الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما حد الاستثناء، فقد ذكره المؤلف في هذا الفصل [الأول] (1) وهو قوله:
(الفصل الأول في حده:
وهو عبارة عن إِخراج بعض ما دل اللفظ عليه (2) ذاتًا كان أو عددًا، أو ما لم يدل عليه، وهو إِما محل المدلول، أو أمر عام، بلفظ إِلا أو ما يقوم (3) مقامه) (4)(5).
(6)
ش: هذا الحد مركب من جنس وفصلين (7) فالجنس: هو الإخراج [لأن الإخراج](8) يشمل الاستثناء والنسخ والتخصيص، والفصل الأول: هو الشيء المخرج، سواء دل عليه اللفظ أو لم يدل عليه، وإلى هذا الفصل
(1) ساقط من ز.
(2)
"عليه اللفظ" في ط وز بالتقديم والتأخير.
(3)
"وما يقوم" في ز.
(4)
"مقامها" في ز وأ وخ وش.
(5)
انظر تعريف الاستثناء في: المعتمد 1/ 219، 260، وأصول الشاشي ص 256، والعدة 2/ 659، 673، والمستصفى 2/ 163، وإحكام ابن حزم 1/ 397، والمحصول 1/ 3/ 38، وروضة الناظر ص 252، ومغني الخبازي ص 241، وإحكام الآمدي 2/ 286، والعضد على ابن الحاجب 2/ 132، والإبهاج 2/ 151، ونهاية السول 2/ 407، وجمع الجوامع 2/ 9، والتلويح 2/ 39، والمسودة ص 154، 159، 160، وقواعد ابن اللحام ص 245، 246، وتيسير التحرير 1/ 284، وتمهيد الإسنوي ص 385.
(6)
في ز زيادة ما يلي: "قوله: هو إخراج".
(7)
الجنس والنوع اصطلاحان منطقيان؛ لأنهم قسموا الذاتي إلى عام وسموه جنسًا وإلى خاص وسموه نوعًا، والفصل هو الذاتي الذي يفصل به في الحد، وسمي فصلاً لأنه يفصل بين المحدود وغيره. انظر: السلم وشرح البناني عليه ص 74 وما بعدها، والمستصفى 1/ 14 - 15، والباب الأول من هذا الكتاب صفحة 10 من مخطوط الأصل، والقواعد الكلية للأصبهاني ورقة 3 - ب "مخطوط".
(8)
ساقط من ط.
[الأول](1) أشار [المؤلف](2)[بقوله](3): "بعض ما دل (4) عليه اللفظ (5) " إلى قوله: "أو أمر عام".
والفصل الثاني: هو الشيء الذي به يكون الإخراج، وإلى هذا الفصل [الثاني] (6) أشار المؤلف بقوله:"بلفظ إلا أو ما يقوم مقامه".
قوله: (إِخراج بعض)(7)، احترازًا من النسخ؛ فإنه إخراج الكل (8).
قوله: (ما دل اللفظ عليه) يعني: دلَّ عليه بالمطابقة (9)، نحو: قام القوم
(1) ساقط من ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
"بعضها دلَّ" في ز.
(5)
"اللفظ عليه" في ط بالتقديم والتأخير.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
"بعضها" في ز.
(8)
لو قال: احترازًا من النسخ الكلي لكان أولى؛ لأن النسخ قد يكون جزئيًا كنسخ جزء العبادة أو شرطها، وليس هذا بإخراج للكل. انظر: روضة الناظر ص 81.
(9)
المطابقة: إحدى أنواع دلالة اللفظ، وذلك لأن دلالة اللفظ تنحصر في ثلاث: المطابقة، والتضمن، والالتزام، فدلالة اللفظ: فهم السامع من كلام المتكلم كمال المسمى أو جزءه أو لازمه.
فالمطابقة: فهم السامع من كلام المتكلم كمال المسمى.
والتضمن: فهم السامع من كلام المتكلم جزء المسمى.
والالتزام: فهم السامع من كلام المتكلم لازم المسمى البين وهو اللازم في الذهن، فالأولى كدلالة لفظ البيت عليه، والثانية: كدلالته على السقف، والثالثة كدلالة لفظ السقف على الجدار. انظر: روضة الناظر ص 14، والفصل الرابع من الباب الأول من هذا الكتاب صفحة 23 من مخطوط الأصل.
إلا زيدًا (1)؛ فإن زيدًا بعض القوم الذي دل عليه اللفظ بالمطابقة".
قوله: (ذاتًا كان أو عددًا)، [هذا تنويع ما دل اللفظ عليه؛ أي](2) سواء كان المستثنى ذاتًا (3)؛ أي جزءًا من المستثنى [منه](4)، أو كان عددًا؛ أي [ذا](5) آحاد (6)، فأطلق العدد على المعدود.
قوله: (أو ما لم (7) يدل [اللفظ](8) عليه) يعني: أو إخراج بعض ما لم يدل [اللفظ](9) عليه بالمطابقة ولا بالتضمن، ولكن دل عليه بالالتزام.
قوله: (وهو إِما محل المدلول أو أمر عام).
ش: الضمير (10) في قوله: وهو، يعود على المستثنى، وهذا تنويع المستثنى الذي لم يدل اللفظ [عليه](11) بالمطابقة ولا بالتضمن، فنوعه إلى نوعين: أحدهما: أن يكون محل المدلول، والثاني: أن يكون أمرًا عامًا.
(1)"زيد" في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"ذاتي" في ز.
(4)
ساقط من ط وز.
(5)
ساقط من ط وز.
(6)
"آحادًا" في ط وز.
(7)
"أو لم" في ز.
(8)
ساقط من ط وز.
(9)
ساقط من ز.
(10)
"والضمير" في ز.
(11)
ساقط من ز.
وسيأتي بيانهما الآن (1)(2).
قوله: "بلفظ إِلا أو ما يقوم مقامه".
ش: هذا هو الفصل الثاني من فصلي الحد وهو المخرج به. أي: وهو الشيء الذي يكون به (3) الإخراج، وهو أدوات (4) الاستثناء، وأراد بذلك جميع أدوات الاستثناء، وهي ثلاثة عشر، المذكورة أولاً.
قوله: (بلفظ إِلا أو ما يقوم مقامه)؛ يعني: ما يقوم مقامه من أدوات الاستثناء، واحترز بذلك من سائر أنواع التخصيص؛ كالصفة والغاية وغيرهما (5).
قوله: "فالذات (6) نحو رأيت زيدًا إِلا يده".
ش: هذا بيان النوع الأول من الفصل الأول، وهو كون المستثنى ذاتًا أي: جزءًا؛ لأن يد زيد جزء (7) مما دل عليه اللفظ، أي جزء من أجزاء زيد.
(1)"شاء الله" زيادة في ط.
(2)
محل المدلول بينه في صفحة 57 وما بعدها، والأمر العام بينه في صفحة 62 وما بعدها، فانظر الموضعين في هذا المجلد.
(3)
"به يكون" في ط.
(4)
"أدات" في الأصل.
(5)
سترى بعد قليل أن هذه العبارة وهي قوله: أو ما يقوم مقامه، غير مانعة؛ لأن المؤلف اعترض عليها في الشرح بأنها تدخل الصفة والغاية والشرط؛ حيث إن هذه تقوم بالإخراج، وليس شيء منها باستثناء.
ثم إن التعريف بهذه الصورة يعتبر دوريًا كما سيذكر الشوشاوي بعد قليل.
انظر: شرح القرافي ص 238.
(6)
"بالذات" في ط.
(7)
في ط: "لأن يدًا جزء".
قوله: (والعدد إِما متناه (1) نحو [قوله](2): عندى عشرة إِلا اثنين، أو غير متناه (3) نحو: اقتلوا المشركين إلا [أهل](4) الذمة).
ش: هذا بيان النوع الآخر من الفصل الأول وهو كون المستثنى عددًا، أطلق العدد على المعدود، يعني: أن العدد المستثنى على قسمين: محصور، وغير محصور.
مثال المحصور وهو المتناهي: عشرة إلا اثنين؛ فإن الاثنين آحادًا (5) محصورةً (6) بالعدد.
ومثال غير المحصور، وهو غير المتناهي: اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة، فإن آحاد الذميين غير محصور، أي غير متناه.
فخرج من كلامه أن الاستثناء مما دل عليه اللفظ ثلاثة أشياء، وهي: ذات، [أو عدد](7) متناه، أو عدد (8) غير متناه.
قوله: (ومحل المدلول نحو: أعتق رقبة إِلا الكفار، وَصَلِّ إِلا عند
(1)"مثناه" في ط.
(2)
ساقط من أ، وفي ش وخ:"له"، وفي ز:"قولك".
(3)
"مثناة" في ط.
(4)
ساقط من أ.
(5)
"وآحادًا" في ز، وفي هامشها:"أظن آحاد".
(6)
"محصور" في ط.
(7)
ساقط من الأصل.
(8)
"وعدد" في الأصل.
الزوال، إِذا (1) قلنا (2): الأمر ليس للتكرار، [فإن](3) الرقبة (4) أمر مشترك عام يقبل (5) التعيين (6) في محال (7) كثيرة من الأشخاص، فإِن كل شخص هو (8) محل لأَعَمِّه، وكذلك الفعل حقيقة كليَّة تقبل (9) الوقوع في أي زمان كان، فالأزمان (10) محال الأفعال (11)، والأشخاص محال الحقائق).
ش: [هذا](12) بيان النوع [الأول من](13) المستثنى الذي [لم](14) يدل عليه اللفظ، وهو محل المدلول، [ويريد بمحل المدلول أي: محل المطلق] (15)(16).
قوله: (ومحل المدلول) أي: ومثال الاستثناء من محل المدلول، قولك: أعتق رقبة إلا الكفار؛ وذلك أن العتق يدل على الرقبة، والرقبة أمر كلي (17)
(1)"إن" في ش.
(2)
"إن" زيادة في ش.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"فالرقبة" في ط.
(5)
"تقبل" في ز.
(6)
"يقبل أن يعين". في أوخ وش.
(7)
"محل" في ط.
(8)
"وهو" في ط.
(9)
يقبل. في خ.
(10)
في خ: "فالأزمنة". وفي ش: "والأزمان".
(11)
"للأفعال": في خ.
(12)
ساقط من ط.
(13)
ساقط من الأصل وط.
(14)
ساقط من ط.
(15)
ساقط من ط وز.
(16)
محل المطلق يعني به: محل اللفظ المطلق، فإن الرقبة في مثاله لفظ مطلق، فالاستثناء في المثال من محل اللفظ وهو الأشخاص، لا من مدلول اللفظ الذي هو الرقبة.
(17)
"كل" في ز.
يصدق على أشخاص متعددة، وهذا المعنى الذي هو الرقبة مدلول للعتق، ومحال هذا المدلول هي الأشخاص، ولا يدل [العتق على الأشخاص](1)؛ لأن الدال على الأعم غير دال على الأخص، وإنما يدل العتق على الرقبة [لأن](2) الاستثناء (3) إنما يقع (4) من الأشخاص التي هي محال الرقبة، ولم يدل لفظ العتق على الأشخاص إلا بالملازمة.
وقوله: (وصل إِلا عند الزوال)، فقولك:[صل](5) يدل (6) على فعل الصلاة، ومحل المدلول الذي [هو](7) فعل الصلاة [هو الزمان، ووقع الاستثناء ها هنا من الزمان الذي هو محل المدلول، والمدلول هو الصلاة، ولا يدل صل على الزمان إلا بالملازمة](8).
قوله: ([فإِن] (9) الرقبة (10) أمر مشترك عام) / 195/ أي: قدر مشترك بين جميع الرقاب القابلة (11) للعتق، مؤمنة أو كافرة، والمشترك بين أشياء (12)
(1) ساقط من ط.
(2)
ساقط من ط وز.
(3)
"فالاستثناء" في ط وز.
(4)
"يضع" في ط.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"ما يدل" في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
ساقط من ط.
(10)
"فالرقبة" في ط.
(11)
"المقابلة" في ط.
(12)
"الأشياء" في ط.
[هو](1) [أعم من كل واحد منها.
وأراد بقوله: مشترك عام: أنه أعم ولم يرد به العموم على بابه؛ لأن الرقبة مطلقة والمطلق لا عموم له، فلما] (2) كانت الرقبة المأمور بها أعم من خصوص كل رقبة، كانت بسبب ذلك قابلة لأن تقع في محال (3) كثيرة من أشخاص الرقاب على البدلية؛ لأن كل شخص هو محل لأعمه، أي لوجود أعمه.
قوله: (وكذلك الفعل حقيقة كلية تقبل الوقوع في أي زمان كان).
ش: هذا (4) بيان المثال الثاني، وهو قوله:"وصل إلا عند الزوال"، يعني: أن فعل الصلاة المأمور به إذا قلنا: إن الأمر لا يقتضي التكرار، فإن فعل الصلاة يقبل الوقوع، أي يمكن وقوعه في كل جزء من أجزاء الزمان على البدلية؛ لأن الجزء الذي يقع فيه غير معين؛ لأنه شائع في أجزاء الزمان، وبهذا الاعتبار سماه المؤلف:[حقيقة](5) كلية، معناه:[هو](6) أمر كلي مطلق.
قوله: ([إِذا قلنا: الأمر ليس للتكرار) احترازًا مما (7) إذا قلنا: الأمر
(1) ساقط من ط.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"محل" في ط.
(4)
"هذ" في ز.
(5)
ساقط من ط.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"من" في الأصل.
للتكرار (1)، فإن الفعل يستوعب جميع] (2) الأزمنة فيكون جميع الزمان ظرفًا لإيقاع (3) الفعل، وأما على القول بأن الأمر لا يكون للتكرار فالجزء الذي يكون ظرفًا لإيقاع (4) الفعل هو جزء واحد غير معين، وهو شائع [بين](5) جميع الأجزاء الزمانية.
قوله: (فالأزمان (6)[محال الأفعال])، هذا راجع إلى قوله:"وَصَلِّ إلا عند الزوال"، وقوله:"والأشخاص محال الحقائق"، راجع إلى قوله:"أعتق رقبة".
قوله: (فالأزمان محال الأفعال) أي: محال لإيقاع (7) الأفعال (8).
(1) اختلف العلماء في الأمر المطلق كصم، هل يقتضي التكرار؟ الأكثرون على أنه لا يقتضيه، وذهب بعض الشافعية إلى أنه بقتضيه، وقيل: إن علق على شرط اقتضاه وإلا فلا.
وقيل: إن كرر لفظ الأمر اقتضاه وإلا فلا.
انظر: المعتمد 1/ 108، والعدة 1/ 264، والتبصرة للشيرازي ص 41، واللمع ص 69، والفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي 1/ 68، والبرهان فقرة / 139، والمستصفى 2/ 3، والمنخول ص 108، ومغني الخبازي ص 34، وروضة الناظر ص 199، وإحكام ابن حزم 1/ 316، وإحكام الآمدي 2/ 155، وشرح العضد 2/ 81، والإبهاج 2/ 47، وجمع الجوامع 1/ 379، ونهاية السول 2/ 274، والمسودة ص 20، والوجيز للكرماستي ص 124، وتيسير التحرير 1/ 151، وقواعد ابن اللحام ص 171، والكوكب المنير 3/ 43.
(2)
ما بين المعقوفتين غير واضح في نسخة (ط)؛ حيث وقع بأعلى الصحيفة، فذهب به مقص المجلد.
(3)
"طرف الإيقاع" في ز.
(4)
"طرف الإيقاع" في ز.
(5)
ساقط من ط.
(6)
من هنا بدأ الخرم الذي في نسخة (ط) حتى الفصل العاشر من الباب السادس عشر في الخبر.
(7)
"الإيقاع" في ز.
(8)
"الأفعل" في ز.
قوله: (والأشخاص محال الحقائق) أي: محال لوجود المعاني.
قوله: (فالأزمان محال الأفعال والأشخاص محال الحقائق)، أدخل المؤلف الفاء على هذه (1) الجملة كالنتيجة عما تقدم (2) من المقدمات.
قوله: (والأمر العام)، نحو قوله تعالى:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} (3) أي: لتأتنني (4) به في كل حالة (5) من الحالات إِلا (6) حالة الإِحاطة بكم، فالحالة أمر عام لم يدل اللفظ عليها (7).
ش: هذا بيان النوع الثاني من المستثنى الذي لم يدل عليه اللفظ وهو الأمر العام الذي أشار إليه بقوله: أو أمر عام، فالاستثناء في قوله تعالى:{إلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} (8) واقع من حالات غير مدلولة للفظ (9).
[قوله: (والأمر العام) أي: ومثال الاستثناء من الأمر العام قوله تعالى: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} الآية](10).
قوله: "وكذلك محال المدلول ليست مدلولة للفظ"(11).
(1)"هذا" في ز.
(2)
"قدم" في ز.
(3)
سورة يوسف آية رقم 66.
(4)
في أ: "لا تأتنني"، وفي ح:"تأتنني".
(5)
"حال" في ز.
(6)
"في" زيادة في ز وأ وخ وش.
(7)
"عليها اللفظ" في أوخ وش، بالتقديم والتأخير.
(8)
سورة يوسف آية رقم 66.
(9)
"اللفظ" في ز.
(10)
ساقط من ز.
(11)
"اللفظ" فيما عدا أ.
ش: يعني أن محال المدلول من الأشخاص والأزمان ليست مدلولة للفظ، أي: لا يدل اللفظ عليها بالتعيين.
قوله: (فإِن فَرَّعْتَ على أن الاستثناء المنقطع مجاز، فقد كمل الحد، فإِنا إِنما نحد الحقيقة، وإِن قلت: هو حقيقة، زدت بعد قولك: أو أمر عام: أو ما يعرض في نفس المتكلم، وتكون (1) أو للتنويع كأنك قلت: أي شيء وقع على وجه من هذه الوجوه (2) فهو استثناء).
ش: ومعنى قوله: "يعرض في نفس المتكلم"، أي: يظهر، يقال: عرض الشيء (3) إذا ظهر (4)، فيكون المستثنى الذي لم يدل عليه اللفظ على هذا ثلاثة أنواع، وهي (5): محل المدلول، وأمر عام، أو ما يظهر (6) في نفس المتكلم، فتشترك الثلاثة في كون اللفظ لا دلالة له على واحد منها (7)، وفي كون حكم ما بعد إلا مخالفًا لحكم ما قبلها، ولكن المحال والأمور العامة للفظ بها تعلق، بخلاف (8) المنقطع فلا تعلق للفظ به.
قوله في حد الاستثناء: (إِخراج بعض ما دل اللفظ عليه ذاتًا كان أو عددًا أو ما لم يدل عليه، وهو إِما محل الدلول أو أمر عام بلفظ إِلا أو ما يقوم مقامه).
(1)"فتكون" في ش.
(2)
"الأوجه" في ز.
(3)
"للشيء" في ز.
(4)
"أظهر" في ز.
(5)
"وهو" في ز.
(6)
"وما يعرض" في ز.
(7)
"منهما" في ز.
(8)
"يخالف" في الأصل.
هذا الحد هو حد الإمام فخر الدين في المحصول (1)، واعترض هذا الحد بأن قيل: قوله: "أو ما يقوم مقامه"، لا يخلو إما أن يريد ما يقوم مقام إلا في الاستثناء، [يلزم](2) منه تعريف دوري، والتعريف الدوري محال؛ لأن الذي يقوم مقام إلا إنما يعرفه من يعرف الاستثناء، فذلك تعريف الاستثناء بما لا يعرف إلا بعد معرفته، وإن أراد ما يقوم مقام إلا في الإخراج يكون الحد غير مانع؛ لأنه يدخل فيه الشرط والصفة والغاية وغيرها من المخصصات؛ لأنها تقوم مقام إلا في الإخراج وليست باستثناء (3).
واعترض الحد أيضًا في حصره ما لا يدل اللفظ عليه في نوعين وذلك قوله: "أو ما لم يدل عليه وهو إما محل المدلول أو أمر عام"، مع أن الذي لا يدل اللفظ عليه ثمانية أمور، وهي: الأسباب، والشروط، والموانع، والمحال، والأحوال، والأزمان، والأمكنة، ومطلق الوجود.
قال المؤلف في الشرح في آخر هذا الباب (4): الاستثناء يقع في عشرة
(1) أورد الإمام في المحصول حدين ليس هذا منهما:
أحدهما: إخراج بعض الجملة من الجملة بلفظ إلا أو ما أقيم مقامه.
والثاني: ما لا يدخل في الكلام إلا لإخراج بعضه بلفظه ولا يستقل بنفسه. انظر: المحصول 1/ 3/ 38.
ولعل الشوشاوي يريد أن الرازي أورد القيد الذي عليه الاعتراض وهو قوله: "أو ما يقوم مقامه" وهذا ما قاله القرافي في شرحه. انظره: صفحة 238.
(2)
ساقط من ز.
(3)
انظر هذا الاعتراض في: شرح القرافي ص 238.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 257 - 258، وقد نقل الشوشاوي كعادته النص بتصرف. وانظر هذه مبسوطة في: كتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء للقرافي، من صفحة 580 حتى صفحة 656، مع الاستشهاد لكل ذلك بما ورد من القرآن والسنة والشعر وأقوال العلماء وما يتعلق به من أحكام فقهية.
وانظر: شرح الكوكب المنير 3/ 294.
أمور: اثنان ينطق بهما، وثمانية لا ينطق بها (1). فاللذان ينطق بهما هما الأحكام والصفات، فالأحكام كقولك (2): قام القوم إلا زيدًا، ومثال الصفة (3) قوله تعالى:{أَفَمَا (4) نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إلا مَوْتَتَنَا الْأُولَى} (5)، فاستثنى من صفتهم الموتة الأولى، وأما الثمانية التي لا ينطق بها فهي: الأسباب، والشروط، والموانع، والمحال، والأحوال، والأزمان، والأمكنة، ومطلق الوجود.
مثال الاستثناء من الأسباب: لا عقوبة إلا بجناية.
ومثال الاستثناء من الشروط: لا صلاة إلا بطهور.
ومثال الاستثناء من الموانع: لا تسقط الصلاة عن المرأة إلا بالحيض.
ومثال الاستثناء من المحال: أكرم رجلاً (6) إلا زيدًا وعمرًا وبكرًا (7) / 196/ فإن كل شخص هو محل لأعمه.
ومثال الاستثناء من الأحوال: قوله تعالى: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلا أَنْ يُحَاطَ
(1)"بهم" في ز.
(2)
"قولك" في ز.
(3)
"الصفات" في ز.
(4)
"فما" في ز.
(5)
سورة الصافات، الآيتان رقم 58، 59.
(6)
في الأصل وز: "رجالاً". بالجمع، والمثبت الصواب، وهو في شرح القرافي ص 258، وشرح الكوكب المنير 3/ 295، وهو الذي يصح به التمثيل للاستثناء من المحال، وأما رجالاً بالجمع فإن الاستثناء منها يكون استثناء من المنطوق به، وهو إكرام الرجال، فيكون من النوع الأول.
(7)
"أو عمرًا أو بكرًا" في ز.
بِكُمْ} (1) أي: لتأتنني به في كل حالة من الحالات إلا حالة الإحاطة بكم، فإني أعذركم.
ومثال الاستثناء في الأزمان: صل إلا عند الزوال.
ومثال الاستثناء في الأمكنة: صل إلا عند المجزرة (2) والمزبلة.
ومثال الاستثناء من مطلق الوجود مع قطع النظر عن الخصوصات: قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} (3) يعني: الأصنام التي (4) يعبدونها (5)، أي: لا حقيقة لها إلا مجرد اللفظ، ولا وجود لها إلا وجود اللفظ، فوقع الاستثناء من مطلق الوجود على سبيل المبالغة في النفي.
فهذه الثمانية لم تذكر قبل الاستثناء، وإنما تعلم بما يذكر بعد الاستثناء من فرد منها (6)، فيستدل بذلك الفرد على أن جنسه هو الكائن قبل الاستثناء، ويعلم حينئذ أن الاستثناء في هذه الأمور الثمانية هو استثناء متصل؛ لأنه استثناء من الجنس، والحكم فيه بالنقيض بعد إلا، فلما أشار المؤلف في الشرح إلى هذه (7) الاعتراضات المذكورة (8) قال في الشرح:
(1) سورة يوسف آية رقم 66.
(2)
في ز: "المزجرة" وهو تعبير عامي للمجزرة في بلاد المغرب.
(3)
سورة النجم آية رقم 23، وتمامها:{مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} .
(4)
"كانوا" زيادة في ز.
(5)
"يعبدوها" في ز.
(6)
كذا في النسختين وفي الأسلوب ركاكة ولعل العبارة: من كل فرد منها.
(7)
"هذا" في ز.
(8)
"المذكورات" في ز.
الذي ينبغي أن يقال في حد الاستثناء: ما يدخل (1) في الكلام لإخراج بعضه، أو بعض أحواله، أو متعلقاته، مع ذكر لفظ المُخْرَج، ولا يستقل بنفسه (2).
فقولنا: لإخراج (3) بعضه، احترازًا من النسخ (4) فإنه يبطل الكل (5).
وقولنا: أو بعض أحواله أو متعلقاته ليندرج في الحد ما لم يدل اللفظ عليه، وهو ثمانية أشياء وقد تقدمت.
وقولنا: مع ذكر المُخْرَج، احترازًا من الصفة والغاية والشرط؛ فإن الخارج بسببها (6) لم يذكر لفظه، فإن قولك في الصفة: اقتلوا المشركين المحاربين، وكذلك قولك [في الغاية] (7): اقتلوا المشركين حتى يتركوا الحرابة، وكذلك قولك في الشرط: اقتلوا المشركين إن حاربوا، فإن هذا كله خرج منه أهل الذمة مع أن لفظهم لم يذكر، بخلاف قولنا: اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة، فهذا استثناء؛ لأن لفظ المخرج مذكور، وقولنا: ولا يستقل بنفسه احترازًا مما يستقل بنفسه من الجمل، كقولك: اقتلوا المشركين لا
(1)"وما يدل" في ز.
(2)
يختلف لفظ الحد الذي نقله هنا عن الذي في شرح القرافي، مع أن المعنى واحد في الحدين، فالقرافي قال في الشرح: ما لا يدخل في الكلام إلا لإخراج
…
إلخ، فالمعنى واحد كما ترى. انظر: شرح القرافي ص 238.
(3)
"الإخراج" في الأصل. وانظر: شرح القرافي ص 238.
(4)
لو قال: من النسخ الكلي؛ لأن النسخ قد يكون جزئيًا، كما سبق بيان ذلك في تعليق رقم 8 من صفحة 54 من هذا المجلد.
(5)
في ز. زيادة ما يلي: "وكذلك قولك: قام زيد إلا عمرًا، خرجنا عمرًا مما دخل فيه زيد وليس ببعض زيد ولا من متعلقاته". اهـ.
(6)
"بسببهما" في ز.
(7)
ساقط من ز.
تقتلوا أهل الذمة، وكذلك قولنا: قام زيد ولم يقم عمرو (1)(2)، قال المؤلف في الشرح:[هذا الحد](3) منطبق على الاستثناء (4).
…
(1)"عمر" في ز.
(2)
انتهى بنصه تقريبًا من الشرح، التعريف وبيان محترزاته.
انظر: الشرح ص 238.
(3)
ساقط من ز.
(4)
عبارة القرافي: في المطبوعة: وحينئذٍ ينطبق الحد على الاستثناء. انظر: الشرح ص 238.