الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم زيادة الألف والواو، والياء في بعض الكلمات:
ثم قال:
وهاك ما زيد ببعض أحرف
…
من واو أو من ياء أو من ألف
أي خذ بيان الواو والياء والألف المزيد كل منها في بعض أحرف أي كلمات، وهذه الترجمة شروع من الناظم في زيادة الألف، والواو والياء بعد فراغه من حذفها ومن حذف النون واللام ومن أحكام الهمز، ولم يرتب الكلام في زيادة تلك الأحرف الثلاثة على ترتيب الترجمة بل عكس فقدم أولا مواضع زيادة الألف المتأخرة في الترجمة، ثم عقد فصلا لمواضع زيادة الياء ثم فصلا آخر لمواضع زيادة الواو المتقدمة في الترجمة، وكل فصل ينقسم إلى متفق عليه، ومختلف فيه على ما سيأتي، وإنما خصوا الألف والواو والياء بالزيادة دون غيرها؛ لأنهم رأوا ذلك كالجبر، لما اعتراها من الحذف الذي كثر فيها.
ثم قال:
فمائة ومائتين فارسمن
…
بألف للفرق مع الأذبحن
ذكر في هذا البيت من الكلمات التي زيدت فيها الألف باتفاق ثلاث كلمات، وهي:"مائة" و: "مائتين". و: "لا أذبحنه"، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يرسم كل منها بألف، أي: بزيادة ألف، قال الشيخان باتفاق: ولم يعين الناظم موضع زيادتهما على التوقيف، وموضع زيادتها في الأولين بين الميم، والياء التي هي صورة الهمزة، وفي الثالث بعد لام ألف.
- أما "مائة" فنحو: {قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ} 1، وهو متعدد.
- وأما مائتين فنحو: {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} 2 في "الأنفال".
1 سورة البقرة: 2/ 259.
2 سورة الأنفال: 8/ 65.
- وأما "لا أذبحن"، ففي "النمل":{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} 1.
وقول الناظم: للفرق يحتمل أن يكون توجيها لزيادة الألف في: "مائة" فقط يعني أن زيادة الألف في: "مائة" للفرق بينها، وبين "منه" المركب من:"من" الجارة وضمير الغائب قبل حدوث النقط، والشكل؛ لأن المصاحف كتبت من غير نقط ولا شكل، وقيل: للفرق بينها وبين كلمة "مية" التي هي علم امرأة، وأن لم يقع في القرآن، وعلى هذا الاحتمال يكون وجه زيادة الألف في:"مائتين" حمله على المفرد، ويحتمل أن يكون قوله: للفرق توجيها لزيادة الألف في: "مائتين"، أيضًا أي: إنما زيدت الألف في لفظ: "مائتين" للفرق بينه وبين تثنية "مية" الذي هو علم، وهذا الاحتمال هو المتبادر من عبارته.
وإنما خصوا: "مائة" بزيادة الألف دون غيرها من الكلمات التي تلتبس بغيرها في الصورة الخطية "كفئة" فإنها تلتبس، "فيه" المركب من: في، الجارة وضمير الغائب لكونهم رأوا قوة اللبس في:"مائة" مع كثرة دورها في الكلام دون "فئة"، ونحوه: ولم يوجه الناظم زيادة الألف في: {لأاْذْبَحَنَّهُ} 2، وقد وجهوها فيه وفيما أشبهه مما سيأتي كـ:"لأاوضعوا" بأوجه منها:
إن زيادتها للدلالة على أشباع حركة الهمزة فيعلم بذلك أن فتحتها مشبعة، أي: تامة لا مختلسة أو أن زيادة لتقوية الهمزة وبيانها؛ لأنها حرف خفي يعيد المخرج فقويت بزيادة الألف في الكتابة كما قويت بزيادة المد في التلاوة، وخضعت الألف بتقويتها دون الواو والياء لكون الألف أغلب على صورتها منهما، ولكون الهمزة والألف من مخرج واحد.
والتوجيه الثاني لزيادة الألف في: {لأاْذْبَحَنَّهُ} 3، وشبهه ذكر أبو عمرو في المحكم نحوه لزيادة الألف في:"مائة"، وقال: وهذا عندي أوجه. انتهى.
وعلى أن الألف زائدة لما قد قدمناه بنى الناظم في الضبط؛ لأنه نص فيه على لزوم الدارة لهذه الألف، وذلك إنما ينبني على أنها زائدة لما قدمناه إذ لو بنينا على غيره من بقية الأوجه التي وجهوا بها لم تجعل الدارة على الألف أصلا، كما سنذكره في فن الضبط إن شاء الله.
1 سورة النمل: 27/ 21.
2 سورة النمل: 27/ 21.
3 سورة النمل: 27/ 21.
وما قدمناه من أن الألف الزائدة في: "لأاْذْبَحَنَّهُ"1. هي التي بعد اللام هو الراجح فيه وفيما أشبهه، وعليه تكون الألف المعانقة للام صورة للهمزة، وقيل الزائدة هي المعانقة والتي بعد لام ألف، صورة للهمزة، وسينص الناظم على هذا الخلاف في فن الضبط، وسنذكر فيه كيفية ضبط ذلك على القولين.
وقوله: "مائة" مفعول مقدم بارسمن، و"مائتين"، عطف عليه وفاء، فارسمن زائدة:
وقوله مع ظرف في محل الحال من: "مائة"، و"مائتين".
ثم قال:
ومع لكنا لشايء وهما
…
في الكهف وابن وأنا قل حيثما
لا تأيئسوا يا يئس
…
... ..........................
ذكر هنا من الكلمات التي زيدت فيها الألف باتفاق ست كلمات، وهي:"لكنا" في الكهف و: "الشايء" فيها أيضا، و:"ابن"، و:"ابن"، و:"أنا" و: "يايئس"، إلا أن زيادتها في:"لكنا" و"ابن" و"أنا"، ليست حقيقة كما سيأتي، ولم يعين الناظم مواقع الزيادة من هذه الكلمات اعتمادا على التوقيف أيضا.
أما "لكنا" في "الكهف" فهو: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} 2. قال أبو داود، "لكنا" كتبوه بألف ثابتة بعد النون، واجتمعت على ذلك المصاحف، وابن عامر: ثبتها من اللفظ وصلا وغيره يحذفها، واتفق جميعهم على إثباتها وقفا. ا. هـ. بالمعنى وأصل: "لكنا" لكن "أنا" و"لكن" حرف استدراك مخفف، و"أنا" ضمير المتكلم المنفصل، وبهذا الأصل قرأ أبي رضي الله عنه، ثم اختلف النحاة فذهب أبو علي الفارسي إلى أن الهمزة حذفت اعتباطا، أي: من غير علة فاجتمع نونان:
أولهما ساكنة فأدغمت في الثانية، وذهب الزجاج إلى أن حركة الهمزة نقلت إلى النون الساكنة، ثم حذفت فاجتمع مثلان من كلمتين فسكن أولهما وأدغم في ثانيهما،
1 سورة النمل: 27/ 21.
2 سورة الكهف: 18/ 38.
واحترز الناظم بقوله: في "الكهف" عن ما وقع في غيرها من لفظ "لكن"، فإنه لا ألف بعد نونه لا لفظا ولا رسمًا، نعم ألفا:"لكنا" المركب من: "لكن" وضمير جماعة المتكلمين المنصوب به ثابتة لفظا ورسما نحو: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا} 1.
وأما: "الشاءى"، في:"الكهف"، أيضا فهو:{وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 2. كتبوه في جميع المصاحف بألف بين الياء والشين كما ذكره أبو داود، واحترز الناظم بقيد المجاور وهو اللام المكسورة عن الخالي عن نحو: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 3. {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 4، وبقيد السورة عن الواقع في:"النحل": {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ} 5، فإن ذلك كله لم يرسم فيه ألف بين الشين والياء.
وأما ابن فنحو: {اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} 6. وهو متعدد، قال أبو عمرو، واجمع كتاب المصاحف على إثبات ألف الوصل في قوله: {عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} 7. و {الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} 8 حيث وقع وهو نعت كما رسمت في الخبر في قوله: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} 9 و {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} 10، فإن الله عز وجل أخبر في كتابه أن اليهود والنصارى، قالوا ذلك. انتهى.
هذا مذهب أهل المصاحف في: "ابن"، وهو مخالف لما عليه النحويون من حذف:"ابن"، إذا وصف به علم، وأضيف إلى علم كما في الآيات المتقدمة، ومثل:"ابن""ابنة".
وأما "أنا" فنحو: {قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} 11، وهو متعدد، وقد أطبقت المصاحف كما ذكره في:"التنزيل"، على إثبات ألف بعد النون في كلمة ب "أنا" الخفيفة سواء أتى بعدها همزة مضمومة، أو مفتوحة أو مكسورة أو ألف وصل أو حرف آخر نحو:{أَنَا رَبُّكُمُ} 12. و {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ} 13. و {أَنَا أَعْلَمُ} 14. و {أنَا
1 سورة القصص: 28/ 45.
2 سورة الكهف: 18/ 23.
3 سورة البقرة: 2/ 106.
4 سورة ص: 38/ 5.
5 سورة النحل: 16/ 40.
6 سورة آل عمران: 3/ 45.
7 سورة المائدة: 5/ 17.
8 سورة آل عمران: 3/ 45.
9 سورة التوبة: 9/ 30.
10 سورة التوبة: 9/ 30.
11 سورة البقرة: 2/ 258.
12 سورة النازعات: 79/ 24.
13 سورة طه: 20/ 14.
14 سورة الممتحنة: 60/ 1.
آتِيكَ} 1 و {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} 2 و {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ} 3 و {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} 4. وشبهه، و {أنَا} 5 من الضمائر المنفصلة، وقد اختلف النحاة هل الضمير جملة أحرفة الثالثة وهو مذهب الكوفيين، أو الحرفان الأولان فقط والألف زائدة، في الوقف محافظة لإشباع الحركة لئلا تسكن في الوقف فتلتبس بأن الناصبة، وهو مذهب البصريين، وتميم يثبتون ألفه وصلا وغيرهم يحذفها، واتفق الجميع على إثباتها وقفا.
وأما: "تايئسوا" و"يايئس"، ففي "يوسف":{وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} 6.
وفي "الرعد": {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا} 7 كتبوا الكلمتين في المواضع الثلاثة بألف زائدة بين حرف المضارعة، وبين الياء بعده وقد قرأ البزي المواضع الثلاثة بخلف عنه بتقديم الهمزة مبدلة ألفا على الياء مفتوحة.
تنبيه: الألف في: "لكنا" و"ابن" و: "أنا"، ليست زائدة حقيقة؛ لأن الزائد حقيقة هو ما لا لفظ به لا وصلا، ولا وقفا، والألف في الكلمات الثلاث ليست كذلك لثبوتها في:"لكنا" وقفا لجميع القراء ووصلا لابن عامر، وثبوتها في:"ابن" ابتداء لجميع القراء وثبوتها في: "أنا" وقفا لجميع القراء، ولا شك أن الرسم مبني على الوقف والابتداء، فلما ثبتت في إحداهما لم تكن زائدة حقيقة، فإطلاق الناظم الزيادة عليها تسامح سيأتي وجهه.
وأما "الألف" في: "لشائ" في "الكهف" و: "تايئسوا" و: "يايئس"، فإنها زائدة حقيقة، ومما وجهوا به زيادتها فيها أنها لتقوية الهمزة وبيانها لخفائها، ولم يعتد بالياء؛ لأنها بسكونها وكونها حرف لين غير حاجز حصين، ولم ترسم تلك الألفات بعد الهمزة لوقوع الساكن قبلها والألف ولو زائدة إنما تقع بعد المتحرك لا بعد الساكن ولم تزد الألف في:"لشيء" الذي في "النحل"، كما زيدت في الذي في:"الكهف" لقصدهم، والله أعلم.
1 سورة النمل: 27/ 39.
2 سورة البقرة: 2/ 258.
3 سورة الأعراف: 7/ 188.
4 سورة الزخرف: 43/ 52.
5 سورة البقرة: 2/ 258.
6 سورة يوسف: 12/ 87.
7 سورة الرعد: 13/ 31.
التفرقة بين ما في "النحل"، لكونه مراد الله فلم يناسبه التغيير بخلاف ما في:"الكهف" لكونه مراد العبد.
وقول الناظم: "لشأي" عطف على كلمات البيت السابق، و"مع" ظرف في محل الحال منه و:"لكلنا" مقصود لفظه أضيف إليه "مع".
وقوله: "يائيس"، بسكون السن بإجراء للوصل مجرى الوقف للوزن.
ثم قال:
. . . . . . . . . . . وقل عن بعضهم
…
في استيئسوا استيئس أيضا قد رسم
لأوضعوا وابن نجاح نقلا
…
جيء لأنتم لأتوها لإلى
وجاء أيضا لإلى جيء معا
…
لدى العقيلة. . . . . . . . . . .
ذكرها سبعة ألفاظ اختلف كتاب المصاحف في زيادة الألف فيها، وعدم زيادتها.
وهي: "استيئسوا" و: "استيئس"، و:"لا وضعوا" و: "جيء" و: "لأنتم"، و:"لاتوها". و: "لالى"، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن بعض كتاب المصاحف، زادوا الألف أيضًا في:"استيئسوا" و: "استيئس" و: "لاوضعوا"، وأن ابن نجاح وهو: أبو داود نقل الخلاف في زيادة الألف في: "جيء"، و:"لأنتم". بالخلاف أيضا في زيادة الألف وهو من زيادة: "العقيلة"، على ما في "المقنع"؛ لأن أبا عمرو لم يذكرهما في "المقنع" وإنما ذكرها في "المحكم"، وذكر فيه الخلاف فيهما.
أما "استيئسوا" و: "استيئس"، ففي "يوسف":{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} 1. {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} 2، وقد رسما في بعض المصاحف بألف بعد التاء وفي بعضها بغير ألف، وهو الأكثر كما ذكره في "المقنع"، وقال أبو داود: "وكلاهما حسن".
وأما "لا وضعوا"، ففي "التوبة":{وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} 3، وقد اختلفت المصاحف فيه، ففي بعضها بألف بعد لام ألف، وفي بعضها بغير ألف كما ذكره الشيخان، واختار أبو داود فيه إسقاط الألف.
1 سورة يوسف: 12/ 80.
2 سورة يوسف: 12/ 110.
3 سورة التوبة: 9/ 47.
وأما "جيء" ففي "الزمر": {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} 1.
وفي "الفجر": {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} 2.
وقد اختلف فيه المصاحف، فكتب في بعضها بألف بين الميم والياء، وفي بعضها بغير ألف كما ذكره أبو داود.
- وأما "لأنتم" ففي "الحشر": {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً} 3.
- وأما "لاتوها" ففي "الأحزاب": {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا} 4.
- وأما "لإلى" ففي "آل عمران": {لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} 5.
وفي "الصافات": {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ} 6.
وقد ذكر أبو داود الخلاف في هذه الألفاظ الثلاثة بألف بعد لام، وعدم رسمها واختار كتبها بغير ألف، والعمل عندنا على رسم الألفاظ السبعة المتقدمة بغير ألف وقوله الناظم "معا" راجع إلى كل واحد من اللفظين، والتقدير لإلى "معا" وجيء؛ لأن كل واحد منهما وقع في موضعين كما تقدم.
ثم قال:
. . . . . . . . . . . . وكل نسفعا
…
إذا يكونا لأهب ونونا
لدى كأين رسموا التنوينا
…
. . . . . . . . . . .
أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كل كتاب المصاحف بزيادة الألف مع: "لنسفعا" و: "إذا"، و:"ليكونا"، و:"لأهب".
وأنهم رسموا التنوين في "كأين" نونا.
أما "لنسفعا" ففي "العلق": {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} 7.
وأما "وليكونا"، ففي سورة "يوسف" أخبارًا عن قول امرأة العزيز في شأن سيدنا يوسف:{وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} 8. والنون الساكنة فيهما هي نون التوكيد الخفيفة تبدل في الوقف ألفا فلذا كتب به.
1 سورة الزمر: 39/ 69.
2 سورة الفجر: 89/ 23.
3 سورة الحشر: 59/ 13.
4 سورة الأحزاب: 33/ 14.
5 سورة آل عمران: 3/ 158.
6 سورة الصافات: 37/ 68.
7 سورة العلق: 96/ 15.
8 سورة يوسف: 12/ 32.
وأما "إذا" فنحو: {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا} 1، وقد تعددت في القرآن وهي حرف جواب، وجزاء فليس النون في طرفها تنوينا لكن لما أشبهت النون المنصوب قلبت نونها في الوقف ألفا فلذا كتبت به، هذا مذهب أهل المصاحف في:"إذا"، وللنحاة فيها ثلاثة مذاهب:
1-
كتبها بالألف مطلقا وهو الصحيح.
2-
وكتبها بالنون مطلقا.
3-
وكتبها بالألف أن اعملت وبالنون أن أهملت.
وأما "لأهب" ففي "مريم": {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا} 2. وقد روى عن قالون فيه وجهان:
1-
أحدهما قراءته بالهمز.
2-
والثاني قراءته بالياء المحضة وهي رواية ورش، وقراءة أبي عمرو البصري.
فعلى قراءته بالهمز يكون مضارعا مبدوءا بهمزة التكلم، وفاعله ضمير المتكلم وهو جبريل، وإسناد الهبة له مجاز؛ لأن الواهب حقيقة هو الله تعالى، ويحتمل أن يكون:"لأهب" محكيا بقول محذوف، أي، قال:"لأهب"، فيكون ضمير:"لأهب". عائدا على الرب تعالى، والإسناد حينئذ حقيقي، وعلى قراءته بالياء يكون مضارعا مبدوءا بياء الغيبة، وفاعل ضمير مستتر يعود على الرب، أي:"ليهب" ربك الذي استعذت به مني؛ لأنه الواجب حقيقة، ويحتمل أن تكون الياء بدلا من الهمزة لانفتاحها بعد كسرة، وتنزيل اللام منزلة جزء من الكلمة حتى تكون الهمزة متوسطة حكما.
ورسم: "لأهب" بالألف مطابق لقراءة الهمزة، وليس مطابقا لقراءة الياء لمخالفته للفظ سواء قلنا: أن الياء حرف مضارعة أو مبدلة من الهمزة، وعلى قراءته بالياء فيه الناظم على كتبه بالألف إلا أن ألفه ليست زائدة حقيقة لثبوتها في الحالين، إذ هي عوض عن الياء إن قلنا: أن الياء فيه حرف مضارعة، وصورة للهمزة إن قلنا: أن الياء فيه مبدلة من الهمزة
1 سورة النساء: 4/ 67.
2 سورة مريم: 19/ 19.
فصارت الألف كأنها هي الياء، فثبتت في الحالين ففي إطلاق الناظم الزيادة عليها تسامح تقدم نظيره في ألف:"لكنا"، و:"ابن" و: "أنا" كما أن في إطلاقه الزيادة على الألف: "لنسفعا" و: "ليكونا" و: "إذا" المتقدمة تسامحا أيضا إذ ليست زائدة حقيقة لثبوتها وقفا، وكأن وجه التسامح في ذلك أنه اعتمد على ما يأتي له في فن الضبط حيث تكلم فيه على الألفات الزائدة حقيقة، وحكم بجعل الدارة عليها، وسكت عن هذه الكلمات السبع، فسكوته عنها يدل على أن الألف فيها ليست زائدة حقيقة، ولهذا لا تجعل عليها الدارة كما سنذكره في الضبط.
وأما "كأين" فقد كتب تنوينها نونا كما قال الناظم، وقد وقعت في سبعة مواضع في "آل عمران":{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ} 1، وفي "يوسف"2، وفي "الحج"3 4 في موضعين وفي "العنكبوت"5، و"القتال"6، و"الطلاق"7، وأصلها:"أي" المنونة وكتب مع كاف التشبيه ولا يخفى أن: "كأين" ليست مما يندرج في الترجمة إذ لم يزد فيها حرف من حروف العلة المترجم لزيادتها، فذكر الناظم لها هنا تبرع.
ثم قال:
وزيد بعد فعل جمع كاعدلوا
…
واسعوا وواو كاشفوا ومرسلوا
أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل، بأن الألف زيدت بعد فعل جمع يعني بعد واو فعل الجمع المتطرفة المسند إليها فعل الجمع سواء كان ما قبلها مضموما:"كاعدلوا" و: "ءامنوا"، و:"كفروا" و: "لا تفسدوا"، ومفتوحا:"كاسعوا" و: "اشتروا" وإن الألف زيدت أيضا بعد واو: "كاشفوا" و: "مرسلوا" يعني وما أشبههما في كون الواو متطرفة، وعلامة رفع الجميع نحو:{بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} 8 و {نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ} 9 و {بَنُو إِسْرائيلَ} 10 و {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ} 11، وخرج بواو فعل الجمع واو فعل أفرد نحو:{أَشْكُو بَثِّي} 12، وبقولنا: المسند إليها فعل الجمع الواو
1 سورة آل عمران: 3/ 146.
2 سورة يوسف: 12/ 105.
3 سورة الحج: 22/ 45.
4 سورة الحج: 22/ 48.
5 سورة العنكبوت: 29/ 60.
6 سورة القتال: 47/ 13.
7 سورة الطلاق: 65/ 8.
8 سورة الأنعام: 6/ 93.
9 سورة السجدة: 32/ 12.
10 سورة يونس: 10/ 90.
11 سورة الأنفال: 8/ 75.
12 سورة يوسف: 12/ 86.
التي لم يسند إليها فعل الجمع نحو: {تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} 1، وسيأتي على هذين، وخرج بقيد تطرف الواو في القسمين في نحو:"يؤمنون" و: "يقيمون" و: "ينبئون" و: "المفلحون" و: "مصلحون"، ونحو:"أنبئوني"، و"لن تتبعونا"، و:"هم بالغوه" و"كل ءاتوه"، مما توسطت الواو فيه بسبب وقوع ضمير متصل بعدها أو نون علامة رفع الفعل أو نون الجمع السالم، والقاعدة المتقررة في الخط، وهي أنه تصوير اللفظ بحروف هجائه تقتضي أن لا يزاد الألف في القسمين، ولكن كتاب المصاحف، والنحاة اصطلحوا على زيادة الألف فيهما وصار الأصل الأول مرفوعا حتى أن ما لا يزاد الألف بعده من القسمين يعد من المستثنيات المنبه بها على ذلك الأصل المرفوض، وسنذكر عنه قول الناظم:"وبعد واو الفرد"، وجه زيادة الألف في هذين القسمين، وبعد واو الفرد.
واعلم أن الناظم اعتمد هنا في القيود التي قررنا بها كلامه على أخذها من الأمثلة التي ذكرها، إلا أنه ليس في كلامه ما يدل على تعميم الحكم فيما يشبه:"كاشفوا" و: "مرسلوا"؛ لأنه علق الحكم على عين هذين اللفظين وقول قال: "وبعد واو شبه": "مرسلوا" لأفاد تعميم الحكم ولا يصح جعل واو: "كاشفوا" عطفا على: "اعدلوا" حتى يستفاد التعميم من كونه مدخولا للكاف؛ لأن ذلك يصيره من أمثلة فعل الجمع، وليس هو كذلك بل هو معطوف على فعل جمع على حذف مضاف أي بعد واو فعل جمع كما أشرنا إليه في حل كلامه.
ثم قال:
لكن من باءوا تبوءوا رووا
…
إسقاطها وبعد واو من سعو
في سبإ ومثلها إن فاءوا
…
عتو عتوا وكذاك جاءوا
لما ذكر أن الألف زيد بعد واو فعل الجمع استثنى ستة ألفاظ، وروى جميع شيوخ النقل إسقاط الألف فيها بعد واو الجمع: لفظان متعددان، وأربعة غير متعددة، فاللفظان المتعددان:"باءوا"، و"جاءوا" وحيث وقعا، نحو:{فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} 2، {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} 3.
1 سورة البقرة: 2/ 102.
2 سورة البقرة: 2/ 90.
3 سورة الأعراف: 7/ 116.
والألفاظ الأربعة غير المتعددة: {تَبَوَّأُوا الدَّارَ} 1 في "الحشر"، و {سَعَوْا فِي آيَاتِنَا} 2 في "سبإ"، و {فَإِنْ فَاءُوا} 3 في "البقرة". {وَعَتَوْا عُتُوًّا} 4 في "الفرقان"، احترز الناظم بقيد السورة في:"سعوا" عن: "سعوا" الواقع في "الحج"، فإنه رسم بالألف بعد الواو وبقيد:"عتوا" المقترن به "عتوا" عن غير المقترن به نحو: {وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} 5 {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ} 6، في "الإعراب" فإنه رسم بألف بعد واو أيضا، وليس أن مع "فاء"، وقيدا إذ لم يقع في القرآن غيره.
واعلم أن الناظم لم يستثن من واو الجمع واو: {كَالُوهُمْ} 7 و {وَزَنُوهُمْ} 8؛ لأنها ليست متطرفة لكون الضميرين بعدها متصلين منصوبين بالفعلين لا منفصلين على الصحيح، فلا حذف في الكلمتين أصلا.
تنبيه: سكت الناظم عن الخلاف في: {لِترْبُوَ} 9 في "الروم" و: {آذَوْا} 10 في "الأحزاب" مع أن أبا عمرو ذكر في المقنع عن بعض الرواة حذف الألف بعد الواو فيهما إلا أن كلامه يقتضي ضعفه، وقد ذكر أبو داود الخلاف فيهما أيضا من غير ترجيح، والعمل عندنا على زيادة الألف بعد الواو فيهما، وقول الناظم رووا، جملة فعلية خبر: لكن، واسمها ضمير الشأن محذوفا، والجملة الفعلية مفسرة له.
ثم قال:
وبعد واو الفرد أيضًا ثبتت
…
وبعد أن يعفو مع ذو حذفت
أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الألف زيدت بعد واو الفرد أيضا يعني بعد واو فعل الفرد المتطرفة، وأن الألف حذفت بعد أن يعفو ذو حيثما وقعت في القرآن.
أما واو فعل الفرد المتطرفة فهي الواو التي هي لام الفعل المسند إلى المفرد، أو ما في معنى المفرد من الجمع الظاهر إذ الفعل معه يؤتى به على صورة المسند إلى المفرد، نحو:
1 سورة الحشر: 59/ 9.
2 سورة سبأ: 34/ 5.
3 سورة البقرة: 2/ 226.
4 سورة الفرقان: 25/ 21.
5 سورة الأعراف: 7/ 77.
6 سورة الأعراف: 7/ 166.
7 سورة المطففين: 83/ 3.
8 سورة المطففين: 83/ 3.
9 سورة الروم: 30/ 39.
10 سورة الأحزاب: 33/ 69.
{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي} 1، {فَلا يَرْبُو} 2 {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} 3 {لَنْ نَدْعُوَ} 4، ونحو:{مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} 5، واحترز بقيد الفرد عن المسند إلى ضمير تثنية نحو:{دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} 6، فلا يزاد بعده ألف وعن المسند إلى ضمير جمع لتقدمه قبل، وخرج بوصف الواو بالتطرف الواو في نحو:{أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} 7 {اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا} 8، والواو في نحو:{يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} 9. و {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} 10، فلا تزاد الألف بعدهما وإن كان ظاهر عبارة الناظم يشملهما.
وأما "أن يعفو"، المحذوف بعد واوه الألف ففي "النساء":{فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} 11، وهذا مستثنى من قاعدة زيادة الألف بعد واو فعل الفرد، واحترز بقيد المجاور لها نحو:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} 12، فإنه رسم بالألف بعد الواو.
وأما "ذو" المحذوفة بعده واوه الألف حيثما وقع في القرآن فنحو: {لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} 13، {ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} 14، وليس مستثنى من القاعدة المتقدمة لعدم دخوله كما هو ظاهر.
واعلم أن زيادة الألف بعد واو الفرد إنما هو أهل المصاحف، وأما عند النحاة فزيادة الألف خاصة بواو الجمع ووجه زيادة الألف هنا، وفيما تقدم في قوله "وزيد بعد فعل جمع" البيت، الدلالة على فصل الكلمة عما بعدها، وصحة الواقع عليها احترازا عما إذا وقع بعدها ضمير متصل نحو:{وَإِذَا لَقُوكُمْ} 15 و {فَذَبَحُوهَا} 16. ونحو: {هُمْ بَالِغُوهُ} 17 {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاِرِينَ} 18، ونحو: {تدْعُوكُمْ} 19 و {نَدْعُوهُ} 20.
وهذا أحسن ما قيل في توجيه زيادة الألف في ذلك على مذهب أهل المصاحف.
1 سورة يوسف: 12/ 86.
2 سورة الروم: 30/ 39.
3 سورة محمد: 47/ 31.
4 سورة الكهف: 18/ 14.
5 سورة البقرة: 2/ 189.
6 سورة الأعراف: 7/ 189.
7 سورة غافر: 40/ 41.
8 سورة النور: 24/ 60.
9 سورة البقرة: 2/ 255.
10 سورة الأنفال: 8/ 24.
11 سورة النساء: 4/ 99.
12 سورة البقرة: 2/ 237.
13 سورة النمل: 27/ 73.
14 سورة البقرة: 2/ 251.
15 سورة آل عمران: 3/ 119.
16 سورة البقرة: 2/ 71.
17 سورة الأعراف: 7/ 135.
18 سورة النمل: 27/ 87.
19 سورة الأعراف: 7/ 193.
20 سورة الطور: 52/ 28.
وأما توجيه زيادتها بالفرق بين واو الجمع وواو الفرد في نحو: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} 1، و {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} 2. فهو مبني على مذهب النحاة الذين يخصون زيادة الألف بواو الجمع، وقول الناظم: "وبعد واو الفرد" فيه مضاف محذوف تقديره، وبعد واو فعل الفرد، وكأنه حذفه هنا لدلالة قوله قبله: "وزيد يعد فعل جمع عليه" كما حذف هناك لفظ: "واو" المقدر مضاف إلى الفعل جمع لدلالة ذكره هنا.
ثم قال:
ولؤلؤا منتصبا يكون
…
بألف فيه هو التنوين
وزاد بعض في سوى ذا الشكل
…
تقوية للهمز أو للفصل
تكلم في هذين البيتين على لفظ "لؤلؤ" المنتصب، وغير المنتصب فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن:"لؤلؤ" إذا كان منتصبا، فإنه يرسم فيه ألف بعد واوه الثانية التي هي صورة للهمزة، وذلك الألف هو المبدل من تنوينه وقفا وقد وقع:"لؤلؤا" المنصوب في "الحج": {وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} 3، ومثله في "فاطر"، وقد قرأهما غير نافع وعاصم بالخفض، وفي سورة "الإنسان":{حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} 4، وإذا كان غير منتصب بأن كان مرفوعا أو مخفوضا ففي ألف بعد واوه خلاف أشار إليه بقوله:"وزاد بعض سوى ذا الشكل"، أي: زاد بعض كتاب المصاحف الألف في سوى هذا الشكل الذي هو النصب في: "لؤلؤا"، وسواه هو الرفع والخفض فيه، وقد وقع في قوله تعالى:{كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} 5، في "الطور".
وقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} 6، في "الرحمن".
وقوله: {كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} 7، في "الواقعة".
وذكر الناظم: "لؤلؤا" المنصوب توطئة لذكر غير المنصوب؛ لأن المنصوب ليس من هذا الباب إذ لا بد من ألف بعد الواو.
1 سورة الإسراء: 17/ 110.
2 سورة يوسف: 12/ 108.
3 سورة الحج: 22/ 23.
4 سورة الإنسان: 76/ 19.
5 سورة الطور: 52/ 24.
6 سورة الرحمن: 55/ 22.
7 سورة الواقعة: 56/ 23.