الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ} 1 {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة} 2 {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} 3، {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً 35 فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً} 4، واحترز بقوله حشوا من الواقع في الطرف، فإنه ثابت باتفاق نحو:{قَالُوا آمَنَّا} 5، {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً} 6 و {أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا} 7، وما ذكره الناظم في هذا البيت اتفقت عليه المصاحف كلها.
وبعد من قوله: وبعد نون مضمر صفة لموصوف محذوف، والموصف المحذوف معطوف على أصحاب، أو على "النصارى" في البيت قبل، والتقدير: والألف الواقع بعد نون مضمر.
وقوله: نون يقرأ بترك التنوين على أنه مضاف إلى مضمر، والألف التي بعد الكاف، في أتاكا، وأتيناكا، للإطلاق.
1 سورة الأنعام: 6/ 83.
2 سورة المؤمنون: 23/ 50.
3 سورة الأعراف: 7/ 171، وسورة البقرة: 2/ 62-92.
4 سورة الواقعة: 56/ 35.
5 سورة البقرة: 2/ 14.
6 سورة الإسراء: 17/ 55.
7 سورة الأحزاب: 33/ 66.
حكم الأسماء الأعجمية في القرآن:
ثم قال:
والأعجمية كنحو لقمان
…
ونحو إسحاق ونحو عمران
ونحو إبراهيم مع إسماعيل
…
ثمت هارون وفي إسرائيل
ثبت على المشهور لما سلبا
…
من صورة الهمز به إذ كتبا
أخبر عن الشيخين بحذف الفات الأسماء الأعجمية الواقعة في القرآن، والأعجمية هي التي وضعها العجم، وهم خلاف العرب، وقد مثل الناظم بستة أسماء أعجمية متفق على حذفها وهي:"لقمان، وإسحاق، وعمران، وإبراهيم، وإسماعيل، وهارون"، وسيأتي سابع متفق على حذفه وهو:"سليمان".
ويشترط في حذف ألف الأسماء الأعجمية أربعة شروط.
الأول: أن يكون الإسم الأعجمي علما احترازا عن نحو: "نمارق".
الثاني: قال الجعبري أن يكون زائدا على ثلاثة أحرف احترازا عن نحو "عاد" انتهى.
الثالث: أن يكون ألفه حشوا، أي: وسطا، احترازا عن نحو:"يحيى، وعيسى، وموسى، وآدم وزكرياء"؛ لأن الهمز لا وجود له في المصحف، فتكون الألف في نحو "آدم"، و"زكرياء"، ليست حشوا.
الرابع: أن يكون الاسم كثير الاستعمال، بأن يكثر دوره على ألسنة العرب، ويذكر في أشعارها ويقع في القرآن في مواضع، وقد أفاد الناظم الشرط.
الرابع: بقوله: بعد "وما أتى -وهو لا يستعمل" البيت، وهو مستلزم للشرط الأول إذ لا يوجد في القرآن اسم أعجمي غير علم، وهو كثير الاستعمال، وأفاد الشرط الثاني والثالث بالأمثلة المذكورة.
ثم أخبر عن الشيخين بالخلاف في حذف ألف "إسرائيل"، وإن المشهور ثبته وهذا والذي بعده كالمستثنى من الحكم السابق.
ثم علل الناظم اشتهار ثبته بقوله: لما سلبا من صورة الهمز به إذ كتبا، يعني أن "إسرائيل"، وإن كان اسما أعجميا توفرت فيه شروط الحذف، لكنه لما سلب، أي: جرد وقت كتبه في المصاحف من الياء التي هي صورة الهمز لاجتماع المثلين أثبتت ألفه على المشهور، إذ لو حذفت أيضا لتوالى فيه حذفان.
وما ذكره الناظم من تشهير الإثبات في "إسرائيل" خاص بأبي عمرو وأما أبو داود، فاختار فيه الحذف، بل اقتصر عليه في "إسرائيل"، من قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ} 1، والعمل عندنا على إثبات الألف في إسرائيل حيث وقع.
وقوله: الأعجمية صفة لموصوف محذوف تقديره: والأسماء الأعجمية، وهو عطف على أصحاب، فيرفع أو على النصارى فيخفض، وقوله:"به" متعلق بمحذوف صفة للهمز والباء بمعنى "في"، والضمير عائد على "إسرائيل"، والألف في "سلبا" وكتبا للإطلاق.
1 سورة البقرة 2/ 246.
ثم قال:
وبإتفاق أثبتوا داودا
…
إذ كان أيضا واوه مفقودا
وما أتى وهو لا يستعمل
…
فألف فيه جميعا يجعل
كقوله: سبحانه طالوتا
…
ياجوج ماجوج وفي جالوتا
أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كتاب المصاحف باتفاقهم على إثبات ألف "داود" توفر شروط الحذف فيه، ثم علل إثباته بقوله:"إذ كان أيضًا واوه مفقودًا"، أي: لأنه فقد وحذف منه حرف في الرسم أيضًا وهو أحد واويه، فلو حذفت ألفه أيضا لاجتمع فيه حذفان وإنما اتفق على على ثبت ألف "داود" دون ألف "إسرائيل" مع أن علة الإثبات فيهما متحدة؛ لأن لفظ "إسرائيل" أثقل من لفظ "داود" لكثرة حروفه، وللقول بتركيبه من "أسرا" بمعنى: عبد "وائل"، بمعنى الله؛ ولأنه أكثر ما يقع في القرآن مضافًا إليه.
ثم أخبر في البيت الثاني من الإطلاق المذكور بجعل، أي: إثبات ألف الأسماء الأعجمية غير المستعملة يعني القليلة الاستعمال، ثم مثل لذلك في البيت الثالث: بـ"طالوت" و"يأجوج"، و"مأجوج" و"جالوت"، ومثلها:"الياس" و"ياسين"، لم يذكرهما الشيخان، ولذا سكت عنهما الناظم هنا وقال في عمدة البيان مشيرًا إلى الأول:
والنص في إلياس فيه نظر
…
وثبته فيما رأيت أجدر
وجزم بعضهم بحذفه وتردد بعضهم فيهما، والعمل عندنا على إثباتهما.
"وما" من قوله الناظم، "وما" أتى اسم موصول أو اسم شرط صادقة على الاسم الأعجمي والأقراب أن "في" الجارة: لجالوت زائدة، والألف المتصلة بالتاء من:"طالوتا" و"جالوتا" للإطلاق.
ثم قال:
وعن خلاف قل في هاروتا
…
هامان قارون وفي ماروتا
لكن بمكيال اتفاقا حذفت
…
مع أنها كلمة ما استعملت
ولا خلاف بعد حرف الميم
…
في الحذف من هامان في المرسوم
أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بجعل، أي: إثبات ألف "هاروت"، "وهامان"، و"قارون" و"ماروت"، مع خلاف قليل فيها، من بعض المصاحف بالحذف، والمراد بألف:"هامان"، ألفه الأولى، وأما الثانية فسينص على حذفها قريبا، وتقليل الحذف في الألفاظ الأربعة خاص بأبي عمرو وأما أبو داود: فاختار فيها الحذف بعد أن ذكر فيها الخلاف، والعمل عندنا فيها على الإثبات.
ولما ذكر الناظم فيها تقدم الاسم الأعجمي القليل الاستعمال تثبت ألفه استدرك هنا الحذف في: و"ميكائيل"، فأخبر مع الإطلاق المذكور بأن:"مكائيل، حذفت ألفه باتفاق من كتاب المصاحف مع أنها كلمة أعجمية لم تستعمل يعني كثيرا، وقد أتت في موضع واحد من القرآن، وأقرب ما قيل في علةى حذفها أنها لما ثقلت بكثرة الحروف وبتركيبها من: "ميكا"، بمعنى: عبد، و"إيل" بمعنى: الله، كما قيل: خففت بحذف ألفها وأتى: بـ"ميكائل" على غير نافع لضيق النظم.
ثم أخبر في البيت الثالث مع الإطلاق المذكور بأنه لا خلاف بين كتاب المصاحف في حذف الألف الواقعة بعد الميم من: "هامان".
وهذا البيت تقييد للإطلاق المتقدم في: "هامان".
وقوله: "عن خلاف" حال من مرفوع فعل محذوف يدل عليه يجعل فيما تقدم، و"عن" بمعنى:"مع"، أي: وتجعل الألف حال كونها مصحوبة بخلاف قليل في "هاروت"، وما عطف عليه، والباء في قوله:"بميكال" بمعنى "في"، وما من قوله:"ما استعملت" نافية.
ثم قال:
وصالح وخالد ومالك
…
وفي سليمان أتت كذلك
عطف هذه الألفاظ الثلاثة وهي: "صالح"، و"خالد"، و"مالك" على:"هامان" باعتبار ألفه الثانية ليفيد نفي الخلاف في حذف ألفاتها، ثم شبه ألف "سليمان" بألف هذه الألفاظ في الحكم، وهو حذف الألف من غير خلاف.
أما "صالح" فقد وقع علما وصفه، وتعدد وتنوع نحو:{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً} 1 {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} 2 {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه} 3، وأما خالد فلم يقع إلا صفة نحو:{يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا} 4، وأما مالك فقد وقع علما وصفه نحو:{وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} 5، {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك} 6، وقد أطلق الناظم الحذف في جميع ذلك فشمل العلم والصفة، وهو الحق الذي لا يصح العدول عنه، وبه العمل.
تنبيهان:
التنبيه الأول: "سليمان" من الأسماء الأعجمية، وأما:"صالح"، و"خالد" و"مالك" فمن الأسماء العربية، وقد تبع الناظم أبا عمرو في ذكرها مع الأسماء الأعجمية.
ووجهه مشاركتها لها في كثرة الاستعمال، ولم يذكر الناظم كالشيخين حكم مثنى:"صالح"، ومثنى:"خالد" على التعيين: وهما: "صالحين"، و"خالدين" فيبقيان على الأصل وهو الإثبات، وبه العمل، وإن نص بعضهم على حذفهما.
التنبيه الثاني: حاصل ما استفيد من كلام الناظم في الأسماء الأعجمية إنها قسمان:
* قسم كثر استعماله وهو تسعة أسماء: "إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وعمران، وهارون، ولقمان، وسليمان، وداود، وإسرائيل".
وكلها محذوفة باتفاق إلا: "داود" فثابت اتفاقا، وإلا:"إسرائيل"، ففيه خلاف، وقد قدمنا أن العمل فيه على الإثبات.
* وقسم لم يكثر استعماله وهو تسعة أسماء أيضًا: "طالوت، وجالوت، وياجوج، وماجوج، وميكائل، وهاروت، وماروت، وقارون، وهامان"، والأربعة الأولى ثابتة اتفاقا، والخامس وهو:"ميكائل"، محذوف اتفاقا، ومثله:"هامان" بالنسبة إلى ألفه التي بعد الميم وفي ألف: "هاروت، و"ماروت"، و"قارون"، وألف: "هامان"، الأولى خلاف وقد قدمنا أن العمل في الأربعة على الإثبات، وقدمنا أيضا أن من هذا
1 سورة الأعراف: 7/ 73، وسورة هود: 11/ 61.
2 سورة فصلت: 41/ 46.
3 سورة فاطر: 35/ 10.
4 سورة النساء: 4/ 14.
5 سورة الزخرف: 43/ 77.
6 سورة آل عمران: 3/ 26.
القسم: "الياس"، و"ياسين"، وأن العمل فيهما على الإثبات أيضا، وذكر بعضهم أن منه أيضا:"بابل"، فيكون حكمه الإثبات، وبه العمل ولم يوجد في القرآن من الأعلام الأعجمية المشتملة على الألف الحشوية، وإلا ما ذكره الناظم وذكرناه.
ثم قال:
طغيان أموات كذا لابن نجاح
…
..............................
أخبر عن أن نجاح، وهو أبو داود بحذف ألف:"طغيان"، و"أموات"، وحذفهما مستفاد من تشبيه لهما بكلمات البيت السابق، أما "طغيان" ففي البقرة:{وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} 1، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع نحو:{وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} 2، في موضعين من العقود:{وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} 3 في الأنعام، وأما أموات ففي البقرة {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} 4، {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ} 5 وهو متعدد فيها، وفيما بعدها ومنوع نحو:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ} 6، واللفظ الأول وهو طغيان ثابت عند أبي عمرو لاندراجه في قول الناظم الآتي: وذكر الداني وزن فعلان، والعمل عندنا على الحذف في "طغيان"، و"أموات" حيث وقعا، واللام في قوله: لابن نجاح بمعنى عند.
ثم قال:
. . . . . . . . .
…
وعنهما في الحجر خلف في الرياح
وسورة الكهف ونص الفرقان
…
كذا بإبراهيم عن سليمان
والبكر والشورى ونص المقنع
…
بالحذف في الثلاث عن تتبع
وجاء أولى الروم بالتخبير
…
لابن نجاح ليس بالمأثور
وكل ما بقي منه فاحذف
…
. . . . . . . . . . . .
ذكر هنا حكم الألف في لفظ "الرياح" حيث وقع في القرآن، وجملة مواضعه اثنا عشر أخبر عن الشيخين باختلاف المصاحف في حذف ألف ثلاثة منها، وهي:"الرياح"، و"الواقع"، في "الحجر"، و"الكهف"، و"الفرقان".
1 سورة البقرة: 2/ 15.
2 سورة المائدة: 5/ 64.
3 سورة الأعراف: 7/ 186، وفي الأنعام: 6/ 110.
4 سورة البقرة: 2/ 28.
5 سورة البقرة: 2/ 154.
6 سورة فاطر: 35/ 22.
ثم أخبر بأن سليمان، وهو أبو داود نقل اختلاف المصاحف أيضا في حذف ألف الرياح، الواقع في سورة "إبراهيم"، و"البكر"، أي:"البقرة"، و"الشورى"، وأن أبا عمرو نقل حذف ألف هذه الثلاثة من غير خلاف، وأن أبا داود خير في حذف ألف:"الرياح" الواقع أولا في "الروم"، وفي إثباته، ولم يرو فيه عن المصاحف شيئا، فهذه سبعة مواضع.
ثم أمر الناظم بحذف ما بقي في القرآن من لفظ "الرياح" لأبي داود، وهو خمسة مواضع.
أما الثلاثة الأولى فهي: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} 1 {تَذْرُوهُ الرِّيَاح} 2 {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} 3.
وأما الثلاثة المذكورة بعدها فهى: {اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} 4 {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى أن قال: {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاح} 5 {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} 6.
وأما الأول في "الروم" فهو: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} 7.
وأما الخمسة الباقية ففي الأعراف: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} 8.
وفي النمل: {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} 9، وفي ثاني الروم:{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} 10، وفي فاطر:{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} 11، وفي الجاثية:{وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} 12، وفي كل المواضع الإثني عشر عدا أول الروم: قراءتان سبعيتان بالإفراد والجمع، وقد اختار أبو داود: الحذف في الرياح الذي في أول "الروم"، واستحب الحذف في الذي في سورة "الحجر"، والعمل عندنا على حذف ألف "الريح" حيث وقع إلا الذي في أول "الروم"، فالعمل عندنا على إثبات ألفه لعدم ثبوت أصل الحذف فيه، مع إجماع القراء على قراءته بالجمع.
1 سورة الحجر: 15/ 22.
2 سورة الكهف: 18/ 45.
3 سورة الفرقان: 25/ 48.
4 سورة إبراهيم: 14/ 18.
5 سورة البقرة: 2/ 164.
6 سورة الشورى: 42/ 33.
7 سورة الروم: 30/ 46 {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاح} .
8 سورة الأعراف: 7/ 57.
9 سورة النمل: 27/ 63.
10 سورة الروم: 30/ 48.
11 سورة فاطر: 35/ 9.
12 سورة الجاثية: 45/ 5.
ومعنى "نص" في قول الناظم، و"نص الفرقان" كاملة، أي: كلمة "الرياح" الواقعة في "الفرقان".
وقوله: "كذا" خبر مبتدأ محذوف: تقديره الرياح، واسم الإشارة راجع إلى الثلاثة الأول، وقوله: و"نص المقنع" مبتدأ، ومضاف إليه، و"بالحذف": خبره، ومعنى النص هنا اللفظ الدال على معنى لا يحتمل غيره، وقوله:"عن تتبع" متعلق بمحذوف تقديره قلت ذلك عن تتبع، أي: اطلاع ومعنى المأثور في قوله: "ليس بالمأثور: المروي، والفاء في قوله "فاحذف" زائدة.
ثم قال:
. . . . . . . . . . . . . . .
…
ولفظ إحسان أتى في المنصف
مع شعائر وجاء حذف ذين
…
في نص تنزيل بغير الأولين
يعني أن لفظ "إحسان" ولفظ "شعائر" جاء كل منهما بالحذف عن "البلنسي" في "المنصف" حيث وقعا من غير استثناء، وجاء حذفهما في نص "التنزيل"، لأبي داود إلا اللفظين الأولين منهما، وأما "إحسان" الأول فهو الواقع، أولا في "البقرة"، وهو:{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى} 1، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو:{وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَان} 2 {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} 3 {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى} 4، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ} 5، وهو مع اتحاده متعدد فيما بعدها نحو:{لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} 6، وقد سكت أبو داود عن "إحسان" و"شعائر" الأولين ولذا استثناها الناظم، والراجح وبالحذف فيهما حملا على النظائر، وبالحذف فيهما، وفي نظائرهما حيث وقعت جرى العمل عندنا.
ثم قال:
حيث أصابعهم والبرهان
…
نكالا الطاغوت ثم الإخوان
1 سورة البقرة: 2/ 83.
2 سورة البقرة: 2/ 178.
3 سورة البقرة: 2/ 229.
4 سورة النساء: 4/ 36.
5 سورة النحل: 16/ 90.
6 سورة المائدة: 5/ 2.
أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أصابعهم، والبرهان، ونكالا، والطاغوت، والإخوان" حيث وقعت.
أما "أصابعهم" ففي "البقرة": {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} 1، وأما "البرهان" ففي البقرة:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُم} 2، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع نحو:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} 3.
وأما "نكالا": ففي "البقرة": {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا} 4 وفي العقود: {نَكَالًا مِنَ اللَّه} 5، وخرج بنكالا المنون:{نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} 6 بالنازعات، فإنه ثابت، وأما {أَنْكَالًا وَجَحِيمًا} 7 فغير داخل في: نكالا كما هو ظاهر وهو ثابت أيضا.
وأما "الطاغوت" ففي "البقرة": {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} 8، وهو متعدد فيما بعدها، وأما "الإخوان" ففي "البقرة":{وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} ، وهو متعدد فيما بعدها، ومنوع نحو:{فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} 9، والعمل على الحذف في هذه الألفاظ المذكورة في البيت حيث وقعت.
وسكت عن الألف الأولى من: "برهانان" مثنى "برهان"، الواقع في "القصص" في قوله تعالى:{فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} 10، والعمل على حذفها، وأما الألف الثانية فيعمل حكمها من قاعدة المثنى الآتية.
وقوله: "أصابعهم"، والألفاظ الأربعة بعده عطف على "ذين" بحذف العاطف من الأول، والثالث، والرابع، و"حيث" ظرف مكان متعلق بحذف المتقدم في البيت قبله مضاف في التقدير إلى جملة مقدم من تأخير، والتقدير، وجاء حذف ذين و"أصابعهم" و"البرهان"، إلخ، حيث وقعت.
ثم قال:
إياي حافظوا وباشروهن
…
ثم تراضوا وتباشروهن
1 سورة البقرة: 2/ 19، وسورة نوح: 71/ 7.
2 سورة البقرة: 2/ 111.
3 سورة المؤمنون: 23/ 117.
4 سورة البقرة: 2/ 66.
5 سورة المائدة: 5/ 38.
6 سورة النازعات: 79/ 25.
7 سورة المزمل: 73/ 12.
8 سورة البقرة: 2/ 257.
9 سورة آل عمران: 3/ 103.
10 سورة القصص: 28/ 32.
أخبر عن أبي داود بحذف ألف "إياي"، و"حافظوا"، و"باشروهن"، و"تراضوا" و"تباشروهن".
أما "إياي" ففي "البقرة" في قوله تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} 1، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ولا يندرج في:"إياي"، "إيانا"، و"إياكم"، و"إياه"، والألف في كل منها ثابت.
وأما الألفاظ الأربعة التي بعد "إياي" فهي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات} 2 {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} 3 {إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} 4 {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} 5، وكلها غير متعدد.
والعمل على الحذف في هذه الألفاظ الخمسة، وسينص على "تراضيتم" في قوله كذا:{تَرَاضَيْتُم} 6.
وقوله "إياي" والألفاظ بعده معطوفة كالتي في البيت السابق بحذف العاطف من الأولين ثم قال:
كذا أصابتهم أصابتكم وما
…
أصابكم لدى الثلاث كيفما
أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أصابتهم"، و"أصابتكم"، و"أصابكم"، أما "أصابتهم" ففي "البقرة":{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} 7، وهو متعدد فيما بعدها، وأما "أصابتكم" ففي "آل عمران":{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} 8، وهو متعدد أيضا، وأما "أصابكم" ففي "آل عمران":{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} 9 وفي النساء: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ} 10، وهو متعدد أيضًا.
وظاهر قوله: وما "أصابكم" أن لفظ "ما" قيد في "أصابكم"، وليس كذلك، كما علمت من التمثيل، والعمل عندنا على الحذف، وفي هذه الألفاظ الثلاثة، لكن بشرط أن تكون كما لفظ به الناظم بأن يتصل بـ"أصاب" تاء التأنيث، مع ضمير الجماعة الغائبين
1 سورة البقرة: 2/ 40.
2 سورة البقرة: 2/ 238.
3 سورة البقرة: 2/ 187.
4 سورة البقرة: 2/ 232.
5 سورة البقرة: 2/ 187.
6 سورة النساء: 4/ 24.
7 سورة البقرة: 2/ 156.
8 سورة آل عمران: 3/ 165.
9 سورة آل عمران: 3/ 166.
10 سورة النساء: 4/ 73.
أو المخاطبين، أو يتجرد من تاء التأنيث، ويتصل به ضمير الجماعة المخاطبين، فإن لم يتصل بـ"أصاب" ذلك أثبت ألفه نحو:"ما أصابك"، "فأصابه"، "فأصابهم"، ما "أصاب"، أصابت"، وظاهر قوله "كيفما" أنه مرتبط بقوله: "لدى الثلاث"، فيقتضي الحذف في الألفاظ الثلاثة كيفما وقعت، أي: سواء اتصل بها ما ذكر، أو لم يتصل بها وليس كذلك.
وقد نقل عن الناظم أنه لم سئل عن قوله"كيفما" أجاب بأنه راجع إلى اللفظ الأخير، وهو "أصابكم"، أي: سواء كان قبله لفظ ما أو لم يكن، وهو جواب بعيد، ولذا أصلح بعضهم الشطر الأخير، فقال:"وليس قيد اللفظ ما"، وأصلح أيضا فقيل: و"ذا الأخير كيفما".
والإشارة في قوله: "كذا" تعود على: "تباشروهن"، و"لدى" بمعنى:"في" و"كيفما" شرط حذفت الجملة بعده، والتقدير: كيفما وقع "أصابكم"، هذا على جواب الناظم، وأما على ظاهر العبارة، فالتقدير كيفما وقعت هذه الثلاث، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله.
ثم قال:
ميثاق الإيمان والأموال
…
أيمان العدوان والأعمال
أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "الميثاق"، و"الإيمان"، و"الأموال"، و"إيمان"، و"العدوان" و"الأعمال".
أما "ميثاق" ففي "البقرة": {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} 1 {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} 2، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع نحو:{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} 3 {وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاق} 4.
وأما "الإيمان" ففي "البقرة": {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} 5، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع نحو:{وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإيمَانِ} 6 {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} 7 {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} 8.
1 سورة البقرة: 2/ 27.
2 سورة البقرة: 2/ 63.
3 سورة النساء: 4/ 21.
4 سورة الرعد: 13/ 20.
5 سورة البقرة: 2/ 93.
6 سورة البقرة: 2/ 108.
7 سورة البقرة: 2/ 109.
8 سورة الأنفال: 8/ 2.
وأما الأموال ففي البقرة: {وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَال} 1 {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ} 2، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع كما مثل ونحو:{كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا} 3.
وأما "أيمان" بفتح الهمزة ففي "البقرة": {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} 4 وهو متعدد ومنوع، نحو:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} 5، {أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} 6، {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} 7.
وأما "العدوان" ففي "البقرة": {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 8، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع، نحو:{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا} 9، ووزن عدوان فعلان، وسيأتي ثبت فعلان عن أبي عمرو.
وأما "الأعمال" ففي "البقرة": {وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} 10، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع، نحو:{بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} 11، والعمل عندنا على الحذف في هذه الألفاظ الستة، حيث وقعت.
وألفاظ البيت الستة معطوفة على ما في البيت قبلها، وكلها بحذف العاطف إلا "أموال" و"الأعمال".
ثم قال:
ثم مواقيت أحاطت والده
…
ولأبي عمرو من المعاهدة
عاهد في الفتح وأولى عاهدوا
…
وكلها لابن نجاح وارد
أخبر في الشطر الأول عن أبي داود بحذف ألف: "مواقيت"، و"أحاطت"، و"والدة".
أما "مواقيت" ففي "البقرة": {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} 12لا غير.
1 سورة البقرة: 2/ 155.
2 سورة البقرة: 2/ 188.
3 سورة التوبة: 9/ 69.
4 سورة البقرة: 2/ 224.
5 سورة المائدة: 5/ 89.
6 سورة المائدة: 5/ 108.
7 سورة النساء: 4/ 24.
8 سورة البقرة: 2/ 85.
9 سورة النساء: 4/ 30.
10 سورة البقرة: 2/ 139.
11 سورة الكهف: 18/ 103.
12 سورة البقرة: 2/ 189.
وأما "أحاطت" ففيها: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} 1 لا غير، ولا يندرج "أحاط" في "أحاطت".
وأما "والدة" ففي "البقرة": {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} 2، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع نحو:{اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ} 3 {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} 4، ولا يندرج "والد" المذكر في "والدة" المؤنث المذكور هنا.
والعمل على الحذف في هذه الألفاظ الثلاثة، وأما:"أحاط" و"والد" المذكر، فألفها ثابتة.
ثم أخبر أن أبا عمرو نقل الحذف في كملتين من الأفعال المتصرفة من المعاهدة، وهما كلمة "عاهد" في سورة "الفتح"، وكلمة "عاهدوا" الأولى، وإن ابن نجاح وهو أبو داود نقل حذف جميع الأفعال المتصرفة من المعاهدة.
أما "عاهد" الذي في سورة "الفتح" فهو: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} 5 وأما الأولى من كلمة "عاهدوا" ففي "البقرة": {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا} 6.وأما المحذوف لأبي داود زيادة على هذين ففيها: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} 7، وهو متعدد فيها وفيما بعدها متصلا بالواو كما مثل، وبغيره نحو: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ} 8، والعمل عندنا على الح>ف في جميع الأفعال المتصرفة من المعاهدة.
والألفاظ الثلاثة التي في الشطر الأول معطوفة على ما قبلها بحذف العاطف من الأخيرين، وقوله:"لأبي عمرو"، وقوله:"من المعاهدة" متعلقان بفعل محذوف مبني للنائب تقديره: حذف "وعاهد" مرفوعة.
ثم قال:
تجارة أمانته منافع
…
غشاوة شفاعة وواسع
1 سورة البقرة: 2/ 81.
2 سورة البقرة: 2/ 233.
3 سورة المائدة: 5/ 110.
4 سورة مريم: 19/ 32.
5 سورة الفتح: 19/ 32.
6 سورة البقرة: 2/ 100.
7 سورة البقرة: 2/ 177.
8 سورة التوبة: 9/ 1.
أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "تجارة"، و"أمانته"، و"منافع" و"غشاوة" و"شفاعة" و"واسع".
أما "تجارة" ففي "البقرة": {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} 1، {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ} 2، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع كما مثل، ونحو:{قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} 3.
وأما "أمانته" ففي "البقرة": {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} 4، ولا يندرج في "أمانته" غير المضاف نحو:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} 5 وألفه ثابتة.
وأما "منافع" ففي "البقرة": {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} 6، وهو متعدد بعدها.
وأما غشاوة ففي البقرة: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} 7 وفي الجاثية: {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} 8 وقد قرأ حمزة والكسائي هذا الأخير بفتح الغين وسكون الشين بدون ألف.
وأما "شفاعة" ففي "البقرة": {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ} 9، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو:{وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} 10، {تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ} 11.
وأما "واسع" ففي البقرة: {إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} 12، وهو متعدد فيما بعدها ولا يندرج "واسعة" في "واسع"، لذا نص عليه في الترجمة التب بعد هذه، والعمل على الحذف في هذه الألفاظ الستة حيث وقعت.
وألفاظ البيت الستة معطوفة بالرفع على ضمير وارد في البيت قبل هذا بحذف العاطف إلا من الأخير، وسكن هاء "أمانته" إجراء للوصل مجرى الوقف للوزن.
1 سورة البقرة: 2/ 16.
2 سورة البقرة: 2/ 282.
3 سورة الجمعة: 62/ 11.
4 سورة البقرة: 2/ 283.
5 سورة الأحزاب: 33/ 72.
6 سورة البقرة: 2/ 219.
7 سورة البقرة: 2/ 7.
8 سورة الجاثية: 45/ 23.
9 سورة البقرة: 2/ 48، وسورة البقرة: 2/ 123.
10 سورة سبأ: 34/ 23.
11 سورة يس: 36/ 23.
12 سورة البقرة: 2/ 115.
ثم قال:
شهادة فعل الجهاد غافل
…
ثم مناسككم والباطل
وضمن الداني منه المقنعا
…
وباطل من قبل ما كانوا معا
أخبر في البيت الأول عن أبي داود بحذف ألف: "شهادة"، وألف الأفعال المتصرفة من لفظ "الجهاد"، وألف:"غافل"، و"مناسككم"، و"الباطل".
أما "شهادة" ففي "البقرة": {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً} 1 {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة} 2، وهو متعدد فيها وفيما بعدها كما مثل، ونحو:{لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} 3.
وأما أفعال "الجهاد" ففي "البقرة": {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} 4، ووقع ماضيًا ومضارعًا، وأمرا مجردا من الضمير البارز ومتصلا به نحو:{وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} 5 {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} 6 {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} 7 {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} 8.
وأثبتوا الألف في كلمة "هاجروا" حيث وقعت كما ذكره في "التنزيل"، وأما "غافل" في البقرة. {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ، أَفَتَطْمَعُونَ} 9، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو:{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} 10، وهذا بناء على أن التنوع يكون بتنوين المنصوب.
وأما "مناسككم" ففي "البقرة": {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} 11، ولا يندرج فيه "مناسكا"، وألفه ثابتة.
وأما "الباطل" ففي "البقرة": {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِل} 12، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو:{وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا} 13.
1 سورة البقرة: 2/ 140.
2 سورة البقرة: 2/ 283.
3 سورة المائدة: 5/ 107.
4 سورة البقرة: 2/ 218.
5 سورة التوبة: 9/ 19.
6 سورة المائدة: 5/ 54.
7 سوة التوبة: 9/ 73.
8 سورة الحج: 22/ 78.
9 سورة البقرة: 2/ 140، 2/ 74.
10 سورة إبراهيم: 14/ 42.
11 سورة البقرة: 2/ 200.
12 سورة البقرة: 2/ 42.
13 سورة هود: 11/ 16.
ثم أخبر في البيت الثاني أن أبا عمرو الداني ضمن، وأودع كتابه "المقنع" من لفظ "الباطل" لفظين فقط بالحذف وهما:{وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} 1 في الأعراف وهو، وأما ما لم يذكره أبو عمرو الداني، فهو ثابت عنده بمقتضى القاعدة الآتية عنه في قوله: الناظم: "ووزن فعال وفاعل ثبت"، العمل عندنا على الحذف في "شهادة" وفي أفعال "الجهاد"، و"غافل" و"مناسككم" حيث وقعت، وكذا "باطل" حيث وقع.
تنبيه: ظاهر قول الناظم: فعل "الجهاد" أن الاسم لا تحذف ألفه مع أن أبا داود نص في "التنزيل" على حذف "جهادا" الواقع في الممتحنة في قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي} 2، وأطلق الناظم في عمدة البيان، الحذف في "جهادا" المنصوب، فشمل الذي في "الفرقان" وهو:{جِهَادًا كَبِيرًا} 3، والعمل عندنا على حذف الذي في الممتحنة وإثبات ما عداه، والألفاظ الخمسة التي في البيت الأول بالرفع معطوفة كالتي قبلها بحذف العاطف إلا الأخيرين، قوله:"المقنعا"، وقوله: و"باطل" مفعولان "ضمن"، وقوله:"ما كانوا" مقصود لفظة أضيف إليه "قبل"، و"معا" حال من "باطل" بتقدير مضاف قبل باطل، أي كلمتي باطل معا.
ثم قال:
مع المثنى في غير الطرف
…
كرجلان يحكمان واختلف
لابن نجاح فيه ثم الداني
…
قد جاء عنه في تكذبان
أخبر عن أبي عمرو بحذف ألف المثنى، أي: الألف التي يختص بها المثنى، ولا توجد في المفرد وهي التي تكون علامة لرفعه، أو تكون ضمير اثنين بشرط أن تقع تلك الألف في غير الطرف بأن تكون حشوا، أي: وسطا، ثم مثل: بـ"رجلان يحكمان" مشيرا بتعدد المثال إلى أن المثنى هنا نوعان، اسم كـ"رجلان، وفتيان"، و"يداك"، و"فذانك"، و"هذان" و"اللذان"، وفعل "يحكمان"، و"يعلمان من أحد" و"ياتيانها منكم"، و"تكذبان"، وإطلاق اسم المثنى على الفعل مجاز، واحترز بقوله: "وهو في
1 سورة الأعراف: 7/ 139.
2 سورة الممتحنة: 60/ 1.
3 سورة الفرقان: 25/ 52.
الطرف من الألف المتطرف في المثني، فإنه ثابت اتفاقا نحو:{إِنَّا رَسُولا رَبِّك} 1 {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} 2 {وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا} 3 {حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} 4.
ثم أخبر أن أبا داود نقل الخلاف بين المصاحف في ألف المثنى مطلقا، وأن أبا عمرو إنما نقل الخلاف بينها في ألف:"تكذبان" من المثنى، وفي تمثيل الناظم بـ"رجلان" فائدة زائدة على ما تقدم من الإشارة إلى التنويع، وهي أن ألف المثنى الواقعة بعد اللام كـ"رجلان" و"أضلنا" مندرجة في المثنى لا في مبحث الألف المعانق الآتي.
واعلم: أن مما يندرج في المثنى: "مدهامتان"، ونضاختان"، و"برهانان" باعتبار الألف الثانية منها، إذ هي ألف المثنى.
وأما الألف الأولى من: "مدهامتان" و"نضاختان"، فلم يتعرض الناظم إلى حكمها، والعمل على إثباتها، وقد قدمنا عند قوله:"حيث أصابهم والبرهان" إن العمل على حذف الأولى من: "برهانان".
والظاهر اندراج "اثنان" من قوله تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} 5 في المثنى وإن كان غير مثنى حقيقي، بل هو ملحق به؛ لأن باب الجمع السالم تساوى فيه الحقيقي مع ما الحق به كما تقدم فليكن المثنى كذلك، نعم يخرج من قوله:"مع المثنى""كلاهما"، و"جاءانا"، لنصه على كل واحد منهما بعينه، وقد كان الأنسب ذكرهما هنا.
والعمل عندنا على حذف ألف المثنى بنوعيه حيث وقع في القرآن، وعلى حذف ألف:"اثنان"، إلا جميع ما وقع في سورة "الرحمن" من لفظ:"تكذبان" وهو: أحد وثلاثون موضعًا، فالعمل عندنا على إثباته، وسيذكر ما به العمل في:"كلاهما"، و"جاءانا".
تنبيه: حكى في التنزيل إجماع المصاحف على حذف ألف: "الأوليان"، فكان على الناظم أن يستثنيه من الخلاف، وقوله مع "المثنى" طرف في محل الحال من "باطل"، وجملة "وهو في غير الطرف" حال من المثنى، وقوله:"اختلف" بالبناء للنائب والضمير في قوله: "جاء" يعود على الخلاف المفهوم من اختلف.
1 سورة طه: 20/ 47.
2 سورة المسد: 111/ 1.
3 سورة البقرة: 2/ 35.
4 سورة البقرة: 2/ 102.
5 سورة المائدة: 5/ 106.
ثم قال:
وفي الأخير الحذف من نداء
…
رجح عنهما ونحو ماء
تكلم في هذا البيت على الاسم الذى في آخره ألف مبدلة من تنوين النصب إذا كان قبلها همزة، وقبل الهمزة ألف نحو:"نداء"، و"ماء"، و"بناء"، و"أحياء"، و"مراء"، و"مكاء"، و"غثاء"، و"افتراء"، عند الوقف عليها، فأخبر عن الشيخين: يرجحان حذف الألف الأخير من ذلك، وهو الألف المبدل من التنوين يعنى على حذف الألف الأول والمرجوح عكسه، وذلك أن هذا النوع كتب في المصاحف بألف واحدة لئلا يجتمع في الكلمة: ألفان ولم تصور همزته فاحتمل أن تكون الألف المحذوفة هي الأولى، فتكون المرسومة ألف النصب، وأن تكون المحذوفة هي الثانية، وهي ألف النصب، وهو الراجح عند الشيخين وعليه العمل.
ووجه رجحانه أن ألف النصب لما وقعت في الطرف الذي هو موضع الحذف، والتغيير كانت بالحذف أولى من الذي في وسط الكلمة.
وخرج بقوله: "من نداء"، ونحو:"ماء" الاسم المنصوب غير المنون نحو: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا} 1، والاسم المنون غير المنصوب، نحو:{وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ} 2 {مِنْ مَاءٍ دَافِق} 3؛ لأن الألفين اللذين هما محل الخلاف لا يتصوران إلا مع النصب والتنوين.
وقوله "رجح" يجوز فيه تخفيف الجيم مع فتحها على أنه مبنى للفاعل بمعنى "قوى"، ويجوز تشديدها مع الكسر على أنه مبني للنائب، وقوله "ونحو" بالجزء عطف على "نداء".
ثم قال:
واحذف بواعدنا مع المساجد
…
وعن أبي داود أيضا واحد
وكيف أزواج وكيف الوالدين
…
.........................
1 سورة الذاريات: 51/ 47.
2 سورة البقرة: 2/ 49.
3 سورة الطارق: 86/ 6.
أمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف الألف في "واعدنا" و"المساجد"، ثم ذكر عن أبي داود حذف ألف:"واحد"، و"أزواج"، كيف وقع، يعني نكرة أو معرفة بال، أو بالإضافة، و"الوالدين" كيف وقع يعني معرفة بال، أو بالإضافة سواء كان مصحوبا بياء أو بألف.
أما "واعدنا" ففي "البقرة": {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} 1، وهو متعدد فيما بعدها نحو:{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} 2 ومنوع نحو: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} 3.
وأما "المساجد" ففي "البقرة": {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} 4 {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} 5، وهو متعدد فيها وفيما بعدها نحو:{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} 6 كلاهما في التوبة: {وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} 7 في الحج ومنوع كما مثل، وقد قرئ في السبع الأول في "التوبة" بسكون السين دون ألف على الأفراد.
وأما "واحد" المحذوف لأبي داود ففي "البقرة": {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} 8 {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} 9، وهو متعدد فيها وفيما بعد ومنوع نحو:{وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} 10 وبقي على الناظم لفظ "واحدة"، فإن أبا داود نص على حذفه حيثما وقع، وهو لا يندرج في المذكورة ولذا أصلح بعضهم الشطر الثاني فقال:"وابن نجاح واحده وواحد".
وأما "أزواج" ففي "البقرة": {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} 11 {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} 12، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع كما مثل، ويندرج في لفظ "أزواج" ما كان جمعا لزوج كما مثل، وما كان بمعنى الأصناف نحو:{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج} 13؛ لأن لفظ المطابق يندرج في المذكور وإن خالفه في المعنى.
1 سورة البقرة: 2/ 51.
2 سورة الأعراف: 7/ 142.
3 سورة طه: 20/ 80.
4 سورة البقرة: 2/ 114.
5 سورة البقرة: 2/ 187.
6 سورة التوبة: 9/ 17.
7 سورة الحج: 22/ 40.
8 سورة البقرة: 2/ 61.
9 سورة البقرة: 2/ 163.
10 سورة الرعد: 13/ 16.
11 سورة البقرة: 2/ 25.
12 سورة البقرة: 2/ 240.
13 سورة الأنعام: 6/ 143.
وأما "الوالدين" ففي "البقرة": {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} 1، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} 2 {وَعَلَى وَالِدَيَّ} 3 {وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} 4 {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} 5، والعمل عندنا على ما نقله الناظم عن أبي داود من الحذف في "واحد"، حيث وقع، "أزواج"، و"الوالدين" كيف وقعا، على حذف ألف "واحدة" حيث ورد والباء في قوله:"بواعدنا" بمعنى "في" قوله: "أزواج" عطف على "واحد" بحذف العاطف، وبعد "كيف" جملة محذوفة، والتقدير وأزواج كيف وقع، والوالدين كيف وقع.
ثم قال:
. . . . . . . . . . . .
…
وفي العظام عنهما في المؤمنين
وغير أول بتنزيل أتين
…
كلا والأعناب بغير الأولين
لكن عظامه له بالألف
…
وكل ذلك بحذف المنصف
ذكر هنا حكم الألف التي في: "العظام"، و"الأعناب"، حيث وقعا في القرآن، فأخبر عن الشيخين بحذف الألف التي في "العظام" الواقع في سورة "المؤمنين" بأربعة مواضع، وهي:{فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} 6 {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا} 7 {قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا} 8، وقد قرأ ابن عامر وشعبة: الأولين بفتح العين وسكون الظاء من غير ألف على الأفراد، وعبارة الناظم تشمل الموضعين الأخيرين لأبي عمرو مع أنه ليس له فيها كلام، بل صريحة تخصيص الموضعين الأولين بالحذف، وإذا أصلح بيت الناظم بإصلاحات أحسنها:"والداني أولي عظام المؤمنين"، ثم أخبر بأن أبا داود ذكر في "التنزيل" حذف كلمات "العظام" غير اللفظ الأول منها، وهو قوله تعالى في سورة البرة:{وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} 9، وإن أبا داود ذكر في "التنزيل" أيضا حذف ألفاظ "الأعناب" كلها إلا اللفظين الأولين وهما:
1 سورة البقرة: 2/ 83.
2 سورة النساء: 4/ 33.
3 سورة النمل: 27/ 19.
4 سورة العنكبوت: 29/ 8.
5 سورة لقمان: 31/ 14.
6 سورة المؤمنون: 23/ 14.
7 سورة المؤمنون: 23/ 35.
8 سورة المؤمنون: 23/ 82.
9 سورة البقرة: 2/ 259.
{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} 1 بالبقرة، {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} 2 بالأنعام، ثم استدرك الناظم على قوله:"وغير أول بتنزيل أتين" فقال: "لكن عظامه له بالألف"3 أي: لكن لفظ "عظامه" الواقع في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} 4 بسورة القيامة بإثبات الألف لأبي داود في "التنزيل"، ثم أخبر أن كل ذلك، أي: جميع ألفاظ العظام، والأعناب، الواردة في القرآن حذفها صاحب المنصف لا فرق عنده بين الأول من لفظ "العظام"، وغيره ولا بين الأولين من لفظ "الأعناب"، وغيرهما فالأول من لفظ "العظام" تقدم، وأما غير الواقع بغير سورة "المؤمنين"، والقيامة فنحو: موضعي الإسراء: {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا} 5، ونحو قال:{مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ} 6 في "يس".
وأما: الأولان من لفظ "الأعناب" فقد تقدما، وأما غيرهما فكما في "الرعد":{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ} 7 في النحل: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ} 8، وهو متعدد فيما بعد البقرة ومنوع كما مثل، والعمل عندنا على الحذف في لفظي "العظام"، و"الأعناب" حيث وقعا الا:{أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} 9 بالقيامة، فالعمل على إثبات ألفه.
وقوله: في "العظام" خبر مبتدأ محذوف تقديره الحذف، و"غير" منصوب على الاستثناء من فاعل أتين، وأنت الضمير بتأويل كلمات العظام والأعناب معطوف على "فاعل""أتين"، وأنت الضمير بتأويل كلمات "العظام" و"الأعناب" معطوف على فاعل "أتى" الذي هو النون.
مواضع حذف همزة الوصل من الرسم القرآني:
1 سورة البقرة: 2/ 266.
2 سورة الأنعام: 6/ 99.
3 يعني لفظ العظام بالألف.
4 سورة القيامة: 75/ 3.
5 سورة الإسراء: 17/ 49.
6 سورة يس: 36/ 78.
7 سورة الرعد: 13/ 4.
8 سورة النحل: 16/ 11.
9 سورة القيامة: 75/ 3.
ثم قال:
والحذف عنهما بهمز الوصل
…
إذا أتى من قبل همز الأصل
من نحو وأتوا فات قل وفسألوا
…
وشبهه كنحو واسئل واسألوا
تكلم في هذين البيتين، وما بعدهما إلى تمام سبعة أبيات على مواضع حذف همزة الوصل من الرسم، وهمزة الوصل هي التي تثبت في الابتداء، وتسقط في الدرج، وكان الأنسب ذكرها في باب الهمزة، لكنه ذكرها في هذا الباب تبعا للشيخين؛ ولأنها لا تكتب إلا ألفا حتى سميت ألف الوصل.
ومواضع حذفها من الرسم سبعة ذكر منها في هذين البيتين موضعين، فأخبر عن الشيخين بحذف همزة الوصل إذا جاءت قبل همزة أصلية، أي: همزة قطع ووقعت بعد واو أو فاء، وإلى الشرط الأول أشار بقوله:"إذا أتى من قبل همز الأصل"1، وإلى الشرط الثاني أشار بقوله من نحو:"واتوا فات.."2 نحو {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} 3 {فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِب} 4 ومثله في أول "البقرة": {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} 5 ومنه {فَأْذَنُوا بِحَرْب} 6 {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} 7.
وذلك إن فاء هذه الألفاظ همزة، وهي أفعال أمر من الثلاثي، والأخير، من الخماسي فيلزم افتتاحها بهمزة الوصل، وهي مبتدأة فقياسها أن تصور ألفا، لكن لما اتصل بها ما لا يمكن استقلاله، والوقف عليه من الحروف الإفرادية كالواو، والفاء، قام مقام همزة الوصل فسقطت لفظا، فجاء الخط موافقا لذلك لاستثقالهم اجتماع صورتين وهما هنا صورة همزة القطع، وصورة همزة الوصل فإذا لم يقع بعد همزة الوصل همزة أصلية نحو:"واتقوا"، أو وقعت، لكن اتصل بهمزة الوصل ما يستقل ويصح الوقف عليه نحو:"الَّذِي أوتُمِنَ"8 "وقال الملك ايتُونِي"9 "ثم ايتوا صفا"10، فإن همزة الوصل تثبت رسما لثبوتها لفظا عند الوقف على ما قبلها والابتداء بها.
1 حكم حذف همزة وصل.
2 ومثل في بداية الشطر الثاني بقوله: واتوا، فات، للإيضاح.
3 سورة البقرة: 2/ 189.
4 سورة البقرة: 2/ 258.
5 سورة البقرة: 2/ 23.
6 سورة البقرة: 2/ 279.
7 سورة الطلاق: 65/ 6.
8 سورة البقرة: 2/ 283.
9 سورة يوسف: 12/ 54.
10 سورة طه: 20/ 64.
وهذا حاصل الكلام على الفصل الأول.
ثم أشار بقوله: "قل وفسئلوا"1 البيت إلى الموضع الثاني، فذكر عن الشيخين أن همزة الوصل تحذف إذا دخلت على فعل الأمر من السؤال، ووقعت بعد واو أو فاء نحو:{فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} 2 {وَسْئَلِ القَرْيَةَ} 3 {وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ} 4.
وإنما حذفت الواو والفاء بسبب عدم صحة استقلالهما والوقف عليهما منزلة ما هو من نفس الكلمة، ونيابتهما عن همزة الوصل بحيث لا ينطق بها يوما ما، ويحتمل أن يكون قد رسم على قراءة من نقل حركة الهمزة إلى السين، وهو ابن كثير والكسائي، وهذا أظهر؛ لأن التوجيه الأول يأتي في نحو:{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} 5 مع أنها لم تحذف منهما.
والباء في قوله: بـ"همز الوصل" بمعنى "في"، وقوله:"فاسئلوا"، عطف على همز الوصل بالواو والجميع محكى بـ"قل"، والتقدير، قل الحذف عنهما في همز الوصل إذا كان وفي همزة "فاسئلوا" وشبهه.
ثم قال:
وقبل تعريف وبعد لام
…
كللذي للدار للإسلام
ذكر في هذا البيت الموضع الثالث من مواضع حذف همزة الوصل من الرسم، فأخبر عن الشيخين بحذفها إذا وقعت قبل أداة التعريف، وهي اللام، وبعد لام هي لام الابتداء، أو الجر، ثم مثل للأول بقوله تعالى:{لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} 6 {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} 7، وللثاني بقوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} 8، ومثله:{الْحَمْدُ لِلَّه} 9 {لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} 10 {هُدىً لِلْمُتَّقِين} 11.
وإنما حذفوها في هذا الموضع لسقوطها دائما، بسبب عدم استقلال اللام، وعدم صحة الوقف عليها، والابتداء بما بعدها، مع كراهة توالي الأمثال وهي اللامان والألف التي بينهما.
1 الجزء الأخير من الشطر الثاني في البيت.
2 سورة الأنبياء: 21/ 7، وسورة النحل: 16/ 43.
3 سورة يوسف: 12/ 82.
4 سوة النساء: 4/ 32.
5 سورة البقرة: 2/ 109.
6 سورة آل عمران: 3/ 96.
7 سورة الأنعام: 6/ 32.
8 سورة الزمر: 39/ 22.
9 سورة الفاتحة: 1/ 1.
10 سورة الأحزاب: 33/ 37.
11 سورة البقرة: 2/ 2.
ومراد الناظم بإدارة ما شأنه التعريف لا ما هو معرف في الحال بدليل تمثيله بـ"الذي" إذ ليست "أل" فيه على الصحيح معرفة بل معرفه الصلة، ولا بد من تقييد اللام في كلامه بكونها متصلة احترازا من:"فمال الذين"، وقد يؤخذ هذا القيد من المثال، واحترز بقوله:"قبل تعريف" عما إذا لم تقع قبل لام التعريف نحو: "لانفضوا"، فلا تحذف، واحترز بقوله:"وبعد لام" عما إذا لم تقع بعد اللام نحو: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُون} 1 أو لم يكن واحد من الأمرين نحو: {وَاعْبُدُوا} 2، وأما "لتخذت" فسيأتي للناظم.
وقوله: و"قبل تعريف" معطوف على "إذا" من قوله: "إذا أتي من قبل همز الأصل"، وبعد عطف على "قبل".
ثم قال:
وبعد الاستفهام إن كسرتا
…
كقوله يدي استكبرتا
ذكر في هذا البيت الموضع الرابع من مواضع حذف همزة الوصل من الرسم، فأخبر عن الشيخين بحذفها إذا وقعت بعد همزة الاستفهام، وكانت أعني همزة الوصل مكسورة نحو:{قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} 3 {وَوَلَدًا، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} 4، {جَدِيدٍ، أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ} 5، {أَسْتَكْبَرْت} 6، {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُم} 7.
وإنما حذفت في هذا الموضع لنحو ما تقدم عند قوله: وقبل تعريف البيت، واحترز بقيد المكسورة عن المفتوحة نحو:
{اللَّه} 8 و {آلذَّكَرَيْن} 9 و {ألآنَ} 10 في "يونس" فإن المختار في هذا القسم أن الألف الموجودة هي همزة الوصل، وأن همزة الاستفهام لا صورة لها، وقوله: و"بعد" عطف على "قبل" في البيت قبله، والاستفهام مضاف إليه على حذف مضاف أي: وبعد همزة الاستفهام، و"ان كسرت" شرط حذف مفعول، فعله وهو همزة الوصل وحذف جوابه لدليل ما قبله عليه وألف "كسرتا" و"استكبرتا" للإطلاق.
1 سورة البقرة: 2/ 4.
2 سورة النساء: 4/ 36.
3 سورة البقرة: 2/ 80.
4 سورة مريم: 19، 78.
5 سورة سبأ: 34/ "7-8".
6 سورة ص: 38/ 75.
7 سورة المنافقون: 63/ 6.
8 سورة النمل: 27/ 59، ولفظ: الله 980 مرة.
9 سورة الأنعام: 6/ 143.
10 سورة يونس: 10/ 51و 91.
ثم قال:
ولتخذت وبخلف يرسم
…
لابن نجاح في أفاتخذتم
ذكر في هذا البيت الموضع الخامس، والموضع السادس من مواضع حذف همزة الوصل من الرسم فالخامس عن الشيخين، وهو "لتخذت"، والسادس انفرد بذكره: أبو داود حاكيا فيه خلاف المصاحف وهو: {أَفَاتَّخَذْتُم} 1.
أما لتخذت ففي "الكهف": {لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} 2، ولا شك أن هذا الفعل خماسي، على وزن "افتعل"، قياسه الافتتاح بهمزة الوصل هكذا:"اتخذت"، ثم لما دخلت اللام حذفت الهمزة لفظا استغناء باللام عنها، وقياس الخط المبني على الابتداء ثبوتها نحو:{لَاتَّخَذُوك} 3 لكنها حذفت من المصاحف إشارة إلى القراءة الأخرى فيه، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو بفتح التاء مخففة، وكسر الخاء، ولا وجود لهمزة فيه، على قراءتهما؛ لأنه ثلاثي ماض، واحترز بقيد مجاورة "اتخذت" اللام عن "اتخذت" الخالي عنه نحو:{لَئِنِ اتَّخَذْت} 4، فإن همزة الوصل فيه ثابتة.
وأما: {أَفَتَّخَذْتُمْ} 5 المحذوف الهمزة لأبي داود على خلاف فيه ففي "الرعد": {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} 6، وتقريره كالذي قبله، وقد اختار أبو داود في "التنزيل" إثبات همزة الوصل فيه، وبه العمل عندنا.
وقوله "ولاتخذت" مبتدأ على حذف مضاف، أي: وهمزة "لاتخذت"، وخبره محذوف: أي كذلك.
ثم قال:
وحذف بسم الله عنهم واضح
…
في هود والنمل، وفي الفواتح
واغفل الداني ما في النمل
…
فرسمه كهذه عن كل........
ذكر في هذين البيتين الموضع السابع من مواضع حذف همزة الوصل من الرسم، فأخبر بحذف همزة الوصل الواقعة بين الباء والسين من "بسم الله" في سورة هود:
1 سورة الرعد: 13/ 16.
2 سورة الكهف: 18/ 77.
3 سورة الإسراء: 17/ 73.
4 سورة الشعراء: 26/ 29.
5 سورة الرعد: 13/ 16.
6 سورة الرعد: 13/ 16.
{بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} 1، وفي سورة النمل:{وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ} 2 وفي "بسم الله الرحمن الرحيم"3.
الواقع في فواتح السور، وأن أبا عمرو الداني أغفل، أي: سكت عن الواقع في سورة "النمل"، وأن رسمه عن غير أبي عمرو من شيوخ النقل كرسم هذه المذكورات، وبرسمه كالمذكورات جرى العمل.
ووجه حذف همزة الوصل في هذا الموضع كثرة الاستعمال.
وافهم قوله: "في هود، واسم الله، والفواتح"، أن همزة الوصل الواقعة بين الباء والسين من "بسم" لا تحذف في غير هذه المواضع بل ترسم، وهو كذلك من غير خلاف نحو:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك} 4و {بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم} 5.
تنبيه: بقي موضع آخر من مواضع حذف همزة الوصل وهو: "يا بنؤم" وسيأتي في باب الهمز.
وقوله: و"حذف بسم الله" مبتدأ ومضاف إليه بتقدير مضافين، أي: وحذف صورة همزة "بسم الله، و"واضح" خبره، وقوله: "في هود" ممنوع من الصرف على السورة، وتأنيثها.
ثم قال:
كذا وقائلوهم في البقره
…
وقبله ثلاثة مقتفره
وءال عمران بها الأخير
…
وفلقاتلوكم مأثور
وموضع في الحج والقتال
…
ثمان أحرف على التوالي
ذكر في هذه الأبيات ثمانية أفعال مشتقة من مادة: "قتل"، أخبر عن الشيخين بحذف الألف فيها عن كتاب المصاحف الأول: وقاتلوهم من: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} 6 في "البقرة"، وثلاثة قبله وهي: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ
1 سورة هود: 11/ 41.
2 سورة النمل: 27/ 30-31.
3 سورة فواتح السور وعدد "113".
4 سورة العلق: 96/ 1.
5 سورة الواقعة: 56/ 96.
6 سورة البقرة: 2/ 193.
فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} ، وقد قرأ حمزة والكسائي الأولين من هذه الثلاثة بفتح حرف المضارعة، وسكون القاف من دون ألف: وقرأ الأخير بفتح القاف دون ألف.
وإلى هذه الأربعة أشار بالبيت الأول، وقوله:"مقتفرة" بفتح الفاء، أي: متبوعة بلفظ، و"قاتلوهم"، المذكور، والخامس الأخير في "آل عمران" وهو:{وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} 2 وقد قرأه حمزة، والكسائي بتقديم "قتلوا" المبني للنائب على "قاتلوا" المبني للفاعل.
والسادس: {فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ} 3 في النساء، وقد قرأ الحسن هذا بحذف الألف.
والسابع: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} 4 في الحج.
والثامن: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} 5 في القتال، وقد قرأه البصري، وحفص بضم القاف وكسر التاء من غير ألف، وإلى هذه الأربعة الأخيرة أشار بالبيت الثاني وبالشطر الأول من البيت الثالث، ثم تمم البيت الثالث ببيان عدد الأفعال المشتقة من القتال المحذوفة للشيخين، وأنها ثمانية مذكورة على التوالي، أي: على ترتيب السور في المصحف.
وخرج غير هذه الثمانية من أفعال القتال، فإن أبا عمرو لم يحذفه، وسيأتي للناظم قريبا، أن أبا داود أطلق الحذف في جميع أفعال القتال وسنذكر المعمول به فيها.
وقوله: "كذا" خبر مقدم، و "قاتلوهم" متبدأ مؤخر، واسم الإشارة، راجع لهمز الوصل في قوله: و"الحذف عنهما بهمز الوصل"، وقوله: و"آل عمران" بالرفع عطف على "وقاتلوهم" على حذف مضاف أي و"قاتلوا آل عمران". وقوله: و"فلقاتلوكم
1 سورة البقرة: 2/ 191.
2 سورة آل عمران: 3/ 195.
3 سورة النساء: 4/ 90.
4 سورة الحج: 22/ 39.
5 سورة محمد: 47/ 4.
مأثر" مبتدأ وخبر، ومعنى مأثور: مروي، أي: بالحذف، وقوله: "ثمان أحرف" بكسر النون، وحذف الياء ويصح ضم النون، وهو خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه ثمان كلم.
ثم قال:
أولى تشابه وإن تظاهرا
…
تظاهرون وكذا تظاهرا
وأطلق الجميع في التنزيل
…
بأي ما لفظ على التكميل
أخبر عن الشيخين بحذف ألف الكلمة الأولى من "تشابه"، وبحذف ألف "وإن تظاهرا"، و"تظاهرون"، و"تظاهرا" مخفف الظاء.
أما الكلمة الأولى من لفظ "تشابه" ففي "البقرة": {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} 1 واحترز بالأولى من غيرها، وستأتي أمثلته قريبا.
وأما: و"إن تظاهرا" ففي "التحريم"، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ} 2.
وأما "تظاهرون" ففي "البقرة": {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 3.
وأما "تظاهرا" مخفف الظاء ففي "القصص": {قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} 4 ثم أخبر عن أبي داود بأنه أطلق في "التنزيل" الحذف في جميع أفعال القتال، وجميع الألفاظ المشتقة من مادة شبه، ومن مادة ظهر.
أما أفعال القتال فنحو: الثمانية المتقدمة في قوله "كذا، وقاتلوهم" الأبيات الثلاثة ونحو: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} 5 {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} 6 و {قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا} 7 و {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} 8 و {قَاتَلَهُمُ اللَّه} 9.
وأما الألفاظ المشتقة من مادة شبه فنحو ما تقدم ونحو: {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُم} 10 {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} 11 {مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} 12.
1 سورة البقرة: 2/ 70.
2 سورة التحريم: 66/ 4.
3 سورة البقرة: 2/ 85.
4 سورة القصص: 28/ 48.
5 سورة البقرة: 2/ 190.
6 سورة البقرة: 2/ 193، وسورة الأنفال 8/ 39.
7 سورة آل عمران: 3/ 167.
8 سورة التوبة: 9/ 14.
9 سورة التوبة: 9/ 30.
10 سورة البقرة: 2/ 118.
11 سورة آل عمران: 3/ 7.
12 سورة الأنعام: 6/ 141.
وأما الألفاظ المشتقة من مادة "ظهر"، فنحو ما تقدم ونحو:{وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} 1 {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإثْمِ} 2 {فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} 3.
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} 4، ولا يندرج في كلام الناظم هنا "متشابهات"، و"ظاهرين"؛ لأن حكمهما علم مما ذكره الناظم في الجمع السالم بقسميه، فلو أدرجا هنا لزم التكرار مع إيهام أن أبا عمرو لا يحذفهما.
وإنما خصصنا في حل كلام الناظم مادة القتال بالأفعال دون الأسماء، وعممنا في مادتي "شبه"، و"ظهر"؛ لأن مراد الناظم بقوله: و"أطلق الجميع" أن أبا داود أطلق ما وجد من تلك المواد مماثلا للألفاظ السابقة في وقوع الألف بعد القاف في مادة: "قتل"، وبعد الشين في مادة:"شبه"، وبعد الظاء في مادة:"ظهر"، ولم يوجد في القرآن من مادة:"قتل"، إسم فيه الألف بعد القاف حتى يخرج عن الإطلاق، نعم، وجد بعد التاء نحو {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا} 5، وهو ثابت الألف، وقد وجد في مادة:"شبه"، و"ظهر" الألف في الأسماء بعد الشين والظاء فعمها الإطلاق وعم الأفعال.
والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في جميع أفعال القتال، وجميع الألفاظ المشتقة من مادة:"شبه"، ومن مادة:"ظهر".
وقول الناظم "أولى تشابه" عطف على قوله السابق و"قاتلوهم"، أو على قوله و"موضع" و"ما" في قوله" بأي ما" لفظ زائدة، وقوله على التكميل للبيت في محل الحال من قوله:"الجميع"، والظاهر أن "على" بمعنى "مع" ومعنى إطلاقها مع تكميلها أن إطلاقها مصحوب بتعميمها.
ثم قال:
والمنصف الأسباب والغمام قل
…
وابن نجاح ما سوى البكر نقل
أخبر عن الشيخ البلنسي صاحب "المنصف" بحذف ألف "الأسباب" و"الغمام" مطلقا، وعن أبي داود البلنسي بأنه نقل حذف ألف "الأسباب" و"الغمام" سوى الواقع منهما في سورة "البكر"، وهي سورة "البقرة".
1 سورة التوبة: 9/ 4.
2 سورة الأنعام: 6/ 120.
3 سورة الكهف: 18/ 22.
4 سورة الحديد: 57/ 3.
5 سورة آل عمران: 3/ 167.