الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في حكمه
وهو عند الكافة حجة خلافًا للنظام والشيعة والخوارج، لقوله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} (1) الآية (2)، وثبوت الوعيد على المخالفة، يدل على وجوب (3) المتابعة، وقوله عليه السلام:"لا تجتمع (4) أمتي على خطأ"(5) يدل على ذلك (6).
ش: تعرض المؤلف في هذا الفصل لأحكام (7) الإجماع، فذكر في ذلك عشرين مسألة.
الأولى (8): هل الإجماع حجة أم لا؟. ذهب (9) الجمهور [إلى](10) أنه
(1) في ش زيادة: {وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} .
(2)
النساء: 115.
(3)
"الوجوب" في ز.
(4)
في الأصل: "لا تجمع".
(5)
لم أجد لفظ هذا الحديث، والأحاديث بمعناه كثيرة، وسيذكر الشوشاوي بعضها.
(6)
استمر ناسخ ز في سرد متن الفصل كله ثم عاد للشرح كعادته، وفي أثناء المتن انتهت صفحة ز 23/ ب، وز 24/ أ.
(7)
"الأحكام" في ز.
(8)
"الأولان" في ز.
(9)
"مذهب" في ز.
(10)
ساقط من ز.
حجة (1)، خلافًا للنظام من المعتزلة (2)، والشيعة (3)، والخوارج (4) القائلين: ليس بحجة.
حجة المخالف: أن الله تبارك وتعالى نهى المؤمنين عن أنواع المناكر، كالقتل، والزنا، [والسرقة](5)، وشرب الخمر، وأكل الربا، وأكل أموال (6) الناس بالباطل، فلولا تصور (7) وقوع ذلك منهم لما نهاهم عنه، فذلك (8) يدل على عدم عصمة المؤمنين (9).
أجيب عنه: بأن العصمة إنما هي (10) ثابتة للمجموع لا للآحاد والأفراد؛
(1) انظر: الرسالة للشافعي ص 403، 471 - 476، واللمع للشيرازي ص 245، والتبصرة ص 349، والمعتمد 2/ 458، والفصول للباجي 1/ 480، والإشارة ص 168، والبرهان فقرة 623، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 224، والمعالم للرازي ص 216، والإحكام للآمدي 1/ 200، وتيسير التحرير 3/ 225، والوجيز للكرماستي ص 168، والمحصول 2/ 1/ 46، وشرح العضد 2/ 30، والمستصفى 1/ 204، والإحكام لابن حزم 1/ 494.
(2)
ذكر صاحب الإبهاج أن بعضهم نسب للنظام القول باستحالة الإجماع، لكن الصحيح أنه يمنع حجيته كما نقل عنه كثير من العلماء، انظر: الإبهاج 2/ 393.
وانظر رأيه في: المعتمد 2/ 458، والبرهان فقرة 623، واللمع ص 245.
(3)
الشيعة يقولون بأن الحجة في الإمام المعصوم، وعليه فلا حجة في إجماع الأمة دونه.
انظر: معالم أصول الفقه للرازي ص 227، والفصول لابن برهان 2/ 72، والمعتمد 2/ 458.
(4)
انظر: المحصول 2/ 1/ 46، والوجيز للكرماستي ص 168، والإبهاج 2/ 393، والإحكام للآمدي 1/ 200، والمسطاسي ص 73.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"امول" في ز.
(7)
"تصدر" في ز.
(8)
"فلذلك" في ز.
(9)
انظر: الفصول للباجي 1/ 506، وشرح القرافي ص 325، والمسطاسي ص 74.
(10)
"هو" في ز.
لأن صيغ العموم إنما وضعت لكل واحد [واحد](1) لا للمجموع، فيكون كل واحد من المؤمنين على انفراده غير معصوم، ولا نزاع في ذلك، وإنما النزاع في مجموعهم لا في آحادهم (2).
وحجة الجمهور: الكتاب، والسنة؛ فالكتاب (3): قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ
…
} (4) الآية (5)، كما قال المؤلف/ 259/؛ لأن ثبوت الوعيد على مخالفة سبيل المؤمنين يدل على وجوب متابعة سبيل المؤمنين، والإجماع من (6) سبيل المؤمنين فيجب اتباعه (7).
وقوله تعالى أيضًا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (8) والوسط] (9) معناه: الخيار، سمي الخيار وسطًا لتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط (10)، قاله المؤلف في شرحه (11)، فمدحهم يدل على أنهم على الصواب، والصواب حق يجب (12)
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر: الفصول للباجي 1/ 508، وشرح القرافي ص 325، والمسطاسي ص 74.
(3)
"والكتاب" في ز.
(4)
"من بعد ما تبين" زيادة في ز.
(5)
النساء: 115.
(6)
"على" في ز.
(7)
انظر: الإشارة للباجي ص 169، والبرهان فقرة 625، واللمع ص 245.
(8)
البقرة: 143.
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(10)
انظر: الصحاح للجوهري مادة (وسط).
(11)
شرح القرافي ص 324.
(12)
"فيجب" في ز.
اتباعه، فيجب اتباعهم.
وقوله تعالى [أيضًا](1): {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2)، فمدحهم يدل على [أنهم على](3) الصواب، والصواب يجب اتباعه فيجب اتباعهم (4).
وأما دليل السنة: فقوله عليه السلام: "لا تجتمع (5) أمتي على خطأ"، وفي بعضها:"لا تجتمع أمتي على ضلالة"(6)، وفي بعضها:"لم يكن الله ليجمع (7) أمتي على الضلالة"(8)، وفي بعضها (9):"سألت الله ألا يجمع (10) أمتي على الضلالة فأعطانيها"(11)(12)، وقال عليه السلام: "من فارق الجماعة شبرًا خلع
(1) ساقط من ز.
(2)
آل عمران: 110.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 324.
(5)
"تجمع" في الأصل.
(6)
أخرجه بهذا اللفظ: الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 1/ 161، من حديث أنس، وأخرجه ابن ماجه في الفتن برقم 3950، بلفظ:"إن أمتي لا تجتمع على ضلالة"، وانظر: مجمع الزوائد 5/ 218.
(7)
"يجمع" في ز.
(8)
أخرج الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 167 قريبًا من لفظ هذا الحديث، لكنه موقوف على أبي مسعود الأنصاري، ولفظه:"إن الله لم يكن ليجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة"، ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 219 إلى الطبراني، وقال: رجاله ثقات.
(9)
"وقوله" في ز.
(10)
"تجتمع" في ز.
(11)
"فأعطيتها" في ز.
(12)
أخرج الإمام أحمد في المسند 6/ 396 عن أبي بصرة الغفاري قريبًا من هذا. =
ربقة الإسلام من عنقه" (1)، والربقة هي ما أحاط بالعنق، مأخوذ من ربقة الغنم وهي حلقة من حبل تشد بها (2)، وقال عليه السلام: "من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله ولا وجه له عنده" (3)، وقال عليه السلام: "من نزع يده من الطاعة لم تكن له يوم القيامة حجة" (4)، وقال عليه السلام: "من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية" (5)، وقال عليه السلام: "من سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة" (6)، .................................
= والأحاديث التي تدل على معنى هذه الأحاديث كثيرة، فانظر: الترمذي رقم 2167، وأبا داود رقم 4253، والمستدرك للحاكم 1/ 115، 4/ 507، وانظر: كشف الخفا 2/ 488.
(1)
رواه الإمام أحمد في المسند 5/ 180 من حديث أبي ذر، لكنه بلفظ: "من خالف الجماعة
…
" الحديث، وانظر: المستدرك للحاكم 1/ 117، وفي رواية للحاكم: "من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع
…
" الحديث.
(2)
الربقة بفتح الراء وكسرها وهو أشهر، في الأصل: عروة من حبل أو حلقة تجعل في عنق البهيمة، فاستعارها الإسلام لما يشد به المسلم نفسه من عرى الإسلام.
انظر: النهاية لابن الأثير مادة (ربق)، واللسان مادة (ربق).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 387 من حديث حذيفة.
(4)
أخرجه مسلم من حديث ابن عمر في كتاب الإمارة برقم 1851، ولفظه:"من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له".
وقد أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 70 بلفظ: "من نزع يدًا من طاعة فلا حجة له يوم القيامة" وفي لفظ آخر في المسند 2/ 97: "
…
لم تكن له حجة يوم القيامة".
(5)
هو بهذا اللفظ عند أحمد في المسند 3/ 445، وفي لفظ له عن ابن عمر 2/ 70، "ومن مات مفارقًا للجماعة فقد مات
…
" إلخ.
والحديث قد رواه البخاري عن ابن عباس برقم 7054 بلفظ: "من فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات ميتة جاهلية" وانظر: مصنف عبد الرزاق 11/ 339.
(6)
هذا الحديث مشهور عن عمر بن الخطاب، وقد رواه الترمذي في الفتن برقم 2165، ولفظه: "من أراد بحبوحة
…
" الحديث، وبهذا اللفظ رواه الحاكم في =
والبحبوحة معناها (1) الوسط (2)، وقال عليه السلام:"يد الله على الجماعة"(3)، وقال عليه السلام:"عليكم بالسواد الأعظم"(4)، وقال عليه السلام:"لا تزال [طائفة من] (5) أمتي على الحق ظاهرين حتى يأتي أمر الله عز وجل"(6)، وقال عليه السلام:"ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن"(7)، وغير
= المستدرك 1/ 114، وقد رواه الحميدي في مسنده برقم 32، ولفظه: "ألا ومن سرته بحبحة الجنة
…
" إلخ.
وانظر: المصنف لعبد الرزاق 11/ 341.
(1)
"معناه" في ز.
(2)
انظر: القاموس، والصحاح مادة (بحح).
(3)
هو بهذا اللفظ في المستدرك 1/ 115 من حديث ابن عمر، وفي الفقيه والمتفقه 1/ 161، وقد رواه الترمذي بلفظ:"يد الله مع الجماعة" في كتاب الفتن من حديث ابن عباس برقم 2166، ومن حديث ابن عمر برقم 2167.
(4)
أخرجه ابن ماجه من حديث أنس برقم 3950، وكذا الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 161، وأخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 115، في كتاب العلم من حديث ابن عمر بلفظ:"فاتبعوا السواد الأعظم".
(5)
ساقط من ز.
(6)
حديث صحيح أخرجه البخاري عن المغيرة بن شعبة برقم 7311، ولفظه:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون"، وقد رواه بألفاظ أخرى برقم 3640 عن المغيرة، ورقم 3641 عن معاوية، وقد أخرجه أبو داود بلفظ قريب مما أورده الشوشاوي إلا أن آخره:"لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله" فانظره في كتاب الفتن برقم 4252 عن ثوبان، وهو في مسلم برقم 1920 إلا أن ليس فيه:"ظاهرين".
(7)
الصواب أن هذا الحديث موقوف على ابن مسعود، وقد أخرجه عنه أحمد في المسند 1/ 379 بلفظ: "فما رأى المسلمون
…
" الحديث، وأخرجه البيهقي في الاعتقاد ص 162، وأخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 78، وصححه ووافقه على ذلك الذهبي، وانظر: كشف الخفا 2/ 263.
ذلك (1)، كله يدل على عصمة هذه الأمة من الخطأ، وذلك أن عصمة الأمة المحمدية تواتر معناها؛ لأنها وردت بألفاظ مختلفة وعبارات متباينة [الألفاظ](2) كلها تدل على [معنى](3) العصمة، فيكون ذلك تواترًا معنويًا كتواتر شجاعة علي، وسخاء (4) حاتم، وفصاحة حسان (5) وخطابة الحجاج، وغير ذلك.
قوله: (وعلى منع (6) القول الثالث و [على](7) عدم الفصل فيما جمعوه (8) فإِن جميع ما خالفهم يكون خطأ لتعين (9) الحق في جهتهم).
ش: هذه مسألة ثانية وثالثة.
قوله: (وعلى منع [القول] (10) الثالث وعلى عدم الفصل فيما جمعوه) يعني أن قوله عليه السلام: "لا تجتمع (11) أمتي على خطأ" يدل على منع ثلاثة أشياء:
(1)"فلذلك" زيادة في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"وسخاوة" في ز.
(5)
هكذا في النسختين، والصواب:"سحبان"؛ لأنه الذي يضرب به المثل بالفصاحة، ويؤيد هذا أن المسطاسي وهو أهم مصادر الشوشاوي ذكر سحبان. انظره ص 76.
(6)
"عدم" في أ.
(7)
ساقط من نسخ المتن.
(8)
"اجمعوه" في أ، وفي ز:"عمموه".
(9)
"تعيين" في خ، وش، ويظهر أنها في الأصل:"لتعيين".
(10)
ساقط من الأصل.
(11)
"تجمع" في الأصل.
يدل على منع مخالفة الإجماع.
ويدل على منع إحداث القول الثالث.
ويدل على عدم الفصل فيما جمعه (1) الصحابة رضي الله عنهم.
وإنما جمع المؤلف بين هذه المسائل الثلاث في الدليل الواحد؛ لأن مذهبه (2) المنع في الجميع.
وإنما قدم الدليل على المدلول للاختصار؛ لأنه لو قدم المدلول لاحتاج إلى إعادة الدليل بعد المدلول فيكون تكرارًا وتطويلاً.
قال المؤلف في الشرح: الفرق بين إحداث القول الثالث (3) وبين الفصل بين المسألتين، أن القول الثالث يكون في الفعل الواحد، وعدم الفصل يكون في مسألتين (4)، كما سيأتي [في](5) تفصيل ذلك.
قوله: (فإِن جميع ما خالفهم يكون خطأ لتعين (6) الحق في جهتهم) أي: لأن خلاف الإجماع، وإحداث القول الثالث، وتفصيل ما جمعوه، مخالف لهم، فإن جميع ما خالفهم خطأ لتعين الحق في جهتهم.
قوله: (وإِذا اختلف (7) العصر الأول على قولين فلا يجوز (8)
(1)"عممه" في ز.
(2)
"مذهب" في ز.
(3)
"الثاني" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 328.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"لتعيين" في الأصل.
(7)
"أهل" زيادة في خ.
(8)
"لم يجز" في ش.
[لمن](1) بعدهم إِحداث قول ثالث عند الأكثرين، وجوزه أهل الظاهر، وفصل الإِمام فقال (2): إِن لزم منه خلاف ما أجمعوا عليه امتنع، وإِلا فلا، كما قيل: للجد كل المال، وقيل: يقاسم الأخ، فالقول: بجعل المال كله للأخ مناقض للأول، وإِذا اجتمعت (3) الأمة على عدم الفصل بين مسألتين فلا يجوز (4) لمن بعدهم الفصل بينهما).
ش: لما ذكر المؤلف هاتين المسألتين إجمالاً أراد أن يذكرهما تفصيلاً.
أما المسألة الأولى: وهي إحداث القول الثالث، فمثاله: اختلاف العلماء (5) في الفرض من الوقوف بعرفة، قال مالك: هو الوقوف بالليل (6)، وقال الشافعي: هو الوقوف بالنهار (7)، ولا يجوز لمن بعدهم أن يقول:
(1) ساقط من أ.
(2)
"وقال" في أ.
(3)
"اجمعت" في ش.
(4)
"لا يجوز" في نسخ المتن الثلاث.
(5)
"للعلماء" في ز.
(6)
هذا هو الرأي المشهور عن مالك، وتتبين الثمرة فيمن دفع قبل غروب الشمس يوم عرفة ولم يرجع إلا بعد طلوع الفجر، قال مالك: يفسد حجه، وقال الجمهور: يجزئ حجه، ثم اختلفوا فقال جمهورهم: عليه دم، وقال بعضهم: لا شيء عليه.
انظر: المدونة 1/ 321، والأم 2/ 212، والمغني لابن قدامة 3/ 414، والكافي لابن عبد البر 1/ 372، 373، وبداية المجتهد 1/ 348، والإفصاح 1/ 271، وحلية العلماء للقفال 3/ 290 - 291، والهداية للمرغيناني 1/ 151.
(7)
الصحيح من مذهب الشافعي أن وقت الوقوف من بعد الزوال يوم عرفة إلى طلوع الشمس يوم النحر، فإن وقف في أي جزء منها أجزأه، إلا أنه إن دفع قبل الغروب ولم يعد حتى طلع الفجر فعليه دم في إحدى الروايتين.
انظر: الأم 2/ 212، وحلية العلماء للقفال 3/ 290.
الفرض منه هو الليل والنهار معًا؛ لأنه إحداث قول ثالث (1).
فذكر المؤلف فيه ثلاثة أقوال: المنع مطلقًا، [وهو قول الجمهور](2)(3)، والجواز مطلقًا، وهو قول الظاهرية (4)، والمعتزلة (5)، وبعض الحنفية (6)، والقول الثالث بالتفصيل وهو مذهب الإمام الفخر (7) بين أن يلزم [من القول الثالث](8) خلاف القولين معًا أم لا، مثل المؤلف ذلك بمسألة الجد مع الإخوة في الميراث، قيل: المال كله للجد، وقيل: يقسم بينه وبين الإخوة (9)، والقول
(1) إن أراد أن الفرض الجمع بين الليل والنهار فيصح قولاً ثالثًا؛ لأنه السنة ولا قائل بوجوبه، وإن أراد أي جزء من الليل والنهار فهذا قول جمهور العلماء، ولم يخالف غير مالك كما سبق بيانه، وإن أراد مجرد التمثيل فلا حرج في ضرب الأمثال.
(2)
ساقط من ز.
(3)
انظر: اللمع ص 262، والتبصرة للشيرازي ص 387، والمعتمد 2/ 505، والبرهان فقرة 562، والفصول للباجي 1/ 560، والإشارة ص 173، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 310، والمعالم ص 232، والمحصول 2/ 1/ 179، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 85، والوصول لابن برهان 2/ 108 - 110، والإبهاج 2/ 413، والإحكام للآمدي 1/ 268، وشرح القرافي ص 226، وشرح المسطاسي ص 78.
(4)
انظر: النبذ لابن حزم ص 21، والإحكام له 1/ 516.
(5)
نسبه لهم: الباجي في أحكام الفصول 1/ 560، والمسطاسي ص 78، والذي عليه أبو الحسين في المعتمد 2/ 505، 506، وحكاه عن عبد الجبار هو القول بالمنع كالجمهور.
(6)
انظر: التوضيح 2/ 85، والوجيز للكرماستي ص 167، والإبهاج 2/ 413، والمسطاسي ص 78.
(7)
انظر: المحصول 2/ 1/ 180، وقد اختاره الآمدي في الإحكام 1/ 269، وانظر: الإبهاج 2/ 413، وشرح القرافي ص 226.
(8)
ساقط من ز.
(9)
مسألة مشهورة اختلف فيها الصحابة ومن بعدهم، فذهب الصدّيق وابن عباس وجماعة من الصحابة إلى أن الجد يحجب الإخوة، وبه أخذ أبو حنيفة والمزني، =
الثالث بأن المال كله للإخوة يناقض الإجماع الأول الذي هو عدم حرمان الجد من المال، فالقول بحرمان الجد يرفع ما اتفقا عليه؛ لأنهما اتفقا على أن الجد لا يحرم من المال، فالقول الثالث مخالف للإجماع الأول.
ومثاله أيضًا: وجوب النية في الطهارة وضوءًا وغسلاً (1) وتيممًا، قيل: تعتبر في الجميع (2)، وقيل: تعتبر في التيمم خاصة كما قاله الحنفية (3)(4)، فالقول بأنها (5) لا تعتبر في جميعها يرفع ما اتفق (6) عليه الفريقان من اعتبارها في التيمم (7).
هذا معنى قوله: (إِن لزم منه خلاف ما أجمعوا (8) عليه امتنع).
= وداود وابن المنذر، وذهب علي بن أبي طالب وابن مسعود وزيد بن ثابت إلى أن الجد لا يحجب الإخوة، وبهذا أخذ مالك والشافعي والأوزاعي وأبو يوسف.
انظر: المغني لابن قدامة 6/ 215، وبداية المجتهد 2/ 346.
(1)
"أو غسلا" في ز.
(2)
القول باشتراط النية في سائر الطهارات هو قول الجمهور: مالك والشافعي وأحمد والليث وإسحاق وابن المنذر وداود. انظر: المغني 1/ 110، والوسيط للغزالي 1/ 360، وبداية المجتهد 1/ 8.
(3)
"الحنفي" في ز.
(4)
هو قول أبي حنيفة وأصحابه، وبه قال الثوري. انظر: الهداية 1/ 26، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 1/ 106، وبداية المجتهد 1/ 8، 67.
(5)
"بأنه" في الأصل.
(6)
"ما اتفقا" في ز.
(7)
قال بعدم فرض النية لا في الوضوء ولا في التيمم الإمام زفر بن الهذيل، وعلى هذا يكون قولاً ثالثًا في المسألة إلا أن يراد مجرد التمثيل. انظر: الهداية 1/ 26، وبداية المجتهد 1/ 67.
(8)
"وما اجتمعوا" في ز.
قوله: (وإِلا فلا) أي: وإن لم يخالف ما اتفقوا عليه (1) جاز إحداثه.
مثاله: الخلاف في سباع الوحش/ 260/ قيل: كلها حرام (2) وقيل: كلها حلال (3)، والقول بأن بعضها حرام وبعضها حلال (4) غير مخالف لما اتفق (5) عليه الفريقان؛ لأن القول الثالث موافق لكل واحد من القولين في وجه، مخالف له في وجه.
ومثاله أيضًا: زوج وأبوان، أو زوجة وأبوان (6)، قيل: للأم ثلث المال (7)، وقيل:[لها](8) ثلث ما بقي بعد زوج أو زوجة (9)، فالقول بأن لها
(1)"ما اتفقوا عليه" تكرار في الأصل.
(2)
وهذا ظاهر مذهب الحنفية لعموم النهي عن كل ذي ناب من السباع.
انظر: الهداية 4/ 67، والمحلى 8/ 85.
(3)
هي إحدى الروايات عند المالكية؛ حيث يقولون بالكراهة، والرواية الأخرى: القول بالتحريم، ويستدلون للإباحة بقول ابن عباس بعد أن قرأ قول الله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية، الأنعام: 145، ثم قال - أي ابن عباس -: ما خلا هذا فهو حلال.
انظر: بداية المجتهد 1/ 468، والقوانين لابن جزي ص 149، والمحلى لابن حزم 8/ 85.
(4)
هذا كقول الشافعية بحل الضبع والثعلب، وكقول الحنابلة بحل الضبع.
انظر: الوجيز للغزالي 2/ 215، والمغني 8/ 604
(5)
"اتفقا" في ز.
(6)
هاتان المسألتان المعروفتان بالعمريتين أو بالغراوين.
(7)
وهو قول ابن عباس، وبه قال داود وابن سيرين وجماعة. انظر: بداية المجتهد 2/ 343.
(8)
ساقط من ز.
(9)
وهذا قول زيد بن ثابت، وبه أخذ الجمهور. انظر: بداية المجتهد 2/ 343.
ثلث المال في إحدى (1) الصورتين ولها ثلث ما بقي في الصورة الأخرى جائز؛ لأنه موافق لكل واحد من القولين في وجه، مخالف له في وجه.
حجة قول الجمهور بالمنع مطلقًا: قوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على خطأ" كما قال المؤلف؛ لأن الأمة لا يفوتها الحق، فلا يكون الثالث حقًا.
وأيضًا: أن الأمة قبل هذا الثالث أجمعت (2) على هذين القولين، وإحداث القول الثالث (3) خارق (4) للإجماع (5).
وأيضًا: لو صرحوا بنفي الثالث لم يجز الأخذ به إجماعًا، فكذلك إذا سكتوا ولم يصرحوا (6).
أصله: إذا جمعوا (7) على قول واحد فإنه لا يجوز إحداث قول ثان ولو لم يصرحوا بنفيه.
حجة القول بالجواز: أن الإجماع (8) الأول مشروط بألا يجمعوا بعد ذلك على خلافه، فبطل الإجماع الأول لعدم شرطه (9).
وردّ هذا: بأنه يلزم جواز إحداث قول ثان في إجماعهم على قول واحد،
(1)"احد" في ز.
(2)
"اجتمعت" في ز.
(3)
"قول ثالث" في ز.
(4)
"خارج" في الأصل.
(5)
انظر الدليلين في: شرح القرافي ص 226.
(6)
انظر هذه الأدلة في: شرح المسطاسي ص 78.
(7)
هكذا في النسختين ولعلها: "إذا أجمعوا".
(8)
"في" زيادة في ز.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 326، والمسطاسي ص 78.
مع أنهم اتفقوا على منع إحداث قول ثا [ن](1) في الإجماع على قول واحد؛ لأن ذلك خارق للإجماع (2).
وسبب الخلاف في إحداث قول ثالث: أن إجماعهم على قولين، هل يقتضي حصر الحق فيهما أو لا يقتضيه؟ فتكون المسألة اجتهادية (3).
وأما المسألة الثانية: وهي عدم الفصل بين المسألتين ففيها ثلاثة أقوال: المنع مطلقًا، وهو مذهب المؤلف (4)، والجواز مطلقًا (5)، والتفصيل بين أن يصرحوا بعدم الفصل بين المسألتين، أو تكون (6) العلة في القولين واحدة، وإلى هذا القول بالتفصيل ذهب الإمام فخر الدين (7) والقضاة الأربعة (8): القاضي عبد الوهاب (9)، والقاضي أبو جعفر (10)(11) ...........................
(1) ساقط من ز ومكانها فراغ.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 326، والمسطاسي ص 78.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 78.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 327، وانظر القول بالمنع في: اللمع 262، والمعتمد 2/ 510، والفصول للباجي 1/ 565، والوصول لابن برهان 2/ 110.
(5)
انظر: التبصرة للشيرازي ص 790، وقد نسبه أبو الخطاب للحنفية حتى لو كانت العلة واحدة. انظر: التمهيد 3/ 316.
(6)
"وتكون" في الأصل.
(7)
انظر: المحصول 2/ 1/ 184، 185.
(8)
في هامش الأصل تنبيه من الناسخ هو: انظر القضاة الأربعة.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 328، والمسطاسي ص 78.
(10)
هو محمد بن أحمد بن محمد السمناني، نسبة إلى سمنان بلد بالعراق، كان عراقي المذهب حنفيًا يقول بمقالة الأشعري، سكن بغداد، وحدّث بها ثم ولي قضاء الموصل وبها توفي سنة 440 هـ. انظر: اللباب 2/ 141، وتبيين كذب المفتري ص 259.
(11)
انظر: الفصول للباجي 1/ 564، والمسطاسي ص 78.
والقاضي أبو الطيب (1)(2)، والقاضي أبو بكر (3)(4)، وغيرهم (5).
مثال ذلك: ذوو الأرحام، فإنهم اتفقوا على عدم الفصل بينهم، فمن [ورث العمة](6) ورث الخالة بموجب القرابة والرحم (7)(8)، ومن لم يورث العمة لم يورث الخالة لضعف القرابة عن التوريث، فلا يجوز لأحد أن يورث العمة دون الخالة، أو يورث الخالة دون العمة، فطريق (9) الحكم وعلته واحدة في المسألتين.
(1) هو طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري، فقيه، أصولي، شافعي، طلب العلم بجرجان وبغداد وغيرهما، وأخذ عن الدارقطني، وعنه الخطيب البغدادي وأبو إسحاق الشيرازي، توفي ببغداد سنة 450 هـ، له شرح مختصر المزني وكتاب في الطبقات.
انظر: طبقات ابن السبكي 3/ 176، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ص 150، وشذرات الذهب 3/ 284، وتاريخ بغداد 9/ 358.
(2)
انظر: اللمع ص 263، والفصول 1/ 564، والمسطاسي ص 78.
(3)
قدم ناسخ ز القاضي أبو بكر على القضاة الثلاثة.
(4)
انظر: الفصول للباجي 1/ 564، والمسطاسي ص 78.
(5)
انظر: الفصول 1/ 564، والوصول لابن برهان 2/ 110، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 316.
(6)
ساقط من ز.
(7)
في ز زيادة: "ورث العمة".
(8)
للصحابة ومن بعدهم في ميراث ذوي الأرحام قولان مشهوران:
الأول: أنهم لا يرثون، وبه قال زيد بن ثابت وأخذ به مالك والشافعي.
الثاني: أنهم يرثون، وهو قول جمهور الصحابة وتبعهم كثير من الفقهاء ثم اختلفوا في كيفية إرثهم، هل كالتعصيب أو بتنزيلهم مكان من أدلوا به؟
انظر: الأم 4/ 80، والمغني 6/ 229، وبداية المجتهد 2/ 339.
(9)
"فطريقة" في الأصل.
وأما إن اختلفت العلة بأن يقول بعضهم: [لا أورث العمة لبعدها من الأب](1)، ويقول البعض الآخر: لا أورث الخالة لإدلائها بالأم، فإن الفصل يجوز؛ لأن اختلاف المدرك يسوغ ذلك؛ لأنه إذا قال قائل: أورث العمة لشائبة الإدلاء بالأب، ولا أورث الخالة لإدلائها بالأم، وجهة الأنوثية (2) ضعيفة، فهذا قد قال (3) بالتوريث في العمة، وقد قاله بعض الأمة فلم يخرق الإجماع، وقال بعدم التوريث (4) في الخالة، وقد قاله بعض الأمة أيضًا فلم يخرق الإجماع.
وكذلك قال باعتبار ما اعتبره من العلة بعض الأمة، وبإلغاء ما ألغاه من العلة بعض الأمة فلم يخالف الإجماع (5).
حجة المنع مطلقًا: قوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على خطأ" كما قال المؤلف، وغير ذلك من الأدلة المذكورة أولاً؛ لأن إجماعهم على عدم الفصل دليل على منع الفصل (6).
حجة الجواز مطلقًا: أن اختلافهم في حكم المسألتين ليس بإجماع على حكم واحد (7)؛ لأن أحد الفريقين قال في المسألتين خلاف ما قال به الفريق
(1) ساقط من ز، وبدلها في ز:"أورث العمة لقربها من الأب"، وما في الأصل موجود في شرح القرافي ص 327.
(2)
"الأنوثة" في ز.
(3)
"قيل" في ز.
(4)
"التوارث" في ز.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 327، والمسطاسي ص 79.
(6)
انظر: المسطاسي ص 79.
(7)
انظر: المسطاسي ص 79.
الآخر.
حجة القول بالتفصيل: أن التصريح بعدم الفصل بين المسألتين دليل على منع الفصل بينهما، ومن فصل بينهما فقد خالف ما أجمعوا (1) عليه فيكون خارقًا للإجماع، وكذلك إذا كانت علة أحد القولين متحدة فلا يجوز خلاف ذلك؛ لأنه خرق للإجماع (2).
قوله: (ويجوز حصول الاتفاق بعد الاختلاف في العصر الواحد، خلافًا للصيرفي، وفي العصر (3) الثاني لنا وللشافعية والحنفية (4) قولان مبنيان على أن إِجماعهم على الخلاف هل يقتضي أنه الحق؟ فيمتنع الاتفاق أو (5) هو مشروط (6) بعدم الاتفاق، وهو الصحيح).
ش: هذه مسألة رابعة وخامسة.
إحداهما (7): هل يجوز الاتفاق بعد الاختلاف في العصر الواحد [أم لا](8)؟
والثانية: هل يجوز الاتفاق بعد الاختلاف في العصرين أم لا؟
(1)"اجتمعوا" في ز.
(2)
انظر: المسطاسي ص 78.
(3)
"البعض" في ز.
(4)
"فيه" زيادة في نسخ المتن.
(5)
"و" في أ.
(6)
"شرط" في أ.
(7)
"احدهما" في ز.
(8)
ساقط من ز، وهو الصواب؛ لأن هل لا يأتي بعدها تفصيل، بل يجاب عن السؤال بها بنعم أو لا، وقد تكرر ذلك في كثير من المواضع.
ذكر المؤلف في المسألة الأولى (1) قولين؛ مشهورهما الجواز، والشاذ المنع (2).
حجة المشهور: أن الصحابة رضوان الله عليهم اتفقوا على إمامة أبي بكر رضي الله عنه بعد اختلافهم في إمامة الخلفاء (3) رضي الله عنهم (4)، وكذلك اتفقوا على قتال مانعي الزكاة بعد اختلافهم فيه (5).
حجة أبي بكر الصيرفي من الشافعية: أن اختلافهم أولاً على قولين يدل على أن كل واحد من القولين حق، وإجماعهم بعد ذلك على الحق في أحد القولن دون الآخر فيه مخالفة الإجماع الأول.
قوله: (ويجوز حصول الاتفاق بعد الاختلاف في العصر الواحد خلافًا للصيرفي)، قال أبو إسحاق الشيرازي (6) في اللمع: الخلاف المذكور في هذه
(1) انظرها في: اللمع ص 260، 261، والمعتمد 2/ 498، 517، والمحصول 2/ 1/ 190، 204، والبرهان فقرة 656، والإبهاج 2/ 420، والإحكام لابن حزم 1/ 515، والإحكام للآمدي 1/ 278، وشرح القرافي ص 329، وشرح المسطاسي ص 79، وحلولو ص 281.
(2)
هو قول الصيرفي كما مر في المتن، وكما سيأتي بعد قليل في الشرح، وقد نسبه له الرازي بإطلاق، وحكاه صاحب البرهان عن القاضي، واختاره الآمدي.
انظر: البرهان فقرة 656، والمحصول 2/ 1/ 190، والإحكام للآمدي 1/ 278.
(3)
"الأربعة" زيادة في الأصل.
(4)
يدل عليه حديث السقيفة المشهور الذي سبق تخريجه، وانظره عند البخاري برقم 6830 في خطبة عمر المشهورة.
(5)
حيث رجعوا إلى قول أبي بكر، وانظر القصة في: البخاري برقم 6925، ومسلم برقم 20، والترمذي 2607.
(6)
"الشيراجي" في ز.
المسألة إنما هو فيما إذا استقر [الخلاف](1) وجوزوا الأخذ بكل واحد من القولين، وأما إذا لم يستقر الخلاف بعد، وهم في حالة (2) التفكر والتردد ثم اتفقوا بعد ذلك فذلك إجماع من غير خلاف، كإمامة أبي بكر، وقتال مانعي الزكاة (3).
وأما المسألة الثانية، وهي حصول الاتفاق في العصر الثاني بعد الاختلاف في العصر الأول (4)، يعني إذا اختلفت (5) الصحابة رضي الله عنهم على قولين وانقرض العصر عليه، هل يجوز للتابعين أن يتفقوا على أحد ذينك القولين أم لا؟
ذكر المؤلف فيه قولين، والصحيح المنع (6).
مثال ذلك: اتفاق التابعين على منع بيع أم الولد بعد اختلاف الصحابة [فيه](7) / 261/ (8).
(1) ساقط من ز.
(2)
"حال" في ز.
(3)
انظر: النقل في اللمع لأبي إسحاق ص 260، 261، وفيه اختلاف في الصياغة.
(4)
انظر المسألة في: اللمع ص 259، والتبصرة ص 378، والمعتمد 2/ 498، 517، والفصول 1/ 554، ومقدمة ابن القصار ص 120، والبرهان فقرة 656، والوصول 2/ 105، والإحكام لابن حزم 1/ 515، والإبهاج 2/ 420، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 297، والمحصول 2/ 1/ 194، والإحكام للآمدي 1/ 275، ومسلم الثبوت 2/ 226، وشرح القرافي ص 329، وشرح المسطاسي ص 79.
(5)
"اختلف" في ز.
(6)
الذي مال إليه القرافي وصرح به المسطاسي هو تصحيح القول بالجواز، وقد نسبه المسطاسي للأكثرين، انظر: شرح القرافي ص 229، وشرح المسطاسي ص 79.
(7)
ساقط من ز.
(8)
الخلاف بين الصحابة مشهور في هذه المسألة؛ حيث قال علي وابن عباس وابن الزبير =
حجة الجواز (1): ما قال المؤلف: أن إجماعهم على الخلاف مشروط بعدم الاتفاق، أي شرطه: ألا يطرأ إجماع بعده، وقد فات الشرط فيفوت المشروط (2).
وحجة أخرى: أن أهل العصر الثاني هم كل الأمة (3)، والصواب لا يفوت كل الأمة، فيتعين قولهم ويكون ما عداه باطلاً (4).
وحجة المنع (5): ما قال المؤلف، وهو أن إجماعهم على الخلاف يقتضي
= بجواز بيعهن، وقال جماعة من الصحابة على رأسهم عمر بن الخطاب بالمنع من ذلك، ثم أجمع على المنع من البيع التابعون ومن بعدهم إلا ما يروى عن عمر بن عبد العزيز والظاهرية، قال ابن عبد البر: القول ببيع أمهات الأولاد شذوذ تعلقت به طائفة منهم داود، ولا سلف لها
…
إلخ، نقل هذا عنه الزركشي في المعتبر. انظر: فتح الباري 5/ 164، 7/ 73، والمصنف لعبد الرزاق رقم 13224، واختلاف الفقهاء للطبري ص 17، وبداية المجتهد 2/ 393، والمعتبر للزركشي ص 95.
(1)
وهو قول الحنفية والمعتزلة وأكثر الشافعية والمالكية، واختيار أبي الخطاب من الحنابلة والإمام الفخر من الشافعية.
انظر: التبصرة ص 378، والمعتمد 2/ 497، والفصول 1/ 554، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 297، والمحصول 2/ 1/ 194، والإحكام للآمدي 1/ 275، ومسلم الثبوت 2/ 226.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 329، وشرح المسطاسي ص 80.
(3)
"كالأمة" في الأصل.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 329، وشرح المسطاسي ص 80.
(5)
وبه قال القاضي أبو بكر والأبهري من المالكية، وأبو يعلى من الحنابلة والصيرفي وإمام الحرمين والغزالي والآمدي من الشافعية.
ونسبه ابن برهان للشافعي، ويحكى عن أحمد بن حنبل وأبي الحسن الأشعري. انظر: التمهيد لأبي الخطاب 3/ 298، والمحصول 2/ 1/ 194، والوصول لابن برهان 2/ 105، والفصول للباجي 1/ 554، ومقدمة ابن القصار ص 120، والإحكام للآمدي 1/ 275، والإبهاج 2/ 420، وشرح المسطاسي ص 79 - 80.
أنه الحق فيمتنع (1) الاتفاق يعني أن أهل العصر الأول اتفقوا على جواز الأخذ بكل واحد من القولين، فالقول (2) بعد ذلك بحصر (3) الحق في أحدهما خلاف الإجماع الأول، فيكون باطلاً (4).
وحجة أخرى: أن ذلك يؤدي إلى تعارض الإجماعين؛ لأن أهل العصر الأول أجمعوا (5) على جواز الأخذ بكل واحد من القولين، وأهل العصر الثاني أجمعوا على امتناع الأخذ بكل واحد من القولين وإنما يؤخذ بواحد منهما خاصة دون الآخر، فيلزم تخطئة (6) أحد الإجماعين القاطعين، وذلك ممنوع.
قوله: (قولان مبنيان على [أن] (7) إِجماعهم على الخلاف) أي: على أن إجماعهم على جواز الأخذ بكل واحد من القولين يقتضي أنه الحق، فيمتنع (8) الاتفاق على الأخذ بأحد القولين خاصة، أو يقال: إجماعهم على الخلاف إنما يكون حقًا بشرط عدم الاتفاق على الأخذ بأحد القولين خاصة، وهو الصحيح عند المؤلف، فالخلاف إنما هو في تخريج المناط ثم تحقيقه.
(1)"فيمنع" في ز.
(2)
"الأول" زيادة في ز.
(3)
"يحصر" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 329.
(5)
"جمعوا" في ز.
(6)
"تخطيبة" في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
"فيمنع" في ز.
فرع: قال إمام الحرمين رضي الله عنه (1): إذا سمع أحد من رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمًا في مسألة بنص لا يحتمل التأويل ولم يسمع (2) غيره، والسامع ليس من أهل الاجتهاد، ثم أجمعت (3) الأمة على خلاف مسموعه، فهل يأخذ السامع بما سمع أو يأخذ بالإجماع؟
[فالجواب أنه يأخذ بالإجماع](4) لعصمة الإجماع، وذلك أن عدم عثورهم على الخبر يدل على نسخه ولو لم ينسخ لعثروا عليه [وعملوا به](5)(6) لما ثبت لهم من العصمة (7)، فاعلم هذه الحجة؛ فإن هذا مما زل فيه كثير من العلماء، وبالله التوفيق بمنّه.
قوله: (وانقراض العصر ليس شرطًا، خلافًا لقوم من الفقهاء والمتكلمين، لتجدد الولادة [في] (8) كل يوم، فيتعذر الإِجماع).
ش: هذه مسألة سادسة (9)، ................................
(1) لم أجد هذا النقل في البرهان ولا في التلخيص.
(2)
"تسمعه" في ز.
(3)
"اجتمعت" في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"وأيضًا" زيادة في ز.
(7)
انظر هذا الفرع في: المستصفى 1/ 211 وما بعدها، والوصول 2/ 116 وما بعدها، وانظره منقولاً عن الجويني في شرح المسطاسي ص 175، من مخطوط مكناس رقم 352.
(8)
ساقط من ش.
(9)
انظر هذه المسألة في: اللمع ص 253، والتبصرة ص 375، والمعتمد 2/ 502، والفصول للباجي 1/ 524، والإشارة له ص 170، والبرهان فقرة 640، والإحكام لابن حزم 1/ 513، والوصول 2/ 97، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 347، =
مذهب الجمهور أن الإجماع يصير حجة بنفس انعقاده (1) ولا يشترط فيه انقراض المجمعين (2)(3)، وذهب (4) أحمد بن حنبل (5) وبعض الشافعية (6) وبعض المعتزلة (7) إلى أنه لا يصير حجة إلا بعد انقراض المجمعين (8)(9).
حجة الجمهور القائلين بعدم اشتراط انقراض العصر: ما ذكره (10) المؤلف من تجدد الولادة في كل يوم فيتعذر الإجماع، يعني: أن اشتراط انقراض العصر في انعقاد الإجماع يؤدي إلى عدم تحقق الإجماع في شيء من الأعصار.
= والمحصول 2/ 1/ 206، والإحكام للآمدي 1/ 256، والإبهاج 2/ 442، وشرح القرافي ص 330، وشرح المسطاسي ص 80، وحلولو ص 282.
(1)
"الانعقاد" في ز.
(2)
"المجتمعين" في ز.
(3)
وبه قال القاضي أبو بكر وأكثر الشافعية والحنفية وجماهير العلماء، انظر: البرهان فقرة 640، والتبصرة ص 375، والإبهاج 2/ 442.
(4)
"ومذهب" في ز.
(5)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب 3/ 346، والإحكام للآمدي 1/ 256، والإبهاج 2/ 442.
(6)
انظر: اللمع ص 253، والتبصرة ص 375.
(7)
انظر: المعتمد 2/ 538، والفصول 1/ 524؛ حيث نسباه لأبي علي الجبائي.
(8)
"المجتمعين" في ز.
(9)
وبهذا قال بعض المالكية وطوائف من الأصوليين، وكثير ممن لم يعتبره هنا اعتبره في الإجماع السكوتي كما سيأتي، وقيد الجويني اشتراطه بما إذا أسند الإجماع إلى ظني. انظر: الإشارة للباجي ص 170، والبرهان الفقرات 640، 641، 650، والوصول 2/ 97، 98، واللمع ص 254، والمحصول 2/ 1/ 214، والإبهاج 2/ 442.
(10)
"ما ذكر" في ز.
لأن التابعين يولدون في زمن الصحابة رضوان الله عليهم ويصير منهم فقهاء مجتهدون قبل انقراض عصر الصحابة فيلزم ألا ينعقد إجماع الصحابة دونهم، ثم عصر التابعين أيضًا كذلك، فتتداخل (1) الأعصار بعضها في بعض فلا ينعقد إجماع أبدًا (2)؛ لأن من قال باشتراط انقراض العصر اشترط موافقة اللاحقين لهم (3) في صحة إجماعهم.
قوله: (لتجدد الولادة في كل يوم)، يعني: ويصير (4) المولود مجتهدًا فتتداخل (5) الأعصار فيتعذر الإجماع.
قال بعضهم: قول المؤلف: يمتنع الإجماع لتجدد (6) الولادة في كل يوم، لا يصح؛ لأن المعتبر في الإجماع من أدرك من المجتهدين عصر المجمعين (7)، وأما من أدرك [عصر](8) من أدرك عصر المجمعين (9) فلا يعتبر في إجماع من لم يعاصره، فيصح اشتراط انقراض العصر (10).
حجة القول باشتراط انقراض العصر في صحة الإجماع: أن الناس ما داموا
(1)"فتداخل" في ز.
(2)
انظر: التبصرة ص 376، والمعتمد 2/ 503، والفصول 1/ 527، وشرح القرافي ص 330، والمسطاسي ص 81.
(3)
"بهم" في ز.
(4)
"فيصير" في ز.
(5)
"فتداخل" في ز.
(6)
"يتجدد" في ز.
(7)
"المجموعين" في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
"المجموعين" في ز.
(10)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب 3/ 356.
أحياء فهم في مهلة النظر والاجتهاد، فربما يرجعون أو بعضهم عما أجمعوا عليه، فلا ينعقد الإجماع (1).
قوله: (وإِذا حكم بعض الأئمة (2) وسكت الباقون؛ فعند الشافعي والإِمام ليس بحجة ولا إِجماع (3)(4)، وعند الجبائي إِجماع وحجة بعد انقراض العصر (5)، وعند أبي هاشم ليس بإِجماع وهو حجة (6)، وعند أبي علي بن أبي هريرة (7) (8): إِن كان القائل حاكمًا لم يكن إِجماعًا ولا حجة
(1) انظر: الفصول للباجي 1/ 530، وشرح القرافي ص 330، وشرح المسطاسي ص 81.
(2)
"الأمة" في ز.
(3)
"والإجماع" في ز.
(4)
وبه قال أيضًا القاضي أبو بكر وأبو عبد الله البصري ونسبه صاحب الإبهاج للغزالي، وهو مذهب الظاهرية.
انظر: المحصول 2/ 1/ 215، والبرهان فقرة 645، والمعالم للرازي ص 228، والمعتمد 2/ 533، والإبهاج 2/ 426، والفصول 1/ 532، والإحكام لابن حزم 1/ 530.
(5)
انظر: المعتمد 2/ 533، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 426، والمحصول 2/ 1/ 215، والإبهاج 2/ 426.
وقد اعتبر الشيرازي هذا مذهب الشافعية. انظر: اللمع ص 254، والتبصرة ص 391.
(6)
انظر: المعتمد 2/ 533، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 324، والمحصول 2/ 1/ 215، وبه قال الصيرفي وبعض الشافعية: انظر: اللمع ص 254، والتبصرة ص 392.
(7)
في أ: "هبيرة"، وفي ز كذلك في أحد الموضعين وصححها الناسخ، وفي الموضع الآخرة "مبيرة".
(8)
هو الحسن بن الحسين البغدادي، يعرف بابن أبي هريرة، أحد أعلام الشافعية والقضاة المشهورين، تفقه بابن سريج ثم بأبي إسحاق المروزي وصحبه إلى مصر، ثم =
وإِن كان غيره فهو حجة وإِجماع) (1)(2).
ش: هذه مسألة سابعة (3)، يعني إذا ذهب واحد من المجتهدين إلى حكم في نازلة قبل استقرار المذاهب (4) على حكم [تلك النازلة](5)، كان ذلك على طريق الحكم أو على طريق الفتيا، وحضر الباقون، أو عرف (6) به أهل عصره، وسكتوا عن الإنكار عليه.
كقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر: ألا إن الخمر إذا تخلل بنفسه فهو حلال (7)، وسكت الآخرون.
= عاد إلى بغداد ودرس بها حتى توفي سنة 345 هـ.
انظر: طبقات ابن السبكي 2/ 206، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ص 72، والوفيات 2/ 75، والشذرات 2/ 370، وتاريخ بغداد 7/ 298.
(1)
"إجماع وحجة" بالتقديم والتأخير في نسخ المتن.
(2)
انظر: اللمع ص 254، والتبصرة ص 392، والمحصول 2/ 1/ 215.
(3)
انظر للمسألة مصادر توثيق الأقوال السابقة؛ وأيضًا:
الإشارة للباجي ص 172، والإحكام للآمدي 1/ 252، وشرح القرافي ص 330، والوصول 2/ 124، 126، وشرح المسطاسي ص 81.
(4)
"المذهب" في الأصل.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
"وعرف" في ز.
(7)
لم أجد هذا اللفظ، والمشهور عن عمر هو ما أخرجه عبد الرزاق من رواية مكحول عنه أنه قال وهو بالجابية:"لا يحل خل من خمر أفسدت حتى يكون الله هو الذي أفسدها" انظره في المصنف 9/ 253 برقم 17110.
وفي لفظ آخر لعبد الرزاق عن أسلم مولى عمر أن عمر بن الخطاب قال: لا تأكل خلاً من خمر أفسدت حتى يبدأ الله بفسادها
…
الحديث انظره في المصنف برقم 17111، وبه أخرجه أبو عبيد في الأموال برقم 288، وعن أبي عبيد أخرجه ابن زنجويه في الأموال برقم 438، وانظر السنن الكبرى للبيهقي 6/ 37، وقد نقل ابن =
فاختلف الأصوليون فيه على خمسة أقوال، ذكر المؤلف أربعة، والخامس هو إجماع وحجة مطلقًا، وهو قول جمهور المالكية والشافعية (1).
حجة القول بأنه إجماع وحجة مطلقًا: أن السكوت ظاهر في الرضى لا سيما مع طول المدة، ولهذا قال (2) عليه السلام [في البكر] (3):"إذنها صماتها"(4)، فإذا كان الساكت موافقًا للقائل كان إجماعًا وحجة، عملاً بالأدلة الدالة على كون الإجماع حجة (5).
حجة القول بأنه ليس بإجماع ولا حجة: أن السكوت لا يدل على الرضى؛ لأن الساكت قد يسكت (6)؛ لأنه في مهلة النظر أو التدبر (7)، أو يعتقد أن قول خصمه مما يمكن أن يذهب إليه ذاهب، أو يعتقد أن كل مجتهد مصيب، أو لأنه عنده منكر ولكن يظن أن غيره قام بالإنكار عليه، أو يعتقد أن
= قدامة في المغني 8/ 320 الإجماع هنا عن الصحابة بدليل أن عمر صعد المنبر فقال
…
ولم ينكر عليه أحد.
(1)
وهو أيضًا قول جمهور الحنفية، ورواية عن أحمد.
انظر: الفصول 1/ 532، والإشارة ص 172، والوصول 2/ 124، 126، والإحكام للآمدي 1/ 252، والبرهان فقرة 645، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 324، والتوضيح 2/ 82.
(2)
"قوله" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
جزء من حديث صحيح رواه البخاري عن عائشة برقم 6971، ومسلم عن ابن عباس برقم 1421، والترمذي عن ابن عباس برقم 1108.
(5)
انظر: شرح المسطاسي ص 82.
(6)
"يشك" في ز.
(7)
"والتدبير" في ز.
إنكاره لا يفيد، أو لأنه لا يقدر على الإنكار في الحال (1)، ومع هذه الاحتمالات لا يقال: الساكت موافق للقائل، وهو معنى قول الشافعي:"لا ينسب إلى ساكت (2) قول (3) ".
حجة (4) الجبائي القائل: بأنه إجماع وحجة بعد انقراض العصر: أن الساكت ما دام حيًا هو في مهلة (5) النظر والاجتهاد، فإذا مات أمن خلافه (6).
حجة القول بأنه حجة وليس بإجماع: وإنما قال/ 262/: ليس بإجماع لاحتمال السكوت غير الموافقة (7) كما تقدم، وإنما قال: هو حجة؛ لأن السكوت ظاهر في الرضى، [والظاهر يفيد الظن، والظن حجة معمول به لقوله عليه السلام: "نحن نحكم بالظاهر"، وقوله عليه السلام: "أمرت أن أقضي بالظاهر" وقياسًا](8) على سائر المدارك الظنية (9).
(1) انظر هذه الاحتمالات وغيرها في المحصول 2/ 1/ 216 وما بعدها، وشرح القرافي ص 330، 331، وشرح المسطاسي ص 82.
(2)
"لساكت" في ز.
(3)
هذا القول مشهور عن الشافعي ولم أره فيما بين يدي من كتبه، وقد نسبه إليه الجويني في البرهان فقرة 646، والغزالي في المنخول ص 318، والرازي في المحصول 2/ 1/ 220، وكثير ممن جاء بعدهم، وانظر: شرح القرافي ص 331.
(4)
"أبي علي" زيادة في ز.
(5)
"فمهلة" في ز.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 331.
(7)
المعنى: أن السكوت قد يكون للموافقة، وقد يكون لغيرها من الأسباب التي سبق أن أشار إليها.
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 331، وشرح المسطاسي ص 82.
حجة القول بالفرق بين الحاكم والمفتي: أن أحكام الحاكم تابعة لما يطلع عليه من أمور الرعية، فربما يطلع على ما لا يطلع عليه غيره من أمور رعيته مما يقتضي خلاف دعوى الخصم وظاهر الحال [يقتضي](1) أنه مخالف للإجماع، وأما المفتي فإنما (2) يفتي على مقتضى المدارك الشرعية وهي معلومة عند غيره، فإذا رآه قد خالفها نبهه، بخلاف الحاكم؛ لاطلاعه على ما لم يطلع عليه غيره من أحوال رعيته، فإنه (3) قد يرى المذهب المرجوح راجحًا في بعض الخصوم مما لا يطلع عليه إلا من وُلِّي عليه (4).
قوله: (فإِن قال بعض الصحابة قولاً ولم يعرف له مخالف، قال الإِمام: إِن كان مما تعم به البلوى ولم ينتشر ذلك القول فيهم، ففيه (5) مخالف لم يظهر، فيجري مجرى قول البعض وسكوت البعض، وإِن كان مما لا تعم به البلوى، فليس بإِجماع ولا حجة).
ش: هذه مسألة ثامنة (6).
(1) ساقط من ز.
(2)
"فانه" في ز.
(3)
"لأنه" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 331، والمسطاسي ص 82.
(5)
في أ: "فقيه"، وفي ش:"وفيهم فقيه"، وفي خ:"فيحتمل أن يكون فيهم".
(6)
انظر هذه المسألة في: اللمع ص 264، والتبصرة ص 395، والفصول 1/ 532، والمعتمد 2/ 539، 540، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 330، 331، والإحكام لابن حزم 1/ 530، 535، 566، والوصول لابن برهان 2/ 127، والمحصول 2/ 1/ 223، والمسودة ص 335، والإحكام للآمدي 1/ 455، والإبهاج 2/ 428، وشرح القرافي ص 332.
الفرق (1) بين هذه المسألة والتي قبلها، أن القول في التي قبلها منتشر ظاهر، والقول في هذه المسألة غير منتشر.
فقال الإمام في المحصول: إذا قال بعض الصحابة (2)[قولاً](3) ولم ينتشر فيهم، ففيه تفصيل بين أن تعم به البلوى أم لا، فإن كان مما تعم به البلوى فيجري مجرى قول البعض بحضرة البعض (4) وسكوتهم، فتكون بمنزلة المسألة التي قبل هذه وهي قوله: (وإِذ حكم بعض الأمة وسكت الباقون
…
) إلى آخره، وإن كان مما لا تعم به البلوى فليس بإجماع ولا حجة (5).
قوله: (وإِن كان مما تعم به البلوى) يعني: الحاجة (6)، وهو ما احتاج
(1)"والفرق" في ز.
(2)
الأصح في هذه المسألة عدم قصرها على الصحابة، وهذا ما فعله الآمدي وابن السبكي. انظر: الإحكام 1/ 255، والإبهاج 2/ 428.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
"الباقين" في ز.
(5)
انظر: المحصول 2/ 1/ 223، 224.
وعلى هذا يكون رأي الرازي في المسألتين واحدًا؛ لأنه لا يقول بالإجماع السكوتي، وقد جزم جماعة من العلماء بأن الحكم في هذه المسألة ليس بإجماع بإطلاق، فمن هؤلاء: الشيرازي، وأبو بكر الباقلاني، وأبو الخطاب، وابن حزم، والآمدي، وابن برهان.
انظر: اللمع ص 264، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 330، والفصول 1/ 532، والإحكام لابن حزم 1/ 530، والوصول لابن برهان 2/ 127، والإحكام للآمدي 1/ 255، وشرح حلولو ص 283، 284.
(6)
أصل البلوى: الامتحان والاختبار كما في القواميس. انظر: اللسان مادة (بلا)، والتاج مادة (بلي)، ولم أجد المعنى الذي ذكره الشوشاوي فيما راجعت من =
إليه كل مكلف؛ لأن التكليف به يعم كل أحد من المكلفين، كدم البراغيث (1)، والدماميل (2)، وطين المطر، وغيرها بالنسبة إلى العفو عنها، وكمسّ (3) الأنثيين، والدبر، أو بين (4) الإليتين، بالنسبة إلى نقض الوضوء، كذلك القيء (5)، والقلس (6)، والبلغم (7)، والرعاف (8)، والحجامة، والفصادة (9)،
= القواميس، لكنه يفهم من المعنى الذي ذكرته؛ لأنه لما امتحن بفعله كل أحد، قيل: عمت به البلوى، فاحتيج إلى معرفة حكمه.
(1)
بفتح الموحدة والراء، وكسر الغين المعجمة، جمع برغوث بفتح الباء وضمها دويبة أكبر من القمل ومن أنواعه، يكثر في الثياب ويعرض لبعضه الطيران، ويريد بدمه: ما يصيب الثوب من أثر قتله. انظر: اللسان مادة (برغث)، والمستطرف للأبشيهي 2/ 115، وعجائب المخلوقات للقزويني ص 290.
(2)
بفتح المهملة والميم الأولى وكسر الميم الثانية، جمع دمل بضم المهملة وفتح الميم مع تشديدها وهو الخرّاج، سمي بذلك تفاؤلاً بالصلاح؛ لأنه يخرج الصديد حتى يبرأ.
انظر: اللسان مادة (دمل).
(3)
"ومس" في ز.
(4)
"وبين" في ز.
(5)
بفتح القاف: خروج ما في الجوف عن طريق الفم. انظر: اللسان مادة (قيأ).
(6)
بفتح القاف وسكون اللام، وهو ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه، فإذا غلب فهو القيء. انظر: اللسان مادة (قلس).
(7)
البلغم في الأصل: خلط من أخلاط البدن وهو أحد الطبائع الأربع، ويريد به هنا ما يخرج من الصدر والرأس عن طريق الفم، والصواب أن ها هنا أربعة أشياء: المخاط: وهو ما يسيل من الأنف عن طريق الأنف، والنخامة: ما يخرج من الأنف عن طريق الفم، والنخاعة: وهي ما يخرج من الرأس عن طريق الفم، والبلغم: ويريدون به ما يخرج من الصدر عن طريق الفم. انظر: اللسان مادة (بلغم)، ومادة (نخم)، و (مخط).
(8)
بضم الراء وفتح المهملة: دم يسبق من الأنف. انظر: اللسان مادة (رعف).
(9)
الفرق بين الحجامة والفصادة أن الأولى مصّ الدم من العرق بالآلة الخاصة بذلك، والفصادة هي شق العرق وترك الدم يخرج. انظر: اللسان مادة (حجم) و (فصد).
بالنسبة إلى نقض الوضوء، وذلك (1) أن هذه الأشياء كلها وقع فيها الخلاف بين العلماء وهي كلها مما تعم به البلوى.
وقد أشار القاضي عبد الوهاب إلى الخلاف فيها بالردّ على المخالف فقال في التلقين: ولا يوجب الوضوء ما خرج من البدن من غير السبيلين (2) من قيء ولا قلس ولا بلغم ولا رعاف ولا حجامة ولا فصادة (3) ولا غير ذلك (4).
قوله: ولا غير ذلك، كالدم (5) والعرق واللعاب والمخاط.
وقال أيضًا: ولا وضوء من مسّ (6) الأنثيين ولا الدبر ولا شيء من أرفاغ البدن وهي مغابنه الباطنة كتحت الإبطين وما بين الفخذين وما أشبه ذلك (7)، ولا من أكل شيء أو شربه (8) كان مما مسته النار أو مما لم تمسه، ولا من قهقهة في صلاة أو غيرها، ولا من ذبح بهيمة أو غيرها (9).
قوله: أو غيرها أي: غير (10) البهيمة كذبح الطيور، وفي بعض النسخ:
(1)"وكذلك" في ز.
(2)
"السيلين" في ز.
(3)
في نسخة التلقين: "فصاد".
(4)
انظر: التلقين للقاضي عبد الوهاب ورقة 4/ ب من مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم ج 672.
(5)
في ز: "كالدمع" ولعله أقرب لمناسبة ما بعده.
(6)
في التلقين: "على من مس".
(7)
انظر: اللسان مادة (رفغ).
(8)
"مشربه" في ز.
(9)
انظر: التلقين للقاضي عبد الوهاب ورقة 5/ أ، مخطوط في الخزانة العامة بالرباط برقم ج 672.
(10)
أي: "أو غير" في ز.
أو غيره، بضمير التذكير، أي: أو غير الذبح، كحمل الميت (1) أو مس الصنم، أو حلق الشعر، أو قص (2) الظفر.
قوله: ولا من أكل شيء أو شربه (3)، خلافًا لمن قال بذلك مستدلاً بأنه عليه السلام: أكل كتف شاة فتوضأ (4)، وشرب (5) لبن ناقة فتوضأ (6)، وحمل مالك ذلك الوضوء على (7) اللغوي (8).
(1)"الميتة" في الأصل.
(2)
"وقص" في ز.
(3)
"مشربه" في ز.
(4)
لم أجد هذا الحديث، بل وجدت عكسه منها: ما رواه البخاري برقم 207، ومسلم برقم 354، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ، ومثله حديث ميمونة عند مسلم برقم 356، ويدل على معنى الحديث الذي ذكره الشوشاوي أحاديث الوضوء مما مست النار، وقد رواها عدد من الصحابة فانظر منها عند مسلم برقم 351 عن زيد بن ثابت، ورقم 353 عن عائشة، ورقم 352 عن أبي هريرة، وعند الترمذي برقم 79 عن أبي هريرة، وانظر: مجمع الزوائد 1/ 248؛ حيث ذكر كثيرًا منها. قال العلماء: هذه منسوخة بأحاديث عدم الوضوء، ومن أصرحها حديث جابر:"كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسّت النار". أخرجه أبو داود برقم 191، 192، والنسائي 1/ 108، وانظر: المغني 1/ 191، وبداية المجتهد 1/ 40.
(5)
"فشرب" في ز.
(6)
لم أجده بهذا اللفظ، لكن قد روي عدة أحاديث فيها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء من لبن الإبل، فمنها حديث أسيد بن الحضير الذي رواه ابن ماجه برقم 496، وأحمد 4/ 352، وحديث عبد الله بن عمرو عند ابن ماجه برقم 497، وانظر: مجمع الزوائد 1/ 250.
(7)
"على الوضوء" في ز بالتقديم والتأخير.
(8)
أي: النظافة، انظر: معجم مقاييس اللغة مادة (وضأ)، وانظر: المنتقى شرح الموطأ للباجي: 1/ 65.
قوله: (وإِن كان مما لا تعم به البلوى) أي: وإن كان مما لا يحتاج إليه كل أحد من المكلفين، كالاستحاضة (1) والسلس (2) والدود والحصى، بالنسبة إلى نقض الوضوء.
وإنما قال الإمام: إذا كان مما تعم به البلوى يجري مجرى قول [البعض](3) وسكوت البعض؛ لأن ما تعم به البلوى شأنه أن ينتشر بينهم لعموم سببه لهم وشموله لهم، فإذا (4) لم ينتشر بينهم فلا بد أن يكون الساكت علم تلك الفتوى لوجود سببها في حقه وهو إما موافق أو مخالف (5)(6).
قال المؤلف في شرحه: قولي: ففيه (7) مخالف لم يظهر، صوابه ففيه قائل لم يظهر، أما المخالف (8) فلا يتعين؛ لأن الساكت قد يكون موافقًا للقائل، وقد يكون مخالفًا له (9).
وإنما قال الإمام: إذا كان [مما](10) لا تعم به البلوى فلا يكون إجماعًا ولا
(1) هي سيلان الدم في غير أيام معلومة ومن غير عرق المحيض.
انظر: أنيس الفقهاء للقونوي ص 64، وتصحيح التنبيه للنووي ص 8، واللسان مادة (حيض).
(2)
هو عدم الاستمساك في البول. انظر: اللسان مادة (سلس).
(3)
ساقط من ز.
(4)
"وإذا" في ز.
(5)
"وإما مخالف" في ز.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 332، وشرح المسطاسي ص 82.
(7)
"فيه" في ز.
(8)
"الخلاف" في ز.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 332، وفيه اختلاف في اللفظ عما هنا.
(10)
ساقط من ز.
حجة لاحتمال ذهول (1) البعض عنه.
وإنما قال الإمام: ليس بإجماع ولا حجة؛ لأن مذهبه في الإجماع السكوتي أنه ليس بإجماع ولا حجة، وإلا فالخلاف جار في الجميع (2).
قوله: (وإِذا جوّزنا الإِجماع السكوتي فكثير (3) ممن لم يعتبر انقراض العصر في القولي اعتبره في السكوتي).
ش: هذه مسألة تاسعة (4)، والفرق بين القولي والسكوتي في هذا المعنى: أن الإجماع القولي قد صرح كل واحد بما في نفسه فلا معنى لانتظار انقراض العصر، وأما السكوتي فيحتمل أن يكون الساكت في مهلة النظر فينتظر حتى ينقرض العصر، فإذا مات علمنا رضاه (5).
قال الإمام فخر الدين: هذا ضعيف؛ لأن السكوت إما أن يدل على
(1)"هول" في ز.
(2)
يعني أن رأي الرازي في المسألتين واحد، لكن يختلف المأخذ، ففي الأولى لاحتمال الذهول من البعض، وفي هذه إلحاقًا له بالسكوتي.
وانظر تفصيل القول في الأقوال الثلاثة ودرجة ضعف وقوة القول بها في: شرح المسطاسي ص 176 من مخطوط مكناس رقم 352.
وقوله: الخلاف جار في الجميع، فيه نظر؛ لأنه إذا كان مما لا تعم به البلوى فلا يجري فيه الخلاف، قاله غير واحد كما أشرت قبل قليل، ولو كان يجري الخلاف فيهما لما كان للتفريق بينهما فائدة. وانظر: شرح حلولو ص 284.
(3)
"وكثير" في ش.
(4)
انظر المسألة في: اللمع ص 254، والتبصرة ص 375، والبرهان فقرة 640، 650، والمحصول 2/ 1/ 213، والإبهاج 2/ 442، وشرح القرافي ص 332، وشرح المسطاسي ص 83.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 332، وشرح المسطاسي ص 83.
الرضا أم لا، فإن دل على الرضا دل عليه في الحياة، وإن لم يدل على الرضا لم يدل عليه في الممات (1).
قوله: (والإِجماع المروي (2) بالآحاد (3) حجة خلافًا لأكثر الناس؛ لأن هذه الإِجماعات (4) وإِن لم تفد [العلم](5) فهي تفيد الظن [والظن](6) معتبر في الأحكام كالقياس وخبر الواحد، غير أنا (7) لا نكفر (8) مخالفها قاله الإِمام (9)).
ش: هذه مسألة عاشرة (10).
حجة كونه حجة ثلاثة [أوجه](11):
(1) انظر النقل بمعناه في المحصول 2/ 1/ 214، وانظر: شرح القرافي ص 332.
(2)
"بأخبار" زيادة في أ.
(3)
"المظنونة" زيادة في ش.
(4)
"الآحاد" في أ.
(5)
ساقط من أ، وفي خ:"القطع".
(6)
ساقط من أ.
(7)
"أنها" في أ.
(8)
"يكفر" في أ.
(9)
انظر: المحصول 2/ 1/ 297.
(10)
انظر المسألة في: المعتمد 2/ 535، والفصول للباجي 1/ 571، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 322، والإبهاج 2/ 443، والإحكام للآمدي 1/ 281، والمحصول 2/ 1/ 214، ومسلم الثبوت 2/ 242، وتيسير التحرير 1/ 261، وشرح القرافي ص 332، وشرح المسطاسي ص 83، 84.
(11)
ساقط من ز.
أحدها: ما قال المؤلف أنه مفيد للظن والظن (1) معتبر شرعًا كالقياس وخبر الواحد.
الوجه الثاني: أن الإجماع حجة شرعية فيصح التمسك بمظنونه كما يصح بمقطوعه كالنصوص والقياس (2).
الوجه الثالث: أنه يقاس على قبوله في السنة؛ لأنه إذا كان مقبولاً في السنة فأولى وأحرى أن يكون مقبولاً في الإجماع؛ لأن السنة متفق عليها، والإجماع مختلف فيه، فإذا جاز إثبات السنة بالآحاد فأولى وأحرى/ 263/ أن يثبت الإجماع بالآحاد.
حجة كونها ليس بحجة (3): أن الإجماع من الوقائع العظيمة (4) فشأنه (5) أن تتوفر (6) الدواعي (7) على نقله، فإذا لم ينقل بالتواتر كان ذلك ريبة فيه (8).
ورد هذا الدليل: بأنه لازم في خبر الواحد (9) بما تعم به (10) البلوى، مع أن
(1)"والنظر" في الأصل، وقد أجرى عليها الناسخ تعديلاً حتى جمعت بين النظر والظن.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 332، والمسطاسي ص 83.
(3)
نسب الباجي هذا القول للقاضي أبي بكر والقاضي أبي جعفر، ونسبه صاحب الإبهاج لأكثر العلماء، فانظر: الفصول 1/ 571، والإبهاج 2/ 443، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 322، وتيسير التحرير 3/ 261.
(4)
"العطية" في ز.
(5)
"شأنه" في ز.
(6)
"يتواتر" في ز.
(7)
"الدعاوى" في ز.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 332.
(9)
في صلب الأصل: "الآحاد"، وقد صححها الناسخ في الهامش.
(10)
"فيه" في ز.
الصحيح قبوله.
أجيب عنه: بأن عموم البلوى أقل من الكل (1).
قوله: (غير أنا لا نكفر مخالفها) وإنما [لا](2) يكفر مخالف الإجماعات المروية بالأخبار الآحادية (3)؛ لأنها ظنية (4)، ولا يكفر بمخالفة الظنون (5) باتفاق، وإنما الخلاف في الإجماع الثابت بالتواتر هل يكفر به أم لا؟
كما سيأتي إن شاء الله [في آخر هذا الفصل في قوله: (واختلف في تكفير مخالفه بناء على أنه قطعي، وهو الصحيح، ولذلك قدم على الكتاب والسنة، وقيل: ظني)](6).
قوله: ([قال] (7) وإذا استدل أهل العصر [الأول](8) بدليل وذكروا (9) تاويلاً، واستدل [أهل](10) العصر الثاني بدليل آخر وذكروا تأويلاً آخر
(1) انظر الاعتراض وجوابه في: شرح القرافي ص 332.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"بأخبار الآحاد" في ز.
(4)
انظر: المحصول 2/ 1/ 297، والوجيز للكرماستي ص 170، ومسلم الثبوت مع شرحه الفواتح 2/ 243، وتيسير التحرير 3/ 285.
(5)
"المظنون" في ز.
(6)
ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، وقد جعله ناسخ ز بعد هذا الموضع بعدة أسطر، كما سأنبه، ويبدو أنه وجدها ملحقة فاجتهد ووضعها هناك، وما كل مجتهد مصيب، ولكل مجتهد نصيب.
(7)
ساقط من ش.
(8)
ساقط من أوخ.
(9)
"ذكروا" بحذف الواو في الأصل.
(10)
ساقط من نسخ المتن الثلاث.
فلا يجوز إِبطال التأويل القديم، وأما الجديد فإِن لزم منه إِبطال القديم بطل وإِلا فلا).
ش: هذه مسألة حادية عشر (1)، أي: قال الإمام: إذا استدل أهل العصر الأول على مسألة الإجماع بدليل ثم استدل أهل العصر الثاني على تلك المسألة بدليل آخر (2).
مثاله: اللفظ المشترك كالقرء (3)[مثلاً](4)(5) إذا فسره أهل العصر الأول بالطهر ثم فسره أهل العصر الثاني بالحيض، فلا يجوز إبطال التأويل القديم وهو تفسيره بالطهر، ويبطل التأويل الثاني وهو تفسيره بالحيض؛ لأن تفسيره بالحيض يؤدي إلى إبطال تفسيره (6) بالطهر؛ لأن الطهر مناقض للحيض فإذا ثبت أحدهما ارتفع الآخر فلا يمكن اجتماعهما.
قوله: (يبطل وإِلا [فلا] (7)) أي: بطل التأويل الثاني، وإن لم يلزم منه إبطال القديم فلا يبطل التأويل الثاني، كالعام إذا خصصه [أهل العصر الأول بتخصيص، وخصصه](8) أهل العصر الثاني بتخصيص آخر، فلا يبطل واحد
(1) كذا في النسختين، والصواب: حادية عشرة، وسيكرر الشوشاوي هذا حتى المسألة التاسعة عشرة، وانظر هذه المسألة في: المعتمد 2/ 514، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 317، 321، والمحصول 2/ 1/ 224، والوصول 2/ 113، والإحكام للآمدي 1/ 273، وتيسير التحرير 3/ 256، وشرح القرافي ص 333، وشرح المسطاسي ص 84.
(2)
انظر كلام الإمام الفخر في: المحصول 2/ 1/ 224 وما بعدها.
(3)
"كالطهر" في الأصل.
(4)
ساقط من الأصل.
(5)
هذا مكان الزيادة في نسخة ز التي أشرت قبل قليل إلى أن الناسخ ضل مكانها فوضعها هنا ومكانها قبل هذا.
(6)
"التفسير" في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
ساقط من الأصل.
من التأويلين، فيبقى كل واحد على حاله.
مثال (1)[ذلك](2): قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (3) إذا خصصه أهل العصر الأول بالنساء والصبيان، وخصصه (4) أهل العصر الثاني بكل ما ليس فيه إذاية (5) للمسلمين كالأحبار والرهبان والشيخ الفاني، فلا يبطل التأويل الثاني [ها](6) هنا كما لا يبطل التأويل القديم؛ لأن التأويل الثاني لا يلزم من إثباته إبطال التأويل القديم، لإمكان اجتماعهما، فيخصص العموم بمجموع (7) التأويلين معًا فيخرج النساء والصبيان والأحبار والرهبان والشيخ الفاني [من العموم](8).
قوله: (وإِذا استدل أهل العصر الأول بدليل
…
) إلى آخره، هذا الذي ذكره المؤلف إنما هو فيما إذا لم ينص أهل العصر الأول على منع الاستدلال بغير دليلهم، ولا نصوا على جواز الاستدلال بغير دليلهم (9)، أما إذا نصوا
(1)"مثاله" في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
التوبة: 5، وقد ساق الآية بدون الفاء.
(4)
"ثم خصصه" في ز.
(5)
هكذا في النسختين، ولم أجد التعبير فيما راجعت من معاجم اللغة بعد طول بحث وسؤال المختصين، والموجود، أذية وأذى وأذاة، ولعل المؤلف قاسها على هداية، ولكنها لم تسمع.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"بإجماع" في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
انظر: المعتمد 2/ 514، والوصول لابن برهان 2/ 113، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 321، وتيسير التحرير 3/ 256.
على منع الاستدلال بغير دليلهم فإنه يمنع (1) الاستدلال بغير دليلهم اتفاقًا، وكذلك إذا نصوا على جواز الاستدلال بغير دليلهم، فإنه يجوز الاستدلال بغير دليلهم اتفاقًا أيضًا.
وإنما الخلاف فيما إذا سكت أهل العصر الأول عن الأمرين، أعني: سكتوا عن جواز الاستدلال بغير دليلهم وسكتوا أيضًا عن منع الاستدلال بغير دليلهم.
فالقول المشهور الذي عليه الجمهور جواز الاستدلال بغير دليلهم، والشاذ (2) منعه، فالمختار مذهب الجمهور بأنه (3) جائز إلا إذا لزم منه إبطال ما أجمع (4) عليه أهل العصر الأول كما قاله (5) المؤلف.
قوله: (وإِجماع أهل المدينة [عند مالك رحمه الله] (6) فيما طريقه التوقيف حجة خلافًا للجميع).
ش: هذه مسألة ثانية عشر (7) ..............................
(1)"يمتنع" في ز.
(2)
"وانشاد" في ز.
(3)
"فانه" في ز.
(4)
"ما اجتمع" في ز.
(5)
"قال" في ز.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
انظر لهذه المسألة: اللمع ص 256، والتبصرة ص 365، ومقدمة ابن القصار ص 90، والفصول 1/ 540، والإشارة ص 171، والمعتمد 2/ 492، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 274، والبرهان فقرة 667، والإحكام لابن حزم 1/ 533، والوصول لابن برهان 2/ 122، والمحصول 2/ 1/ 228، والإحكام للآمدي 1/ 243، والتوضيح 2/ 93، وترتيب المدارك للقاضي عياض 1/ 67، وشرح =
يعني إذا أجمع (1) علماء المدينة من الصحابة والتابعين على شيء مما سبيله التوقيف، أي: النقل (2) فهو حجة عند مالك، يعني وعند جمهور أصحابه.
قال الباجي: وإليه ذهب المحققون من أصحابنا (3).
قوله: (فيما طريقه التوقيف)، كصفة الأذان والإقامة، ومقدار الصاع والمد (4)، وجواز الأحباس (5)(6)، وغير ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل والرواية عن النبي عليه السلام.
= القرافي ص 334، والمسطاسي ص 84، وشرح حلولو ص 284.
(1)
"اجتمع" في ز.
(2)
هذا أحد تأويلات مذهب الإمام مالك في إجماع أهل المدينة، وهو الذي رجحه القرافي وتبعه الشوشاوي، وقد صححه الباجي في الفصول ونسبه لمحققي المالكية كما سيذكر ذلك الشوشاوي، وممن قال بهذا من فحول المالكية: الأبهري والباقلاني وابن القصار، وقد أوّل قول مالك بتأويلات أخرى منها:
1 -
أن مراده تقديم روايتهم على رواية غيرهم.
2 -
أن مراده ترجيح إجماعهم على إجماع غيرهم من فقهاء الأمصار.
3 -
أن مراده إجماع أهل المدينة في عصر الصحابة.
4 -
أن مراده إجماع أهل المدينة من الصحابة والتابعين.
5 -
أن مراده عموم ذلك في الزمان والأشخاص.
انظر: شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 35، ونهاية السول 3/ 264، والإبهاج 2/ 407، وإرشاد الفحول ص 82، والمسطاسي ص 84، وشرح حلولو ص 284.
(3)
انظر: الفصول للباجي 1/ 542.
(4)
"ومقدار صاعه عليه السلام ومده" في ز.
(5)
"وسقوط الزكاة من الخضروات" زيادة في ز.
(6)
الأحباس جمع حبس بضمتين، وروي بسكون الباء كقفل، وقيل: بل حبس جمع لحبيس كسرير وسرر وقضيب وقضب، أي إنه جمع كثرة للرباعي من (فعيل) اسمًا، والمراد بالأحباس ما يوقف لله من الصدقات ذات الغلة؛ حيث يحبس أصله وتسبل =
واحترز بقوله: (التوقيف) مما طريقه الاجتهاد.
وقيل (1): إجماعهم حجة مطلقًا في المنقولات وفي الاجتهاديات، وإليه ذهب أكثر المغاربة (2)(3).
وقيل: إجماعهم لا يكون حجة مطلقًا (4).
حجة [قول](5) مالك بأنه حجة في النقل دون الاجتهاد: أن أخلافهم (6) ينقلون عن أسلافهم، وأبناءهم، عن آبائهم، وذلك يخرج الخبر عن حيز الظن والتخمين إلى حيز القطع واليقين (7).
حجة (8) القول بأنه حجة مطلقًا: قوله عليه السلام: "إن المدينة تنفي خبثها
= غلته.
انظر: اللسان، والتاج، والصحاح، والقاموس المحيط، ومعجم مقاييس اللغة، كلها مادة (حبس)، وانظر: التبصرة للصيمري 2/ 640، 645، 660.
(1)
"قيل" في الأصل.
(2)
المقصود بالمغاربة: علماء المغرب من المالكية كابن أبي زيد، والباجي، واللخمي، وابن رشد ونحوهم.
(3)
انظر: الفصول للباجي 1/ 542، 543، والإحكام لابن حزم 1/ 553، وترتيب المدارك 1/ 70، والمسطاسي ص 84، وحلولو ص 285.
(4)
وهذا قول من عدا المالكية من علماء الإسلام على اختلاف مذاهبهم الفقهية والعقدية.
انظر: اللمع ص 256، والتبصرة ص 365، والمعتمد 2/ 492، والبرهان فقرة 667، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 273، والإحكام لابن حزم 1/ 552، والمحصول 2/ 1/ 228، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 93، والإحكام للآمدي 1/ 243.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"اختلافهم" في ز.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 334، وشرح المسطاسي ص 84.
(8)
"وحجة" في ز.
كما ينفي الكير خبث الحديد" (1) والخطأ خبث فوجب (2) نفيه (3).
حجة القول بأنه لا يكون حجة مطلقًا: قوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على خطأ". مفهوم ذلك أن بعض الأمة يجوز عليه الخطأ، وأهل المدينة هم بعض الأمة (4).
أجيب عنه: بأن منطوق الحديث المثبت أولى من مفهوم الحديث النافي (5)
قوله: (وإِجماع أهل المدينة) يعني علماءها (6).
قالوا (7): علماء المدينة سبعة (8)(9) ...........................
(1) حديث صحيح المعنى ولم أجد لفظه، وقد ورد من حديث جابر بلفظ:"المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها" أخرجه البخاري في فضائل المدينة برقم 1883، ومسلم في كتاب الحج برقم 1383، والترمذي في المناقب برقم 3920.
وورد أيضًا من حديث أبي هريرة بلفظ: "وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد" أخرجه البخاري في فضائل المدينة برقم 1871، وأخرجه مسلم في الحج برقم 1381، ولفظه:"ألا إن المدينة كالكير؛ تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها ما ينفي الكير خبث الحديد"، وانظر: كنز العمال 12/ 233، رقم 34813، وانظر رقم 34855.
(2)
"فيجب" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 334، وشرح المسطاسي ص 85.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 334.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 334.
(6)
في النسختين: "علماؤها" بالرفع وهو لحن.
(7)
"قاله" في ز.
(8)
في هامش الأصل ما يلي: "انظر علماء المدينة سبعة" اهـ. وهو تنبيه من الناسخ كعادته في التنبيه على الفوائد.
(9)
القول بأن إجماع المدينة المراد به إجماع فقهائها السبعة هو أحد الأقوال الضعيفة في =
جمعهم بعضهم في هذين البيتين (1):
ألا كل من لا يقتدي بأئمة
…
فقسمته ضيزى عن الحق خارجة
فخذهم عبيد الله عروة قاسم
…
سعيد أبو بكر سليمان خارجة (2)
بيانهم بالنثر: عبيد الله (3) بن عبد الله بن مسعود (4)، وعروة بن الزبير (5) ،
= تأويل قول مالك، وقد ذكره الغزالي في: المنخول ص 314، ونسبه الشوكاني للجرجاني، فانظر: إرشاد الفحول ص 82، وأنكر هذا التأويل وهذا القول: القاضي عياض في ترتيب المدارك 1/ 71، فالصحيح أن مقصوده كل العلماء لا هؤلاء السبعة، وانظر: المسطاسي ص 84.
(1)
"فقال" زيادة في ز.
(2)
بيتان مشهوران يذكرهما أصحاب التراجم انظرهما في: وفيات الأعيان 1/ 282، في ترجمة أبي بكر بن عبد الرحمن، وفي الشذرات 1/ 104، وفي ترجمة عروة بن الزبير، وقد أوردهما ابن القيم في أعلام الموقعين 1/ 23 كما يلي:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر
…
روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل: هم عبيد الله
…
إلخ.
(3)
"عبد الله" في ز.
(4)
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، ابن ابن أخي عبد الله بن مسعود أحد أعلام التابعين، لقي خلقًا من الصحابة وسمع من كثير منهم كعائشة وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، وهو مؤدب عمر بن عبد العزيز، توفي سنة 99 هـ، وقيل غير ذلك. انظر: سير النبلاء 4/ 475، والوفيات 3/ 115، والشذرات 1/ 114.
(5)
عروة بن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، كان من أجلّ التابعين علمًا وورعًا وزهدًا وعبادة، روى عن عدد من الصحابة منهم: أبوه وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة، وعنه خلق من التابعين وتابعيهم، وهو الذي قطعت رجله بعدما أصابتها الأكلة فلم يتحرك، توفي رحمه الله سنة 94 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 5/ 178، وسير النبلاء 4/ 421، ووفيات الأعيان 3/ 255.
والقاسم بن محمد (1)، وسعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن (2)، وسليمان بن يسار (3)، وخارجة بن زيد (4).
وجمعهم (5) بعضهم [أيضًا](6) بهذه الحروف السبعة: عينان وسينان وألفان وخاء.
(1) أبو محمد: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، روى عن عائشة وابن عباس، وأبي هريرة، وكان من أعلم التابعين، عفيف النفس كريمًا جوادًا، توفي سنة 108 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 5/ 187، والوفيات 4/ 59، والشذرات 1/ 135.
(2)
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي، قيل: اسمه محمد، والصحيح أن اسمه كنيته، والحارث هو أخو أبي جهل، كان من الصحابة، أما أبو بكر فقد كان من خيار التابعين علمًا وورعًا وعبادة، حتى لقب براهب قريش، وقد روى عن عائشة وأبي هريرة وعمار وجماعة، وعنه الزهري وعمرو بن دينار وآخرون، توفي بالمدينة سنة 94 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 5/ 207، والوفيات 1/ 282، وتذكرة الحفاظ 1/ 63.
(3)
سليمان بن يسار المدني مولى أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، ولد في خلافة عثمان، ولقي كثيرًا من الصحابة وسمع منهم مثل ابن عباس وجابر وعائشة وميمونة وزيد بن ثابت وغيرهم، وعنه الزهري وربيعة الرأي وأبو الزناد وخلق، وكان من أوعية العلم والفقه، توفي رحمه الله سنة 107 هـ.
انظر: سير النبلاء 4/ 444، والطبقات لابن سعد 5/ 174، والوفيات 2/ 399.
(4)
خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك من بني مالك بن النجار، فهو الإمام ابن الإمام، ولد في خلافة عثمان ونشأ بالمدينة وروى عن أبيه وعمه يزيد وأسامة بن زيد وغيرهم، وكان قليل الحديث وعنه ابن شهاب وأبو الزناد، وكان تلميذه في الفقه، وكان الناس في المدينة يرجعون إليه في الفتوى وقسمة المواريث، توفي بالمدينة سنة 99 هـ.
انظر: سير النبلاء 4/ 437، والطبقات لابن سعد 5/ 262، والوفيات 2/ 223.
(5)
"وجمعها" في الأصل.
(6)
ساقط من ز.
قوله: (ومن الناس من اعتبر إِجماع أهل الكوفة)(1).
ش: هذه مسألة ثالثة عشر، والمشهور أن إجماعهم لا يكون حجة.
حجة القول بأن إجماعهم حجة: أن عليًا رضي الله عنه وجماعة كثيرة من الصحابة [والعلماء](2) كانوا بها فكان ذلك دليلاً على أن الحق لا يفوتهم (3).
حجة القول الآخر: أن العصمة إنما تثبت (4) لمجموع الأمة (5) لا لبعض الأمة؛ فلا يكون إجماعهم حجة (6).
قوله: / 264/ (وإِجماع العترة عند الإِمامية (7)[حجة](8)).
ش: هذه مسألة رابعة عشر (9)، المشهور أن إجماع العترة ليس بحجة
(1) ومنهم من اعتبر إجماع أهل البصرة والكوفة، ومنهم من اعتبر إجماع أهل الحرمين: مكة والمدينة، ومنهم من اعتبر إجماع أهل هذه الديار الأربع، وحجة هذه الأقوال كلها واحدة، وهي وجود الصحابة وأهل العلم والاجتهاد بهذه البقاع، وجوابه ما ذكره الشوشاوي، وهو أن العصمة ثابتة لمجموع الأمة، فانظر هذه المسألة وشبيهاتها في: الإحكام لابن حزم 1/ 566، والإحكام للآمدي 1/ 244، والإبهاج 2/ 407، ونهاية السول 3/ 265، وشرح القرافي ص 334، والمسطاسي ص 85.
(2)
ساقط من ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 334، وشرح المسطاسي ص 85.
(4)
"ثبتت" في ز.
(5)
"أمة محمد صلى الله عليه وسلم" في ز.
(6)
انظر: شرح المسطاسي ص 85.
(7)
"الأئمة" في ز.
(8)
ساقط من نسخ المتن.
(9)
انظر المسألة في: التبصرة ص 368، 369، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 277، والمحصول 2/ 1/ 240، والإحكام للآمدي 1/ 245، والإبهاج 2/ 408، وشرح =
خلافًا للإمامية (1)، وهم: أتباع أبي بكر (2) رضي الله عنه (3).
العترة بالعين المهملة (4)، قال الزبيدي في مختصر العين (5) باب العين المهملة (4): عترة الرجل: أقرباؤه (6).
واختلف العلماء في المراد بعترة النبي عليه السلام، قيل: بنو عبد المطلب، وقيل: بنو هاشم، وقيل: أهل بيته الأقربون والأبعدون، لقول أبي بكر رضي الله عنه: نحن عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيضته التي تفقأ (7) عنه، كما تقدم
= القرافي ص 334، وشرح المسطاسي ص 85.
(1)
"للأئمة" في ز.
(2)
"الصديق" زيادة في ز.
(3)
كذا في النسختين، وهو خطأ؛ لأن الإمامية معروف أنها من فرق الشيعة.
وأما سبب التسمية فهو لقولهم المشهور في الإمامة؛ حيث يقولون بالنص على إمامة علي نصًا ظاهرًا، وأن الإمامة في ولده من بعده، ثم كانت لهم خلافات في الأحق بالإمامة حتى انقسموا إلى فرق كثيرة أشهرها في زماننا: الاثنا عشرية والإسماعيلية.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني 2/ 94 وما بعدها.
(4)
في النسختين: "التاء المهملة" في كلا الموضعين، وهو خطأ ظاهر، والنقل موجود في باب العين من مختصر العين.
(5)
أحد الكتب المتعلقة بكتاب العين سماه الزبيدي: (الاستدراك على كتاب العين) ألّفه بأمر الأمير الحاكم المستنصر بالله، فأخذ عيونه وحذف حشوه وأصلح خلله، وقد أنكر فيه نسبة العين إلى الخليل، وقال: إن سبب الخلل: أن الخليل سبب أصله ثم هلك قبل كماله فتعاطى إتمامه من لا يقوم في ذلك مقامه اهـ.
انظر: كشف الظنون 2/ 1442، 1444.
(6)
انظر: مختصر العين للزبيدي باب العين، العين والتاء والراء من مخطوطة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم 8301/ خ، وصفحة 55 من مخطوط رقم 8498/ ف.
(7)
كذا في الأصل، وفي ز بياض مكان هذه الكلمة، وفي أول الكتاب في الخطبة: وبيضته تفقأت عنه، وأورد الزركشي هذا الأثر في المعتبر، وفيه: التي تعقل عنه. =
في خطبة الكتاب (1).
ومعنى العترة في اللغة: ما يجعله الضب (2) علامة يهتدي (3) بها إلى مأواه (4)، فإن الرجل يرجع إلى أقربائه وأهل بيته.
حجة الإمامية (5): قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (6)[والخطأ رجس](7)، فوجب أن يزال عنهم (8)(9).
أجيب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أن الرجس ظاهر في المعصية، والاجتهاد المخطئ ليس بمعصية (10)؛ لأنه عليه السلام أثبت فيه أجرًا، والأجر لا يكون في المعصية.
الوجه الثاني: أن قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ [اللَّهُ] (11)} [صيغته](12)
= انظر: مخطوط الأصل ص 5، والمعتبر ص 104.
(1)
انظر: خطبة الكتاب ص 5 من مخطوط الأصل.
(2)
"الطب" في ز.
(3)
"يقتدي" في ز.
(4)
العترة، بكسر العين بعدها سكون ففتح: شجرة تنبت عند وجار الضب فهو يمرسها ويتمرغ عليها، يقال: هو أذل من عترة الضب، هذا أحد المعاني، وللكلمة معان أخرى، انظر: اللسان والتاج مادة (عتر).
(5)
"الأئمة" في ز.
(6)
الأحزاب: 33.
(7)
ساقط من ز.
(8)
"فوجب نفيه عنهم" في ز.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 334، وشرح المسطاسي ص 85.
(10)
انظر: شرح القرافي ص 334، وشرح المسطاسي ص 85.
(11)
ساقط من ز.
(12)
ساقط من الأصل.
صيغة الحصر، والحصر متعذر؛ لأن إرادة الله تعالى شاملة لجميع أجزاء العالم فبطلت الحقيقة، فإذا (1) بطلت الحقيقة تعين المجاز، ووجوه المجاز غير منحصرة، فيصير (2) في الآية إجمال فيسقط [بها](3) الاستدلال (4).
واختلف في أهل البيت المذكورين في هذه الآية المذكورة، قيل: زوجاته عليه السلام (5)، وقيل: علي وفاطمة والحسن (6) والحسين (7).
وقيل: بنو عبد المطلب، وقيل: بنو هاشم (8).
قوله: (وإِجماع الخلفاء الأربعة حجة عند أبي حازم (9) ولم يعتد
(1)"وإذا" في ز.
(2)
"فيحصل" في ز.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 334، وشرح المسطاسي ص 85.
(5)
وقال بهذا ابن عباس وعطاء وعكرمة وجمع من المفسرين، فانظر: تفسير الطبري 22/ 7، وتفسير القرطبي 14/ 182، وتفسير البحر المحيط 7/ 231.
(6)
أبو محمد: الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، ولد سنة ثلاث، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبيه وغيره، بايعه أهل العراق بعد قتل علي رضي الله عنه فأصلح الله به بين المسلمين وبايع معاوية، توفي رحمه الله سنة 49 هـ.
انظر: الاستيعاب 1/ 369، والإصابة 1/ 328.
(7)
انظر: تفسير الطبري 22/ 7، والقرطبي 14/ 182؛ حيث حكاه عن الكلبي، وتفسير ابن كثير 3/ 283، وأحكام القرآن لابن العربي 3/ 1538.
(8)
روي هذا عن زيد بن أرقم، وبه قال الثعلبي.
انظر: تفسير القرطبي 4/ 183، والبحر المحيط 7/ 231.
(9)
أبو حازم أو أبو خازم الحنفي: عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي أصله من البصرة، ثم ولي القضاء بالشام والكوفة والكرخ وبها توفي، كان عالمًا ورعًا ديّنًا فقيهًا متفننًا حاذقًا في القضاء، توفي بالكرخ سنة 392 هـ، له كتاب أدب القاضي، والمحاضر =
بخلاف زيد (1) في توريث (2) ذوي الأرحام).
ش: هذه مسألة خامسة عشر (3)، يعني [أن القاضي] (4) أبا (5) حازم من أصحاب أبي حنيفة قال: إجماع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم على مسألة حجة، ولا عبرة بمخالفة من خالفهم من الصحابة وغيرهم (6).
حجته: قوله عليه السلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين [من](7)
= والسجلات، والفرائض. انظر: الفهرست ص 292، وتاريخ بغداد 11/ 62.
(1)
أبو سعيد أو أبو ثابت: زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد النجاري الخزرجي الأنصاري، أول مشاهده الخندق، وقيل: شهد أحدًا، كان من كتّاب الوحي ومن علماء الصحابة المفتين، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:"أفرضكم زيد" توفي سنة 45 هـ، وقيل غير ذلك. انظر: الإصابة 1/ 561، وطبقات القراء 1/ 296، والاستيعاب 1/ 551.
(2)
"تورية" في ز.
(3)
انظر المسألة في: اللمع ص 256، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 280، والإبهاج 2/ 410، والإحكام لابن حزم 1/ 544، والمحصول 2/ 1/ 247، والإحكام للآمدي 1/ 249، وشرح القرافي ص 335، وشرح المسطاسي ص 85.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"عند أبي" في ز.
(6)
حكى هذا القول عن أبي حازم: ابن حزم في الإحكام، وأبو الخطاب في التمهيد، والرازي في المحصول، وقد أورد هذا الرأي أبو الخطاب رواية عن أحمد، وكذا أوردها عنه الآمدي وابن السبكي.
انظر: التمهيد لأبي الخطاب 3/ 280، والإحكام لابن حزم 1/ 544، والمحصول 2/ 1/ 247، والإحكام للآمدي 1/ 249، والإبهاج 2/ 410.
(7)
ساقط من ز.
بعدي عضوا عليها بالنواجذ"، فهذا (1) تحضيض (2) يوجب اتباعهم وهو المطلوب (3).
حجة الجماعة: أنهم بعض الأمة لا كل الأمة والعصمة إنما تثبت لكل الأمة لا لبعض الأمة.
قوله: (ولم يعتد بخلاف زيد في توريث (4) ذوي الأرحام) يعني أن أبا حازم جعل اتفاق الخلفاء الأربعة إجماعًا، ولذلك لم يعتبر ما قاله زيد بن ثابت من أن ذوي الأرحام لا يرثون.
وذلك أن زيد بن ثابت قال: لا يرثون (5)، وقال الخلفاء الأربعة: يرثون، فاعتبر القاضي أبو حازم قول الخلفاء الأربعة، ولم يعتبر قول زيد بن ثابت؛ لأن أبا حازم أفتى بتوريثهم وحكم بردّ أموال حصلت في بيت الخليفة المعتمد العباسي (6)،
(1)"فهذه" في ز.
(2)
"تخصيص" في ز.
(3)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 335، وشرح المسطاسي ص 85.
(4)
"تورية" في ز.
(5)
هذا مذهب زيد بن ثابت من الصحابة، وبه أخذ مالك والشافعي وجماعة.
أما التوريث فقد قال به معظم الصحابة، وأخذ به الإمام أحمد وأبو حنيفة، كما سبقت الإشارة، وسيأتي للمسألة تفصيل. وانظر: الأم 4/ 81، وأحكام القرآن للجصاص 3/ 76، والمغني لابن قدامة 6/ 229، وبداية المجتهد 2/ 339، والإفصاح لابن هبيرة 2/ 89.
(6)
هكذا في النسختين، والصواب:"المعتضد"؛ إذ هو الذي وقعت لأبي حازم القصة معه، وهو المعتضد بالله أحمد بن الموفق طلحة بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم ابن هارون الرشيد، ولي الخلافة سنة 279 هـ، وكان من خيار خلفاء بني العباس، فحفظ الخلافة، وأصلح البلاد، وأحسن إلى الناس حتى توفي سنة 288 هـ.
أما المعتمد فهو عم المعتضد واسمه أحمد، ولي الخلافة سنة 256 هـ، ومدة خلافته =
وأعطاها لذوي الأرحام، وقبل (1) المعتمد فتياه وأنفذ قضاءه (2) وكتب به إلى الآفاق (3).
وتوريث (4) ذوي الأرحام هو مذهب أبي حنيفة (5)، واستدل بقوله تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (6).
وقال مالك: لا يرثون (7) واستدل بعمل أهل المدينة، وقد مات رجل ولم يترك إلا عمته (8) وخالته، فقال لهما (9) النبي عليه السلام:"لا أجد لكما في كتاب الله شيئًا"(10).
= ثلاث وعشرون سنة؛ حيث توفي سنة 279 هـ.
انظر: البداية والنهاية 11/ 23، 65، 66، 86، والكامل لابن الأثير 5/ 358، و6/ 73، 100، 101.
(1)
"وقيل" في ز.
(2)
"قضاء" في ز.
(3)
أورد ابن كثير في البداية والنهاية القصة مستوفاة، فانظر 11/ 73، وذكر طرفًا منها ابن الأثير في الكامل فانظر 6/ 84.
وقد ذكر القصة من أهل الأصول: أبو الخطاب في التمهيد 3/ 281، والرازي في المحصول 2/ 1/ 247، وانظر: المبسوط للسرخسي 30/ 2.
(4)
"وتواريث" في ز.
(5)
انظر: المبسوط للسرخسي 30/ 3، وحاشية ابن عابدين 6/ 791.
(6)
الأنفال: 75.
(7)
هذا رأي الإمام مالك وأصحابه المتقدمين، أما العمل في المذهب فهو على الرأي الثاني القائل بالتوريث. انظر: الشرح الصغير للدردير على أقرب المسالك 6/ 383.
(8)
"عصبته" في ز.
(9)
"لهم" في ز.
(10)
لم أجد نصّه، وفي معناه ما رواه أبو داود السجستاني في المراسيل ص 39 عن عطاء =
قال ابن الحاجب: وإن لم يكن وارث فبيت المال على المشهور، وقيل: لذوي الأرحام، وعن ابن (1) القاسم: يتصدق به، إلا أن يكون الوالي كعمر ابن عبد العزيز (2)(3).
واعلم أن ذوي الأرحام ثلاثة عشر؛ ستة من الرجال، وسبعة من النساء.
فمن الرجال: ابن البنت، وابن الأخت، والخال، وابن الأخ للأم، والعم للأم، وأبو الأم.
ومن النساء: بنت البنت، وبنت الأخت، [وبنت الأخ](4)، وبنت العم،
= أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء يستخير في ميراث العمة والخالة، فأنزل عليه: لا ميراث لهما. قال أبو داود: ومعناه: لا سهم لهما، ولكن يورثون للرحم، وقد رواه أيضًا الدارقطني 4/ 98، وروى الدارقطني 4/ 99 عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ميراث العمة والخالة فقال: "لا أدري حتى يأتيني جبريل" ثم قال: "أين السائل عن ميراث العمة والخالة؟ " فأتى الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"سارني جبريل أن لا شيء لهما". وانظر: المستدرك 4/ 347، والحديث له طرق كثيرة لكنها ما بين مرسل كحديث عطاء، وضعيف. وانظر: التلخيص الحبير {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)} [الأنفال: 75] 3/ 81.
(1)
"أبي" في ز.
(2)
أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ولد سنة 63 هـ، وتولى الخلافة سنة 99 هـ، وتوفي سنة 101 هـ، وأخبار عدله وزهده لا تخفى. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 5/ 330، وتاريخ الطبري 6/ 550.
(3)
انظر: الفروع لابن الحاجب، المسمى جامع الأمهات الورقة 109/ أمن مخطوطة الخزانة العامة بالرباط رقم 887 د.
(4)
ساقط من ز.
والعمة، والخالة، وأم أبي الأم (1).
قوله: (قال الإِمام: وإِجماع الصحابة مع مخالفة من أدركهم من التابعين ليس بحجة خلافًا لقوم).
ش: هذه مسألة سادسة عشر (2)، يعني أن التابعي إذا بلغ درجة الاجتهاد [قبل إجماع الصحابة](3) فإن خلافه معتبر، فلا ينعقد (4) الإجماع بدونه؛ لأنه كأحد (5) منهم، وعلى هذا تكلم المؤلف رحمه الله تعالى.
وأما إذا أجمع (6) الصحابة رضي الله عنهم قبل أن يبلغ التابعي درجة الاجتهاد، ففيه ثلاثة أوجه:
إما أن يتفق الصحابة، أو يختلفوا، أو يتوقفوا.
فإن اتفقوا فذلك إجماع ولا عبرة بمخالفة التابعي.
وإن اختلفوا فيجري (7) على جواز إحداث قول ثالث.
وإن توقفوا أفتى بما يراه (8).
(1) انظر: المغني 6/ 229، وبداية المجتهد 2/ 339.
(2)
انظر المسألة في: اللمع ص 257، والتبصرة ص 384، والمعتمد 2/ 491، والفصول للباجي 1/ 520، والوصول 2/ 92، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 267، والإحكام للآمدي 1/ 240، والمحصول 2/ 1/ 251، وشرح القرافي ص 335، وشرح المسطاسي ص 86.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"يتعد" في الأصل.
(5)
كذا في النسختين، والتعبير ضعيف كما ترى.
(6)
"جمع" في ز.
(7)
"يجري" في الأصل.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 335، وشرح المسطاسي ص 86.
قوله: (وإِجماع الصحابة مع مخالفة من أدركهم) يريد إذا كان من أهل الاجتهاد حالة اتفاقهم، وأما إذا لم يكن من أهل الاجتهاد حالة اتفاقهم فلا عبرة به (1)، هذا هو مذهب الجمهور.
حجة المشهور: أن التابعي (2) بعض الأمة، والصحابة بعض الأمة، وقول بعض الأمة ليس بحجة في الإجماع (3).
حجة المخالف (4): قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (5) ولو لم يكونوا عدولاً ما رضي [الله](6) عنهم، وقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (7)، وقوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (8)؛ لأن هذا كله خاص بالصحابة.
وقوله عليه السلام: "لا تؤذوني في أصحابي، فوالذي (9) نفسي بيده لو
(1)"بهذا" في ز.
(2)
"التابع" في الأصل.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 335، وشرح المسطاسي ص 86.
(4)
هو مذهب داود الظاهري وكثير من أصحابه بناءً على مذهبهم أن لا إجماع إلا إجماع الصحابة، وقال به أيضًا بعض الشافعية وبعض المعتزلة، وهو رواية عن أحمد أخذ بها أبو يعلى. انظر: الفصول للباجي 1/ 520، والإحكام لابن حزم 1/ 509، والتبصرة للشيرازي ص 384، والوصول لابن برهان 2/ 92، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 268، والإحكام للآمدي 1/ 240، وشرح المسطاسي ص 86.
(5)
الفتح: 18.
(6)
ساقط من ز.
(7)
البقرة: 143.
(8)
آل عمران: 110.
(9)
"والذي" في ز.
أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبًا (1) ما بلغ مُدّ (2) أحدهم ولا نصيفه" (3)(4).
[وقول عائشة رضي الله عنها لأبي مسيلمة (5) حين يناكر (6) الصحابة في أحوال الاجتهاد، فقالت له: مثلك كمثل الفروج (7) يسمع الديكة (8) تصرخ فيصرخ معها](9)(10).
أجيب عن الأول: أن الآية لا تعلق لها بالإجماع؛ لأنها تقتضي عدم المعصية وحصول الطاعة في البيعة (11)، ......................
(1)"ذهب" في ز.
(2)
"من" في ز.
(3)
"نصفه" في الأصل.
(4)
رواه البخاري عن أبي سعيد في فضائل الصحابة برقم 3673، ولفظه: "لا تسُبُّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق
…
" الحديث، ورواه مسلم عن أبي هريرة في فضائل الصحابة برقم 2540، ولفظه: "لا تسُبُّوا أصحابي، لا تسُبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" وانظر: سنن أبي داود الحديث رقم 5659، وسنن ابن ماجه الحديث رقم 161.
(5)
كذا في ز، والصحيح أبو سلمة، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وهو ابن عبد الرحمن بن عوف، كان ثقة فقيهًا حافظًا كثير الحديث، أخذ عن كثير من الصحابة كعائشة وأبي هريرة وابن عمر، وعنه كثير من التابعين وتابعيهم، توفي بالمدينة سنة 94 هـ، انظر: طبقات ابن سعد 5/ 155، وسير النبلاء 4/ 287.
(6)
كذا في النسخة، والمعنى: يشارك ويجادل، وأصل المناكرة المقاتلة، وتطلق على المخادعة والمراوغة. انظر: الصحاح، والتاج مادة: نكر.
(7)
"الفروخ" في ز.
(8)
"الديك" في ز.
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
(10)
انظر هذا الأثر في: الموطأ 1/ 46.
(11)
"البيضة" في ز.
ولا تعلق لذلك (1) بالإجماع (2).
وأجيب عن الآية الثانية والثالثة بأن هناك عمومات تتناول المؤمنين كقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} (3)، وقوله عليه السلام:"لا تجتمع أمتي على خطأ"(4).
وأجيب عن الحديث (5): أنه يقتضي أن قول كل واحد منهم يكون حجة، وأنتم لا تقولون ذلك (6) / 265/ (7).
[وأجيب عن إنكار عائشة على أبي مسيلمة (8) بأنه لم يبلغ درجة الاجتهاد، وبأنه أخطأ طريق الاجتهاد](9)(10).
قوله: (قال: ومخالفة من خالفنا في الأصول إِن كفرناهم لم نعتبرهم، ولا يثبت تكفيرهم بإِجماعنا؛ لأنه فرع (11) تكفيرهم، وإِن لم نكفرهم اعتبرناهم).
ش: هذه مسألة سابعة عشر (12)، يعني أن المبتدعة المخالفين [لأهل السنة
(1)"لديك" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 335، وشرح المسطاسي ص 86.
(3)
النساء: 115.
(4)
انظر: شرح المسطاسي ص 86.
(5)
"الثاني" زيادة في ز.
(6)
"بذلك" في ز.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 335، وشرح المسطاسي ص 86.
(8)
كذا في ز، والصواب:"أبو سلمة" كما سبق.
(9)
ساقط من الأصل.
(10)
انظر: شرح المسطاسي ص 86.
(11)
"عن" زيادة في ز.
(12)
انظر المسألة في: اللمع ص 257، والفصول 1/ 518، والتمهيد لأبي الخطاب =
في أصول الدين إن قلنا بكفرهم فلا عبرة بهم في انعقاد الإجماع؛ لأن العصمة إنما تثبت] (1) للأمة وهي (2) المؤمنون لا الكافرون (3)، وإن قلنا بعدم كفرهم فإنهم يعتبرون في انعقاد الإجماع لأنهم من الأمة؛ إذ هم مؤمنون.
وذلك أن المبتدعة اختلف العلماء في تكفيرهم بسبب ما يؤول إليه مذهبهم من الكفر، فهل يكفرون بسبب ما يلزمهم (4)[من](5) مذهبهم من الكفر أو لا يكفرون؟
وسبب الخلاف: هل لازم المذهب مذهب؟ أو ليس لازم المذهب مذهبًا (6)؟
قال ابن الحاجب: ولمالك والشافعي والقاضي فيهم قولان.
وفيها: ولا يناكحوا، ولا يصلى خلفهم، ولا تشهد جنائزهم، ولا يسلم عليهم (7).
قوله: (ولا يثبت تكفيرهم بإِجماعنا؛ لأنه فرع (8) تكفيرهم)، معناه: أن إجماعنا لا يكون حجة على تكفيرهم إلا إذا كنا كل الأمة، ولا
= 3/ 252، والإحكام للآمدي 1/ 229، والإبهاج 2/ 433، والإحكام لابن حزم 1/ 580، وشرح القرافي ص 335، وشرح المسطاسي ص 87.
(1)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(2)
"هم" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 335، 336، وشرح المسطاسي ص 87.
(4)
"ما يلزم" في الأصل.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 336.
(7)
انظر: الفروع لابن الحاجب المسمى جامع الأمهات ورقة 13/ أ، من مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم 887 د.
(8)
"عن" زيادة في ز.
نكون (1) كل الأمة إلا إذا حكمنا بتكفيرهم، فصار إجماعنا متوقفًا على تكفيرهم، فلو توقف تكفيرهم على إجماعنا للزم الدور (2) وهو محال.
وإنما يثبت (3) تكفيرهم بالأدلة القاطعة (4).
قوله: (ويعتبر عند (5) مالك مخالفة الواحد في إِبطال الإِجماع، خلافًا لقوم).
ش: هذه مسألة ثامنة عشر (6)، مثالها: قال اللخمي وابن رشد في المقدمات: أجمع أهل العلم على جواز الرهن في السفر والحضر، إلا مجاهدًا (7)
(1)"كنا" في الأصل.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 336، وشرح المسطاسي ص 87.
(3)
"لزم" في ز.
(4)
في هامش الأصل ما نصه: قوله: لأنه فرع تكفيرهم، معناه: أي إجماعنا شرط في تكفيرهم، فرع، معناه: شرط، أي: يشترط في تكفيرهم حصول الإجماع منا على أنهم كافرون، ولم يكن ذلك منا، كفرهم بعضنا دون بعض. اهـ.
قلت: وليس ثمت إشارة تدل على أنه من كلام الشوشاوي، فلعله زيادة من الناسخ أو من أحد القراء للتوضيح.
(5)
"أصحاب" زيادة في نسخ المتن.
(6)
انظر: المسألة في اللمع ص 256، والتبصرة ص 361، والمعتمد 2/ 486، والفصول 1/ 515، والإشارة ص 169، والإحكام لابن حزم 1/ 544، والبرهان فقرة 669، والوصول 2/ 94، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 260، والمحصول 2/ 1/ 257، والتوضيح 2/ 93، والإبهاج 2/ 435، والإحكام للآمدي 1/ 235، وشرح القرافي ص 336، وشرح المسطاسي ص 87.
(7)
أبو الحجاج مجاهد بن جبر المخزومي مولى السائب بن أبي السائب، من كبار التابعين وعلمائهم في القراءة والتفسير، روى عن العبادلة وعلي وأبي سعيد =
فإنه منعه في الحضر (1).
واختلف (2) العلماء (3) في مخالفة الأقل للأكثر هل ينعقد الإجماع ولا عبرة بتلك المخالفة لقلتها أو لا ينعقد؟
فقيل: تضر المخالفة مطلقًا فلا ينعقد الإجماع معها، وهو مذهب الجمهور (4).
وقيل: لا تضر تلك المخالفة مطلقًا لقلتها، وهو مذهب أبي بكر الرازي (5)(6).
وقيل: يضر الزائد على الاثنين ولا يضر الواحد والاثنان، قال الباجي:
= الخدري، وأبي هريرة، وجمع من الصحابة، وعنه أيوب، وعطاء، وعكرمة، وقتادة، وخلق، توفي سنة 104 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء 4/ 449، وغاية النهاية 2/ 41، وتهذيب التهذيب 10/ 42.
(1)
انظر: التبصرة لأبي الحسن اللخمي ورقة 83 من مخطوط مصور فلميًا بجامعة الملك سعود برقم ف 411/ 1.
(2)
"اختلف" في ز.
(3)
"الأصوليون" في ز.
(4)
انظر: اللمع ص 256، والفصول 1/ 515، والمعتمد 2/ 486، والوصول 2/ 94، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 260، والمحصول 2/ 1/ 257، والتوضيح 2/ 93، ومسلم الثبوت مع شرحه الفواتح 2/ 222.
(5)
انظر: أصول الجصاص لوحة 225/ أ، وب من مخطوط مصور فلميًا بجامعة الإمام برقم 935/ ف.
(6)
نسب هذا القول أيضًا لابن جرير الطبري، ولأبي الحسين الخياط، انظر: التبصرة ص 361، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 261، والوصول لابن برهان 2/ 94.
وإليه ذهب محمد بن خويز منداد (1) من أصحابنا (2).
وقيل: تضر (3) مخالفة الأقل إن بلغ عدده حد التواتر، وإن قصر عن عدد التواتر فلا تضر مخالفته، قاله أبو الحسن الخياط (4)(5) من المعتزلة (6).
وقيل: التفصيل بين أصول الديانات ومسائل الفروع، فلا تضر مخالفة الواحد والاثنين (7) في أصول الدين، وتضر في الفروع، قاله ابن الأخشاد (8) من المعتزلة (9).
حجة الجمهور باعتبار المخالفة مطلقًا: أن الباقي بعض الأمة، وقول
(1)"خوتر منداد" في ز.
(2)
انظر: الفصول للباجي 1/ 515، والإشارة ص 169، والمسطاسي ص 87.
(3)
"لا تضر" في ز.
(4)
"الخياطر" في ز.
(5)
كذا في النسختين: "أبو الحسن الخياط"، والصحيح: أبو الحسن، وهو عبد الرحيم ابن محمد بن عثمان أحد متكلمي المعتزلة ببغداد، وإليه تنسب الخياطية إحدى فرق المعتزلة؛ إذ له آراء خالف بها جميع المعتزلة، توفي أول القرن الرابع، وله كتاب الانتصار في الرد على ابن الراوندي.
انظر: تاريخ بغداد 11/ 87، والفرق بين الفرق ص 179، والملل والنحل للشهرستاني 1/ 113.
(6)
انظر: المعتمد 2/ 486، وشرح القرافي ص 336، وشرح المسطاسي ص 87.
(7)
"الوحد ولا اثنين" في ز.
(8)
أحمد بن علي بن بيغجور أبو بكر بن الأخشاد، ويقال: الإخشيد بإمالة الشين، ويروى أيضًا بالذال المعجمة في اللفظين، وهو أحد رؤوس المعتزلة بل إمام وقته، كان صاحب معرفة بالعربية والفقه، مقبلاً على العلم متفرغًا له، توفي سنة 326 هـ، له كتاب المعونة في الأصول، ومختصر تفسير الطبري وغيرهما. انظر: الفهرست ص 245، وتاريخ بغداد 4/ 309، ولسان الميزان 1/ 231.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 336، وشرح المسطاسي ص 87.
بعض الأمة ليس بحجة.
وأقوى من ذلك [أن](1) ابن عباس رضي الله عنه خالف الصحابة في مسألة العول ولم يعدوه (2) مخالفًا للإجماع (3).
حجة القول بعدم اعتبارها: قوله عليه السلام: "عليكم بالسواد الأعظم"؛ لأنه يقتضي أن المعتبر هو الأكثر دون الأقل.
أجيب عن هذا (4): بأنه إنما يفيد الظن وليس محل (5) النزاع، وكلامنا في الإجماع الذي يفيد العلم والقطع (6).
حجة القول بأن الواحد والاثنين لا يضر: أن اسم الأمة لا ينخرم بمخالفة (7) الواحد أو الاثنين (8)؛ لأن ذلك في غاية القلة، كما أن الثور الأسود
(1) ساقط من الأصل.
(2)
"نعده" في ز.
(3)
خلاف ابن عباس للصحابة في مسألة العول مشهور، رواه الحاكم في المستدرك 4/ 340، عن عيبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعنه البيهقي أيضًا 6/ 253، وانظر: كنز العمال 11/ 28، الحديث رقم 30489.
وانظر: المحلى لابن حزم 10/ 332، وشرح المسطاسي ص 87.
(4)
"هذه" في ز.
(5)
"بمحل" في ز.
(6)
انظر الدليل وجوابه في شرح القرافي ص 336، والمسطاسي ص 87، وقد جمع القرافي والمسطاسي أدلة الجميع ثم أجابا عنها واحدًا بعد الآخر، أما الشوشاوي هنا ففد قرن بكل دليل جوابه وهو صنيع حسن.
(7)
"اسم" زيادة في ز.
(8)
"والاثنين" في ز.
[الذي](1) فيه شعرات بيض لا يخرجه ذلك عن كونه أسود.
أجيب عن هذا: بأن إطلاق اسم الأسود (2) مجاز لا حقيقة، كذلك إطلاق اسم الأمة لا يصدق على بعضها إلا مجازًا (3).
حجة القول بأن عدد (4) التواتر تضر مخالفته دون الأقل، أن ما قصر عن عدد التواتر لا يقطع بإيمانه (5) فلا يقدح من يشك في إيمانه في الاجتهاد.
أجيب عن هذا: بأنه يبطل بما إذا اختلفت الأمة على قولين وكل واحد من الفريقين [يبلغ](6) عدد التواتر (7).
وحجة القول بأن مخالفة [الواحد والاثنين تضر في الفروع دون الأصول، أن أصول الديانات مدركها العقل، والعقول (8) قد تعرض لها الشبهات فلا يقدح](9) ذلك في الحق الحاصل للجمهور، وأما الفروع فمدركها السمع، وتحصيله واجب على كل مجتهد، فإذا خالف (10) واحد أو اثنان (11) فإنما خالفوا مدركًا صحيحًا.
(1) ساقط من ز.
(2)
"فيه" زيادة في ز.
(3)
انظر الدليل وجوابه في شرح القرافي ص 336، وشرح المسطاسي ص 87.
(4)
"عدم" في الأصل.
(5)
لعل المراد المعنى اللغوي للإيمان، أي: لا تبلغ بصدقه، ويدل عليه ما في شرح المسطاسي، فانظره ص 88.
(6)
ساقط من ز.
(7)
انظر الدليل وجوابه في: المسطاسي ص 88.
(8)
في ز: "القول"، والمثبت هو الصحيح، وهو من شرح القرافي ص 337.
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
(10)
"خلف" في ز.
(11)
"اثنان" في ز.
أجيب عن هذا: بأن الشبهات كما تعرض للعقليات تعرض للسمعيات، إما من جهة سندها (1)، أو [من](2) جهة دلالتها، أو من جهة ما يعارضها بتخصيصها أو بنسخها، أو غير ذلك، فالكل سواء (3).
قوله: (وهو مقدم على الكتاب والسنة والقياس).
هذه مسألة تاسعة عشر (4)، وجه ذلك (5): أن الكتاب والسنة يقبلان النسخ والتأويل، والقياس يحتمل الخطأ لقيام فارق أو فوات شرط، وأما الإجماع فمعصوم مطلقًا (6) لا احتمال فيه، والإجماع المراد ها هنا:[هو](7) الإجماع اللفظي المشاهد (8) أو المنقول بالتواتر، وأما الإجماع السكوتي والمنقول بالآحاد مثلاً فإن الكتاب والسنة المتواترة يقدمان عليه؛ لأنه ظني (9).
قوله: (وهو مقدم على الكتاب والسنة)، يريد إذا كان لفظيًا أو متواترًا.
قوله: (واختلف في تكفير مخالفه بناء على أنه قطعي، وهو الصحيح،
(1)"مسندها" في ز.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
انظر الدليل وجوابه في: شرح القرافي ص 337، والمسطاسي ص 88.
(4)
انظر المسألة في: شرح القرافي ص 337، والمسطاسي ص 88.
(5)
"ووجه ذلك" في الأصل.
(6)
"قطعًا" في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
"الشاهد" في ز.
(9)
انظر هذا التفصيل في: شرح القرافي ص 337 مع اختلاف طفيف، وكذا في المسطاسي ص 88.
ولذلك قدم على الكتاب والسنة، وقيل: ظني).
هذه مسألة عشرون (1)، الإجماع الذي يكفر به مخالفه على الصحيح يشترط أن يكون لفظيًا (2) أو منقولاً (3) بالتواتر، وأن يكون المجمع (4) عليه ضروريًا أي: معلومًا من الدين بالضرورة.
فقولنا: أن يكون لفظيًا، احترازًا من السكوتي؛ فلا يكفر مخالفه؛ لأنه ظني، وقولنا: أن يكون منقولاً بالتواتر، احترازًا من المنقول (5) بالآحاد فلا يكفر مخالفه لأنه ظني.
[وقولنا:](6) أن يكون المجمع عليه ضروريًا، كالعبادات الخمس مثلاً احترازًا من الأمور الخفية التي لا يطلع عليها إلا [المجتهدون](7) المتبحرون في الفقه كالإجارات والجنايات (8) فلا يكفر مخالفه (9)؛ لأنه لم يقصد إلى تكذيب صاحب الشريعة (10).
(1) انظر للمسألة: البرهان فقرة 673، والمحصول 2/ 1/ 297، وشرح العضد على ابن الحاجب 2/ 44، وجمع الجوامع 2/ 201، ونهاية السول 3/ 327، والإحكام للآمدي 1/ 282، وشرح القرافي ص 337، وشرح المسطاسي ص 88.
(2)
"لفظًا" في ز، والمقصود باللفظي: المشاهد، كما مر في المسألة الماضية.
(3)
"ومنقولاً" في ز.
(4)
"الجمع" في ز.
(5)
"النقول" في ز.
(6)
ساقط من ز، وفي الأصل:"وقوله"، والمثبت أولى لينسبك مع ما قبله ولأنه من كلام الشارح لا الماتن.
(7)
ساقط من ز.
(8)
"كالجنايات والإجارة" في ز.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 337.
(10)
انظر: الشروط ومحترزاتها في شرح المسطاسي ص 88.
فإن قيل (1): كيف تُكَفِّرُون مخالف الإجماع [ولا تُكَفِّرُون جاحد أصل الإجماع كالنظّام والشيعة وغيرهم من منكري الإجماع؟ مع أنهم أولى بالتكفير؛ لأن جحدهم يشمل/ 266/ كل إجماع](2) بخلاف جاحد إجماع خاص.
جوابه: أن الجاحد لأصل الإجماع لم يستقر عنده حصول الأدلة السمعية الدالة على وجوب متابعة الإجماع، فلم يتحقق منه تكذيب صاحب الشريعة، بخلاف جاحد إجماع خاص، فإنه مقر بالأدلة الدالة على وجوب اتباع الإجماع، فيكون مكذبًا لصاحب (3) الشريعة، ومكذبه كافر، فلذلك كفرناه (4).
قوله: (بناء على أنه قطعي
…
) المسألة.
حجة القول بأنه [ظني: أن الأخبار الواردة فيه إنما تفيد الظن، وما كان أصله ظنيًا فأولى بأن يكون ظنيًا (5).
حجة الجمهور بأنه] (6) قطعي: أن تلك الظواهر الدالة على الإجماع لا
(1)"قلت" في ز.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(3)
"بالصاحب" في ز.
(4)
انظر: البرهان فقرة 673، وشرح القرافي ص 337، 338، وشرح المسطاسي ص 88، 89.
(5)
انظر: شرح المسطاسي ص 89.
(6)
ساقط من ز.
تفيد إلا الظن، ولكن تلك الأدلة الواردة فيه مضمومة (1) إلى الاستقراء التام من جزئيات الشريعة (2)، وذلك يحصل العلم بكونه حجة، كشجاعة علي، وسخاء (3) حاتم، وبالله التوفيق بمنّه.
…
(1)"منضومه" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 338، وشرح المسطاسي ص 89.
(3)
"سخاوة" في ز.