المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس في وقته - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٤

[الحسين الشوشاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابعفي أقل الجمع

- ‌الباب الثامنفي الاستثناء

- ‌(الفصل الأول في حده:

- ‌الفصل الثاني في أقسامه

- ‌الباب التاسعفي الشروط

- ‌الفصل الثاني في حقيقته

- ‌الفصل الثالث في حكمه

- ‌الباب العاشرفي المطلق والمقيد

- ‌الباب الحادي عشرفي دليل الخطاب

- ‌الباب الثاني عشرفي المجمل والمبين

- ‌الفصل الثاني فيما ليس مجملًا

- ‌الفصل الثالث في أقسامه

- ‌الفصل الرابع في حكمه

- ‌الفصل الخامس في وقته

- ‌الفصل السادس في المبين له

- ‌الباب الثالث عشرفي فعله عليه الصلاة والسلام

- ‌الفصل الأول في دلالة فعله عليه السلام

- ‌الفصل الثاني في اتباعه عليه السلام

- ‌الفصل الثالث في تأسيه عليه السلام

- ‌الباب الرابع عشرفي النسخ

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في الناسخ والمنسوخ

- ‌الفصل الرابع فيما يتوهم أنه ناسخ

- ‌الفصل الخامس فيما يعرف به النسخ

- ‌الباب الخامس عشرفي الإجماع

- ‌الفصل الأول في حقيقته

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في مستنده

- ‌الفصل الرابع في المجمعين

- ‌الفصل الخامس في المجمع عليه

الفصل: ‌الفصل الخامس في وقته

‌الفصل الخامس في وقته

الضمير في "وقته" يعود على البيان، دل عليه سياق الفصل.

ذكر المؤلف في هذا الفصل ثلاثة (1) مسائل، وهي:

تأخير البيان عن وقت الحاجة، وتأخير البيان إلى وقت الحاجة، وتأخير ما يوحى إليه عليه السلام إلى وقت الحاجة.

قوله: (من جوز تكليف ما لا يطاق، جوز تأخير البيان عن وقت الحاجة).

ش: هذه هي المسألة الأولى، وهي جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة (2).

قال الغزالي في المستصفى (3): لا خلاف أنه لا يجوز تأخير البيان عن

(1) التذكير هنا أولى كما سبقت الإشارة في عدة مواضع.

(2)

انظرها في: العدة لأبي يعلى 3/ 724، والمعتمد 1/ 342، والبرهان فقرة 77، وروضة الناظر ص 185، والمسودة ص 181، واللمع للشيرازي ص 159، والمستصفى 1/ 368، والمحصول 1/ 3/ 279، وشرح العضد 2/ 164، وإحكام الآمدي 3/ 32، وجمع الجوامع وحواشيه 2/ 69، وتيسير التحرير 3/ 174، وفواتح الرحموت 2/ 49، والفصول للباجي 1/ 256، والإبهاج 2/ 234، وشرح القرافي ص 282، وشرح المسطاسي ص 34، وشرح حلولو ص 239.

(3)

من أجمع كتب أصول الفقه، ألفه الغزالي بعد أن تمكن من العلم، فجاء فيه بعلم غزير وترتيب بديع، طبع مع فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت بالمطبعة الأميرية ببولاق سنة 1325، ومنذ ذلك الحين وهو يصور، ولم يحظ بمن يحققه ويدققه.

ص: 351

وقت الحاجة إلا على مذهب من يجوز تكليف المحال (1) وهو تكليف ما لا يطاق.

قال القاضي عبد الوهاب في الملخص: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأن تأخيره يمنع وقوع الفعل، وذلك من باب تكليف ما لا يطاق، وهو التكليف بفعل لا تعلم صفته.

وقال الباجي: لا خلاف بين الأمة أنه لم يرد في الشرع تأخير البيان عن وقت الحاجة (2).

قوله: (من جوز تكليف ما لا يطاق جوز تأخير البيان عن وقت الحاجة (3) إِليه، وهو التكليف بفعل لا تعلم صفته) يعني: ومن منع تكليف ما لا يطاق منع تأخير البيان عن وقت الحاجة باتفاق في المسألتين.

سبب الخلاف إذًا في جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة: هو الخلاف في جواز تكليف ما لا يطاق. / 230/

من جوزه جوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ومن منع ذلك منع هذا.

فحصل من كلامه: أن في تأخير البيان عن وقت الحاجة قولين: الجواز، والمنع.

مثال هذه المسألة: أن يقول الله تعالى في رمضان مثلًا: {فَإِذَا انْسَلَخَ

(1) انظر: المستصفى للغزالي 1/ 368.

(2)

انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 256.

(3)

إلى هنا انتهى كلام المتن، وما بعده إلى قوله: "يعني

" إلخ ليس من كلامه فليعلم، وجملة: "وهو التكليف بفعل لا تعلم صفته"، من كلام القاضي عبد الوهاب في الملخص كما مر فلا أدري لِمَ جعلها المؤلف مع كلام الماتن؟

ص: 352

الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (1).

فرمضان وقت الخطاب، وأول صفر وقت الحاجة، من جوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو أول صفر، قال: يجوز البيان بعد أول صفر (2)، ومن منع تأخير البيان عن وقت الحاجة، قال: يجب البيان في أول صفر.

والبيان مثلًا قوله عليه السلام: "نهيت عن قتل النساء والصبيان".

قوله: (وتأخيره عن وقت الخطاب إِلى وقت الحاجة جائز عندنا، سواء كان للخطاب (3) ظاهر (4) أريد (5) خلافه، أو (6) لم يكن، خلافًا لجمهور (7)، المعتزلة (8) إِلا في النسخ (9)، ومنع أبو الحسين منه فيما له ظاهر أريد خلافه، وأوجب تقديم البيان الإِجمالي دون التفصيلي بأن تقول (10): هذا الظاهر ليس مرادًا).

ش: هذه هي المسألة الثانية (11)، وهي تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة.

(1) سورة التوبة آية رقم 5.

(2)

انظر: شرح القرافي ص 282.

(3)

"الخطاب" في الأصل وش.

(4)

"ظاهرا" في الأصل وش.

(5)

"وأريد" في أوش.

(6)

"وان" في أ.

(7)

"للجمهور" في أ.

(8)

"من المعتزلة" في أ.

(9)

في ش زيادة ما يلي: "لأنهم وافقوا على النسخ".

(10)

"يقول" في ش وخ.

(11)

انظرها في: العدة 3/ 725، والمعتمد 1/ 342، والمحصول 1/ 3/ 280، والبرهان فقرة 77، 78، والإحكام للآمدي 3/ 32، التمهيد للإسنوي ص 429، وروضة الناظر ص 185، والتبصرة للشيرازي ص 207، والمستصفى 1/ 368، =

ص: 353

ذكر المؤلف فيها ثلاثة أقوال:

أحدها: الجواز مطلقًا، وهو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية (1).

القول الثاني: المنع مطلقًا، وهو مذهب أبي بكر الأبهري من المالكية (2) ، والجمهور من المعتزلة (3) والحنفية (4) والظاهرية (5).

= واللمع للشيرازي ص 159، والوصول لابن برهان البغدادي 1/ 123، ونهاية السول 2/ 532، والفقيه والمتفقه 1/ 122، وتيسير التحرير 3/ 174، وجمع الجوامع وحواشيه 2/ 69، والإبهاج 2/ 234، والإحكام لابن حزم 1/ 75، وإحكام الفصول للباجي 1/ 256، وأصول ابن مفلح 2/ 585، وشرح القرافي ص 283، والمسطاسي ص 35، وحلولو ص 239.

(1)

ذهب إليه جماهير علماء المذاهب الثلاثة، فمن المالكية: القاضي الباقلاني، والقاضي عبد الوهاب، وابن خويز منداد، ورواه ابن بكير عن مالك.

ومن الشافعية: ابن سريج، وأبو سعيد الإصطخري، والقفال، وأبو إسحاق الشيرازي، ونقله عن الشافعي القاضي أبو بكر في التقريب.

ومن الحنابلة: أبو يعلى، وابن عقيل، وأبو الخطاب، وابن قدامة، ونسبه المجد في المسودة لأكثر الأصحاب. وعلى هذا القول جماهير الأصوليين كالرازي ومن تبعه.

انظر: التبصرة ص 207، والتمهيد للإسنوي ص 429، وشرح الكوكب المنير 3/ 453، والمسودة ص 178، والإبهاج 2/ 235، وأصول ابن مفلح 2/ 585، والفصول للباجي 2/ 256.

(2)

انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 257.

(3)

انظر: المعتمد 1/ 342، والبرهان فقرة 78، وقد استثنى المعتزلة النسخ كما مر.

(4)

نسب لهم في إحكام الفصول للباجي 1/ 257، والعدة 3/ 725، وإحكام الآمدي 3/ 23، والحق أن كثيرًا من الحنفية قالوا بالجواز، انظر: تيسير التحرير 3/ 174.

(5)

نص ابن حزم في الإحكام على الجواز فانظره ص 1/ 75.

وقد نسب المنع للظاهرية: أبو يعلى في العدة 3/ 725، وصاحب الروضة ص 186، والآمدي في الإحكام 3/ 32، وابن مفلح في أصوله 2/ 585.

ص: 354

وإليه ذهب أبو إسحاق المروزي (1)(2)، وأبو بكر الصيرفي، من الشافعية (3)(4).

القول الثالث: بالتفصيل لأبي الحسين بين المجمل (5) والعام، فيجوز تأخير البيان في المجمل ولا يجوز تأخيره في العام، بل يجب فيه تقديم البيان الإجمالي دون التفصيلي، وهو أن يقول: هذا الظاهر ليس مرادًا (6).

فهذه ثلاثة أقوال (7).

(1) أبو إسحاق: إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزي الشافعي، أخذ العلم عن ابن سريج وبرع فيه فتصدر العلم بعده، وأقام دهرًا طويلًا يُدرَس ويصنف، وفي آخر عمره انتقل إلى مصر وبها توفي سنة 340 هـ، له شرح على مختصر المزني وكتاب الفصول في معرفة الأصول، وكتاب الخصوص والعموم.

انظر: الوفيات 1/ 26، وتاريخ بغداد 6/ 11، والفهرست ص 299.

(2)

انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 257، والإحكام للآمدي 3/ 32، وتيسير التحرير 3/ 174.

(3)

انظر: الفصول للباجي 1/ 257، وإحكام الآمدي 3/ 32، وتيسير التحرير 3/ 174.

(4)

وبه قال أبو بكر عبد العزيز وأبو الحسن التميمي وجمع من الحنابلة. انظر: العدة 3/ 725، وأصول ابن مفلح 2/ 585.

(5)

"الجمل" في الأصل وهو تصحيف.

(6)

انظر: المعتمد 1/ 343، 348.

(7)

في المسألة أقوال أخرى لم يذكرها المؤلف هنا منها:

1 -

جواز التأخير فيما لا ظاهر له كالمجمل، ومنعه فيما له ظاهر كالعام، وبه قال الكرخي وجماعة من الحنفية.

2 -

عكس القول السابق حكاه الإبياري في شرح البرهان.

3 -

جوازه في النسخ وامتناعه فيما عداه، قاله الجبائي.

فانظر تفصيل الأقوال في: الإبهاج 2/ 235 - 237، والمعتمد 1/ 342، وشرح حلولو ص 239، 240، وجمع الجوامع 2/ 69، وإرشاد الفحول ص 174.

ص: 355

ومثال هذه المسألة وهي تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة: أن يقول الله تعالى مثلًا في شهر رمضان: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (1) فوقت الخطاب هو رمضان، ووقت الحاجة هو أول صفر.

هل يجوز تأخير البيان، وهو قوله عليه السلام:"نهيت عن قتل النساء والصبيان" من رمضان إلى أول صفر أو لا يجوز تأخيره؟ محل الخلاف.

حجة القول المشهور بالجواز: أن أكثر أدلة الشريعة وردت مجملة ثم ورد بيانها بعد ذلك (2).

مثال ذلك: قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (3) بينه النبي عليه السلام بفعله، وقال:"صلوا كما رأيتموني أصلي".

وقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (4) بينه النبي عليه السلام بقوله: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة"، وبقوله:"ليس في أقل من خمس أواق صدقة"، وبقوله:"في كل أربعين شاة شاة"، وبقوله: "ليس فيما دون

(1) سورة التوبة آية رقم 5.

(2)

انظر: شرح الكوكب المنير 3/ 453، والمستصفى 1/ 371، والمعتمد 1/ 356، والإحكام للآمدي 3/ 41، والمسطاسي ص 35.

(3)

سورة الأنعام آية رقم 72.

(4)

هي في: سورة البقرة: 43، 83، 110 بفعل الأمر، 277 بالفعل الماضي، وفي سورة النساء: 77 بالأمر، وفي سورة التوبة: 5 بالماضي، و11 بالماضي، وفي سورة الحج: 41 بالماضي، و78 بالأمر، وسورة النور: 56 بالأمر، وسورة المجادلة: 13 بالأمر، وسورة المزمل: 20 بالأمر.

ص: 356

خمس من الإبل صدقة" (1)، وبقوله: "في كل ثلاثين من البقر تبيع" (2)، وبقوله: "فيما سقت السماء العشر"، وغير ذلك.

وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (3) الآية، بينه النبي عليه السلام بقوله:"لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل".

وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (4) بينه النبي عليه السلام بفعله وقال: "خذوا عني مناسككم".

وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (5) بينه النبي عليه السلام بقوله: "لا قطع فيما دون ربع دينار"، وبقوله:"ولا قطع في ثمر معلق ولا في الجمار في النخل"(6).

(1) هذه جزء من حديث رواه البخاري عن أبي سعيد مرفوعًا فانظره في كتاب الزكاة برقم 1405، 1447، ورواه مسلم أيضًا في الزكاة برقم 979، 980، وأكثر الروايات جاء بلفظ:"وليس فيما دون خمس ذود صدقة". وانظر: سنن النسائي 5/ 37.

(2)

ورد من حديث معاذ حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، قال معاذ: فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة

الحديث. أخرجه أصحاب السنن في كتاب الزكاة فانظره في الترمذي برقم 623، والنسائي 5/ 26، وفي أبي داود برقم 1576، وفي ابن ماجه برقم 1803، وروي مرفوعًا من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة، أخرج هذا الترمذي في الزكاة برقم 622، وابن ماجه في الزكاة أيضًا برقم 1804.

(3)

سورة البقرة آية رقم 183.

(4)

سورة آل عمران آية رقم 97.

(5)

سورة المائدة آية رقم 38.

(6)

لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ومعناه صحيح وارد في عدة أحاديث، فالثمر المعلق ورد في الحديث الذي رواه النسائي في باب قطع السارق 8/ 84، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: في كم تقطع اليد؟ فقال: "لا تقطع اليد في ثمر معلق، فإذا ضمه الجرين

" الحديث. =

ص: 357

وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (1) بينه النبي عليه السلام بقوله: "لا يقتل والد بولده"(2)، وبقوله:"لا يقتل مؤمن بكافر".

وقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (3) بينه النبي عليه السلام بقوله: "لا تنكح امرأة على عمتها ولا على خالتها".

وقوله تعالى: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} (4) بينه الله تعالى بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} (5) الآية.

وكذلك قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (6) بينه عليه السلام أن المراد بذوي القربى بنو هاشم وبنو عبد المطلب (7) ........................

= وورد الثمر والجمار في حديث رافع بن خديج وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا قطع في ثمر ولا كُثْر"، قالوا: الكثر هو الجمار، فانظره في النسائي 8/ 88، والترمذي برقم 1449، وأبي داود برقم 4388، وابن ماجه برقم 2593، وروى ابن ماجه هذا اللفظ أيضًا من حديث أبي هريرة برقم 2594.

(1)

سورة البقرة آية رقم 178.

(2)

هو بهذا اللفظ عند أحمد عن عمر مرفوعًا 1/ 49، ورواه ابن ماجه عن عمر بلفظ:"لا يقتل الوالد بالولد" فانظره برقم 2662، ورواه الترمذي بهذا اللفظ عن ابن عباس برقم 1401، وانظره عن ابن عباس في ابن ماجه برقم 2661.

(3)

سورة النساء آية رقم 3.

(4)

سورة التوبة آية رقم 41.

(5)

سورة الفتح آية رقم 17.

(6)

سورة الأنفال آية رقم 41.

(7)

كان هذا في غزوة خيبر؛ حيث قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، فكلمه جبير بن مطعم وعثمان بن عفان في ذلك، فقال عليه السلام: "أنا وبنو المطلب

" الحديث. =

ص: 358

(1)

، وقال عليه السلام:"أنا وبنو المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام، ولم نزل هكذا" وشبك بين أصابعه (2).

وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (3)، أراد بقرة معينة، قاله الغزالي (4)، ولم يبينها إلا بعد السؤال عنها.

فهذا كله يدل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة.

وحجة القول بمنع تأخير البيان عن وقت الخطاب: أن تأخيره يؤدي إلى وقوع العبد في المفسدة (5)، وهو جهله بما كلف به؛ لأن الجهل مفسدة إجماعًا، ويستحيل على الله تبارك وتعالى أن يوقع عبده في مفسدة، فلا يؤخر البيان عن وقت الخطاب نفيًا لهذه المفسدة. قاله المعتزلة (6).

= فانظر: صحيح البخاري كتاب فرض الخمس رقم 3140، والنسائي 7/ 130، 135، وسنن أبي داود كتاب الإمارة، الأحاديث رقم 2978، 2979، 2980.

(1)

الصواب بنو المطلب؛ لأن بني عبد المطلب من بني هاشم، وأما المطلب فهو أخو هاشم. انظر: سيرة ابن هشام 1/ 106.

(2)

لم أجد نص الحديث وورد معناه في النسائي 7/ 31.

وعزا هذه الرواية ابن حجر في الفتح إلى ابن إسحاق ولفظها عنده: "أنا وبنو المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيء واحد وشبك بين أصابعه". انظر: الفتح 6/ 245.

وانظر تخريج الحديث السابق، وقد أورد الحديث بهذا اللفظ الغزالي في المستصفى 1/ 371 فلعله مصدر المؤلف.

(3)

سورة البقرة آية رقم 67.

(4)

انظر: المستصفى 1/ 371.

(5)

في الصلب: "الفساد"، وقد صححت في الهامش كما أثبتها.

(6)

انظر: المعتمد لأبي الحسين 1/ 343، والعدة لأبي يعلى 3/ 730، والمستصفى 1/ 377، والتبصرة ص 210، وروضة الناظر ص 186، وشرح العضد 2/ 66، وشرح القرافي ص 283، والمسطاسي ص 35.

ص: 359

أجيب عن هذا: بأن الله تبارك وتعالى له أن يفعل في ملكه ما يشاء: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (1) قاله أهل السنة (2).

وحجة أخرى للقول بالمنع أيضًا: أن الخطاب بالمجمل من غير بيان بمنزلة خطاب الميت، فلا يجوز كما لا يجوز خطاب الميت.

وذلك لاشتراكهما في الجهل بمراد الآمر مثلًا؛ لأن الميت لا يفهم المراد من الخطاب، وكذلك الحي إذا خوطب بالمجمل فلا يفهم المراد منه (3).

أجيب عن هذا: بأن قيل: قياس الخطاب بالمجمل على خطاب الميت إما أن يكون ذلك على تقدير حياته أو على تقدير مماته، فإن كان على تقدير حياته، فنحن نقول به لأنا نجوز خطاب المعدوم على تقدير وجوده، وإن كان ذلك على تقدير مماته فالفرق بينهما أن الحي يحصل له البيان في المستقبل بخلاف الميت (4).

وحجة القول بالتفصيل لأبي الحسين بين ما ليس له ظاهر أريد خلافه وما له ظاهر أريد خلافه:

أن ما لا ظاهر له كاللفظ المشترك، فقال أبو الحسين: أجوز (5) على الله تعالى إيقاع عبده في الجهل البسيط لخفته ولا بأس به/ 231/؛ لأنه من لوازم

(1) سورة الأنبياء آية رقم 23.

(2)

انظر: الأحكام لابن حزم 1/ 75، وشرح القرافي ص 283، والمسطاسي ص 35.

(3)

انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 259، وشرح المسطاسي ص 36.

(4)

انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 259، وشرح المسطاسي ص 36.

(5)

هذه العبارة مبنية على جواز التحسين والتقبيح العقلي وبه تقول المعتزلة.

ص: 360

العبد؛ إذ لا يعرى منه بشر (1).

وأما ما له ظاهر، كالعام الذي أريد به الخاص إذا تأخر بيانه عن وقت الخطاب، فإن السامع يعتقد أن الخاص ليس مراد الله تعالى لظهور اللفظ في إرادة العموم دون الخصوص، وذلك جهل مركب.

فقال أبو الحسن: لا أجوز على الله تعالى إيقاع عبده في الجهل المركب لفرط قبحه ولإمكان السلامة منه، فيجب تعجيل البيان الإجمالي بأن يقول الله تعالى: هذا الظاهر ليس مرادًا، فيذهب الجهل المركب ويبقى البسيط فقط، فيتأخر بيانه التفصيلي إلى وقت حاجة (2)(3).

قال المؤلف في الشرح: وأما اتفاقهم معنا على جواز تأخير البيان بالنسخ؛ لأن النسخ يستحيل أن يقع إلا مؤخرًا؛ لأن التأخير من ضروريات النسخ، فإنه لو عجل بيانه في وقت الخطاب، مثل أن يقول الله تعالى: سأنسخ عنكم وقوف الواحد للعشرة في الجهاد بعد سنة لكان ذلك من باب المُغيَّا بالغاية لا من باب النسخ كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (4)، فمن ضرورة النسخ تأخير البيان فيه، فلذلك وافقونا عليه بخلاف غير النسخ من البيانات ليس من ضرورته تأخير البيان (5).

قوله: (ومنع أبو الحسين منه فيما له ظاهر أريد خلافه)، أي كالعام إذا

(1) انظر: المعتمد لأبي الحسين 1/ 347، والمحصول 1/ 3/ 281.

(2)

كذا في الأصل ولو قال: حاجته، لكان أحسن.

(3)

انظر: المعتمد 1/ 343، 346، والمحصول 1/ 3/ 281، وشرح القرافي ص 283.

(4)

سورة البقرة آية رقم 187.

(5)

انظر: شرح القرافي ص 283، وفي النقل تصرف.

ص: 361

أريد به خصوصه، وكالمطلق إذا أريد به تقييده، وكالحقيقة إذا أريد مجازها.

مثال الأول: اقتلوا المشركين، ويريد الرجال الحربيين.

ومثال الثاني: أكرم رجالًا، ويريد العلماء.

ومثال الثالث: اضرب الأسد، ويريد الرجل الشجاع.

قوله: (وأوجب تقديم البيان الإِجمالي).

مثاله: أن يقول: هذا الظاهر ليس مرادًا، ولا يجب أن يقول: ليس مرادًا بهذا كذا وكذا، معينًا بالبيان التفصيلي، وإنما بينه بيانًا إجماليًا، مثل قوله: الظاهر غير مراد، أو يقول: المراد به الخصوص، أو المراد به التقييد، أو المراد به المجاز، من غير تعيين ذلك الخصوص، ولا تعيين ذلك التقييد، ولا تعيين ذلك المجاز (1).

قوله: (ويجوز له عليه السلام تأخير ما يوحى إِليه إِلى وقت [الحاجة])(2).

ش: هذه هي المسألة الثالثة (3)، وهي: تأخير النبي عليه السلام ما

(1) انظر: المعتمد 1/ 346، 347، والمحصول 1/ 3/ 281.

(2)

ساقط من أ.

(3)

راجع المسألة في: المعتمد 1/ 341، والعدة 3/ 732، والإبهاج 2/ 245، والإحكام لابن حزم 1/ 75، وتيسير التحرير 3/ 173، ونهاية السول 2/ 540، والإحكام للآمدي 3/ 48، وفواتح الرحموت 2/ 49، وشرح الكوكب المنير 3/ 453، وإحكام الفصول للباجي 1/ 259، والمحصول 1/ 3/ 327، وشرح القرافي ص 285، وشرح المسطاسي ص 37، وشرح حلولو ص 240.

ص: 362

يوحى به إليه إلى وقت الحاجة، وهي تفريع على القول بمنع تأخير البيان عن وقت الخطاب؛ لأن المانعين لتأخير البيان عن وقت الخطاب اختلفوا في جواز تأخير تبليغ ما يوحى به إلى النبي عليه السلام من أحكام العبادات إلى وقت الحاجة إليه.

والقول المشهور الذي عليه المحققون: جوازه؛ إذ لا يلزم من فرضه محال (1).

حجة هذا القول المشهور: أن التبليغ يقتضي المصلحة، فقد تكون المصلحة في التعجيل، وقد تكون في التأخير (2)، فلو أوحي إلى النبي عليه السلام بقتال (3) أهل مكة بعد سنة، لكانت المصلحة تقتضي تأخير ذلك لئلا يستعد العدو للقتال ويعظم الفساد، ولأجل ذلك لما أراد عليه السلام قتالهم، قطع عنهم الأخبار، وسد دونهم الطريق حتى دهمهم (4).

يقال: دهِمتهم (5) الخيل، إذا غشيتهم وجاءتهم بغتة، ويقال: دهَمتهم بفتح الهاء أيضًا، والكسر أفصح (6)، فكان دهمه إياهم سبب أخذهم

(1) انظر: الإحالات على المراجع في صدر المسألة.

(2)

انظر: المحصول 1/ 3/ 328، والإحكام للآمدي 3/ 48، والإبهاج 2/ 245، وتيسير التحرير 3/ 173، وشرح القرافي ص 285، والمسطاسي ص 37.

(3)

في الأصل: "بقتل"، ولعل الناسخ أسقط الألف كما يفعل كثيرًا في بعض الكلمات ككتاب ونحوها.

(4)

يدل على هذا قصة كتاب حاطب بن أبي بلتعة وقد خرجها البخاري في كتاب المغازي برقم 4274.

وانظر: فتح الباري 7/ 520، والبداية والنهاية 4/ 282.

(5)

في الأصل: "دهمتم"، والصواب المثبت.

(6)

انظر: القاموس المحيط، مادة: دهم، قال: ودهمك كسمع ومنع غشيك.

ص: 363

وقهرهم، فلذلك يجوز التأخير في بعض الصور، بل يجب الإبلاغ (1) في بعض الصور (2).

حجة القول بمنع تأخير الإبلاغ: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (3)(4)، فظاهر الأمر يقتضي الوجوب والفور (5).

أجيب عنه: بأن كونه للوجوب والفور لا نسلمه، لأنه محل الخلاف، سلمناه، لكن لا نسلم أن ما أنزل يتناول الأحكام التي وقع النزاع فيها، لكونها ظاهرًا في إرادة القرآن؛ لأن السابق إلى الفهم معناه: بلغ القرآن (6).

قوله: (لنا: قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (7)(8) وكلمة ثم للتراخي، فيجوز التأخير وهو المطلوب).

ش: هذا دليل على المسألتين: جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، وتأخير تبليغ ما يوحى به إلى النبي عليه السلام إلى وقت الحاجة.

(1) لعل العبارة: بل يجب تأخير الإبلاغ.

(2)

انظر: شرح القرافي ص 285، والمسطاسي ص 37.

(3)

هكذا بالجمع وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي بكر.

انظر: النشر 2/ 255، وحجة القراءات لأبي زرعة ص 232.

(4)

سورة المائدة آية رقم 67.

(5)

انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 75، والإحكام للآمدي 3/ 48.

(6)

انظر: الإحكام للآمدي 3/ 48، والإبهاج 2/ 245.

(7)

سورة القيامة الآيتان رقم 18، 19.

(8)

جاء في الأصل: "ثم علينا بيانه"، وهو خطأ.

ص: 364

قوله. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} ، أي: أنزلناه (1).

وقوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ، يدل على تأخير البيان عن وقت الإنزال مطلقًا من غير تفصيل؛ لأن ثم للتراخي، وكذلك قوله:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} (2)(3).

واعترض هذا الاستدلال: بأن ثم قد تكون لغير التراخي كقوله تعالى: {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} (4)، وقوله تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (5)، فهي في هذين بمعنى الواو (6). قاله الباجي (7)(8).

الجواب: بأن استعمالها لغير التراخي مجاز، والحقيقة أولى من المجاز (9) ولكن يقال أيضًا: الأصل عدم المجاز، والأصل عدم الاشتراك، والمجاز أولى من الاشتراك (10).

(1) هذا التفسير وارد عن ابن عباس أخرجه عنه البخاري وغيره، فانظر: البخاري كتاب التفسير الحديث رقم 4929، وانظر: الدر المنثور للسيوطي 6/ 289.

(2)

سورة هود آية رقم 1.

(3)

انظر: الإحكام للآمدي 3/ 35، وروضة الناظر ص 186، والمستصفى 3/ 371.

(4)

سورة يونس آية رقم 46.

(5)

سورة طه آية رقم 82.

(6)

في الهامش من مخطوط الأصل ما يلي: انظر ثم بمعنى الواو.

(7)

انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 40.

(8)

انظر: الاعتراض في المحصول 1/ 3/ 283، والإحكام للآمدي 3/ 35، والمسطاسي ص 38.

(9)

انظر: شرح المسطاسي ص 38.

(10)

انظر: شرح المسطاسي ص 151، من مخطوط الجامع الكبير بمكناس رقم 352.

ص: 365