المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جمعها لهذه الفائدة وتقريب الأمر مع حكم السجود رجاء فضل - حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

[الطحطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌فصل في بيان أحكام السؤر

- ‌فصل في مسائل الآبار

- ‌فصل في الاستنجاء

- ‌فصل".فيما يجوز به الاستنجاء

- ‌فصل: في" أحكام "الوضوء

- ‌فصل".في تمام أحكام الوضوء

- ‌فصل".في سنن الوضوء

- ‌فصل: من آداب الوضوءأربعة عشر شيئا

- ‌فصل".في المكروهات

- ‌فصل في أوصاف الوضوء

- ‌فصل: نواقض الوضوء

- ‌فصل عشرة أشياء لا تنقض الوضوء

- ‌فصل: عشرة أشياء لا يغتسل منها مذي

- ‌فصل لبيان فرائض الغسل

- ‌فصل في سنن الغسل

- ‌فصل: وآداب الاغتسال

- ‌فصل يسن الاغتسال لأربعة أشياء

- ‌باب التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌فصل في الجبيرة ونحوها

- ‌باب الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌باب الأنجاس والطهارة عنها

- ‌فصل: يطهر جلد الميتة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌فصل" في الأوقات المكروهة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة وأركانها

- ‌فصل في متعلقات الشروط وفروعها

- ‌فصل في بيان واجب الصلاة

- ‌فصل في بيان سننها

- ‌فصل: من آدابها

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الصلاة

- ‌باب الإمامة

- ‌فصل: يسقط حضور الجماعة بواحد من ثمانية عشر شيئا

- ‌فصل: في بيان الأحق بالإمامة

- ‌فصل: فيما يفعله المقتدي بعد فراغ إمامه من واجب وغيره لو سلم الإمام

- ‌فصل: في صفة الأذكار

- ‌باب فيما لا يفسد الصلاة

- ‌فصل في المكروهات

- ‌فصل في اتخاذ السترة ودفع المار بين يدي المصلى إذا ظن

- ‌فصل فيما لا يكره للمصلي

- ‌فصل فيما يوجب قطع الصلاة وما يجيزه

- ‌باب الوتر وأحكامه

- ‌فصل في بيان النوافل

- ‌فصل في تحية المسجد وصلاة الضحى وإحياء الليالي

- ‌فصل في صلاة النفل جالسا وفي الصلاة على الدابة وصلاة الماشي

- ‌فصل: في صلاة الفرض والواجب على الدابة

- ‌فصل في الصلاة في السفينة صلاة الفرض

- ‌فصل: في صلاة التراويح

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة المريض

- ‌فصل في إسقاط الصلاة والصوم

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب سجود السهو

- ‌فصل في الشك

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌فصل: سجدة الشكر مكروهة عند أبي حنيفة رحمه الله

- ‌باب الجمعة

- ‌باب أحكام العيدينمن الصلاة وغيرها سمي عيدا

- ‌باب صلاة الكسوف والخسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب أحكام الجنائز

- ‌فصل الصلاة عليه

- ‌فصل السلطان أحق بصلاته

- ‌فصل في حملها ودفنها

- ‌فصل في زيارة القبور

- ‌باب أحكام الشهيد

- ‌كتاب الصوم

- ‌مدخل

- ‌فصل في صفة الصوم وتقسيمه

- ‌فصل فيما لا يشترط تبييت النية وتعيينها فيه وما يشترط

- ‌فصل فيما يثبت به الهلال وفي صوميوم الشك

- ‌باب في بيان ما لا يفسد الصوم

- ‌فصل في الكفارة وما يسقطها عن الذمة

- ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء

- ‌فصل يجب الإمساك

- ‌فيما يكره للصائم وما لا يكره وما يستحب

- ‌فصل في العوارض

- ‌باب ما يلزم الوفاء به

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌باب المصرف

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الحج

- ‌فصل القران

- ‌فصل التمتع

- ‌فصل العمرةسنة

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل قوله: "ولا شيء بقتل غراب

- ‌فصل الهدي

- ‌فصل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: جمعها لهذه الفائدة وتقريب الأمر مع حكم السجود رجاء فضل

جمعها لهذه الفائدة وتقريب الأمر مع حكم السجود رجاء فضل الله الكريم الودود "في مجلس واحد وسجد" بتلاوته "لكل" آية "منها" سجدة "كفاه الله" تعالى "ما أهمه" من دنياه وآخرته ونقله أيضا المحقق ابن الهمام وغيره من الشراح رحمهم الله.

ــ.

قوله: "لهذه الفائدة" وهي دفع المهم قوله: "وتقريب الأمر" عطف على اسم الإشارة قوله: "مع حكم السجود" أي فيما تقدم والظرف متعلق بقوله جمعها قوله: "الودود" أي المحبوب أو المحب.

قوله: "وسجد بتلاوته لكل آية منها سجدة" قال في الدر وظاهره أنه يقرؤها أولا ثم يسجد ويحتمل أن يسجد لكل بعد قراءتها اهـ قلت والثاني أولى لما تقدم أن تأخيرها مكروه تنزيها ولدفع أشكال الكمال بأن فيه تغيير نظم القرآن لأن السجود يكون فاصلا فتأمل قوله: "ما أهمه" أي من الأمر الذي قصد السجود له ويحتمل التعميم والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.

ص: 501

‌باب الجمعة

هي من الاجتماع - بسكون الميم والقراء يضمونها وفي المصباح ضم الميم لغة

ــ.

باب الجمعة

سميت جمعة لاجتماع الناس فيها وقيل لأن كمال الخلائق جمع فيه وقيل لأن خلق آدم عليه السلام جمع فيه قال في فتح الباري وهذا أصح الأقوال وقيل لأن أول اجتماع آدم وحواء عليهما السلام بالأرض كان فيه وقيل لأن الله تعالى يجمع فيه بين العباد والرحمة ويقال له عيد المؤمنين ويوم المزيد لتزايد الخيرات فيه وفيه تجتمع الأرواح وتزار القبور ويأمن الميت من عذاب القبر ومن مات فيه أو في ليلته أمن منه ولا تسجر فيه جهنم وفيه يزور أهل الجنة ربهم عز وجل وخص يومها بقراءة سور الكهف وقال صلى الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه" اهـ والمصيخة المنتظرة قال عبد الله بن سلام الساعة المعلومة هي آخر ساعة من يوم الجمعة قال أحمد أكثر الأحاديث على قول ابن سلام وقيل هي من وقت خروج الإمام إلى المنبر إلى فراغ الصلاة وهذان القولان أصح الأقاويل فيها وهي

ص: 501

الحجاز وفتحها لغة تميم وإسكانها لغة عقيل - "صلاة الجمعة فرض عين" بالكتاب والسنة

ــ.

تنوف1 على أربعين وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله من يوم الأضحى والفطر" وقال صلى الله عليه وسلم: "اليوم الموعود يوم القيامة والمشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة" وقال ابن المسيب الجمعة أحب إلى الله تعالى من حج التطوع وعن ابن عباس مرفوعا الجمعة حج المساكين وفي رواية حج الفقراء قوله: "هي من الاجتماع" وهي اسم مصدر لاجتمع قوله: "بسكون الميم" للمفعول لأن فعلة بالسكون للمفعول كهمزة أي اليوم المجموع فيه وبها قرأ الأعمش قوله: "والقراء يضمونها" أي يضمون الميم اتباعا لضمة الجيم قوله: "لغة الحجاز" وهي المشهورة الفصحى قوله: "وفتحها لغة تميم" بمعنى فاعل أي اليوم الجامع كضحكة وهمزة ولمزة للمكثر من ذلك وتاؤها للمبالغة كما في علامة لا للتأنيث وإلا لما وصف بها اليوم وبه قرىء كالسكون وهما قراءتان شاذتان وحكى الزجاج الكسر كما في شروح البخاري وشرح المشكاة والنهر وأنكر لأن فعلة بالكسر ليس من الأوزان العربية ومن قاله بالتسكين جمعه على جمع ومن قاله بالضم جمعه على جمعات وهي بغير السكون اسم لليوم وبالسكون اسم لأيام الأسبوع وأولها السبت وأول الأيام يوم الأحد واختلف في هذه التسمية مع الاتفاق أنه كان يدعي في الجاهلية عروبة بفتح العين المهملة وضم الراء وبالموحدة فقال الزجاج والفراء وأبو عبيدة وأبو عمر وكانت العرب العاربة تقول ليوم السبت شيار وللأحد أول وللإثنين أهون وللثلاثاء جبار وللأربعاء دبار وللخميس مؤنس وللجمعة عروبة أي ثم نقلوها إلى تلك الأسماء المشهورة وجزم ابن حزم أنه اسم إسلامي ولم يكن في الجاهلية وورد أن أهل المدينة صلوها قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن الأنصار قالوا لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام وكذلك للنصارى فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه ونذكر الله تعالى ونصلي ونشكره فجعلوه يوم العروبة وهي أول جمعة في الإسلام وأما أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت في مسجد بني سالم بن عوف فخطب وصلى فيه قوله: "بالكتاب" هو قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] رتب الأمر بالسعي إلى ذكر الله على النداء للصلاة والظاهر أن المراد بالذكر الصلاة ويجوز أن يراد به الخطبة وعلى كل تقدير يفيد افتراض الجمعة فالأول ظاهر والثاني كذلك لأن افتراض السعي إلى الشرط فرع افتراض المشروط ألا ترى أن من لم تجب عليه الصلاة لم يجب عليه السعي إلى الخطبة بالإجماع والمذكور في التفسير أن المراد الخطبة والصلاة جميعا وهو الأحق لصدقه عليهما معا ثم إن

1 قوله: وهي تنوف إلخ الذي يقتضيه صنع القاموس وغيره أن كان من هذه المادة بمعنى زاد كما هنا

2 يقال فيه أناف ينيف وينيف بالتضعيف لأناف ينوف فليراجع أهـ مصححه.

ص: 502

والإجماع ونوع من المعنى يكفر جاحدها لذلك. وقال عليه السلام في حديث: "وأعلم أن الله تعالى فرض عليكم الجمعة في يومي هذا في شهري هذا في مقامي هذا فمن تركها تهاونا بها واستخفافا وله إمام عادل أو جائر فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ألا فلا صلاة له ألا فلا زكاة له ألا فلا صوم له إلا أن يتوب فمن تاب تاب الله عليه" وقال صلى الله عليه وسلم: "من ترك ثلاث جمع متواليات من غير عذر طبع الله على قلبه ومن يطبع الله على قلبه يجعله في أسفل درك جهنم" والجمعة فرض آكد من الظهر "على" كل "من اجتمع فيه سبعة شرائط" وهي "الذكورة" خرج به النساء "والحرية" خرج به الأرقاء "والإقامة" خرج به

ــ.

الله تعالى أكد ذلك بتحريم مباح وهو البيع وهو لا يكون إلا لأمر واجب كما هو مقتضى الحكمة قوله: "والإجماع" قال في الشرح أجمع المسلمون من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على فرضيتها من غير إنكار أحد وهي فرض عين إلا عند ابن كج من أصحاب الشافعي فإنه يقول فرض كفاية وهو غلط ذكره في الحلبية قوله: "ونوع من المعنى" أي ودليل من المعنى المعقول قال في الشرح وأما المعنى فلانا أمرنا بترك الظهر لإقامة الجمعة والظهر فريضة ولا يجوز ترك فرض إلا لفرض هو آكد وأولى منه فدل على أن الجمعة آكد من الظهر في الفريضة قوله: "لذلك" أي لافتراضها بهذه الأدلة قوله: "وقال عليه السلام" بيان للسنة قوله: "في حديث" قاله في خطبة قوله: "في مقامي هذا" الذي في ابن ماجه وغيره تقديم هذا على قوله في شهري هذا وفيه بعد قوله في شهري هذا زيادة ولفظها فريضة واجبة إلى يوم القيامة فمن تركها جحودا واستخفافا بحقها في حياتي وبعد موتي وله إمام عادل الخ قوله: "تهاونا بها" أي كسلا فالتهاون غير الاستخفاف وعبارة القاموس تفيد الإتحاد قوله: "وله إمام عادل أو جائر" إنما ذكره ليفيد وجوب إقامتها مع الإمام الجائر وأن جوره ليس عذرا مسقطا لها وإلا فالاستخفاف مكفر وإن لم يكن إمام أصلا قوله: "فلا جمع الله شمله" الشمل بالكسر والفتح العذق أو القليل الحمل منه فشبه أمور الإنسان بالعذق بجامع صدورها عن أصل واحد وأطلق عليها الشمل وجمع الشمل كناية عن عدم تفرق أموره واختلافها وانعكاسها قوله: "ولا بارك له في أمره" الذي في ابن ماجه ولا أتم له أمره قوله: "ألا فلا صلاة له" أي كاملة ومثله يقال فيما بعد إن لم يجحده أو يستخفه وإلا فالكلام على حقيقته قوله: "طبع الله على قلبه" طبع عليه كمنع ختم قاموس أي لا يجعله قابلا للخير فهو كناية عن صرفه عن الخيرات قوله: "يجعله في أسفل درك جهنم" محمول على شدة العذاب وإنما ذكر ذلك لأنه فعل فعل المنافقين حيث أقر بالوحدانية وتوابعها وترك الجمعة والمنافقون في الدرك الأسفل من النار أو محمول على من تركها جحدا ومات على هذه العقيدة قوله: "آكد من الظهر" قد علمت وجهه قوله: "سبعة شرائط" اعلم أن لوجوبها شرائط زائدة على شرائط سائر الصلوات وهي في المصلي ولصحتها شروط

ص: 503

المسافر وأن تكون الإقامة "بمصر" خرج به المقيم بقرية لقوله عليه السلام: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض" وفي البخاري "إلا على صبي أو مملوك أو مسافر" ولقوله عليه السلام: "لا جمعة ولا تشريق ولا صلاة فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع أو مدينة عظيمة" ولم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم حين فتحوا البلاد اشتغلوا بنصب المنابر والجمع إلا في الأمصار دون القرى ولو كان لنقل ولو آحادا فلا بد من الإقامة "أو" الإقامة "فيما" أي في محل "هو داخل في حد الإقامة بها" أي بالنص وهو المكان الذي من فارقه بنية السفر يصير مسافرا ومن وصل إليه يصير مقيما "في الأصح" كربض المصر وفنائه الذي لم ينفصل عنه بغلوة كما تقدم ولا يجب على من كان خارجه ولو سمع النداء من المصر سواء كان سواده قريبا من المصر أو

ــ.

كذلك وهي في غير المصلي والفرق بينهما أنه بانتفاء الأول يصح الأداء وبانتفاء الثاني لا يصح قوله: "وهي الذكورة" أي المحققة در فخرج الخنثى كما استظهره في النهر وفيه أنه يعامل بالأضر ومقتضاه الوجوب عليه قوله: "خرج به النساء" فلا تجب على امرأة وإن دخلت في عموم الخطاب بطريق التبعية لأنها خصت منه بعموم النهي عن الخروج بقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب 33] لا سيما في مجامع الرجال وللحديث الآتي قوله: "خرج به الأرقاء" فلا تجب عليهم إجماعا قال في الفتاوي وللمولى أن يمنع عبده عن الجمعة والجماعات والعيدين واختلف فيما لو أذن له المولى في الجمعة والأليق بالقواعد أنه يتخير ولا يتحتم عليه الأداء ويؤيده أنه لا يجب عليه الحج وإن أذن له المولى وإذا لم يأذن له فيها جاز له الخروج إليها إن كان يعلم أن مولاه يرضى وإلا لا والأصح أنه إن حضر مع مولاه لحفظ دابته له أن يصليها بغير إذن المولى إن كان لا يخل بالحفظ كما في البحر وغيره وأما الأجير فقالأبو علي الدقاق ليس للمستأجر منعه منها ولكن يسقط عنه من الأجرة بقدر اشتغاله بذلك إن كان بعيدا وإن كان قريبا لا يسقط عنه شيء قال في البحر وظاهر المتون تشهد للدقاق قوله: "والإقامة" ولو بنية المكث خمسة عشر يوما قوله: "إلا أربعة" إلا بمعنى غير وهذا الحديث يدل على اشتراط الذكورة والحرية قوله: "وفي البخاري" يدل على اشتراط الإقامة قوله: "ولا تشريق" أي لا تكبير تشريق وظاهر ما ذكره أن الحديث مرفوع وهو الذي ذكره أبو يوسف في الإملاء ومحمد في الأصل ورواه ابن أبي شيبة موقوفا عن علي والموقوف في مثله كالمرفوع قال الكمال وكفى بقول على قدوة قوله: "إلا في مصر جامع" هذا دليل اشتراط المصر والمصر بالكسر الحاجز بين الشيئين والحد بين الأرضين والوعاء والكورة والطين الأحمر ومصر للمدينة المعروفة سميت به لتمصرها أو لأنه بناها المصر بن نوح والمدينة من مدن أقام فعل ممات ومدن المدائن تمدينا مصرها اهـ قاموس ملخصا فظاهر قوله ومصر للمدينة وقوله ومدن المدائن تمدينا مصرها أنهما شيء

ص: 504

بعيدا على الأصح فلا يعمل بما قيل بخلافه وإن صح "و" الرابع "الصحة" خرج به المريض لما روينا والشيخ الكبير الذي ملحق بالمريض "و" الخامس "الأمن من ظالم" فلا تجب على من اختفى من ظالم ويلحق به المفلس الخائف من الحبس كما جاز له التيمم "و" السادس "سلامة العينين" فلا تجب على أعمى عند أبي حنيفة خلافا لهما إذا وجد قائدا يوصله وهي مسألة القادر بقدرة الغير "و" السابع "سلامة الرجلين" فلا تجب على المقعد لعجزه عن السعي اتفاقا ومن العذر المطر العظيم وأما البلوغ والعقل فليسا

ــ.

واحد قوله: "ولم ينقل عن الصحابة الخ" وكذا لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإقامة الجمعة في قرى المدينة على كثرتها قوله: "ولو آحادا" خبر الآحاد هو الذي نقله واحد عن واحد قوله: "فلا بد من الإقامة بمصر" ذكره ليعطف عليه قوله أو الإقامة فيما هو داخل الخ قوله: "الذي لم ينفصل عنه بغلوة" في الفتح هنا وفي صلاة المسافر التقدير في الحد الفاصل بالغلوة مروي عن محمد وفي النوادر هو المختار وفي النهاية عن التمرتاشي أنه الأشبه وفي القهستاني وهو الأصح وهي أربعمائة ذراع في الأصح اهـ قوله: "فلا يعمل بما قيل الخ" قال في الشرح تنبيه قد علمت بنص الحديث والأثر والرواية عن أئمتنا أبي حنيفة وصاحبيه واختيار المحققين من أهل الترجيح أنه لا عبرة ببلوغ النداء ولا بالغلوة والأميال وإنه ليس بشيء فلا عليك من مخالفة غيره وإن ذكر تصحيحه فمنه ما في البدائغ أنه إن أمكن أن يحضر الجمعة وببيت بأهله من غير تكلف يجب عليه اهـ أي لأن من جاوز هذا الحد بنية السفر كان مسافرا فلو وجبت ثمة لوجبت على المسافر وهو خلاف النص قوله: "خرج به المريض" أي الذي لا يقدر على الذهاب إلى الجامع أو يقدر ولكن يخاف زيادة مرضه أو بطء برئه بسبب جلى وألحق بالمريض الممرض إن بقي المريض ضائعا بخروجه على الأصح جوهرة قوله: "لما روينا" أي من قوله صلى الله عليه وسلم: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة" الخ وعد منهم المريض قوله: "فلا تجب على من اختفى من ظالم" أفاد التعبير بظالم لم أنه مظلوم فإن كان اختفاؤه لجناية منه توجب حدا مثلا لا يسقط عنه الوجوب قوله: "المفلس" بالتخفيف الذي لا دينار له ولا درهم والمراد به هنا من لا يقدر على وفاء دينه قوله: "كما جاز له التيمم" أي فيجوز له ترك الجمعة كما جاز له التيمم قوله: "فلا تجب على الأعمى عند أبي حنيفة" لا فرق بين أن يجد فائدا أو لا سواء كان القائد متبرعا أو بأجر وله ما يستأجر به أو كان مملوكا ذكره السيد قال في البحر ولم أر حكم الأعمى إذا كان مقيما بالجامع الذي يصلي فيه الجمعة هل تجب عليه لعدم الحرج اهـ وتجب على الأعور لعدم الحرج قوله: "وهي مسئلة القادر بقدرة الغير" قد تقدم أن المصحح فيها قولهما قوله: "فلا تجب على المقعد" ومثله مقطوع الرجلين وفي الكلام إشارة إلى أنها تجب على مفلوج إحدى الرجلين أو مقطوعها إذا كان يمكنه المشي بلا مشقة وإلا فلا أشار إليه القهستاني وبهذا يحصل

ص: 505

خاصين فلذا لم يذكرهما "ويشترط لصحتها" أي صلاة الجمعة "ستة أشياء" الأول "المصر أو فناؤه" سواء مصلى العيد وغيره لأنه بمنزلة المصر في حق حوائج أهله وتصح إقامة الجمعة في مواضع كثيرة بالمصر وفنائه وهو قول أبي حنيفة ومحمد في الأصح ومن لازم جواز التعدد سقوط اعتبار السبق وعلى القول الضعيف المانع من جواز التعدد قيل بصلاة أربع بعدها بنية آخر ظهر عليه وليس الاحتياط في فعلها لأن الاحتياط هو العمل بأقوى الدليلين وأقواهما إطلاق جواز تعدد الجمعة وبفعل الأربع مفسدة اعتقاد الجهلة عدم فرض الجمعة أو تعدد المفروض في وقتها ولا يفتى بالأربع إلا للخواص ويكون فعلهم

ــ

الجمع بين ما في البحر من الوجوب وما في الشمنى من عمده أفاده بعض الأفاضل قوله: "ومن العذر المطر العظيم" وكذا الثلج والوحل قال في الشرح وقدمنا أنه يسقط به الحضور للجماعة اهـ قوله: "فليسا خاصين" أي بالجمعة قوله: "وغيره" أطلقه فعم ما فيه بناء وغيره وقد سبق قريبا بيان الفناء قوله: "في الأصح" قال السرخسي وبه نأخذ وعليه الفتوى كما في شرح المجمع للعيني وكما في الفتح ومقابل الأصح ما في البدائع أن ظاهر الرواية جوازها في موضعين فلا تجوز في أكثر من ذلك وعليه الإعتماد اهـ فإن المذهب الجواز مطلقا وما قاله الشيخ العلامة المقدسي في نور الشمعة عن الإمام لا تجوز إلا في موضع واحد في البلد الواحد وما قال الإمام الزاهد العتابي وإلا ظهر عنده أنها لا تجوز إلا في موضعين ولو فعلوا فالجمعة للأولى وإن صليا معا فصلاتهم جميعا فاسدة والأصح إطلاق الجواز في مواضع لا طلاق الدليل اهـ أفاده الشرح قوله: "وعلى القول الضعيف" هو قول أبي يوسف قوله: "المانع من جواز التعدد" فالجمعة عنده للسابق وتفسد بالمعية والاشتباه ثم يعتبر السبق بالشروع وقيل بالفراغ وقيل بهما قوله: "قيل بصلاة أربع" أي بوجوب ذلك قوله: "بنية آخر ظهر عليه" هو الأحسن لأنه إن لم تجز الجمعة فعليه الظهر وإن أجزأت كانت الأربع عن ظهر عليه فيسقط وإن لم يكن عليه ظهر فنف اهـ وقيل ينوي السنة وقيل ظهر يومه كما في القنية قوله: "وليس الاحتياط في فعلها الخ" قالالبرهان الحلبي الفعل هو الاحتياط لأن الخلاف فيه قوي لأنها لم تكن تصلي في زمن السلف إلا في موضع واحد من المصر وكون الصحيح جواز التعدد للضرورة لا يمنع شرعية الاحتياط اهـ قوله: "وأقواهما إطلاق جواز تعدد الجمعة" لا طلاق حديث لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع فالمصر شرط إقامتها وهو موجود في كل فريق اهـ قوله: "وبفعل الأربع" خبر مقدم لقوله مفسدة اعتقاد الخ قوله: "عدم فرض الجمعة" مفعول اعتقاد وقوله أو تعدد عطف عليه قال في الشرح وفي فعل الأربع مفسدة عظيمة وهي اعتقاد أن الجمعة ليست فرضا لما يشاهدون من صلاة الظهر فيتكاسلون عن أداء الجمعة أو اعتقادهم افتراض الجمعة والظهر بعدها اهـ قوله: "ولا يفتي بالأربع إلا للخواص" قال العلامة المقدسي بعد نقله ما يفيد النهي عنها نقول

ص: 506

إياها في منازلهم "و" الثاني من شروط الصحة أن يصلي بهم "السلطان" إماما فيها "أو نائبه" يعني من أمره بإقامة الجمعة للتحرز عن تفويتها بقطع الأطماع في التقدم وله الاستنابة وإن

ــ.

إنما نهى عنها إذا أديت بعد الجمعة بوصف الجماعة والاشتهار ونحن لا نقول به ولا نفتي بفعلها أصلا بل ندل عليه الخواص الذين يحتاطون لأمر دينهم ويتركون ما يريبهم إلى تحصيل يقينهم اهـ ثم قيل يقرأ الفاتحة والسورة في كل ركعة فإن وقعت فرضا فقراءة السورة لا تضره وإن وقعت نفلا فقراءتها واجبة وقيل في الأولين فقط قال الزاهدي وعلى هذا الخلاف فيمن يقضي الصلوات احتياطا والمختار عندي أن يحكم فيها رأيه كذا في الحلبي والشمتي ويقتصر في القعدة الأولى على التشهد ولا تفسد بتركها ولا يستفتح في الشفع الثاني والأحوط الترتيب بينها وبين العصر كذا قاله المقدسي ثم يصلي بعدها أربعا سنة الجمعة فإن صحت الجمعة فقد أدى سنتها على وجهها وإن لم تكن صحت فقد صلى الظهر مع سنته.

فائدة قال في عقد الفوائد قضاة زماننا يحكمون بصحة الجمعة عند تجديدها في موضع بأن يعلق الواقف عتق عبده على صحة الجمعة في هذا الموضع وبعد إقامتها فيه بالشروط يدعى عتقه عليه بأنه علقه بصحة الجمعة وقد صحت ووقع العتق فيحكم بعتقه فيتضمن الحكم بصحة الجمعة ويدخل ما لم يأت من الجمعات تبعا اهـ قوله: "أن يصلي بهم السلطان" هو من لا وإلى فوقه قال الحسن أربع إلى السلطان وذكر منها الجمعة والعيدين ومثله لا يعرف إلا سماعا فيحمل عليه وقال ابن المنذر مضت السنة أن الذي يقيم الجمعة السلطان أو من بها أمره فإن لم يكن كذلك صلوا الظهر كذا في الحلبي والمتغلب الذي لا عهد له أي لا منشور له إذا كانت سيرته بين الرعية سيرة الأمراء ويحكم بينهم بحكم الولاة تجوز إقامته الجمعة اهـ قوله: "يعني من أمره بإقامة الجمعة" وهو الأمير أو القاضي أو الخلفاء كما في العناية ولو عبدا ولي عمل ناحية وإن لم تجزأ قضيته وأنكحته وإذا لم يمكن استئذان السلطان لموته أو فتنة واجتمع الناس على رجل فصلى بهم جاز للضرورة كما فعل علي في محاصرة عثمان رضي الله عنهما وإن فعلوا ذلك لغير ما ذكر لا يجوز لعدم الضرورة وروي ذلك عن محمد في العيون وهو الصحيح وفي مفتاح السعادة عن مجمع الفتاوي غلب على المسلمين ولاة الكفار يجوز للمسلمين إقامة الجمع والأعياد ويصير القاضي قاضيا بتراضي المسلمين ويجب عليهم أن يلتمسوا واليا مسلما اهـ ولو مات الخليفة وله ولاة على أمور العامة كان لهم أن يقيموا الجمعة لأنهم أقيموا لأمور المسلمين فكانوا على حالهم ما لم يعزلوا حلبي وفي البحر والنهر يجوز لقاضي القضاة كقاضي العساكر بمصر إقامة الجمعة وتولية الخطباء ولا يتوقف ذلك على إذن كما أن له أن يستخلف للقضاء وإن لم يؤذن له مع أن القاضي ليس له الإستخلاف إلا بإذن السلطان لأن توليته قاضي

ص: 507

لم يصرح له بها السلطان دلالة بعذر أو بغيره حضر أو غاب عنه وأما إذا سبقه حدث فإن كان بعد شروعه في الصلاة فكل من صلح إماما صح استخلافه وإذا كان قبل إحرامه للصلاة بعد الخطبة فيشترط أن يكون الخليفة قد شهد الخطبة أو بعضها أيضا "و" الثالث

ــ.

القضاة إذن له بذلك دلالة كما صرح به الكمال في باب القضاء ولا يتوقف ذلك على تقرير الحاكم المسمى بالباشا اهـ وفي البحر أيضا وصرح العلامة ابن جرباش في التحفة في تعداد الجمعة بأن إذن السلطان أو نائبه إنما هو شرط عند بناء المسجد ثم بعد ذلك لا يشترط الإذن لكل خطيب فإذا قرر الناظر خطيبا في المسجد فله إقامته بنفسه وبنائبه وإن الإذن مستصحب لكل خطيب اهـ وفي مجمع الأنهر والاستخلاف في زماننا جائز مطلقا لأنه وقع في تاريخ خمس وأربعين وتسعمائة إذن الإمام وعليه الفتوى اهـ وفي القنية واتحاد الخطيب والإمام ليس بشرط على المختار نهر وفي الذخيرة لو خطب صبي عاقل وصلى بالغ جاز لكن الأولى الاتحاد كما في شرح الآثار وفي المجرد قالأبو حنيفة الأذن في الخطبة إذن في الجمعة والإذن في الجمعة إذن في الخطبة ولو قال اخطب لهم ولا تصل بهم أجزأه أن يصلي بهم قوله: "للتحرز عن تفويتها" علة لاشتراط السلطان أو نائبه فيها قوله: "بقطع الأطماع" متعلق بتحرز وإنما كانت الأطماع مفوتة لوجود التنازع بين الطامعين في التقدم فيمكن أن يفوت الوقت وهم في النزاع وهذا دليل معقول والمنقول ما قدمناه قوله: "وله الاستنابة الخ" قال في البدائع كل من ملك الجمعة ملك إقامة غير مقامة قال في البحر فهو صريح أو كالصريح في جواز الاستنابة مطلقا وتقييد الزيلعي الاستخلاف بسبق الحدث لا دليل عليه وما في الدرر من أن الخطيب ليس له الاستنابة إلا أن يفوض إليه ذلك رده ابن الكمال قوله: "دلالة" متعلق بعامل له المقدر على أنه تمييز أي تثبت له الاستنابة دلالة قال في الشرح وإذا أذن لأحد بإقامتها ملك الاستخلاف وإن لم يفوض إليه صريحا لأن الإمام الأعظم لما فوضها إليه مع علمه بأن العوارض المانعة من إقامتها كالمرض والحدث في الصلاة مع ضيق الوقت تعتريه ولا يمكن انتظار الإمام الأعظم لأنها لا تحتمل التأخير عن الوقت كان إذنا له بالاستخلاف دلالة ولسان الحال أنطق من لسان المقال كذا قاله الشراح قوله: "صح استخلافه" لأن الخليفة بأن لا مفتتح والخطبة شرط افتتاح وقد وجد في حق الأصل قوله: "قد شهد الخطبة أو بعضها" لأن الخطبة شرط انعقاد في حق من ينشىء تحريمة الجمعة وهو الإمام إلا في حق كل مصل فيكون كأن النائب خطب بنفسه وإلا فلا يصح شروع هذا النائب فيها أصلا إلا أن يستخلف هذا النائب من شهد الخطبة فإنه يصح قوله: "أيضا" أي كما يشترط صلاحيته للإمامة أو كما يشترط في الإمام ذلك إذا لم يكن خطيبا قال في الشرح واعلم أنه يجوز لصاحب الوظيفة في الخطبة أن يصلي خلف نائبه بغير عذر كما جاز للسلطان أن يصلي خلف مأموره بإقامة الجمعة مع قدرة السلطان على الخطبة بنفسه اهـ قوله: "والثالث

ص: 508

"وقت الظهر" لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة""فلا تصح" الجمعة "قبله وتبطل بخروجه" لفوات الشرط "و" الرابع "الخطبة" ولو بالفارسية من قادر على العربية ويشترط لصحة الخطبة فعلها "قبلها" كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم "بقصدها" حتى لو عطس الخطيب فحمد لعطاسه لا ينوب عن الخطبة "في وقتها" للمأثور "وحضور أحد لسماعها" ولو كان أصم أو نائما أو بعيدا "ممن تنعقد بهم الجمعة" فيكفي حضور عبد أو مريض أو مسفر ولو كان جنبا فإذا حضر غيره أو تطهر بعد الخطبة تصح الجمعة به لا صبي أو امرأة فقط

ــ.

وقت الظهر" وقال مالك يمتد وقتها إلى الغروب لأن وقت الظهر والعصر واحد عنده قوله: "لقوله صلى الله عليه وسلم الخ" ولأنها شرعت على خلاف القياس لسقوط الركعتين مع الإقامة فيراعي فيها جميع الخصوصيات التي ورد الشرع بها ولم يرد قط أنه صلى الله عليه وسلم صلاها قبل الوقت ولا بعده وكذا الخلفاء الراشدون ومن بعدهم إلى يومنا هذا ولو كان جائزا لفعله مرة تعليما للجواز كذا في الحلبي وغيره قوله: "فلا تصح الجمعة قبله" وقال الإمام أحمد تصح كما قال بصحة وقوف عرفة قبل الزوال قوله "وتبطل بخروجه" ولو بعد القعود قدر التشهد لفوات شرطها لأن الوقت شرط الأداء لا شرط الإفتتاح كصلاة الفجر وفي الإطلاق إشارة إلى عموم الحكم اللاحق بعذر كنوم وزحمة على المذهب كما في المنح والدر فإن قيل ما فائدة هذه المسئلة هنا وقد تقدمت في الإثني عشرية فالجواب أن فيه إفادة أنها لا تصح بعد الوقت فلا تكرار نهر وفيه إفادة أنه لا يتمها ظهرا وهل يتمها نفلا عندهما نعم لأنه إنما بطل الأصل دون الوصف وقال محمد لا لبطلان الأصل أيضا عنده قهستاني قوله: "والرابع الخطبة" فعلة بمعنى مفعولة فهي اسم لما يخطب به عناية من الخطب وهو في الأصل كلام بين اثنين قهستاني عن الأزاهر وهي بالضم في الموعظة والجمع خطب وبالكسر طلب التزوج والفعل فيهما كقتل وهي شرط بالإجماع خلافا للإمامية وقد شذوا قوله: "قبلها" أي قبل الصلاة لأنها شرطها وشرط الشيء سابق عليه وقد كانت الخطبة في صدر الإسلام بعد الصلاة كخطبة العيد ثم نسخ وجعلت قبلها ففي مراسيل أبي داود كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة حتى إذا كان ذات يوم وهو يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال: إن دحية قد قدم وكان إذا قدم تلقوه بالدفاف فخرج الناس لم يظنوا إلا أنه لا شيء في ترك الخطبة فأنزل الله تعالى الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة 11] فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة كذا في الشرح قوله: "فحمد لعطاسه" وكذا إذا سبح تعجبا قوله: "لا ينوب عن الخطبة" هو أحد قولين والثاني أنه لا يشترط فيها القصد وتقدم ما يفيده وذكره صاحب صاحب التنوير في الذبائح قوله: "في وقتها" فلو خطب قبله وصلى فيه لا تصح لأنه من جملة الخصوصيات المقيدة بها حلبي قوله: "لا صبي" بالجر عطفا على قوله عبد الخ أي لا يكفي حضور صبي.

ص: 509

ولا يشترط سماع جماعة فتصح الخطبة "ولو" كان الحاضر "واحد" وروي عن الإمام وصاحبيه صحتها وإن لم يحضره أحد و "في" الرواية الثانية عنهم يشتر حضور واحد في "الصحيح" ويشترط أن لا يفصل بين الخطبة والصلاة بأكل وعمل قاطع واختلف في صحتها لو ذهب لمنزلة لغسل أو وضوء فهذه خمس شروط أو ست لصحة الخطبة فلينتبه لها "و" الخامس من شروط صحة الجمعة "الإذن العام" كذا في الكنز لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين فلزم إقامتها على سبيل الاشتهار والعموم حتى غلق الإمام باب قصره أو المحل الذي يصلي فيه بأصحابه لم يجز وإن أذن للناس بالدخول فيه صحت ولكن لم يقض حق المسجد الجامع فيكره ولم يذكر في الهداية هذا الشرط لأنه غير مذكور في ظاهر الرواية وإنما هو رواية النوادر. قلت اطلعت على رسالة العلامة بن الشحنة

ــ

قوله: "ولا يشترط سماع جماعة" وقيل تشترط الجماعة ونص في الدراية على أنه الصحيح وفي المنتقى على أنه الأصح ومشى عليه شارح الكنز قوله: "وروي عن الإمام وصاحبيه" قال ابن أميرحاج وأفاد شيخنا أن الاعتماد عليه قوله: "وفي الرواية الثانية الخ" مستغنى عنه بما تقدم قوله: "في الصحيح" متعلق بقوله يشترط حضور واحد قوله: "وعمل قاطع" كما إذا جامع ثم اغتسل وأما إذا لم يكن قاطعا كما إذا تذكر فائتة وهو في الجمعة فاشتغل بالقضاء أو أفسد الجمعة فاحتاج إلى إعادتها أو افتتح التطوع بعد الخطبة لا تبطل الخطبة بذلك لأنه ليس بعمل قاطع ولكن الأولى إعادتها كما في البحر عن الخلاصة والمحيط والسراج والفتح وإن تعمد ذلك يصير مسيئا قوله: "فهذه خمس شروط أو ست لصحة الخطبة" الأول أن تكون قبل الصلاة الثاني أن تكون بقصد الخطبة الثالث أن تكون في الوقت الرابع أن يحضرها واحد الخامس أن يكون ذلك الواحد ممن تنعقد بهم الجمعة السادس عدم الفصل بين الخطبة والصلاة بقاطع وذكر البدر العيني في شرح البخاري أن من السنة اتخاذ المنبر عن يمين المحراب فإن لم يكن منبر فموضع عال وإلا فإلى خشبة اتباعا لفعله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يخطب إلى جذع قبل اتخاذ المنبر ويكره المنبر الكبير جدا إذا لم يكن المسجد متسعا اهـ قوله: "لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين" أي وقد شرعت بخصوصيات لا تجوز بدونها والإذن العام والأداء على سبيل الشهرة من تلك الخصوصيات ويكفي لذلك فتح أبواب الجامع للواردين كذا في الكافي قوله: "حتى لو غلق الإمام الخ" وكذا لو اجتمع الناس في الجامع وأغلقوا الأبواب وجمعوا لم يجز كافي وظاهر عبارته أن غلق يأتي ثلاثيا والواقع في عبارة غيره الرباعي وفي الآية وهو قوله تعالى: {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ} للتضعيف وهو يأتي بدل الهمزة وراجعه قوله: "وإن أذن للناس بالدخول فيه صحت" سواء دخلوا أم لا كذا في الكافي قوله: "ابن الشحنة" هو العلامة عبد البر والشحنة حافظ البلد.

ص: 510

وقد قال فيها بعدم صحة الجمعة في قلعة القاهرة لأنها تقفل وقت صلاة الجمعة وليست مصرا على حدتها. وأقول في المنع نظر ظاهر لأن وجه القول بعدم صحة صلاة الإمام بقفله قصره اختصاصه بها دون العامة والعلة مفقودة في هذه القضية فإن القلعة وإن قفلت لم يختص الحاكم فيها بالجمعة لأن عند باب القلعة عدة جوامع في كل منها خطبة لا يفوت من منع من دخول القلعة الجمعة بل لو بقيت القلعة مفتوحة لا يرغب في طلوعها للجمعة لوجودها فيما هو أسهل من التكلف بالصعود لها وفي كل محلة من المصر عدة من الخطب فلا وجه لمنع صحة الجمعة بالقلعة عند قفلها "و" السادس "الجماعة" لأن الجمعة مشتقة منها ولأن العلماء أجمعوا على أنها لا تصح من المنفرد "و" واختلفوا في تقدير الجماعة فعندنا "هم ثلاثة رجال" وإن لم يحضروا الخطبة وقد جاءوا فإن صرف من شهدها وصلى بهم الإمام جاز من غير إعادة الخطبة في ظاهر الرواية وهم "غير الإمام" عند الإمام الأعظم ومحمد وقال أبو يوسف اثنان سوى الإمام لما في المثنى من معنى الاجتماع ولهما إن الجمع الصحيح إنما هو الثلاثة "وكانوا عبيدا أو مسافرين أو مرضى" أو مختلطين

ــ.

قوله: "في قلعة القاهرة" أي ونحوها قوله: "وليست مصرا على حدتها" فإنه وإن كان فيها الجوانيت والسكك وغير ذلك إلا أنها لم تستوف جميع ما ذكر في حد المصر من القاضي ونحوه قوله: "في المنع" أي منع صحة الجمعة قوله: "اختصاصه بها دون العامة" فيه نظر فإن الناس لو أغلقوا باب مسجد وصلوها لا تجوز لهم فالعلة عدم الأذن ولذا قال في مجمع الأنهر نافلا عن عيون المذاهب ولا يضر غلق باب القلعة لعدو أو عادة قديمة لأن الإذن العام حاصل لأهله وغلق الباب ليس لمنع المصلي ولكن عدم غلقه أحسن قوله: "لم يختص الحاكم الخ" هو يقول بعدم الصحة وإن كان الحاكم يجمع خارجها وما ذاك إلا لعدم الإذن العام لا للإختصاص فتدبر قوله: "لأن عند باب القلعة" أي خارجه قوله: "لا يفوت من منع الخ" هي لا منع فيها قبل غلقها وإنما تغلق للعادة قوله: "فيما هو أسهل من التكلف" الأوضح أن يقول فيما هو أسهل منها للتكلف بالصعود إليها قوله: "وفي كل محلة الخ" أي فلا اختصاص بها لمن بالقلعة قوله: "لأن الجمعة مشتقة منها" أي مأخوذة فإن الاشتقاق من المصادر أي والأصل مراعاة المعاني اللغوية إذا لم يتحقق نقل قوله: "فانصرف من شهدها" قد تقدم قول أنه لا يشترط حضور أحد لسماعها وصحح قوله: "ولهما أن الجمع الصحيح إنما هو الثلاثة" وأيضا طلب الحضور في قوله عز وجل: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة 9] متعلق بلفظ الجمع وهو الواو والذكر المسند إليه السعي يستلزم ذاكرا وهو غير الجمع المطلوب حضوره فلزم أن يكون مع الإمام جمع وما دون الثلاثة ليس جمعا متفقا عليه فليس بجمع مطلق والمشروط هنا ظنا جمع مطلق وبيان ما ذكره المصنف أن أقل الجمع ثلاثة حقيقة لمخالفة صيغته الدالة عليه صيغة التثنية والواحد والإثنان وإن كان جمعا

ص: 511

لأنهم صلحوا للإمامة فيها فأولى أن يصلحوا للاقتداء "والشرط" عند الإمام لانعقاد أدائها بهم "بقاؤهم" محرمين "مع الإمام" ولو كان اقتداؤهم في حال ركوعه قبل رفع رأسه "حتى يسجد" السجدة الأولى "فإن نفروا" أي أفسدوا صلاتهم "بعد سجوده" أي الإمام "أتمها وحده جمعة" باتفاق أئمتنا الثلاثة وقال زفر يشترط دوامهم كالوقت إلى تمامها "وإن نفروا" أو بعضهم ولم يبق إلا اثنان من الرجال إذ لا عبرة بالنساء والصبيان الباقين "قبل سجوده" أي الإمام "بطلت" عند أبي حنيفة لأنه يقول الجماعة شرط انعقاد الأداء وعندهما يتمها وحده لأن الجماعة شرط انعقاد التحريمة "ولا تصح" أي لا تنعقد الجمعة "بامرأة أو صبي مع رجلين" لعدم صلاحية الصبي والمرأة للإمامة "وجاز للعبد والمريض" والمسافر "أن يؤم فيها" بالإذن أصالة أو نيابة صريحا أو دلالة كما تقدم لأهليتهم للإمامة وإنما سقط عنهم وجوبها تخفيفا. ولما كان حد المصر مختلفا فيه على أقوال كثيرة ذكر الأصح منها فقال: "والمصر" عند أبي حنيفة "كل موضع" أي بلد "له مفت" يرجع إليه في الحوادث "وأمير" ينصف المظلوم من الظالم "وقاض" مقيمون بها وإنما قال: "ينفذ الأحكام ويقيم

ــ.

من وجه نظرا إلى الاشتقاق فهو مجاز والعمل بالحقيقة هو الأصل وكون المثنى له حكم الجمع في الميراث ونحوه لقيام الدليل ثمة فأعلمناه فيه لا يلزم اطراده قوله: "ولو كانوا عبيد الخ" أو أميين أو خرسانا لأنهم يصلحون للإمامة فيها بمثلهم بعد الخطبة من غيرهم قوله: "سوى اثنان" الأولى اثنين أو هو على لغة من يلزم المثنى حالة واحدة قوله: "شرط انعقاد الأداء" وهو بتقييد الركعة بسجدة لأن الأداء فعل وفعل الصلاة هو القيام والقراءة والركوع والسجود ولذا لو حلف لا يصلي لا يحنث حتى يقيده بسجدة فإذا لم يقيد بها لم يوجد الأداء كذا في الشرح قوله: "شرط انقعاد الترحيمة" أي وقد وجد وإن لم يقيد بسجدة قوله: "مع رجلين" هذا على قولهما وأجاز ذلك أبو يوسف قوله: "صريحا أو دلالة" راجعان إلى قوله أو نيابة فالصريح أن يأذن له بالاستنابة والدلالة عند عدم الإذن قوله: "ولما كان حد المصر مختلفا فيه على أقوال كثيرة" الفصل في ذلك أن مكة والمدينة مصران تقام بهما الجمعة من زمنه صلى الله عليه وسلم إلى اليوم فكل موضع كان مثل أحدهما فهو مصر وكل تفسير لا يصدق على أحدهما فهو غير معتبر كقولهم هو ما لا يسع أهله أكبر مساجده أو ما يعيش فيه كل محترف بحرفته أو يوجد فيه كل محترف وغير ذلك قوله: "عند أبي حنيفة" صرح به في التحفة عنه ورواه الحسن عنه في كتاب الصلاة كذا في غاية البيان وبه أخذ أبو يوسف وهو ظاهر المذهب كما في الهداية واختاره الكرخي والقدوري وفي العناية هو ظاهر الرواية وعليه أكثر الفقهاء وبما ذكر تعلم سقوط ما في شرح السيد قوله: "مفتى" الذي رأيته في النسخ إثبات الياء فيه وفي قاضي والأولى حذفها فيهما لأنهما منقوصان قوله: "ينصف" بضم الياء من أنصف قوله: "مقيمون بها" قيد بها لأنه إذا لم تعتبر الإقامة لا توجد

ص: 512

الحدود" احترازا عن المحكم والمرأة وذكر الحدود يغني عن القصاص "و" الحال أنه موضع "بلغت أبنيته" قدر "أبنية منى" وهذا "في ظاهر الرواية" قاله قاضيخان وعليه الاعتماد "وإذا كان القاضي أو الأمير مفتيا أغنى عن التعداد" لأن المدار على معرفة الأحكام لا على كثرة الأشخاص "وجازت الجمعة بمنى في الموسم "2" للخليفة وأمير الحجاز" لا أمير الموسم لأنه يلي أمر الحاج لا غير عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا تصح بها لأنها قربة وقالا تتمصر في الموسم "وصح الاقتصار في الخطبة على" ذكر خالص لله تعالى "نحو تسبيحة أو تحميدة" أو تهليلة أو تكبيرة لكن "مع الكراهة" لترك السنة عند الإمام وقالا لا بد من ذكر طويل يسمى خطبة وأقله قدر التشهد إلى قوله عبده ورسوله حمد وصلاة

ــ.

قرية أصلا إذ كل قرية متمولة بحكم كذا في الشرح قوله: "ينفذ الأحكام ويقيم الحدود" المراد به القدرة على ذلك كما صرح به في التحفة عن الإمام لتزييف صدر الشريعة له بظهور التواني في الأحكام لا سيما في إقامة الحدود في الأمصار مزيف كما في الحلبي فالمراد الشأن لا الحصول بالفعل قالالعلامة نوح دفع الظلم عن المظلومين ليس بشرط في تحقق المصرية بل الشرط في تحققها القدرة على الدفع ومما يدل على عدم اشتراط الدفع بالفعل أن جماعة من الصحابة صلوها خلف الحجاج وهو أظلم خلق الله تعالى اهـ وفي الحموي واعلم أن بعض الموالي زعم عدم صحة الجمعة الآن معللا بفقد بعض شرائط الأداء وهو المصر فإنها عبارة عن كل بلدة فيها وال وقاض ينفذان الأحكام ويقيمان الحدود وهما مفقودان فلا تصح الجمعة وتتعين صلاة الظهر وقد تبعه على ذلك كثير من الأروام وما قاله هذا البعض ضلال في الدين فإن تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود موجودان في الجملة والأولى ما في العلامة نوح فتأمل قوله: "احتراز عن المحكم والمرأة" فإنهما ينفذان الأحكام ولا يقيمان الحدود والأولى النصب قوله: "يغني عن القصاص" لأن من ملك إقامتها ملكه كذا في الشرح قوله: "وإذا كان القاضي أو الأمير الخ" في شرح السيد وقدمنا عن الشيخ قاسم الاكتفاء بالقاضي عن الأمير وحينئذ وجود القاضي يغني عن المفتي والأمير حيث كان له معرفة بالأحكام وإلا فلا بد من المفتي اهـ وفي الشرح ولا يشترط الصلاة في البلد بالمسجد فتصح بفضاء فيها اهـ قوله: "بمنى" هي بالكسر والقصر موضع على فرسخين من مكة والغالب فيه التذكير فيصرف وإذا أنث منع للعلمية والتأنيث قوله: "في الموسم" فيه إيماء إلى أنها لا تقام فيها في غير أيامه لزوال تمصرها بزوال الموسم وقيل تجوز في جميع الأيام لأنها في فناء مكة ورد بأن بينهما فرسخين قوله: "أو أمير الحجاز" هو أمير مكة قوله: "لا أمير الموسم" أي إلا إذا أذن له بإقامة الجمعة قوله: "وقا لا تتمصر في الموسم" وعدم التعييد فيها للتخفيف على الحاج لأنهم مشغولون بالمناسك هداية قوله: "وصح الاقتصار في الخطبة الخ" بيان لركنها قوله: "لكن مع الكراهة" أي التنزيهية لقوله لترك السنة قوله:

ص: 513

ودعاء للمسلمين والتسبيحة ونحوها لا تسمى خطبة وله قوله تعالى: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} من غير فصل بين كونه ذكرا طويلا يسمى خطبة أو لا ولقضية عثمان رضي الله عنه لما قال الحمد لله فارتج عليه ثم نزل وصلى بهم ولم ينكر عليه أحد منهم فكان إجماعا منهم "وسنن الخطبة" التي في ذات الخطيب والتي في نفس الخطبة "ثمانية عشر شيئا" بل يزاد عليها فمن السنة أن يكون جلوس الخطيب في مخدعه عن يمين المنبر أو جهته لابسا السواد أو البياض ومنها "الطهارة" حال الخطبة لأنها ليست صلاة ولا كشطرها وتأويل

ــ

"حمد وصلاة ودعاء" بدل من قوله ذكر طويل في السفتاقي الخطبة الأولى فيها أربع فرائض التحميد والصلاة والوصية بتقوى الله وقراءة آية وكذا في الثانية إلا أن الدعاء في الثانية بدل قراءة الآية في الأولى كذا في شرح المقدسي وظاهر أن هذا لا يتمشى على قوله وهو ظاهر ولا على قولهما لأنهما لا يشترطان الثانية ولا الآية وما ذكره مذهب الشافعي رضي الله عنه قوله: "فاسعوا إلى ذكر الله" وهو مطلق فكان الشرط الذكر الأعم بالقاطع وكون المأثور الذكر المسمى خطبة إنما يفيد الوجوب أو السنية لا أنه هو شرط الذي لا يجزىء غيره قوله: "ولقضية عثمان الخ" ذكر في المحيط والمبسوط وملتقى البحار وشرح البخاري لابن بطال وشرح مسلم لصدر الدين الخلاطي والمؤرخون أن عثمان رضي الله عنه أول جمعة ولي الخلافة صعد المنبر فقال: الحمد لله فأرتج عليه فقال: إن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالا وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال وستأتيكم الخطب بعد وأستغفر الله العظيم لي ولكم اهـ قال في النهاية ولم يعن عثمان بقوله وإنكم الخ تفضيل نفسه على الشيخين بل على الخلفاء الذين يكونون بعد الراشدين فإنهم يكونون على كثرة في المقال مع قبح الفعال فكأنه يقول أنا وإن لم أكن قوالا مثلهم فأنا على الخير دون الشر اهـ قوله: "فأرتج" بضم الهمزة وسكون الراء المهملة وكسر المثناة من فوق وبالجيم كاغلق مبنيا للمفعول وزنا ومعنى أي استغلق عليه الكلام فلم يقدر على إتمامها قوله: "وسنن الخطبة الخ" منها أن تكون خطبتان تشتمل كل منهما على حمد وتشهد وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأولى على تلاوة آية وعلى وعظ والثانية على دعاء للمؤمنين والمؤمنات عوض الوعظ كما ذكره قوله: "بل يزاد عليها الخ" زاد على ما ذكره نحو سنتين والعدد لا مفهوم له قوله: "أو جهته" أي المنبر أي إن لم يكن له مخدع كما في الشرح قوله: "أو البياض" فهو مخير ولا يلزمه اختصاص السواد كما في الشرح وتكره صلاته في المحراب قبل الخطبة قهستاني وغيره ويكره التفاته يمينا وشمالا وما يفعله المؤذنون حال الخطبة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترضي عن الصحابة والدعاء للسلطان بالنصر ينبغي أن يكون مكروها اتفاقا قوله: "الطهارة" فلو خطب محدثا أو جنبا جاز ويكره ويستحب إعادتها إذا كان جنبا إلا أذانه زيلعي وإن لم يعد أجزأ إن لم يطل الفصل بأجنبي قوله: "لأنها ليست صلاة" بل ذكر

ص: 514

الأثر أنها في حكم الثواب كشطر الصلاة هو الصحيح "وستر العورة" للتوارث "و" كذا "الجلوس على المنبر قبل الشروع في الخطبة والأذان بين يديه" جرى به التوارث "كالإقامة" بعد الخطبة "ثم قيامه" بعد الأذان في الخطبتين ولو قعد فيهما أو في إحداهما أجزأ وكره من غير عذر وإن خطب مضطجعا أجزأ "و" إذا قام يكون "السيف بيساره متكئا عليه في كل بلدة فتحت عنوة" ليريهم أنها فتحت بالسيف فإذا رجعتم عن الإسلام فذلك باق بأيدي المسلمين يقاتلونكم به حتى ترجعوا إلى الإسلام "و" يخطب "بدونه" أي السيف "في" كل "بلدة فتحت صلحا" ومدينة الرسول فتحت بالقرآن فيخطب فيها بلا سيف ومكة فتحت بالسيف "و" يسن "استقبال القوم بوجهه" كما استقبل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم "و" يسن "بداءته بحمد الله" بعد التعوذ في نفسه سرا "والثناء عليه بما هو أهله" سبحانه "والشهادتان والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والعظة" بالزجر عن المعاصي والتخويف والتحذير مما يوجب مقت الله تعالى وعقابه سبحانه "والتذكير" بما به النجاة "وقراءة آية من القرآن" لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ

ــ.

والجنب والمحدث لا يمنعان منه قوله: "ولا كشطرها" بدليل أنها تؤدى إلى غير جهة القبلة ولا يفسدها الكلام قوله: "وتأويل الأثر أنها الخ" أي بأنها الخ فهو على حذف الباء والأثر ظاهره يدل على أنها كشطر الصلاة قوله: "هو الصحيح" مقابله ما عن أبي يوسف أن الطهارة شرط قوله: "وستر العورة" هو من سنن الخطبة إجماعا وإن كان فرضا في حد ذاته حتى لو خطب بدونه أجزأ برهان قوله: "وكذا الجلوس الخ" اختلف فيه هل هو للأذان أو للإستراحة وعلى الأول لا يسن في العيد لأنه لا أذان له ذكره البدر العيني على البخاري قوله: "فتحت عنوة" أي قهرا أو غلبة قوله: "ليريهم" هذه العلة إنما تظهر فيمن كان حديث عهد بالإسلام من أهل تلك البلدة ولكن العلة تعتبر في الجنس وقيل الحكمة فيه الإشارة إلى أن هذا الدين قد قام بالسيف وفيه إشارة إلى أنه يكره الإتكاء على غيره كعصا وقوس خلاصة لأنه خلاف السنة محيط وناقش فيه ابن أميرحاج بأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قام خطيبا بالمدينة متكئا على عصا أو قوس كما في أبي داود وكذا رواه البراء بن عازب عنه صلى الله عليه وسلم وصححه ابن السكن قوله: "فتحت بالقرآن" أي بذكره وتلاوته فيها فكان أهلها يتعلمون القرآن قبل قدومه إياها صلى الله عليه وسلم قوله: "بالسيف" هو أحد قولين قوله: "واستقبال القوم بوجهه" فإن ولاهم ظهره كره قال شمس الأئمة من كان أمام الإمام استقبل بوجهه ومن كان عن يمين الإمام أو يساره انحرف إلى الإمام وقال السرخسي الرسم في زماننا القوم القبلة وترك استقبالهم الخطيب لما يلحقهم من الحرج بتسوية الصفوف بعد فراغ الخطيب من خطبته لكثرة الزحام قال وهذا أحسن قوله: "كما استقبل الصحابة الخ" فيكون استقبالهم الإمام سنة أيضا فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب استقبل أصحابه ومن كان أمامه استقبله بوجهه ومن كان عن يمينه أو يساره انحرف إليه كذا في الشرح قوله: "مما يوجب مقت الله" أي من ارتكاب ذلك

ص: 515

في خطبته": {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} والأكثر على أنه يتعوذ قبلها ولا يسمي إلا أن يقرأ سورة كاملة فيسمي أيضا "و" يسن "خطبتان" للتوارث إلى وقتنا "و" يسن "الجلوس بين الخطبتين" جلسة خفيفة وظاهر الرواية مقدار ثلاث آيات "و" يسن "إعادة الحمد و" إعادة "الثناء و" إعادة "الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" كائنة تلك الإعادة "في ابتداء الخطبة الثانية" وذكر الخلفاء الراشدين والعمين مستحسن بذلك جرى التوارث "و" يسن "الدعاء فيها" أي الخطبة الثانية "للمؤمنين والمؤمنات" مكان الوعظ "بالاستغفار لهم" الباء بمعنى مع أي يدعو لهم بإجراء النعم ودفع النقم والنصر على الأعداء والمعافاة من الأمراض والأدواء مع الاستغفار "و" يسن "أن يسمع القوم الخطبة" ويجهر في الثانية دون الأولى وإن لم يسمع أجزأ كما في الدراية "و" يسن "تخفيف الخطبتين" قال ابن مسعود رضي الله عنه طول الصلاة وقصر الخطبة من فقه الرجل "بقدر سورة من طوال المفصل" كذا في الدراية ولكن يراعى الحال بما هو دون ذلك فإنه إذا جاء بذكر وإن قل يكون خطبة "ويكره التطويل" من غير قيد بزمن في الشتاء لقصر الزمان وفي الصيف للضرر بالزحام والحر "وترك شيء من السنن" التي بيناها "ويجب" يعني يفترض "السعي" أراد الذهاب ماشيا بالسكينة والوقار لا الهرولة لأنها تذهب بهاء المؤمن والمشي أفضل لمن يقدر عليه وفي العود منها وإنما ذكر بلفظ السعي لمطابقة الأمر به في الآية وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه بقوله

ــ.

قوله: "قبلها" أي الآية وهو غير التعوذ الذي قبل الخطبة قوله: "وظاهر الرواية مقدار ثلاث آيات" وهو المذهب در وتاركها مسيء في الأصح لأنها سنة قهستاني لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما خطبة واحدة فلما أسن جعلها خطبتين بينهما جلسة خفيفة وفيه دليل على أنها للإستراحة لا شرط قوله: "وسن إعادة الحمد الخ" الثلاثة سنة واحدة قوله: "وسن الدعاء فيها للمؤمنين" وجاز الدعاء للسلطان بالعدل والإحسان وكره تحريما وصفه بما ليس فيه وتكلمه بكلام الدنيا إلا أن يشبه أمرا بمعروف قوله: "والنصر على الأعداء" أي الكفار والبغاة قوله: "قال ابن مسعود الخ" وفي الفتح من الفقه والسنة تقصير الخطبة وتطويل الصلاة قوله: "بما هو دون ذلك" أي بذكر ما هو دون سورة من قصار المفصل قوله: "ويكره التطويل" أي بزيادة على قدر السورة من الطوال كما في الدر وغيره قوله: "في الشتاء" متعلق بالتطويل وقوله وفي الصيف عطف عليه وقوله بالزحام لا يخص الصيف قوله: "بهاء المؤمن" أي كماله قوله: "والمشي أفضل" لما كان يتوهم من قوله أراد الذهاب ماشيا ان المشي واجب دفعه بذلك قوله: "وفي العود منها" عطف على محذوف معلوم من المقام أي في الذهاب إليها وفي العود والحاصل أنهم اختلفوا في الرجوع فقيل هو كالذهاب إليها فالمشي أفضل وقيل هو كالخروج إلى سائر الحاجات وهو الأصح

ص: 516

"إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" وأخرجه أحمد وقال: "وما فاتكم فاقضوا" فيذهب في الساعة الأولى وهو الأفضل ثم ما يليها وهكذا "للجمعة و" يجب بمعنى يفترض "ترك البيع" وكذا

ــ.

قوله: "وأنتم تسعون" أي تسرعون قوله: "وقال" أي الإمام أحمد ومثله عند ابن حبان عن ابن عيينة قوله: "فيذهب في الساعة الأولى الخ" لحديث أوس الثقفي رضي الله عنه من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها رواه أبو داود وغيره يقال غسل الرجل امرأته وغسلها مخففا ومشددا إذا جامعها لأنه أوجب عليها الغسل بجماعه وورد أن من فعله كان ممن يظل بظل العرش كذا ذكره الشبرخيتي في شرح الأربعين والتبكير سرعة الانتباه أول الوقت أو قبله لأداء العبادة بنشاط والابتكار هو المسارعة إلى المصلى لينال فضيلته والصف الأول وروى الإمام مالك في الموطأ قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة اهـ قال مالك وأكثر أصحابه وإمام الحرمين والقاضي حسين أنها لحظات لطيفة أولها زوال الشمس وآخرها قعود الإمام على المنبر وقال الجمهور والمراد ساعات اليوم والليلة المنقسمة إلى أربعة وعشرين جزءا فاستحبوا التبكير اليها واختلف في أول الوقت فقيل من طلوع الشمس ليكون ما قبله من طلوع الفجر زمان غسل وتأهب قال البرهان الحلبي وهو الأظهر وذكر الساعات للحث على التبكير إليها والترغيب في فضلة السبق وتحصيل الصف الأول وانتظارها والاشتغال بالنفل والذكر قبلها وفي الكشاف قيل أول بدعة حدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجمعة ومعنى راح في الحديث خف قال في القاموس راح للمعروف يراح راحة أخذته له خفة وراحت يده لكذا خفت واستحبوا ان يواقع زوجته ليكون أغض لبصره وأسكن لنفسه إذا راح للجمعة كما يشهد له حديث أوس السابق قوله: "ويجب ترك البيع" فيكره تحريما من الطرفين على المذهب وصح اطلاق الحرام عليه كما وقع في الهداية ويقع العقد صحيحا عندنا وهو قول الجمهور حتى يجب الثمن ويثبت الملك قبل القبض وفي الفتح المكروه دون الفاسد وليس المراد بكونه دونه في حكم المنع الشرعي بل في عدم فساد العقد وإلا فهذه المكروهات كلها تحريمية لا نعلم خلافا في الإثم بها اهـ وقال مالك وأحمد بالبطلان في غير نكاح وهبة وصدقة وفي الكلام إشعار بأن من لم تجب عليه الجمعة مستثنى من الحكم كما في القهستاني يعني من لم تجب عليهما معا أما إذا وجبت على أحدهما دون الآخر أثما جميعا لأن الأول ارتكب النهي والثاني أعانه عليه كذا في شرح البخاري للعيني قوله:

ص: 517

ترك كل شيء يؤدي إلى الاشتغال عن السعي إليها أو يخل به كالبيع ماشيا إليها لإطلاق الأمر "بالأذان الأول" الواقع بعد الزوال "في الأصح" لحصول الإعلام به لأنه لو انتظر الأذان الثاني الذي عند المنبر تفوته السنة وربما لا يدرك الجمعة لبعد محله وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني "وإذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام" وهو قول الإمام لأنه نص النبي عليه الصلاة والسلام وقال أبو يوسف ومحمد ولا بأس بالكلام إذا خرج قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن

ــ

"وكذا ترك كل شيء الخ" منه إنشاء السفر عنده قوله: "كالبيع ماشيا" وما في النهاية عن أصول الفقه لأبي اليسر أنهما إذا تبايعا وهما يمشيان فلا بأس به مشكل لأنه تخصيص لإطلاق الكتاب وهو نسخ فلا يجوز بالرأي وفي المضمرات والبيع على باب المسجد أو فيه أعظم وزرا اهـ قوله: "في الأصح" وقال الطحاوي المعتبر هو الأذان الثاني عند المنبر لأنه الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم والشيخين بعده قال في البحر وهو ضعيف قوله: "وإذا خرج الإمام" أي من حجره إن كانت وإلا فقيامه للصعود قاطع كما في شرح المجمع فيثبت المنع بمجرد ظهوره ولو قبل صعوده المنبر وقيل إذا صعد وعليه جرى الكمال والزيلعي والعيني قوله: "فلا صلاة" سواء كانت قضاء فائتة أو صلاة جنازة أو سجدة تلاوة أو منذورة أو نفلا إلا إذا تذكر فائتة ولو وترا وهو صاحب ترتيب فلا يكره الشروع فيها حينئذ بل يجب لضرورة صحة الجمعة وأفاد أنه لا يكره الشروع قبل الخروج فيتم ما شرع فيه ولو خطب الإمام من غير كراهة مطلقا إلا إذا كان في نفل فإنه يتم شفعا ثم يقطع ولو كان خروجه بعد القيام للثالثة أتم أيضا لأنه وجب عليه الشفع الثاني بالقيام إليه واختلف في سنة الجمعة فقيل يقطع على رأس الركعتين كالنفل المطلق والصحيح أنه يتمها لأنه كصلاة واحدة واجبة بحر ولكن يخفف القراءة در يعني بقدر الواجب لإدراك الواجب وهل يترك تسبيح الركوع والسجود والصلاة على البشير النذير في القعود الأخير لأنها سنة والإستماع فرض يحرر قوله: "ولا كلام" دنيوي اتفاقا كما في السراج وغيره كذا الأخروي عند الإمام وسيأتي تمامه قوله: "لأنه نص النبي صلى الله عليه وسلم" وهو كما في الهداية باللفظ المذكور وفي المصنف فاز في الفتح ورفعه غريب والمعروف كونه من كلام الزهري اهـ وفي البحر عن العناية والنهاية اختلف المشايخ على قول الإمام في الكلام قبل الخطبة فقيل إنما يكره ما كان من جنس كلام الناس أما التسبيح ونحوه فلا وقيل ذلك مكروه والأول أصح ومن ثمة قال في البرهان وخروجه قاطع للكلام أي كلام الناس عند الإمام اهـ فعلم بهذا انه لا خلاف بينهم في جواز غير الدنيوي على الأصح ويحمل الكلام الوارد في الأثر على الدنيوي ويشهد له ما أخرجه البخاري أن معاوية أجاب المؤذن بين يديه لما أن قضى التأذين قال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم من مقالتي اهـ وفي النهر عن البدائع يكره الكلام حال الخطبة وكذا كل عمل يشغله عن سماعها من قراءة

ص: 518

يكبر واختلفا في جلوسه إذا سكت فعند أبي يوسف يباح وعند محمد لا يباح لأن الكراهة للإخلال بفرض الاستماع ولا استماع هنا وله إطلاق الأمر وإذا أمر الخطيب بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سرا إحرازا للفضيلتين ويحمد في نفسه إذا عطس على الصحيح وفي الينابيع يكره التسبيح وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والكتابة إذا كان يسمع الخطبة وروي عن نصير بن يحيى إن كان بعيدا من الإمام يقرأ القرآن وروي عنه أن كان يحرك شفتيه ويقرأ القرآن فمن فعل مثله ولا يشتغل غيره بسماع تلاوته لا بأس به كالنظر في الكتاب والكتابة وفيه خلاف وروي عن أبي يوسف أن لا بأس به وقال الحسن بن زياد ما دخل العراق أحد أفقه من الحكم بن زهير وأن الحكم كان يجلس مع أبي يوسف يوم الجمعة وينظر في كتابه ويصحح بالقلم وقت الخطبة "ولا يرد سلاما ولا يشمت عاطسا" لاشتغاله بسماع واجب قال في الحجة كان أبو حنيفة رحمه الله يكره تشميت العاطس

ــ

قرآن أو صلاة أو تسبيح أو كتابة ونحوها بل يجب عليه أن يستمع ويسكت في شرح الزاهدي يكره لمستمع الخطبة ما يكره في الصلاة من أكل وشرب وعبث والتفات ونحو ذلك اهـ وفي الخلاصة كل ما حرم في الصلاة حرم حال الخطبة ولو أمرا بمعروف وفي السيد استماع الخطبة من أولها إلى آخرها واجب وإن كان فيها ذكر الولاة وهو الأصح نهر وكذا استماع سائر الخطب كخطبة النكاح والختم اهـ واختلف في الدنو من الإمام والصحيح من الجواب أنه أفضل وقال كثير من العلماء التباعد أولى كي لا يسمع مدح الظلمة والدعاء لهم ويجلس في الصف الأول مما يلي الإمام من غير إيذاء قوله: "لأن الكراهة" علة لأصل الخلاف ولقول أبي يوسف بجوازه في الجلوس أيضا قوله: "يصلي سرا" بحيث يسمع نفسه كذا أفاده القهستاني وفي الشرح عن الحسامي يصلي في نفسه وفي الفتح عن أبي يوسف ينبغي في نفسه لأن ذلك مما لا يشغله عن سماع الخطبة فكان إحرازا للفضيلتين وهو الصواب قوله: "ويحمد في نفسه" وإذا فرغ من الخطبة يحمد بلسانه كما لو سمع النداء في الخلاء يجيب بقلبه وإذا فرغ يجيب بلسانه كما في المحيط قوله: "وفيه خلاف" والمعتمد المنع وفي الولوالجية النسائي عن الخطيب إذا كان يجيب لا يسمع الخطبة لا يقرأ القرآن بل يسكت هو المختار قوله: "وقال الحسن الخ" معتمد المذهب المنع قال في الكنز بل يستمع وينصت والنسائي كالقريب قوله: "وإن الحكم" بكسر ان قوله: "ولا يرد سلاما" مطلقا لا بلسانه ولا بقلبه لا قبل الفراغ ولا بعده لأن هذا السلام غير مأذون فيه شرعا بل يرتكب بسلامه إثما لأنه يشغل به خاطر السامع عن الفرض قوله: "ولا يشمت عاطسا الخ" وهل يحمد إذا عطس الصحيح نعم في نفسه وإذا لم يتكلم بلسانه ولكنه أشار برأسه أو بيده أو بعينه لإزالة منكر أو جواب سائل لا يكره على الصحيح كما في المضمرات والفتح قوله: "لما

ص: 519

ورد السلام إذا خرج الإمام "حتى يفرغ من صلاته" لما قدمناه وليس منه الإنذار والنداء لخوف على أعمى ونحوه التردي في بئر أو خوف حية أو عقرب لأن حق الآدمي مقدم على الإنصات وحق الله والدعاء المستجاب وقت الإقامة يحصل بالقلب لا باللسان "وكره لحاضر الخطبة الأكل والشرب" وقال الكمال يحرم وإن كان أمرا بمعروف أو تسبيحا والأكل والشرب والكتابة انتهى يعني إذا كان يسمع ما يجتنبه في الصلاة "ولا يسلم الخطيب على القوم إذا استوى على المنبر" لأنه يلجئهم إلى ما نهوا عنه والمروي من سلامه عندنا غير مقبول "وكره" لمن تجب عليه الجمعة "الخروج من المصر" يوم الجمعة "بعد النداء" أي الأذان الأول وقبل الثاني "ما لم يصل" الجمعة لأنه شمله الأمر بالسعي قبل تحققه بالسفر وإذا خرج قبل الزوال فلا بأس به بلا خلاف عندنا وكذا بعد الفراغ منها وإن لم يدركها "ومن لا جمعة عليه" كمريض ومسافر ورقيق وامرأة وأعمى ومقعد "إن أداها جاز عن فرض

ــ.

قدمناه" من قوله إذا خرج الإمام الخ قوله: "وليس منه" أي من الكلام المكروه قوله: "حق الله" بدل من الإنصات قوله: "والدعاء المستجاب وقت الإقامة" أي يوم الجمعة أو في ساعة الجمعة المفسرة على الصحيح بأنها من خروج الإمام إلى فراغه من الصلاة قوله: "إذا كان يسمع" بأن كان قريبا قوله: "إن كتابة من لا يسمع" أي البعيد قوله: غير ممتنعة المعتمد المنع قوله: "لأنه يلجئهم إلى ما نهوا عنه" وهو الكلام وهذا إنما يظهر أن لو أطلق في الكلام أما لو قيد بالدنيوي فلا يظهر لأن هذا أخروي وهو مما لا خلاف في إباحته كما مر عن العناية وغيرها وهذا البحث كثير الخلاف جدا قوله: "والمروي من سلامه" أي الإمام حين يستقر على أعلى المنبر كما فعله صلى الله عليه وسلم قوله: "غير مقبول" لما قال البيهقي أنه ليس بقوي وقال عبد الحق في الأحكام الكبرى هو مرسل وهو ليس بحجة عند الشافعي رضي الله عنه أي فكيف يستدل به عنده وقوله عندنا متعلق بمقبول أو متعلق بقوله والمروي فإن الحدادي وجماعة من مشايخنا قالوا: انه يسلم قوله: "وكره لمن تجب عليه الجمعة" أطلق الكراهة فتكون تحريمية وأخرج من لا تجب عليه فلا كراهة في خروج قوله: "وقيل الثاني" هذا الخلاف مبني على الخلاف في وجوب السعي بالأول أو بالثاني قوله: "ما لم يصل الجمعة" على الصحيح كما في شرح المنية والمسافر إذا دخل مصر أو لم ينو إقامة نصف شهر لا جمعة عليه وان عزم على أن يمكث فيه يومها بخلاف القروي العازم فإنه يلحق بأهل المصر وان نوى الخروج من يومه ولو بعد الزوال لا تلزمه الجمعة هكذا قال الفقيه وقيل إن دخل الوقت قبل خروجه من المصر لزمته الجمعة مطلقا كذا في الخلاصة قال البرهان الحلبي ولم يذكر قاضيخان إلا عدم لزومها إذا نوى الخروج من يومه قبل الوقت أو بعده كما اختار الفقيه أبو الليث فعلم أنه المختار عنده لأنه إذا نوى إقامة ذلك اليوم في

ص: 520

الوقت" لأن سقوط الجمعة عنه للتخفيف عليه فإذا تحمل ما لم يكلف به وهو الجمعة جاز عن ظهره كالمسافر إذا صام وكلام الشراح يدل على أن الأفضل لهم الجمعة غير أنه يستثنى منه المرأة لمنعها عن الجماعة "ومن لا عذر له" يمنعه عن حضور الجمعة "لو صلى الظهر قبلها أي قبل صلاة الجمعة انعقد ظهره لوجود وقت الأصل في حق الكافة وهو الظهر لكنه لما أمر بالجمعة "حرم" عليه الظهر وكان انعقاده موقوفا "فإن سعى" أي مشى "إليها" أي إلى الجمعة "و" كان "الإمام فيها" وقت انفصاله عن داره لم يتمها أو أقيمت بعد ما سعى إليها "بطل ظهره" أي وصفه وصار نفلا وكذا المعذور "وإن لم يدركها" في الأصح وقيل إذا مشى خطوتين في البيت الواسع يبطل ولا يبطل إذا كان مقارنا للفراغ منها

ــ.

المصر التحق بأهله بخلاف ما إذا لم ينو اهـ قوله: "إن أداها جاز عن فرض الوقت" قال القهستاني الكلام مشير إلى أن فرض الوقت هو الظهر في حق المعذور وغيره لكنه مأمور بإسقاطه بأداء الجمعة حتما والمعذور له رخصة فالجمعة ليست بدلا عن الظهر لأن حقيقة البدل هو ما يصار إليه عند تعذر الأصل وليس هذا كذلك وليس الظهر بدلا عنها لأنه هو فرض الوقت بل هي فرض مستقل في ذلك اليوم يسقط به الظهر قال في الفتح وهذا الوجه يستلزم وجوب الظهر أولا ثم إيجاب إسقاطه بالجمعة وفائدة هذا الوجوب جواز المصير إليه عند العجز عن الجمعة اهـ قوله: "وكلام الشراح يدل الخ" لقولهم إن الظهر لهم يوم الجمعة رخصة فدل على أن العزيمة صلاة الجمعة كذا في الشرح قوله: "غير أنه يستثنى منه المرأة" أي فصلاتها في بيتها أفضل وأصل هذا البحث للعلامة زين رحمه الله تعالى قوله: "في حق الكافة" متعلق بالأصل أي وأما الجمعة فليست على الكافة قوله: "حرم عليه الله الظهر" أي صلاة الظهر وهذا بالنسبة لغير المعذور كما هو الموضوع أما المعذور إذا صلى الظهر قبل الإمام لا يكره بالاتفاق بحر قوله: "فإن سعى إليها الخ" قيد بالسعي لأنه لو كان جالسا في المسجد بعدما صلى الظهر لا تبطل حتى يشرع مع الإمام بالاتفاق كما في البحر عن الحقائق لأنه إذا لم يشرع معه تبين أنه لم يرغب في الجمعة تبيين وقيد باليها لأنه لو سعى إلى غيرها لا يبطل ظهره بالاتفاق كما في غاية البيان قوله: "وكان الإمام فيها وقت انفصاله" أدركه فيها أو لم يدركه لبعد مسافة أن نحوه لأن الإدراك ممكن بتقدير الله تعالى عناية قال في الفتح وهذا تخريج أهل بلخ عن الإمام وهو الأصح وعلى تخريج أهل العراق عنه لا يبطل إلا إذا كان لا يرجو إدراكها اهـ قوله: "وكذا المعذور" فلا فرق بينه وبين غيره في أن السعي مبطل وإنما الفرق من جهة حرمة أداء الظهر قبلها أو عدمها وقالزفر والشافعي لا يبطل ظهر المعذور بأداء الجمعة بعده وتقع الجمعة نفلا قوله: "في الأصح" تعين أن المبطل السعي بقيد الانفصال عن الدار على المختار قوله: "وقيل إذا مشى خطوتين" وإن لم ينفصل عن الدار قوله: "كما بعده" أي كالسعي بعد الفراغ

ص: 521

كما بعده أو لم تقم الجمعة أصلا وقال لا يبطل ظهره حتى يدخل مع القوم وفي رواية حتى يتمها حتى لو أفسد الجمعة قبل تمامها لا يبطل ظهره على هذه الرواية ويقتصر الفساد عليه لو كان إماما ولم يحضر الجمعة من اقتدى به في الظهر "وكره للمعذور" كمريض ورقيق ومسافر "والمسجون أداء الظهر بجماعة في المصر يومها" أي الجمعة يروى ذلك عن علي رضي الله عنه ويستحب له تأخير الظهر عن الجمعة فإنه يكره له صلاتها منفردا قبل الجمعة في الصحيح "ومن أدركها" أي الجمعة "في التشهد أو" في "سجود السهو" وتشهده "أتم جمعة" لما رويناه وما فاتكم فاقضوا وهذا عندهما وقال محمد إن أدركه قبل رفع رأسه من ركوع الثانية أتم جمعة وإلا أتم ظهرا وفي العيد يتمه اتفاقا

ــ

قوله: "وقالا لا يبطل ظهره الخ" لأن السعي إلى الجمعة دون الظهر فلا يبطل به الظهر والجمعة فوقه فيبطل بها وللإمام أن السعي إلى الجمعة من خصائصها فصار الاشتغال به كالاشتغال بركن من أركانها فيؤثر في ارتفاض الظهر احتياطا قوله: "ويقتصر الفاسد عليه الخ" مثلا لو صلى مسافر الظهر إماما ثم حضر الجمعة فصلاها فهي فرضه وجازت صلاة أولئك ولو قدمه الإمام لسبق حدث حازت صلاة القوم لأن ظهره ارتفض في حقه دون أولئك الذين صلى بهم قبل دخول المصر فصار في حق الفريق الثاني كأنه لم يصل الظهر كذا في الشرح وبها يلغز فيقال أي صلاة فسدت على الإمام ولم تفسد على المأموم قوله: "أداء الظهر بجماعة" سواء كان قبل الجمعة أو بعدها وإنما قيد بالمعذور ليعلم حكم غيره بالأولى ووجه الكراهة أنها تفضي إلى تقليل جماعة الجمعة لأنه ربما تطرق غير المعذور للاقتداء بالمعذور ولأن فيه صورة المعارضة بإقامة غيرها قوله: "في المصر" قيد به لإخراج أهل السواد فإنه لا يكره لهم الجماعة لعدم الجمعة على أهلها فلا يلزم ما ذكر قوله: "فإنه يكره له صلاتها الخ" كذا في البحر وهذا لا ينافي ما قدمناه عنه من أن ذلك لا يكره اتفاقا فالحمل الكراهة المنفية فيما سبق على التحريمية وما هنا على التنزيهية لأنها في مقابلة المستحب أفاده السيد قوله: "صلاتها" أي الظهر وأنث باعتبار أنها فريضة قوله: "أو في سجود السهو" إن قيل إن هذا يشعر بأنه يسجد للسهو في الجمعة والعيد وهو خلاف المختار أجيب بأن المختار عدم الوجوب فيهما وإن الأولى تركه لئلا يقع الناس في فتنة لا أن المختار عدم جوازه أفاده في الإيضاح قوله: "وما فاتكم فاقضوا " فإن معناه اقضوا ما فاتكم من صلاة الإمام والذي فات من صلاة الإمام هو الجمعة وهو يدل على ما في قوله لما روينا قوله: "وإلا أتم ظهرا" لأنه أدرك معه أقلها فلا يعتبر بالكل من وجه وحاصله أنه بإدراك الأقل تصير جمعة من وجه باعتبار ما وجد من الشرائط فيما أدرك كالتحريمة والجماعة والإمام وظهرا من وجه لفوات بعض الشروط فيما يقضي وهو الجماعة والإمام وهي مشروعة على خلاف القياس فيراعى فيه جميع الخصوصيات فبالنظر لكونها ظهرا يصلي أربعا وبالنظر لكونها جمعة يتحتم

ص: 522

ويتخير في الجهر والإخفاء وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهره ويدهن من دهنه ويمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب

ــ.

أن يقعد على رأس الركعتين ويقرأ في جميع الركعات لاحتمال النفلية قوله: "ويتطهر" لعل الواو بمعنى أو ويكون المراد به الوضوء لما ورد ما معها من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أحب قوله: "ويدهن من دهنه" لعل المراد به نحو الزيت فانه مأمور به في البلاد الحارة كما يدل عليه حديث كلوا الزيت وادهنوا به قوله: "ويمس من طيب بيته" الموجود فيه أو المرد ان لم يجد طيب الرجال يمس من طيب أهله مما له رائحة لا لون كمسك وكافور قوله: "فلا يفرق بين اثنين" أفاد بهذا النهي عنه قال صلى الله عليه وسلم: "من تخطى رقاب الناس اتخذ جسرا إلى جهنم" وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحضر الجمعة ثلاثة نفر رجل حضرها يلغو فهو حظه منها ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله عز وجل ان شاء أعطاه وإن شاء منعه ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا فهو كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك بأن الله تعالى يقول من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" قال الحلبي وينبغي أن يقيد النهي عن التخطي بما إذا وجد بدا أما إذا لم يجد بدا بأن لم يكن في الوراء موضع وفي المقدم موضع فله أن يتخطى اليه للضرورة وفي الخلاصة إذا دخل الرجل الجامع وهو ملآن إن كان تخطيه يؤذي الناس لم يتخط وإن كان لا يؤذي أحدا بأن لا يطأ ثوبا ولا جسدا فلا بأس ان يتخطى ويدنو من الإمام وروى الفقيه أبو جعفر عن أصحابنا انه لا بأس بالتخطي ما لم يخرج الإمام أو يؤذي أحدا اهـ وحاصله أن التخطي جائز بشرطين عدم الإيذاء وعدم خروج الإمام لأن الإيذاء حرام والتخطية عمل وهو بعد خروج الإمام حرام فلا يرتكبه لفضيلة الدنو من الإمام بل يستقر في موضعه من المسجد وما ذكره في البحر وغيره من أن من وجد فرجة في المقدم له أن يخرق الثاني لأنه لا حرمة لهم لتقصيرهم يحمل على الضرورة أو على عدم الإيذاء أو على الاستئذان قبل خروج الإمام جمعا بين الروايات ومن زحزح رجلين وجلس بينهما مع ضيق الموضع دخل في النهي عن التفرقة بين اثنين وفي البحر وأما التخطي للسؤال فمكروه في جميع الأحوال بالإجماع ويكره أشد كراهة أن يقيم الرجل أخاه فيجلس في موضعه في الجمعة وغيرها قالالكرماني وظاهر النهي الوارد فيه التحريم لأن من سبق إلى مباح فهو أحق به بخلاف ما لو قام الجالس باختياره وأجلس غيره فلا كراهة في جلوس غيره لكن ان انتقل القائم إلى مكان أقرب لسماع الخطبة فلا بأس وإن انتقل إلى دونه كره ولو آثر شخصا بمكانه لم يجر لغيره ان يسبقه إليه لأن الحق للجالس آثر به غيره فقام مقامه في استحقاقه ولو بعث من يقعد له في مكانه عنه إذا جاء هو حاز أيضا من غير كراهة ولو فرش له نحو سجادة ففيه وجهان فقيل يجوز لغيره تنحيتها والجلوس في موضعها لأن السبق بالأجسام لا بما يفرش ولا يجوز الجلوس عليها

ص: 523

له ثم يسكت إذا تكلم الخطيب إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" رواه البخاري وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يعصمهم الله من عذاب القبر المؤذن والشهيد والمتوفى ليلة الجمعة" لكن ذكر ابن وهبان أنه لا بأس به وأشار به وأشار إليه بقوله ومن شاء تنويرا فقالوا: ينور

ــ.

بغير رضاه نعم لا يرفعها بيده أو غيرها لئلا تدخل في ضمانه وقيل لا يجوز تنحيتها لأنه ربما يفضي إلى الخصومة ولأنه سبق إليه بالحجر فصار كحجر الموات ويجوز إقامة الرجل من مكانه في ثلاث صور إذا قعد في موضع الإمام أو في طريق يمنع الناس من المرور أو بين يدي الصف كما في العيني على البخاري وغيره قوله: "إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" يعني الماضية أو المستقبلة والمغفرة تكون للمستقبل كما تكون للماضي وزاد ابن حبان من حديث أبي هريرة وزيادة ثلاثة أيام من التي بعدها قوله: "يعصمهم الله" أي يحفظهم الله تعالى قوله: "المؤذن" ظاهره ولو غير محتسب قوله: "والشهيد" ظاهره ولو شهيد آخرة فقط قوله: "والمتوفى ليلة الجمعة" قال أبو المعين في أصوله قال أهل السنة والجماعة عذاب القبر وسؤال منكر ونكير حق لكن إن كان كافرا فعذابه يدوم في القبر إلى يوم القيامة ويرفع عنهم العذاب يوم الجمعة وشهر رمضان لحرمة النبي صلى الله عليه وسلم ثم المؤمن على ضر بين أن كان مطيعا لا يكون له عذاب القبر ويكون له ضغطة فيجد هول ذلك وخوفه لما أنه كان يتنعم بنعمة الله تعالى ولم يشكر النعمة وإن كان عاصيا يكون له عذاب وضغطة القبر لكن ينقطع عنه العذاب يوم الجمعة وليلة الجمعة ولا يعود العذاب إلى يوم القيامة وإن مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة يكون له العذاب ساعة واحدة وضغطة ثم ينقطع عنه العذاب ولا يعود إلى يوم القيامة من مجمع الروايات والتتارخانية كذا في الشرح وناقش فيه المنلا علي وقال إن ذلك غير ثابت في الأحاديث.

تكميل من كمال النظافة قص ظفر وحلق شعر قال في الخانية والخلاصة من كتاب الاستحسان رجل وقت لقلم أظفاره أو حلق رأسه يوم الجمعة قالوا: إن أخره إلى يوم الجمعة تأخيرا فاحشا يعني قد جاوز الحد كره لأن من كان ظفره طويلا يكون رزقه ضيقا فإن لم يجاوز الحد وأخره تبركا بالأخبار فهو مستحب لما روت عائشة رضي الله عنها مرفوعا من قلم أظافيره يوم الجمعة أعاذه الله من البلاء إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام وفي استحسان القهستاني عن الزاهدي يستحب أن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته وينظف بدنه في كل أسبوع مرة ويوم الجمعة أفضل ثم في خمسة عشر يوما والزائد على الأربعين آثم اهـ وورد من قلم أظفاره1 يوم الجمعة أخرج الله تعالى منه الداء وأدخل عليه الدواء اهـ وورد أن من استاك يوم الجمعة وقص شاربه وقلم أظافره ونتف إبطه واغتسل فقد

1 قوله أظافيره في نسخة أظفاره اهـ.

ص: 524

...........................................................................................

ــ.

أوجب ونقل عن الثوري استحباب تقليم الأظفار يوم الخميس وجعله بعض العلماء سببا للغنى وأحاديث يوم الجمعة أكثر فلا يعارضه هذا وظاهر الأحاديث يدل على أن القلم قبل الصلاة فما في بعض الكتب انه بعدها ليشهد له بالصلاة لا يعول عليه لأنه تعليل في مقابلة النص وقول بعضهم لم يثبت في استحباب قص الأظفار يوم معين مراد لم يصح لا أنه لم يثبت أصلا قال بعضهم وتقص على ترتيب النظم المشهور:.

قلموا1 أظفاركم.

بالسبة والأدب.

يمينها خوابس.

يسارها أوخسب

كذا في شرح الشرعة وفي فتح الباري إن الإمام أحمد قد نص على هذه الكيفية ونقل الشرف الدمياطي عن بعض مشايخه أن من قص أظفاره مخالفا لا يرمد وانه جرب ذلك مدة طويلة اهـ لكن أنكر الهيئة المذكورة ابن دقيق العيد فقال كل ذلك لا أصل له وإحداث استحباب لا دليل عليه وهو قبيح عندي بالعالم نعم البداءة بيمنى اليدين ويمنى الرجلين لها أصل وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في طهوره وترجله وفي شأنه كله متفق عليه وكذا تقديم اليدين على الرجلين قياسا على الوضوء وما يعزى من النظم في قص الأظفار لعلي وغيره باطل كظهور الأكلة في قص يوم السبت وذهاب البركة في الأحد وحصول العز والجاه في الاثنين والهلكة في الثلاثاء وسوء الأخلاق في الأربعاء والغنى في الخميس والحلم والعلم في الجمعة ثم قص الأظفار هو إزالة ما يزيد على ما يلابس رأس الإصبع من الظفر بمقص أو سكين أو غيرهما ويكره بالأسنان لأنه يورث البرص والجنون وفي حالة الجناية وكذا إزالة الشعر لما روى خالد مرفوعا من تنور2 قبل أن يغتسل جاءته كل شعرة فتقول يا رب سله لم ضيعني ولم يغسلني كذا في شرح شرعة الإسلام عن مجمع الفتاوى وغيره والمعنى في قص الأظفار أن الوسخ يجتمع تحتها فيستقذر وقد ينتهي إلى حد يمنع وصول الماء إلى ما يجب غسله في الطهارة وتستحب المبالغة في إزالة الأظفار إلى حد لا يضر بالإصبع كذا في فتح الباري وأما حلق الرأس ففي التتارخانية عن الطحاوي أنه سن عند أئمتنا الثلاثة اهـ وفي روضة الزند ويستى السنة في شعر الرأس أما الفرق وأما الحلق اهـ يعني حلق الكل إن أراد التنظيف أو ترك الكل ليدهنه ويرجله ويفرقه لما في أبي داود والنسائي عن ابن عمران أن

1 قوله قلموا إلخ لا يخفى ما في البيت الأول فعله هكذا

وقلموا أظفاركم

ذا سنة وأدب

اهـ مصححه.

2 لكن ذكر ابن وهبان أنه لا بأس به وأشار إليه بقوله ومن شاء تنويرا فقالوا: ينور.

ص: 525

............................................................................................

ــ.

رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى صبيا حلق بعض رأسه وترك بعضه فقال صلى الله عليه وسلم: "احلقوه كله أو اتركوه كله" وفي الغرائب يستحب حلق الشعر في كل جمعة وفي شرح النقاية عن الإمام يكره أن يحلق قفاه إلا عند الحجامة اهـ قال الطحاوي يستحب إحفاء الشوارب ونراه أفضل من قضاه وفي شرح شرعة الإسلام قال الإمام الإحفاء قريب من الحلق وأما الحلق فلم يرد بل كرهه بعض العلماء ورآه بدعة اهـ وفي الخانية وينبغي أن يأخذ من شاربه حتى يوازي الطرف الأعلى من الشفة العليا ويصير مثل الحاجب اهـ وعن الشعبي كان يقص شاربه حتى يظهر طرف الشفة العليا وما قاربه من أعلاه ويأخذ ما شذ مما فوق ذلك وينزع ما قارب الشفة من جانبي الفم ولا يزيد على ذلك اهـ قال في فتح الباري وهذا أعدل ما وقفت عليه من الآثار ويشرع قص السبالين مع الشارب لأنهما منه كما استظهره في فتح الباري واستثنى مشايخنا المجاهد فقالوا: نندب له توفير أظفاره لأنها سلاح وشاربه لأنه أهيب في عين العدو وأما اللحية فذكر محمد في الآثار عن الإمام أن السنة أن يقطع ما زاد على قبضة يده قال وبه نأخذ كذا في محيط السرخسي وكذا يأخذ من عرضها ماطال وخرج عن السمت التقرب من التدوير من جميع الجوانب لأن الإعدال محبوب والطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين وأخرج الطبراني عن عمر أنه أخذ من لحية رجل ما زاد على القبضة ثم قال له يترك أحدكم نفسه حتى يكون كأنه سبع من السباع وفي الفتاوى الهندية عن الغرائب نتف الفنيكين بدعة وهما جانبا العنفقة اهـ قال في الصحاح والقاموس الفنيك بالفاء والنون كامير والمثنى فنيكان وهما مجمع اللحيين أوطرفاهما عند العنفقة وفي الحديث إذا توضأت فلا تنس الفنيكين يعني جانبي العنفقة عن يمين وشمال قال بعض ويؤخذ مما تقدم مشروعية تنظيف داخل الأنف وأخذ شعره إذا طال لأن الأذى كالمخاط يعلق به اهـ وروى الشهاب القليوبي في كتاب البدور المنورة في معرفة رتبة الأحاديث المشتهرة لا تنتفوا شعر الأنف فأنه يورث الجذام ولكن قصوه قصا وقال ضعيف وقيل حسن وروي أنه يورث الأكلة وهي بتثليث1 الهمزة الحكة ونباته أمان من الجذام وفي الخلاصة عن المنتقى كان أبو حنيفة لا يكره نتف الشيب إلا على وجه التزين اهـ وينبغي حمله على القليل أما الكثير فيكره لخبر أبي داود لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة وفي القنية حلق شعر الرأس والظهر خلاف الأدب وفي المحيط لا يحلق شعر حلقه ولا بأس بأن يأخذ شعر الحاجبين وشعر وجهه ما لم يتشبه بالمخنثين ومثله في الينابيع والمضمرات والمراد ما يكون مشوها لخبر لعن الله النامصة

1قوله وهي بتثليث الهمزة انظر القاموس تجد التثلث في الأكلة بمعنى الغيبة وأما بمعنى الحكة فهي أكلة بكسر فسكون وكفرحة وأكال وكغارب اهـ مصححة.

ص: 526