الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخروج صاحبه عن كونه معذورا خلو وقت كامل عنه" بانقطاعه حقيقة فهذه الثلاث شروط الثبوت والدوام والانقطاع نسأل الله العفو والعافية بمنه وكرمه.
ــ.
قوله: "خلو وقت كامل عنه بإنقطاعه" فلو انقطع العذر في خلال الوقت فتوضأ وصلى على الانقطاع فيهما ودام الإنقطاع فالصلاة صحيحة ولا يعيد شيئا ولو توضأ وصلى على السيلان ثم انقطع ودام الانقطاع فالصلاة صحيحة أيضا ولا يعيد شيئا لأنه معذور صلى صلاة المعذورين ولو توضأ على الإنقطاع وصلى على السيلان فكذلك لا يعيد شيئا ولو توضأ على السيلان وصلى على الإنقطاع ودام الانقطاع حتى خرج الوقت إنتقض الوضوء بخروج الوقت على ما يأتي فيتوضأ في الوقت الثاني فإذا دام الإنقطاع حتى دخل الثالث أعاد الصلاة الأولى لأنه أداها بطهارة المعذورين والعذر زائل ولا يعيد الصلاة الثانية لأن فساد الأولى إنما عرف بعد خروج الثانية فلم يجب الترتيب ولم ينتقض وضؤه بدخول الوقت الثالث لأنه صار صحيحا أفاده صاحب البحر وصاحب المضمرات ولو طرأ العذر في خلال الوقت قال في الظهيرية رجل رعف أو سال جرحه ينتظر آخر الوقت فإن انقطع الدم فيها وإن لم ينقطع توضأ وصلى قبل خروج الوقت فإذا فعل ثم دخل وقت صلاة أخرى ثانية وإنقطع ودام الانقطاع إلى وقت صلاة أخرى ثالثة أعاد الصلاة يعني الأولى التي صلاها مع السيلان لأنه بدوام الانقطاع تبين أنه صحيح صلى صلاة المعذورين وإن لم ينقطع في وقت الصلاة الثانية حتى خرج الوقت جازت الصلاة لأنه تبين أنه معذور كما في البحر والحاصل أن الوقت الثاني هو المعتبر في إثبات العذر وعدمه.
"
باب الأنجاس والطهارة عنها
".
لما فرغ من بيان النجاسة الحكمية والطهارة عنها شرع في بيان الحقيقية ومزيلها وتقسيمها ومقدار المعفو منها وكيفية تطهير محلها وقدمت الأولى لبقاء المنع عن المشروط بزوالها ببقاء بعض المحل وإن قل من غير إصابة مزيلها بخلاف الثانية فإن قليلها عفو بل.
ــ.
باب الأنجاس والطهارة عنها.
قوله: "وكيفية تطهير محلها" فإنها تارة تكون بالدلك وتارة بالمسح وغير ذلك قوله: "وقدمت الأولى الخ" اعترض بالأقطع إذا كان مجروح الوجه فإنه يصلي بغير طهارة وأجيب بأنه نادر فلا يبنى عليه حكم واعترض أيضا بأن من به نجاسة وهو محدث إذا وجد ماء يكفي لأحدهما فقط يصرفه للنجاسة دون الحدث فهذا يدل على ان النجاسة أقوى وأجيب بأنه إنما أمر بصرفه للنجاسة ليتيمم بعده فيكون محصلا للطهارتين لا لأنها أغلظ قوله: "بزوالها ببقاء بعض المحل" الجار الأول متعلق بالمشروط والثاني ببقاء المنع وقوله من غير
الكثير للضرورة والأنجاس جمع نجس بفتحتين اسم لعين مستقذرة شرعا وأصله مصدر ثم استعمل اسما في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ويطلق على الحكمي والحقيقي ويختص الخبيث بالحقيقي ويختص الحدث بالحكمي. فالنجس بالفتح اسم ولا تلحقه التاء وبالكسر صفة وتلحقه التاء. والتطهير إما إثبات الطهارة بالمحل أو إزالة النجاسة عنه ويفترض فيما لا يعفى منها وقد ورد أن أول شيء يسأل عنه العبد في قبره الطهارة وأن عامة عذاب القبر من عدم الاعتناء بشأنها والتحرز عن النجاسة خصوصا البول وقد شرع في بيان حقيقتها فقال: "تنقسم النجاسة" الحقيقية "إلى قسمين" أحدهما نجاسة "غليظة" باعتبار قلة المعفو عنه منها لا في كيفية تطهيرها لأنه لا يختلف بالغلظة والخفة "و" القسم الثاني.
ــ.
إصابة متعلق ببقاء بعض المحل قوله: "بل الكثير للضرورة" كما إذا كان بعورته نجاسة ولا يمكنه إزالتها إلا بكشفها عند من لا يجوز كشفها عنده فإنه يصلي بها ولو كانت كثيرة قوله: "جمع نجس بفتحتين" ويأتي غيره كرجس وكتف وعضد وفاس والفعل من باب فرح وكرم وعلم ونصر قوله: "مستقذرة شرعا" لو حذف قوله شرعا لكان أولى لأنه بصدد التعريف اللغوي والذي في المصباح وغيره انه استعمل لكل مستقذر قوله: "وأصله مصدر" إن قيل إن المصدر لا يثنى ولا يجمع يستوي فيه المذكر والمؤنث كما في الآية وحديث الهرة انها ليست بنجس بفتح الجيم كما رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن والدارمي فكيف ساغ جمعه للمصنف أجيب بأن هذا إذا كان المصدر باقيا على مصدريته لأن حقيقته واحدة لا تعدد فيها أما إذا قصد أنواعه كما هنا فيجوز جمعه قوله: "ثم استعمل إسما" أي للعين المستقذرة قوله: "إنما المشركون نجس" هذا دليل على المصدرية فالأولى تقديمه على قوله ثم استعمل اسما قوله: "ويطلق" أي إطلاقا لغويا قوله: "فالنجس بالفتح اسم الخ" فرق الفقهاء بين المفتوح والمكسور بأن الأول ما كان نجسا لذاته ولا يقال لما نجاسته عارضة والثاني ما لا يكون طاهرا فهو أعم مطلقا فالعذرة بالوجهين والثوب المتنجس بالكسر فقط قوله: "والتطهير إما إثبات الطهارة الخ" قال في الشرح وعلى كلا التعريفين تكون النجاسة ثابتة أولا بالمحل سواء كانت حقيقية أو حكمية والإلزام إثبات الثابت على الأول أو إزالة المزال على الثاني اهـ بالمعنى قوله: "من عدم الإعتناء بشأنها" بأن لا يحسن إزالتها وقوله والتحرز عطف على الإعتناء أي ومن عدم التحرز عن النجاسة أي عن إصابتها بأن يسبل ذيله فتصيبه النجاسة فالعطف حينئذ من عطف المغاير قوله: "خصوصا البول" فإنه ورد فيه استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه وورد ان عذاب القبر من أشياء ثلاثة الغيبة والنميمة وعدم الاستنزاه من البول وقوله خصوصا مفعول مطلق والبول مفعول به أي أخص البول بأن عامة عذاب القبر منه خصوصا قوله: "وقد شرع في بيان حقيقتها" فيه أنه لم يذكر هنا إلا بعض أفراد كل وسيأتي الكلام على الحقيقة عنده وعندهما.
نجاسة "خفيفة" باعتبار كثرة المعفو عنه منها بما ليس في المغلظة لا في تطهيرها وإصابة الماء والمائعات لأنه لا يختلف تنجيسها بهما "فالغليظة كالخمر" وهي التي من ماء العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد وكانت غليظة لعدم معارضة نص بنجاستها كالدم المسفوح عند الإمام والخفيفة لثبوت المعارض كقوله صلى الله عليه وسلم: "استنزهوا من البول" مع خبر العرنيين الدال على طهارة بول الإبل "والدم المسفوح" للآية الشريفة "أو دما مسفوحا" لا الباقي في اللحم.
ــ.
قوله: "بما ليس في المغلظة" متعلق بكثرة أي كثرة العفو بقدر ليس يعفى في المغلظة قوله: "لا في التطهير" مستدرك بقوله قريبا لا في كيفية التطهير قوله: "لأنه لا يختلف تنجيسها" أعاد ضمير الجمع للماء والمائعات باعتبار أفراد المائعات قوله: "كالخمر" هي غليظة باتفاق الروايات لأن حرمتها قطعية وسماها الله تعالى رجسا وفي باقي الأشربة المحرمة ثلاث روايات التغليظ والتخفيف والطهارة كذا في البدائع وينبغي ترجيح التغليظ كما في البحر ورجح في النهر التخفيف قوله: "إذا غلى" أي غليا شديدا بأن صار أسفله أعلاه وقوله واشتد أي أسكر وقوله وقذف بالزبد أي رمى رغوته وأزالها عنه وصار صافيا منها وهذا القيد الأخير إنما هو عند الأمام وأما عندهما فلا يشترط وعليه الفتوى قوله: "وكانت غليظة لعدم معارضة نص الخ" الضمير يرجع إلى مطلق غليظة لا الخمر فقط لأن مقصوده التمييز بين الغليظة والخفيفة وحاصله ان الإمام رضي الله عنه قال ما توافقت على نجاسته الأدلة فمغلظ سواء اختلفت فيه العلماء وكان فيه بلوى أم لا وإلا فهو مخفف وقالا ما اتفق العلماء على نجاسته ولم يكن فيه بلوى فمغلظ وإلا فمخفف ولا نظر للأدلة قال في الكافي وتظهر فائدة الخلاف في الروث والخثى لوجود الاختلاف فيهما مع فقد تعارض النصين فإن قوله صلى الله عليه وسلم في الروث انه رجس أو ركس لم يعارضه نص آخر فيكون عند الإمام مغلظا وعندهما مخففا لقول مالك وابن أبي ليلى بطهارته ومن حجة الإمام ان النص إذا انفرد عن معارضة نص آخر تأكد حكمه فحديث الروث لم يعارضه الاختلاف والنص حجة والاختلاف ليس بحجة قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] فأمر برد الخلاف إلى الكتاب والسنة وهما اعتبرا الاجتهاد كالنص قال الله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر 2] فكما ثبت التخفيف بالنص يثبت بالاجتهاد ثم لا فرق عند علمائنا الثلاثة بين روث مأكول اللحم وغيره فالكل مغلظ عند الإمام مخفف عندهما وعن محمد ان الروث طاهر لا يمنع وان فحش رجع إلى هذا القول حين قدم الري مع الرشيد ورأى بلوى الناس ومن ثم قال مشايخنا قياسا على هذه الرواية طين بخارى لا يمنع جواز الصلاة وإن كره ولو كان مخلوطا بالعذرات كما في الكافي وغاية البيان قوله: "مع خبر العرنيين الخ" فإن قيل ان هذا الخبر منسوخ عنده فكيف تتحقق المعارضة أجيب بأن قوله بالنسخ اجتهاد ورأي ولم يقطع به فتكون صورة التعارض قائمة أفاده في الشرح قوله: "والدم المسفوح" أي.
المهزول والسمين والباقي في عروق المذكي ودم الكبد والطحال والقلب وما لا ينقض الوضوء في الصحيح ودم البق والبراغيث والقمل وإن كثر ودم السمك في الصحيح ودم الشهيد في حقه "ولحم الميتة" ذات الدم لا السمك والجراد وما لا نفس له سائلة "وإهابها" أي جلد الميتة قبل دبغه "وبول ما لا يؤكل لحمه" كالآدمي ولو رضيعا والذئب وبول الفأرة.
ــ.
السائل من أي حيوان إلى محل يلحقه حكم التطهير قهستاني والمراد أن يكون من شأنه السيلان فلو جمد المسفوح ولو على اللحم فهو نجس كما في منية المصلى وكذا ما بقي في المذبح لأنه دم مسفوح كما في ابن أمير حاج قوله: "لا الباقي في اللحم الخ" لأنه ليس بمسفوح ولمشقة الإحتراز عنه قوله: "ودم الكبد والطحال" أي فإنه طاهر للخبر سراج وظاهر التعليل أن الكلام في نفس الكبد والطحال فإن خبر أحل لنا ميتتان ودمان إنما هو في نفس الكبد والطحال وأما الدم الذي فيهما فإن لم يكن سائلا ففيه الخلاف الآتي قوله: "والقلب الخ" في حاشية الأشباه للغزى دم قلب الشاة وما لم يسل من بدن الإنسان طاهر على المذهب المختار وهو قول أبي يوسف وقال محمد نجس اهـ والحاصل كما في الحلبي أن في نجاسة غير المسفوح اختلافا والذي مشى عليه قاضيخان وكثير أنه طاهر وليس فيه رواية صريحة عن الأئمة الثلاثة بل قد تؤخد الطهارة من عدم نقض الوضوء بالدم غير السائل وأن ما ليس بحدث ليس بنجس وأمر الاحتياط بعد ذلك غير خفي اهـ قوله: "ودم السمك في الصحيح" وهو قول الإمام ومحمد لأنه أبيح أكله بدمه لأنه لا يذكي ولو كان نجسا لما أبيح أكله إلا بعد سفحه على أنه ليس بدم حقيقة لأنه يبيض بالشمس والدماء تسود بها وقال أبو يوسف والشافعي أنه نجس كما في السراج قوله: "ودم الشهيد في حقه" أي ما دام عليه فلو حمله إنسان وصلى به جاز لأنه طاهر حكما ضرورة الأمر بترك غسله بخلاف ما إذا انفصل عنه فإنه نجس على أصل القياس لعدم الضرورة قوله: "لا السمك والجراد" للخبر الوارد قوله: "وما لا نفس له سائلة" أي ما لا دم له كالصرصر والعقرب فإن لحمه طاهر وإن كان لا يؤكل قوله: "وبول ما لا يؤكل لحمه" شمل بول الحية فإنه مغلظ كخرئها كما في الحموي على الأشباه وقالوا: مرارة كل شيء كبوله وبول الخفاش وخرؤه لا يفسد لتعذر الاحتراز عنه كما في الخانية قوله: "ولو رضيعا" لم يطعم سواء كان ذكرا أو أنثى وفصل الإمام الشافعي رضي الله عنه فقال: يجزىء الرش في بول الذكر ولا بد في بول الأنثى من الغسل قوله: "وبول الفأرة الخ" اختلف المشايخ فيه فمنهم من اختار التفصيل الذي ذكره المؤلف وقال بعضهم لا يفسد أصلا وقال بعضهم يفسد إذا فحش والخلاف يظهر في التخفيف لا في سلب النجاسة كما في الخانية فما في الدر عن التتارخانية بول الفأرة طاهر لتعذر التحرز عنه وعليه الفتوى يحمل على العفو وفيه من مسائل شتى آخر الكتاب عن الخانية خرء الفأرة لا يفسد الدهن والماء والحنطة للضرورة ما لم يظهر أثره وعزاه في البحر إلى الظهيرية واختلف التصحيح.
ينجس الماء لإمكان الاحتراز عنه لأنه يخمر ويعفى عن القليل منه ومن خرئها في الطعام والثياب للضرورة "ونجو الكلب" بالجيم رجيعه "ورجيع السباع" من البهائم كالفهد والسبع والخنزير "ولعابها" أي سباع البهائم لتولده من لحم نجس "وخرء الدجاج" بتثليث الدال "والبط والإوز" لنتنه "وما ينقض الوضوء بخروجه من بدن الإنسان" كالدم السائل والمني والمذي والودي والاستحاضة والحيض والنفاس والقيء ملء الفم ونجاستها غليظة بالاتفاق لعدم معارض دليل نجاستها عنده ولعدم مساغ الاجتهاد في طهارتها عندهما "وأما" القسم الثاني وهي النجاسة "الخفيفة فكبول الفرس" على المفتى به لأنه مأكول وإن كره لحمه.
ــ.
في بول الهرة وقال الشيخ زين في قاعدة المشقة تجلب التيسير من الأشباه الفتوى على أن بول الهرة عفو في غير أواني الماء وهو قول الفقيه أبي جعفر قال في الفتح وهو حسن لعادة تخمير الأواني فلا ضرورة في ذلك بخلاف الثياب وهو مروي عن محمد فأنه قال في السنور يعتاد البول على الفراش بوله طاهر للضرورة وعموم البلوى قال في الفتح والحق صحة هذه الرواية اهـ قوله: "لأنه يخمر" أي يغطي ومنه سمى الخمر خمرا والخمار خمارا لأنهما يغطيان العقل والرأس قوله: "من البهائم" قيد به لأن رجيع سباع الطيور مخفف كما يأتي قوله: "والبط" في البحر عن البزازية البط إن كان يعيش بين الناس ولا يطير في الهواء فكالدجاجة وإن كان بخلاف ذلك فكالحمامة وهذا يفيد أن خرء الأوز العراقي طاهر كالحمام قوله: "والأوز" هي رواية الحسن عن الإمام وفي رواية أبي يوسف عنه طاهر كذا في البدائع وأما ما يزرق في الهواء فما يؤكل كالحمام والعصفور فخرؤه طاهر وما لا يؤكل كالصقر والحدأة والرخم فخرؤه نجس مخفف اهـ قوله: "وما ينقض الوضوء بخروجه الخ" يستثنى منه الريح فإنه طاهر على الصحيح والمراد الناقض الحقيقي فخرج نحو النوم والقهقهة فإنهما لا يوصفان بطهارة ولا نجاسة لكونهما من المعاني وأما ما لا ينقض كالقىء الذي لم يملأ الفم وما لم يسل من نحو الدم فطاهر على الصحيح وقيل ينجس المائعات دون الجامدات ويستثنى قيء عين الخمر فإنه نجس ولو كان قليلا.
فرع غسالة النجاسة في المرات الثلاثة مغلظة في الأصح وإن كانت الأواني الأولى تطهر بالغسل ثلاثا والثانية بمرتين والثالثة بواحدة لأن الماء يأخذ حكمه عند وضعه فيه كما في البحر قوله: "ونجاستها" أي الأشياء المذكورة من قوله كالخمر إلى هنا كما يعطيه كلامه في الشرح وفيه ان المني فيه خلاف الإمام الشافعي فإنه يقول بطهارته ويستند إلى دليل وهو اكتفاء النبي صلى الله عليه وسلم بفركه قوله: "لأنه مأكول" خلاصة الجواب فيه كما ذكره فخر الإسلام في شرح الجامع الصغير أن الفرس مأكول اللحم في قولهم جميعا يعني عند أبي حنيفة أيضا وإنما كره للتنزيه أي التحامي عن قطع مادة الجهاد والكراهة لا تمنع الإباحة كأكل لحم البقرة الجلالة وقيل لتعارض الآثار في لحمه فإنه روي أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الخيل والبغال،
وعند محمد طاهر "وكذا بول" كل "ما يؤكل لحمه" من النعم الأهلية والوحشية كالغنم والغزال قيد ببولها لأن روث الخيل والبغال والحمير وخثي البقر وبعر الغنم نجاسته مغلظة عند الإمام لعدم تعارض نصين وعندهما خفيفة لاختلاف العلماء وهو الأظهر لعموم البلوى وطهرها محمد آخرا وقال لا يمنع الروث وإن فحش لبلوى الناس بامتلاء الطرق والخانات بها وجرة البعير كسرقينه وهي ما يصعد من جوفه إلى فيه فكذا جرة البقر والغنم. وأما دم السمك ولعاب البغل والحمار فطاهر في ظاهر الرواية وهو الصحيح "و" من الخفيفة "خرء طير لا يؤكل" كالصقر والحدأة في الأصح لعموم الضرورة وفي رواية طاهر وصححه السرخسي ولما بين القسمين بين القدر المعفو عنه فقال: "وعفي قدر الدرهم" وزنا في المتجسدة وهو عشرون قيراطا ومساحة في المائعة وهو قدر مقعر الكف داخل مفاصل.
ــ.
وروي انه عليه الصلاة والسلام أذن في لحم الخيل فهذا يوجب قولا في تخفيف بوله لأنه مأكول من وجه فلا يكون كبول الكلب والحمار كذا في البناية وأما شرب بوله ففيه الخلاف الذي في بول الإبل كما في البرهان وقيل يكره أكله تحريما قوله: "لأن روث الخيل" الروث خرء ذي حافر والخثي بكسر الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة خرء ذي ظلف والبعر خرء إبل وغنم ونحوها قوله: "وطهرها محمد آخرا" لا تأخذ به كذا في القهستاني عن النظم وقد نقلوا أشياء حكموا عليها بالنجاسة وأطلقوا والظاهر أن المراد التغليظ عند الإطلاق كما في البحر قوله: "وجرة البعيرة كسر قينه" لأنه واراه جوفه كما في الفتح قوله: "فكذا جرة البقر" الأولى الإتيان بالواو قوله: "وأما دم السمك" مستدرك بذكره في شرح قوله والدم المسفوح قوله: "في الأصح" كذا في الهداية.
قوله: "وفي رواية طاهر وصححه السرخسي" في مبسوطه وحافظ الدين في الحقائق فلو وقع في الماء لا يفسده وهو ظاهر الرواية كما في الحلبي عن قاضيخان قوله: "وعفي قدر الدرهم" أي عفا الشارع عن ذلك والمراد عفا عن الفساد به وإلا فكراهة التحريم باقية إجماعا إن بلغت الدرهم وتنزيها إن لم تبلغ وفرعوا على ذلك ما لو علم قليل نجاسة عليه وهو في الصلاة ففي الدرهم يجب قطع الصلاة وغسلها ولو خاف فوت الجماعة لأنها سنة وغسل النجاسة واجب وهو مقدم وفي الثاني يكون ذلك أفضل فقط ما لم يخف فوت الجماعة بأن لا يدرك جماعة أخرى وإلا مضى على صلاته لأن الجماعة أقوى كما يمضي في المسئلتين إذا خاف فوت الوقت لأن التفويت حرام ولا مهرب من الكراهة إلى الحرام أفاده الحلبي وغيره قوله: "وهو قدر مقعر الكف" أصله أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سئل عن قليل النجاسة في الثوب فقال: إذا كان مثل ظفري هذا لا يمنع جواز الصلاة حتى تكون أكثر منه وظفره كان مثل المثقال قوله: "كما وفقه الهندواني" أي بين قولي من اعتبر الوزن مطلقا ومن اعتبر.
الأصابع كما وفقه الهندواني وهو الصحيح فذلك عفو "من" النجاسة "المغلظة" فلا يعفى عنها إذا زادت على الدرهم مع القدرة على الإزالة "و" عفي قدر "ما دون ربع الثوب" الكامل "أو البدن" كله على الصحيح من الخفيفة لقيام الربع مقام الكل كمسح ربع الرأس وحلقه وطهارة ربع الساتر وعن الإمام ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كالمئزر وقال الإمام البغدادي المشهور بالأقطع هذا هو أصح ما روي فيه لكنه قاصر على الثوب وقيل ربع الموضع المصاب كالذيل والكم قال في التحفة هو الأصح وفي الحقائق وعليه الفتوى وقيل غير ذلك "وعفي رشاش بول" ولو مغلظا "كرؤوس الإبر" ولو محل إدخال الخيط للضرورة وإن امتلأ منه الثوب والبدن ولا يجب غسله لو أصابه ماء كثير وعن أبي يوسف يجب ولو ألقيت نجاسة في ماء فأصابه من وقعها لا ينجسه ما لم يظهر أثر النجاسة ويعفى.
ــ.
المساحة مطلقا وهما روايتان قوله: "وهو الصحيح" صححه الزيلعي وغيره وأقره عليه في الفتح واختاره العامة لأن إعمال الروايتين إذا أمكن أولى خصوصا مع مناسبة هذا التوزيع كذا في البحر قوله: "فذلك عفو الخ" أي فلكون الصحيح ما ذكر عفي الدرهم الوزني من النجاسة المغلظة قوله: "وعفي ما دون ربع الثوب" لم أر من بين الكراهة فيما إذا كان أقل من الربع هل تكون تحريمية أو تنزيهية قوله: "ربع الثوب الكامل" هو المختار كما في الدر عن الحلبي وقال في المبسوط وهو الأصح قوله: "لقيام الربع مقام الكل" علة لمحذوف أي ولا يعفى الربع لقيامه مقام الكل في مسائل كمسح الخ فهو تمثيل لمحذوف قوله: "وحلقه" يعني إذا حلق ربع رأسه وهو محرم وجب عليه دم ويحل منه بحلقه قوله: "وقيل ربع الموضع المصاب" والأول أولى لإفادة حكم البدن والثوب ولأن ربع المصاب ليس كثيرا فضلا عن أن يكون فاحشا ولضعف هذا القول لم يعرج عليه في الفتح كما في النهر وإن قال في الحقائق وعليه الفتوى كما في الدر قال الكمال والذي يظهر أن الأول أحسن غير أن ذلك الثوب إن كان شاملا اعتبر ربعه وإن كان أدنى ما تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه لأنه كثير بالنسبة إلى الثوب المصاب اهـ قوله: "وعفى رشاش بول" انتضح على بدن أو ثوب أو مكان كما أفاده مسكين وخرج بذلك الماء القليل فإنه يفسده حتى لو سقط ذلك الثوب مثلا فيه نجسه وقيل لا لأنه لما سقط اعتبار هذه النجاسة عم الثوب والماء والأول أصح لأن سقوط اعتبارها كان للحرج ولا حرج في الماء كما في الحلبي عن الكفاية وروى المعلى في نوادره عن أبي يوسف أنه إن كان يرى أثره لا بد من غسله قوله: "كرؤوس الإبر" بكسر ففتح جمع إبرة كسدرة وسدر وفي التقييد بها إشارة إلى أنه لو كان مثل رؤوس المسال منع بلا خلاف قوله: "للضرورة" لأنه لا يمكن الإحتراز عنه لا سيما في مهب الريح فسقط اعتباره وقد سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن هذا فقال: إنا لنرجو من الله تعالى أوسع من هذا كما في السراج قوله: "لا ينجسه" سواء كان الماء جاريا أو راكدا لأن الغالب أن الرشاش المتصاعد.
عما لا يمكن الاحتراز عنه من غسالة الميت ما دام في علاجه لعموم البلوى وبعد اجتماعها تنجس ما أصابته وإذا انبسط الدهن النجس فزاد على القدر المعفو عنه لا يمنع في اختيار المرغيناني وجماعة بالنظر لوقت الإصابة ومختار غيرهم المنع فإن صلى قبل اتساعه صحت وبعده لا وبه أخذ الأكثرون كما في السراج الوهاج ولو مشى في السوق فابتل قدماه من ماء رش فيه لم تجز صلاته لغلبة النجاسة فيه وقيل تجزيه وردغة الطين والوحل الذي فيه نجاسة عفو إلا إذا علم عين النجاسة للضرورة "ولو ابتل فراش أو تراب نجسا" وكان ابتلالهما "من عرق نائم" عليهما "أو" كان من "بلل قدم وظهر أثر النجاسة" وهو طعم أو لون أو ريح "في البدن والقدم تنجسا" لوجودها بالأثر "وإلا" أي وإن لم يظهر أثرها فيهما "فلا" ينجسان.
ــ.
من صدم شيء للماء إنما هو من أجزاء الماء لا من أجزاء ذلك الشيء فيحكم بالغالب ما لم يظهر خلافه قوله: "من غسالة الميت" أي مطلقا ولو كان على بدنه نجاسة كما في الفتح قوله: "تنجس ما أصابته" هذا بناء على القول بأن نجاسته نجاسة خبث وأما على القول بأنها نجاسة حدث وتيقن طهارة بدنه من خبث فغسالته طاهرة قوله: "وإذا انبسط الدهن النجس الخ" ولا يعتبر نفوذ المقدار إلى الوجه الآخر إذا كان الثوب واحدا لأن النجاسة حينئذ واحدة في الجانبين فلا تعتبر متعددة بخلاف ما إذا كان ذا طاقين لتعددهما فيمنع وعلى هذا فرع المنع فيما لو صلى مع درهم متنجس الوجهين لعدم نفوذ ما في أحد وجهيه إلى الآخر فلم تكن متحدة ثم إنما يعتبر المنع إذا كان مضافا إليه فلو جلس صبي عليه نجاسة في حجر مصل وهو يستمسك أو الحمام المتنجس على رأسه جازت صلاته لأنه الحامل للنجاسة غيره بخلاف ما لو حمل من لا يستمسك حيث يصير مضافا إليه فلا يجوز في كما في الفتح قوله: "ولو مشي في السوق الخ" قال في المنح عن أبي نصر الدبوسي طين الشوارع ومواطن الكلاب طاهر وكذا الطين المسرقن إلا إذا رأى عين النجاسة قال رحمه الله تعالى وهو الصحيح اهـ أي من حيث الدراية وقريب من حيث الرواية عن أصحابنا رضي الله عنهم وفي الدر المختار وغيره وعفى طين شارع ومواطن كلاب وبخار نجس وغبار سرقين وانتضاح غسالة لا تظهر مواقع قطرها في الماء اهـ وظاهر ذلك ان العفو مصحح خلافا لما تفيده عبارته فإنه حكاه بقيل قوله: "وردغة الطين" الردغة محركة وتسكن الماء والطين والوحل الشديد والجمع كصحب وخدم قاموس وفيه الوحل ويحرك الطين الرقيق اهـ فالمراد بالردغة في كلامه ما هو بالمعنى الأول وهو الماء والطين فإنه أعم من الوحل لأنه الطين الرقيق فلا يقال له وحل إلا إذا امتزج بخلاف الردغة وليحرر قوله: "من عرق نائم" قيد اتفاقي فالمستيقظ كذلك كما يفهم من مسألة القدم ولو وضع قدمه الجاف الطاهر أو نام على نحو بساط نجس رطب إن إبتل ما أصاب ذلك تنجس وإلا فلا ولا عبرة بمجرد النداوة على المختار كما في السراج عن الفتاوى قوله: "عليهما" أي على من نام على الفراش أو التراب النجسين قوله: "أو كان
"كما لا ينجس ثوب جاف طاهر لف في ثوب نجس رطب لا ينعصر الرطب لو عصر" لعدم انفصال جرم النجاسة إليه. واختلف المشايخ فيما لو كان الثوب الجاف الطاهر بحيث لو عصر لا يقطر فذكر الحلواني أنه لا ينجس في الأصح وفيه نظر لأن كثيرا من النجاسة يتشربه الجاف ولا يقطر بالعصر كما هو مشاهد عند ابتداء غسله فلا يكون المنفصل إليه مجرد نداوة إلا إذا كان النجس لا يقطر بالعصر فيتعين أن يفتى بخلاف ما صحح الحلواني "ولا ينجس ثوب رطب بنشره على أرض نجسة" ببول أو سرقين لكونها "يابسة فتندت" الأرض "منه" أي من الثوب الرطب ولم يظهر أثرها فيه "ولا" ينجس الثوب "بريح هبت على نجاسة فأصابت" الريح "الثوب إلا أن يظهر أثرها" أي النجاسة "فيه" أي الثوب وقيل ينجس إن كان مبلولا لاتصالها به ولو خرج منه ريح ومقعدته مبلولة حكم شمس الأئمة بتنجيسه وغيره بعدمه وتقدم أن الصحيح طهارة الريح الخارجة فلا تنجس الثياب المبتلة "ويطهر متنجس" سواء كان بدنا أو ثوبا أو آنية "بنجاسة" ولو غليظة "مرئية" كدم "بزوال عينها ولو" كان "بمرة" أي غسلة واحدة "على الصحيح" ولا يشترط التكرار لأن النجاسة فيه باعتبار عينها فتزول بزوالها وعن الفقيه أبي جعفر أنه يغسل مرتين بعد زوال العين إلحاقا لها بغير مرئية غسلت مرة وعن فخر الإسلام ثلاثا بعده كغير مرئية لم تغسل ومسح محل الحجامة بثلاث خرق رطبات نظاف مجزئ عن الغسل لأنه يعمل عمله "ولا يضر بقاء أثر" كلون أو
ــ.
من بلل قدم الخ" أي كان ابتلال الفراش أو التراب الخ قوله: "لوجودها بالأثر" أي لوجود النجاسة بوجود أثرها في جنب النائم أو قدمه قوله: "فلا ينجسان" أي البدن والقدم قوله: "كما لا ينجس ثوب جاف طاهر" اعلم أنه إذا لف طاهر في نجس مبتل بماء واكتسب منه شيئا فلا يخلو إما ان يكون كل منهما بحيث لو انعصر قطر وحيئنذ ينجس الطاهر اتفاقا أو لا يكون واحد منهما كذلك وحيئنذ لا ينجس الطاهر إتفاقا أو يكون الذي بهذه الحالة الطاهر فقط وهو أمر عقلي لا واقعي أو النجس فقط والأصح عند الحلواني فيها أن العبرة بالطاهر المكتسب فإن كان بحيث لو انعصر قطر تنجس وإلا لا ويشترط أن لا يكون الأثر ظاهرا في الطاهر وأن لا يكون النجس متنجسا بعين نجاسة بل بمتنجس كما في شرح المنية وارتضى المصنف قول بعض المشايخ تبعا لصاحب البرهان أن العبرة للنجس قوله: "مرئية كدم" المرئية ما يرى بعد الجفاف وغير المرئية ما لا يرى بعده كذا في غاية البيان قوله: "بزوال عنها" مقيد بما إذا صب الماء عليها أو غسلها في الماء الجاري فلو غسلها في إجانة يطهر بالثلاث إذا عصر في كل مرة كذا في الخلاصة ذكره السيد واعلم أن ما يبقى في اليد من البلة بعد زوال عين النجاسة طاهر تبعا لطهارة اليد في الاستنجاء بطهارة المحل وعروة الإبريق بطهارة اليدين وخف المستنجي إذا كان ما استنجى به يجري عليه قوله: "رطبات" لعله قيد اتفاقي فإن.
ريح في محلها "شق زواله" والمشقة أن يحتاج في إزالته لغير الماء أو غير المائع كحوض وصابون لأن الآلة المعدة للتطهير الماء فالثوب المصبوغ بمتنجس يطهر إذا صار الماء صافيا مع بقاء اللون وقيل يغسل بعده ثلاثا ولا يضر أثر دهن متنجس على الأصح بزوال النجاسة المجاورة بخلاف شحم الميتة لأنه عين النجاسة والسمن والدهن المتنجس يطهر بصب الماء عليه ورفعه عن ثلاثا والغسل يصب عليه الماء ويغليه حتى يعود كما كان ثلاثا والفخار الجديد يغسل ثلاثا بانقطاع تقاطره في كل منها وقيل يحرق الجديد ويغسل القديم والأواني الثقيلة تطهر بالمسح والخشب الجديد ينحت والقديم يغسل واللحم المطبوخ بنجس حتى نضج لا يطهر وقيل يغلي ثلاثا بالماء الطاهر ومرقته تصب لا خير فيها وعلى هذا الدجاج المغلي قبل إخراج أمعائها وأما وضعها بقدر انحلال المسام لنتف.
ــ.
اليابس يجتذب الرطوبة أكثر من الرطب وقد يقال إن الرطب يلين بعض ما تجمد من الدم ويحرر قوله: "والمشقة الخ" أفاد في النهر أن الأثر إذا توقف زواله على تسخين الماء وغليه لا يلزمه ذلك ويكتفي بالبارد وإن بقي الأثر قوله: "فالثوب المصبوغ الخ" تفريع على المصنف قوله: "ولا يضر أثر دهن متنجس على الأصح" من هذا الفرع يعلم حكم الصابون إذا تنجس فإنه إذا غسل زالت النجاسة المجاورة وبقي طاهرا وقال بعض العلماء من غير أهل المذهب أنه لا يطهر أبدا قوله: "ورفعه عنه ثلاثا" أو يوضع في إناء مثقوب ثم يصب عليه الماء فيعلو الدهن ويحركه ثم يفتح الثقب إلى أن يذهب الماء وهذا إذا كان مائعا وأما إذا كان جامدا فيقور قوله: "والعسل" مثله الدبس كما في الشرح قوله: "يصب عليه الماء" أطلقه فشمل ما إذا كان الماء قدره أولا وبعضهم قيده بالأول قوله: "وقيل يحرق الجديد" ذكره في النوازل وذكر الأول صاحب الحاوى قال بعض الأفاضل ولا مناقضة بينهما لأنهما طريقان للتطهير قوله: "ويغسل القديم" أي يطهر بالغسل ثلاثا جفف أو لا لأن النجاسة على ظاهره فقط فصار كالبدن قال الكمال ينبغي تقييد القديم بما إذا كان رطبا وقت تنجسه أما لو ترك بعد الإستعمال حتى جف فهو كالجديد لأنه يشاهد اجتذابه الرطوبة وفي البحر عن الحاوي القدسي إلأواني ثلاثة أنواع خزف وخشب وحديد ونحوها وتطهيرها على أربعة أوجه حرق ونحت ومسح وغسل فإذا كان الإناء من خزف أو حجر أو كان جديدا ودخلت النجاسة في أجزائه يحرق وإن كان عتيقا يغسل وإن كان من خشب وكان جديدا ينحت وإن كان قديما يغسل وإن كان من حديد أو صفر أو رصاص أو زجاج وكان صقيلا يمسح وإن كان خشنا يغسل اهـ من السيد قوله: "حتى نضج لا يطهر" أي أبدا قوله: "وقيل يغلى ثلاثا" هو قول أبي يوسف والفتوى على أنه لا يطهر أبدا وهو قول أبي حنيفة ذكره الشرح فيما إذا طبخت الحنطة بخمر قوله: "وعلى هذا الدجاج الخ" يعني لو ألقيت دجاجة حال غليان الماء قبل أن يشق بطنها لتنتف أو كرش قيل أن يغسل إن وصل الماء إلى حد الغليان ومكثت فيه بعد
ريشها فتطهر بالغسل وتمويه الحديد بعد سقيه بالنجس مرات ويتجه مرة لحرقه وقبل التمويه يطهر ظاهرها بالغسل والتمويه يطهر باطنها عند أي يوسف وعليه الفتوى والاستحالة تطهر الأعيان النجسة كالميتة إذا صارت ملحا والعذرة ترابا أو رمادا كما سنذكره والبلة النجسة في التنور بالإحراق ورأس الشاة إذا زال الدم عنه والخمر إذا خللت كما لو تخللت والزيت النجس صابونا "و" يطهر محل النجاسة "غير المرئية بغسلها ثلاثا" وجوبا وسبعا مع الترتيب ندبا في نجاسة الكلب خروجا من الخلاف "والعصر كل مرة" تقديرا لغلبة.
ــ.
ذلك زمانا يقع في مثله التشرب والدخول في باطن اللحم لا تطهر أبدا إلا عند أبي يوسف كما مر في اللحم وان لم يصل الماء إلى حد الغليان أو لم تترك فيه إلا مقدار ما تصل الحرارة إلى سطح الجلد لإنحلال مسام السطح عن الريش والصوف تطهر بالغسل ثلاثا كما حققه الكمال قوله: "مرات" متعلق بتمويه يعني أن السكين المموهة بالماء النجس تموه بالماء الطاهر ثلاث مرات اهـ من الشرح قوله: "ويتجه مرة لحرقه" أي لو قيل يكفي التمويه مرة لكان وجيها لأن النار تزيل أجزاء النجاسة بالكلية والتكرار يزيل الشبهة اهـ من الشرح قوله: "وقبل التمويه يطهر ظاهرها" فيؤكل بطيخ قطع بها ولا تصح صلاة حاملها إتفاقا ومعنى تمويهها بالماء الطاهر ثلاثا أدخالها النار حتى تصير كالجمر ثم تطفأ في الماء الطاهر ثلاث مرات مع التجفيف قوله: "والاستحالة تطهر الأعيان النجسة" هو قول محمد ورواية عن الإمام وعليه أكثر المشايخ وهو المختار في الفتوى وقال أبو يوسف لا تكون مطهرة لأن الباقي أجزاء النجاسة قوله: "والبلة النجسة الخ" جعل الكمال الإحراق بالنار من قسم الاستحالة وتبعه المصنف والمسألة مقيدة بأن تأكل حرارة النار البلة قبل الصاق الخبز بالتنور وإلا تنجس كما في الخلاصة قوله: "به" أي بالإحراق قوله: "والزيت الخ " مثله ما إذا في وقع في المصبنة وزالت أجزاؤه قوله: "والعصر كل مرة" ويبالغ في المرة الثالثة حتى ينقطع التقاطر والمعتبرة قوة كل عاصردون غيره كما في الفتح فلو كان بحيث لو عصره غيره قطر طهر بالنسبة إليه دون ذلك الغير كما في الدر ولو لم يصرف قوته لرقة الثوب قيل لا يطهر وهو اختيار قاضي خان وقيل يطهر للضرورة وهو الأظهر كما في البحر والنهر قوله: "تقدير الغلبة الظن" أي بالغسل ثلاثا والعصر كذلك لسكنه ليس بتقدير لازم عندنا وإنما العبرة لغلبة الظن ولو بما دون الثلاث كما في غاية البيان وبه يفتي كما في البحر عن منية المصلي حتى لو جرى الماء على ثوب نجس وغلب على ظنه أنه طهر جاز استعماله وإن لم يكن ثم غسل ولا عصر كما في التبيين والبناية وفي السراج اعتبار غلبة الظن مختار العراقيين والتقدير بالثلاث مختار البخاريين والظاهر الأول أن لم يكن موسوسا وإن كان موسوسا فالثاني كذا في البحر ثم العبرة لغلبة ظن الغاسل لأنه هو المباشر إلا ان يكون الغاسل غير مميز فيعتبر فيه ظن المستعمل.
الظن في استخراجها في ظاهر الرواية وفي رواية يكتفي بالعصر مرة وهو أوفق ووضعه في الماء الجاري يغني عن التثليث والعصر كالإناء إذا وضعه فيه فامتلأ وخرج منه طهر إذا غسله في أوان فهي والمياه متفاوتة فالأولى تطهر وما تصيبه بالغسل ثلاثا والثانية باثنتين والثالثة بواحدة وإذا نسي محل النجاسة فغسل طرفا من الثوب بدون تحر حكم بطهارته على المختار ولكن إذا طهرت في محل آخر أعاد الصلاة "وتطهر النجاسة" الحقيقية مرئية كانت أو غير مرئية "عن الثوب والبدن بالماء" المطلق اتفاقا وبالمستعمل على الصحيح لقوة الإزالة به "و" كذا تطهر عن الثوب والبدن في الصحيح "بكل مائع" طاهر على الأصح "مزيل" لوجود إزالتها به فلا تطهر بدهن لعدم خروجه بنفسه ولا باللبن ولو مخيضا في الصحيح وروي عن أبي يوسف لو غسل الدم من الثوب بدهن أو سمن أو زيت حتى ذهب أثره جاز. والمزيل "كالخل وماء الورد" والمستخرج من البقول لقوة إزالته لأجزاء النجاسة المتناهية كالماء بخلاف الحدث لأنه حكمي وخص بالماء بالنص وهو أهون موجود فلا حرج ويطهر الثدي إذا رضعه الولد وقد تنجس بالقيء ثلاث مرات بريقه. وفم شارب الخمر بترديد.
ــ.
لأنه هو المحتاج إليه كما في التبيين قوله: "في ظاهر الرواية" يرجع إلى العصر كل مرة وقوله وفي رواية أي عن محمد قوله: "ووضعه في الماء الجاري الخ" يعني اشتراط الغسل والعصر ثلاثا إنما هو إذا غمسه في إجانة أما إذا غمسه في ماء جار حتى جرى عليه الماء أو صب عليه ماء كثيرا بحيث يخرج ما أصابه من الماء ويخلفه غيره ثلاثا فقد طهر مطلقا بلا اشتراط عصر وتجفيف وتكرار غمس هو المختار والمعتبر فيه غلبة الظن هو الصحيح كما في السراج ولا فرق في ذلك بين بساط وغيره وقولهم يوضع البساط في الماء الجاري ليلة إنما هو لقطع الوسوسة قوله: "إذا وضعه فيه" أي في الماء الجاري ومثله ما ألحق به كالكثير كما لا يخفى قوله: "وما تصيبه" أي المياه قوله: "والثانية" أي والإناء الثاني أي وما يصيبه ماؤه وكذا يقال فيما بعده قوله: "على المختار" وفي الظهير به يغسله كله قال الكمال وهو الاحتياط وبه جزم المصنف في حاشية الدرر قال في النهر وينبغي أن يكون البدن كالثوب قوله: "والبدن في الصحيح" وعن أبي يوسف لا يجوز في البدن بغير الماء لأنها نجاسة يجب إزالتها عن البدن فلا تزول بغير الماء كالحدث قوله: "طاهر على الأصح" فلا يزول بمزيل نجس كالخمر لأن الطهارة والنجاسة ضدان والشيء لا يثبت بضده فما يزيد النجس النجس إلا خبثا خلافا للتمرتاشي في قوله أنه لو غسل المغلظة بمخففة يزول حكم التغليظ قوله: "لعدم خروجه بنفسه" أي فكيف يخرج النجاسة قوله: "ولو مخيضا" أي منزوع الدسم قوله: "وروي عن أبي يوسف الخ" هو خلاف ظاهر الرواية عنه كما في البحر قوله: "ثلاث مرات" متعلق برضعه وقوله بريقه أي بسبب ريقه وهو متعلق بيطهر قوله: "وفم شارب الخمر" لا شاربه.
ريقه وبلعه ولحس الأصبع ثلاثا عن نجاسة وخص التطهير محمد بالماء وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف "ويطهر الخف ونحوه" كالنعل بالماء وبالمائع و "بالدلك" بالأرض أو التراب "من نجاسة لها جرم" ولو مكتسبا من غيرها على الصحيح كتراب أو رماد وضع على الخف قبل جفافه من نجاسة مائعة "ولو كانت" المتجسدة من أصلها أو باكتساب الجرم من غيرها "رطبة" على المختار للفتوى وعليه أكثر المشايخ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب" ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن رأى أو قذر فليمسحهما وليصل فيهما" قيد بالخف احترازا عن الثوب والبساط واحترازا عن البدن إلا في المني لما تقدم "ويطهر السيف ونحوه" كالمرآة والأواني المدهونة والخشب الخرائطي والآبنوس والظفر "بالمسح" بتراب زخرفة لأنها لا تتداخلها أجزاء النجاسة أو صوف الشاة المذبوحة فلا يبقى بعد المسح إلا القليل وهو غير معتبر.
ــ.
إذا كان طويلا إنغمس في المسكر قوله: "وبلعه" ليس له محترز قوله: "ولحس الأصبع ثلاثا" أي مع تردد ريقه فيه بعد الأولى ثلاثا وبعد الثانية مرتين ويطهر فمه بعد الثالثة بمرة على قياس ما تقدم فيما إذا غسل النجس في إجانة قوله: "ويطهر الخف ونحوه" أي بشرط ذهاب الأثر إلا ان يشق قوله: "وبالدلك" صرح الإمام محمد في الجامع بأنه لو حكه أوحت ما يبس طهر قال المشايخ لولا ما في الجامع لشرطنا المسح بالتراب لأن له أثرا في الطهارة قوله: "من نجاسة لها جرم" الفاصل بين ذي الجرم وغيره أن ما يرى بعد الجفاف كالعذرة والدم ذو جرم ومالا فلا كذا في التبيين واحترز به عن غير ذي الجرم فإنه يغسل إتفاقا لأن البلل دخل في أجزائه ولا جاذب له في ظاهره فلا يخرج إلا بالغسل والمني من ذي الجرم ذكره العيني قوله: "على المختار للفتوى" وشرط الإمام الجفاف إذ المسح يكثر الرطب ولا يطهره قوله: "الأذى" أي النجس أطلقه عليه لأنه يؤذي فهو من إطلاق المصدر وإرادة إسم الفاعل قوله: "فطهورهما التراب" بفتح الطاء ليصح الأخبار قوله: "أو قذرا" المراد به فيما يظهر المستقذر غير النجس كنحو مخاط قوله: "وليصل فيهما" دليل على استحباب الصلاة في النعال الطاهرة وهو منصوص عليه في المذهب قوله: "إحترازا عن الثوب" فلا يطهر بالدلك لأن أجزاءه متخللة فيتداخله كثير من أجزائها قوله: "واحترازا عن البدن" فإن لينه ورطوبته تمنع من إخراج النجاسة بالدلك قوله: "إلا في المني" فإنه يطهر بالفرك قوله: "ونحوه" من كل صقيل لا مسام له فخرج بالأول الحديد إذا كان عليه صدأ أو منقوشا فإنه لا يطهر إلا بالغسل وخرج بالثاني الثوب الصقيل لوجود المسام قوله: "ويحصل بالمسح حقيقة التطهير الخ" أشار به إلى الخلاف في طهارة الصقيل بالمسح فقيل مطهر وقيل مقلل وفائدة الخلاف تظهر فيما ذكره المصنف وهذا الخلاف يجري في المني إذا فرك والأرض إذا جفت وجلود الميتة إذا دبغت دباغة حكمية والبئر إذا غارت ثم عاد ماؤها والآجر المفروش إذا.
ويحصل بالمسح حقيقة التطهير في رواية فإذا قطع بها البطيخ يحل أكله واختاره الإسبيجاني ويحرم على رواية التقليل واختاره القدوري ولا فرق بين الرطب والجاف والبول والعذرة على المختار للفتوى لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقتلون الكفار بسيوفهم ثم يمسحونها ويصلون معها "وإذا ذهب أثر النجاسة عن الأرض و" قد "جفت" ولو بغير الشمس على الصحيح طهرت و "جازت الصلاة عليها" لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما أرض جفت فقد زكت""دون التيمم منها" في الأظهر لاشتراط الطيب نصا وروي جوازه منها "ويطهر ما بها" أي الأرض "من شجر وكلأ" أي عشب "قائم" أي نابت فيها "بجفافه" من
ــ.
تنجس وجفت نجاسته ثم قلع كذا في الشرح قوله: "واختاره الاسبيجابي" وهوالأولى بالاعتبار لإطلاق المتون ولا يخفى الاحتياط قوله: "على المختار للفتوى" وقيل طريقه أن يمسحه بثوب مبلول ذكره السيد أي يمسح النجس اليابس قوله: "وإذا ذهب أثر النجاسة عن الأرض" المراد بالأرض ما يشمله إسم الأرض كالحجر والحصى والآجر واللبن ونحوها إذا كانت متداخلة في الأرض غير منفصلة عنها وإن لم تكن كذلك فلا بد من الغسل ولا تطهر بالجفاف لأنها حينئذ لا تسمى أرضا عرفا ولذا لا تدخل في بيع الأرض حكما لعدم اتصالها بها على جهة القرار فلا تلحق بها كما في القهستاني ومنية المصلي وشرحيها للحلبي وابن أمير حاج إلا انهم أطلقوا في الحصى فلم يقيدوه بالاتصال وفي الخانية الحجر إذا كان يتشرب النجاسة كحجر الرحى يطهر بالجفاف كالأرض وإن كان لا يتشرب يعني كالرخام لا يطهر إلا بالغسل وحمل الحلبي هذا التفصيل في الحجر المنفصل الذي ينقل ويحول وعليه مشى صاحب الدر حيث قال فالمنفصل يغسل لا غير إلا حجرا خشنا كرحى فكارض اهـ قوله: "وقد جفت" يقال جف الثوب يجف بالكسر جفوفا ويجف بالفتح لغة إذا كان مبتلا فيبس وفيه ندى فإن يبس كل اليبس يقال قف كما في الصحاح وغيره والمراد هنا الثاني كما يؤخذ مما يأتي عن القهستاني قوله: "ولو بغير الشمس" كنار وريح وظل وتقييد الهداية بالشمس اتفاقي وإذا أراد تطهيرها عاجلا ففيه تفصيل إن كانت رخوة تتشرب الماء فإنه يصب عليها الماء حتى يغلب على ظنه أنها طهرت ولا توقيت في ذلك وإن كان صلبة إن كانت منحدرة حفر في أسفلها حفرة وصب عليها الماء فإذا اجتمع الماء في تلك الحفرة كبسها أعني تلك الحفرة بالتراب وإن كانت مستوية صب عليها الماء ثلاث مرات وجففت كل مرة بخرقة طاهرة وكذا لو صب عليها الماء بكثرة حتى لا يظهر أثر النجاسة وكذا لو قلبها بجعل الأعلى أسفل وعكسه أو كبسها بتراب ألقاه عليها فلم يوجد ريح النجاسة طهرت قوله: "لاشتراط الطيب نصا" وهو الطهور أي ولم يوجد وذلك لأنها قبل التنجس كان الثابت لها وصفين الطاهرية والطهورية فلما تنجست زال عنها الوصفان وبالجفاف ثبت لها الطاهرية وبقي.
النجاسة لا يبسه عن رطوبته وذهاب أثرها تبعا للأرض على المختار وقيل لا بد من غسله "وتطهر نجاسة استحالت عينها كأن صارت ملحا" أو ترابا أو أطرونا "أو احترقت بالنار" فتصير رمادا طاهرا على الصحيح لتبدل الحقيقة كالعصير يصير خمرا فينجس ثم يصير خلا فيطهر وبخار الكنيف والإصطبل والحمام إذا قطر لا يكون نجسا استحسانا والمستقطر من النجاسة نجس كالمسمى بالعرقي؟؟ فهو حرام. وبيض ما لا يؤكل قيل نجس كلحمه وقيل طاهر "ويطهر المني الجاف" ولو من امرأة على الصحيح "بفركه من الثوب" ولو جديدا مبطنا "و" عن "البدن" بفركه في ظاهر الرواية إن لم يتنجس بملطخ خارج المخرج كبول "ويطهر" المني "الرطب بغسله" لقوله صلى الله عليه وسلم: "اغسليه رطبا وافركيه يابسا" فإن
ــ.
الآخر على ما كان عليه من زواله فلا يجوز التيمم بها قوله: "لا يبسه عن رطوبته" ظاهره أنه يكفي فيها الجفاف مع بقاء النداوة وليس كذلك قال القهستاني والأحسن التعبير بالجفاف أي ذهاب النداوة فإنه المشروط إلا أن يقال مراده أنه لا يشترط جفاف رطوبة الشجر بل جفاف رطوبة النجاسة قوله: "وذهاب أثرها" عطف على قوله بجفافه قوله: "تبعا للأرض" يلحق بما ذكر في هذا الحكم كل ما كان ثابتا فيها كالحيطان والخص بالخاء المعجمة وهو حجيزة السطح وغير ذلك ما دام قائما عليها فيطهر بالجفاف وذهاب الأثر هو المختار اهـ قلت وهذا يقتضي أن نحو الأبواب المتصلة كذلك كذا بحثه بعض الأفاضل قوله: "وتطهر نجاسة استحالت عينها" فيجوز الانتفاع بها وهذا قول محمد وهو المختار للفتوى لأن زوال الحقيقة يستتبع زوال الوصف وقال أبو يوسف لا تطهر.
قوله: "كالعصير" هذا استدلال بثبوت النظير المتفق عليه قوله: "كالمسمى بالعرقي" ويحد شاربه إذا سكر منه وهو نجس نجاسة مغلظة على ما ذكره العلامة الإسقاطي في كتاب الحظر من حاشيته على منلا مسكين قوله: "ويطهر المني" ولو خالطه مذي لأن كل فحل يمذي ثم يمني فلا يمكن التحرز عنه فسقط حكمه وأطلق في المني فعم مني الآدمي وغيره وهو المذكور في الفيض وشرح النقاية للقهستاني وقيده السمرقندي بمني الآدمي كما نقله الحموي وهو المتبادر لأن الرخصة إنما وردت في مني الآدمي على خلاف القياس للضرورة ولا ضرورة في مني غيره فلا يصح الحاقه به مع أنه يدخل في مني غير الآدمي مني نحو الكلب قوله: "ولو مني امرأة" وقال الفضلي منيها لا يطهر بالفرك لرقته قوله: "بفركه عن الثوب" الفرك حكه باليد حتى يتفتت ولا يضر بقاء الأثر بعده نقله السيد عن النهر قوله: "ولو جديدا مبطنا" رد به على الاتقاني في اشتراطه أن يكون غسيلا وعلى بعضهم في اشتراطه ان لا يكون مبطنا ومثل الثوب المكان في ظاهر الرواية وعن الإمام أن البدن لا يطهر منه بالفرك لرطوبته قوله: "إن لم يتنجس بملطخ خارج المخرج كبول" فإن المني حينئذ لا يطهر.
أصابه الماء بعد الفرك فهو ونظائره كالأرض إذا جفت وجلد الميتة المشمس والبئر إذا غارت. وقد اختلف التصحيح والأولى اعتبار الطهارة في الكل كما تفيده المتون وملاقاة الطاهر طاهرا مثله لا توجب التنجيس.
ــ.
بالفرك لعدم الضرورة وقيد بقوله بملطخ الخ لأنه لو بال ولم ينتشر البول على رأس الذكر بأن لم يتجاوز الثقب أو انتشر لكن خرج المني دفقا من غير أن ينتشر على رأس الذكر فإنه يطهر بالفرك لأنه لم يوجد سوى مروره على البول في مجراه ولا أثر لذلك في الباطن كما في التبيين والبحر وحكي الشرح والسيد ذلك بقيل فقالا وقيل لو بال ولم ينتشر بوله على رأس الذكر الخ قوله: "لقوله صلى الله عليه وسلم إلخ" قال الكمال الله أعلم بصحته ومراده بهذا اللفظ وإلا فالمدعي ثابت بمعناه فقد ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمسلم من وجه آخر عنها لقد رأيتني واني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بظفري وروى البزار والدارقطني عنها أيضا قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا وأغسله إذا كان رطبا وبقولنا قال مالك وأحمد في إحدى الروايتين وقال الشافعي وأحمد في رواية هو طاهر لا يجب غسله ولا يشكل على قولنا بنجاسته أنه أصل خلقة الإنسان لأن تكريمه يحصل بعد تطوره الأطوار المعلومة من المائية والعلقية والمضغية ولأن تخليقه في الأصل من شيء نجس ثم تشريفه بأنواع الكرامات أبلغ في المنة وإليه الإشارة بقوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [المرسلات: 20] على أنا لو قلنا ان النجس ما لم يتخلق منه الإنسان لم يضرنا ونتخلص من قبح التلفظ بأن أصل خلقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام نجس كما في الحلبي.
قوله: "ونظائره" أي من كل ما حكم بطهارته بغير مائع كما في الدر قال وقد أنهيت المطهرات إلى نيف1 وثلاثين ونظمتها فقلت:
وغسل ومسح والجفاف مطهر.
…
ونحت وقلب العين والحفر يذكر.
ودبغ وتخليل ذكاة تخلل.
…
وفرك ودلك والدخول التغور.
تصرفه في البعض ندف ونزحها.
…
ونار وغلي غسل بعض تقور.
قوله: "وملاقاة الطاهر" كالماء وقوله طاهرا مثله كالأرض إذا جفت ونظائره وقوله: طاهر في بعض نسخ بالرفع فهو فاعل والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله وفي نسخ بالنصب مفعول والإضافة من إضافة المصدر إلى فاعله.
1 قوله وثلاثين لعل صوابه وعشرين كما في النظم وليحرر اهـ مصححه.