الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له الشفاعة" أعلم أن من هذه المنزلة تتفرع جميع الجنات وهي جنة عدن دار المقامة ولها شعبة في كل جنة من الجنان من تلك الشعبة يظهر محمد صلى الله عليه وسلم لأهل تلك الجنة وهي في كل جنة أعظم منزلة فيها جعلنا الله من الفائزين بشفاعته ومجاورته في دار كرامته.
ــ.
أن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا حلت له شفاعتي اهـ وكذا روي عن الخضر عليه السلام وبمثله يعمل في الفضائل قوله: "تتفرع جميع الجنات" يحتمل أن المعنى أنه الأصل لكل جنة فباقي دورها تبع لها قوله: "دار المقامة" بيان لجنة عدن قال ابن كثير الوسيلة أقرب منازل الجنة إلى العرش وأعلاها وأشرفها ويدل عليه ما رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعا الوسيلة درجة عند الله ليس فوقها درجة فأسألوا الله أن يؤتيني الوسيلة قوله: "بشفاعته" المراد شفاعة مخصوصة كرفع الدرجات قوله: "ومجاورته" المجاورة لكل شخص بما يناسبه والله تعالى أعلم.
"
باب شروط الصلاة وأركانها
".
جمعنا بينهما للتيقظ لما تصح به الصلاة الشروط جمع شرط بسكون الراء والأشراط جمع شرط بفتحها وهما العلامة وفي الشريعة هو ما يتوقف على وجوده الشيء وهو خارج عن ماهيته. والأركان جمع ركن وهو في اللغة الجانب الأقوى وفي الاصطلاح
ــ.
باب شروط الصلاة.
قوله: "للتيقظ" أي للتنبه قوله: "جمع شرط" وهو ثلاثة أنواع عقلي كالقدوم للنجار وشرعي كالطهارة للصلاة وجعلي كالدخول المعلق به الطلاق كذا في الشرح قوله: "وهما العلامة" مسلم في الثاني ومنه قوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي علاماتها ومنه سمي الحاكم صاحب شرطة بالضم والجمع شرط1 كرطبة ورطب أي صاحب علامة لأن له علامة تميزه والشرط على لفظ الجمع أعوان السلطان لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها وأما الأول فأصله مصدر شرط كنصر وضرب واستعمل لغة في إلزام الشيء والتزامه في بيع ونحوه والشريطة بمعناه هذا ما يدل عليه عبارة أهل اللغة قوله: "وفي الشريعة الخ" اعلم إن ماله تعلق بالشيء أما ان يكون داخلا فيه أو لا الأول الركن كالركوع في الصلاة والثاني إن كان مؤثرا فيه بحسب الظاهر فهو العلة كعقد النكاح المحلل للوطء وإن لم يكن مؤثرا فيه فإن
1 قوله كرطبة ورطب الأولى كغرفة وغرف وكرطبة لغة قليلة أهـ كتبه مصححه.
الجزء الذاتي الذي تتركب الماهية منه ومن غيره وقد أردنا تنبيه العابد فقلنا "لا بد لصحة الصلاة من سبعة وعشرين شيئا" ولا حصر فيها. ومن اقتصر على ذكر الشروط الستة الخارجة هن الصلاة وعلى الستة الأركان الداخلة فيها أراد التقريب وإلا فالمصلي يحتاج إلى ما ذكرناه بزيادة فأردنا به بيان ما إليه الحاجة من شرط صحة الشروع والدوام على صحتها وكلها فروض وعبر بلفظ الشيء الصادق بالشرط والركن فمن الشروط "الطهارة من الحدث" الأصغر والأكبر والحيض والنفاس لآية الوضوء. والحدث لغة: الشي الحادث وشرعا مانعية تقوم بالأعضاء إلى غاية وصول المزيل لها "و" منها "طهارة الجسد والثوب والمكان"
ــ
كان مفضيا إليه في الجملة فهو السبب كالوقت لوجوب الصلاة وإن لم يكن مفضيا إليه فإن توقف الشيء عليه فهو الشرط كالطهارة للصلاة وإن لم يتوقف عليه الشيء سمي علامة كالأذان للصلاة ذكره الحموي قوله: "وهو في اللغة الجانب الأقوى" قال تعالى: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] أي عز ومنعة قوله: "الجزء الذاتي" ويطلق الفرد عليه كما يطلق على الشرط قوله: "أراد التقريب" أي تقريب الحفظ على المتعلم قوله: "بزيادة" الباء بمعنى مع وسيأتي له ذكر الزيادة شرحا قوله: "من شرط صحة الشروع والدوام على صحتها" اعلم أن الشروط من حيث هي أربعة أقسام شرط إنعقاد لا غير كالنية والتحريمة والوقت والخطبة للجمعة وشرط إنعقاد ودوام كالطهارة وستر العورة وإستقبال القبلة وشرط بقاء لا غير أي ما يشترط وجوده داخل الصلاة وهو نوعان ما يشترط فيه التعيين كترتيب ما لم يشرع مكررا والثاني ما لا يشترط فيه التعيين وهو نوعان أيضا وجودي وعدمي فالوجودي كالقراءة فإنها وإن كانت ركنا إلا أنها ركن في نفسها شرط لغيرها لوجودها في كل الأركان تقديرا ولذا لم يجز استخلاف الأمي ولو بعد أداء فرض القراءة كما في الدر والعدمي كعدم تقدم المقتدي على إمامه وعدم محاذاة مشتهاة في صلاة مشتركة وعدم تذكر صاحب الترتيب فائتة والقسم الرابع شرط خروج وهو القعدة الأخيرة قوله: "فمن الشروط الطهارة" قدمها على سائر الشروط لأنها أهم إذ هي مفتاح الصلاة ولأنها أول مسؤول عنه في القبر قوله: "والحيض والنفاس" لا حاجة إلى ذكرهما لأن المراد بالحدث الأكبر ما أوجب الغسل ويحتمل أنه أراد به هنا خصوص الجنابة قوله: "والحدث لغة الشيء الحادث" قال في القاموس الحدث محركة الإبداء وقال قبله حدث حدوثا وحداثة نقيض قدم وتضم داله إذا ذكر مع قدم اهـ وهذا يفيد أن إطلاقه على الشيء الحادث من إطلاق المصدر على إسم الفاعل قوله: "وشرعا مانعية شرعية" المانعية ألكون مانعا وهذا لا بد له من موصوف يصح إسناده إليه بحيث يقال معنى كون البول حدثا أنه مانعية شرعية أي كون مانعا الخ والمصنف ذكره مجردا عن هذا الموصوف فلو قال وشرعا مانع شرعي يقوم الخ أي مانع عما يباح إلا برافعه لكان أوضح وفي شرح الخطيب لأبي شجاع أنه في الشرع يطلق على أمر إعتباري يقوم بالأعضاء يمنع من
الذي يصلي عليه فلو بسط شيئا رقيقا يصلح ساترا للعورة وهو ما لا يرى منه الجسد جاز صلاته وإن كانت النجاسة رطبة فألقى عليها لبدا أو ثنى ما ليس ثخينا أو كبسها بالتراب فلم يجدر ريح النجاسة جازت صلاته وإذا أمسك حبلا مربوطا به نجاسة أو بقي من عمامته طرف طاهر ولم يتحرك الطرف النجس بحركته صحت وإلا فلا كما لو أصاب رأسه خيمة نجسة وجلوس صغير يستمسك في حجر المصلي وطير متنجس على رأسه لا يبطل الصلاة إذا لم ينفصل منه نجاسة مانعة لأن الشرط الطهارة "من نجس غير معفو عنه" وتقدم بيانه "حتى" يشترط طهارة "موضع القدمين" فتبطل الصلاة بنجس مانع تحت أحدهما أو بجمعه فيهما تقديرا في الأصح وقيامه على قدم صحيح مع الكراهة وانتقاله عن مكان
ــ.
صحة الصلاة وعلى الأسباب التي ينتهي بها الطهر وعلى الأمر المترتب على ذلك اهـ والأول هو بمعنى قولنا وشرعا مانع الخ قوله: "فلو بسط شيئا رقيقا يصلح ساترا الخ" أي ولم تشم منه رائحة النجاسة قال البرهان الحلبي وكذا الثوب إذا فرش على النجاسة اليابسة إن كان رقيقا يشف ما تحته أو توجد منه رائحة النجاسة على تقدير آن لها رائحة لا تجوز الصلاة عليه وأن كان غليظا بحيث لا يكون كذلك جازت اهـ قوله: "فألقى عليها البدا" المراد أنه ألقى عليها ذا جرم غليظ يصلح للشق نصفين كحجر ولبن وخشب كما في البدائع والخانية ومنية المصلي وقيد النجاسة بالرطبة لأنها إن كانت يابسة جازت على كل حال لأنها لا تلتزق بالثوب الملقى عليها بعد كونه يصلح ساترا كذا في الخانية وفي القهستاني ينبغي أن تكون الصلاة أي على الملقى على النجاسة الرطبة تكره ككراهتها على نحو الإسطبل كما في الخزانة قوله: "فلم يجد ريح النجاسة" أما إذا وجدها لو استشمه لا يجوز كما في الخانية قوله: "مربوطا به نجاسة" كسفينة نجسة أو كلب بناء على أنه نجس العين قوله: "ولم يتحرك الطرف النجس بحركته" أي المتصل بالنجس فيكون راجعا إلى المسئلتين وذلك لأنه بتلك الحركة ينسب إلى حمل النجاسة كما في البحر وغيره بخلاف ما لو كانت النجاسة في بعض أطراف البساط حيث تجوز الصلاة على الطاهر منه ولو تحرك الطرف الآخر بحركته لأن البساط بمنزلة الأرض فيشترط فيه طهارة مكان المصلي فقط كما في الخانية قوله: "خيمة نجسة" مثلها السقف لأنه يعد حاملا للنجاسة كما ذكره السيد وغيره بخلاف المس كما في القهستاني يعني لو مس نحو حائط نجس بيابس في الصلاة لا يضر لأنه يعد حاملا للنجاسة قوله: "وجلوس صغير" أي متنجس يستمسك فإنه لا يعد حاملا بخلاف ما لا يستمسك وعليه نجس مانع فإنه لا تصح معه الصلاة لأنه يعد حاملا للنجس قوله: "وطير" عطف على صغير قوله: "إذا لم تنفصل منه نجاسة" أي مما ذكر من الصبي والطير قوله: "لأن الشرط الطهارة" علة لعدم البطلان أي وقد وجدت لأنه لا يعد حاملا لها قوله: "وتقدم بيانه" وهو أنه يعفى في غير المغلظة عما دون الربع وفي المغلظة الدرهم قوله: "حتى أنه يشترط الخ" تفريع على اشتراط طهارة المكان.
طاهر لنجس ولم يمكث به مقدار ركن لا تبطل به وإن مكث به قدوه بطلت على المختار "و" منها طهارة موضع "اليدين والركبتين" على الصحيح لافتراض السجود على سبعة أعظم واختاره الفقيه أبو الليث وأنكر ما قيل من عدم افتراض طهارة موضعها ولأن رواية جواز الصلاة مع نجاسة الكفين والركبتين شاذة "و" منها طهارة موضع "الجبهة على الأصح" من الروايتين عن أبي حنيفة وهو قولهم رحمهم الله ليتحقق السجود عليها لأن
ــ.
قوله: "أو بجمعه" معطوف على محذوف معلوم من المقام تقديره بنجس مانع بإنفراده تحت أحدهما قوله: "تقديرا" أي بالحرز والظن قوله: "لا تبطل به" الصلاة لأن المكث اليسير على النجس القليل كالمكث الكثير مع النجس القليل معفو عنه وحكم الانكشاف مع الزمن كحكم المكث مع النجس أفاده الشرح قوله: "وإن مكث قدره" أي وإن لم يؤده قوله: "على المختار" هو قول أبي يوسف وقال محمد لا تفسد إلا إذا أداه بالفعل قوله: "على الصحيح" صححه الحلبي وصاحب العيون قوله: "لإفتراض السجود على سبعة أعظم" ظاهره أنه إذا لم يضع اليدين أو الركبتين أو إحداهما1 أن تكون الصلاة فاسدة وليس كذلك بل العلة في الفساد أن وضع العضو على النجاسة بمنزلة حملها فيفسد وإن كان الموضع غير فرض قال في الخانية إذا كانت النجاسة في موضع السجود أو الركبتين أو اليدين فإنها تجمع وتمنع ولا يجعل كأنه لم يضع ذلك العضو بخلاف ما لو صلى رافعا إحدى قدميه فإنه يجوز ولو وضع القدم على نجاسة لا يجوز ولا يجعل كأنه لم يضع اهـ قال الكمال وهذا يفيد أن عدم إشتراط طهارة مكان اليدين والركبتين محله إذا لم يضعهما أما إذا وضعهما أو وضع إحداهما اشترطت فليحفظ اهـ قال الحلبي فعلم أنه لا فرق بين الركبتين واليدين وبين موضع السجود والقدمين في أن النجاسة المانعة في مواضعها مفسدة للصلاة وهو الصحيح لأن إتصال العضو بالنجاسة بمنزلة حملها وإن كان وضع ذلك العضو ليس بفرض اهـ هذه النقول تدل على أن وضعها ليس فرضا ولكنها إذا وضعت إشترطت طهارة مواضعها فليتأمل بقي الكلام فيما إذا وضع ما يكره وضعه كالذراعين هل يفترض طهارة موضعهما الظاهر نعم لأنه بوضعهما على النجاسة يعد حاملا لها قوله: "واختاره الفقيه أبو الليث" الذي ذكره بعد في هذا الباب أن الذي إختاره الفقيه وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف القدمين فليتأمل قوله: "وأنكر ما قيل" لا يلزم من إنكاره ذلك قوله بإفتراض وضعها قوله: "شاذة" ذكر ذلك صاحب العيون وهذا لا ينافي إن وضعهما غير واجب أي غير فرض في ظاهر الرواية كما ذكره صاحب البحر.
1 قوله أن تكون إلخ لعل الألى حذف أن تأمل؟ مصححه.
الفرض وإن كان يتأدى بمقدار الأرنبة على القول المرجوح يصير الوضع معدوما حكما بوجوده على النجس ولو أعاده على طاهر في ظاهر الرواية ولا يمنع نجاسة في محل أنفه مع طهارة باقي المحال بالاتفاق لأن الأنف أقل من الدرهم ويصير كأنه اقتصر على الجبهة مع الكراهة وطهارة المكان ألزم من الثوب المشروط نصا بالدلالة إذ لا وجود للصلاة بدون مكان وقد توجد بدون ثوب ولا يضر وقوع ثوبه على نجاسة لا تعلق به حال سجوده "و" منها "ستر العورة" للإجماع على افتراضه ولو في ظلمة والشرط سترها من جوانبه على الصحيح "ولا يضر نظرها من جيبه" في قول عامة المشايخ "و" لا يضر لو
ــ.
قوله: "ليتحقق السجود عليها" علة لإشتراط طهارة موضعها قوله: "لأن الفرض الخ" علة لمحذوف ينبغي التصريح به تقديره وهذا على كلا القولين أي إشتراط طهارة موضعها لازم على القول الراجح بإفتراض وضعها وعلى القول المرجوح بعدم إفتراضه لأنه الخ قوله: "على القول المرجوح" وهو أن الجمع بين الجبهة والأنف واجب وإنه يكره الإقتصار على أحدهما قوله: "يصير الوضع معدوما" حذف جملة هنا لا بد من ذكرها وقد ذكرها في الشرح فقل ولكن إذا وضع الجبهة مع الأرنبة يقع الكل فرضا كما إذا طول القراءة على القدر المفروض فيصير الخ اهـ والمعنى أن إشتراط طهارة موضع الجبهة فرض على القول المرجوح لكن إذا وضعت بالفعل لأن وضعها بوصف بعد تحققه بأنه فرض كالقراءة فإنها توصف بالوجوب أو السنية فيما زاد على قدر الفرض ولكن إذا وقعت في الصلاة وصفت بالإفتراض قوله: "في ظاهر الرواية" وروي عن أبي يوسف جوازها إن أعاده على طاهر قوله: "مع الكراهة" أي التحريمية لأن وضع الأنف واجب وإذا وضعه على نجاسة كأنه لم يضعه قوله: "وطهارة المكان" أي والجسد وهذا منه بيان للدليل على إشتراط طهارة هذه الأشياء قوله: "المشروط نصا" في قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر 4] قوله: "بالدلالة" متعلق بألزم يعني أنه ثبت كون طهارته ألزم بدلالة النص ودلالة النص كل معنى يفهمه العالم بالوضع من النص المذكور لإشتراكه معه في العلة ولكونه أولى بالحكم منه قوله: "إذ لا وجود الخ" علة لكونه ألزم بالدلالة قوله: "حال سجوده" متعلق بوقوع ثوبه تنبيه إنما اشترطت الطهارة في الصلاة لأنها مناجاة مع الرب عز وجل فيجب أن يكون المصلي على أحسن الأحوال وذا في طهارته وطهارة ما يتصل به من الثوب والمكان أفاده الشرح قوله: "ومنها سترة العورة" ولو بماء كدر أو ورق شجر أو طين وليس لستر الظلمة إعتبار كما في القهستاني كالستر بالزجاج كما في القنية ولا يضر تشكل العورة بالتصاق الساتر الضيق بها كما في الحلبي والعورة في اللغة كل ما يستقبح ظهوره مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين وكلمة عوراء أي قبيحة وسيمت السوأة عورة لقبح ظهورها وغض الأبصار عنها وكل شيء يستره الإنسان أنفة أو حياء فهو عورة والنساء عورة كما في كتب.
نظرها أحد من "أسفل ذيله" لأن التكلف لمنعه فيه حرج والثوب الحرير والمغصوب وأرض الغير تصح فيها الصلاة مع الكراهة وسنذكره والمستحب أن يصلي في ثلاثة ثياب من أحسن ثيابه قميص وأزرار وعمامة ويكره في إزار مع القدرة عليها "و" منها "استقبال القبلة" الاستقبال من قبلت الماشية الوادي بمعنى قابلته وليست السين للطلب لأن الشرط المقابلة
ــ.
اللغة قوله: "للإجماع على إفتراضه" أي في الصلاة أما الستر في الخلوة فصحح الحلبي وجوب الستر فيها وصحح الشارح عدمه فقد اختلف التصحح قوله: "ولا يضر نظرها من جيبه" لأنه يحل له مسها والنظر إليها ولكنه خلاف الأدب كما في النهر واختار البرهان الحلبي أن تلك الصلاة مكروهة وإن لم تفد ومقابل الصحيح ما عن بعض المشايخ من اشتراط ستر عورته عن نفسه وفرع عليه أنها لو كانت لحيته كثيفة وستر بها زيقه صحت وإلا فلا قوله: "لأن التكلف لمنعه" أي لمنع نظر الناظر قال في الشرح لأن ستر العورة على وجه لا يمكن الغير النظر إليها إذا تكلف مما يؤدي إلى الحرج اهـ قوله: "والثوب الحرير الخ" جعل الكلام فيما إذا صلى فيه وأما إذا صلى عليه فقال القهستاني من كتاب الحظر معزيا بالصلاة الجواهر ما نصه وتجوز الصلاة على السجادة من الأبريسم لأن الحرام هو اللبس أما الإنتفاع بسائر الوجوه فليس بحرام اهـ قوله: "وللمغصوب" نقل في الفتاوي الهندية عن مختارات النوازل الصلاة في أرض مغصوبة جائزة ولكن يعاقب بظلمه فما كان بينه وبين الله تعالى يثاب وما كان بينه وبين العباد يعاقب اهـ قوله: "مع الكراهة" أي التحريمية ذكره السيد وفي السراج والقهستاني تكره الصلاة في الثوب الحرير والثوب المغصوب وإن صحت والثواب إلى الله تعالى قوله: "من أحسن ثيابه" مراعاة للفظ الزينة في الآية ويستحب أن تكون سالمة من الخروق قوله: "قميص وإزار وعمامة" هذا للرجل وفي المرأة قميص وخمار وسراويل ويكفي له الصلاة فيما يشمل عامة جسده لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شملة قد توشح بها عقدها بين كتفيه اهـ ويكفي للمرأة درع ضيق ومقنعة قوله: ويكره في إزار مع القدرة عليها وكذا يكره أن يصلي في السراويل وحده لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل في ثوب ليس على عاتقه منه شيء كذا في الشرح وظاهر التعبير بالنهي أن الكراهة تحريمية قوله: "إستقبال القبلة" هي بالكسر لغة مطلق الجهة قال الجوهري يقال من أين قبلتك أي من أين جهتك وما لكلامه قبلة أي جهة وشرعا كما في القهستاني جهة يصلي نحوها من في الأرض السابعة إلى السماء السابعة مما يحاذي الكعبة أي أو جهتها وغلب هذا الإسم على هذه الجهة حتى صار كالعلم لها وصارت معرفة عند الإطلاق وإنما سميت بذلك لأن الناس يقابلونها في صلاتهم وتسمى أيضا محرابا لأن مقابلها يحارب النفس والشيطان وكانت أول الإسلام إلى بيت المقدس لكن كان صلى الله عليه وسلم وهو بمكة لا يستدبر الكعبة بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس كما صححه.
لا طلبها وهو شرط بالكتاب والسنة والإجماع والمراد منها بقعتها لا البناء حتى لو نوى بناء الكعبة لا يجوز إلا أن يريد به جهة الكعبة وإن نوى المحراب لا يجوز "فللمكي المشاهد" للكعبة "فرضه إصابة عينها" اتفاقا لقدرته عليه يقينا "و" الفرض "لغير المشاهد" إصابة "جهتها" أي الكعبة هو الصحيح ونية القبلة ليست بشرط والتوجه إليها يغنيه عن النية هو الأصح وجهتها هي التي إذا توجه إليها الإنسان يكون مسامتا للكعبة أو لهوائها تحقيقا
ــ.
الحاكم وغيره وكان صلى الله عليه وسلم بتوقع من ربه عز شأنه أن يوجهه نحو الكعبة لأنها قبلة أبيه إبراهيم وأدعى لإيمان العرب لأنها مفخرهم ومزارهم ومطافهم فحوله إليها بعد الهجرة بستة عشر شهرا وأيام في يوم الإثنين لنصف رجب من السنة الثانية على الصحيح وبه جزم الجمهور وكان في مسجد بني سلمة في صلاة الظهر على التحقيق بعد أن صلى ركعتين بأصحابه وحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال فسمى ذلك المسجد مسجد القبلتين قوله: "من قبلت" يأتي من باب علم ونصر وضرب قوله: "وليست السين" أي والتاء قوله: "لا طلبها" ووجوب الطلب عند الإشتباه لا لذاته بل لتحصيل المقابلة قوله: "وهو شرط بالكتاب" قال الله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام قوله: "والسنة" قال صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة أمرىء حتى يضع الطهور مواضعه ويستقبل القبلة ويقول الله أكبر" قوله: "والمراد منها بقعتها" حتى لو رفعت الكعبة عن مكانها لزيارة أصحاب الكرامة أو لغير ذلك ففي تلك الحالة جازت صلاة المتوجهين إلى أرضها.
قوله: "فللمكي المشاهد الخ" يلحق به من بالمدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام لثبوت القبلة في حقهم بالوحي كما في السراج والنهر قوله: " فرضه إصابة عينها" ولو لجزء منها وباقي أعضائه مسامت للجهة قوله: "إصابة جهتها" فالمغرب قبلة لأهل المشرق وبالعكس والجنوب قبلة لأهل الشمال وبالعكس فالجهة قبلة كالعين توسعة على الناس كما في القهستاني حتى لو أزيل المانع لا يشترط أن يقع إستقباله على عين القبلة كما في الحلبي وهو قول العامة وهو الصحيح لأن التكليف بحسب الوسع قوله: "هو الصحيح" وقال أبو عبد الله عبد الكريم الجرجاني الفرض إصابة عينها للغائب أيضا بالإجتهاد لأنه لا تفصيل في النص وعليه فيشترط النية لأنه لا يمكن إصابة العين للغائب إلا من حيث النية فالفرض عنده إصابة عينها نية لا توجها كما قال العلامة الشلبي وقال بعضهم إن كان يصلي إلى المحراب لا يشترط وإن كان يصلي في الصحراء يشترط فإذا نوى القبلة أو الكعبة أو الجهة جاز اهـ قوله: "ونية القبلة ليست بشرط" لأنها من الوسائل وهي لا تحتاج إلى نية كالوضوء فالشرط حصولها لا تحصيلها قوله: "وجهتها الخ" قالوا: جهتها تعرف بالدليل فالدليل في الأمصار والقرى المحاريب التي نصبها الصحابة والتابعون فعلينا إتباعهم في إستقبال المحاريب المنوصبة وإن لم تكن فالسؤال من الأهل أي أهل ذلك الموضع ولو واحدا فاسقا إن صدقه.
أو تقريبا ومعنى التحقيق أنه لو فرض خط من تلقاء وجهه على زاوية قائمة إلى الأفق يكون مارا على الكعبة أو هوائها ومعنى التقريب أن يكون ذلك منحرفا عن الكعبة أو هوائها انحرافا لا تزول به القابلة بالكلية بأن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها "ولغير المشاهد إصابة جهتها" البعيد والقريب سواء "ولو بمكة" وحال بينه وبين الكعبة بناء أو
ــ
كما في القهستاني وأما في البحار والمفاوز فدليل القبلة النجوم وقد روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا من النجوم1 ما تهتدوا به إلى القبلة اهـ وذلك كالقطب وهو نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي إذا جعله الواقف خلف أذنه اليمنى كان مستقبل القبلة إذا كان بناحية الكوفة وبغداد وهمذان وقزوين وطبرستان وجرجان وما والاها إلى نهر الشام ويجعله من بمصر على عاتقه الأيسر ومن بالعراق على عاتقه الأيمن فيكون مستقبلا باب الكعبة ومن باليمن قبالة المستقبل مما يلي جانبه الأيسر ومن بالشام وراءه وينبغي لمن جهل أدلة القبلة وأراد سفرا مثلا أي إلى بلاد لا تختلف القبلة فيها وليس معه عارف بها أو أراد وضع قبلة في بيته مثلا أن يستقبل قبل سفره مثلا محرابا صحيحا من محاريب بلده في وقت معين كطلوع الشمس مثلا ويحرر الشمس في ذلك الوقت على جزء من بدنه كعينه أو ظهره ثم يفعل كذلك وقت الأستواء ووقت الغروب فإذا أراد القبلة بعد سفره أو في بيته فليجعل الشمس في ذلك الوقت قبالة المحل المخصوص يكن مستقبلا فإن جعل له خطا في الأرض أو كوة في حائط فهو قبلته ما دام في ذلك المكان وكذلك يفعل بالنجوم وغيرها في وقت معين كوقت العشاء ويختص بإقليم مصر أنه إذا وقف ليلا مستقبل الجدي ضاما رجليه وحرك رجله اليمنى إلى جهة يمينه بقدر طاقته ثم نفل الأخرى إليها كان مستقبلا وكذا لو فعل ذلك بعد وقوفه على خط نصف النهار بأن يجعل المشرق عن يمينه والمغرب عن يساره ويستقبل ظله وقت الإستواء ثم يحرك رجله اليمنى كذلك يكون مستقبلا أيضا.
قوله: "يكون مسامتا" أي محاذيا قوله: "للكعبة أو لهوائها" هذا إذا وقعت المحاذاة على العين وقوله للكعبة أي فيما إذا كان في محل يساوي المحل الذي به القبلة وقوله أو لهوائها هو فيما إذا كان محله أعلى من محلها ومثله ما إذا كان أسفل وقوله أو تقريبا إذا وقعت المحاذاة للجهة فإن مستقبل الجهة يحتمل أن يقع إستقباله بتمامه على العين أولا وقد بين النوعين المحتملين قوله: "بأن يبقى شيء من سطح الوجه" ولو كان ذلك جزأ يسيرا وهذه صورته.
1 قوله ما تهتدوا هكذا في النسخ وفيه حذف نون الرفع من ناصب ولا جازم وهو لغة قللة كما لا يخفى كتبه مصححه.
جبل "على الصحيح" كما في الدراية والتجنيس "و" من الشروط "الوقت" للفرائض الخمس
ــ
وفي الفتاوي الإنحراف المفسد أن يجاوز المشارق إلى المغارب اهـ قوله: "وحال بينه وبين الكعبة بناء أو جبل" قال في معراج الدراية ومن كان بمكة وبينه وبين الكعبة حائل يمنع المشاهدة كأبنية فالأصح أن حكمه حكم الغائب ولو كان الحائل أصليا كالجبل فله أن يجتهد والأولى أن يصعد على الجبل حتى تكون صلاته إلى الكعبة يقينا اهـ قال المحقق الكمال وعندي في جواز التحري مع إمكان صعوده أي صعود المكي الجبل إشكال لأن المصير إلى الدليل الظني وترك القاطع مع إمكانه لا يجوز فلا يكفيه الإجتهاد حتى لو اجتهد وصلى ثم تبين خطؤه فعليه الإعادة وقد قال في الهداية الأخبار فوق التحري فإذا امتنع المصير إلى الظني لا مكان ظني أقوى منه فكيف يترك اليقين مع إمكانه ويكتفي بالظن قوله:
بالكتاب والسنة والإجماع وقد نص على اشتراطه في عدة من المعتمدات وقد ترك ذكر الوقت في باب شروط الصلاة في عدة من المعتمدات كالقدوري والمختار والهداية والكنز مع بيانهم الأوقات ولا أعلم سر عدم ذكرهم له وإن كان يتصف بأنه سبب للأداء وظرف للمؤدي وشرط للوجوب كما هو مقرر في محله "و" يشترط "اعتقاد دخوله" لتكون عبادته بنية جازمة لأن الشاك ليس بجازم حتى لو صلى وعنده أن الوقت لم يدخل فظهر أنه كان قد دخل لا تجزئه لأنه لما حكم بفساد صلاته بناء على دليل شرعي وهو تحريه لا ينقلب جائزا إذا ظهر خلافه ويخاف عليه في دينه "و" تشترط "النية" وهي الإرادة الجازمة لتمييز العبادة عن العادة ويتحقق الإخلاص فيها لله سبحانه وتعالى "و"
ــ.
"ومن الشروط الوقت للفرائض الخ" الأصل في إشتراطه قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} أي فرضا موقوتا أي محدودا بأوقات لا يجوز تقديمها ولا تأخيرها عنها عند القدرة على فعلها فيها بحسب الإستطاعة وحديث إمامة جبريل عليه السلام أيضا قوله: "مع بيانهم الأوقات" أي في أول كتاب الصلاة ولا يكفي ذلك في بيان الشرطية لا سيما عند المتعلم القاصر لأن ذلك بيان لتقدير الوقت قوله: "بأنه سبب للأداء" من يحث تعلق الوجوب به وافضاؤه إليه قوله: "وظرف للمؤدي" لأنه يسعه ويسع غيره قوله: "وشرط للوجوب" من حيث توقف وجوب فعل الصلاة على وجوده قوله: "لتكون عبادته بنية جازمة" أفاد بذلك أن المراد بإعتقاد دخوله جزمه به لأن جزم النية إنما يكون به ولا يكفي غلبة الظن بالدخول وينظر هذا مع قولهم إن غلبة الظن في الفروع تقوم مقام اليقين ويحتمل أن المراد بالإعتقاد والجزم ما يعم غلبة الظن ويدل له التعليل بقولهم لأن الشاك الخ فالمضر أحد شيئين إما إعتقاد عدم الدخول وإما الشك قوله: "حتى لو صلى الخ" هذا أولى بالحكم مما فرع عليه لأنه جزم بعدم الدخول وهو أولى بالمنع من التردد بين الدخول وعدمه قوله: "لأنه لما حكم بفساد صلاته الخ" نظيره من صلى في ثوب وعنده أنه نجس فإذا هو طاهر فإنه لا تصح هصلاته لما ذكر وهذا التعليل إنما يقهر فيمن عرف الحكم أما لو كان عنده أنه صحيح فلا يظهر اللهم إلا أن يقال إن هذا الإعتقاد فاسد بمنزلة العدم فينزل شرعا في هذا الحكم منزلة العارف فتفسد به صلاته زجرا له بتقصيره قوله: "ويخاف عليه في دينه" أي يخشى عليه الوقوع في الكفر أما إذا اعتقد حل ذلك فالأمر ظاهر وإن اعتقد حرمته فيجره ذلك إلى غيره من وضع الأشياء في غير موضعها كالصلاة بالنجاسة وإلى غير القبلة وقد وقع خلاف في كفر من فعل ذلك قوله: "وهي الإرادة الجازمة" أي لغة لأنها فسرت لغة بالعزم والعزم هو الإرادة الجازمة القاطعة وفي الشرح قصد الطاعة والتقرب إلى الله تعالى في إيجاد فعل كما في التلويح وهو يعم فعل الجوارح وفعل القلب سواء كان إيجادا أو كفا.
تشترط "التحريمة" وليست ركنا وعليه عامة المشايخ المحققين على الصحيح والتحريم جعل.
ــ.
قوله: "لتتميز العبادة عن العادة" أو يتميز بعض العبادة عن بعض الأمثال الأول الإمساك عن المفطرات فإنه يكون لعدم الحاجة إليه أو للحمية فلا يمتاز الصوم عنه إلا بالنية ومثال الثاني في الصلاة مثلا فإنها تكون فرضا وواجبا ونفلا فشرعت فيها النية ليتميز بعضها عن بعض وفي المجتبى وغيره من عجز عن إحضار القلب في النية أو يشك في النية يكفيه اللسان كذا في الشرح قوله: "ويتحقق الإخلاص فيها" أي في الصلاة والإخلاص سر بينك وبين ربك لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله ذكره الحموي وذلك بأن تريده تعالى بطاعته ولا تريد سواه وفي الخلاصة لا رياء في الفرائض اهـ وفي البزازية شرع بالإخلاص ثم خالطه الرياء فالعبرة للسابق ولا رياء في الفرائض في حق سقوط الواجب اهـ وحقيقة الرياء هو أنه إن خلا عن الناس لا يصلي وإن كان عند الناس يصلي فهذا لا ثواب له لأنه أشرك بعبادة ربه ولو أحسنها لأجلهم فله ثواب الأصل لا الإحسان ثم أنه إن جمع بين عبادات الوسائل في النية صح كما لو اغتسل لجنابة وعيد وجمعة إجتمعت ونال ثواب الكل وكما لو توضأ لنوم وبعد غيبة وأكل لحم جزور وكذا يصح لو نوى نافلتين أو أكثر كما لو نوى تحية مسجد وسنة وضوء وضحى وكسوف والمعتمد أن العبادات ذات الأفعال يكتفي بالنية في أولها ولا يحتاج إليها في كل جزء إكتفاء بإنسحابها عليها ويشترط لها الإسلام والتمييز والعلم بالمنوى وأن لا يأتي بمناف بين النية والمنوي قوله: "ويشترط التحريمة" هو قول الشيخين لقوله تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} فإنه عطف الصلاة عليها العطف يقتضي المغايرة وليس من عطف الكل على الجزء فإنه إنما يكون لنكتة بلاغية وهي غير ظاهرة هنا قوله: "وليست ركنا" أشار به إلى خلاف محمد فإنه يقول بركنيتها لأنها ذكر مفروض في القيام فكانت ركنا كالقراءة وتظهر الثمرة فيما إذا كان حاملا لنجاسة مانعة فألقاها عند فراغه منها أو كان منحرفا عن القبلة فاستقبلها أو مكشوف العورة فسترها بعمل يسير أو شرع في التكبير قبل ظهور الزوال ثم ظهر عند الفراغ فعندهما تجوز صلاته لوجود الأركان مستجمعة للشروط وتقدم الشرط جائز بالإجماع وعبارة البرهان وإنما اشترط لها ما اشترط للصلاة لا باعتبار ركنيتها بل باعتبار إتصالها بالقيام الذي هو ركنها وقد منع ذلك الزيلعي وعند محمد والشافعي لا تجوز لأنها ركن وقد أداه مع المنافي أو قبل الوقت وجاز بناء النفل على تحريمة الفرض مع الكراهة عندهما لأن النفل مطلقا صلاة والفرض صلاة مخصوصة ففي الفرض معنى النفل وزيادة لأن الخاص يتضمن العام فكان العقد على الفرض متضمنا للعقد على النفل ولأن الشرط لا يشترط تحصيله لكل صلاة كالطهارة بل يصح شرط الفرض للنفل ولا يجوز عند القائل بالركنية وأما بناء الفرض على تحريمة فرض آخر أو على تحريمة نفل فظاهر المذهب والجمهور منعه وأما بناء النفل.
الشيء محرما والهاء لتحقيق الاسمية وسمي التكبير للافتتاح أو ما يقوم مقامه تحريمة لتحريمه الأشياء المباحة خارج الصلاة وشرطت بالكتاب والسنة والإجماع ويشترط لصحة التحريمة اثنا عشر شرطا ذكرت منها سبعة متنا والباقي شرحان فالأول من شروط صحة التحريمة أن توجد مقارنة للنية حقيقية أو حكما "بلا فاصل" بينها وبين النية بأجنبي يمنع الاتصال للإجماع عليه كالأكل والشرب والكلام فأما المشي للصلاة والوضوء
ــ.
على تحريمة نفل آخر فلا شك في صحته إتفاقا لأن الكل صلاة واحدة قوله: "وعليه عامة المشايخ" وهو قول المحققين من مشايخنا بدائع وهو المعتبر من المذهب منية المصلي قوله: "والهاء لتحقيق الإسمية" أي إنما أتى بالهاء لتدل على أن ما دخلت عليه إسم أي للذكر المعلوم فإنه لولا هذه الهاء لتوهم أنه المصدر ويحتمل أنها للمبالغة أو الوحدة لا للتأنيث قوله: "وسمي التكبير للإفتتاح" ويضاف التكبير للإفتتاح لأن به إفتتاح الصلاة قوله: "لتحريمه الأشياء المباحة خارج الصلاة" من أكل وشرب وكلام وإسناد التحريم إليه مجاز لأن المحرم حقيقة هو الله تعالى فالتحريم يثبت بها لا منها قوله: "وشرطت بالكتاب" قال الله تعالى وربك فكبر أجمع المفسرون على أن المراد به تكبيرة الإفتتاح وعليه إنعقد الإجماع لأن الأمر للوجوب وغيرها ليس بواجب فتعينت للمراد تحرزا عن تعطيل النص قوله: "والسنة" قال صلى الله عليه وسلم "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم" رواه أبو داود وحسنه الترمذي قوله: "إثنا عشر شرطا" قد عدها خمسة عشر شرطا قوله: "أن توجد مقارنة للنية حقيقة" مثال المقارنة حقيقة أن ينوي مقارنا للشروع بالتكبير وهو الأفضل بإجماع أصحابنا وانظر هل تكون تلك المقارنة ولو وجدت بعد ذكر بعض حروف الإسم الكريم أو ذكر كله قبل الفراغ من أكبل والظاهر نعم وحرره قوله: "أو حكما" مثال المقارنة الحكمية أن يقدم النية على الشروع قالوا: لو نوى عند الوضوء أنه يصلي الظهر مثلا ولم يتشغل بعد النية بعمل يدل على الأعراض كأكل وشرب وكلام ونحوها ثم انتهى إلى محل الصلاة ولم تحضره النية جازت صلاته بالنية السابقة ويجوز تقديمها على الوقت كسائر الشروط ما لم يوجد ما يقطعها ونقل ابن أميرحاج عن أبي هريرة بن هبيرة إشتراط دخول الوقت للنية المتقدمة عن أبي حنيفة رحمه الله وينبغي أن يكون وقت نية الإمامة عند الشروع وإن لم يقتد به أحد لأنه قد يقتدي به من لا يراه من الملائكة والجن أفاده الحموي خلافا لما في الأشباه من أنه ينبغي أن يكون وقت إقتداء أحد به لا قبله وأما نية المأموم الإقتداء ففي القهستاني ولا يجوز تقديم نية إقتدائه عن تحريمة الإمام عند بعض أئمة بخاري وصحح وقيل ينوي بعد قول الإمام الله قبل قوله أكبر والذي عليه عامة العلماء أنه ينوي حين وقف الإمام موقف الإمامة وهو أجود كما في النظم اهـ ويطلب الفرق بين صحة تقديم نية الصلاة وهي فرض دون تقديم نية الإقتداء على هذا الوقت وهو كذلك والذي ذكره الشارح في الإمامة جواز تقديمها فالحكم فيهما
فليسا مانعين "و" الثاني من شروط صحة التحريمة "الإتيان بالتحريمة قائما" أو منحيا قليلا "قبل" وجود "انحنائه" بما هو أقرب "للركوع" قال في البرهان لو أدرك الإمام راكعا فحنى ظهره ثم كبر أن كان إلى القيام أقرب صح الشروع ولو أراد به تكبير الركوع وتلغو نيته لأن مدرك الإمام في الركوع لا يحتاج إلى تكبير مرتين خلافا لبعضهم وإن كان إلى الركوع أقرب لا يصح الشروع "و" الثالث منها "عدم تأخير النية عن التحريمة" لأن الصلاة عبادة وهي لا تتجزأ فما لم ينوها لا تقع عبادة ولا حرج في عدم تأخيرها بخلاف الصوم وهو صادق بالمقارنة وبالتقدم والأفضل المقارنة الحقيقية للاحتياط خروجا من الخلاف وإيجادها بعد دخول الوقت مراعاة للركنية "و" الرابع منها "النطق بالتحريمة بحيث يسمع نفسه" بدون
ــ.
واحد ويحمل ما هنا على الأولى قوله: "يمنع الإتصال" أخرج به الفاصل الذي لا يمنع كالذكر والمشي للصلاة أو الوضوء قوله: "للإجماع عليه" أي على إشتراط عدم الفاصل أو على هذا الشرط وهو المقارنة قوله: "كالأكل" مثال للأجنبي الذي يمنع الإتصال قوله: "والوضوء" بالرفع والجر قوله: "فليسا مانعين" لأنهما مغتفران داخلها في سبق الحدث فخارجها أحرى كما في النهر وغيره قوله: "بالتحريمة قائما" أي فيما يفترض له القيام والمراد بالقيام ما يعم الحكمي ليشمل القعود في نحو الفرائض لعذر قوله: "أو منحنيا قليلا" تصريح بما تضمنه المصنف فإن القيام الذي هو قبل الإنحناء القريب إلى الركوع صادق بالقيام التام وبالإنحناء القليل قوله: "قبل وجود إنحنائه" هذا في مقام البيان للإنحناء القليل قوله: "بما هو أقرب" أي بحال ذلك الحال أقرب للركوع فليس الشرط عدم الإنحناء أصلا بل عدم الإنحناء المتصف بكونه أقرب إلى الركوع من القيام والجار والمجرور متعلق بوجود قوله: "إن كان إلى القيام أقرب" بأن لا تنال يداه ركبتيه قوله: "وتلغو نيته" لأن الذكر في محله لا يتغير بعزيمته كما في النهر وأمانية الصلاة فلا بد منها قوله: "وإن كان إلى الركوع أقرب" بأن تنال يداه ركبتيه قوله: "لأن الصلاة عبادة" أي بتمامها وقوله وهي لا تتجزأ أي ولو جوزنا تأخير النية لوقع البعض الذي لا نية فيه غير عبادة وما فيه النية عبادة فيلزم التجزي وقوله فما لم ينوها أي من أول فعلها قوله: "ولا حرج في عدم تأخيرها بخلاف الصوم" قال في الجوهرة ولا يعتبر بقول الكرخي وقياسه الصلاة على الصوم قياس فاسد لأن سقوط القراءة للحرج وهو يندفع بتقديم النية فلا ضرورة إلى التأخير وجواز التأخير في الصوم لدفع الحرج وللتيسير على الصائمين لأنه قد لا يشعر بطلوع الفجر بخلاف الصلاة كذا في البحر وفيه أن الحرج في الصوم يندفع بالتقديم وفيه تيسير أيضا قوله: "وهو صادق" الضمير يرجع إلى عدم التأخير قوله: "خروجا من الخلاف" فإن الأئمة الثلاثة لا يجوزونها بنية متقدمة ولا متأخرة كذا في الشرح قوله: "إيجادها بعد دخول الوقت" عطف على المقارنة
صمم ولا يلزم الأخرس تحريك لسانه على الصحيح وغير الأخرس يشترط سماعه نطقه "على الأصح" كما قاله شمس الأئمة الحلواني وأكثر المشايخ على أن الصحيح أن الجهر حقيقته أن يسمع غيره والمخافتة أن يسمع نفسه وقال الهندواني لا تجزئه ما لم تسمع أذناه ومن بقربه بالسماع شرط فيما يتعلق بالنطق باللسان التحريمة والقراءة السرية والتشهد والأذكار والتسمية على الذبيحة ووجوب سجود التلاوة والعتاق والطلاق والاستثناء واليمين والنذر والإسلام والإيمان حتى لو أجرى الطلاق على قلبه وحرك لسانه من غير تلفظ يسمع لا يقع وإن صحح الحروف وقال الكرخي القراءة تصحيح الحروف وإن لم يكن صوت بحيث يسمع والصحيح خلافه قاله المحقق الكمال ابن الهمام رحمه الله تعالى: اعلم أن القراءة وإن كانت فعل اللسان لكن فعله الذي هو كلام والكلام بالحروف.
ــ.
وقد سبق ما فيه قوله: "مراعاة للركنية" أي للقول بها قوله: "بدون صمم" أما لو كان به صمم أو كانت جلبة أصوات فالشرط أن يكون بحيث لو أزيل المانع لأمكن السماع ولا يشترط أن يسمع نفسه حقيقة في تلك الحالة كما لا يشترط إسماع غيره إلا في العقود كبيع وهبة ونكاح فلا بد من إسماع غيره أيضا كما في القهستاني قوله: "ولا يلزم الأخرس تحريك لسانه" وكذا الامي بل يكتفيان بمجرد النية على الصحيح فينبغي أن يشترط لها القيام لقيامها مقام التحريمة وأن تقديمها على الشروع لا يصح كالتحريمة ولم أره لهم نهر قوله: "وأكثر المشايخ" مبتدأ وقوله على أن الخ خبرة وليس معطوفا على الحلواني والألم يحسن ذكر على قوله: "وقال الهندواني الخ" ظاهر ما هنا أن الهندواني لم يقل بقوله أكثر المشايخ والذي في كبيره أن ما عليه أكثر المشايخ هو قول الهندواني إلا أنه قال وزاد في المجتبى في النفل عن الهندواني أنه لا يجزيه ما لم تسمع أذناه ومن بقربه اهـ ونقل في الذخيرة عن شمس الأئمة الحلواني أن الأصح هذا اهـ قلت الظاهر أن ما زاده في المجتبى يرجع إلى ما قبله لأن الغالب أنه إذا أسمع أذنيه أن يسمع من بقربه ممن يكون ملاصقا ولا يكاد ينفك ذلك قوله: "فالسماع شرط" تفريع على الأصح الذي في المصنف وعلى قول أكثر المشايخ في تفسير المخافتة والمراد أنه شرط لتحصيل المنطوق به إن كان فرضا أو واجبا أو سنة قوله: "التحريمة" وما عطف عليه بدل من ما في قوله فيما يتعلق قوله: "ووجوب سجدة التلاوة" الأولى حذف وجوب وسجدة لأن الكلام في المنطوق به قوله: "والإيمان" بكسر الهمزة أورد عليه أنه التصديق القلبي ولا لفظ فيه إلا أن يكون مبنيا على أنه قول وعمل قوله: "حتى لو أجرى" إنما ذكره لأنه محل الوهم فإذا لم يجزه على قلبه والمسئلة بحالها فعدم الوقوع أولى قوله: "يسمع" بالبناء للمجهول والجملة محلها جر صفة لتلفظ قوله: "وقال الكرخي" مقابل قول الحلواني وقول الأكثرين في تفسير المخافتة فالمخافتة عنده تصحيح
والحرف كيفية تعرض للصوت وهو أخص من النفس فإن النفس للعروض بالقرع فالحرف عارض للصوت لا للنفس فمجرد تصحيحها أي الحروف بلا صوت إيماء إلى الحروف بعضلات المخارج لا حروف فلا كلام انتهى. ومن متعلقات القلب النية للإخلاص فلا يشترط لها النطق كالكفر بالنية قال الحافظ ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى: لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح ولا ضعيف أنه كان يقول عند الافتتاح أصلي كذا ولا عن أحد من الصحابة والتابعين بل المنقول أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر وهذه بدعة. اهـ. وفي مجمع الروايات التلفظ بالنية كرهه البعض لأن ابن عمر رضي الله عنه أدب من فعله.
ــ
الحروف ويجري في كل ما يتعلق بالنطق باللسان قوله: "الذي هو كلام" أي لا مجرد الحركة قوله: "والكلام بالحروف" مبتدأ وخبر أي لا يتحقق الكلام إلا بالحروف والحاصل أن المراتب ثلاثة حرف وصوت ونفس وكل أخص من الذي بعده قوله: "والحرف كيفية تعرض للصوت" لأنه هو الصوت المعتمد على المخارج فالكيفية هي إعتماد الصوت على المخارج وفيه أن الحرف هو الصوت المعتمد لا الإعتماد قوله: "وهو أخص من النفس" بفتح الفاء لأن النفس هو الهواء مطلقا اعتمد أولا قوله: "فإن النفس المعروض بالقرع" أي هو الهواء الذي عرض عليه القرع يعني أن القرع بالعضلات يعرض على النفس والصوت هو مجموع النفس مع القرع ومن المعلوم أن المعروض قد يتحقق بدون عارضه كتحقق الإنسان بدون صفة الكتابة والمعروض والعارض أخص من المعروض وحده كإنسان وضاحك فإن الإنسان فقط أعم من الإنسان الضاحك والقرع يتحقق بالعضلات قوله: "عارض للصوت" والصوت عرض يقوم بمحل يخرج من داخل الرئة إلى خارجها مع النفس مستطيلا ممتدا متصلا بمقطع من مقاطع حروف الحلق واللسان والشفتين قوله: "فمجرد الخ" هو روح العلة قوله: "بلا صوت" أي بل بالنفس الذي هو مطلق الهواء قوله: "إيماء" أي إشارة إليها والذي يومي بالشي لا يكون آتيا بحقيقته كالمومي بالصلاة فإنه لم يأت بحقيقة الركوع والسجود قوله: "بعضلات المخارج" العضلات جمع العضلة وكسفينة كل عصبة معها لحم غليظ كذا في القاموس والمخارج جمع مخرج محل خروج الحروف كذا في الأزهرية فالإضافة من إضافة العام إلى الخاص قوله: "لا حروف" عطف على إيماء أي لا حروف حقيقة فلا كلام أي إذا انتفت الحروف انتفى الكلام أي وهو لا بد منه فإنه المطلوب شرعا وإذا انتفى الكلام إنتفت القراءة فلا تصح الصلاة قوله: "ومن متعلقات القلب النية" قال في الشرح تنبيه في إشتراط النطق بالتحريمة إشارة إلى أنه لا يشترط النطق بالنية لأنها من متعلقات القلب التي لا يشترط لها النطق وقد أجمع العلماء على أنه لو نوى بقلبه ولم يتكلم بنيته فإنه يجوز اهـ قوله: "بالنية" متعلق بمحذوف أي يثبت بالنية قوله: "ولا عن أحد من الصحابة والتابعين" زاد ابن أميرحاج ولا عن الأئمة الأربعة قوله: "وهذه بدعة" قال في البحر فتحرر من هذه الأقوال
وأباحه البعض لما فيه من تحقيق عمل القلب وقطع الوسوسة وعمر رضي الله تعالى عنه إنما زجر من جهر به فأما المخافتة به فلا بأس بها فمن قال من مشايخنا إن التلفظ بالنية سنة لم يرد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم بل سنة بعض المشايخ لاختلاف الزمان وكثرة الشواغل على القلوب فيما بعد زمن التابعين "و" الخامس منها "نية المتابعة" مع نية أصل الصلاة "للمقتدي" أما النية المشتركة فلما تقدم وأما الخاصة وهي نية الاقتداء فلما يلحقه من فساد صلاة إمامه لأنه بالالتزام فينوي فرض الوقت والاقتداء بالإمام أو ينوي الشروع في صلاة الإمام ولو نوى الاقتداء به لا غير قيل لا يجزئه والأصح أنه يجوز لأنه جعل نفسه تبعا للإمام مطلقا والتبعية إنما تتحقق إذا صار مصليا ما صلاه الإمام وقيل متى انتظر تكبير الإمام كفاه عن نية الاقتداء والصحيح أن لا يصير مقتديا بمجرد الانتظار لأنه متردد بين كونه للاقتداء أو بحكم العادة وينبغي أن لا يعين الإمام خشية بطلان الصلاة بظهوره خلافه ولو ظنه زيدا فإذا.
ــ.
أنه بدعة حسنة عند قصد جمع العزيمة اهـ قال في الفتح بعد قول الهداية أنه حسن لإجتماع عزيمته اهـ وقد يفهم أنه لا يحسن لغير هذا القصد قوله: "لم يرد بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم" قال العلامة نوح وكذا القائل بالإستحباب لعله أراد به الأمر المحبوب في نظر المشايخ لا في نظر الشارع لأن المستحب قسم من السنة اهـ وفي القهستاني وينبغي أن تكون النية بلفظ الماضي ولو فارسيا لأنه الغالب في الإنشاآت فيقول نويت صلاة كذا اهـ ملخصا قوله: "أما النية المشتركة" المراد نية أصل الصلاة لأن الصلاة المطلقة تصلح للفرض والواجب والسنة والنفل وبه علم أن الإشتراك في المنوي لا في النية والمراد أنها مشتركة بين المقتدي والإمام والمنفرد وهو على حذف مضاف تقديره إما إشتراط النية قوله: "فلما تقدم" من تمييز العادة عن العبادة وتحقيق الإخلاص قوله: "فلما يلحقه" إلا وضح أن يقول فلان المتابعة لا توجد إلا بنيتها وأما ما ذكره فهو الأثر المترتب على المتابعة وقوله من فساد صلاة إمامه الأولى زيادة وصحتها قوله: "لأنه بالإلتزام" أي الفساد قوله: "فيه" أي في فرض الوقت قوله: "أو ينوي الشروع في صلاة الإمام" أي مع الإمام وهذه النية تضمنت نية أصل الصلاة ونية المتابعة والتعيين والأولان ظاهران ووجه الأخير إنه نوى صلاة الإمام المعينة عنده وفي الشرح عن الذخيرة وقاضيخان لو نوى الجمعة ولم ينو الإقتداء بالإمام فإنه يجوز لأن الجمعة لا تكون إلا مع الإمام اهـ قوله: "ولو نوى الإقتداء به" أي في الصلاة قوله: "مطلقا" أي في أصل الصلاة ووصفها والمعنى أنه لم يقيد إقتداءه بأصلها قوله: "ما صلاه الإمام" أي أصلا ووصفا قوله: "لأنه متردد الخ" ولأنه لا يلزم من الإنتظار نية المتابعة وهي شرط والضمير في لأنه للمنتظر وفي كونه للانتظار1 خشية بطلان الصلاة بظهور خلافه لأن العبرة.
1 خشية بطلان هكذا في الأصل وهو منقطع عما قبله فلعل هنا سقطا من الناسخ كتبه مصححه.
هو عمرو لا يضر كما لو لم يخطر بباله أنه زيد أو عمرو وقيدنا بالمقتدي لأنه لا يشترط نية الإمامة للرجال بل للنساء "و" السادس من شروط صحة التحريمة "تعيين الفرض" في ابتداء الشروع حتى لو نوى فرضا وشرع فيه ثم نسي فظنه تطوعا فأتمه على ظنه فهو فرض مسقط وكذا عكسه يكون تطوعا ولا يشترط نية عدد الركعات ولاختلاف تزاحم الفروض شرط تعيين ما يصليه كالظهر مثلا ولو نوى فرض الوقت صح إلا في الجمعة ولو جمع بين نية فرض ونفل صح للفرض لقوته عند أبي يوسف وقال محمد لا يكون داخلا في شيء منهما للتعارض ولو نوى نافلة وجنازة فهي نافلة ولو نوى مكتوبة وجنازة فهي مكتوبة "و" السابع منها "تعيين الواجب" أطلقه فشمل قضاء نفل أفسده والنذر والوتر وركعتي الطواف والعيدين لاختلاف الأسباب وقالوا: في العيدين والوتر ينوي صلاة العيد والوتر من غير
ــ.
لما نوى اهـ قوله: "كما لو لم يخطر بباله أنه زيد" فإنه يصح إقتداؤه لأن العبرة لما نوى وهو نوى الإقتداء بالإمام قوله: "لأنه لا يشترط نية الإمامة" لأنه منفرد في حق نفسه ألا يرى أنه لو حلف أن لا يؤم أحدا فصلى خلفه جماعة لم يحنث لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد كذا في الشرح قوله: "تعيين الفرض" ولو قضاء فلا يكفيه أن يقول نويت الفرض كما في العناية لأنه متنوع والوقت صالحل للكل فلا بد من التعيين ليمتاز ما يؤديه قوله: "فهو فرض مسقط" لأن النية المعتبرة ما قارنت الجزء الأول قوله: "وكذا عكسه" الأولى حذف قوله كذا قوله: "ولا يشترط نية عدد الركعات" لأن الفروض والواجبات محدودة فقصد التعيين يغني عنه حتى لو نوى انفجر أربعا مثلا لغت نية الأربع ويصلي ركعتين فقط لأن الخطأ فيما لا يشترط فيه التعيين لا يضر كما في الأشباه قوله: "ولإختلاف تزاحم الفروض الخ" الأولى حذف إحدى الكلمتين وهو علة قدمت على معلولها قوله: "شرط تعيين ما يصليه" سواء كان إماما أو مقتديا أو منفردا قوله: "إلا في الجمعة" فلا تصح بنية فرض الوقت لأن الوقت الظهر على المذهب قوله: "لقوته" فلا يعارضه الضعيف وهو النفل فتلغو نيته قوله: "فهي نافلة" لأن النافلة أقوى من صلاة الجنازة من جهة أنها صلاة كاملة ذات ركوع وسجود بخلاف الجنازة فتعاد الصلاة على الجنازة إذا كان إماما ويلزمه قضاء ركعتين نفلا لأنه أبطله بسلامه من الجنازة على نية القطع بعدما صح شروعه فيه وليس المبطل للنفل الصلاة على الجنازة لأن زيادة ما دون الركعة لا يبطلها قوله: "فهي مكتوبة" لأنها فرض عين ولأنها صلاة كاملة وإنما ذكر ذلك بعد التي قبلها لأنه ربما يقال إن الحكم الفساد لكونهما فرضين قوله: "والسابع منها تعيين الواجب" ظاهره أن هذه الشروط تجتمع كلها في صلاة واحدة وليس كذلك فإن الصلاة لا تنوي فرضا وواجبا منعا وكذلك الوقت واعتقاد دخوله لا يأتي إلا في الفرض وكذا الإتيان قائما بالتحريمة والحاصل أن هذه الشروط لا تأتي في كل صلاة قوله:
تقيد بالواجب للاختلاف فيه وفي سجود السهو لا يجب التعيين في السجدات وفي التلاوة بعينها لدفع المزاحمة من سجدة الشكر والسهو.
"تنبيه" لتتميم عدد شروط صحة التحريمة: الثامن كونها بلفظ العربية للقادر عليها في الصحيح. التاسع أن لا يمد همزا فيها ولا باء أكبر وإشباع حركة الهاء من الجلالة خطأ لغة ولا تفسد به الصلاة وكذا تسكينها. العاشر أن يأتي بجملة تامة من مبتدأ وخبر. الحادي عشر أن يكون بذكر خالص لله. الثاني عشر أن لا يكون بالبسملة كما سيأتي. الثالث عشر أن لا يحذف الهاء من الجلالة. الرابع عشر أن يأتي بالهاوي وهو الألف في اللام الثانية فإذا
ــ
"والنذر" أي المطلق والمقيد هو بالنصب عطفا على قضاء قوله: "لإختلاف الأسباب" علة لإشتراط تعيين الواجب أي ولا يكون مؤديا لمسبب سبب إلا بتعيينه قوله: "ينوي صلاة العيد والوتر" أي ويكون ذلك تعيينا ولو من غير تقييد بالواجب وليس المراد أنه ممنوع عن نية الواجب بل أنه لا يلزمه ذلك للإختلاف قوله: "لا يجب التعيين في السجدات" لعله للإستغناء عنه بإتصاله بالصلاة وبوقوعه في حرمتها والأولى أن يقول لعدم التعيين فيه كما أن الأولى أن يثني الضمير في قوله للإختلاف فيه ليعود على العيد والوتر قوله: "وفي التلاوة يعينها" أي يعين أنها للتلاوة ولا يلزمه تعيين أفراد السجدات لأفراد الآيات وقوله يعبنها بالباء التحتية مضارع عين قوله: "كونها بلفظ العربية" أي كون تكبيرة الإحرام الخ والمراد ما يعم التكبير وغيره من كل ما دل على التعظيم حتى لو بشرع بالتسبيح أو التهليل فإنه يصح بشرط كونه بالعربية قوله: "للقادر عليها" أما العاجز عنها فلا خلاف في صحة شروعه بما قدر عليه من اللغات قوله: "في الصحيح" هو قولهما أولا وقال الإمام يصح شروعه بغير العربية ولو مع القدرة عليها ووقع للعيني مثل ما وقع للشرح ونفل في الدر عن التتارخانية أن الشروع بالفارسية كالتلبية يجوز مطلقا إتفاقا قال وظاهر رجوعهما إليه لا هو إليهما في الشروع كرجوعه إليهما في القراءة حيث لا تجوز بغير العربية إلا للعاجز أفاده السيد قوله: "التاسع أن لا يمد همزا فيها" فبه لا يكون شارعا في الصلاة وتبطل الصلاة بحصوله في أثنائها لو صحت أولا قاله المؤلف في شرح رسالته الكنوز قوله: "أن يأتي بجملة تامة من مبتدأ وخبر" هو ظاهر الرواية عن الإمام نقلة في البحر يدوبه قال أبو يوسف ومحمد قاله المؤلف في الشرح المذكور ويجب أن تكون البداءة بلفظ الله حتى لو قال أكبر الله لا تصح عنده بزازية والأولى حذف قوله من مبتدأ وخبر لأنهما لا يشترطان وذلك لصحة الشروع بلا إله إلا الله وبسبحان الله مع الكراهة قوله: "أن يكون بذكر خالص لله تعالى" فلو شرع بنحو اللهم اغفر لي لا يصح لأنه ليس بثناء خالص بل مشوب بحاجته قال السيد قوله: "أن لا يكون بالبسملة كما سيأتي" من أنها للتبرك فكأنه قال بارك الله لي وهو الأصح كما في السراج والأشبه كما في شرح المنية قاله السيد قوله: "الثالث عشر أن لا يحذف الهاء من الجلالة" قال في الشرح المذكور وعن
حذفه لم يصح. الخامس عشر أن لا يقرن التكبير بما يفسده فلا يصح شروعه لو قال الله أكبر العالم بالمعدوم والموجود أو العالم بأحوال الخلق لأنه يشبه كلام الناس ذكر هذا في البزازية وهذا مما من الله سبحانه بالإيقاظ لجمعه ولم أره قبله مجموعا فله الحمد إذ إنعامه وفضله ليس محصورا ولا محظورا ولا ممنوعا "ولا يشترط التعيين في النفل" ولو سنة الفجر في الأصح وكذا التراويح عند عامة المشايخ وهو الصحيح والاحتياط التعيين فينوي مراعيا صفتها بالتراويح أو سنة الوقت "و" يفترض "القيام" وهو ركن متفق عليه في الفرائض والواجبات وحد القيام أن يكون بحيث إذا مد يديه لا ينال ركبتيه وقوله "في غير النفل"
ــ.
ترك هاو والمراد بالهاوي الألف الناشيء بالمد الذي في اللام الثانية من الجلالة فإذا حذفه الحالف أو الذابح أو المكبر للصلاة أو حذف الهاء من الجلالة إختلف في إنعقاد يمينه وحل ذبيحته وصحة تحريمته فلا يترك ذلك إحتياطا قوله: "ذكر هذا الأخير" إسم الإشارة راجع إلى الشرط الأخير قوله: "إذ إنعامه" علة لقوله من بالايقاظ لجمعه ولم أره الخ وكأنه في جواب سؤال حاصله كيف جمعت هذه الشروط ولم تسبق بها قوله: "ولا ممنوعا" تكرار مع ما قبله قوله: "ولا يشترط التعيين في النفل" مراده به ما يعم السنن لأن وقوعها في أوقاتها يغني عن التعيين وبه صارت سنة لا بالتعيين ولا فرق بين أن ينوي الصلاة أو الصلاة لله تعالى لأن المصلي لا يصلي لغير الله تعالى قوله: "والإحتياط التعيين" قاله صاحب المنية وذلك للخروج من خلاف من إشترط في فعل السنة نيتها قال صاحب المغني في التراويح لا يكفيه مطلق النية ولا نية التطوع عند بعض المتأخرين بل يشترط نية التراويح وصححه في الخانية قاله السيد قوله: "أو سنة الوقت" أي سنة فرض الوقت وعليه فينبغي التمييز بين القبلية والبعدية قوله: "ويفترض القيام" على قادر عليه وعلى الركوع والسجود ولا يفوته بقيامه شرط طهارة مثلا ولا قدرة القراءة فلو تعسر عليه القيام أو قدر عليه وعجز عن السجود لا يلزمه لكنه يخير في الثانية بين الإيماء قائما أو قاعدا كما لو كان معه جرح يسيل إذا سجد فإنه يخير كذلك ولو كان بحيث لو قام سلس بوله أو لو قام ينكشف من العورة ما يمنع الصلاة أو بعجز عن القراءة حال القيام وفي القعود لا يحصل شيء من ذلك يجب القعود وكذا إن كان بحيث لو صلى قاعدا قدر على الإتمام وقائما لا ومفروض القيام وواجبه ومسنونه ومستحبه بقدر القراءة فيه كما في سكب الأنهر ويقدر ذلك في نحو الامي فلا بد أن يقف قدر ثلاث آيات قصار على قولهما أو آية طويلة على قول الإمام لتحصيل الفرض وعند سقوط القراءة يسقط التجديد كالقيام في الشفع الثاني من الفرض لأنه لا قراءة فيه فالركن فيه أصل القيام لا إمتداده كما في القهستاني ويكره على إحدى الرجلين إلا لعذر قوله: "وهو ركن متفق عليه" أصلي والقراءة ركن زائد إذ هي زينة القيام ولهذا يتحمل الإمام القراءة دون القيام قاله في الشرح.
متعلق بالقيام فلا يلزم في النفل كما سنذكره إن شاء الله تعالى "و" يفترض "القراءة" ولا تكون إلا بسماعها كما تقدم لقوله تعالى: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} وهي ركن زائد على قول الجمهور لسقوطها بلا ضرورة عن المقتدى عندنا وعن المدرك في الركوع إجماعا "و" بالنص كانت القراءة فرضا و "لو" قرأ "آية" قصيرة مركبة من كلمتين كقوله تعالى: ثم نظر في ظاهر الرواية وأما الآية التي هي كلمة كمدهامتان أو حرف ص ن ق أو حرفان حم طس
ــ.
قوله: "والواجبات" ظاهره شمول قضاء النفل الذي أفسده وكذا المنذور وإن لم ينص على القيام فيه على أحد قولين قوله: "وحد القيام" أي حد أدناه وتمامه بالإنتصاب كالقنا وهو بهذه الصفة مما يورث الخشوع في الصلاة كما ذكره العارف بالله تعالى سيدي أحمد زروق في نصيحته قوله: "متعلق بالقيام" لو يفترض الذي قدره الشرح قوله: "كما سنذكره" من أن مبناه على التوسع قوله: "ولا تكون إلا بسماعها" إلا لمانع كصمم أو جلية أصوات أو نحو ذلك من العوارض المانعة لصحة الحاسة عن السماع واكتفى الكرخي بمجرد تصحيح الحروف وإن لم يسمع نفسه لأن القراءة فعل اللسان والسماع فعل الصماخ دون اللسان فليس من مورد القراءة قال في البدائع وقول الكرخي أصح وأقيس وبعضهم نسبه إلى أبي يوسف والمعتمد الأول وخفض صوته ببعض الحروف بحيث لا يسمع نفسه مقتصرا لا تفسد به الصلاة على الصحيح لعموم البلوى كما في المضمرات عن الذخيرة ومحلها القيام ولو حكما كالقعود لعذر أو في نافلة فلو قرأ في ركوع أو سجود أو قعود لم يكن بدلا عن قيام لا يسقط بها الواجب ويكره تحريما لأنه تغيير المشروع وإن كان ساهيا وجب عليه سجود السهو قوله: لقوله تعالى: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} وجه الدلالة أن الأمر يقتضي الوجوب والقراءة لا تجب خارج الصلاة بالإجماع فتعين الأمر في الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بقراءة" رواه مسلم من حديث أبي هريرة وعليه إنعقد الإجماع ولا عبرة عن خرق الإجماع كأبي بكر الأصم بقوله القراءة في الصلاة ليست فرضا أصلا بل سنة اهـ قوله: "وهي ركن زائد على قول الجمهور" وقال الغزنوي صاحب الحاوي القدسي أنها فرض ولست بركن قوله: "لسقوطها بلا ضرورة" أشار به إلى الفرق بين الركن الزائد وغيره وهو الأصلي فإنه إنما يسقط في بعض الأحوال لضرورة لكن إلى خلف والزائد ما يسقط لا إلى خلف وقال في الشرح الزائد هو الجزء الذي إذا انتفى كان الحكم المركب باقيا بحسب إعتبار الشرع وعلى هذا لو حلف لا يصلي فأحرم وقام وركع وسجد بلا قراءة حنث قال السيد اعترض بأن في تسمية القراءة ركنا زائدا تدافعا وأجيب بأنها ركن بإعتبار إنتفاء الماهية في حالة وزائد لقيامها أي الماهية بدون القراءة في أخرى فمن حيث فساد الصلاة بترك القراءة فيها حالة الإنفراد مع القدرة عليها تكون ركنا ومن حيث صحة صلاة المقتدي مع ترك القراءة تكون زائدا اهـ قوله: "وبالنص كانت الخ" النص هو الآية المتقدمة لأن المراد قراءة القرآن حقيقة.
أو حروف حمعسق كهيعص فقد اختلف المشايخ والأصح أنه لا تجوز بها الصلاة وقال القدوري الصحيح الجواز وقال أبو يوسف ومحمد الفرض قراءة آية طويلة أو ثلاث آيات قصار وحفظ ما تجوز به الصلاة من القرآن فرض عين وحفظ الفاتحة وسورة واجب على كل مسلم وحفظ جميع القرآن فرض كفاية وإذا علمت ذلك فالقراءة فرض "في ركعتي فرض" أي ركعتين كانتا ولا تصح بقراءته في ركعة واحدة فقط خلافا لزفر والحسن البصري لأن الأمر لا يقتضي التكرار قلنا نعم لكن لزمت في الثانية لتشاكلهما من كل وجه فالأولى بعبارة النص والثانية بدلالته "و" القراءة فرض في "كل" ركعات "النفل" لأن كل شفع منه صلاة على حدة "و" القراءة فرض في كل ركعات "الوتر" أما كونه
ــ.
وقال بعض المفسرين المراد من الآية الصلاة بدليل السياق والأول أولى لأن الحمل على الحقيقة أولى قوله: "ولو قرأ آية" هي لغة العلامة وعرفا كل جملة دالة على حكم من أحكام الله تعالى أو كل كلام منفصل عما قبله وبعده بفصل توقيفي لفظي اهـ قوله: "في ظاهر الرواية" عن الإمام وفي رواية أخرى عنه هو غير مقدر بشيء بل يكفي أدنى ما يتناوله إسم القرآن وبه جزم القدوري وعنه رواية ثالثة أنه ثلاث آيات قصار أو آية طويلة تعد لها وهو قولهما وجعله في الخلاصة وغيرها قوله الأول اهـ قوله: "وأما الآية التي هي كلمة" اعلم أن الكوفيين عدوا ألم في مواضعها والمص وكهيعص وطه وطسم ويس وحم آية وحم عسق آيتين قال البيضاوي كالزمخشري وهذا التوقيف لا مجال للرأي فيه وأما غير الكوفيين فليس شيء منها عندهم بآية قوله: "أو حرف ص" هو وما بعده على حذف كاف التمثيل قوله: "أو حروف حم عسق" قد علمت أن الكوفيين عدوها آيتين قوله: "فقد اختلف المشايخ" أي على قول الإمام قوله: "وقال أبو يوسف ومحمد الخ" رجحه في الأسرار والإحتياط قولهما وهو مطلوب لا سيما في العبادات قوله: وإذا علمت ذلك أي افتراض القراءة والخلاف فالقراءة الخ أي فاعلم أن ذلك إنما هو في ركعتين قوله: "في ركعتي الفرض" الثنائي والثلاثي والرباعي ومحل الأداء ركعتان غير متعينتين كما قاله الشرح قال القهستاني هو قول البعض والصحيح أن الأوليين متعينتان على سبيل الفرض حتى لو تركها في الأوليين وأتى بها في الأخيرتين كان قضاء كما في التحفة وقال ابن أمير حاج وهو قول الجمهور وهو الصحيح وعليه مشى في الذخيرة ومحيط رضي الدين وقاضيخان في شرح الجامع الصغير قوله: "لتشأ كلهما من كل وجه" فإن الثانية مثل الأولى وجوبا وسقوطا وجهرا وإخفاء وأما الأخريان فيفارقانهما في حق السقوط بالسفر وصفة القراءة وقدرها فلا يلحقان بهما وأما إفتراق الأولى والثانية في حق تكبيرة الأحرام والتعوذ والثناء فليس بقادح لأن المشاكلة إنما تعتبر فيما يرجع إلى نفس الصلاة وأركانها أما التكبيرة فشرط وهو زائد والتعوذ والثناء زائدان
سنة فظاهر وعلى وجوبه للاحتياط "ولم يتعين شيء من القرآن لصحة الصلاة" لإطلاق ما تلونا وقلنا بتعين الفاتحة وجوبا كما سنذكره "ولا يقرأ المؤتم بل يستمع" حال جهر الإمام "وينصت" حال إسراره لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وقال صلى الله عليه وسلم: "يكفيك قراءة الإمام جهر أم خافت" واتفق الإمام الأعظم وأصحابه والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل على صحة صلاة المأموم من غير قراءته شيئا وقد بسطته بالأصل "و" قلنا "إن قرأ" المأموم الفاتحة وغيرها "كره" ذلك "تحريما" للنهي "و" يفترض "الركوع" لقوله
ــ.
أيضا فلا يضر الإفتراق فيها أفاده في النهر قوله: "في كل ركعات النفل" المراد به ما زاد على الفرائض ولو كان مؤكدا قوله: "صلاة على حدة" لتمكنه من الخروج على رأس الركعتين لأن الأصل في مشروعية الصلاة مثنى ولزوم الزيادة إنما يظهر في الفرائض فيبقى النفل على أصل المشروعية قوله: "وعلى وجوبه" أي أو فرضيته كذا في الشرح قوله: "للإحتياط" لأن كونه فرضا عملا كما هو قول الإمام يوجب القراءة في الأوليين فقط وكونه سنة مؤكدة كما هو قولهما يوجبها في الجميع فعملنا بالإحتياط لأن ترك القراءة في ركعة من السنة يفسدها ولأن يؤدي المكلف ما ليس عليه أولى من تركه ما عليه ذكره ابن أميرحاج قوله: "لإطلاق ما تلونا" وهو الآية السابقة فإن المأمور به قراءة ما تيسر والتعين ينفي التيسر قوله: "كما سنذكره" من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" ولا تجوز به الزيادة على الكتاب لأنه خبر آحاد وهو يثبت الوجوب دون الركنية قوله: "بل يستمع حال جهر الإمام الخ" أشار به إلى أن في الآية توزيعا قوله: لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} الآية" قال الإمام أحمد أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة وما في شرح الكافي للبزدوي أن القراءة خلف الإمام على سبيل الإحتياط تسن عند محمد وتكره عندهما وما قاله الشيخ الإمام أبو حفص النسفي أن كان في صلاة الجهر تكره قراءة المأموم عندهما وقال محمد لا تكره بل تستحب وبه نأخذ لأنه أحوط وهو مذهب الصديق والفاروق والمرتضى اهـ فقد صرح الكمال برده وعبارته وما يروي عن محمد أنه يستحب على سبيل الاحتياط فضعيف والحق أن قول محمد كقولهما وصرح محمد في كتبه بعدم القراءة خلف الإمام بعدما أسند إلى علقمة بن قيس أنه ما قرأ قط فيما يجهر فيه وفيما لا يجهر قال أي محمد وبه نأخذ لا نرى القراءة خلف الإمام في شيء من الصلاة يجهر فيه أو لا يجهر وقال السرخسي تفسد صلاته بالقراءة في قول عدة من الصحابة اهـ وقال في الكافي ومنع المقتدي عن القراءة مأثور عن ثمانين نفرا من كبار الصحابة منهم المرتضى والعبادلة رضي الله تعالى عنهم وقد دون أهل الحديث أساميهم اهـ ثم قال المحقق ابن الهمام ثم لا يخفى أن الاحتياط في عدم القراءة خلف الإمام لأن الاحتياط هو العمل بأقوى الدليلين وليس مقتضى أقواهما القراءة بل المنع اهـ ويلزم منه فساد الصلاة عند من هو أفضل من مجتهد قال بهما بدرجات كثيرة ولا يجوز الاحتياط على وجه يلزم منه
تعالى: {ارْكَعُوا} وهو الانحناء بالظهر والرأس جميعا وكما له تسوية الرأس بالعجز وأما التعديل فقال أبو يوسف والشافعي بفرضيته وقال أبو مطيع البلخي تلميذ الإمام أبي حنيفة
ــ.
فساد صلاته عند واحد من الصحابة اهـ أفاده في الشرح قوله: "وقلنا الخ" أي قلنا بذلك مخالفين للإمام مالك وأحمد للنهي قوله: "كره ذلك" تحريما وفي بعض الروايات أنها لا تحل خلف الإمام وإنما لم يطلقوا إسم الحرمة عليها لما عرف من أصلهم أنه إذا لم يكن الدليل قطعيا لا يطلقون لفظ الحرمة وإنما يعبرون بالكراهة قوله: "للنهي" عنه بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقرأ أحد منكم شيئا من القرآن إذا جهرت بالقرآن" ولا نقول بمفهوم المخالفة ويقول زيد بن ثابت لا قراءة مع الإمام في شيء وروي من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة وروي عن عمر ليث في الذي يقرأ خلف الإمام حجرا وروى عنه صلى الله عليه وسلم: "من قرأ خلف الإمام ففي فيه جمرة" وقال من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة وفي شرح منية المصلي والدرة المنفية عن القنية الأصل أن الإستماع للقرآن فرض كفاية لأنه لإقامة حقه بأن يكون ملتفتا إليه غير مضيع وذلك يحصل بإنصات البعض كما في رد السلام حيث كان لرعاية حق المسلم يكفي فيه البعض عن الكل فينبغي أن يحل لبعض المقتدين أن يقرأو ويترك الإستماع لقيام البعض الآخر به إلا أنا قلنا حالة الصلاة مخصوصة بما قدمناه من الأحاديث الواردة في النهي عن ذلك مطلقا فيجب الإستماع والإنصات على الكل كما في غاية البيان وقالوا: الواجب على القارىء إحترام القرآن بأن لا يقرأ في الأسواق ومواضع الإشتغال فإذا قرأ فيها كان هو المضيع لحرمته فيكون الإثم عليه دون أهل الإشتغال دفعا للحرج في إلزامهم ترك أسبابهم المحتاج إليها وصرح علماؤنا بكراهة الدعاء والإستغفار حال قراءة القرآن وكذا كل ما يشغله عن الإستماع فلا يرد سلاما ولا يشمت عاطسا لما فيه من الإخلال بفرض الإستماع ولا يترك ما عليه لما ليس عليه أو لتحصيل فضيلة ولأنه يحصل بالإستماع والإنصات ما هو المقصود للداعي لأن الله تعالى وعدهم بالرحمة فقال: لعلكم ترحمون ودعاؤه في حال الإستماع ربما لا يستجاب لمخالفته لأمره تعالى ومنه يعلم حكم ما يفعله بعض الناس من الدعاء عند سماع نحو قوله تعالى ادعوني أستجب لكم أجيب دعوة الداع إذا دعان وكذا يمنع القارىء من الدعاء إذا كان في صلاة فرض مطلقا أو نفل ولو إماما لأن الدعاء في الفرض لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الأئمة بعده فكان بدعة محدثة وشر الأمور محدثا بها كما في السراج وأما في النفل للإمام فلأن فيه تطويلا على القوم وقد نهى عنه كما في التبيين وهذا يقتضي أنه لو أم من يطلب منه ذلك فعله لحديث حذيفة رضي الله تعالى عنه صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل فما مر بآية فيها ذكر الجنة إلا وقف وسأل الله الجنة وما مر بآية فيها ذكر النار إلا وقف وتعوذ من النار ويندب ذلك للمنفرد فيطلب الرحمة ويتعوذ من النار عند ذكرهما ويتفكر في آية المثل كما في النهر وغيره قوله: "لقوله تعالى
رحمه الله تعالى لو نقص من ثلاث تسبيحات الركوع والسجود لم تجز صلاته والأحدب إذا بلغت حدوبته الركوع يشير برأسه للركوع لأنه عاجز عما هو أعلى منه "و" يفترض "السجود" لقوله تعالى: {وَاسْجُدُوا} وبالسنة وبالإجماع والسجدة إنما تتحقق بوضع الجبهة لا الأنف وحده مع وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف أصابع إحدى القدمين على
ــ.
{ارْكَعُوا} ولورود السنة به وللإجماع عليه قوله: "وهو الإنحناء بالظهر والرأس جميعا" هذا معناه الشرعي ومعناه لغة مطلق الإنحناء والميل يقال ركعت النخلة إذا مالت وأدناه شرعا إنحناء الظهر بحيث لو مد يديه ينال ركبتيه وفي البدائع روى الحسن عن أبي حنيفة فيمن لم يقم أي يعدل صلبه في الركوع إن كان إلى القيام أقرب من تمام الركوع لم يجزه وإن كان أقرب إلى تمام الركوع من القيام أجزأه إقامة للأكثر مقام الكل اهـ ومثله في السراج عن الكرخي قال المحقق ابن أمير حاج وذلك لأن الركوع إنحناء الظهر كما تقدم وإذا وجد بعض الإنحناء دون البعض ترجح الأكثر وصارت العبرة له اهـ وإنما يكون إلى تمام الركوع أقرب إذا كان بحيث تنال يداه ركبتيه وتمامه هو أن يبسط ظهره ويساوي رأسه بعجزه ولا يكون أقرب إلى هذه الحالة بدون ما ذكرنا وفي شرح المختار الركوع يتحقق بما ينطلق عليه الإسم لأنه عبارة عن الإنحناء وفي الحاوي فرض الركوع إنحناء الظهر وفي التحفة قدر المفروض في الركوع هو أصل الإنحناء اهـ وعلى ما في هذه المعتبرات يصح الركوع وإن لم تنل يداه ركبتيه والاحتياط الأول وفي الحموي فإن ركع جالسا ينبغي أن تحاذي جبهته ركبتيه ليحصل الركوع اهـ ولعل مراده إنحناء الظهر عملا بالحقيقة لا أنه يبالغ فيه حتى يكون قريبا من السجود قوله: "وأما التعديل" أي الطمأنينة بمقدار تسبيحة واحدة وصحح قول أبي يوسف بعض أهل المذهب فالإحتياط في مراعاته كما أن الإحتياط في مراعاة قول أبي مطيع البلخي في التسبيح قوله: "لم تجز صلاته" قاس الركوع على القيام فوجب أن يحله ذكر مفروض كما أن القراءة تحل بالقيام أفاده في الشرح قوله: "يشير برأسه للركوع" ولو قليلا تحقيقا للإنتقال فإنه القدر الممكن في حقه ولا يلزمه غير ذلك ولا تجزيه حدوبته عن الركوع لأنه كالقائم ذكره الحدادي والحلبي قوله: "عما هو أعلى" أي من الإشارة وهو بسط الظهر مع الرأس والأولى في التعليل ما قدمناه قوله: "ويفترض السجود" المراد منه الجنس أي السجدتان وكونه كذلك ثبت بالسنة والإجماع وهو أمر تعبدي لم يطلع على حكمته كعدد الركعات وذكر بعضهم له حكما عديدة وستأتي ويحتمل أن المراد السجدة الأولى لما يأتي متنا من قوله ويفترض العود إلى السجود قوله: "واسجدوا" قيل كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود فنزل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] قوله: "وبالسنة والإجماع" الأولى التعبير باللام كما في الشرح قوله: "إنما تتحقق بوضع الجبهة" قال في المجتبى ولو سجد على طرف من أطراف الجبهة جاز وفي
طاهر من الأرض وإلا فلا وجود لها ومع ذلك البعض تصح على المختار مع الكراهة
ــ.
المعراج عن أبي جعفر وضع جميع أطراف الجبهة ليس بشرط إجماعا فإذا إقتصر على بعض الجبهة جاز وإن قل كما في البحر وما في التجنيس1 عن نصير لو سجد على حجر صغير إن كان أكثر الجبهة على الأرض جاز وإلا فلا اهـ ضعيف بل يكفي وضع أقل جزء منها نعم وضع الأكثر واجب لمواظبته صلى الله عليه وسلم على تمكين الجبهة والأنف من الأرض ولا بد أن يكون الوضع على وجه التعظيم فخرج وضع الجبهة مع رفع القدمين لأنه تلاعب وليس بتعظيم وخرج وضع الخد والصدغ ومقدم الرأس والذقن لأنها غير مرادة بالإجماع لأن التعظيم لم يشرع بوضعها فلا يتأدى بذلك فرض السجود مطلقا ولو بعذر بل معه يجب الإيماء بالرأس لأن جعل غير المسجد مسجدا بدون إذن الشرع لا يجوز قال شيخ الإسلام متى عجز عن السجود على ما عين محلا للسجود سقط عنه السجود وينتقل فرضه للإيماء قوله: "لا الأنف وحده" أي بغير عذر وأما به فيجوز وهذه رواية عن الإمام وبها أخذ الصاحبان وأما الإقتصار على الجبهة فيصح مطلقا بالإتفاق وفي رواية عن الإمام يصح الإقتصار على أدنى جزء من أحدهما مطلقا بعذر بدونه وهو الصحيح من مذهب الإمام كما في العيني على البخاري له ما في السنن الأربعة عن العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه" اهـ قال في الكافي والسجود بكل الوجه متعذر فكان المراد بعضه والأنف وسط الوجه فإذا سجد عليه كان ممتثلا كما لو سجد على الجبهة لأنه إنما جاز الإقتصار على الجبهة لأنها بعض الوجه وهو المأمور به والأنف بعضه أيضا فجاز الإقتصار عليه كما في ابن أميرحاج قال في الفتح وجعل بعض المتأخرين الفتوى على الرواية الموافقة لقولهما لم يوافقه دراية ولا القوى من الرواية كما علمته اهـ ومن ثم قال في الهداية والوجه ظاهر للإمام اهـ قوله: "وشيء من أطراف أصابع إحدى القدمين" يصدق ذلك بإصبع واحدة قال في الخلاصة وأما وضع القدم على الأرض في الصلاة حال السجدة ففرض فلو وضع إحداهما دون الأخرى تجوز صلاته كما لو قام على قدم واحد ووضع القدم موضع أصابعه ويكفي وضع إصبع واحدة وفي الفتح عن الوجيز وضع القدمين فرض فإن وضع إحداهما دون الأخرى جاز ويكره فإن وضع ظاهر قدميه أو رؤس الأصابع لا يصح لعدم الإعتماد على شيء من رجليه وما لا يتوصل للفرض إلا به فهو فرض وهذا مما يجب التنبه له وأكثر الناس عنه غافلون وهذا هو الموافق لما في مختصر الكرخي معللا بأن الوضع بدون توجيه وضع لظاهر القدم وهو غير معتبر وفي خزانة المفتين أن ذلك مكروه فقط كما في مجمع الأنهر وفي البحر ونص صاحب الهداية في التجنيس على أنه لو لم يوجه
1 قوله عن نصير في نسخة عن ابن نصير اهـ مصححه.
وتمام السجود بإتيانه بالواجب فيه ويتحقق بوضع جميع اليدين والركبتين والقدمين والجبهة والأنف كما ذكره الكمال وغيره ومن شروط صحة السجود "كونه على ما" أي شيء "يجد" الساجد "حجمه" بحيث لو بالغ لا تتسفل رأسه أبلغ مما كان حال الوضع فلا يصح السجود على القطن والثلج والتبن والأرز والذرة وبزر الكتان "و" الحنطة والشعير "تستقر عليه جبهته" فيصح السجود لأن حباتها يستقر بعضها على بعض لخشونة ورخاوة والجبهة اسم لما يصيب الأرض مما فوق الحاجبين إلى قصاص الشعر حالة السجود "و" يصح السجود و "لو" كان على "كفه" أي الساجد في الصحيح "أو" كان السجود على "طرف ثوبه" أي الساجد ويكره بغير عذر كالسجود على كور عمامته "إن طهر محل وضعه" أي الكف أو الطرف على الأصح لاتصاله به "وسجد وجوبا بما صلب من أنفه" لأن أرنبته ليست محل السجود. ولما كان شرط كمال لا شرط صحة قال: "و" يسجد "بجبهته ولا يصح الاقتصار على الأنف" في الأصح "إلا من عذر بالجبهة" لأن الصح أن الإمام رجع إلى موافقة
ــ.
الأصابع نحو القبلة يكون مكروها اهـ قوله: "ومع ذلك البعض" وهو وضع الجبهة مع وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف الخ قوله: "بإتيانه" أي المكلف أو السجود فهو من إضافة المصدر إلى فاعله والباء في قوله بالواجب للتعدية أو إلى مفعوله والباء للمصاحبة قوله: "والقدمين" أي أطراف أصابعهما قوله: "والجبهة" أي ما أمكن منها قوله: "على ما يجد حجمه" أي بينه كما في الفتح ولو كان بمعنى الأرض كسرير وعجلة على الأرض قوله: "فلا يصح السجود على القطن الخ" أي إلا إذا وجد اليبس وكذا كل محشو كفرش ووسادة قوله: "والأرز والذرة" لأن هذه الأشياء لملامة ظاهرها وصلابة أجسامها لا يستقر بعضها على بعض فلا يمكن إنتهاء التسفل فيها واستقرار الجبهة عليها إلا إذا كانت في وعاء قوله: "لخشونة" أي في حياتها ورخاوة أي في أجسامها قوله: "والجبهة الخ" وعرفها بعضهم بما اكتنفه الجبينان كما في الشرح وهما تثنية جبين وهو ما يحاذي النزعة إلى الصدغ عن يمين الجبهة وشمالها فتكون الجبهة بين الجبينين قوله: "ويكره بغير عذر" أما بعذر فلا يكره لما في الكتب الستة عن أنس رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف ثوبه في شدة الحر مكان السجود قوله: "كالسجود على كور عمامته" أي الكائن على جبهته فإنه يصح مع الكراهة بغير عذر أما لو كان على رأسه فقط وسجد عليه مقتصرا ولم يصب الأرض شيء من جبهته فلا يصح لعدم السجود على محله والكور بفتح الكاف كثوب أحد أدوار العمامة كما في المغرب قوله: "على الأصح" مقابله قول المرغيناني الصحيح الجواز إذا كان ما تحته نجسا قال الكمال وليس بشيء قوله: "لإتصاله به" أي فأخذ حكمه فكأنه وضع جبهته على الأرض فيشترط حينئذ الطهارة والظاهر أنه يشترط طهارة مقدار الجبهة لا موضع طرف الكم بتمامه ويحرر قوله: "لأن أرنبته ليست محل السجود"
صاحبيه في عدم جواز الشروع في الصلاة بالفارسية لغير العاجز عن العربية وعدم جواز القراءة فيها بالفارسية وغيرها من أي لسان غير عربي لغير العاجز عن العربية وعدم جواز الاقتصار في السجود على الأنف بلا عذر في الجبهة لحديث "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة" الحديث "و" من شروط صحة السجود "عدم ارتفاع محل السجود عن موضع القدمين بأكثر من نصف ذراع" لتتحقق صفة الساجد والارتفاع القليل لا يضر "وإن زاد على نصف ذراع لم يجز السجود" أي لم يقع معتدا به فإن فعل غيره معتبرا صحت وإن انصرف من صلاته ولم يعده بطلت "إلا" أن يكون ذلك "لزحمة سجد فيها على ظهر مصل صلاته" للضرورة فإن لم يكن ذلك السجود عليه مصليا أو كان في صلاة أخرى لا يصح السجود "و" من شروط صحة السجود "وضع" إحدى "اليدين و" إحدى "الركبتين في الصحيح" كما قدمناه "و" وضع "شيء من أصابع الرجلين" موجها بباطنه نحو القبلة "حالة السجود على الأرض ولا يكفي" لصحة السجود "وضع ظاهر القدم" لأنه ليس محله لقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم من الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين" متفق عليه. وهو اختيار الفقيه واختلف في الجواز مع وضع قدم واحدة "و" يشترط لصحة الركوع والسجود "تقديم الركوع على السجود" كما يشترط تقديم القراءة على ركوع لم يبق بعده قيام يصح به
ــ
فإن إقتصر عليها لا يجوز إجماعا كما في السراج عن المستصفي قوله: "في عدم جواز الشروع في الصلاة بالفارسية" نقل في الدر عن التتارخانية أن الشروع بالفارسية كالتلبية يجوز إتفاقا أي لغير العاجز فظاهره رجوعهما إليه لا هو إليهما وهذا عكس القراءة فإنه رجع إليهما قوله: "وعدم جواز الإقتصار في السجود على الأنف الخ" قد علمت ما قاله الكمال وصاحب الهداية قوله: "لحديث أمرت الخ" روي الحديث بروايات عديدة منها رواية العباس وفيها ذكر الوجه لا الجبهة وقد سبق قوله: "والإرتفاع القليل" وهو ما كان نصف ذراع فأقل قوله: "على ظهر مصل صلاته الخ" وشرط في الكفاية كون ركبتي الساجد على الأرض وشرط في المجتبى سجود المسجود عليه على الأرض فحملة الشروط خمسة بل ستة بزيادة الزحام لكن في القهستاني عن الأصل أنه يجوز ولو على ظهر غير المصلي ونقل الزاهدي جوازه على ظهر كل مأكول وفي القهستاني عن صدر القضاة أنه يجوز وإن كان سجود الثاني على ظهر الثالث وفيه أنه في هذه الحالة يكون الساجد الثالث في صفة الراكع أو أزيد ونقل عن الجلابي أنه يستحب التأخير حتى يزول الزحام اهـ قوله: "وهو اختيار الفقيه" وقيل إن وضع اليدين والركبتين سنة وعليه يقال أن الحديث يقتضي وجوب السجود على الأعضاء السبعة المصرح بها فيه ولم يقولوا به والجواب أن الإستدلال بهذا الحديث إنما هو على أن محل السجود هذه الأعضاء لا أن وضع جميعها لازم لا محالة فوضع اليدين والركبتين سنة عندنا
فرض القراءة "و" يشترط "الرفع من السجود إلى قرب القعود على الأصح" عن الإمام لأنه يعد جالسا بقربه من القعود فتتحقق السجدة بالعودة بعده إليها وإلا فلا. وذكر بعض المشايخ أنه إذا زايل جبهته عن الأرض ثم أعادها جازت ولم يعلم له تصحيح. وذكر القدوري أنه قدر ما ينطق عليه اسم الرفع وجعله شيخ الإسلام أصح أو ما يسميه الناظر رافعا "و" يفترض
ــ.
لتحقق السجدة بدونها لأن الساجد إسم لمن وضع الوجه على الأرض وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الذي يصلي وهو عاقص شعره كمثل الذي يصلي وهو مكتوف" فالتمثيل يدل على نفي الكمال لا الجواز كما في العناية قوله: "واختلف في الجواز" وظاهر ما في مختصر الكرخي والمحيط والقدوري عدم الجواز قاله الزاهدي كذا في الشرح قوله: "ويشترط لصحة الركوع والسجود الخ" مقتضاه أنه إذا ركع قبل أن يقرأ أو سجد قبل أن يركع فسدت وفي الكافي ما يفيده وفيه من سجود السهو لو قدم ركنا عن ركن سجد للسهو وهذا يقتضي وجوب رعاية الترتيب دون فرضيته وفيه تناقض وأجاب صاحب جامع الفصولين العلامة ابن قاضي سماوة في شرح التسهيل بأن معنى فرضية الترتيب توقف صحة الثاني على وجود الأول حتى لو ركع بعد السجود لا يكون السجود معتدا به فيلزمه إعادته ومعنى وجوبه أن الإخلال به لا يفسد الصلاة إذا أعاده ذكره السيد قوله: "لم يبق بعده قيام يصح به فرض القراءة" كما إذا ركع في ثانية الفجر قبل القراءة ولم يقرأ بعد الرفع فإنها تفسد أما إذا ترك القراءة في الأوليين من الرباعية وأداها في الأخيرتين صحت لوجود قيام بعد هذا القيام يصح فيه فرض القراءة وكما إذا قرأ بعد الرفع من الركوع في الصورة السابقة فإنها تصح إذا أعاد الركوع لأنه إنتقض بوجود القراءة بعده فليتأمل قوله: "ويشترط الرفع من السجود الخ" نقل السيد في شرحه عن العلامة مسكين أن القومة من الركوع والجلسة بين السجدتين فرضان عند أبي يوسف ومقتضاه أنه لو ترك القومة أو الجلسة فسدت صلاته عنده خلافا لهما وأما الطمأنينة في الجلسة بين السجدتين فواجبة وذكر المصنف في حاشية الدرر معزيا للبحر ما نصه ومقتضى الدليل وجوب الطمأنينة في الأربعة أي في الركوع والسجود وفي القومة والجلسة ووجوب نفس الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين للمواظبة على ذلك كله وللأمر به في حديث المسيء صلاته ولما ذكره قاضيخان من لزوم سجود السهو بترك الرفع من الركوع ساهيا وكذا في المحيط فيكون حكم الجلسة بين السجدتين كذلك لأن الكلام فيهما واحد والقول بوجوب الكل هو مختار المحقق ابن الهمام وتلميذه ابن أميرحاج حتى قال أنه الصواب وتمامه فيه قوله: "لأنه يعد جالسا بقربه من القعود" لأن ما قارب الشيء يعطي حكمه قوله: "فتحقق السجدة" أي الثانية وقوله بالعود بعده أي بعد القرب من القعود قوله: "وذكر بعض المشايخ الخ" يقرب منه ما رواه الحسن أنه إذا رفع رأسه بقدر ما تمر فيه الريح جاز قوله: "وذكر القدوري" فرع بعضهم عليه أنه لو سجد على مرتفع فأزيل فسجد
"العود إلى السجود" الثاني لأن السجود الثاني كالأول فرض بإجماع الأمة ولا يتحقق كونه كالأول إلا بوضع الأعضاء السبعة ولا يوجد التكرار إلا بعد مزايلتها في السجود الأول فيلزمه رفعها ثم وضعها ليوجد التكرار وبه وردت السنة كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد ورفع رأسه من السجدة الأولى رفع يديه من الأرض ووضعها على فخذيه وقال صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وقال صلى الله عليه وسلم: "إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضعهما وإذا رفعه فليرفعهما" وحكمة تكرار السجود قيل تعبدي وقيل ترغيما للشيطان حيث لم يسجد مرة وقيل لما أمر الله بني آدم بالسجود عند أخذ الميثاق ورفع المسلمون رؤوسهم ونظروا الكفار لم يسجدوا خروا سجدا ثانيا شكرا لنعمة التوفيق وامتثال
ــ.
ثانيا بلا رفع أصلا صح عن الثانية وفيه تأمل قوله: "وجعله شيخ الإسلام أصح" أي في أداء الفرض وأن تحققت معه الكراهة قوله: "أو ما يسميه الناظر رافعا" هذه رواية رابعة عن الإمام وقد علمت الأصح قوله: "ويفترض العود إلى السجود" منه يعلم أن مراده بقوله أولا السجود السجدة الواحدة لا الجنس كما قدمناه قوله: "ولا يتحقق كونه كالأول إلا بوضع الأعضاء السبعة" أي لا يتحقق كونه فرضا كالأول إلا الخ وفيه نظر فإن الفرضية كما قدمه تتحقق بوضع الجبهة وإحدى اليدين والركبتين وشيء من أطراف أصابع القدمين قوله: "إلا بعد مزايلتها مكانها في السجود" فيه نظر فإن الأصح كما قدمه إشتراط الرفع إلى قرب القعود وأما المزايلة فلم يصحح الإكتفاء بها أحد وكلامه يفيد أنه لا بد من مزايلة الأعضاء السبعة مكانها وهو ليس بشرط إلا في الجبهة قوله: "وبه وردت السنة" أي بالرفع ثم الوضع مسلم أن هذا هو السنة وليس ركنا والدليل قاصر على إفادة رفع الرأس واليدين ووضعهما وهو المطلوب ولا يفيد مزايلة جميع أعضاء السجود كما ذكر قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" لا شك في حمل الأمر هنا على الندب وهو غير الدعي قوله: "قيل تعبدي" أي تعبدنا به الحق تعالى ولم نطلع على حكمته كعدد الركعات فنفعله كما أمرنا ولا نطلب في المعنى قوله: "وقيل ترغيما للشيطان" وقيل لما سجد الملائكة لآدم عليه السلام حين أمروا بالسجود له ولم يسجد إبليس فانقلب وجهه إلى ظهره وظهر عليه شعور كشعور الخنازير فسجد الملائكة ثانيا شكر لتوفيق الله تعالى إياهم فأمرنا بالسجدتين متابعة لهم وقيل الأولى لشكر الإيمان والثانية لبقائه وقبل الأولى إشارة إلى أنه خلق من الأرض فالثانية إشارة إلى أنه يعاد فيها قوله: "ويفترض القعود الأخير الخ" أي الذي يقع آخر الصلاة وإن لم يتقدمه أول فشمل الصبح والجمعة وصلاة المسافر واختلف فيه فقيل ركن من الأركان الأصلية وإليه مال يوسف بن عاصم وفي البدائع الصحيح أنه ليس بركن أصلي ومفهومه أنه ركن زائد وهو خلاف الظاهر والظاهر أنه شرط لقولهم لو حلف لا يصلي فقيد الركعة بالسجدة يحنث
الأمر "و" يفترض "القعود الأخير" بإجماع العلماء وإن اختلفوا في قدره والمفروض عندنا الجلوس "قدر" قراءة "التشهد" في الأصح لحديث ابن مسعود رضي الله عنه حين علمه التشهد إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد علق تمام الصلاة به وما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض وزعم بعض مشايخنا أن المفروض في القعدة ما يأتي فيه بكلمة الشهادتين فكان فرضا عمليا "و" يشترط "تأخيره" أي القعود الأخير "عن الأركان" لأنه شرع لختمها فيعاد لسجدة صلبية تذكرها "و" يشترط لصحة الأركان وغيرها "أداؤها مستيقظا" فإذا ركع أو قام أو سجد نائما لم يعتد به وإن طرأ فيه النوم صح بما قبله منه وفي القعدة الأخيرة خلاف قال في منية المصلي إذا لم يعدها بطلت وفي جامع الفتاوى يعتد بها نائما لأنها ليست بركن ومبناها على الاستراحة فيلائمها النوم قلت وهو ثمرة الاختلاف في شرطيتها وركنيتها "و" يشترط لصحة أداء المفروض إما "معرفة كيفية" يعني صفة "الصلاة و" ذلك بمعرفة حقيقة "ما فيها" أي ما في جملة الصلوات "من الخصال" أي الصفات الفرضية يعني كونها فرضا فيعتقد افتراض ركعتي
ــ.
وإن لم يوجد قعود فلو كان ركنا لتوقفت الماهية عليه لكنها لم تتوقف عليه شرعا فليس بركن أصلا ولأنه شرع لغيره وهو الخروج من الصلاة ولأن الصلاة أفعال وضعت للتعظيم وأصله في القيام ويزداد بالركوع ويتناهى بالسجود والقعود ليس كذلك لأنه من باب الإستراحة فيتمكن الخلل في كونه ركنا كما في السراج والبحر والنهر وغيرها وقوله ولأنه شرع لغيره أي وهو الخروج من الصلاة أي لا قراءة التشهد فلا يرد أن ما شرع لغيره لا يكون آكد من ذلك الغير قوله: "بإجماع العلماء" إلا مالكا فإنه روي عنه أنه سنة قوله: "إذا قلت هذا" أي التشهد أي وأنت قاعد فإنه لم يعهد تشهد إلا في قعود قوله: "أن تقم" أن مصدرية ولعل الرواية بإثبات الواو1 إذ لا وجه لحذفها قوله: "وإن شئت الخ" لعله منسوخ أو التخيير بالنظر لما سنذكره قوله: "علق تمام الصلاة به" أي بالقعود لأنه لا يتخير فيه وإنما التخيير في التلفظ بالتشهد ومعنى التخيير عدم توقف الماهية عليه وإن كان واجبا قوله: "فيعاد لسجدة صلبية" مثلها التلاوية لا السهوية فإنها ترفع التشهد لا القعود قوله: "تذكرها" أي بعد القعود ولو بعد السلام قبل الكلام كما في الدر قوله: "وغيرها" ظاهره يعم الواجبات والسنن والآداب فلا يعتد بها إلا بالإختيار ويعم الشرائط وفيه أن القعدة الأخيرة على القول بشرطيتها لا يشترط لها الإستيقاظ كما ذكره بعد قوله: "أو قام" وكذا لو قرأ على الأصح قوله: "أما معرفة الخ" هذه العبارة لا توفي بمقصوده وهو أن يعتقد أن الصلوات
1 قوله إذ لا وجه لحذفها اللهم إلا أن يكون ذلك على من يجزم بأن تأمل اهـ مصححه.
الفجر وأربع الظهر وهكذا باقي الصلوات "المفروضة" فيكون ذلك "على وجه يميزها عن الخصال" أي الصفات "المسنونة" كالسنن الرواتب وغيرها باعتقاد سنية ما قبل الظهر وما بعده وهكذا وليس المراد ولا الشرط أن يميز ما اشتملت عليه صلاة الصبح من الفرض والسنة مثل اعتقاد فرضية القيام وسنية الثناء أو التسبيح "أو اعتقاد" المصلي "أنها" أي أن ذات الصلوات التي يفعلها كلها "فرض" كاعتقاده أن الأربع في الفجر فرض ويصلي كل ركعتين بانفرادهما ويأتي بثلاث ثم ركعتين في المغرب معتقدا فرضية الخمس "حتى لا يتنفل بمفروض" لأن النفل يتأدى بنية الفرض أما الفرض فلا يتأدى بنية النفل كما في التجنيس والمزيد والخلاصة ثم نبه على الأركان وغيرها فقال: "والأركان" المتفق عليها "من المذكورات" التي علمتها فيما قدمناه بأكثر من سبعة وعشرين "أربعة" وهي "القيام والقراءة والركوع والسجود وقيل القعود الأخير مقدار التشهد" ركن أيضا وقيل شرط وقد بينا ثمرة الخلاف فيه وقيل التحريمة ركن أيضا "وباقيها" أي المذكورات "شرائط بعضها شرط لصحة الشروع في الصلاة وهو ما كان خارجها" وهو الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة واستقبال القبلة: في هذه الطبعة سقط الوقت
ــ
الخمس فرض وغيرها نفل بل صريحها يفيد أنه لا بد من التمييز بين ما يتفرض في الصلاة وما يسن وليس مرادا ومقابله قوله بعد أو إعتقاد المصلي أنها فرض يعني أن الشرط أحد الشيئين قوله: "يعني كونها فرضا الخ" هذا التفسير لا تدل عليه عبارة المصنف وكان الأولى للمصنف الإتيان بعبارة تفيد المقصود قوله: "يميزها عن الخصال أي الصفات المسنونة" فيه أن أفراد السنن لا يقال لها عرفا صفات مسنونة كما لا يقال لجزئيات الصلوات المفروضة خصال مفروضة قوله: "ولا الشرط" عطف على المراد لكنه يكون بعدم معرفة ذلك فاسقا غير مقبول الشهادة قوله: "ويصلي كل ركعتين بإنفرادهما" فيه أنه إذا وصلهما بما بعدهما يلزم بناء النفل في الواقع على الفرض والثابت فيه الكراهة لا الفساد قوله: "ثم ركعتين" أي لتتميز صفة الفرض عن غيره ولا يشترط الفصل لأنه عند وصل الجميع يلزم عليه بناء النفل على الفرض والثابت فيه الكراهة أيضا.
قوله: "حتى لا يتنفل بمفروض" معنى هذا التفريع أنه إنما حكم بصحة الفرض في هذه الصورة لأنه نوى الفرض فيسقط عنه ولا يكون نفلا بل النفل ما زاد وإن نواه فرضا لأن النفل يتأدى بنية الفرض ولو حذف هذا التفريع ما ضر قوله: "بأكثر الخ" الصواب حذف الباء لأنه المفعول الثاني لعلم قوله: "وقيل شرط" قدمنا ترجيحه قاله السيد قوله: "وقيل التحريمة ركن أيضا" أشار إلى ضعفه بقيل