الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الواو المعوض به عن الألف:
ثم قال:
وهاك واوا عوضا من ألف
…
قد وردت رسما ببعض أحرف
أي: خذ واوا في الرسم عوض من ألف في اللفظ قد وردت تلك الواو في الرسم عن كتاب المصاحف ببعض أحرف، أي: في بعض كلمات، وهذا من الناظم شروع في القسم الثاني من قسمي الألف المنقلب عن واو بعد فراغه من القسم الأول منهما، وكلا القسمين جاء على خلاف الأصل في الرسم، وذلك أن الأصل، والغالب في الألف المنقلب عن واو أن يرسم ألفا كما تقدم وقد تعرض الناظم، لما خرج عن الأصل وهو قسمان: قسم رسم ياء عوضا عن ألف، وهو القسم الأول الذي تقدم في الترجمة المفروغ منها، وقسم رسم واوا عوضا عن ألف، وهو القسم الثاني الذي عقد له هذه الترجمة، وهذا هو النوع الثاني من نوعي الإبدال الرسمي المتقدمين في شرح قوله:"وهاك ما بألف قد جاء". البيت.
ثم قال:
والواو في منوة والنجوة
…
وحرفي الغدوة مع مشكوة
وفي الربوا وكيفما الحيوة
…
أو الصلوة وكذا الزكوة
أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الواو رسمت عوضا من الألف في ثمانية ألفاظ، وهي في ترتيب الناظم:{وَمَنَاةَ} 1 و {النَّجَاةِ} 2، و {بِالْغَدَاةِ} 3، و {كَمِشْكَاةٍ} 4، و {الرِّبا} 5 و {الْحَيَاةُ} 6 و {الصَّلاةَ} 7، و {الزَّكَاةَ} 8، كيفما وقعت الثلاثة الأخيرة، وسيأتي للناظم لفظ تاسع فيه خلاف، وهو من "ربى" في الروم.
أما "منواة" ففي "النجم": {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} 9. وهو اسم صنم، واستثناؤه من ذوات الواو على قراءة نافع مبني على أصل ألفه واو، وقد حكى
بعض العلماء فيه اختلافا.
1 سورة النجم: 53/ 20.
2 سورة غافر: 40/ 41.
3 سورة الأنعام: 6/ 52.
4 سورة النور: 24/ 35.
5 سورة البقرة: 2/ 275.
6 سورة البقرة: 2/ 85. وهو كثير.
7 سورة البقرة: 2/ 3. وو كثير.
8 سورة البقرة: 2/ 43. وهو كثير.
9 سورة النجم: 53/ 20.
وأما "النجوة" ففي "غافر": {مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} 1، وألفه منقلبة عن واو؛ لأنه تقول في الماضي: نجوت، وفي المضارع أنجو.
وأما "الغدوة" ففي "موضعين": موضع في "الأنعام"، وهو:{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} 2، ومثله في "الكهف"، وإليها أشار بقوله، وحرفي "الغداوة" أي وكلمتي "الغدوة" في الموضعين، وقد قرأهما ابن عامر بضم الغين، وإسكان الدال بعدها واو مفتوحة وألف:"غدوة" منقلبة واو وأصلها "غدوة" بفتح الواو، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
وما "مشكوة" ففي "النور": {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} 3، والمشكوة الغير النافذة وقد قيل: أن أصل ألفها الواو وأنها من شكوت، ولكن صيرت الزيادة في أوله من ذوات الياء، فاستثناؤه من ذوات الواو مشكل.
وأما "الربوا" فنحو: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا} 4، وقد وقع في سبعة مواضع خمسة في "البقرة" وواحد في "آل عمران"، وواحد في "النساء"، وألفه منقلبة عن واو؛ لأنه مصدر ربوت أربو، ومعناه الزيادة.
وأما "الحيوة"، و"الصلوة" كيفما وقعت هذه الثلاثة من تعريف بأل أو بالإضافة أو تنكير فنحو:{إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} 5، {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} 6، ونحو:{وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} 7، و {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} 8. {مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ} 9، {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ} 10 {خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} 11، وسيأتي قريبا الخلاف في المضاف منها إلى الضمير، واستثناء ألف: {الْحَيَاةِ} 12 من ذوات الواو مبني على مذهب من يقول: أن أصله واو ودليله ظهورها في: {الْحَيَوَانُ} 13.
1 سورة غافر: 40/ 41.
2 سورة الأنعام: 6/ 52.
3 سورة النور: 24/ 35.
4 سورة البقرة: 2/ 275.
5 سورة البقرة: 2/ 85.
6 سورة البقرة: 2/ 96.
7 سورة البقرة: 2/ 3.
8 سورة البقرة: 2/ 43.
9 سورة النور: 24/ 58.
10 سورة النور: 24/ 58.
11 سورة الكهف: 18/ 81.
12 سورة البقرة: 2/ 85.
13 سورة العنكبوت: 29/ 64.
وأما "الصلوة" فجمعها على صلوات دليل على أن ألفها منقلب عن واو، ودليل كون الألف في:"الزكوة" أصله الواو، أنها مصدر زكوت أزكو، ووجه رسم هذه الألفاظ بالواو التنبيه على أصلها مع الإشارة إلى أن بعض العرب يميل بلفظ الألف إلى الواو، وإن كانت لغة غير فصحي لم يقرأها.
وقوله: "الحيوة" فاعل بفعل محذوف بعد "كيفما" تقديره وقع، و"الصلوة" عطف على:"الحيوة"، وأو بمعنى الواو.
ثم قال:
ما لم تضفهن إلى ضمير
…
فألف والثبت في المشهور
لما ذكر أن الكلمات الثلاث الأخيرة، وهي:{الْحَيَاةِ} 1 و {الصَّلاةَ} 2 و {الزَّكَاةَ} 3. رسم ألفها واوا كيفما وقعت أخرج من ذلك ما أضيف إلى ضمير، فما من قوله: "ما لم تضفهن"، مصدرية ظرفية والضمير في: "لم يضفهن" يعود على الكلمات الثلاث في آخر البيت السابق، أي: محل رسمها بالواو ما لم تضفهن إلى ضمير، أي: مدة عدم نطقك بهن مضافة إلى ضمير، فإن أضفتهن إلى ضمير، فإنهن لا يرسمن بالواو بل بألف ثابتة في الوجه المشهور وهو الأكثر، والوجه الغير المشهور حذف الألف فيهن، وهو الأقل، فمثال كلمة: {الْحَيَاةِ} مضافة إلى الضمير: {حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} 4 {فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} 5 {قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} 6.
ومثال كلمة "الصلوة" مضافة إلى الضمير: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} 7 {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ} 8، {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} 9 {قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ} 10.
ولم تقع كلمة "الزكوة" مضافة في القرآن، فتحصل أن ما عرف بأل من هذه الكلمات، أو أضيف إلى ظاهر منها يرسم بالواو من غير خلاف، وأن ما أضيف منها إلى ضمير فيه خلاف، والمشهور رسمه بألف ثابتة وعليه العمل.
1 سورة البقرة: 2/ 85.
2 سورة البقرة: 2/ 3.
3 سورة البقرة: 2/ 43.
4 سورة الأنعام: 6/ 29.
5 سورة الأحقاف: 46/ 20.
6 سورة الفجر: 89/ 24.
7 سورة الأنعام: 6/ 162.
8 سورة الأنفال: 8/ 35.
9 سورة الإسراء: 17/ 110.
10 سورة النور: 24/ 41.
وأما ما كان منها منكرا نحو: {حَيَاةً طَيِّبَةً} 1 و {زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} 2 فمقتضى كلام الناظم أنه لا خلاف في رسمه بالواو، ويفهم من كلام أبي عمرو في "المقنع" أن فيه خلافا، والعمل عندنا على رسمه بالواو، وقوله: فألف مبتدأ حذف خبره تقديره فيهن، وقوله: الثبت خبر مبتدأ محذوف أي: وحكمه الثبت.
ثم قال:
وبعضهم في الروم أيضا كتبا
…
واوا بقوله تعالى من ربا
مع ألف كرسمهم سواه
…
كذا امرؤا وكهم رواه
أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بالخلاف عن كتاب المصاحف في: {مِنْ رِبًا} 3 من قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} 4 في "الروم"، فبعضهم كتب ألفه واوا مع زيادة ألف بعدها يعني، وغير ذلك البعض كتبه ألفا كغيره من المقصور الواوي، ولم يرجح الشيخان واحدا منهما، والعمل عندنا على رسمه بألف ثابتة بعد الباء، ثم شبه بزيادة الألف في هذه الكلمة زيادة كتاب المصاحف الألف بعد الواو في رسمهم غيره من كلمات:{الرِّبا} 5؛ لأنه قدم أن ألفه كتبت واوا، فالألف التي كتبها الرسام بعدها متعينة للزيادة ثم شبه أيضا بكلمات:{الرِّبا} 6 في زيادة الألف بعد الواو كلمة: {امْرُؤٌ} 7 في "النساء"، وذلك أن همزتها صورت واوا على قياس المتطرفة بعد حركة، فالألف المكتوبة بعدها متعينة للزيادة أيضًا، قال الناظم، "وكلهم رواه" يعني روى رسم الألف بعد الواو في كلمات:{الرِّبا} 8 غير المنكر، وفي كلمة:{امْرُؤٌ} 9، وإنما قال:"وكلهم رواه" رفعا لتوهم أن زيادة الألف في ذلك إنما هي عن بعض كتاب المصاحف ككلمة: {رِبًا} 10 المنكر.
واعلم أن الناظم لما ذكر زيادة الألف في: {الرِّبا} 11 استطرد زيادتها في: {امْرُؤٌ} 12، وكان الأنسب بها بعض الفصول المتقدمة كفصل زيادة الألف ووجه
1 سورة النحل: 16/ 97.
2 سورة الكهف: 18/ 81.
3 سورة الروم: 30/ 39.
4 سورة الروم: 30/ 39.
5 سورة البقرة: 2/ 275.
6 سورة البقرة: 2/ 275.
7 سورة النساء: 4/ 176.
8 سورة البقرة: 2/ 275.
9 سورة النساء: 4/ 176.
10 سورة الروم: 30/ 39.
11 سورة البقرة: 2/ 275.
12 سورة النساء: 4/ 176.
زيادة الألف في: {الرِّبا} 1 و {رَبًّا} 2 حمل واوهما على واو الجمع أيضا، وهو قول أبي عمرو بن العلاء، وإما تقوية الهمزة وبيانها، وهو قول الكسائي.
ثم قال:
باب حروف وردت بالفصل
…
في رسمها على وفاق الأصل
أي هذا باب بيان حروف، أي: كلمات وردت في المصاحف بالفصل في رسمها والمراد بالفصل القطع، أي قطع الكلمة عما بعدها في الرسم وضد الفصل الوصل، والفصل هو الأصل، ولأصالته قال الناظم هنا:"على وفاق الأصل". فإن قلت: حيث كان الفصل هو الأصل، فكان حق الناظم أن لا يتعرض إلا لما خرج عن الأصل وهو الموصول، والجوب أنه إنما تعرض كغيره للمفصول اختصارا لقلته بالنسبة إلى الموصول، ولو تعرضوا إلى جميع ما جاء موصولا على خلاف الأصل لطال الكلام وفات الاختصار، وهذه الترجمة شروع من الناظم في مسائل الفصل، والوصل بعد فراغه من مسائل الإبدال الرسمي، وقد جعل الناظم مسائل الفصل والوصل في بابين:
- أولهما هذا الباب وقد تكلم فيه على المفصول من الكلمات، ويعلم منه أن ماله نظير منها، ولم يذكر يكتب موصولًا.
- وثانيهما الباب الذي بعده، وقد تكلم فيه على الموصول من الكلمات، ويعلم منه أن ماله نظير منها، ولم يذكر يكتب مفصولًا.
وقد ذكر في هذا الباب ستة فصول، اشتمل الفصل الثاني منها على تسعة أنواع من المقطوع، والثالث على نوعين منه، والرابع على أربعة أنواع منه، واشتمل كل فصل من الفصول الباقية على نوع منه فقط، والأنواع التي اشتمل عليها الفصل الثاني والثالث، والرابع بعضها متعدد، وبعضها متحد، وقوله: بالفصل، متعلق، بوردت، وفي رسمها، متعلق بالفصل، وقوله: على وفاق الأصل يحتمل تعلقه، بالفصل، أبو بوردت.
1 سورة البقرة: 2/ 275.
2 سورة الروم: 30/ 39.