المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الألف المعانق للام: - دليل الحيران على مورد الظمآن

[المارغني التونسي]

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب الأول: دليل الحيران على مورد الظمآن في فني الرسم والضبط

- ‌‌‌مدخللدراسة القراءات والقراء:

- ‌مدخل

- ‌نشوء المدارس الخاصة بالقراءات القرآنية:

- ‌2- العالم الفقيه المقرئ عبد الواحد بن عاشر

- ‌القسم الأول: فن الرسم

- ‌مقدمة في شرح الحمدلة والأدعية

- ‌شرح مصطلحات الناظم المعتمدة في الرسم

- ‌أسباب نظم الموجز:

- ‌الثناء على الرواة:

- ‌تقسيم الرسم القرآني بين التوقيفي والقياسي:

- ‌باب: الاتفاق والاختلاف في الحذف:

- ‌حكم الأسماء الأعجمية في القرآن:

- ‌الألف المعانق للام:

- ‌اختلاف القراء بين الحذف، والإثبات في بعض الكلمات:

- ‌الكلمات المحذوفة الياء في القرآن:

- ‌الواو المحذوفة من الرسم:

- ‌حكم الهمز وضبطه:

- ‌فصل في حكم الهمزة المتوسطة من الكلمة:

- ‌فصل فيما صور من الهمزة واو بعد ألف:

- ‌حكم زيادة الألف والواو، والياء في بعض الكلمات:

- ‌فصل في حكم زيادة الياء من تلقاءي:

- ‌فصل في حكم زيادة الواو في أربع كلمات:

- ‌حكم الإبدال والإقلاب بين الواو والياء:

- ‌حكم ما رسم بالياء وأصله واو:

- ‌حكم الواو المعوض به عن الألف:

- ‌حكم الفصل والوصل لبعض الكلمات والحروف:

- ‌فصل في حكم المقطوع في هذا الباب، وهو تسعة أنواع:

- ‌حكم قطع حرفي "عن ما" في الرسم القرآني:

- ‌حكم قطع حرفي "إن لم" ومكان وجود ذلك:

- ‌حكم قطع حرفي "أن ما، إن ما" ووصلهما:

- ‌فصل في حكم "مال" المقطوع، والموصول بما قبله:

- ‌فصل في حكم "كل ما" المقطوعة والموصولة:

- ‌فصل في حكم حرفي "في ما" المقطوع والموصول:

- ‌حكم قطع حرفي "أن لو" التي سكت عنها الناظم:

- ‌القول في الحروف المرسومة على وفق اللفظ "أينما

- ‌فصل في حكم "بئسما" بين الوصل والفصل:

- ‌فصل في حكم ما جاء في "لكيلا" من الوصل والفصل:

- ‌فصل في حكم وصل "الن" من سورة الكهف:

- ‌فصل في حكم ما بقي من الحروف الموصولة والمفصولة:

- ‌حكم هاء التأنيث، وكتابتها بين الهاء والتاء:

- ‌حكم كلمة رحمة وعددها سبعة:

- ‌فصل ونعمة بالتاء عشرة:

- ‌فصل في حكم تاء سنة:

- ‌فصل في حكم ما بقي من التاء المبسوطة:

- ‌القسم الثاني: فن الضبط

الفصل: ‌الألف المعانق للام:

أما الواقعتان في "البقرة" المختص بحذفهما صاحب "المنصف فهما: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَاب} 1 {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} 2 {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 3.

وأما غير الواقعين في "البقرة" الذي اتفق أبو داود والبلنسي على حذفه فنحو: {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَاب} 4 {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} 5 {وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَام} 6 بالأعراف و {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} 7، والعمل عندنا على ما في "المنصف" من الحذف في لفظي "الأسباب" و"الغمام" حيث وقعا.

وقوله: و"المنصف" مبتدأ، و"الأسباب" مفعول لفعل محذوف يدل عليه قوله بعد "نقل"، والتقدير: والمنصف نقل الأسباب، أي: نقل حذف ألفه، وقوله: و "الغمام" عطف على "الأسباب".

1 سورة البقرة: 2/ 166.

2 سورة البقرة: 2/ 57.

3 سورة البقرة: 2/ 210.

4 سورة ص: 38/ 10.

5 سورة غافر: 40/ 36-37.

6 سورة الأعراف: 7/ 160.

7 سورة الفرقان: 25/ 25.

ص: 124

‌الألف المعانق للام:

ثم قال:

ومع لام ذكره تتبعا

نجل نجاح موضعا فموضعا

كنحو الإصلاح ونحو علام

.......................

شرح الناظم من هنا إلى تمام أربعة عشر بيتا في الكلام على الألف المعانق للام، وهو قسمان:

- واقع مع لام مفردة، نحو "السلام"، وواقع بين لامين نحو:"خلال"، وبدأ بالقسم الأول، فأخبر عن ابن نجاح، وهو أبو داود بأنه نقل حذف الألف المصاحب للام، أي: الواقع، بعد لام مفردة، وأنه تتبع ذكره، لفظا بعد لفظ يعني كلا في محله ثم مثله بنحو:"الإصلاح"، ونحو:"علام".

ص: 124

أما "الإصلاح" ففي "هود": {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإصْلاحَ} 1، وأما "علام" ففي موضعين من "العقود":{إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} 2 وفي "التوبة": {وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} 3 وفي سبأ: {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} 4 ومثلها: {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} 5، وهذا النوع متعدد الأفراد كثيرا.

واعلم: أنه يشترط في حذف الألف الواقع مع الأهم أن يكون حشوا، أي: وسطا، في الكلمة لا في آخرها، وأن يكون متصلا باللام بحيث يكونان معا من كلمة تحقيقا، أو تقديرا، فلا يحذف الألف في نحو:"علا"، و"الا"، و"كلا"، مما هو آخر الكلمة، ومثلها:"أولاء"؛ لأن الهمزة غير مرسومة، فالألف متطرفة في الرسم، ولا يحذف الألف في نحو:"الآخرة"، و"الآيات"، مما هو منفصل عن اللام في كلمة أخرى، ودخل بقولنا تقديرًا، الآن فإنه لما لزمته أل تنزل معها منزلة الكلمة الواحدة، والشرط الأول يؤخذ من التمثيل، والشرط الثاني من المعية في قوله "ومع لام".

فإن قلت: هل يشترط في الألف أن لا تكون صورة للهمزة كما ذكره بعضهم، ولهذا الشرط ثبت الألف، في نحو "الأرض والإيمان" و"الأولى"؟، فالجواب لا يحتاج إلى هذا الشرط؛ لأن الكلام إنما هو في حذف الألف الهوائي، وأما ما هو صورة الهمزة، فسيشير إليه الناظم في باب الهمز حيث: يذكر "امتلأت"، و"اطمأنوا" و"لأملأن"، ونظائرها.

تنبيه: تقدم أن الألف الواقعة بعد اللام في المثني: كـ"رجلان" و"أضلانا" وفي جمعي السلامة: كـ"اللاعبين"، و"اللاعنون"، و"علامات"، و"رسالات"، و"جمالات"، داخلة في قاعدتي المثنى والجمع فهي غير مندرجة هنا.

وأما "ملاقوا" المضاف وإن كان جمعا منقوصا محذوف النون فألفه مندرجة في صريح العموم هنا، لا في ضابط الجمع المتقدم.

وقوله: "مع" ظرف في محل الصفة لموصوف محذوف معطوف على ما في البيت قبله، والتقدير، والألف الواقع مع الألم، وقوله:"ذكره" مفعول به "لتتبع" مقدم عليه، و"نجل نجاح" فاعله، والنجل الولد.

1 سورة هود: 11/ 88.

2 سورة المائدة: 5/ 109.

3 سورة التوبة: 9/ 78.

4 سورة سبأ: 34/ 48.

5 سورة البقرة: 2/ 5.

ص: 125

ثم قال:

. . . . . . . . . . . .

سوى قل إصلاح وأولى ظلام

تلاوته وسبل السلام

ومثلها الأول من غلام

وكل حلاف غلاظ لاهيه

ومثلها التلاق مع علانيه

ثم فلانا لائم ولازب

وأطلقت في منصف فالكاتب

مخير في رسمها

. . . . . . . . . . .

لما ذكر أن أبا داود نقل حذف الألف المصاحبه للام المفردة، وأنه تتبع مواضعه كلمة استثنى منها ثلاثة عشر لفظا لم يتعرض لها أبو داود بحذف، ولا إثبات أولها في النظم:"قل إصلاح"، وآخرها "لازب".

أما "قل إصلاح" ففي "البقرة": {قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْر} 1 وقيده بـ"قل" احترازا من نحو: "أو إصلاح بين الناس".

وأما أولى "ظلام" أي: الكلمة الأولى من لفظه ففي "آل عمران": {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} 2، واحترز بالأولى عن نحو: الذي في "الأنفال"، و"الحج" وأما تلاوته ففي "البقرة":{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} 3.

وأما "سبل السلام" ففي "العقود": {مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} 4، وقيده بالمجاور وهو سبل احترازا من نحو:{لَهُمْ دَارُ السَّلام} 5.

وأما الأول من لفظ "غلام" ففي "آل عمران": {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ} 6، واحترز بالأول من نحو الواقع في "مريم".

وأما "كل حلاف" ففي "القلم": {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّاف} 7، ولم يحترز بالمجاور عن شيء إذ لم يقع له نظير.

وأما "غلاظ" ففي "التحريم": {عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظ} 8.

1 سورة البقرة: 2/ 220.

2 سورة آل عمران: 3/ 182.

3 سورة البقرة: 2/ 121.

4 سورة المائدة: 5/ 16.

5 سورة الأنعام: 6/ 127.

6 سورة آل عمران: 3/ 40.

7 سورة القلم: 68/ 10.

8 سورة التحريم: 66/ 6.

ص: 126

وأما "لاهية" ففي "الأنبياء" إخبارًا عن الناس: {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} 1.

وأما "التلاقي" ففي "غافر": {يَوْمَ التَّلاقِ} 2.

وأما "علانية" ففي "البقرة": {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً} 3، وهو متعدد فيما بعدها.

وأما "فلان" ففي "الفرقان": {لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا} 4.

وأما "لائم" ففي "العقود": {وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} 5.

وأما "لازب" ففي "الصافات": {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} 6.

ثم أخبر أن الألف الواقعة بعد اللام أطلقت في "منصف" البلنسي يعني بالحذف، بحيث يعم إطلاقه هذه الألفاظ الثلاثة عشر التي سكت عنها أبو داود وغيرها مما حذفه.

قال الناظم من عند نفسه فيتسبب عن تعميم صاحب "المنصف" لها بالحذف، وسكوت أبي داود على الألفاظ الثلاثة عشر المقتضى لبقائها على الأصل من الثبوت تخيير الكاتب فيها بين الإثبات، والحذف، لكن يرد على الناظم: إن أبا عمرو نص على حذف الأول من: "غلام"، وعلى حذف:"سبل السلام"، فكيف يصح التخيير فيما نص أبو عمرو، والبلنسي على حذفه وسكت عنه أبو داود لا سيما وقد حكى اللبيب إجماع المصاحف على حذف سبل السلام، وسيأتيك ما به العمل في شرح الأبيات بعد، والضمير المستتر في قوله "أطلقت" يعود على الألف الواقع بعد اللام، وضمير "رسمها" يعود على الألفاظ الثلاثة عشر.

ثم قال:

. . . . . . . . . . . وحذفت

في مقنع خلائفا حيث أتت

كيف ثلاثون ثلاثة ثلاث

سلاسل وفي النساء وثلاث

ثم خلاف بعد مقعدهم

لكن أولئك وقل لامستم

وفي الملاقاة سوى التلاق

وفي غلامين وفي الخلاق

1 سورة الأنبياء: 21/ 3.

2 سورة غافر: 40/ 15.

3 سورة البقرة: 2/ 274.

4 سورة الفرقان: 25/ 28.

5 سورة المائدة: 5/ 54.

6 سورة الصافات: 37/ 11.

ص: 127

وفي الملائكة حيث تاتي

واللات ثم اللائي ثم اللاتي

كذا إله وبلاغ وغلام

والآن إيلاف معا ثم سلام

أخبر عن أبي عمرو الداني بأنه نقل في "المقنع" حذف الألف الواقع بعد اللام المفردة في ثلاث وعشرين كلمة أولها: "خلائف"، وآخرها:"سلام"، وسكت عما عداها.

أما "خلائف" ففي آخر "الأنعام": {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ} 1، وهو متعدد.

وأما "ثلاثون" كيف أتى، يعني بواو، أو ياء فنحو:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} 3، وهذا من الملحق بالجمع المذكر السالم، وقد قدمنا وجه تأخيره إلى هنا.

وأما "ثلاثة" ففي "البقرة": {ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} 4 {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 5، وهو متعدد ومنوع نحو:{وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} 6.

وأما "ثلاث" فنحو: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} 7، وهو متعدد.

وأما "سلاسل" ففي "الإنسان": {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا} 8 وهو منوع، ففي "غافر" أخبار عن الكفار:{إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ} 9.

وأما "ثلاث" بضم الثاء ففي "النساء": {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} 10، واحترز بقيد السورة من مثله في "فاطر".

وأما "خلاف" الواقع بعد مقعدهم ففي "التوبة": {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ} 11، واحترز بقوله "بعد مقعدهم" عن نحو:{أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} 12 في "المائدة"، وهو المحترز متعدد.

1 سورة الأنعام: 6/ 165.

2 سورة الأحقاف: 46/ 15.

3 سورة الأعراف: 7/ 142.

4 سورة البقرة: 2/ 196.

5 سورة البقرة: 2/ 228.

6 سورة التوبة: 9/ 118.

7 سورة مريم: 19/ 10.

8 سورة الإنسان: 76/ 4.

9 سورة غافر: 40/ 71.

10 سورة النساء: 4/ 3.

11 سورة التوبة: 9/ 81.

12 سورة المائدة: 5/ 33.

ص: 128

وأما "لكن" ففي "البقرة": {وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ} 1 وهو متعدد، ومثله:{لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} 2 إذ أصله "لكن أنا"، فحذفت الهمزة بعد نقل حركتها إلى نون لكن ثم سكنت النون الأولى وأدغمت في الثانية.

وبقي على الناظم "لكن" المشددة فإن ألفها محذوفة لأبي عمرو أيضا ولا تندرج في كلام الناظم؛ لأنه ذكر المخففة، وهي لا تندرج فيها المشددة.

وأما أولئك ففي صدر "البقرة": {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} 3 وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع نحو:{وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ} 4 ولا يندرج: "أولاء" في "أولئك" لتطرف ألفه رسما كما قدمناه.

وأما "لامستم" ففي "النساء": {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} 5، ومثله في "العقود" وقد قرأهما حمزة، والكسائي بدون ألف.

أما الألفاظ المشتقة من مادة "الملاقاة" فما أشار إليه في "المقنع" بقوله: و"حذفوا الألف بعد اللام" في قوله: {مُلاقُو اللَّهِ} {مُلاقَوه} 7 {ومُلاقِيهِ} 8 {ويُلاقُوا} 9 حيث وقع.. "انتهى".

ولا شك أنه لم يذكر لفظ "التلاق"، ولذا استثناه الناظم له من عموم قوله: وفي الملاقاة الشامل لمادة الملاقاة كيفما تصرفت، مجردة أو مزيدة: وكيفما كانت الزيادة، وكان حقه أن يستثنى له أيضًا "لاقيه" في قوله تعالى:{فَهُوَ لاقِيهِ} 10؛ لأنه لم يذكره أيضًا.

وأما "غلامين" ففي "الكهف": {فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ} 11، ولا يقال "غلامين" مثنى فهو مندرج في حكمه المتقدم؛ لأننا نقول: قد تقدم أن المراد بألف المثنى الألف التي لا توجد إلا في التثنية، وألف غلامين موجودة في المفرد.

وأما "الخلاق" ففي "الحجر": {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} 12، ومثله في "يس"، وهذا اللفظ من المستثنيات لأبي عمرو من قوله الناظم، "ووزن فعال، وفاعل ثبت"، البيت.

1 سورة البقرة: 2/ 12.

2 سورة الكهف: 18/ 38.

3 سورة البقرة: 2/ 5.

4 سورة النساء: 4/ 91.

5 سورة النساء: 4/ 43.

6 سورة البقرة: 2/ 249.

7 سورة البقرة: 2/ 223.

8 سورة الانشقاق: 84/ 6.

9 سورة الزخرف: 43/ 83.

10 سورة القصص: 28/ 61.

11 سورة الكهف: 18/ 82.

12 سورة الحجر: 15/ 86.

ص: 129

وأما "الملائكة" ففي "البقرة": {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} 1، {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ} 2 وفي "التحريم":{عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ} 3، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع كما مثل.

وأما "اللات" ففي "النجم": {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} 4.

وأما "اللاتي" ففي "الأحزاب": {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} 5، وهو متعدد.

وأما "اللاتي" ففي "النساء": {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} 6، وهو متعدد.

وأما "إله" فنحو: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} 7، ولفظه متعدد ومنوع في "البقرة" وفيما بعدها، وبقي على الناظم ذكر "الهين" نحو:{لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} 8؛ لأنه مندرج في كلام "المقنع"، ولا يندرج في عبارة الناظم؛ لأنه المثنى لا يندرج في المفرد ولذا احتاج إلى ذكر "غلامين" مع "غلام".

وأما "بلاغ" ففي "إبراهيم": {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ} 9، ونحو ما في "الرعد":{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} 10، وهو متعدد ومنوع كما مثل.

وأما "غلام" ففي "آل عمران": {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ} 11.

وفي "الكهف": {وَأَمَّا الْغُلامُ} 12، وهو متعدد ومنوع كما مثل.

وأما "الآن" ففي "البقرة": {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} 13.

وفي "يونس": {آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ} 14، وهو متعدد ومنوع كما مثل، وإما "إيلاف" معا في سورة "قريش":{لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ} .

1 سورة البقرة: 2/ 30.

2 سورة البقرة: 2/ 98.

3 سورة التحريم: 66/ 6.

4 سورة النجم: 53/ 19.

5 سورة الأحزاب: 33/ 4.

6 سورة النساء: 4/ 15.

7 البقرة: 2/ 163.

8 سورة النحل: 16/ 51.

9 سورة إبراهيم: 14/ 52.

10 سورة الرعد: 13/ 40.

11 سورة آل عمران: 3/ 40.

12 سورة الكهف: 18/ 80.

13 سورة البقرة: 2/ 71.

14 سورة يونس: 10/ 51.

ص: 130

وأما "سلام" فنحو: {قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ} {سُبُلَ السَّلامِ} {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ} 3، وهو متعدد ومنوع كما مثل فهذه جملة الكلمات الثلاث والعشرين التي نقل صاحب "المقنع" حذف ألفها الواقع بعد اللام، وسيأتي للناظم حذف "البلاء" بالصافات، وبلاء بالدخان، لأبي عمرو زيادة على هذه الكلمات المحذوفة له، وقد تقدم من هذا النوع حذف ألف: الجلالة، و"اللهم"، لأبي عمرو كغيره، والعمل عندنا على ما في "المنصف" من تعميم الحذف في الألف الواقع بعد اللام المفردة لا فرق بين ما اتفق الشيخان على حذفه، أو انفرد أحدهما بحذفه أو سكتا معا أو أحدهما عنه، إلا ألف:"الآن" في سورة "الجن"، فإنه ثابت باتفاق كما سيأتي للناظم قريبًا.

وقوله: "سلاسل" مرفوع منون و"معا" في البيت الأخير حال من "إيلاف" بتقدير مضاف، أي: كلمتا إيلاف جميعًا.

ثم قال:

وكلهم في الجن الآن ذكروا

بألف حسبما قد أثروا

أخبر عن شيوخ النقل كلهم أنهم ذكروا: "الآن"، من قوله تعالى:{فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ} 4 في سورة "الجن" بألف ثابتة عن جميع المصاحف، وليس كغيره، من لفظ "الآن" المرسوم بدون ألف، ولعل اتفاق المصاحف على إثبات ألف "الآن" في الجن إشارة إلى أصله من كون "أل" كلمة مستقلة، و"آن" كلمة، فلم يحصل شرط الحذف وهو الاتصال في كلمة.

وأما غيره من لفظه، فالاتصال فيه تقديري كما تقدم.

وما ذكره الناظم في هذا البيت كالمستثنى من قوله: "ومع لام" ذكره تتبعا البيت ومن قوله، وأطلقت في منصف، ومن قوله:"الآن"، "إيلاف"، ثم تمم البيت بقوله "حسبما قد أثروا"، أي: مثل ما رووه ونقلوه، وقوله:"الآن" يقرأ بالنقل للوزن وفي "الجن" حال منه، و"حسبما" بفتح السين نعت لمصدر محذوف، أي ذكروا موافقا لما رووه أو لرواياتهم.

1 سورة الذاريات: 51/ 25.

2 سورة المائدة: 5/ 16.

3 سورة الحشر: 59/ 23.

4 سورة الجن: 72/ 9.

ص: 131

ثم قال:

وأو كلاهما بخلف جاء

وليس يرسمون فيه ياء

أخبر عن شيوخ النقل بخلاف المصاحف في حذف ألف "كلاهما" من قوله تعالى: {أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا} 1 "بالإسراء" وفي إثباته، وأنهم لم يرسموا فيه ياء موضع الألف المحذوفة منه في بعض المصاحف، واختار في "التنزيل" إثبات الألف، وبه العمل.

ومذهب البصريين أن "كلا" مفرد، وعليه فهل أصل ألفه واو أو ياء قولان: ومذهب الكوفيين أن ألفه للتثنية، وذكر الناظم لـ"كلا" هنا مناسب لقول البصريين بناء على أن أصل ألفه الواو.

وأما على أن أصله الياء فالمناسب ذكره في ترجمة و"هاك ما بألف قد جاء" البيت.

ثم قال:

فإن يكن ما بين لامين فقد

حذف عن جميعهم حيث ورد

تكلم هنا على القسم الثاني من قسمي الألف المعانق للام، وهو الألف الواقع بين لامين، فأخبر عن جميع شيوخ النقل بحذف الألف الواقع بين لامين حيث "ورد"، وجاء في القرآن نحو:"الضلال"، و"في ضلال"، و"الضلالة"، و"الكلالة"، و"لا خلال"، و"من خلاله"، و"خلالكم"، و"ظلاله"، و"ظلالهم"، و"خلال"، و"أغلال"، و"الأغلال" و"من سلالة".

ولا بد أن تكون الألف الواقعة بين اللامين حشوا، أي: وسطا ليخرج نحو: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ} 2، وقوله "يكن" فيه ضمير مستتر عائد على الألف الواقع بعد اللام، و"ما" في قوله "ما بين" زائدة.

حذف حروف التنبيه والنداء

ثم قال:

وما أتى تنبيها أو نداء

كقوله هاتين يا نساء

1 سورة الإسراء: 17/ 23.

2 سورة الأعراف: 7/ 54.

ص: 132

أخبر عن جميع شيوخ النقل بحذف ألف كل لفظ دال على تنبيه، أو نداء ثم مثل للأول بـ"هاتين"، وللثاني بـ"يا نساء".

وأما "هاتين" ففي "القصص": {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} 1 ومثله: "هذا"، و"هذه" و"هذن"، و"هؤلاء"، و"هكذا"، وذلك أن أصل هذه الكلم "تين" و"ذا"، و"ذه"، و"ذان"، و"أولاء" وكذا، ثم لما اتصلت بها "ها" الدالة على التنبيه، وهي حرف ثنائي حذفوا ثانيها، وهو الألف من الرسم اختصارًا.

واعلم: أنه يشترط في حذف ألف "ها" التنبيه كما يؤخذ من تمثيل الناظم أن لا تكون طرفًا، فإن كانت طرفا نحو:"يا أيها" فلا تحذف، إلا ما سيذكره بعد في قوله "وآية الزخرف" البيت.

وأما "يا نساء" ففي الأحزاب: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ} 2 في موضعين، ومثله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} 3، و"يا آدم" و"يبنئوم"، وذلك أن أصلها "نساء"، و"أيها" و"آدم"، و"ابنئوم"، ثم لما اتصلت بها "ياء" الدالة على النداء، وهي حرف ثنائي حذفوا ثانيها، وهو الألف من الرسم اختصارا أيضا، والقسمان متعددان.

تنبيه: "هأنتم" يحتمل أن يكون مركبا من: "ها" التنبيه، و"أنتم"، ولكن طرأ من التغيير فيه تسهيل همزته بين بين عند قالون، وإبدالها ألفا عند ورش في إحدى الروايتين عنه، فاجتمعت مع ألف "ها"، فحذفت أولاهما لاجتماع الساكنين.

وأما على الرواية الأخرى عنه بهاء فهمزة مسهلة بين بين دون ألف بينهما، فالألف من "ها" محذوفة أيضا، لكن على لغة قليلة فيها، وعلى هذا الاحتمال يكون "ها أنتم"، من هذا الفصل، وتكون ألف ها التنبيه فيه محذوفة لقالون خطا وثابتة لفظا، ومحذوفة في كلتا الروايتين عن ورش لفظا وخطا كألف يا النداء من "يبنؤم"، ويحتمل أنه مركب من همزة الاستفهام، و"أنتم"، فخففت الهمزة الأولى بإبدالها:"ها"، وسهلت

1 سورة القصص: 28/ 27.

2 سورة الأحزاب: 33/ 32.

3 سورة البقرة: 2/ 21.

ص: 133

الثانية عند قالون بين بين، وأدخل بينهما ألف على قياس الهمزتين المفتوحتين من كلمة عنده، وكذا سهلت الثانية دون إدخال في إحدى الروايتين عن ورش، وأبدلت ألفا في الرواية الأخرى عنه على قياس الهمزتين المفتوحتين من كلمة عنده، وعلى هذا الاحتمال لا يكون:"هأنتم" من هذا الفصل ولا حذف فيه أصلًا.

و"ما" في قوله الناظم، و"ما أتى" موصول في محل رفع مبتدأ بتقدير مضاف أي: وألف ما أتى، و"أتى" صلته، والخبر محذوف تقديره كذلك، أي: في الحذف عن جميع الشيوخ.

ثم قال:

وليس هاؤم وهاتوا منها

لعدم التنبيه فاعلم من ها

لما ذكر في البيت قبل هذا أن ألف: ها التنبيه محذوفة خشي أن يتوهم أن ها من "هاؤم"، و"هاتوا" في قوله تعالى:{هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} 1 و {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} 2 للتنبيه فرفع ذلك التوهم بقوله أن: ها من "هاؤم"، و"هاتو" ليست من "ها" الدالة على التنبيه لعدم استفادة التنبيه من لفظة "ها" إذ هي جزء كلمة فيهما فتكون ألفها ثابتة.

أما "هاؤم" فهاء فيه اسم فعل بمعنى خذ، قال الكسائي والعرب تقول: هاء للرجل، وللاثنين رجلين، أو امرأتين هاؤما، وللرجال هاؤم وللمرأة هاء بهمزة مكسورة من غير ياء، وللنسوة "هاؤن""ا. هـ".

وهذه الزوائد على لفظة هاء أحرف تبين حال المخاطب، وفيه لغات أخر ليس هذا محل ذكرها.

وأما "هاتوا" فالأصح أنه فعل أمر، وهاؤه أصلية في فاؤه ومعناه احضروا.

وقوله الناظم "هاؤم" اسم "ليس"، وهو على حذف مضاف، أي:"ها هاؤم"، وقوله:"منه" خبر "ليس"، ويكتب متصلا لدخول الجار وهو من على الضمير العائد على: ها، التي للتنبيه.

1 سورة الحاقة: 69/ 19.

2 سورة البقرة: 2/ 111.

ص: 134

وأما قوله: "من ها" آخر البيت فهو متعلق بـ"عدم"، ويكتب منفصلا؛ لأن "من" الجارة دخلت فيه على اسم ظاهر لا ضمير، وجملة "اعلم" معترضة بين الجار ومتعلقه لتصحيح الوزن.

حذف ألف سبحان وكتاب ويضاعف.

ثم قال:

ولفظ سبحان جميعا حذفا

لكن قل سبحان فيه اختلفا

أخبر مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف "سبحان" جميعه نحو: {سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} 1 {سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 2، وهو متعدد في "البقرة" وفيما بعدها نحو:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} 3 و {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا} {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} 5.

ثم استدرك خلافا بين المصاحف لجميع الشيوخ في: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} 6 في وسط "الإسراء"، وقد شهر اللبيب فيه الحذف وشهر بعضهم فيه الإثبات، والعمل عندنا على حذفه حملا على نظائره.

واعلم: أن "سبحان" على وزن "فعلان"، فهو من المستثنيات لأبي عمرو من قوله الناظم، وذكر الداني وزن فعلان البيت وقوله:"اختلفا" مبني للنائب والألف فيه وفي "حذفا" قبله للإطلاق.

ثم قال:

وكاتبا وهو الأخير عنهما

ومقنع لدى الثلاث مثل ما

وابن نجاح ثالثا قد أثبتا

والأولان عنهما قد سكتا

أخبر عن الشيخين باختلاف المصاحف في حذف ألف "كاتبا" الأخير من "البقرة"

1 سورة البقرة: 2/ 32.

2 سورة البقرة: 2/ 116.

3 سورة الإسراء: 17/ 1.

4 سورة الإسراء: 17/ 108.

5 سورة الروم: 30/ 17.

6 سورة الإسراء: 17/ 93.

ص: 135

وهو: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} 1 وفي إثباته وعن أبي عمرو باختلافهما أيضا في الكلم الثلاث قبله وهي: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَابَ كَاتِبٌ} {وَلا يُضَارَّ كَاتِب} 3، وقد استفيد هذا الخلاف من سياق الشطر الأخير الذي قبل هذين البيتين.

ثم أخبر عن ابن نجاح، وهو أبو داود بأنه أثبت ألف الثالث من هذه الألفاظ الثلاثة وسكت عن الأولين، فتلخص مما نقله الناظم عن الشيخين في:"كاتبًا"، أن الألفاظ الأربعة مختلف فيها لأبي عمرو، وأنها لأبي داود على ثلاثة أقسام مسكوت عنه، وهو الأولان ومثبت وهو الثالث، ومختلف فيه وهو الرابع ولم يرد في القرآن لفظ "كاتب" إلا في المواضع الأربعة المذكورة، وقد اختار أبو عمرو في "المقنع" إثبات "كاتب" في المواضع الأربعة وعليه العمل عندنا.

وقوله و"كاتبا" عطف على اسم "لكن" في الشطر الأخير من البيت السابق، والخبر محذوف يدل عليه خبر المعطوف عليه، تقديره اختلف فيه وبه يتعلق "عنهما"، و"مقنع" مبتدأ خبره، محذوف تقدير ذكر، و"لدى" بمعنى "في"، و"مثل" مفعول "بذكر"، و"ما" موصول حذفت صلته، تقديرها تقدم، وحذف الصلة جائز بقلة بشرط أن يدل عليها دليل، وألف "أثبتا" و"سكتا" للإطلاق.

ثم قال:

واحذف يضاعفها لدى النساء

ومعه للداني سواه جائي

وذكر الخلف بأولى البقرة

ثم بحرفي الحديد ذكره

أمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف "يضاعفا" الواقع في سورة "النساء"، وهو:{وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} 4، ثم أخبر أن ما سوى الذي في "النساء" من أفعال المضاعف جاء معه، أي: مع الذي في النساء بالحذف لأبي عمرو، وسوى الذي في النساء كالذي في البقرة:{فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة} {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} 6، وهو متعدد فيها وفيما بعدها نحو: {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا

1 سورة البقرة: 2/ 283.

2 سورة البقرة: 2/ 282.

3 سورة البقرة: 2/ 282.

4 سورة النساء: 4/ 40.

5 سورة البقرة: 2/ 245.

6 سورة البقرة: 2/ 261.

ص: 136

كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} 1، {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْن} 3، في الأحزاب:{إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} 4، وغير ذلك، ثم استدرك الخلاف لأبي عمرو في ثلاثة ألفاظ:

الأول منها في "البقرة" وهو الممثل به أولا، واحترز بالأول عن الثاني فيها الممثل به ثانيًا.

الثاني والثالث في سورة "الحديد": {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} {يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيم} 6، وقد قرأه ابن كثير وابن عامر بحذف الألف، وتشديد العين حيث وقع.

واعلم: أنه لا يدخل في قوله "سواه" الاسم من المضاعفة بدليل ذكر الناظم له في الترجمة التي بعد هذه، ولذا بينا قوله "سواه" بخصوص أفعال المضاعفة، وأما "أضعافا"، فلا مدخل له هنا من باب أولى؛ لأن الألف فيه بعد العين لا بعد الضاد، وسيأتي ما به العمل في شرح البيتين بعد.

وقول "معه" بسكون العين، وقوله "جائي" اسم فاعل من جاء الماضي.

ثم قال:

ولأبي داود جاء حيثما

إلا يضاعفها كما تقدما

وفي العقيلة على الإطلاق

فليس لفظ منه باتفاق

أخبر في البيت الأول بأن الخلاف جاء لأبي داود في حذف ألف فعل المضاعفة حيثما وقع، إلا ألف "يضاعفها" الواقع في "النساء"، فإنه محذوف له من غير خلاف كما تقدم قريبا.

ثم أخبر في البيت الثاني بأن الخلاف جاء في "العقيلة" في فعل المضاعفة على وجه

الإطلاق، ثم كمل البيت بما يؤكد معنى الإطلاق فقال، "فليس لفظ منه"، أي: من

1 سورة هود: 11/ 20.

2 سورة الفرقان: 25/ 69.

3 سورة الأحزاب: 33/ 30.

4 سورة التغابن: 64/ 17.

5 سورة الحديد: 57/ 11.

6 سورة الحديد: 57/ 18.

ص: 137

فعل المضاعفة في "العقيلة" مصحوبا باتفاق على حذفه، وأشار بهذا إلى قوله فيها:"يضاعف الخلف فيه كيف جاء"، وهو من زيادات "العقيلة" على "المقنع".

واعلم: أن ما نسبه الناظم في البيت الأول من الخلاف لأبي داود وهم فيه؛ لأن أبا داود لم يذكر في "التنزيل" جميع أفعال المضاعفة إلا الحذف، وحكى إجماع المصاحف عليه، وبالحذف في جميع أفعال المضاعفة حيث وقعت جرى عملنا.

وقوله: "لأبي داود" متعلق بـ"جاء"، وفاعله ضمير مستتر عائد إلى الخلف و"وحيثما" شرط فعله محذوف، تقدير وقع.

وقوله: "في العقيلة" متعلق بـ"جاء" محذوف لدلالة ما قبله عليه، وفاعله ضمير الخلف، و"على الإطلاق" حال من فاعل و"على" بمعنى "مع".

ثم قال:

من آل عمران إلى الأعراف

على وفاق جاء أو خلاف

أي: هذا باب حذف الألفات مبتدئا من كلمات سورة "آل عمران"، منتهيا إلى سورة "الأعراف".

والمراد بالوفاق هنا والخلاف وفاق المصاحف وخلافها، وهذه الترجمة الثالثة من تراجم الحذف الست، وأكثر ألفاظ هذه الترجمة، والتراجم الثلاث بعدها غيره تعدد، والمتعدد منها أقل وقوعا في القرآن بخلاف الترجمتين السابقتين فإن أكثر ألفاظهما متعددة مطرد الحذف، وأكثر وقوعا.

و"على" في قوله "على وفاق" بمعنى "مع"، وهي مع مجرورها حال من ضمير "جاء" العائد على الحذف.

ثم قال:

والحذف في المقنع في ضعافا

وعن أبي داود جا أضعافا

أخبر في الشطر الأول عن أبي عمرو في "المقنع" بحذف ألف "ضعافا" في "النساء": {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا} 1.

1 سورة النساء: 4/ 9.

ص: 138

ثم أخبر في الشطر الثاني عن أبي داود بحذف ألف "أضعافا" في "آل عمران": {لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافًا} 1، ولاعمل عندنا على حذف ألف "ضعافا" و"أضعافا" المذكورين.

وأما: "أضعافا كثيرة" الواقع في "البقرة"، فلا مدخل له هنا وقد نص أبو داود على ثبت ألفه وبه العمل.

وقوله: "جا أضعافا" يقرأ بهمزة واحدة على إحدى اللغات في اجتماع الهمزتين من كلمتين للوزن.

"حكم الحذف في بعض الكلمات":

ثم قال:

يصالحا أفواههم ورضوان

وعنهما مراغما وسلطان

أخبر في الشطر الأول عن أبي داود بحذف ألف "يصالحا" و"أفواهم" و"رضوان".

أما "يصالحا" ففي "النساء": {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا} 2، وقد قرأه الكوفيون بضم الياء، وإسكان الصاد وكسر اللام من غير ألف.

وأما "أفواههم" ففي "آل عمران": {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِم} 3، وهو متعدد، واحترز بالإضافة إلى ضمير الغيبة عن غير نحو:{وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْم} 4، فإنه ثابت.

وأما "رضوان" ففي "آل عمران": {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} 5، وهو متعدد في الترجمة وفيما بعدها ومنوع نحو:{رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} 6، والعمل عندنا على الحذف في الألفاظ الثلاثة كما لأبي داود، ثم أخبر الناظم في الشطر الثاني عن الشيخين بحذف ألف "مراغما" و"سلطان".

1 سورة آل عمران: 3/ 130.

2 سورة النساء: 4/ 128.

3 سورة آل عمران: 3/ 167.

4 سورة النور: 24/ 15.

5 سورة آل عمران: 3/ 15.

6 سورة المائدة: 5/ 16.

ص: 139

أما "مراغما" ففي "النساء": {يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا} 1.

وأما "سلطان" ففي "آل عمران": {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} 2، وهو متعدد في الترجمة وفيما بعدها ومنوع نحو:{إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} 3، ونحو:{هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه} 4.

وقوله: "يصالحا" واللفظان بعده عطف على: "أضعافا" بحذف العاطف في الأولين وقوله: "مراغما" على حذف مضافين، أي: وعنهما ألف "مراغما".

ثم قال:

مباركه ومقنع تباركا

مبارك وابن نجاح باركا

وعنه من صاد أتى مبارك

ثم من الرحمن قل تبارك

وجاء عنهما بلا مخالفه

في لفظ باركنا وفي مضاعفه

ذكر في هذه الأبيات خمسة ألفاظ مشتقة من لفظ البركة، وهي:"مباركة"، و"تبارك"، و"مبارك"، و"بارك"، و"باركنا"، ولفظا سادسا وهو:"مضاعفة"، فأخبر عن الشيخين بحذف ألف "مباركة"، وعن أبي عمرو في "المقنع" بحذف ألف:"تبارك"، و"مبارك"، وعن أبي داود بحذف ألف:"تبارك" حال كونه واقعًا من صاد إلى آخر القرآن، وبحذف ألف:"تبارك" حال كونه واقعا من "الرحمن" في آخر القرآن.

ثم أخبر عن الشيخين بحذف ألف "باركنا"، و"مضاعفة".

أما "مباركة" المحذوف للشيخين في "النور": {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَة} 5.

وفي "القصص": {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَة} 6، وهو ومتعدد ومنوع كما مثل وأما "تبارك" المحذوف لأبي عمرو فقد وقع في تسعة مواضع وهي:

- {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} 7 في "الأعراف".

- {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين} 8 في "قد أفلح".

1 سورة النساء: 4/ 100.

2 سورة آل عمران: 3/ 151.

3 سورة النحل: 16/ 100.

4 سورة الحاقة: 69/ 29.

5 سورة النور: 24/ 35.

6 سورة القصص: 28/ 30.

7 سورة الأعراف: 7/ 54.

8 سورة المؤمنون: 23/ 14.

ص: 140

- {فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} 1 في "غافر".

- {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} 2 في الزخرف.

- {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِه} {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِك} 4.

- {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجا} {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّك} 6 في "الرحمن".

- {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك} 7.

وأما "مبارك" المحذوف لأبي عمرو أيضًا ففي "آل عمران"{لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكا} 8، وهو متعدد.

أما "بارك" المحذوف لأبي داود ففي "فصلت": {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} 9، وأما "مبارك" من سورة "ص" المحذوف له ففيها {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَك} 10.

وفي: "ق": {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكا} 11.

وأما "تبارك" من سورة "الرحمن" المحذوف له أيضًا ففيها:

{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّك} 12.

وفي "الملك": {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك} 13.

وأما "باركنا" المحذوف للشيخين في "الإسراء": {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} 14، وهو متعدد.

وأما "مضاعفة"، ففي "آل عمران":{لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} 15 فتخلص من كلام الناظم في ألفاظ البركة أن أبا عمرو حذف ألف جميعها إلا "بارك"، وأن أبا داود حذف منها ثلاثة مطلقًا وهي:"مباركة" و"بارك"، و"باركنا"، وحذف اثنين بقيد وهما:"مبارك" من "ص"، و"تبارك" من "الرحمن"، والعمل عندنا على الحذف في جميع ألفاظ البركة حيث وقعت.

1 سورة غافر: 40/ 54.

2 سورة الزخرف: 43/ 85.

3 سورة الفرقان: 25/ 1.

4 سورة الفرقان: 25/ 10.

5 سورة الفرقان: 25/ 61.

6 سورة الرحمن: 55/ 78.

7 سورة الملك: 67/ 1.

8 سورة آل عمران: 3/ 96.

9 سورة فصلت: 41/ 10.

10 سورة ص: 38/ 29.

11 سورة ق: 50/ 9.

12 سورة الرحمن: 55/ 78.

13 سورة الملك: 67/ 1.

14 سورة الإسراء: 17/ 1.

15 سورة آل عمران: 3/ 130.

ص: 141

وقوله "مباركة" عطف على: "مراغما" بتقدير العاطف أبدل تاءه هاء، وسكنها إجراء للوصل مجرى الوقف للوزن.

ثم قال:

وفي ثمانين ثماني معًا

وفي ثمانية أيضًا جمعا

أخبر عن الشيخين بحذف الألف "ثمانين" و"ثماني" و "ثمانية"، أما "ثمانين" ففي "النور":{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةْ} 1، وهو من الملحق بالجمع المذكر السالم، وقد قدمنا وجه تأخيره إلى هنا.

وأما "ثماني" ففي "القصص": {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَج} 2.

وأما "ثمانية" ففي "الأنعام": {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْن} 3 وفي "الزمر" وفي "الحاقة" في موضعين منها.

وقوله: وفي "ثمانين" عطف على لفظ "باركنا"، وكذا اللفظان بعد "ومعا" حال من "ثمانين"، و"ثماني".

وقوله "جمعا" بضم الجيم وفتح الميم توكيد لـ"ثمانية" وألفه للإطلاق.

ثم قال:

ولأبي داود والقناطير

أعقابكم بالغة أساطير

أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "القناطير"، و"أعقابكم"، و"بالغة"، و"أساطير" أما "القناطير" ففي "آل عمران":{وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَة} 4 لا غير.

وأما "أعقابكم" ففيها أيضًا: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} {إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُم} 6.

واحترز بالمضاف إلى ضمير جماعة المخاطبين من غيره نحو: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا} 7 فإن ثبت.

1 سورة النور: 24/ 4.

2 سورة القصص: 28/ 27.

3 سورة الأنعام: 6/ 143.

4 سورة آل عمران: 3/ 14.

5 سورة آل عمران: 3/ 144.

6 سورة آل عمران: 3/ 149.

7 سورة الأنعام: 6/ 71.

ص: 142

وأما "بالغة" ففي "الأنعام": {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَة} 1، ونحو:{حِكْمَةٌ بَالِغَة} 2 في القمر، وهو متعدد بعد الترجمة، ومنوع كما مثل.

وأما "أساطير" ففي "الأنعام": {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِين} 3 وهو متعدد، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في الألفاظ الأربعة.

ثم قال:

والفعل من نزاع أو تنازع

أو الجدال قل بلا منازع

أخبر عن أبي داود بحذف ألف: الفعل المشتق من النزاع، والمشتق من التنازع والمشتق من الجدال.

فأما الأول ففي "الحج": {فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْر} 4.

وأما الثاني ففي "النساء": {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء} 5، وهو متعدد نحو:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} 6 {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا} 7.

وأما الثالث ففي "النساء" أيضًا: {وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُم} 8 {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ} 9 ونحو: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن} 10، وهو متعدد والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في جميع الأفعال المذكورة.

وقول الناظم: "والفعل من نزاع أو تنازع"، بيان للواقع إذ لم يقع في القرآن اسم من النزع ولا من التنازع.

وأما الجدال فقد وقع الاسم منه في سورة "البقرة"، وألفه ثابتة وهو خارج عن الترجمة وقع في سورة "هود"، وسيأتي حذفه لأبي داود، قوله: و"الفعل" عطف على "القناطير".

ثم قال:

فاحشة وعنهما أكابرا

ومثله في الموضعين طائرا

1 سورة الأنعام: 6/ 149.

2 سورة القمر: 54/ 5.

3 سورة الأنعام: 6/ 25.

4 سورة الحج: 22/ 67.

5 سورة النساء: 4/ 59.

6 سورة الأنفال: 8/ 46.

7 سورة الطور: 52/ 23.

8 سورة النساء: 4/ 107.

9 سورة النساء: 4/ 109.

10 سورة النحل: 16/ 125.

ص: 143

أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "فاحشة"، وعن الشيخين بحذف ألف "أكابر"، وألف "طائرا" المنصوب المنون في الموضعين.

أما "فاحشة" ففي "النساء": {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة} 1، ومثله في "الإسراء" 17/ 32، وفي "الأعراف" 7/ 28، {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة} 2، وهو متعدد ومنوع كما مثل.

وأما "أكابر" في "الأنعام": {وكَذلِكَ جَعَلْنَا في كُلَّ قَرْيَةٍ أكَبِرَ مُجْرِمِيهَا} 3 لا غير.

وأما "طائرا" في الموضعين ففي "آل عمران": {فيَكُونُ طَائِرًا بإذْنِ اللهِ} 4.

وفي العقود: {فَتَكُونُ طائِرًا بإِذْنِيِ} 5 وقد قرأه غير نافع بياء ساكنة بين الطاء، والراء من غير ألف في الموضعين.

والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في لفظ "فاحشة" حيث وقع، وكيف وقع.

وقوله: "فاحشة" بالرفع عطف على "والقناطير" بحذف العاطف.

ثم قال:

كذا ولا طائر أيضا جاء

وإنما طائرهم سواء

وقال طائركم في النمل

وقبل في الإسرا تمام الكل

أخبر عن الشيخين بحذف ألف "طائر" في أربعة مواضع، زيادة على الموضعين المتقدمين، وهي: و"لا طائر"، و"إنما طائرهم"، و"قال: طائركم" في "النحل"، و"طائره" في "الإسراء".

فأما و"لا طائر" ففي "الأنعام": {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} 6.

وأما "إنما طائرهم" ففي "الأعراف": {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّه} 7.

وأما قال "طائركم" في "النمل" فهو: {قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُون} 8.

1 سورة النساء: 4/ 22، الإسراء: 17/ 32، والأعراف: 7/ 28.

2 سورة العنكبوت: 29/ 28.

3 سورة الأنعام: 6/ 123.

4 سورة آل عمران: 3/ 49.

5 سورة المائدة: 5/ 110.

6 سورة الأنعام: 6/ 38.

7 سورة الأعراف: 7/ 131.

8 سورة النمل: 27/ 47.

ص: 144

وأما الواقع في "الإسراء" فهو: {وكلَّ إنسنٍ ألزَمْناهُ طائرَةُ في عُنُقِهِ} 1.

واحترز بالقيود المذكورة من الواقع في سورة "يس"، وسيأتي ما به العمل، فيه عند قوله:"وستة الألفاظ في التنزيل".

وإسم الإشارة في قوله: "كذا" يعود على: طائرا في البيت قبله.

وقوله: "قبل" مبني على الضم لقطعه عن المضاف إليه، وهو هنا ضمير "طائركم"، وقوله:"تمام" بمعنى متمم مضاف إلى الكل و"أل" في الكل خلف عن ألفاظ طائر.

ثم قال:

إلا إناثًا ورباع الأولا

كذا قياما في العقود نقلا

أخبر عن الشيخين بحذف ألف "إناثًا" المقترن بـ"إلا"، وحذف ألف "رباع" الأول، وقيامًا الواقع في "العقود".

أما "إناثا" ففي "النساء": {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثا} 2، واحترز بقيد "إلا" عن الخالي عنه نحو ما في "الإسراء":{وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثا} 3، وهذا المحترز عنه متعدد.

وأما "رباع" الأول في "النساء": {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاع} 4، واحترز بقوله: الأول عن الواقع في "فاطر".

وأما "قيام" في "العقود" فهو: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاس} 5، واحترز بقوله: في "العقود" عن الواقع في غيرها نحو ما في "آل عمران": {قِيَاماً وَقُعُودا} 6 وفي "النساء" نحوه، وهو متعدد وسيأتي ما به العمل في هاته المحترزات عند قوله:"وستة الألفاظ في التنزيل".

والألف في قوله "نقلا" ألف الاثنين يعود على الشيخين.

1 سورة الإسراء: 17/ 13.

2 سورة النساء: 4/ 117.

3 سورة الإسراء: 17/ 40.

4 سورة النساء: 4/ 3.

5 سورة المائدة: 5/ 97.

6 سورة آل عمران: 3/ 191.

ص: 145

ثم قال:

وبالغ الكعبة قل والأنبياء

فيها يسارعون أيضا رويا

أخبر عن الشيخين، بحذف ألف:"بالغ الكعبة" و"يسارعون" في "الأنبياء".

أما "بالغ الكعبة" ففي "العقود": {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَة} 1، واحترز بإضافة:"بالغ" إلى: "الكعبة" عن غيره، وهو ما كان مضافا إلى غير الكعبة نحو:{وَمَا هُوَ بِبَالِغِه} 2 في "الرعد" أو مجردا عن الإضافة نحو: {إنَّ اللهَ بلِغُ أمْرَهُ} 3 في "الطلاق"، وهذا المحترز عنه متعدد ومنوع كما مثل.

وأما: "يسارعون" في "الأنبياء" فهو: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} 4 واحترز بقوله في الأنبياء عن: "يسارعون"، الواقع في غيرها نحو ما في "آل عمران":{وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} {وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر} 6، وهو متعدد أيضًا وسيأتي في شرح البيت بعد ما به العمل في هذه المحترزات.

وقوله: و {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} يقرأ بفتح الغين على الحكاية، والألف في قوله: رويا، ألف الاثنين يعود على الشيخين.

ثم قال:

وستة الألفاظ في التنزيل

محذوفة من غير ما تفصيل

أخبر عن أبي داود في: التنزيل، بحذف ألف الألفاظ الستة المتقدمة من قوله: و"مثله"، في الموضعين: طائر، إلى هنا وهي:"طائر"، منصوبا وغير منصوب، و:"إناثا"، و:"رباع"، و:"قياما"، و:"بالغ"، و:"يسارعون".

وقوله: "من غير ما تفصيل"، يعني من غير تفرقة بين لفظ:"طائر"، الواقع في السور المتقدمة، وليس لفظ:"طائر"، الواقع في سورة "يس"، ومن غير تفرقة بين لفظ:"إناثا"، و:"رباع"، الواقعين في السورة المتقدمة، وبين ما وقع في غيرها، ومن غير تفرقة بين:"قياما"، الواقع في:"العقود"، وبين الواقع في غيرها لكن بقيد أن يكون منصوبًا منونًا.

1 سورة المائدة: 5/ 95.

2 سورة الرعد: 13/ 14.

3 سورة الطلاق: 65/ 3.

4 سورة الأنبياء: 21/ 90.

5 سورة آل عمران: 3/ 114.

6 سورة آل عمران: 3/ 176.

ص: 146

وأما المرفوع والمحفوض نحو: {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُون} 1 {فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَام} 2، فلم يحذف أبو داود واحدا منهما، والعمل عندنا على إثباتهما، ومن غير تفرقة بين:"بالغ"، المتقدم، وهو:"بالغ"، المضاف إلى "الكعبة" و"بالغ" المجرد عن الإضافة نحو:{إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِه} 3، ولما كان مراد الناظم بغير المضاف إلى الكعبة غيرا خاصًا لم يكتف بهذا البيت عن ذكر المؤنث والمجموع بلا نص على كل واحد بالتعيين، ومن غير تفرقة بين:"يسرعون"، المتقدم، وهو الواقع في "الأنبياء"، وبين غيره وهو:"يسارعون"، الواقع في غير "الأنبياء".

وأما: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم} 4 فألفه ثابتة، ولا يدخل في كلامه لما قررنا من أن المراد غير خاص، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في الألفاظ الستة من غير تفصيل، و"ما" في قوله، "من غير ما تفصيل" زائدة.

ثم قال:

وعنهما قاسية وفي الزمر

وفي فرادى عن سليمان أثر

أخبرا عن الشطر الأول عن الشيخين بحذف ألف: "قاسية"، المنصوب المنون وحذف ألف:"للقاسية" الواقع في "الزمر".

ثم أخبر في الشطر الثاني عن "سليمان"، وهو أبو داود، بحذف ألف:"فرادى" يعني الألف الأولى منه؛ لأن الألف الثاني سينص عليه في بابه، أما:"قاسية"، المنصوب المنون، ففي "العقود":{وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَة} 5، وقد قرأه حمزة والكسائي بتشديد الياء من غير ألف.

وأما الواقع في "الزمر": {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} 6، واحترز بتنوين المنصوب في الأول، وبالسورة في الثاني من الخالي عن القيدين وهو:{وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم} 7 في "الحج"، فإن ألفه ثابتة.

1 سورة الزمر: 39/ 68.

2 سورة الذاريات: 51/ 45.

3 سورة الطلاق: 65/ 3.

4 سورة آل عمران: 3/ 133.

5 سورة المائدة: 5/ 13.

6 سورة الزمر: 39/ 22.

7 سورة الحج: 22/ 53.

ص: 147

وأما "فرادى" في "الأنعام": {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى} 1، وفي "سبإ"{أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} 2 لا غير، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف ألف "فرادى" في السورتين.

وقوله: وفي "الزمر" عطف على صفة محذوفة مفهومة من لفظ "قاسية"، والتقدير وحذف ألف "قاسية" المنصوب المنون، والواقع في الزمر كائن عنهما.

وقوله: "أثر" مبني للنائب بمعنى روى وضمير للحذف.

ثم قال:

ربائب كفارة يواري

ميراث الأنعام مع أواري

أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "ربائب"، و"كفارة"، و"يواري"، و"ميراث" و"الأنعام"، و"أواري".

أما "ربائب" ففي "النساء": {وربَائبكُمُ التي في حُجُورِكُم} 3 لا غيره.

وأما "كفارة"، فنحو:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِين} 4 {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُم} 5/ 89، {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِين} 5 في "العقود"، وكان من حق الناظم أن يستثني لأبي داود:{فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه} 6 الواقع أولا في "العقود"؛ لأن أبا داود ذكر ألفاظ: "كفارة"، كلها وسكت عنه، وقد أطلق صاحب "المنصف" الحذف في لفظ:"كفارة" كالناظم هنا، وفي "عمدة البيان".

وأما "يوارى" ففي "العقود": {لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيه} 7، وفي "الأعراف":{يُوارِي سوْءاتكُمْ ورِيشًا} 8.

وأما "ميراث" ففي "آل عمران": {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 9، ومثله في "الحديد" 57/ 10.

1 سورة الأنعام: 6/ 94.

2 سورة سبأ: 34/ 46.

3 سورة النساء: 4/ 23.

4 سورة المائدة: 5/ 89.

5 سورة المائدة: 5/ 95.

6 سورة المائدة: 5/ 45.

7 سورة الأعراف: 7/ 26.

8 سورة الأعراف: 7/ 26.

9 سورة آل عمران: 3/ 180، سورة الحديد: 57/ 10.

ص: 148

وأما "الأنعام" فنحو: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامْ} 1 {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَام} 2 {مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُم} 3، هو متعدد ومنوع كما مثل.

وأما "أواري" ففي "العقود": {فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} 4، والعمل عندنا على الحذف في جميع هذه الألفاظ المذكورة في هذا البيت حيث وقعت إلا "كفارة" من:{فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه} 5 في "العقود"، فالعمل عندنا على ثبته.

وسكت الناظم عن لفظ "أرحام" من قوله تعالى: {أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْن} 6 في "الأنعام"، ومن قوله تعالى:{وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض} 7 في الأنفال؛ لأن أبا داود ضعف فيهما الحذف، كما قيل، واختار الإثبات وعلى ما اختاره العمل عندنا.

وأما غير هذين من لفظ: "أرحام"، فهو ثابت باتفاق نحو:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} 8 في "النساء"{وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَاد} 9 في الرعد، {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَام} 10 في "لقمان".

وقوله "ربائب"، والألفاظ الأربعة بعده عطف على "فرادى" في البيت السابق بحذف العاطف.

ثم قال:

أثابكم أثابهم وواسعه

كذا الموالي كيف جاءت تابعه

أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أثابكم"، و"أثابهم"، و"واسعة"، و"الموالي"، كيف وقعت.

أما "أثابكم" ففي "آل عمران": {فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَم} 11.

وأما "أثابهم" ففي "العقود": {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا} 12.

1 سورة النساء: 4/ 119.

2 سورة الأنعام: 6/ 138.

3 سورة النازعات: 79/ 33.

4 سورة المائدة: 5/ 31.

5 سورة المائدة: 5/ 45.

6 سورة الأنعام: 6/ 143.

7 سورة الأنفال: 8/ 75.

8 سورة النساء: 5/ 1.

9 سورة الرعد: 13/ 8.

10 سورة لقمان: 31/ 34.

11 سورة آل عمران: 3/ 153.

12 سورة المائدة: 5/ 85.

ص: 149

وفي "الفتح": {وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيبا} 1.

وأما "واسعة" ففي "النساء": {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَة} 2 وهو متعدد في: "الأنعام" و"العنكبوت"، و"الزمر".

وأما "الموالي" ففي "النساء": {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي} 3.

وفي "مريم": {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِي} 4.

وفي "الأحزاب": {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُم} 5، وهو متعدد ومنوع كما مثل: وإلى تنوعه دون ما معه في البيت أشار بقوله: كيف جاءت، فالضمير المستتر فيقوله "جاءت" يعود على "الموالي"، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في هذه الأربعة حيث وقعت.

وقوله: "أثابكم" واللفظان بعده عطف على "أواري" أو على ما قبله.

ثم قال:

ثم أحباؤه ثم عاقبه

وأتحاجوني كذا وصاحبه

ثم أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أحباؤه"، و"عاقبة"، و"أتحاجوني" و"صاحبة".

أما أحباؤه ففي العقود: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} 6 لا غير.

وأما "عاقبة" فنحو: {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} 7 في "الأنعام"، ومثله في "القصص":{الْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} 8 في "طه".

{فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ} 9 في "الحشر"، وهو متعدد ومنوع كما مثل.

وأما "أتحاجوني" ففي "الأنعام": {قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ} 10 لا غير، وبقي على الناظم من هذه المادة "حاججتم".

1 سورة الفتح: 48/ 18.

2 سورة النساء: 4/ 97.

3 سورة النساء: 4/ 33.

4 سورة مريم: 19/ 5.

5 سورة الأحزاب: 33/ 5.

6 سورة المائدة: 5/ 18.

7 سورة الأنعام: 6/ 135.

8 سورة طه: 20/ 132.

9 سورة الحشر: 59/ 17.

10 سورة الأنعام: 6/ 80.

ص: 150

ثم قال:

جهالة مع الفواحش وفي

حرفي الابكار وقل في المنصف

عداوة وغير الأولى وارد

لابن نجاح ومعا مقاعد

أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "جهالة"، و"الفواحش"، وكلمتي "الابكار".

أما "جهالة" ففي "النساء": {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} 1.

وفي "الأنعام": {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} 2.

وبقي على الناظم من هذه المادة "الجاهلية" في "آل عمران": {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} 3، وتعدد في "العقود"، و"الأحزاب"، و"الفتح"، وقد ذكر في التنزيل الأول والثالث، بالحذف وسكت عن الثاني، والرابع، وقد أطلق الناظم في "عمدة البيان" حذف "الجاهلية" كصاحب المنصف والعمل عندنا على حذفه مطلقا.

وأما "الفواحش" ففي "الأنعام": {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِش} 4.

وفي "الأعراف": {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} 5 وهو متعدد.

وأما كلمتا "الإبكار" ففي "آل عمران": {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} 6.

وفي "غافر": {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإبْكَارِ} 7، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في لفظي "الجهالة"، و"الفواحش"، و"كلمتي الإبكار".

ثم أمر الناظم بالإخبار عن صاحب "المنصف" بحذف ألف: "عداوة" مطلقا وعن ابن نجاح، وهو أبو داود بحذف ألف ما عدا الكلمة الأولى من "عداوة"، وبحذف ألف "مقاعد" معا.

أما "عداوة" الأولى المختص بحذفها صاحب المنصف ففي "المائدة": {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ} 8.

1 سورة النساء: 4/ 17.

2 سورة الأنعام: 6/ 54.

3 سورة آل عمران: 3/ 154.

4 سورة الأنعام: 6/ 151.

5 سورة الأعراف: 7/ 33.

6 سورة آل عمران: 3/ 41.

7 سورة غافر: 40/ 55.

8 سورة المائدة: 5/ 14.

ص: 151

وأما غير الأولى ففيها أيضا: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ} 1 {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً} 2، وهو متعدد ومنوع كما مثل.

وأما "مقاعد" معا ففي "آل عمران": {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} 3.

وفي "الجن": {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} 4، والعمل عندنا على الحذف في:"عداوة"، مطلقا، وفي "مقاعد" في الموضعين.

وقوله "جهالة" عطف على "أتحاجوني"، وقوله: وفي "حرفي الإبكار" متعلق بفعل محذوف بفعل محذوف تقريره حذفت، وأطلق الحرف على الكلمة تسمية للكل باسم جزئه.

ثم قال:

ثم تراضيتم وأثارهم

وهم على أثارهم كلهم

أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "تراضيتم"، و"أثارهم"، يعنى بالألف الثاني منه، وعن جميع شيوخ النقل بحذف ألف:"أثارهم"، المقترن: بـ"هم على".

أما "تراضيتم" ففي "النساء": {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ} 5.

وأما "أثارهم" ففي "العقود": {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ} 6.

وفي "يس": {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} 7.

والمخفوض منه متعدد.

وأما "هم على آثارهم" المحذوف للجميع ففي "الصافات": {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} 8.

وحذف الناظم الفاء من "فهم" لضيق النظم، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في:"تراضيتم"، و"آثارهم" منصوبا، ومخفوضا، حيث وقع.

1 سورة المائدة: 5/ 64.

2 سورة المائدة: 5/ 82.

3 سورة آل عمران: 3/ 121.

4 سورة الجن: 72/ 9.

5 سورة النساء: 4/ 24.

6 سورة المائدة: 5/ 46.

7 سورة يس: 36/ 12.

8 سورة الصافات: 37/ 70.

ص: 152

وقوله: "تراضيهم" عطف على ما قبل، وقوله "كلم": مبتدأ خبره فعل مقدر مع فاعله، وقوله "هم على آثارهم" مفعول لذلك الفعل المقدر، والتقدير: وكلهم حذف ألف: "هم على آثارهم".

ثم قال:

كذا تعالى عاقدت والخلف

لدى أريت وأريتم عرف

أخبر عن شيوخ النقل كلهم حسبما اقتضاه التشبيه بحذف ألف "تعالى" يعني الأولى، وألف:"عاقدت"، وبالخلاف بين المصاحف في حذف ألف:"أرأيت"، وأرأيتم".

أما "تعالى" ففي "الأنعام": {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُون} 1.

وفي "النحل": {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون} 2، وهو متعدد ولا يخفى أنه لا يندرج فيه:"تعالوا"، ولا "تعالين"، وألفهما ثابتة.

وأما "عاقدت" ففي "النساء": {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} 3، وقد قرأه الكوفيون بحذف الألف.

وأما "أرأيت" ففي "الأنعام": {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ} 4، في موضعين.

وفي "الإسراء": {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} 6.

وفي "العلق": {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى، عَبْدًا إِذَا صَلَّى، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ} 7.

وفي "مريم": {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا} 8، وهو متعدد، ومنوع، كما مثل، واندرج في:"أرأيت"، "آرأيتك"، و"أرأيتكم"، و"أفرأيت"، لما تقدم في اصطلاحه.

وأما "أرأيتم" ففي "الأنعام": {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ} 9.

وفي "النجم": {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} 10، وهو متعدد ومنوع كما مثل واندرج في:"أرأيتم"، "أفرأيتم"، كما ذكرنا، وإنما ذكر الناظم:"أرأيتم" مع "أرأيت" لمخالفته له

1 سورة الأنعام: 6/ 100.

2 سورة النحل: 16/ 1.

3 سورة النساء: 4/ 33.

4 سورة الأنعام: "6/ 40.

5 سورة الإسراء: 17/ 62.

6 عند الشارح أن الآية في سورة طه، وهو خطأ.

7 سورة العلق: 96/ 9.

8 سورة مريم: 19/ 77.

9 سورة الأنعام: 6/ 46.

10 سورة النجم: 53/ 19.

ص: 153