المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الدائمة والأمراض والخوف الغالب من العدو ونحو ذلك من الأفزاع - حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

[الطحطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌فصل في بيان أحكام السؤر

- ‌فصل في مسائل الآبار

- ‌فصل في الاستنجاء

- ‌فصل".فيما يجوز به الاستنجاء

- ‌فصل: في" أحكام "الوضوء

- ‌فصل".في تمام أحكام الوضوء

- ‌فصل".في سنن الوضوء

- ‌فصل: من آداب الوضوءأربعة عشر شيئا

- ‌فصل".في المكروهات

- ‌فصل في أوصاف الوضوء

- ‌فصل: نواقض الوضوء

- ‌فصل عشرة أشياء لا تنقض الوضوء

- ‌فصل: عشرة أشياء لا يغتسل منها مذي

- ‌فصل لبيان فرائض الغسل

- ‌فصل في سنن الغسل

- ‌فصل: وآداب الاغتسال

- ‌فصل يسن الاغتسال لأربعة أشياء

- ‌باب التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌فصل في الجبيرة ونحوها

- ‌باب الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌باب الأنجاس والطهارة عنها

- ‌فصل: يطهر جلد الميتة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌فصل" في الأوقات المكروهة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة وأركانها

- ‌فصل في متعلقات الشروط وفروعها

- ‌فصل في بيان واجب الصلاة

- ‌فصل في بيان سننها

- ‌فصل: من آدابها

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الصلاة

- ‌باب الإمامة

- ‌فصل: يسقط حضور الجماعة بواحد من ثمانية عشر شيئا

- ‌فصل: في بيان الأحق بالإمامة

- ‌فصل: فيما يفعله المقتدي بعد فراغ إمامه من واجب وغيره لو سلم الإمام

- ‌فصل: في صفة الأذكار

- ‌باب فيما لا يفسد الصلاة

- ‌فصل في المكروهات

- ‌فصل في اتخاذ السترة ودفع المار بين يدي المصلى إذا ظن

- ‌فصل فيما لا يكره للمصلي

- ‌فصل فيما يوجب قطع الصلاة وما يجيزه

- ‌باب الوتر وأحكامه

- ‌فصل في بيان النوافل

- ‌فصل في تحية المسجد وصلاة الضحى وإحياء الليالي

- ‌فصل في صلاة النفل جالسا وفي الصلاة على الدابة وصلاة الماشي

- ‌فصل: في صلاة الفرض والواجب على الدابة

- ‌فصل في الصلاة في السفينة صلاة الفرض

- ‌فصل: في صلاة التراويح

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة المريض

- ‌فصل في إسقاط الصلاة والصوم

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب سجود السهو

- ‌فصل في الشك

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌فصل: سجدة الشكر مكروهة عند أبي حنيفة رحمه الله

- ‌باب الجمعة

- ‌باب أحكام العيدينمن الصلاة وغيرها سمي عيدا

- ‌باب صلاة الكسوف والخسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب أحكام الجنائز

- ‌فصل الصلاة عليه

- ‌فصل السلطان أحق بصلاته

- ‌فصل في حملها ودفنها

- ‌فصل في زيارة القبور

- ‌باب أحكام الشهيد

- ‌كتاب الصوم

- ‌مدخل

- ‌فصل في صفة الصوم وتقسيمه

- ‌فصل فيما لا يشترط تبييت النية وتعيينها فيه وما يشترط

- ‌فصل فيما يثبت به الهلال وفي صوميوم الشك

- ‌باب في بيان ما لا يفسد الصوم

- ‌فصل في الكفارة وما يسقطها عن الذمة

- ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء

- ‌فصل يجب الإمساك

- ‌فيما يكره للصائم وما لا يكره وما يستحب

- ‌فصل في العوارض

- ‌باب ما يلزم الوفاء به

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌باب المصرف

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌فصل في كيفية ترتيب أفعال الحج

- ‌فصل القران

- ‌فصل التمتع

- ‌فصل العمرةسنة

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل قوله: "ولا شيء بقتل غراب

- ‌فصل الهدي

- ‌فصل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: الدائمة والأمراض والخوف الغالب من العدو ونحو ذلك من الأفزاع

الدائمة والأمراض والخوف الغالب من العدو ونحو ذلك من الأفزاع والأهوال لأنها آيات مخوفة للعباد ليتركوا المعاصي ويرجعوا إلى طاعة الله تعالى التي بها فوزهم وصلاحهم وأقرب أحوال العبد في الرجوع إلى ربه الصلاة نسأل الله من فضله العفو والعافية بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ــ

"وعموم الأمراض" كلمتهم متفقة على أنهم يصلون فرادى ويدعون في عموم الوباء والأمراض قال في النهر وهو شامل للطاعون لأن الوباء اسم لكل مرض عام طاعونا كان أو غيره ولا ينعكس وإن الدعاء يفعله كما يرفعه الناس في الجبل مشروع وليس هذا دعاء برفع الشهادة لأنها أثره لا عينه يعني فصار كملاقاة العدو وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم سأل العافية منها اهـ قال وعلى هذا فما قاله ابن حجر من أن الإجتماع للدعاء برفعه بدعة أي حسنة فإذا اجتمعوا صلى كل واحد ركعتين ينوي بهما رفعه قال وهذه المسئلة من حوادث الفتوى اهـ وتمامه في الأشباه وذكر الطحاوي في مشكل الآثار في تأويل حديث الطاعون أرسل على طائفة من بني إسرائيل فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا عنه فقال: إن كان بحال لو دخل وابتلى به وقع عنده أنه ابتلى بدخوله ولو خرج فنجا وقع عنده أنه نجا بخروجه لا يدخل ولا يخرج صيانة لاعتقاده فأما إذا كان يعلم أن كل شيء بقدر الله تعالى وأنه لا يصيبه إلا ما كتب الله عليه فلا بأس بأن يدخل ويخرج اهـ وقيل المنع من الخروج خوفا من تعطل المرضى الذين في تلك الأرض لأن الناس إذا فروا عنهم تعطلت أحوالهم وأحوال من يموت منهم وقيل جبرا لخاطر الفقير الذي لا يجد ما يعنيه إلا على الخروج وقيل غير ذلك قوله: "التي بها فوزهم" أي نجاتهم من المهالك وظفرهم بالمقاصد قوله: "وقوله وأقرب أحوال العبد في الرجوع إلى ربه الصلاة" لأنها صلة بينه وبين ربه ولأنها عماد الدين ولأنها أفضل أعمال العبد قوله: "العفو" عما وقع من الجناية قوله: "والعافية" اسم عام لدفع كل مكروه قوله: "بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم" ختم به لما ورد توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم وليكون مصليا عليه صلى الله عليه وسلم في الدعاء وهو من محققات الإجابة والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.

ص: 547

‌باب الاستسقاء

هو طلب السقا أي طلب العباد السقي من الله تعالى بالاستغفار والحمد والثناء وشرع

ــ.

باب الاستسقاء

مناسبته للكسوف أنهما يؤديان حال الخوف جوهرة قوله: "هو طلب السقيا الخ" هذا

ص: 547

بالكتاب والسنة والإجماع "له صلاة" جائزة بلا كراهة وليست سنة لعدم فعل عمر رضي الله تعالى عنه لها حين استسقى لأنه كان أشد الناس اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استسقى

ــ.

التعريف لمعناه الشرعي فالسين والتاء للطلب والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله والسقيا بالضم الماء وذكر بعضهم أنه في اللغة طلب الماء مطلقا وغلب في الشرع على طلب المطر من الله تعالى على وجه مخصوص وهو مسنون عند الحاجة إليه في موضع لا يكون لأهله أودية وأنهار وآبار يشربون منها ويسقون مواشيهم وزروعهم أو كان لهم ذلك لكن لا يكفيهم فإن كان كافيا لا يستسقون كذا في القهستاني وقوله على طلب المطر من الله تعالى الأولى أن يقال طلب الماء ليعم طلب زيادة الأنهار لمن له نهر لا يكفيه كالنيل إذا كان لا يكفي وفي المطالع سقاه وأسقاه بمعنى واحد وقيل سقاه ناوله وأسقاه جعل له سقيا وقيل سقاه لشفتيه وأسقاه لماشيته وأرضه أود له عليه قوله: "بالاستغفار" الباء بمعنى مع وليس صلة للطلب لأن الوارد الطلب بنحو اللهم اسقنا غيثا مغيثا إلى آخر ما يأتي ويحتمل أن الطلب يكون بالاستغفار لأن الله تعالى رتب إرسال السماء عليه فقال تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} [هود: 3] الآية ولما روي أن عمر استسقى فلم يزد على الاستغفار قوله: "وشرع بالكتاب" وهو قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} الآية روي أن قوم نوح لما كذبوه بعد طول تكريره الدعوة حبس عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل سبعين سنة ووعدهم أنهم إن آمنوا رزقهم الله الخصب ورفع عنهم ما كانوا عليه وشرع من قبلنا شرع لنا إذا قصه الله ورسوله من غير إنكار وهذا كذلك كذا في الشرح قوله: "والسنة" صح في كثير الآثار أنه صلى الله عليه وسلم استسقى وكذا الخلفاء بعده وقد استسقى به صلى الله عليه وسلم وهو صغير أخرج ابن عساكر عن عرفطة ابن الحباب الأزدي رضي الله عنه قاله قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلم فاستسق فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس تجلت عنها سحابة قتماء وحوله أغيلمة فأخذه أبو طالب وألصق ظهره بالكعبة ولاذ الغلام بأصبعه وما في السماء قزعة فأقبل السحاب من ههنا وههنا وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي وفي ذلك يقول أبو طالب:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

قوله: "والإجماع" أجمعت عليه الأمة سلفا وخلفا من غير نكير كذا في البحر قوله: "جائزة بلا كراهة وليست سنة" روي أنه صلى الله عليه وسلم لما شكى عليه القحط رفع يديه يستسقي ولم يذكر فيه صلاة ولا قلب رداء فلم يدل على السنية إذا لم توجد المواظبة في أغلب الأحوال فالإمام مخير إن شاء فعلها وإن شاء تركها كذا في غاية البيان عن شرح مختصر الطحاوي قوله: "حين استسقى" روي عنه رضي الله عنه أنه خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار قوله: "لأنه كان أشد الناس اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم" علة للعلية والمعنى لأنه كان كذلك بعد الصديق

ص: 548

رسول الله صلى الله عليه وسلم بجميع الصحابة ولو ثبت صلاته فيها لاشتهر نقله اشتهارا واسعا ولم يتركها عمر رضي الله عنه وبتركه لم ينكروا عليه وقد ورد شاذا صلاته صلى الله عليه وسلم للاستسقاء فقلنا بجوازها "من غير جماعة" عند الإمام كما قال إن صلوا وحدانا فلا بأس به وقال أبو يوسف ومحمد يصلي الأمام ركعتين يجهر فيهما بالقراءة كالعيد لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم صلى فيهما ركعتين كصلاة العيد في الجهر بالقراءة والصلاة بلا أذان وإقامة قال شيخ الإسلام فيه دليل على الجواز وعندنا يجوز لو صلوا بجماعة لكن ليس بسنة "وله استغفار" لقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} "ويستحب الخروج" له أي للاستسقاء "ثلاثة أيام" متتابعات ولم ينقل أكثر منهما

ــ.

رضي الله عنهم أجمعين قوله: "ولم يتركها عمر" المناسب زيادة ولا أنكروا عليه ليناسب قوله وبتركه لم ينكروا عليه وواوه للحال قوله: "وقد ورد شاذا صلاته صلى الله عليه وسلم للاستسقاء" ذكر الشهيد في الكافي الذي هو جمع كلام محمد قال لا صلاة في الاستسقاء إنما فيه الدعاء بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج ودعا وبلغنا عن عمر أنه صعد المنبر فدعا واستسقى ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك صلاة إلا حديث واحد شاذ لا يؤخذ به اهـ ولم تشتهر رواية الصلاة في الصدر الأول بل هو عن ابن عباس وعبد الله بن زيد على اضطراب في كيفيتها والحاصل لما اختلفت في الصلاة بالجماعة وعدمها على وجه لا يصلح به إثبات السنة لم يقل أبو حنيفة بسنيتها ولا يلزم من عدم قوله بسنيتها قوله بأنها بدعة كما نقله عنه بعض المشنعين بالتعصب بل هو قائل بالجواز كذا في الحلبي قوله: "كالعيد" إلا أنه ليس فيها تكبيرات منلا مسكين ثم يخطب بعد الصلاة لكن عند محمد خطبتين يجلس بينهما وقال أبو يوسف خطبة واحدة بغير جلسة ثم يستقبل القبلة ويقلب رداءه ويدعو بدعاء الاستسقاء قوله: "في الجهر الخ" أي لا في التكبيرات قوله: "قال شيخ الإسلام الخ" ذكر ابن أميرحاج لو صلوا بجماعة هل يكره عند الإمام فذكر الحاكم الشهيد في باب صلاة الكسوف من الكافي ما يفيد الكراهة حيث قال يكره التطوع بجماعة ما خلا قيام رمضان والكسوف لكن كلام شيخ الإسلام في هذا المقام يفيد الجواز بدونها وهو متجه نظرا للدليل فليكن عليه التعويل قوله: "يرسل السماء عليكم مدرارا" قال في المضمرات السماء المطر والمدرار كثير الدر اهـ قوله: "ويستحب الخروج له ثلاثة أيام" إلى الصحراء للاتباع ولأنه أقرب إلى التواضع وأوسع للجمع ولأنهم يسألون المطر فينبغي أن يكون حيث يصيبهم وفي المجتبى والأولى أن يخرج الإمام بالناس وإن لم يخرج بنفسه وأمرهم بالخروج جاز وإن خرجوا بغير إذنه جاز أيضا وفي الخلاصة إذا غارت الأنهار وانقطعت الأمطار يستحب للإمام أن يأمر الناس أولا بصيام ثلاثة أيام وما أطاقوا من الصلاة والخروج عن المظالم والتوبة من المعاصي ثم يخرج بهم في اليوم الرابع وفي الحموي عن النظم الهاملي إذا سقوا قبل الخروج وقد كانوا

ص: 549

ويخرجون "مشاة في ثياب خلقة غسيلة" غير مرقعة "أو مرقعة" وهو أولى إظهارا صفة كونهم "متذللين متواضعين خاشعين لله تعالى ناكسين رؤوسهم مقدمين الصدقة كل يوم قبل خروجهم" ويجددون التوبة للمسلمين ويردون المظالم "ويستحب إخراج الدواب" بأولادها ويشتتون بينها ليحصل ظهور الضجيج بالحاجات "و" خروج "الشيوخ الكبار والأطفال" لأن نزول الرحمة بهم قال صلى الله عليه وسلم: "هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم" رواه البخاري وفي خبر "لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا " ويخرجون للصحراء إلا "في مكة وبيت المقدس ف" إنهم "في المسجد الحرام والمسجد الأقصى يجتمعون" اقتداء بالسلف والخلف وشرف المحل وزيادة نزول الرحمة به ولا شك "وينبغي ذلك" أي الاجتماع للاستسقاء بالمسجد النبوي "أيضا لأهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم" وهذا أمر جلي إذ لا يستغاث وتستنزل الرحمة في مدينته بغير حضرته ومشاهدته في حادثة للمسلمين وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وهو المشفع في

ــ.

تهيؤا له ندب أن يخرجوا شكرا لله تعالى ويستزيدون من فضله ورحمته اهـ قال ويعجبني ما قيل:

خرجوا ليستسقوا فقلت لهم قفوا.

دمعي ينوب لكم عن الانواء.

قالوا: صدقت ففي دموعك مقنع.

لكنها ممزوجة بدماء.

قوله: "وهو أولى" أي كونها مرقعة قوله: "متذللين الخ" ألفاظ قريبة المعنى قوله: "ويردون المظالم" هو من تتمة التوبة قوله: "ويستحب إخراج الدواب" في ابن ماجة عن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولولا البهائم لم يمطروا" قوله: "ليحصل ظهور الضجيج" أي من البهائم برفع أصوات الأمهات على أولا دها والأولاد على الأمهات كما ظهر الضجيج بدعاء بني آدم وقوله بالحاجات أي بسبب الحاجات قوله: "لأن نزول الزحمة بهم" أي بالشيوخ والأطفال لضعفهم فظهر الاستدلال بما بعده قوله: "لولا شباب خشع الخ" أي لولا وجود من ذكر الخ فإن وجود هؤلاء واحتياجهم سبب في نزول الرحمة قوله: "وبهائم رتع" قال الشارح فيما يأتي رتعت الماشية أكلت ما شاءت قوله: "ولا شك" أي في ذلك الشرف وزيادة نزول الرحمة وقول المصنف وينبغي ذلك أيضا لأهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فيه كذا في ابن أميرحاج وما في البحر من أن عدم استثنائه فيما ذكر لضيقه غير ظاهر لأن من هو مقيم بالمدينة لا يبلغ قدر الحاجة وعند اجتماع جملتهم يشاهد اتساع المسجد الشريف في أطرافه وإنما شدة الزحام في الروضة الشريفة وما قاربها للرغبة في زيادة الفضل والقرب من المصطفى صلى الله عليه وسلم كذا في الشرح قوله: "وما أرسلناك إلا رحمة" أي راحما

ص: 550

المذنبين فيتوسل إليه بصاحبيه ويتوسل بالجميع إلى الله تعالى فلا مانع من الاجتماع عند حضرته وإيقاف الدواب بباب المسجد لشفاعته "ويقوم الإمام مستقبل القبلة " حالة دعائه "رافعا يديه" لما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء قائما يدعو رافعا يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه اهـ ولم يزل يجافي في الرفع حتى بدى بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره "والناس قعود مستقبلين القبلة يؤمنون على دعائه" بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنه ما نص عليه بأن "يقول اللهم اسقنا غيثا" أي مطرا "مغيثا" بضم أوله أي منقذا من الشدة "هنيئا" بالمد والهمز أي لا ينغصه شيء أو ينمي الحيوان من غير ضرر "مريئا" بفتح أوله وبالمد والهمز أي محمود العاقبة والهنيء النافع ظاهرا أو المريء

ــ.

أو ذا رحمة وفي التعبير عنه بالرحمة ما لا يخفى من عظيم اتصافه صلى الله عليه وسلم بها وشمل العالمين الكفار في الدنيا فمنع عنهم الخسف والمسخ أو عن غالبهم وأصاب جبريل من هذه الرحمة شيء فقد أمن به من السلب وخص العالمين لشرفهم وإلا فرحمته عمت البهائم والأشجار والأحجار قوله: "فيتوسل إليه بصاحبيه" ذكر بعض العارفين أن الأدب في التوسل أن يتوسل بالصاحبين إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ثم به إلى حضرة الحق جل جلاله وتعاظمت أسماؤه فإن مراعاة لواسطة عليها مدار قضاء الحاجات قوله: "فلا مانع" تفريع على قوله إذ لا يستغاث الخ والأولى فينبغي كما ذكره في المتن قوله: "وإيقاف" عطف على الإجتماع قوله: "ويقوم الإمام" أي على الأرض ليراه القوم ويسمعوا كلامه ويجوز إخراج المنبر لها ثم إذا صلى فعند الإمام الدعاء بعد الصلاة وعندهما يصلي ثم يخطب فإذا مضى صدر من خطبته قلب رداءه ودعا قائما مستقبلا للقبلة جوهرة قوله: "مستقبل القبلة" لأنه أفضل وأقرب إلى الإجابة قال النووي ويلحق الدعاء جميع الأذكار وسائر الطاعات إلا ما خص بدليل كالخطبة قوله: "رافعا يديه" ولم يرفع صلى الله عليه وسلم يديه الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله حيي يستحي إذا رفع العبد يديه أن يردهما صفرا" يعني فارغتين خائبتين ثم السنة في كل دعاء لسؤال شيء وتحصيله أن يجعل بطون كفيه نحو السماء ولرفع بلاء كالقحط يجعل بطونهما إلى الأرض وذلك معنى قوله تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً} كذا في شرح البدر العيني على الصحيح وفي التحفة والمحيط الرضوي والتجريد إن رفع يديه نحو السماء فحسن وإن لم يفعل وأشار بأصبعه السبابة من يده اليمنى فحسن وذكره في المبسوط والبدائع وغيرهما عن أبي يوسف لكن من غير تقييد الأصبع بالسبابة قال ابن أميرحاج وقد ورد الكل في السنة اهـ قوله: "قريبا من الزوراء" هي دار عالية البناء كان يؤذن بلال قوله: "ولم يزل يجافي في الرفع" يشير به إلى أن ما ذكر في حديث عمر من قوله لا يجاوز بهما رأسه كان في ابتداء الرفع قوله: "بما ورد" متعلق بدعائه قوله: "أي منقذا من الشدة" فيغيثهم ويرويهم ويشبعهم قوله: "أي محمود العاقبة" أما بأن ينفع الاحشاء

ص: 551

النافع باطنا "مريعا" بضم الميم وبالتحتية أي آتيا بالمريع وهو الزيادة من المرواعة وهو الخصب بكسر أوله ويجوز فتح الميم هنا أي ذا ريع أي نماء أو بالموحدة من أربع البعير أكل الربيع أو الفوقية من رتعت الماشية أكلت ما شاءت والمقصود واحد "غدقا" أي كثير الماء والخير أو قطره كبار "4""مجللا" بكسر اللام أي ساترا للأفق لعمومه أو للأرض بالنبات كجل الفرس "سحا" بفتح السين المهملة وتشديد الحاء أي شديد الوقع بالأرض من سح جرى "طبقا" بفتح أوله أي يطبق الأرض حتى يعمها "دائما" إلى انتهاء الحاجة إليه "و" يدعو أيضا بكل "ما أشبهه" أي أشبه الذي ذكرناه مما يناسب المقام "سرا أو جهرا" وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اسقنا غيثا مغيثا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل اللهم اسق عبادتك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل

ــ.

وأما بأن يكون قوة على الطاعة وإما بإخراج فضلاته سهلة غير ضارة وقولي بأن ينفع الأحشاء أي أحشاء كل من تناول وقولي بأن يكون قوة على الطاعة أي من المكلف وما تناوله غيره كالبهائم يرجع إليه وقولي وأما بإخراج الخ لا مانع من تعميمه للمكلف وغيره قوله: "أو بالموحدة" مع ضم الميم قوله: "أو الفوقية" أي مع ضم الميم من أرتع المطر إذا أنبت ما يرتع فيه قوله: "غدقا" ضده الطل قاله السيد قوله: "أي ساترا بالأفق" الأولى التعبير باللام كما في الشرح وهو كذلك في نسخ على أن ستر يتعدى بنفسه قوله: "أو للأرض بالنبات" أو هو الذي يجلل الأرض بالمطر أي يعمها أفاده السيد ونسبة التجليل بالنبات إليه من النسبة إلى السبب قوله: "أي شديد الوقع بالأرض" في شرح السيد أي سائلا من فوق اهـ وفي القاموس كلا المعنيين فإنه قال السح الصب والسيلان من فوق ثم قال والشديد من المطر اهـ ولا شك أن الشديد منه يرجع إلى قول المصنف أي شديد الوقع بالأرض قوله: "إلى انتهاء الحاجة" أشار به إلى أن الدوام في الحديث مقيد فإن المطلق مهلك قوله: "اللهم اسقنا غيثا مغيثا" زاد في حديث جابر مريئا مريعا قوله: "وانشر رحمتك" أي عمم انعامك قوله: "وأحي بلدك الميت" بعدم الإنبات بإمطارها قوله: "اللهم أنت الله الخ" روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت عائشة فخرج صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد الله عز وجل ثم قال: "إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله سبحانه وتعالى أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم1 أنت الله الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا بلاغا إلى خير"

1 قوله أنت الله الغني وفي نسخة أنت الله لا إله إلا أنت الغني اهـ.

ص: 552

علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين فإذا أمطروا قالوا: استحبابا: اللهم صيبا نافعا وإذا طلب رفعه عن الأماكن قالوا: اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام "5" والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر "وليس فيه" أي الاستسقاء "قلب رداء" عند أبي حنيفة.

ــ.

ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله تعالى سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى فلم يأت صلى الله عليه وسلم مسجده حتى سالت السيول فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه وقال أشهد أن الله على كل شيء قدير وأني عبده ورسوله قوله: "إلى حين" الرواية بالخاء المعجمة والياء المثناة من تحت والراء المهملة ضد الشر قوله: "اللهم صيبا" مصوب بفعل محذوف أي اجعله صيبا والصيب المطر وهو بتشديد الياء وفي رواية النسائي اللهم اجعله سيبا نافعا بفتح السين المهملة وسكون الياء قال الخطابي أي نافعا وفي رواية النسائي صيبا هينا فيجمع بين الروايات كلها ويقول مطرنا بفضل الله ورحمته لا بنوء كذا للنهي عنه ويستحب الدعاء عند نزول الغيث لما ورد من استجابة الدعاء عنده وأن يكشف عن غير عورته ليصيبه ويتطهر منه ويحمد الله تعالى لما عن أنس أصابنا مطر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثوبه حتى أصابه المطر فقلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم صنعت هذا قال لأنه حديث عهد بربه اهـ أي تكوينه وتنزيله وعن ابن عباس كان إذا جاء المطر يأمر عبدا له أن يخرج فراشه إلى المطر فقيل له في ذلك فقال: أما قرأت وأنزلنا من السماء ماء مباركا فأحب أن ينالني من بركته ويستحب لمن سمع الرعد أن يقول سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته فإن من قاله عوفي من الرعد كما ورد عن عمر وقال ابن عباس من سمع صوت الرعد فقال ذلك وزاد وهو على كل شيء قدير فإن أصابته صاعقة فعلى ديته قوله: "وإذا طلب" بالبناء للمجهول والأولى أن يقول طلبوا ليناسب قوله قالوا: قوله: "اللهم حوالينا" بفتح اللام أي اجعله حوالينا وفسره بقوله على الآكام أي اجعله على الأماكن التي لا يضرها المطر على على الأبنية والطرق قوله: "ولا علينا" أي ولا تجعله علينا قوله: "اللهم على الآكام" بكسر الهمزة كإم وبفتحها مع المد جمع أكمة بفتحات وهو التراب المجتمع والظراب بكسر الظاء المشالة آخره باء موحدة جمع ظرب بفتح فسكون وهو الجبل الصغير ووهم من قاله بالضاد قال في الشرح وفيه إرشاد لتعليمنا الأدب في هذا الدعاء حيث لم يدع برفعه مطلقا لأنه يحتاج إليه مستمرا بالنسبة لبعض الأودية والمزارع إلى حصول الكفاية التي يعلمها الله فطلب منع ضرره وبقاء نفعه وفيه إعلام بأنه إذا قارن النعمة عارض لا يتسخط منه فيسأل الله تعالى رفع العارض وبقاء النعمة والدعاء برفع الضار لا ينافي التوكل والتفويض قوله: "وبطون الأودية" لأنه باجتماع الماء فيها يحصل ارتفاق بالسقي منها وشرب البهائم والطيور قوله:

ص: 553