الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فيما صور من الهمزة واو بعد ألف:
ثم قال:
فصل وفي بعض الذي تطرفا
…
في الرفع واو ثم زادوا ألفا
هذا الفصل عقده الناظم لكلمات خرجت عن قاعدة فصل الهمزة المتطرفة بعد ساكن، وعن قاعدة فصل الهمزة المتطرفة بعد متحرك، فصورت الهمزة في تلك الكلمات واوا بعدها ألف مع أن قياس ما تقدم في الفصلين السابقين أن لا تصور المتطرفة الواقعة
بعد ألف وإن تصور المتطرفة الواقعة بعد فتحة ألفا، فكلمات هذا الفصل مستثناة مما تقدم في الفصلين، وإنما جمع الناظم الكلمات التي خرجت عن قياس
الفصلين في فصل واحد لاشتراكها في الحلم الذي هو تصوير الهمزة واوا وزيادة ألف بعدها، وقد استفيد من قول الناظم، و"في بعض" ومن تعيينه فيما سيأتي الكلمات المستثناة وحصرها، أن القسم الذي استثنيت منه كلمات هذا الفصل هو الهمزة المتطرفة المرفوعة الواقعة بعد ألف أو فتحة، وقوله:"وفي بعض الذي تطرف واو"، جملة اسمية قدم خبرها، وفي الرفع حال من:"الذي"، أو من عائده وهو الضمير الفاعل بـ:"تطرف".
ثم قال:
فلماؤا العلماؤا يبدؤا
…
والضعفاؤا الموضعان ينشؤا
من هنا شرع الناظم في تعداد الكلمات التي خالفت قياس الفصلين السابقين، فصورت الهمزة فيها واوا زيد بعدها ألف، وقد ذكر منها في هذا البيت أربع كلمات وهي:"علماؤا". معرفا ومنكرا، و:"يبدؤا"، و"الضعفاء". و:"ينشؤا".
أما "علماؤا" ففي "الشعراء": {عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} 1، وقال السخاوي: رأيت في الشامي: {عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} 2. بألف وأما "العلماء" ففي "فاطر": {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 3. وأما "يبدؤا" لنحو: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} 4. وهو متعدد.
وأما "الضعفاؤا" ففي "موضعين" وهما: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ} 5. في سورة إبراهيم، {فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} 6. في "غافر"، وإلى هذين الموضعين أشار بقوله:"والضعفاؤا الموضعان". وأتى "بالضعفاؤا" مقترنا بأل ليحترز به، وبقوله:"الموضعان"، عن الذي في البقرة" وهو:{وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ} 7، فإنه رسم بالحذف على قياس ما تقدم، ويؤخذ من كلام أبي عمرو في المقنع أن:"الضعفاؤا" في "غافر" فيه خلاف، ولكن الناظم لم يعتمده فلذا لم يحكه.
1 سورة الشعراء: 26/ 197.
2 سورة الشعراء: 26/ 197.
3 سورة فاطر: 35/ 28.
4 سورة يونس: 10/ 34.
5 سورة إبراهيم: 14/ 21.
6 سورة غافر: 40/ 47.
7 سورة البقرة: 2/ 266.
وأما "ينشؤا" ففي "الزخرف": {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} 1. وقد ذكر الشاطبي في: "العقيلة"، لخلاف فيه ولم فيه ولم يحكه الناظم عنه، والعمل عندنا على تصوير الهمزة واوا، وزيادة ألف بعدها في الألفاظ الأربعة.
ثم قال:
وشفعاؤا يعبؤا البلاؤا
…
ثم بلالام معا أنباؤا
ذكر في هذا البيت أربع كلمات أيضا من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس وهي: "شفعاؤا"، و:"يعبؤا". و: "أنباؤا". بلا لام تعريف.
أما "شفعاؤا" ففي "الروم": {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ} 2.
وأما "يعبؤا" ففي "الفرقان": {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي} 3.
وأما "البلاؤا" ففي "الصافات": {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} 4. وقد استعمل الناظم: "أل"، هنا قيد الإخراج المنكر لكن بقرينة ذكره المنكر في "الدخان" بعد هذا، وسيأتي هناك بيان المحترز عنه.
وأما "أنباؤا" بلا لام تعريف ففي "الأنعام" و"الشعراء": {أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} 5. وإلى هذين الموضعين أشار بقوله: "معا"، وسيأتي استدراك الخلاف في: "أنباؤا" الذي في "الشعراء" لأبي داود، واحترز بقوله بلا لام، عن المقترن بلام التعريف، وهو في "القصص": {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ} 6. فإنه رسم بحذف صورة الهمزة على القياس، العمل عندنا على تصوير همزة:"أنباؤا"، بواو بعدها ألف في الموضعين كالألفاظ الثلاثة قبله.
ثم قال:
جزاؤا الأولان في العقود
…
وسورة الشورى من المعهود
ومثلها لابن نجاح ذكرا
…
في الحشر والداني خلافا أثرا
وعنهما أيضا خلاف مشتهر
…
في سورة الكهف وطه والزمر
1 سورة الزخرف: 43/ 18.
2 سورة الروم: 30/ 13.
3 سورة الفرقان: 25/ 77.
4 سورة الصافات: 37/ 106.
5 سورة الشعراء: 26/ 6.
6 سورة القصص: 28/ 66.
ذكر في هذه الأبيات الثلاثة تفاصيل كلمات: "جزاؤا"؛ لأنها لم ترد كلها على وجه واحد عند شيوخ النقل بل على أربعة أوجه خارج عن القياس عند جميع الشيوخ، وخارج عنه من غير خلاف لأبي داود، ومع خلاف لأبي عمرو الداني، وخارج عنه مع خلاف للشيخين، ووارد على القياس عن الجميع هذا حصرها على حسب ترتيب الناظم.
أما الخارج عن القياس عند الجميع، فهو ما أشار إليه بالبيت الأول وهو ثلاثة ألفاظ: لفظا: "جزاؤا". الأولان في "العقود" وهما: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} 1، {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} 2، واحترز بالأولين في "العقود"، عن الثالث والرابع فيها وهما:{وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} 3، {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} 4. لحذف صورة همزتهما على القياس، واللفظ الثالث في "الشورى"، وهو: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} 5.
وأما الخارج عن القياس من غير خلاف لأبي داود، ومع خلاف لأبي عمرو فهو أشار إليه بالبيت الثاني، وهو واحد في "الحشر":{وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} 6.
وأما الخارج عن القياس مع خلاف للشيخين، فهو ما أشار إليه بالبيت الثالث وهو ثلاثة في "الكهف":{فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى} 7.
- وفي "طه": {وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} 8.
- وفي "الزمر": {ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ، لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ} 9.
وأما الوارد على القياس عند الجميع، فهو المسكوت عنه من بقية مواضع كلمات:"جزاء"، كموضعي "العقود" الأخرين وقد تقدما، ويفهم ذلك من سكوته عنها لبقائها. على القاعدة المتقدمة في فصل وما بعد سكون حذف، والعمل عندنا على تصوير الهمزة واوا بعدها في لفظي:"جزاؤا". الأولين في "العقود"، وفي:"جزاؤا" الذي في "الشورى" وفي: "جزاؤا"، الذي في "الحشر"، وفي "جزاؤا". الذي في "الزمر"، وعلى حذف صورة الهمزة فيما عدا ذلك من كلمات:"جزاء". الذي همزته متطرفة.
1 سورة المائدة: 5/ 29.
2 سورة المائدة: 5/ 33.
3 سورة المائدة: 5/ 85.
4 سورة المائدة: 5/ 95.
5 سورة الشورى: 42/ 40.
6 سورة الحشر: 59/ 17.
7 سورة الكهف: 18/ 88.
8 سورة طه: 20/ 76.
9سورة الزمر: 39/ 34.
وأما "جزاء"، يوسف فإن همزته متوسطة وقد تقدم، وقوله:"من المعهود"، أي: من المعروف بواو بعدها ألف، والضمير في قوله:"ذكر"، يعود على "جزاء" وقوله:"أثر"، كنصر مبني للفاعل ومعناه روى، و"خلافا" مفعوله مقدم عليه.
ثم قال:
ومع أولى المؤمنين الملؤا
…
في النمل عن كل ولفظ تفتؤا
ذكر في البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس كلمتين، وهما:"الملؤا"، في "النمل" مطلقا مع الكلمة:"الملؤا". الأولى من سورة "المؤمنين" و: "تفتؤا".
أما "الملؤا" في "النمل" فثلاثة: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} 1، {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي} 2، {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} 3.
وأما الكلمة الأولى في "المؤمنين" فهي: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} 4،
واحترز بقوله: "أولى المؤمنين" عن الثانية فيها، وهي:{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} 5.
كما احترز بقيد السورتين عن الملأ الواقع في غيرها "كالأعرف"، فإن ذلك مرشوم بالألف.
وأما "تفيؤا" في "يوسف": {تَاللَّهِ تَفْتَأُ} 6، وما ذكر الناظم الخلاف فيما قبل هذا البيت احتاج إلى أن يزيد هنا قوله:"عن كل"، أي: عن كل المصاحف أو كتابتها ليرفع توهم أن كلمتي هذا البيت من ذوات الخلاف أيضًا.
ثم قال:
وبرءاؤا معه دعاؤا
…
في الطول والدخان قل بلاؤا
ذكر في هذا البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس عن كل ثلاث كلمات، وهي:"برءاؤا"، و:"دعاؤا". في "الطول"، أي: في سورة "غافر"، و:"بلاؤا". في "الدخان".
1 سورة النمل: 27/ 29.
2 سورة النمل: 27/ 32.
3 سورة النمل: 27/ 38.
4 سورة المؤمنون: 23/ 24.
5 سورة المؤمنون: 23/ 33.
6 سورة يوسف: 12/ 85.
أما "برءاؤا" في "الممتحنة": {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ} 1، ولم يصرح الناظم بحذف صورة الهمزة الأولى من:"برءاؤا"، وقد نص عليه الشيخان.
وأما "دعاؤا" ففي "الطور" فهو: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} 2. واحترز بقيد السورة عن الواقع في: "الرعد"، فإنه مرسوم على القياس.
وأما "بلاؤا" في "الدخان" فهو: {وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآياتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ} 3. واحترز بقيد الدخان، عن الواقع في غيرها وهو في "البقرة"، و"الأعراف"، و"إبراهيم"، {وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} 4، فإنه مرسوم على القياس.
ثم قال:
ويتفيؤا كذا ينبؤا
…
وفي سوى التوبة جاء نبؤا
ذكر في هذا البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس ثلاث كلمات أيضا، وهي:"يتفيؤا"، و:"ينبؤا". و"نبؤا".
ففي "القيامة": {يُنَبَّأُ الْإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ} 5. ولم يذكر الشيخان فيه خلافا، وسيأتي الخلاف فيه عن الشاطبي.
وأما "نبؤا" في غير "التوبة" فأربعة في "إبراهيم": {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} 6. وفي "ص": {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} 7. {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} 8، وفي "التغابن":{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} 9. واحترز بقوله في سورة: "التوبة"، عن الواقع فيها هو: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} 10. فإنه مرسوم على القياس، والعمل على تصويره الهمزة واوا بعدها ألف في:"يبنؤا". كالكلمتين الباقيتين.
ثمت فيكم شركاؤا يدرؤا
…
وشركاؤا شرعوا وتطمؤا
ذكر في هذا البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس عن كل ثلاث كلمات أيضا، وهي:"شركاؤا"، في موضعين، و:"يدرؤا"، و:"تظمؤا".
1 سورة الممتحنة: 60/ 4.
2 سورة غافر: 40/ 50.
3 سورة الدخان: 44/ 33.
4 سورة إبراهيم: 14/ 6.
5 سورة القيامة: 75/ 13.
6 سورة إبراهيم: 14/ 9.
7 سورة ص: 38/ 21.
8 سورة ص: 38/ 67.
9 سورة التغابن: 64/ 5.
10 سورة التوبة: 9/ 70.
أما "شركاؤا" في الموضعين ففي "الأنعام": {أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} 1.
وفي "الشورى": {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ} 2. واحترز بقيدي: "فيكم" وشرعوا عن الخالي عنها نحو: {شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} 3. {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا} 4. فإنه مرسوم على القياس.
وأما "يدرؤا" ففي "النور": {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} 5.
وأما "تظمأ" ففي "طه": {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا} 6.
ولا يخفي أنه لا يندرج فيه: "ظمأ"، وهو مرسوم على القياس، وقوله: ثمت، حرف عطف زيدات عليها التاء المفتوحة لتأنيث اللفظ.
ثم قال:
وأتوكؤا وما نشاؤا
…
في هود والخلاف في أبناؤا
ذكر في هذا البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس ثلاث كلمات أيضًا.
وهي: "أتوكؤا"، و""نشاؤا"، في هود من غير خلاف فيها، و: "أبناؤا". على خلاف فيها.
وأما "أتوكؤا" ففي "طه": {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} 7.
وأما "نشاؤا" في "هود" فهو: {أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} 8، واحترز بقيد المجاور، وهو ما عن الخالي عنه نحو:{نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ} 9. وبقيد السورة عن المقترن بما في غيرها وهو في: "الحج": {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} 10. فإنهما مرسومان على القياس.
وأما "أبناؤا" المختلف فيه ففي "العقود": {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ} 11. وقد ذكره الشيخان بالخلاف، ورجح أبو داود فيه الواو على خلاف القياس، قائلا: ولا امنع من القياس، والعمل عندنا على رسمه بواو بعدها ألف كالكلمتين قبله.
1 سورة الأنعام: 6/ 94.
2 سورة الشورى: 42/ 21.
3 سورة الزمر: 39/ 29.
4 سورة القلم: 68/ 41.
5 سورة النور: 24/ 8.
6 سورة طه: 20/ 119.
7 سورة طه: 20/ 18.
8 سورة هود: 11/ 87.
9 سورة يوسف: 12/ 56.
10 سورة الحج: 22/ 5.
11 سورة المائدة: 5/ 18.
ثم قال:
وعن أبي داود أيضا ذكرا
…
في لفظ أبناؤا الذي في الشعراء
وفي ينبؤا في العقيلة الظف
…
وليس قبل الواو فيهن ألف
لما قدم أن "أنباؤا" في "الأنعام" و"الشعراء"، و:"ينبؤا" في القيامة، مما خالف القياس فصورت همزتها بواو بعدها ألف، استدرك الخلاف في:"أنباؤا"، الذي في "الشعراء"، لأبي داود، وفي:"ينبؤا"، في سورة القيامة للشاطبي في:"العقيلة"، وقد ذكر داود في "التنزيل"، اختلاف المصاحف في:"أنباؤا" الذي في "الشعراء"، قال: ففي بعضها بواو وألف بعدها دون ألف قبلها، وفي بعضها بالألف لا غير، وزاد في النقل لكل من الوجهين ما لا يقتضي ترجيما. وقال الشاطبي في:"ينبؤا" وفي: "ينبؤا الإنسان الخلاف"، وهو من زيادة "العقيلة" على "المقنع"، إذ لم يذكر أبو عمرو:"ينبؤا"، في "المقنع" إلا بالواو والألف بعدها، ومقتضى كلام بعض شراح "العقيلة" ترجيح رسمه بالألف على القياس لكن نقل الشيخين يخالفه لجزمهما فيه بمخالفة القياس، وقد قدمنا أن العمل، في "أنباؤا"، في "الشعراء"، وفي:"ينبؤا" في القيامة على تصوير الهمزة واوا بعدها ألف.
ثم لما فرغ الناظم من ذكر الكلمات التي خالفت القياس، فصورت همزتها واوا وزيد ألف بعدها: أخبر في الشطر الأخير مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بانتفاء الألف خطأ، أي: حذفها قبل الواو التي هي صورة للهمزة في جميع الكلمات المتقدمة في هذا الفصل يعني مما فيه الألف قبل الهمزة لفظا: كـ"العلماء"، و"الضعفاء". و"شفعاء"، و"شركاء". فلا ترسم تلك الألف بالكحلاء، إجماعا، وإنما تلحق قبل الواو بالحمراء على ما اختاره أبو داود وبه العمل، وقد وجه الشيخان حذفها بالاختصار، والاكتفاء بدلالة الفتحة قبلها عليها، وكان حق هذا الشطر أي يذكر في حذف الألفات لكن مراعاة المناسبة، والاختصار حسنت ذكره هنا، واعلم أن ترجمة هذا الفصل صريحة في أن الواو في كلمات هذا الفصل صورة للهمزة، وأن الألف بعدها زائدة.
إما أن الواو صورة للهمزة فعليه اقتصر أبو عمرو في: "المقنع"، وأبو داود في:"التنزيل"، وعليه تكون الواو في جميع كلمات هذا الفصل صورة للهمزة على مراد وصل الكلمة التي الهمزة في آخرها بالكلمة التى بعدها، وجعل المنفصل خطا كالمتصل لفظا كما ذكره الشيخان، فتكون الهمزة في تلك الكلمات كالمتوسطة في نحو:"أبناؤكم". و: "يذرؤكم".
وإما أن الألف زائدة فعليه اقتصر الشيخان في الرسم، وذكر أبو عمرو في المحكم أن علة زيادتها، إما شبه الواو بواو الجمع التي تلحق الألف بعدها من حيث وقعت طرفا مثلها، وهو قول أبي عمرو بن العلاء، وإما تقوية للهمزة وبيان لها، وهو قول الكسائي.
وعلى أن الواو صورة للهمزة والألف بعدها زائدة، فكيفية ضبط كلمات ذا الفضل أن تجعل الهمزة صفراء، فوق الواو وتجعل دارة حمراء على الألف علامة لزيادتها، وعلى هذا العمل عندنا، والألف في قوله:"ذكرا" للإطلاق ونائب فاعل ذكر، ضمير يعود على الخلاف في البيت قبل، وقوله: في "ينبؤا" بإسكان الهمزة على إجراء الوصل مجرى الوقف للوزن، وألف الأول بضم الهمزة بمعنى عهد، وألف الثاني بفتح الهمزة بمعنى حرف الألف.
فصل في أقسام الهمزة، وحكم كتابتها من الكلمة.
ثم قال:
فصل وإن من بعد ضمة أتت
…
أو كسرة فمنهما إن فتحت
كمائة وفئة وهزؤا
…
وملئت مؤجلا وكفؤا
الهمزة تنقسم إلى سبعة أقسام: لأنها إما مبتدأة ولا تكون إلا متحركة، وإما متوسطة ساكنة، أو متوسطة متحركة ساكن ما قبلها، أو متوسطة متحرك ما قبلها، وإما متطرفة، وتأتي فيها الأقسام الثلاثة التي في المتوسطة، وقد جعل الناظم هذه الأقسام السبعة في أربعة فصول.
فخص المبتدأة بالفصل الأول، وجمع الهمزة المتوسطة المتحركة، والمتطرفة المتحركة الواقعين بعد ساكن في الفصل الثاني، وجمع الهمزة المتوسطة الساكنة والمتطرفة الساكنة
والمتطرفة المتحركة بعد متحرك في الفصل الثالث، وقد عقد هذا الفصل الرابع ليقيه أقسام الهمزة، وهو قسم المتوسطة المتحركة الواقعة بعد متحرك، ويشتمل هذا القسم على تسعة صور حاصلة من ضرب ثلاث حركات الهمزة في ثلاث حركات ما قبلها وستأتي أمثلتها، وهي راجعة إلى نوعين:
1-
نوع يصور من جنس حركة ما قبله.
2-
ونوع يصور من جنس حركة نفسه إلا ما استثنى منه.
وقد صدر الناظم هذا الفصل بالنوع الأول، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة المتوسطة، إذا كانت مفتوحة بعد ضمة أو كسرة، فإنها تصور من مجانس تلك الضمة، وهو الواو الكسرة، وهو الياء؛ لأن قياس تخفيفها بعد الضمة والإبدال، واوا، وبعد الكسرة الإبدال ياد، ثم مثل للأول:"بهزؤا" و"مؤجلا"، و"كفؤا". والثاني:"بمائة"، و"فئة"، و"ملئت"، ومنه و"ننشئكم". مما هو في الأصل متطرف، ولكنه صار في حكم المتوسط بسبب اتصال ضمير متصل به.
واعلم أنه لا يندرج في هذا الفصل إلا الهمزة المتوسط كما قررنا، ولا تندرج فيه الهمزة المتطرفة المتحركة الواقعة بعد متحرك نحو:{بَادِيَ الرَّأْيِْ} 1 في قراءة من همز: {بَادِيَ} 2، وإن كان البيت الأول يمكن صدقه بها؛ لأن هذه اندرجت في صريح قول الناظم قبل "وطرفا إن حركت"، ويدل على أن الناظم لم يقصد اندراجها في هذا الفصل اقتصاره في الأمثلة الستة على المتوسطة.
ثم قال:
وبعد كسر إن أتت مضمومة
…
كذاك أيضا أحرف معلومة
نحو ننبئهم أنبئك
…
وبابه وقوله سنقرئك
لما ذكر حكم الهمزة المتوسطة إذا كانت مفتوحة بعد ضمة أو كسرة، أراد أن يبين حكمها هنا إذا كانت مضمومة بعد كسرة، فأخبر في البيت الأول مع إطلاق الحكم الذي
1 سورة هود: 11/ 27.
2 سورة هود: 11/ 27. في قراءة من: يهمز.
يشير به إلى إتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة إذا وقعت مضمومة بعد كسرة، فإنها تصور من جنس حركة ما قبلها أيضا وهو الياء، ولكن لا مطلقا بل في أحرف، أي كلمات معلومة، أي: محصورة.
وأما غير تلك الكلمات من بقية كلمات هذه الصورة، فقد صور من حركة نفسه كما يأتي في عموم البيت بعد، وسبب اختلاف كلمات هذه الصورة في الرسم اختلاف لغة العرب، وعلى اختلافها جاء اختلاف النحاة، فذهب الأخفش إلى أن الهمزة المضمومة بعد كسرة تسهل، أما بين نفسها وبين مجانس حركة ما قبلها، وأما بإبدالها ياء محضة.
وذهب سيبويه إلى أنها تسهل بينها وبين مجانس حركة نفسها، فجاء المصحف على وفق اللغتين، فصورت الهمزة فيه ياء في كلمات محصورة أشار إليها الناظم في البيت الثاني، وهي:"نبئهم"، و:"أنبئك". وبابه قوله: {سَنُقْرِئُك} 1، والمراد بباب:{فَنُنَبِّئُهُمْ} 2 كل ما أتى من لفظه نحو: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ} 3. {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} 4، وضابط تلك الكلمات كل ما فيه همزة مضمومة بعد كسرة، ولم تقع فيه بعد الهمزة واو جمع، وصور ما عدا تلك الكلمات المحصورة من جنس حركة نفسه، وذلك نحو: {مُسْتَهْزِئُونَ} 5. و: {الْخَاطِئُونَ} 6. و: {فَمَالِئُونَ} 7. و: {مُتَّكِئُون} 8 و: {أَنْبِئُونِي} 9. و {لِيُطْفِئُوا} 10.
و: {لِيُوَاطِئُوا} 11. و {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} 12، وشبهه ما وقع فيه بعد الهمزة واو جمع، وإنما خصوا الجمع بتصوير همزته من جنس حركة نفسها، ولم يصوروها من جنس حركة ما قبلها كالمفرد؛ لأن الجمع ثقيل فأرادوا تخفيفه فعدلوا فيه إلى الواو ليجدوا إلى تخفيفه بحذفها سبيلًا، وهو تأديتها إلى اجتماع صورتين متماثلتين وهما الواو التي هي صورة الهمزة وواو الجمع، ولو رسموا الهمزة في الجمع ياء لم يجدوا إلى الحذف سبيلا إذ لا يجتمع حينئذ في الكلمة صورتان متماثلتان، والله أعلم.
1 سورة الأعلى: 87/ 6.
2 سورة التوبة: 9/ 64.
3 سورة آل عمران: 3/ 15.
4 سورة فاطر: 35/ 14.
5 سورة البقرة: 2/ 14.
6 سورة الحاقة: 69/ 37.
7 سورة الصافات: 37/ 66.
8 سورة يس: 36/ 56.
9 سورة القرة: 2/ 31.
10 سورة الصف: 61/ 8.
11 سورة التوبة: 9/ 37.
12 سورة يونس: 10/ 53.
وقوله: "أحرف"، مبتدأ على حذف مضاف أي: أحرف معلومة صفته، وقوله "كذاك"، "خبره"، و"بعد كسر"، حال من ضمير الخبر، و"أن أتت مضمومة" شرح حذفه جوابه لدلالة الجملة الأسمية عليه، سبك البيت على هذا الإعراب: وهمزة كلمات معلومة مستقرة كما تقدم حال كون تلك الهمزة بعد كسر أن أتت مضمومة، ويحتمل البيت غير هذا الإعراب، وما اقتصرنا عليه هو الأظهر.
ثم قال:
وكيفما حركت أو ما قبلها
…
في غير هذه فلاحظ شكلها
كيئسوا وسئلت يذرؤكم
…
وسألوا بارئكم يكلؤكم
لما فرغ من النوع الأول من نوعي هذا الفصل، وهو ما يصور من جنس حركة نفسه، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل، بأن الهمزة إذا حركت هي، وحرك ما قبلها أيضا كيفما كانت حركة كل منهما، ولم تكن واحدا من هذه الصور المتقدمة في النوع الأول، فإنه يلاحظ شكلها، أي: ينظر في تصويرها إلى حركتها، فتصور من مجانسها، فإن كانت فتحة صورت ألفا، وإن كانت ضمة صورت واوا، وإن كانت كسرة صورت ياء، وقد تقدم في النوع الأول صورتان، وكلمات من صورة المضمومة بعد كسرة وهو المتقدم هو الذي احترز عنه الناظم بقوله:"في غير هذه"، وبقي لهذا النوع الثاني سبع صور:
1-
صورة من المفتوحة وهي الواقعة بعد فتح.
2-
وصورة المضمومة بعد الحركات الثلاث إلا ما تقدم من كلمات المضمومة بعد كسر.
3-
وصور المكسورة بعد الحركات الثلاث أيضا، وقد مثل لها الناظم في البيت الثاني إلا أنه لم يرتب أمثلتها، بل أتى بها على حسب ما تأتي له مع النظم وترتيبها هكذا:
يوجد فقرة تسحب اسكنر.
1 سورة الأحزاب: 33/ 14.
2 سورة العنكبوت: 29/ 23.
3 سورة التكوير: 81/ 8.
4 سورة البقرة: 2/ 54.
5 سورة الشورى: 42/ 11.
6 سورة المائدة: 5/ 6.
7 سورة يس: 36/ 56.
واعلم أنه كما اختلفت لغة العرب، ومذهب النحاة في المضمومة بعد كسر على ما تقدم، كذلك وقع الاختلاف في المكسورة بعد ضم، فمذهب سيبوبه إنها تسهل بينها، وبين الحرف المجانس لحركتها وهو الياء، ومذهب الأخفش إنها تسهل بينها وبين الحرف الجانس لحركة ما قبلها وهو الواو أو تبدل واوا محضة، ورسم الصاحف مطابق في هذه لمذهب سيبويه.
تنبيه: من جملة ما يندرج في ضابط الناظم: "ملأ" المضاف إلى الضمير إذا كان مخفوضا نحو: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ} 1، لتوسط همزته بالضمير كما في:{نَقْرَؤُهُ} 2. فقياسه على هذا التصوير بالياء مع أنه صور بالألف، وجعلت الياء فيه زائدة فيه كما يأتي في النظم، ولم يستثنه الناظلم هنا، وسيأتي الكلام عليه حيث الناظم "وأو" في قوله "أو ما قبلها" بمعنى "الواو".
ثم قال:
وإن حذفت في اطمأنوا فحسن
…
وفي اشمأزت ثم في لأملأن
وعن أبي داود أيضا أثرًا
…
أطفأها واختار أن يصورا
أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير إلى اتفاق شيوخ النقل بأنك إن حذفت صورة الهمزة، وهي الألف التي يقتضيها القياس في:{وَاطْمَأَنُّوا} 3 و: {اشْمَأَزَّتْ} 4 و: {لَأَمْلَأَنَّ} 5.
فإن الحذف حسن يعني والوجه الآخر، وهو إثبات الألف، التي هي صورة في ذلك جائز أذلو لم يكن جائزا لم يكن الحذف حسنا بل متحتما، ثم أخبر عن أبي داود بحذف صورة همزة:{أَطْفَأَهَا} 6، وأنه اختار تصويرها يعني بالألف الذي هو قياسها.
أما "اطمأنوا" ففي "يونس": {وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} 7.
وقد أجرى بعضهم الوجهين في: {اطْمَأَنَّ} 8. في "الحج" أيضا.
وأما "اشمأزت" ففي "الزمر": {اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} 9.
1 سورة المؤمنون: 23/ 46.
2 سورة الإسراء: 17/ 93.
3 سورة يونس: 10/ 7.
4 سورة الزمر: 39/ 45.
5 سورة الأعراف: 7/ 18.
6 سورة المائدة: 5/ 64.
7 سورة يونس: 10/ 70.
8 سورة الحج: 22/ 11.
9 سورة الزمر: 39/ 45.
وأما "لأملأن" ففي "الأعراف": {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} 1. وهذا الثالث متعدد.
وأما "إطفأها" ففي "العقود": {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} 2.
واعلم أن مقتضى ما تقدم للناظم أن الهمزة في هذه الألفاظ تصور بالألف وجها واحدا، إلا أنها لما جاءت بالوجهين فصورت في بعض المصاحف بالألف، وفي بعضها بدونها نص عليها ليفيد أنها مستثناة في المعنى مما تقدم، والعمل عندنا على تصويرها بالألف في الألفاظ الأربعة، وقوله:"إن حذفت"، شرط ومفعول "حذفت" محذوف تقديره صورة الهمزة، وقوله: فحسن، خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو -أي: الحذف حسن و: "أطفأها"، نائب فاعل "أثر"، وهو على حذف ثلاث مضافات أي: روي عن أبي داود خلاف صورة همزة: "أطفأها" أي: الخلاف فيها ويفهم هذا التقدير من سياق الكلام السابق ومن اختياره التصوير، والألف في قوله:"أثرا" و"يصورا" للإطلاق.
ثم قال:
وما يؤدي لاجتماع الصورتين
…
فالحذف عن كل بذاك دون مين
لما ذكر في الفصول الأربعة المقدمة أن من أحكام الهمزة تصويرها تارة من جنس حركة نفسها، وتارة من جنس حركة ما قبلها قيد تصويرها بما تضمنه هذا البيت، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كل من كتاب المصاحف بأن كان صورة للهمزة مؤدية أي موصلة بسبب كتبها، وتصويرها على ما تقدم إلى اجتماع صورتين يعني متماثلتين من غير حائل بينهما في كلمة، أو ما تنزل منزلة الكلمة، فإن الحذف حاصل في تلك الصورة المؤدية إلى ذلك دون مين، أي: كذب وسواء كانت الصورة الأخرى لهمزة أيضا أم لغيرها، وستأتي أمثلة ذلك للناظم قريبا، وإنما حذفت صورة الهمزة المؤدية إلى ذلك كراهة اجتماع المثلين.
1 سورة الأعراف: 7/ 18.
2 سورة المائدة: 5/ 64.
واعلم أن الناظم لم يعين هنا المحذوف من الصورتين فيما كانت الصورتان مع فيه للهمزتين نحو: {أَأَمِنْتُمْ} 1، و:{أَأَسْجُدُ} 2، وسيذكر في الضبط الخلاف في أيهما المحذوفة، وترجيح ما فيه من التفصيل.
وأما ما كانت إحدى الصورتين فيه للهمزة، والأخرى لغيرها نحو:{خَاسِئِينَ} 3. و: {مُسْتَهْزِئُونَ} 4. فالظاهر من عبارته أن المحذوفة هو صورة الهمزة إذ الكلام.
إنما هو فيها لا في غيرها، فيكون كلام الناظم موافقا للراجح عند الشيخين، وهو أن المحذوف في هذا القسم هو صورة الهمزة.
تنبيه: مما يؤدي تصوير الهمزة فيه لاجتماع الصورتين باب: {آمِنِينَ} 5. و {آخِذِينَ} 6 و: {الْآمِرُونَ} 7، {آخَرِينَ} 8، و: {آيَاتٍ} 9. و: {الْمُنْشَآتُ} 10. ما وقع فيه قبل الألف همزة في قسمي الجمع السالم، والمحذوف منه هو صورة الهمزة، والألف التي بعدها هي الثابتة حسبما جرى به العمل في غير: {الْمُنْشَآتُ} 11. وبعكسه في، {الْمُنْشَآتُ} 12. ولهذا تجعل الألف في:{الْمُنْشَآتُ} 13.
حمراء بعد صورة الهمزة، والباء في قول الناظم:"بذاك" بمعنى في واسم الإشارة يعود على "ما".
ثم قال:
كقوله ءامنتم ءاباءكم
…
وأءله خاسئين جاءكم
رءيا أءلقي وفي ءاباءيا
…
تئوي مئاب وكذا دعاءيا
مستهزءون السيئات ملجئا
…
مئارب نئارءا تبوءا
ذكر في هذه الأبيات الثلاثة ثماني عشرة كلمة مثل بها مما يؤدي تصوير الهمزة فيه إلى اجتماع صورتين متماثلتين، والهمزة في بعض تلك الكلمات من الفصل الأول من فصول باب الهمز الأربعة، وفي بعضها من الفصل الثاني منه، وفي بعضها من الفصل الثالث، وفي بعضها من الفصل الرابع.
1 سورة البقرة: 2/ 137. وفي النساء: 4/ 147، والمائدة: 5/ 12، والأعراف: 7/ 76، 123، والأنفال: 8/ 41. ويونس: / 51 10، 84، وطه: 20/ 71، والشعراء: 26/ 39.
2 سورة الإسراء: 17/ 61.
3 سورة البقرة: 2/ 65.
4 سورة البقرة: 2/ 14.
5 سورة الشعراء: 26/ 196.
6 سورة الذاريات: 51/ 16.
7 سورة التوبة: 9/ 112.
8 سورة النساء: 4/ 91.
9 سورة البقرة: 2/ 99.
10 سورة الرحمن: 55/ 24.
11 سورة الرحمن: 55/ 24
12 سورة الرحمن: 55/ 24.
13 سورة الرحمن: 55/ 24.
فمن الفصل الأول وهو فصل المبتدأة الهمزة الأولى من: {آمَنْتُمْ} 1. و: {آبَاؤُكُمْ} 2، و: {آبَائِي} 3، ومنه أيضا الهمزة الأولى، وهي همزة الاستفهام من:
{أَإِلَهٌ} 4. و: {أَأُلْقِيَ} 5. وكذا الثانية منهما؛ لأن قياسها إن تصور ألفا إذ هي مبتدأة وما يزاد قبل لا يعتبر، وظاهر تمثيل الناظم بـ:{آمَنْتُمْ} 6. إن مراده نحو قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ} 7، {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} 8 مما اجتمع فيه همزتان فقط أبدلت ثانيتهما ألفًا، ولا يمتنع أن يندرج فيه: {آمَنْتُمْ} 9: "بالأعراف"، و"طه"، و"الشعراء" المجتمع فيه ثلاث همزات؛ لأنه من المنوع بزيادة همزة الاستفهام على ما تقرر في اصطلاح الناظم، ولو رسمت همزاته الثلاث على القياس لأدى رسمها إلى اجتماع ثلاث صور مماثلة، وبيان اجتماع الهمزات الثلاث في: {آمَنْتُمْ} 10 في السور الثلاث، أن أصله قبل الاستفهام "أأمنتم" بهمزتين مفتوحة فساكنة، فالمفتوحة زائدة والساكنة فاء الكلمة، فأبدلت الساكنة ألفا على ما تقرر في نحو: {آدَمُ} 11. ثم دخلت همزة الاستفهام، فاجتمع همزتان في الألفاظ.
- الأولى للاستفهام.
- والثانية هي الزائدة.
- وأما الثالثة فهي فاء الكلمة المبدلة ألفا، وهكذا يقال في:{آلِهَتِنَا} 12، بـ"الزخرف"، وهذا النوع أعني ما اجتمع فيه ثلاث همزات يؤدي قياسها إلى اجتماع ثلاث صور داخل في عموم قول الناظم:"وما يؤدي لاجتماع الصورتين" البيت.
بالتدريج وهو أن ينظر في الوسطى مع إحدى طرفيها فتحذف إحداهما، ثم ينظر في الباقية مع الطرف الآخر فتحذف أيضا إحداهما، ولا تبقى الصورة وهي هنا الألف، إلا لهمزة واحدة كما اتفقت عليه المصاحف، واختار أبو عمرو في المحكم أنها صورة الهمزة الوسطى وبه العمل.
1 سورة البقرة: 2/ 137.
2 سورة البقرة: 2/ 200.
3 سورة يوسف: 12/ 38.
4 سورة النمل: 27/ 60، 61، 62، 53.
5 سورة القمر: 54/ 25.
6 سورة الأنفال: 8/ 41.
7 سورة يونس: 10/ 84.
8 سورة يونس: 10/ 51.
9 سورة الأنفال: 8/ 41.
10 سورة البقرة: 2/ 137.
11 سورة البقرة: 2/ 31.
12 سورة هود: 11/ 53، 54.
ومن الفصل الثاني الهمزة التي بعد الألف وقبل الكاف من: {آبَاءَكُمْ} 1. و: {جَاءَكُمْ} 2. بعد الألف وقبل الياء من: {آبَائي} 3 و: {دُعَائِي} 4.
ومن الفصل الثالث وهو فصل الساكنة الهمزة الثانية المبدلة ألفا من: {آمَنْتُمْ} 5. و: {آبَاءَكُمْ} 6. و: {آبَائِيَ} 7، إذ أصل الألف في الثلاثة همزة، ففي الأول فاء:"أفعل". وفي الأخيرين فاء: "أفعال". بفتح الهمزة؛ لأنهما جمع أب، ثم أبدلت الهمزة ألفا لوقوعها ساكنة بعد مثلها.
ومن الفصل الثالث أيضا: {وَرِئْيًا} 8 بكسر الراء على قراءته بالهمز: {وَتُؤْوِي} 9.
ومن الفصل الرابع أعني النوع الأول منه وهو قوله: "وأن من بعد ضمة" البيت: {السَّيِّئَاتِ} 10، ومن النوع الثاني منه وهو قوله:"وكيفما حركت" البيت، {مُسْتَهْزِئُونَ} 11. و:{خَاسِئِينَ} 12. و: {مَآبٍ} 13. و: {مَلْجَأً} 14. و: {مَآرِبُ} 15. و: {وَنَأَى} 16. و: {رَأَى} 17. و: {تَبَوَّءا} 18.
واعلم أن بعض هذه الأمثلة التي ذكرها الناظم في هذه الأبيات مكرر مع ما هو نظير له، وكان وجه تكراره زيادة الإيضاح لصعوبة باب الهمز، وخصوصا
تلك القاعدة الممثل لها بهذه الأمثلة، واحتيج إلى زيادة الإيضاح بتكرار الأمثلة لتزداد تلك القاعدة تطبيقا، فيزداد اتضاحها، والله أعلم.
ثم قال:
إذ رسموا بألف نئا رءا
…
لكن ياء في رأى من ما رأى
لما ذكر الناظم {وَنَأَى} 19. و: {رَأَى} 20. في الأمثلة التي يؤدي تصوير الهمزة فيها إلى اجتماع صورتين متماثلتين، استشعر سؤال سائل قال له: إن ألف.
1 سورة البقرة: 2/ 200.
2 سورة البقرة: 2/ 87.
3 سورة يوسف: 12/ 38.
4 سورة نوح: 71/ 6.
5 سورة الأنفال: 8/ 41.
6 سورة البقرة: 2/ 200.
7 سورة يوسف: 12/ 38.
8 سورة مريم: 19/ 74.
9 سورة الأحزاب: 33/ 51.
10 سورة النساء: 4/ 18.
11 سورة البقرة: 2/ 14.
12 سورة البقرة: 2/ 65.
13 سورة الرعد: 13/ 29.
14 سورة التوبة: 9/ 57.
15 سورة الرعد: 13/ 29.
16 سورة الإسراء: 17/ 83.
17 سورة الأنعام: 6/ 76.
18 سورة يونس: 10/ 87.
19 سورة فصلت: 41/ 51.
20 سورة الأنعام: 6/ 78.
و {نَئَا} 1، و:{رَءَا} 2. مبدلة عن ياء فقياسها أن تكتب ياء على القاعدة الآتية في قوله: "وإن على الياء قلبت الفاء" البيت، وإذا كتبت الألف فيهما ياء على مقتضى قياسها لم يؤد قياس تصوير الهمزة إلى اجتماع صورتين متماثلين، فأجاب عنه بما تضمنه صدر هذا البيت وحاصله: إن و {نَئَا} 3. و: {رَءَا} 4. إنما كان قياس الهمزة فيها مؤديا لاجتماع صورتين؛ لأن كتاب المصاحف رسموهما بألف على خلاف قياسهما، ثم استثنى الناظم من كلمات: {رَءَآ} 5. موضعين في "النجم"، رسمت الألف فيهما بالياء على القياس، وصورت الهمزة فيها ألفا وهما:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} 6، {ومَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} 7 واحترز، ب:"رأى" المقترن بما بعده و: "رأى" المقترن بما قبله عن الواقع في "النجم"، وغيرها غير متقرن بواحد منهما، فإنه مرسوم بالألف من غير صورة للهمزة نحو:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} 8، {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَبًا} 9، ولما أفاد الناظم تفصيل:"رءا" هنا بحسب الاستطراد إذ محله بالقصد ما يأتي لم يذكر تفصيله هناك، بل أحاله على ما هنا بقوله الآتي:"وما سوى الحرفين من لفظ رءا"، وسيأتي هناك بيان أن لا معارضة بين جزمه هنا بأن الهمزة في "نئا"، و:"راء" في غير الموضعين لا صورة لها، وتجويزه هناك أن هناك أن تكون الألف صورة للهمزة.
وقوله: "من ما" يلزم فيه قطع: "من"، عن "ما" تنبيها على أن:"من" مضمومة إلى: "رأى" الأول، و:"إلى" مضمومة إلى "رأى" الثاني.
ثم قال:
وأثبتت في سيئا والسيء
…
سيئة هيئ وفي يهيئ
لكن في السيئ لغاز صورا
…
هيئ يهيئ ألفا وأنكرا
لما ذكر أن كل صورة تؤدي بسبب رسمها إلى اجتماع صورتين قياسها الحذف سواء كانت الصورة الأخرى لهمزة أخرى أم لغيرها، استثنى في البيت الأول من تلك القاعدة خمس كلمات، وهي:"سيئا" و: "السيء". و: "سيئة" و: "هيئ". و: "يهيئ".
1 سورة الإسراء: 17/ 13.
2 سورة هود: 11/ 70.
3 سورة فصلت: 41/ 51.
4 سورة يوسف: 12/ 24.
5 سورة يوسف: 12/ 28.
6 سورة النجم: 53/ 18.
7 سورة النجم: 53/ 11.
8 سورة النجم: 53/ 13.
9 سورة الأنعام: 6/ 76.
فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل، بأن الهمزة في تلك الكلمات الخمس، أثبتت، أي: صورت فيها بما يقتضيه القياس مع تأدية الصورة إلى اجتماع صورتين.
- أما "سيئا" ففي "التوبة": {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} 1.
- وأما "السيئ" فكلمتان في "فاطر": {وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} 2.
- وأما "سيئة" فنحو ما في "البقرة": {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} 3. وهو متعدد ولا مدخل للجمع هنا.
- وأما "هيئ" و: "يهيئ" فكلاهما في "الكهف": {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} 4، {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} 5، وبقي كلمتان صورت همزتهما ياء على القياس مع تأدية الصورة فيهما إلى اجتماع صورتين، وهما:"يئسوا". و: "يئسوا". و: "يئسن"، وقد تقدم للناظم التمثيل ب:"يئسوا" لما صورت همزته ياء، ثم استدرك في البيت الثاني، فذكران الهمزة صورت ألفا عند الغازي بن قيس في كلمتي:"السيئ" وفي: "هيئ"، و:"يهيئ".
قال الناظم، وأنكر تصوير الهمزة ألفا في ذكر "الغازي"، وأشار بقوله: وأنكر إلى قول الشيخين، وذلك خلاف الإجماع: ا. هـ.
والعمل على ما ذكره الناظم في البيت الأول، والغازي بن قيس قرطبي أبا محمد، سمع من مالك رضي الله عنه، وابن أبي ذئب وجماعة، وهو أول من أدخل إلى الأندلس:"الموطأ"، و"مقرأ"، "نافع"، وقرأ على نافع، وكان يحفظ "الموطأ" ظاهرا وعرض عليه القضاء فأبى، قال أصبع بن خليل: سمعته يقول: والله ما كذبت كذبة منذ اغتسلت، ولولا عمر بن عبد العزيز قاله ما قلته: والله ما كذبت كذبة منذ اغتسلت، ولولا عمر بن عبد العزيز قاله ما قلته، وما قاله عمر فخرا ولا رياء. وما قاله إلا ليقتدى به، وكان رأسا في علم القراءات، كثير الصلاة بالليل، توفي سنة تسع وتسعين ومائة "199" هـ.
واسم "لكن" في قول الناظم: "لكن في السيئ" ضمير الشأن محذوفا، والسيئ بإسكان الياء على إجراء الوصل مجرى الوقف للوزن، وقوله:"هيئ" نائب فاعل صور على حذف مضاف أي، همز "هيئ"، والجملة الفعلية خبر "لكن"، وهي المفسرة لضمير الشأن.
وقوله: "ألفا"، مفعول ثان "لصورة"، والألف في "صورا"، و"أنكرا"، للإطلاق.
1 سورة التوبة: 5/ 102.
2 سورة فاطر: 35/ 43.
3 سورة البقرة: 2/ 81.
4 سورة الكهف: 18/ 10.
5 سورة الكهف: 18/ 16.