وأما تحسين الصوت بدون" أي بدون ما ذكر من الترنم والخطأ في الإعراب وأما التفخيم للام الجلالة فلا بأس به لأنه لغة أهل الحجاز ومن يليهم ولغة أهل البصرة الترقيق وعن أبي مجاهد أنه يختار تغليظ اللام بعد فتحة أو ضمة والترقيق بعد الكسر وتمامه في الكافي قوله: "ويكره إقامة المحدث" للزوم الفصل بين الإقامة والصلاة بالإشتغال بالوضوء كما في العناية والسنة وصلها بصلاة من يقيم ويروى أنها لا تكره الأول هو المذهب كما في البحر والنهر قوله: "وأذانه لما روينا" من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤذن إلا متوضىء" قوله: "لما لا يجيب" أي لعبادة لا يحببها بنفسه فعائد الصلة محذوف قوله: "واتبعت هذه الرواية" وهي رواية الحسن عن الأمام كما في القهستاني عن التحفة إلا أن النقص بالجنابة أفحش كما في السراج قوله: "وان صحح الخ" وهو ظاهر الرواية والمذهب كما في الدرر قوله: "كإقامته" لأنها أقوى من الأذان كما في البحر والنهر قوله: "بل لا يصح أذان صبي لا يعقل" لأنه لا يلتفت إلى أذانه كالمجنون ونحوه فربما ينتظر الناس الأذان المعتبر والحال أنه معتبر في نفس الأمر فيخرج الوقت وهم ينتظرون فيؤدي إلى تفويت الصلاة وفساد الصوم إذا كان في الفجر أو الشك في صحة المؤدي أو إيقاعها في وقت مكروه كما في البحر والنهر قوله: "وقيل والذي يعقل أيضا" ظاهر الرواية صحته بدون كراهة لأنه من أهل الجماعة كما في السراج والبحر قوله: "لما روينا" من قوله صلى الله عليه وسلم: "ليؤذن لكم خياركم" اهـ من الشرع قوله: "لفسقه" الأولى حذفه ليعم ما لو سكر من مباح ذكره السيد قوله: "بالحقيقة" الباء زائدة أي لعدم تمييزه حقيقة الأذان عن غيرها قوله: "وأذان امرأة" قال في السراج إذا لم يعيدوا أذان المرأة فكأنهم صلوا بغير أذان وجزم به في البحر والنهر وهذا يفيد عدم الصحة ويمكن أرادته هنا لأنهم قد يطلقون الكراهة على عدم الصحة كما في أذان المجنون والصبي الغير العاقل قوله: "لأنه عورة" ضعيف والمعتمد أنه فتنة فلا تفسد برفع صوتها صلاتها ومثل المرأة الخنثى المشكل قوله: "وأذان فاسق" هو الخارج عن أمر الشرع بارتكاب كبيرة كذا في الحموي قوله: "لأن خبره لا يقبل الخ" فلم يوجد الإعلام المقصود الكامل قوله "وأذان قاعد" أي

ص: 199

رفعته ارتكبت معصية لأنه عورة "و" أذان "فاسق" لأن خبره لا يقبل في الديانات "و" أذان "قاعد" لمخالفة صفة الملك النازل إلا لنفسه "و" يكره "الكلام في خلال الأذان" ولو برد السلام "و" يكره الكلام "في الإقامة" لتفويت سنة الموالاة "ويستحب إعادته" أي الأذان بالكلام فيه لأن تكراره مشروع كما في الجمعة "دون الإقامة""ويكرهان" أي الأذان والإقامة "لظهر يوم الجمعة في المصر" لمن فاتتهم الجمعة كجماعتهم مثل المسجونين "ويؤذن للفائتة

ــ.

وراكب إلا المسافر لضرورة السير ويعلم حكم أذان المضطجع بالأولى نهر قوله: "إلا لنفسه" لعدم الحاجة إلى الإعلام وأما الإقامة فتكره بلا قيام مطلقا قوله: "ويكره الكلام في خلال الأذان" لأنه ذكر معظم كالخطبة والكلام يخل بالتعظيم ويغير النظم المسنون وفي المضمرات ويكره التنحنح عند الإقامة والأذان لأنه بدعة قال في البرهان الحلبي كذا أطلقوه ولا يخفى أن المراد إذا لم يكن لعذر كبلغم يمنعه عن الكلام أو تحسين الصوت ومن المكروهات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ابتداء الإقامة لأنه بدعة ولو وقف في الأذان لتنحنح أو سعال لا يعيد إلا إذا طالت الوقفة كما في القنية قوله: "ولو برد السلام" ولا يرده في الحال ولا بعد الفراغ ولا في نفسه على المعتمد وكذا القارىء والمصلي والخطيب وأجمعوا على عدم الوجوب على متغوط ومكشوف عورة مطلقا لأن السلام عليهما حرام وكذا لا يجب على قاض ومدرس ولا يجب رد سلام السائل كما في القرماني عن القنية قوله: "بالكلام فيه" أي مطلقا وقيل لا يعاد مطلقا ثالثها يعاد بالكلام الكثير دون اليسير وهو الأشبه كما في البحر عن الخلاصة والكلمة والكلمتان يسير كما في القهستاني.

تنبيه: إذا كان المقيم غير الإمام أتمها في موضع البداءة وإن كان إماما فعن أبي يوسف يتمها في موضعه وخيره الفقيه مطلقا وجزم به في الخلاصة وصحح ما روى عن أبي يوسف قوله: "في المصر" قيد به لأن أهل السواد لا يكره لهم ذلك لأنه لا جمعة على أهله كما في البحر من باب الجمعة وقول السيد أن القرية كالمصر إذا كان لها مسجد فيه أذان وإقامة وإن لم يكن لها مسجد فكالمسافر وعزاه إلى البحر ليس في محله لأن صاحب البحر ذكر ما نقله السيد في شرح قول الكنز وكره تركهما لمسافر لا لمصل في بيته في المصر قوله: "لمن فاتتهم الجمعة" سواء كان لعذر أم لا قبل صلاة الجمعة أو بعدها بجماعة أم لا قوله: "ويؤذن للفائتة ويقيم" لأن الأذان والإقامة من سنن الصلاة لا من سنن الوقت والقضاء يحكي الأداء قال في الشرح والإطلاق يشمل القضاء في المسجد والبيت ولكن في المجتبى معزيا إلى الحلواني أن سنة القضاء في البيوت دون المساجد فإن فيه تشويشا وتغليظا اهـ قال صاحب البحر وإذا كانوا صرحوا بأن الفائتة لا تقضى في المسجد لما فيه من إظهار التكاسل في إخراج الصلاة عن وقتها فالإخفاء بالأذان لها أولى

ص: 200

ويقيم" كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في الفجر الذي قضاه غداة ليلة التعريس "وكذا" يؤذن ويقيم "لأولى الفوائت" والأكمل فعلهما في كل منها كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حين شغله الكفار يوم الأحزاب عن أربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء فقضاهن مرتبا على الولاء وأمر بلالا أن يؤذن ويقيم لكل واحدة منهن "وكره ترك الإقامة دون الأذان في البواقي" من الفوائت فلا يكره ترك الأذان في غير الأولى "إن اتحد مجلس القضاء" لمخالفة فعل النبي صلى الله عليه وسلم لاتفاق الروايات على أنه أتى بالإقامة في جميع التي قضاها وفي بعض الروايات

ــ.

بالمنع اهـ إلا إذا كان التفويت لأمر عام فلا يكره في المسجد لانتفاء العلة قوله: "في الفجر الذي قضاه الخ" عن زيد بن أسلم قال عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة فرقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس وقد فزعوا فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي وقال "إن هذا واد به شيطان" فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا وأن يتوضؤوا وأمر بلالا أن ينادي للصلاة ويقيم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وقد رأى من فزعهم فقال: "أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها علينا في حين غير هذا فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها" ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الصديق فقال: "إن الشيطان أتى بلالا وهو قائم يصلي فأضجعه ثم لم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام" ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأخبر بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقال أبو بكر رضي الله عنه: أشهد أنك رسول الله رواه مالك في موطئه مرسلا والتعريس النزول آخر الليل قوله: "والأكمل فعلهما" لأن الأخذ برواية الزيادة أولى خصوصا في باب العبادات كذا في البدائع قوله: "يوم الأحزاب" هو يوم الخندق وكان في السنة الرابعة من الهجرة قال في الشرح قوله: "ان اتحد مجلس القضاء" أما إن اختلف فيؤذن للأولى في المجلس الثاني أيضا قوله: "لمخالفة فعل النبي صلى الله عليه وسلم" علة لقوله وكره ترك الإقامة قوله: "وفي بعض الروايات الخ" قد علمت أن الأخذ برواية الزيادة أولى قوله: "وإذا سمع المسنون منه" فلو لم يسمع لبعد أو لصمم لا تشرع له المتابعة ولو علم أنه أذان كما ذكره النووي في شرح المهذب أي وقواعدنا لا تأباه وفي شرح الشفاء للشهاب قيل لا يشترط سماع الكل ولا فهمه ومفهوم التقييد بالمسنون أنه إذا كان على غير وجه السنة لا تندب متابعته ومفاهيم الكتب حجة قوله: "وهو ما لا لحن فيه" وأن يقع في الوقت كما في مواهب الرحمن وفي البزازية يندب القيام عند سماع الأذان اهـ وهل يستمر إلى فراغه أم يجلس قال في النهر لم أره ثم إذا لم يجب حتى فرغ من تداركه إن قصر الفصل وفي الفتح فإن سمعهم معا.

ص: 201

اقتصر على ذكر الإقامة فيما بعد الأولى "وإذا سمع المسنون منه" أي الأذان وهو ما لا لحن فيه ولا تلحين "أمسك" حتى عن التلاوة ليجيب المؤذن ولو في المسجد وهو الأفضل وفي الفوائد يمضي على قراءته إن كان في المسجد وإن كان في بيته فكذلك إن لم يكن أذان مسجده فإذا كان يتكلم في الفقه والأصول يجب عليه الإجابة وإذا سمعه وهو يمشي

ــ.

أجاب معتبرا كون جوابه لمؤذن مسجده اهـ قوله: "ليجيب المؤذن" إختلف في الإجابة فقيل واجبة وهو ظاهر ما في الخانية والخلاصة والتحفة وإليه مال الكمال قال في الدر فلا يرد سلاما ولا يشتغل بشيء سوى الإجابة اهـ والتفريغ يندب الإمساك عن التلاوة الخ لا يظهر إلا على القول بالسنية وقيل مندوبة وبه قال مالك والشافعي وأحمد وجمهور الفقهاء واختاره العيني في شرح البخاري وقال الشهاب في شرح الشفاء هو الصحيح لأنه صلى الله عليه وسلم سمع مؤذنا كبر فقال: على الفطرة فسمعه تشهد فقال: خرجت من النار وصرح في العيون بأن الإمساك عن التلاوة والاستماع إنما هو أفضل وصرح جماعة بنفي وجوبها باللسان وأنها مستحبة حتى قالوا: إن فعل نال الثواب وإلا فلا أثم ولا كراهة وحكى في التجنيس الإجماع على عدم كراهة الكلام عند سماع الأذان اهـ أي تحريما وفي مجمع الأنهر عن الجواهر إجابة المؤذن سنة وفي الدرة المنيفة أنها مستحبة على الأظهر والحاصل أنه اختلف التصحيح في وجوب الإجابة باللسان والأظهر عدمه وحكى المؤلف القولين فيما يأتي وفي النهر وقول الحلواني الإجابة باللسان مندوبة والواجب إنما هو الإجابة بالقدم مشكل لأنه يلزم عليه وجوب الأذان في أول الوقت والصلاة في المسجد إذ لا معنى لإيجاب الذهاب دون الصلاة وينبغي أن يقال لا تجب يعني بالقول بالإجماع للأذان بين يدي الخطيب وتجب بالقدم بالاتفاق للأذان الأول يوم الجمعة لوجوب السعي بالنص وما عدا هذين ففيه الخلاف اهـ قال في الشرح وفي حديث عمرو أبي إمامة التنصيص على أن لا يسبق المؤذن بل يعقب كل جملة منه بجملة منه اهـ قوله: "وهو الأفضل" هذا مبني على ندب الإجابة باللسان قوله: "يمضي على قراءته إن كان في المسجد" مبني على وجوب الإجابة بالقدم ومن قال بها لا ينفي ندب الإجابة باللسان قوله: "إن لم يكن أذان مسجده" أي فتندب إجابته قوله: "والأصول" أي علم الكلام ويحتمل أصول الفقه وهذا مبني على وجوب الإجابة بالقول قوله: "وإذا سمعه وهو يمشي الخ" لعلهم جعلوا المشي مسقطا للوجوب كالأكل وقضاء الحاجة ويحتمل أن الأولوية راجعة إلى الوقوف لا للإجابة أو هو مبني على ندب الإجابة قوله: "وإذا تعدد الأذان يجيب الأول" مطلقا سواء كان مؤذن مسجده أم لا لأنه حيث سمع الأذان ندبت له الإجابة ثم لا يتكرر عليه في الأصح ذكره الشهاب في شرح الشفاء قوله: "ولا يجيب في

ص: 202

فالأولى أن يقف ويجيب وإذا تعدد الأذان يجيب الأول ولا يجيب في الصلاة ولو جنازة وخطبة وسماعها وتعلم العلم وتعليمه والأكل والجماع وقضاء الحاجة ولا يجيب الجنب ولا الحائض والنفساء لعجزهما عن الإجابة بالفعل "و" صفة الإجابة أن يقول كما "قال" مجيبا له فيكون قوله "مثله" أي مثل ألفاظ المؤذن "و" لكن "حوقل" أي قال لا حول ولا قوة إلا بالله أي لا حول لنا عن معصية ولا قوة لنا على طاعة إلا بفضل الله "في" سماعه "الحيعلتين"

ــ.

الصلاة" ولو أجاب فسدت قوله: "وخطبة" أي خطبة كانت قوله: "وتعلم العلم وتعليمه" ينافيه ما قدمه قريبا من قوله وإذا كان يتكلم في الفقه أو الأصول تجب عليه الإجابة والظاهر أن نفي الإجابة في هذه الصورة متأت على القولين فيها قوله: "لعجزهما عن الإجابة بالفعل" أي فسقطت بالقول تبعا للفعل قوله: "كما قال مجيبا له" أفاد أنه لا يكون آتيا بالسنة إلا إذا قصد الإجابة قوله: "ولكن حوقل" السر في اختصاصهما بذلك أنه لما طلب منهم بالجملة الأولى الإقبال على الصلاة والمجيء إليها وطلب منهم بقوله حي على الفلاح الإقبال إلى الفوز والنجاة وذلك لا يكون إلا بحركة والعبد لا قدرة له على شيء ناسب أن يقول لا حول أي لا حركة ولا إستطاعة لي على شيء مما طلب مني إلا بقوة الله تعالى وهذا أولى من قول المؤلف لأنه لو قال مثلهما صار كالمستهزيء قوله: "أي لا حول لنا" هو من التحول والمضي ومنه سمي العام حولا لمضيه وبعده أي لا تحول ولا بعد لي عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة لي على طاعته إلا بمعونته فالعطف للمغايرة وهذا هو ما فسر به صلى الله عليه وسلم هاتين الجملتين وقيل ان الحول بالواو وبالياء في اللغة القدرة على التصرف فعطف القوة عليه عطف مرادف قوله: "الحيعلتين" تثنية حيعلة مركبة من حي على كذا قال المنلا علي في شرح الحصن الحصين والعرب إذا كثر استعمالهم في كلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض الأخرى مثل البسملة والحمدلة والسبحلة والحوقلة والهيللة والحيعلة والإجابة بالحوقلة للحيعلة قول الثوري وأصحابنا الثلاثة وأحمد في الأصح عنه ومالك في رواية وقال النخعي والشافعي وأحمد في رواية ومالك في رواية يقول كما يقول المؤذن حتى يفرغ من أذانه واختار المحقق في الفتح الجمع بين الحيعلة والحوقلة عملا بالأحاديث الواردة وجمعا بينها ففي مسند أبي يعلى عن أبي أمامة عنه صلى الله عليه وسلم: "إذا نادي المنادي للصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء فمن نزل به كرب أو شدة فليتحر المنادي إذا كبر كبر وإذا تشهد تشهد وإذا قال حي على الصلاة قال حي على الصلاة وإذا قال حي على الفلاح قال حي على الفلاح ثم يقول" يعني بعدما يتمه متابعا "اللهم رب هذه الدعوة الحق المستجاب لها دعوة الحق وكلمة التقوى أحينا عليها وأمتنا عليها وابعثنا عليها واجعلنا من خيار أهلها محيانا

ص: 203

هما حي على الصلاة حي على الفلاح كما ورد لأنه لو قال مثلهما صار كالمستهزئ لأن من حكى لفظ الآمر بشيء كان مستهزئا به بخلاف باقي الكلمات لأنه ثناء والدعاء مستجاب بعد إجابته بمثل ما قال: "و" في أذان الفجر "قال" المجيب "صدقت وبررت" بفتح الراء الأولى وكسرها "أو" يقول "ما شاء الله" كان وما لم يشأ لم يكن "وعند قول المؤذن" في أذان الفجر "الصلاة خير من النوم" تحاشيا عما يشبه الاستهزاء. واختلف أئمتنا في حكم الإجابة بعضهم صرح بوجوبها وصرح بعضهم باستحبابها "ثم دعا" المجيب والمؤذن "بالوسيلة" بعد صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الإجابة "فيقول" كما رواه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة

ــ.

ومماتنا ثم يسأل الله عز وجل حاجته" رواه الطبراني في كتاب الدعاء وقال الحاكم صحيح الإسناد فهذا صريح في أنه يقول مثل ما يقول في جميع الكلمات ولا يقال أن ذلك يشبه الإستهزاء لأنا نقول لا مانع من صحة اعتبار المجيب بهما آمرا نفسه داعيا إياها محركا منها السواكن مخاطبا لها حثا وحضا على الإجابة بالفعل ثم يتبرأ من الحول والقوة وقد رأينا من مشايخ السلوك من يجمع بينهما قوله: "والدعاء مستجاب بعد إجابته بمثل ما قال" أي حتى في الحيعلتين ودليله ما في مسند أبي يعلى المتقدم قوله: "وبررت" عطف تفسير على ما قبله من بر في كلامه إذا صدق وبر في يمينه إذا حفظها وقيل يقول صدقت وبالحق نطقت كما في مجمع الأنهر ولا خفاء في حسن الجمع قال بعض الفضلاء ويقول عند قد قامت الصلاة أقامها الله وأدامها هكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الحلبي وغيره ومعنى أقامها الله أثبتها وأبقاها قال في شرح المشكاة واشتهر بعد قوله وأدامها زيادة وجعلني من صالحي أهلها وهذا إنما يظهر على قول الصاحبين ان الشروع بعد الفراغ منها أما على قول الإمام أن الشروع الأفضل عند قد قامت الصلاة وان الأفضل مقارنة المأموم للإمام في التحريمة لا يظهر قوله: "ما شاء الله كان" كان هنا ويكن فيما بعد تامة قوله: "والمؤذن" لتحصل له الفضيلة كذا في الشرح قوله: "بالوسيلة" أي بتحصيلها قوله: "حين يسمع النداء" هذا يقتضي ان الدعاء بها حين يسمع النداء وما سيأتي يقتضي أن يدعو بها بعد فراغه من الإجابة فأما ان يجمع بينهما وإما أن يحمل الأول على الثاني ويكون المراد بقوله حين يسمع الإسراع والمبادرة أو المراد كل الأذان قوله: "الدعوة" بفتح الدال الدعاء والتامة الكاملة التي لا يدخلها نقص ولا عيب ولا تغيرها ملة ولا تنسخها شريعة وفي هذه الدعوة أفضل الأقوال وهو لا إله إلا الله قال العيني هي إلى قول محمد رسول الله قوله: "الصلاة القائمة" أي الدائمة الثابتة قوله: "آت محمدا الوسيلة" هي فعيلة وتجمع على وسائل ووسل وهي كل أمر يكون موصلا لأمر تبتغيه

ص: 204

والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة" وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي صلاة فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله إلي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد مؤمن من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت

ــ.

وحقيقة الوسيلة إلى الله عز وجل مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتجرى مكارم الشريعة فهي كالقربة قاله الراغب وحاصله أنها فعل المأمورات وإجتناب المنهيات والمراد هنا منزلة عالية في الجنة فهو مجاز من إطلاق السبب على المسبب قوله: "والفضيلة" هي المرتبة الزائدة على سائر الخلق أو منزلة أخرى أو تفسير للوسيلة قال السخاوي في المقاصد الحسنة وزيادة والدرجة الرفيعة كما يفعله من لا خبرة له بالسنة لا أصل لها في الدعاء الوارد ذكره الشهاب في شرح الشفاء قوله: {مَقَاماً مَحْمُوداً} مفعول ثان لأبعثه بتضمينه معنى أعط أو على المفعول المطلق أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا وضمن بعث معنى أقم وهو منكر لمناسبة لفظ القرآن أو للتفخيم ووقع في رواية النسائي وابن خزيمة وغيرهما المقام المحمود بالتعريف والمراد به الشفاعة العظمى وهو الأشهر وعليه الأكثر وقيل هو ان يسأل فيعطي ويشفع فيشفع وليس أحد إلا تحت لوائه قوله: "الذي وعدته" أي في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} وهو صفة للمقام إن جعل علما لذلك المقام وإلا فهو بدل قوله: "حلت له شفاعتي" حل من باب ضرب أي وجبت بمعنى تحققت وثبتت أو من باب قعد بمعنى نزل واللام في له بمعنى على والمراد بالشفاعة شفاعة مخصوصة كدخول الجنة مع السابقين ورفع الدرجات وزيادة العطيات ولا يختص هذا الفضل بمن قالها مستحضرا لأخلاقه صلى الله عليه وسلم بل يكفي فيه مجرد قصد الثواب إلا أنه ينبغي أن لا يكون لاهيا لاغيا ذكره الشهاب في شرح الشفاء وفائدة هذا الدعاء مع تحقق مدلوله له عليه الصلاة والسلام الإمتثال أو ترتب الثواب الموعود لقائله قوله: "صلى الله عليه بها عشرا" أي أنعم عليه بإنعامات عشرة بسبب دعائه له صلى الله عليه وسلم قوله: "وأرجو أن أكون أنا هو" هذا من الأدب مع الله تعالى والتباعد عن التحكم عليه أو قاله قبل أن يطلعه الله تعالى على أنه هو.

فائدة: ذكر القهستاني عن كنز العباد أنه يستحب أن يقول عند سماع الأولى من الشهادتين للنبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليك يا رسول الله وعند سماع الثانية قرت عيني بك يا رسول الله اللهم متعني بالسمع والبصر بعد وضع إبهاميه على عينيه فإنه صلى الله عليه وسلم يكون قائدا له في الجنة وذكر الديلمي في الفردوس من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعا من مسح العين بباطن أنملة السبابتين بعد تقبيلهما عند قول المؤذن أشهد أن محمدا رسول الله وقال: أشهد.

ص: 205