الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الواو المحذوفة من الرسم:
الواو المحذوفة من الرسم قسمان:
- مفردة:
- وغير مفردة:
وسيتكلم على القسم الثاني في الفصل الآتي، وتكلم في هذين البيتين على القسم الأول، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف الواو عن كتاب المصاحف في خمس كلمات:
الكلمة الأولى: "ويدع"، من قوله تعالى:{وَيَدْعُ الْإنْسَانُ بِالشَّرِّ} 1. في "الإسراء"، واحترز بقيد المجاور وهو لفظ الإنسان عن غير المقترن به، وهو في "الحج": {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ} 2، {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} 3، فإن واوه ثابتة.
الكلمة الثانية: "يدع". من قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} 4، في سورة "القمر"، واحترز بقيد المجاور وهو لفظ "يوم"، من موضعي الحج، المحترز عنهما قبل، وأما ذكر السورة فإيضاح.
الكلمة الثالثة: "سندع"، من قوله تعالى:{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} 5، في "العلق".
الكلمة الرابعة: "ويمح"، من قوله تعالى:{وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} 6، في حاميم الشورى.
ولا يجوز أن يكون حذف الواو في هذه الكلمة للجزم بالعطف على يختم قبله على معنى إن يشأ الله يمح الباطل؛ لأن في تعليقه على المشيئة إيهاما، إذ قد أخبر أنه شاء محو الباطل في قوله تعالى:{لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ} 7. وإنما جملة: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} 8. استئنافية، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها وهو في "الرعد":{يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} 9. فإن واوه ثابتة.
الكلمة الخامسة: و"صالح". من قوله تعالى: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِين} 10، في سورة "التحريم" بناء على أنه جمع مذكر سالم حذفت نونه للإضافة، وواوه للاكتفاء بالضمة
1 سورة الإسراء: 17/ 11.
2 سورة الحج: 22/ 12.
3 سورة الحج: 22/ 13.
4 سورة القمر: 54/ 6.
5 سورة العلق: 96/ 17.
6 سورة الشورى: 42/ 24.
7 سورة الأنفال: 8/ 8.
8 سورة الشورى: 42/ 26.
9 سورة الرعد: 13/ 39.
10 سورة التحريم: 66/ 4.
وهو أحد قولين فيه، وقيل: إنه مفرد وعليه فلا حذف فيه أصلا وتكون الكلمات المحذوفة منها الواو لما تقدم أربعا فقط، وما تقدم للناظم من أن الواو حذفت من هذه الكلمات للاكتفاء عنها بالضمة قبلها هو الذي نص عليه في المقنع، وذكر بعضهم توجيها آخر وهو حمل الخط على اللفظ في الوصل؛ لأن الواو تحذف فيه لالتقاء الساكنين.
تنبيه: ذكر في المقنع بسنده إلى القراء أنه قال: حذفت واو الجمع في المصحف في قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ} 1. ولم يذكر الناظم لقوله أبي عمرو: ولا أعلم ذلك في شيء من المصاحف، والذي حكي عن القراء غلط، ولذا جرى العمل بإثبات الواو في: {نَسُوا اللَّهَ} .
فصل فيما يحذف من الواوات:
ثم قال:
فصل وقل: إحداهما قد حذفت
…
مما بجمع أو بناء دخلت
كنحو ووري ويستوونا
…
موءودة داود والغاوونا
تقدم أن الواو المحذوفة من الرسم قسمان:
- مفردة.
- وغير مفردة.
ولما فرغ الناظم من الكلام على القسم الأول عقد هذا الفصل بالقسم الثاني، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يقال: أن إحدى الواوين حذفت في المصاحف من الواوين اللتين دخلت إحداهما للدلالة على جمع، أو لإقامة بناء كلمة أي بنيتها، وسيأتي تعيين المحذوفة منهما، ثم مثل في البيت الثاني بخمسة أمثلة: مثالان لما دخلت فيه إحدى منهما، ثم مثل في البيت الثاني بخمسة أمثلة: مثالان لما دخلت فيه إحدى الواوين للجمع وهما: "يستوون" من قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا 2 كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} 3. في الم السجدة، والغاوون من قوله تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} 4. في الشعراء، وفيها أيضًا، {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} 5.
1 سورة الحشر: 59/ 19.
2 كما زائدة في الآية في النسخة المطبوعة.
3 سورة السجدة: 32/ 18.
4 سورة الشعراء: 26/ 94.
5 سورة الشعراء: 26/ 226.
وثلاثة أمثلة لما دخلت فيهم إحدى الواوين للبناء، وهي:"ووري" من قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ} 1 في "التكوير"، و:"داود". وهو كثير في القرآن فإن كل واحدة من هذه الكلمات اجتمع فيها أوزان، والثاني في:"لا يستوون". ضمير جمع وفي: "الغاوون". علامة رفع الجمع وفي بقية الأمثلة للبناء.
ومن الكلمات التي الواو الثانية فيها للجمع: "ولا تلوون"، و:"يلوون"، و:"أن تلووا". و: "ليسؤوا"، و:"لتستووا". و: "فاووا". وفهم من أمثلة الناظم إنه لا بد في حذف إحدى الواوين المجتمعين، أن تكون الثانية بعد ضمة، فخرج نحو:"ءاووا"، و:"نصروا"، و:"لووا رءوسهم"، فإن الواوين ثابتان فيه، وأن تكون الواوان مثلا صفتين في الخط صورة وتقديرا، فدخل نحو:"الموءودة"، و:"ليسوءوا". مما "انفصلت فيه الواوان لفظا لا خطا"، وخرج:"تبوءوا". فإن الواو فيه وإن اتصلتا صورة فهما منفصلتان تقديرا بصورة الهمزة التي حذفت لاجتماع الأمثال بخلاف: "الموءودة" و: "ليسوءوا"، فلاحظ لهمزتيهما في الصورة على المشهور.
تنبيه: لم يذكر الناظم في هذا الباب حذف إحدى الواوين مما الأولى فيه صورة للهمزة الواقعة قبل واو الجمع، نحو: مستهزءون" و"متكئون". و: "بدءوكم". و: "أنبؤني" و: "ليطفئوا". و: "ليواطئوا" و: "يستنبئونك". بل آخره إلى آخر باب الهمز، وأدرجه في قوله: "وما يؤدي لاجتماع الصورتين". إلخ. وههنا ذكره أبو عمرو.
وأما لفظ: "الموءودة" إنما ذكره الناظم هنا باعتبار الواوين، المكتفين للهمزة.
ثم قال:
ورسم الأولى في الجميع أحسن
…
وفي يسوءوا عكس هذا أبين
لما ذكر في البيتين قبل أن إحدى الواوين محذوفة من نحو: "ووري". و: "يستوون". ولم يعين المحذوفة من الواوين، أراد أن يعين هنا المحذوفة منهما فأخبر في الشطر الأول بأن رسم الأولى من الواوين، أي: إثباتها في الرسم مع حذف الثانية أحسن في جميع ما تقدم يعني من مقابله، وهو حذف الأولى مع إثبات الثانية أحسن في جميع ما تقدم يعني من مقابله، وهو حذف الأولى مع إثبات الثانية، ثم أخبر في الشطر الثاني
1 سورة التكوير: 81/ 8.
بأن عكس هذا أبين في: "يسؤوا". من قوله تعالى: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} 1 في الإسراء، فيترجح فيه حذف الواو الأولى مع إثبات الثانية الذي هو المرجوح في غيره، وهذا إنما هو على قراءة من قرأ:"ليسؤوا"، بالياء وضم الهمزة بعدها أو واو الجمع.
وأما على قراءة من قرأه بالياء، ونصب الهمزة أو بالنون ونصب الهمزة فلا حذف فيه أصلا.
واعلم أن جميع ما ذكره الناظم في هذا البيت إنما يوافق كلام أبي عمرو في الحكم، وكلام أبي داود في ذيل الرسم.
وأما كلام أبي عمرو في: "المقنع" وأبي داود في: "التنزيل"، فمخالف لما ذكره الناظم هنا، والعمل على ما ذكره الناظم في هذا البيت، وعليه فكيفية ضبط:"ووري". و"يستوون". وشبههما أن تجعل الواو الأولى سوداء، وتجعل بعدها واوا حمراء وهكذا ضبط:"الموءودة"، إلا أنك تجعل همزتها نقطة صفراء بين الواو الأولى السوداء، والواو الثانية الحمراء وكيفية ضبط:"ليسؤوا". أن تجعل بعد السين واو حمراء في السطر، وتجعل الهمزة نقطة صفراء بعد الواو الحمراء، فوق السطر، ثم تجعل واوا سوداء بعد الهمزة، فتكون الهمزة بين الواو الأولى الحمراء والواو الثانية السوداء.
تنبيه: ذكر أبو داود تعيين الحذف لصورة الهمزة في نحو: "مستهزءون" و: "متكئون" و: "أنبئوني". و: "يستنبئونك". مما الأولى فيه صورة للهمزة الواقعة قبل واو الجمع، وعلى ما ذكره أبو داود العمل، وعليه فكيفية ضبط ذلك أن تجعل واو الجمع كحلاء، وتجعل الهمزة قبلها نقطة صفراء.
باب حكم حذف أحد اللامين من بعض الكلمات:
ثم قال:
باب ورود حذف إحدى اللامين
…
وهو مرجح بثاني الحرفين
في اليل واللائي التي واللاتي
…
وفي الذين بأي لفظ ياتي
1 سورة الإسراء: 17/ 7.
أي: هذا باب ورد حذف إحدى اللامين عن كتاب المصاحف في ألفاظ مخصوصة، وهي المذكورة في البيت الثاني، وهذا من الناظم شروع في الكلام على حذف اللام بعد فراغه من الكلام على حذف الألف والياء والواو، وكأن وجه لحوق الحذف للام شبهها بالألف صورة، وقوله: وهو، أي: الحذف مرجح بثاني الحرفين، أي في الثاني من اللامين على الأول منهما بمعنى أن كون المحذوف هو اللام الثاني راجح على كونه اللام الأول، ثم ذكر في البيت الثاني.
الألفاظ التي فيها حذف إحدى اللامين بإجماع المصاحف، وجملتها خمسة:
- اللفظ الأول: "اليل"، نحو:{وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} 1، وهو كثير في القرآن.
- اللفظ الثاني: "الائي"، وقد وقع في أربعة مواضع:
موضع في "الأحزاب"، وموضع في "المجادلة"، وموضعان في "الطلاق".
- اللفظ الثالث: "التي". نحو: {الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} 2. وهو كثير في القرآن.
- اللفظ الرابع: "اللاتي" نحو: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} 3. وهو كثير أيضًا.
- اللفظ الخامس: "الذي" بأي لفظ يأتي من مفرد ومثنى وجمع نحو: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} 4 {وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} 5 {أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} 6.
واعلم أن ما ذكره الناظم من ترجيح حذف اللام الثانية في الألفاظ المذكورة هو مختار أبي عمرو.
وأما أبو داود فاختار حذف اللام الأولى، فإذا ضبطت الألفاظ المذكورة على مختار أبي عمرو لم يجعل على اللام المرسومة فتحة، ولا شد ولا تلحق الألف التي بعدها في:"اللائي" و: "اللاتي". لفقد المفتوح المشدد الذي شأنه، أن تلحق الألف معه، وإذا ضبطت على مختار أبي داود فعلى العكس، وبمختار أبي عمرو جرى عملنا، وفهم من
1 سورة البقرة: 2/ 164.
2 سورة البقرة: 2/ 24.
3 سورة النساء: 4/ 15.
4 سورة البقرة: 2/ 21.
5 سورة النساء: 4/ 16.
6 سورة فصلت: 41/ 29.
اقتصار الناظم على حذف إحدى اللامين في الألفاظ الخمسة، أن ما عدها من الألفاظ التي فيها لامان متصلتان وارد على الأصل الذي هو ثبوتهما معا، وهو كذلك باتفاق المصاحف نحو:"الله". و: "اللهم"، و:"اللطيف". و: "اللؤلؤ"، و:"اللمم". و: "اللهو". و: "اللعب". و: "اللغو". و: "اللوامة". و: "اللعنة". و: "اللاعنون". و: "واللات والعزى" و: "من اللاعبين".
نعم سكت الناظم عما جرى به العمل على مذهب النحاة من حذف إحدى اللامين من اسم الجلالة إذا جر باللام نحو: {لِلَّهِ الْأَمْرُ} 1. لعدم ذكر أئمة الرسم له
…
وأما ألف بتشديد اللام فإنما يرسم بلام واحدة، وسكت عنه الناظم بمجيئه على الأصل فيه إذ فعل ماض، قال أبو داود في "التنزيل" في سورة "الأنفال"، وألف بلام واحدة، ولا يجوز غير ذلك إذ هو فعل، وإنما قيدته؛ لأني رأيت كثيرا من كتاب المصاحف وغيرها قد رسموه بلامين جعلوها مثل: الألف واللام اللتين تلاخلان للتعريف في "اللهو"، و"اللعب"، وشبهها.
ومثل: "ألف": "ألفت" و: "لا تكلف"، وشبهها.
مما اللام الأولى فيه، والثانية من كلمة واحدة تحقيقا.
تنبيه: الألفاظ الخمسة التي حذف منها كتاب المصاحف إحدى اللامين هي ما تنزلت فيه: أل منزلة الجزء للزومها لها إلا لفظ: "اليل". واقتصارهم على تلك الألفاظ الخمسة أوضح دليل على أنهم أجروها مجرى باب: "مد" و: "رد". في الرسم المدغم والمدغم فيه بحرف واحد، ولا يعكر عليه إثباتهم اللامين في اللات لإجرائهم له لما قل دوره على الأصل، الأترى إلى لفظ "اليل". حذفوا منه اللام مع أنه لم تتنزل "أ" منزلة، الجزء منه حين كثر دوره وتماثل أكثر حروفه.
1 سورة الروم: 30/ 4.