المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب العاشرفي المطلق والمقيد - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٤

[الحسين الشوشاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابعفي أقل الجمع

- ‌الباب الثامنفي الاستثناء

- ‌(الفصل الأول في حده:

- ‌الفصل الثاني في أقسامه

- ‌الباب التاسعفي الشروط

- ‌الفصل الثاني في حقيقته

- ‌الفصل الثالث في حكمه

- ‌الباب العاشرفي المطلق والمقيد

- ‌الباب الحادي عشرفي دليل الخطاب

- ‌الباب الثاني عشرفي المجمل والمبين

- ‌الفصل الثاني فيما ليس مجملًا

- ‌الفصل الثالث في أقسامه

- ‌الفصل الرابع في حكمه

- ‌الفصل الخامس في وقته

- ‌الفصل السادس في المبين له

- ‌الباب الثالث عشرفي فعله عليه الصلاة والسلام

- ‌الفصل الأول في دلالة فعله عليه السلام

- ‌الفصل الثاني في اتباعه عليه السلام

- ‌الفصل الثالث في تأسيه عليه السلام

- ‌الباب الرابع عشرفي النسخ

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في الناسخ والمنسوخ

- ‌الفصل الرابع فيما يتوهم أنه ناسخ

- ‌الفصل الخامس فيما يعرف به النسخ

- ‌الباب الخامس عشرفي الإجماع

- ‌الفصل الأول في حقيقته

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في مستنده

- ‌الفصل الرابع في المجمعين

- ‌الفصل الخامس في المجمع عليه

الفصل: ‌الباب العاشرفي المطلق والمقيد

‌الباب العاشر

في المطلق والمقيد

ص: 235

الباب العاشر في المطلق والمقيد (1)(2)

ش: هذا الباب مناسب (3) للباب الذي قبله، لأن الشرط من جملة ما

(1) بدأت نسخة (ز) بسرد المتن.

(2)

لم يتعرض الشوشاوي في هذا الباب لحد المطلق والمقيد اكتفاء بتعريف القرافي لهما في الباب الأول في المطلب الرابع عشر والخامس عشر من الفصل السادس منه.

وقد حدهما صاحب المتن هناك بقوله: المطلق هو اللفظ الموضوع لمعنى كلي، نحو: رجل، والمقيد هو اللفظ الذي أضيف إلى مسماه معنى زائد عليه نحو: رجل صالح.

انظر: مخطوط الأصل ص 39، وشرح القرافي ص 39.

وقد تعرض العلماء لتعريف المطلق والمقيد، وتعددت تعريفاتهم وتباينت:

أما المطلق فقيل فيه: هو ما دل على شائع في جنسه، وقيل: هو عبارة عن النكرة في سياق الإثبات، وقيل: هو اللفظ الدال على مدلول شائع في جنسه. وقيل: الدال على الماهية بلا قيد، وقيل: هو المتناول لواحد لا بعينه باعتباره حقيقة شاملة لجنسه.

وعرفه الرازي: بأنه الدال على واحد لا بعينه.

وأما المقيد فقيل هو: ما أخرج من شياع بوجه ما، وقيل: هو المتناول لواحد معين أو غير معين موصوف بأمر زائد على الحقيقة الشاملة لجنسه، وقيل: ما كان من الألفاظ دالاً على مدلول معين أو على وصف مدلوله المطلق بصفة زائدة عليه.

انظر لهذه التعريفات ومناقشتها: المحصول 1/ 2/ 522، والمعالم ص 160، وإحكام الآمدي 3/ 403، وروضة الناظر ص 259، 260، وجمع الجوامع 2/ 44، والعضد على ابن الحاجب 2/ 155، وشرح الكوكب المنير 3/ 392، والمسطاسي ص 19.

(3)

"مناسبة" في ز.

ص: 237

يقيد به المطلق (1).

قال المؤلف في شرحه: التقييد والإطلاق من أسماء الألفاظ لا من أسماء المعاني؛ لأنك تقول: هذا لفظ (2) مطلق، وهذا لفظ (3) مقيد، ولا تقول: معنى مطلق، ولا معنى مقيد (4).

قوله: (التقييد والإِطلاق أمران اعتباريان).

ش: أي: أمران نسبيان، أي: إضافيان (5).

قوله: (فقد يكون المقيد مطلقًا بالنسبة إِلى قيد آخر، كالرقبة مقيدة بالملك، مطلقة بالنسبة إِلى الإِيمان).

ش: هذا تفسير وبيان لقوله: أمران اعتباريان، ومعناه (6): قد يكون الشيء (7) مطلقًا باعتبار شيء، ويكون [أيضًا](8) مقيدًا باعتبار شيء

(1) التقييد يقع بأشياء منها: الغاية، كقولك: اضرب عمرًا أبدًا حتى يرجع إلى الحق. والشرط، كقولك: من جاءك من الناس فأعطه درهمًا. والصفة، نحو: أعط القرشيين المؤمنين. انظر: الإشارة ص 157، والفصول 1/ 216، وانظر مناسبة الباب لما قبله في: المسطاسي ص 19، وذكر وجهًا آخر للمناسبة، وهو: أن العموم على قسمين: استغراقي وتعرض له المخصصات ومنها الشرط، وبدلي ويعرض له التقييد، فتكلم المؤلف على الأول، ثم شرع في الثاني.

(2)

"اللفظ" في ز.

(3)

"اللفظ" في ز.

(4)

انظر: شرح القرافي ص 269، وشرح الكوكب المنير 3/ 394، والمسطاسي ص 19.

(5)

انظر: روضة الناظر ص 260، والإبهاج 2/ 216، ومختصر ابن اللحام ص 125، وشرح الكوكب المنير 3/ 393.

(6)

"معناه" في ز.

(7)

"شيء" في الأصل.

(8)

ساقط من ز.

ص: 238

[آخر](1)، مثله المؤلف بالرقبة، فإن الرقبة إذا اعتبرت أن معناها المملوكة فهي مقيدة، لخروج غير المملوكة منها، وإذا اعتبرت صدقها على المؤمنة والكافرة [حرة كانت أو مملوكة](2) فهي مطلقة، ولكن (3) جهة (4) التقييد خلاف جهة الإطلاق، فما به الإطلاق خلاف ما به التقييد.

قوله: (وقد يكون المطلق مقيدًا كالرقبة مطلقة وهي مقيدة بالرق).

ش: أي إذا اعتبرت كون الرقبة تصدق على المؤمنة والكافرة فهي مطلقة، وإذا اعتبرت كونها مملوكة فهي مقيدة.

قوله: (والحاصل أن كل حقيقة إِن اعتبرت من حيث هي هي فهي مطلقة، وإِن اعتبرت مضافة إِلى غيرها فهي مقيدة).

ش: قال المؤلف في شرحه: ضابط الإطلاق أنك تقتصر على مسمى اللفظة المفردة، نحو: رقبة، أو إنسان، أو حيوان، ونحو ذلك من الألفاظ المفردة، فهذه كلها مطلقات، ومتى زدت على مدلول اللفظة مدلولاً آخر بلفظ أو بغير لفظ صار مقيدًا (5)، مثال زيادته بلفظ نحو: رقبة مؤمنة، أو (6) إنسان صالح، أو (6) حيوان ناطق، ومثال زيادته بغير لفظ: أن تأخذ

(1) ساقط من ز.

(2)

ساقط من ز، وهي في الهامش من الأصل.

(3)

"لكن" في ز.

(4)

"من جهة" في ز.

(5)

قوله: فمتى زدت على مدلول اللفظة مدلولاً آخر بلفظ أو بغير لفظ صار مقيدًا، قال المسطاسي: هذا يقتضي أن المعاني توصف بالتقييد والإطلاق، وقد صرح بإنكاره فتأمله. انظر: المسطاسي ص 19.

(6)

"و" في ز.

ص: 239

هذه الألفاظ المطلقة باعتبار ألفاظ أخر، وذلك أن الرقبة إنسان مملوك، وأن الإنسان حيوان ناطق، وأن الحيوان (1) جسم حساس، وأن الرجل إنسان ذكر، وما أشبه ذلك.

فتبين بما ذكرناه: أن التقييد والإطلاق أمران نسبيان، فرب مطلق مقيد، ورب مقيد مطلق (2).

قوله: (ووقوعه في الشرع على أربعة أنواع (3)(4)(5):

متفق الحكم والسبب، كإِطلاق الغنم في حديث وتقييدها (6) في [حديث](7) آخر بالسوم.

ومختلف الحكم والسبب، كتقييد الشهادة بالعدالة وإِطلاق (8) الرقبة في الظهار.

(1)"الإنسان" في ز.

(2)

انظر: الشرح للقرافي ص 266، وشرح المسطاسي ص 19.

(3)

"أقسام" في نسخ المتن الثلاث.

(4)

وكل نوع من هذه الأربعة لا يخلو إما أن يكون المطلق والمقيد فيه مثبتين، أو منفيين، أو أحدهما مثبتًا، والآخر منفيًا، والمؤلف اقتصر على هذه الأربعة؛ لأن المنفي عام لا مطلق، بناء على أن النكرة في سياق النفي تعم، أشار إلى هذا في الفروق، فانظره 1/ 192، وانظر: شرح القرافي ص 268، وشرح حلولو ص 224.

(5)

يصرح كثير من الأصوليين بأن ما يجري في العموم والخصوص من متفق عليه ومختلف فيه يجري في المطلق والمقيد، ويزيدون هذه المسألة.

انظر: الإحكام للآمدي 3/ 4، والعضد على ابن الحاجب 2/ 155، وشرح حلولو ص 224.

(6)

"وتقييده" في ز.

(7)

ساقط من أوش.

(8)

"في إطلاق" في أ.

ص: 240

[ومتحد الحكم مختلف السبب كالعتق (1) مقيد في القتل مطلق في الظهار](2)، ومختلف الحكم متحد (3) السبب كتقييد الوضوء بالمرافق وإِطلاق التيمم (4). والسبب واحد [و](5) هو الحدث).

ش: ومعنى قوله في القسم الأول: (متفق الحكم والسبب): أن قوله عليه السلام: "في كل أربعين شاة شاة" مع قوله عليه السلام: "في سائمة الغنم الزكاة" الحكم في السائمة والمعلوفة واحد، وهو وجوب الزكاة، وكذلك سبب [وجوب](6) الزكاة فيهما أيضًا واحد، وهو نعمة الملك، أو نفي الشح عن النفس (7)(8).

قوله: (فالأول يحمل (9) فيه المطلق على المقيد على الخلاف في دلالة المفهوم، وهو حجة عند مالك رحمه الله تعالى).

ش: يعني أن المطلق يحمل على المقيد، على القول بأن المفهوم حجة، وهو قول مالك وجمهور أصحابه، وقد تقدم التنبيه على ضعف التخصيص بالمفهوم في باب العموم في قول المؤلف: (وفي المفهوم نظر

(1) الأولى أن يقول: كالرقبة، لأن التقييد والإطلاق لها.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(3)

"ومتحد" في أ.

(4)

التقييد والإطلاق هنا لليدين لا للوضوء والتيمم، والمعنى واضح.

(5)

ساقطة من ش.

(6)

ساقط من الأصل.

(7)

انظر: شرح القرافي ص 266، وشرح المسطاسي ص 20.

(8)

في هامش الأصل ما يلي: انظر سبب وجوب الزكاة.

(9)

"لا يحمل" في أوخ، وهو خطأ.

ص: 241

وإِن قلنا: إِنه حجة، لكونه أضعف من المنطوق) (1)، وأما إذا قلنا: إن المفهوم ليس بحجة فلا يحمل المطلق على المقيد؛ إذ لا عبرة بالمفهوم (2).

وذلك أن قوله عليه السلام: "في كل أربعين شاة شاة" يقتضي بمنطوقه (3) وجوب الزكاة في السائمة والمعلوفة، وقوله عليه السلام:"في سائمة الغنم الزكاة" يقتضي بمفهومه نفي الزكاة عن المعلوفة (4).

(1) انظر: شرح القرافي ص 215، ومخطوط الأصل صفحة 177.

(2)

يبني بعض العلماء هذه المسألة على دليل الخطاب كما فعل الباجي، ويبنيها آخرون على مسألة الزيادة على النص، هل هي نسخ أو بيان؟ وكلا الفريقين يجرون مذاهب العلماء في تلك المسائل على المطلق والمقيد هنا.

والذي عليه جماهير الأصوليين في هذه المسألة هو القول بالحمل، ولذا صرح بعض الأصوليين، كابن برهان والآمدي وأبو البركات بعدم الخلاف في هذه المسألة.

ونسب أبو الحسين القول بعدم الحمل إلى معظم المتكلمين ومعظم الحنفية، وحكاه الباجي عن جمهور المالكية.

والخلاف من الحنفية فيما لا يجوز به النسخ كالآحاد للمتواتر مشهور هنا، وجار على مذهبهم في الزيادة على النص.

انظر: المعتمد 1/ 161، واللمع ص 132، والفصول 1/ 217، والإشارة ص 159، والمستصفى 2/ 185، والوصول 1/ 286، والروضة ص 260، والعدة 2/ 628، والمحصول 1/ 3/ 215، وإحكام الآمدي 3/ 4، والعضد على ابن الحاجب 2/ 155، ونهاية السول 2/ 497، والتمهيد للإسنوي ص 419، والإبهاج 2/ 217، وجمع الجوامع 2/ 50، ومختصر ابن اللحام ص 125، والمسودة ص 146، وقواعد ابن اللحام ص 281، ومفتاح الوصول للتلمساني ص 86، والوجيز للكرماستي ص 35، وتيسير التحرير 1/ 330 - 331، والكوكب المنير 3/ 396.

(3)

"منطوقه" في ز.

(4)

اشتراط صفة السوم في الأنعام التي تجب فيها الزكاة هو مذهب جماهير العلماء من الشافعية والحنفية والحنابلة، إلا أن الشافعية شرطوه في جميع الحول وغيرهم شرطه لأكثر الحول. =

ص: 242

قوله: (كإِطلاق الغنم في حديث وتقييدها في حديث آخر بالسوم)،

قال (1) في الشرح: وهذا المثال عليه إشكال من جهة أن مطلقه عام، فإن (2)

قوله عليه السلام: "في كل أربعين (3) شاة شاة" عام لا مطلق، فإذا كان عامًا

كان المقيد له مخصصًا لا مقيدًا، فإن المخصص مناقض لمقتضى العام ومناف

له، وأما المقيد فليس بمناقض لمقتضى المطلق (4) بل فيه ذلك المطلق وزيادة، فإن العامل بالمقيد عامل بالمطلق، وليس كذلك العام مع الخاص، فإن العامل بالخاص غير العامل (5) بالعام، فإن معتق الرقبة المؤمنة معتق الرقبة المطلقة، ومزكي الغنم السائمة ليس بمزكي الغنم المعلوفة (6).

= أما الليث ومالك وجمهور المالكية، فذهبوا إلى عدم اشتراط صفة السوم، وأوجبوا الزكاة في المعلوفة والعوامل والنواضح من الغنم والبقر والإبل.

والخلاف يرد إلى الحديثين هل يحمل مطلقهما على مقيدهما أو لا يحمل؟

وقولنا: مطلق ومقيد تجَوُّز، وإلا هما من باب تخصيص العام بمفهوم الصفة، وإثباته مذهب الجماهير.

انظر: حاشية ابن عابدين 2/ 275، وبداية المجتهد 1/ 252، والقوانين لابن جزي ص 96، والمجموع شرح المهذب 5/ 355، والشرح الكبير للرافعي 5/ 315، والمغني 2/ 576، 577، 592، والإفصاح لابن هبيرة 1/ 196، وإحكام الآمدي 2/ 328، 3/ 72، وشرح القرافي ص 215.

(1)

"المؤلف" في زيادة في ز.

(2)

"بأن" في ز.

(3)

"أربعة" في ز.

(4)

في هامش الأصل ما يلي: "انظر حقيقة القيد ليس بمناقض".

(5)

"الحامل" في ز.

(6)

انظر: الشرح ص 266، 267، وقد قرر الشوشاوي الإشكال بصورة أوسع مما هي عليه في الشرح وقريبة مما هي عليه في المسطاسي، وإيراد العلماء الحديثين في أمثلة تخصيص العموم بالمفهوم تؤكد هذا الإشكال.

انظر: الإحكام للآمدي 2/ 328، 3/ 72، وشرح القرافي ص 215، والفروق 1/ 191، والمسطاسي ص 20، وحلولو ص 224.

ص: 243

وأجاب بعضهم عن هذا الإشكال: بأن مذهب المؤلف أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال، فإن السوم في الغنم حال من حالاتها، فالغنم بالنسبة إلى السوم مطلقة، وكذلك بالنسبة إلى العلف، فيصير إذًا من باب المطلق والمقيد [لا من باب العام والخاص فتأمله (1).

قال بعضهم: فإذا كان المفهوم حجة عند مالك (2)، ومذهبه أيضًا حمل المطلق على المقيد] (3)(4).

فها هنا مسألتان خالف فيهما أصله ولم يعتبر فيهما المفهوم، ولا حمل فيهما المطلق على المقيد (5).

المسألة الأولى: قوله عليه السلام: "في كل أربعين شاة شاة" / 218/ مع قوله عليه السلام: "في الغنم السائمة الزكاة"؛ لأن مالكًا رضي الله عنه أوجب الزكاة في السائمة والمعلوفة، ولم يعتبر المفهوم (6) ولا حمل المطلق على المقيد (7).

أجيب عن هذا بثلاثة أوجه:

أحدهما: أن هذا من باب العموم والخصوص، فإن ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، كما تقدم في باب العموم في قوله: وذكر بعض العموم لا

(1) انظر: شرح المسطاسي ص 20.

(2)

انظر: إحكام الآمدي 3/ 72، وشرح القرافي ص 267، ومفتاح الوصول ص 84.

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(4)

انظر: الفصول للباجي 1/ 218، وشرح التنقيح للقرافي ص 267.

(5)

قائل هذا القول هو المسطاسي في شرحه صفحة 21.

(6)

"العموم" في الأصل.

(7)

انظر: القوانين لابن جزي ص 96، وبداية المجتهد 1/ 252.

ص: 244

يخصصه، خلافًا لأبي ثور (1).

الوجه الثاني: أن المفهوم وإن كان حجة فها هنا ما يعارضه، وهو دلالة المنطوق؛ لأن [دلالة المنطوق أولى من](2) دلالة المفهوم (3)، [لأن المفهوم مختلف فيه هل هو حجة أم لا؟](4).

الوجه الثالث: أن المفهوم إنما يكون حجة إذا لم يخرج مخرج الغالب (5)، والمفهوم ها هنا خرج مخرج الغالب؛ لأن غالب أغنام (6) الحجاز السوم دون العلف (7).

المسألة الثانية: قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (8) مع قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (9)، فإن مالكًا رضي الله عنه قال: بنفس الارتداد ينحبط العمل، ولا يتوقف على الموت

(1) انظر: شرح القرافي ص 219، ومخطوطة الأصل صفحة 182.

وانظر: المحصول 1/ 3/ 195، وإحكام الآمدي 2/ 335، والمسطاسي ص 21.

(2)

ساقط من ز.

(3)

"ضعيفة" زيادة في ز.

(4)

ساقط من الأصل.

(5)

انظر: المسطاسي ص 21.

(6)

"أهل" زيادة في ز.

(7)

انظر: شرح القرافي ص 267، وشرح المسطاسي ص 21.

(8)

سورة الزمر آية رقم 65، والآية بتمامها:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .

(9)

سورة البقرة آية رقم 217.

ص: 245

على الكفر (1)، بدليل قوله تعالى في آية أخرى:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (2).

وقال الشافعي: لا ينحبط عمله إلا بوفاته على الكفر حملاً للمطلق على المقيد (3).

وتظهر ثمرة الخلاف: فيمن ارتد بعد أن حج حجة الفريضة، إذا رجع إلى الإسلام هل يعيد الحج أو لا يعيده؟

قال مالك: يعيده؛ لأنه منحبط بنفس ارتداده.

وقال الشافعي: لا يعيد (4)[الحج](5)؛ لأن حبطه متوقف على وفاته على الكفر، حملاً للمطلق على المقيد (6).

أجاب المؤلف في القواعد في الفرق الحادي والثلاثين عن مالك في هذا فقال: ليس هذا من باب حمل المطلق على المقيد.

وإنما هذا (7) من باب ترتيب مشروطين على شرطين، فالمشروطان هما

(1) انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 148، والفروق 1/ 193، مفتاح الوصول ص 88، وشرح المسطاسي ص 21.

(2)

سورة المائدة آية رقم 5، وتمامها:{وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .

(3)

انظر: الفروق 1/ 194، وتفسير روح المعاني 2/ 110، والأم 6/ 158، والمسطاسي ص 21.

(4)

"يعيده" في ز.

(5)

ساقط من ز.

(6)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 148، وتفسير روح المعاني 2/ 111.

(7)

"هو" في ز.

ص: 246

الحبوط والخلود (1)، والشرطان هما: الردة والوفاة عليها.

فالأول للأول والثاني للثاني، فالحبوط للردة، والخلود للوفاة عليها (2).

قوله: (والثاني لا يحمل [فيه] (3) إِجماعًا).

ش: يعني أن القسم الذي اختلف حكمه وسببه (4)، لا يحمل (5) فيه المطلق على المقيد إجماعًا (6)، إذ لا موجب لرد أحد الدليلين إلى الآخر لاختلاف الأحكام والأسباب، فإن اعتبار العدالة في الشهادة لا يوجب اعتبار العدالة في الرقبة (7).

قوله: (إِجماعًا)، يعني إجماع الجمهور، وإلا فقد نقل المؤلف في شرح المحصول في حمل المطلق على المقيد عن التبريزي (8) ثلاثة أقوال: لأنه قال في حمل المطلق على المقيد ثلاثة أقوال؛ قولان متقابلان على الإطلاق، والقول

(1)"في النار" زيادة في ز.

(2)

انظر: الفروق 1/ 194، ومفتاح الوصول ص 88، وشرح المسطاسي ص 21.

(3)

ساقط من أ.

(4)

"سببه وحكمه" بالتقديم والتأخير في ز.

(5)

"ولا يحمل" في ز.

(6)

انظر كلام الأصوليين على هذا القسم في: اللمع ص 132، والوصول لابن برهان 1/ 287، والعدة 2/ 636، وروضة الناظر ص 262، والمحصول 1/ 3/ 214، وإحكام الآمدي 3/ 4، وشرح العضد على ابن الحاجب 2/ 155، ونهاية السول 2/ 495، والإبهاج 2/ 217، وتمهيد الإسنوي ص 418، ومختصر ابن اللحام ص 125، وقواعده ص 280، وفصول الباحي 1/ 216، والإشارة له ص 158، ومفتاح الوصول ص 86، وتيسير التحرير 1/ 330، وشرح الكوكب المنير 3/ 395، وفواتح الرحموت 1/ 361.

(7)

انظر المسطاسي ص 20، ولاحظ أن هذا المثال مما اتحد فيه الحكم واختلف السبب.

(8)

"التبزيزي" في الأصل.

ص: 247

الثالث: إن اتحد السبب حمل عليه وإلا فلا، قال: وهذا الثالث هو الحق (1)، فهذا يقتضي عدم الإجماع الذي ذكره (2) المؤلف ها هنا (3)؛ لأنه يقتضي الخلاف في جميع الأقسام.

قوله: (والثالث لا يحمل فيه المطلق على المقيد عند أكثر أصحابنا و (4) الحنفية خلافًا لأكثر الشافعية؛ لأن الأصل في اختلاف الأسباب اختلاف الأحكام، فيقتضي أحدهما التقييد والآخر الإِطلاق).

ش: يعني أن القسم الذي اتحد حكمه واختلف سببه لا يحمل فيه المطلق على المقيد عند أكثر أصحاب مالك والحنفية خلافًا لأكثر الشافعية (5).

(1) انظر كلام التبريزي في تنقيح المحصول 2/ 294، رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى إعداد حمزة زهير حافظ، برقم 541 - 543 رسائل.

وانظر: نفائس الأصول للقرافي لوحة 220.

مخطوط مصور فلميًا بجامعة الإمام برقم 8045 ف.

وانظر: شرح المسطاسي ص 21.

(2)

"ذكر" في ز.

(3)

قال الباجي في الفصول: وقد حكى القاضي أبو محمد أن مذهب مالك في هذا: حمل المطلق على المقيد، وأخذ ذلك من رواية رويت عن مالك

إلى أن قال: وهذا الذي حكاه القاضي أبو محمد تأويل غير مسلم

إلخ.

فما نقله الباجي هنا مؤيد لصرف كلمة الإجماع عن معناها المطلق.

انظر: الفصول 1/ 217، وانظر: شرح المسطاسي ص 21.

(4)

"أكثر" زيادة في خ.

(5)

هذا القسم هو مدار الخلاف الحقيقي في المطلق والمقيد؛ لأنه مع اتحاد الحكم والسبب ندر من منع الحمل، ومع اختلاف الحكم قل من قال بالحمل، والعلماء في هذا القسم على ثلاثة مذاهب:

أ - عدم حمل المطلق على المقيد وهو مذهب الحنفية، وحكاه القاضي عبد الوهاب عن المالكية، وقد أومأ إليه الإمام أحمد في رواية أبي الحارث، وبه أخذ بعض الشافعية. =

ص: 248

قوله: (والحنفية) أي لا يحمل المطلق على المقيد ها هنا عند (1) الحنفية، يريد: إلا فيما يجوز نسخه به، فإن تقييد المطلق زيادة، والزيادة على النص نسخ عند الحنفية، كما سيأتي بيانه في باب النسخ إن شاء الله تعالى في

= ب - وجوب حمل المطلق على المقيد بمقتضى اللغة، وبه قال بعض الشافعية والمالكية، وقد أومأ إليه أحمد في رواية أبي طالب.

جـ - يحمل المطلق على المقيد بطريق القياس عند وجود جامع، وهذا مشهور عن الشافعي وأكثر الشافعية، وجمع من المالكية والحنابلة.

وقد أخر الشوشاوي أدلة المذاهب إلى ما بعد القسم الرابع، ولو جاء بها هنا لكان أولى.

وقد اشترط القائلون بالحمل لجوازه شروطًا أوصلها بعضهم إلى سبعة وهي:

1 -

أن يكون القيد من باب الصفات.

2 -

ألا يكون للمطلق إلا أصل واحد.

3 -

أن يكونا في باب الأوامر والإثبات.

4 -

ألا يكونا في جانب الإباحة.

5 -

ألا يمكن الجمع بينهما إلا بالحمل.

6 -

ألا يكون القيد لأجل قدر زائد.

7 -

ألا يقوم دليل يمنع التقييد.

انظر: أصول الشاسي ص 33، واللمع ص 132، والتبصرة ص 212، 216، وشرح نظم الورقات للعمريطي ص 32، 33، والمستصفى 2/ 185، وروضة الناظر ص 261، والوصول لابن برهان 1/ 286، والعدة 2/ 639، وتخريج الفروع للزنجاني ص 262، والفصول للباجي 1/ 218، والإشارة ص 158، والمحصول 1/ 3/ 218، وإحكام الآمدي 3/ 5، وشرح العضد على ابن الحاجب 2/ 157، ونهاية السول 4/ 503، والتمهيد للإسنوي ص 420، والإبهاج 2/ 219، وجمع الجوامع 2/ 51، والمسودة ص 145، وقواعد ابن اللحام ص 283، والوجيز للكرماستي ص 35، وشرح الكوكب المنير 3/ 402، وإرشاد الفحول ص 166، وشرح المسطاسي ص 21، وشرح حلولو ص 226، وشرح القرافي ص 267.

(1)

"على" في ز.

ص: 249

الفصل الرابع منه، في قوله:[الزيادة](1) على العبادة الواحدة ليست نسخًا عند مالك رحمه الله وعند أكثر أصحابه والشافعي، خلافًا للحنفية (2)(3).

قوله: (لأن الأصل في اختلاف الأسباب اختلاف الأحكام)، هذا الدليل أعم من المدلول؛ لأنه (4) يتناول القسم الثاني (5) أيضًا.

قوله: (والرابع فيه خلاف).

ش: يعني أن القسم (6) الذي اختلف حكمه واتحد سببه فيه خلاف (7)،

(1)"والزيادة" في ز.

(2)

انظر قوله في صفحة 254، من مخطوطة الأصل، صفحة 541 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 317.

(3)

رأي الحنفية هذا يجري على سائر أقسام المطلق، وإذا حمل المطلق على المقيد فليس لأنه مطلق ومقيد، بل لأنه نسخ، كما سبق في القسم الأول من هذه الأقسام الأربعة صفحة 242 من هذا المجلد، وانظر: المسطاسي ص 21.

(4)

"فإنه" في ز.

(5)

"المثلى" في ز.

(6)

الرابع" زيادة في.

(7)

الذي يصرح به غالب الأصوليين في هذه المسألة هو عدم الحمل، وقد نسب الإسنوي وغيره للقرافي أنه نقل القول بالحمل عن أكثر الشافعية، وأما ابن السبكي في جمع الجوامع فقد ذكر فيها ثلاثة أقوال كالمسألة السابقة، ونقله العراقي عن الباجي وابن العربي. انظر كلام الأصوليين حول هذا القسم في: أصول الشاشي ص 33، والعدة 2/ 636، والمحصول 1/ 3/ 214، وإحكام الآمدي 3/ 4، والعضد على ابن الحاجب 2/ 155، ونهاية السول 2/ 495، وتمهيد الإسنوي ص 419، والإبهاج 2/ 217، وجمع الجوامع 2/ 51، وفصول الباجي 1/ 216، والإشارة ص 158، ومختصر ابن اللحام ص 125، ومفتاح الوصول ص 87، وشرح الكوكب المنير 3/ 395، وفواتح الرحموت 1/ 361، وشرح حلولو ص 227.

ص: 250

كتقييد الوضوء بالمرافق وإطلاق التيمم والسبب واحد وهو الحدث (1)، فقيل: تحمل آية التيمم المطلقة على آية الوضوء المقيدة؛ لأن الله تعالى قال في آية التيمم: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (2)، أي: من الصعيد الطيب، وقال [في] (3) آية الوضوء:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (4)، فتحمل إحدى (5) الآيتين (6) على الأخرى، فيتيمم إلى المرافق كالوضوء، حملاً للمطلق على المقيد (7)، وقيل: إنما تحمل آية التيمم [على آية السرقة (8)؛ لأن القطع فيها في الكوعين فيتيمم إلى الكوعين](9) قياسًا على القطع (10)؛ لأنه عضو (11) أطلق (12) النص فيه (13).

فالقول الأول جعل هذا من باب حمل المطلق على المقيد.

(1) انظر: المسطاسي ص 20.

(2)

سورة المائدة آية رقم 6.

(3)

ساقط من ز.

(4)

سورة المائدة آية رقم 6.

(5)

"أحد" في ز.

(6)

هما من آية واحدة، فتعبيره بالآيتين فيه تجوز.

(7)

ولورود عدة أحاديث بهذا. انظر: سنن الدارقطني 1/ 178 - 181، والتلخيص الحبير 1/ 151.

(8)

هي الآية 38 من سورة المائدة.

(9)

ساقط من ز.

(10)

في (ز) زيادة ما يلي: "في السرقة فيتيمم إلى الكوعين" اهـ.

(11)

"عطف" في ز.

(12)

"إطلاق" في ز.

(13)

في (ز) زيادة ما يلي: "فيختص بالكوعين قياسًا على القطع في السرقة" اهـ.

ص: 251

و [هذا](1) القول الثاني جعله من باب القياس (2).

وقيل: [بل](3) يتيمم إلى الإبطين لأن اسم اليد في اللغة من الإبط إلى الأصابع؛ و [لأجل](4) ذلك (5) لما نزلت آية التيمم فيتيمم (6) الصحابة رضي الله عنهم إلى الإبط (7) وهم [أهل](8) اللسان والمعرفة بمعاني الخطاب (9)، قال

(1) ساقط من ز.

(2)

ولورود الأحاديث الصحاح بهذا. انظر: نصب الراية 1/ 154.

(3)

ساقط من ز.

(4)

ساقط من ز.

(5)

"لذلك" في ز.

(6)

هكذا في الأصل وز، ولعل الصواب: تيمم.

(7)

تيمم الصحابة رضي الله عنهم إلى الآباط والمناكب، ورد في حديث عمار بن ياسر في نزول آية التيمم، وقد روي بعدة ألفاظ يطول التعرض لها، فانظرها في: النسائي 1/ 167، 168، وابن ماجه رقم 565، 566، وأبي داود رقم 318، 320، والحميدي رقم 143، وأحمد 4/ 263، 320، 321. وقد حمل بعض أهل العلم حديث عمار على أنه إخبار عما فعلوه، لا أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم؛ لأنه ثبت أنه علّم معاذًا الاقتصار على الكفين.

انظر: الترمذي 1/ 270، ونصب الراية 1/ 155، والمحلى 2/ 208.

(8)

ساقط من الأصل.

(9)

ففي هذه المسألة ثلاثة مذاهب:

قيل: الكفان فقط، وبه قال أحمد، والأوزاعي، وابن المسيب، والشعبي، والحنابلة، والظاهرية، وقيل: إلى المرفقين، وبه قال الثوري، وابن المبارك، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة وأصحابه.

وقيل: إلى الإبط، وقال به ابن شهاب الزهري ومحمد بن مسلمة.

انظر: المحلى 2/ 199، وسنن الترمذي 1/ 270، ومقدمات ابن رشد 1/ 40، والمدونة 1/ 46، وبداية المجتهد 1/ 68، والهداية 1/ 25، والأم 1/ 49، والمغني لابن قدامة 1/ 255، وشرح القرافي ص 267، والمسطاسي ص 22.

ص: 252

جماعة من الفقهاء: سبب الخلاف في هذه الآية المذكورة في التيمم: هل يؤخذ بأوائل الأسماء أو بأواخرها؟ (1).

قال المؤلف في الشرح: وهذا (2) باطل؛ لأن اسم اليد كل لا كلي فلا يجزئ البعض عن الكل إجماعًا، فلا تجزئ ركعة واحدة عن صلاة الصبح ولا يوم واحد عن شهر رمضان إجماعًا، وإنما محل الخلاف [هو الكلي](3) الذي له مراتب في القلة والكثرة، كالطمأنينة والتدلك والرقبة وما أشبه ذلك (4)، كما تقدم بيانه في الباب الرابع في الأوامر في قوله: فرع: اختار القاضي عبد الوهاب أن الأمر المعلق على الاسم يقتضي الاقتصار على أوله، والزائد على ذلك إما مندوب أو ساقط" (5).

حجة القول بعدم حمل المطلق على المقيد مع اختلاف السبب شيئان.

أحدهما: / 219/ أن الأصل في اختلاف الأسباب اختلاف الأحكام كما قال المؤلف (6).

الثاني: أن الأصل عدم الحمل، وخالفناه فيما اتفق سببه وبقي ما عداه على الأصل.

(1) انظر: المسطاسي ص 22.

(2)

"وهو" في ز.

(3)

ساقط من ز.

(4)

انظر: شرح القرافي ص 267، والفروق 1/ 190.

(5)

انظر: مخطوط الأصل صفحة 135، وشرح القرافي ص 159.

(6)

انظر: شرح القرافي ص 266، والمستصفى 2/ 185، وروضة الناظر ص 261، والمسطاسي ص 22.

ص: 253

وإنما قلنا: الأصل عدم الحمل؛ لأن كل واحد من المطلق والمقيد [له](1) دلالة تخصه (2)، فليس إبطال دلالة المطلق بدلالة المقيد بأولى من العكس (3).

حجة القول بالحمل، ثلاثة أوجه:

أحدها: الجمع بين الدليلين؛ لأن العامل بالمقيد عامل بالمطلق، بخلاف العكس؛ لأن المطلق في ضمن المقيد.

فإذا قال لعبده: أكرم رجلاً، ثم قال له: أكرم زيدًا، فإذا أكرم زيدًا صدق عليه أنه أكرم رجلاً (4).

الوجه الثاني: أن القرآن كله كالكلمة الواحدة، فيقدر كالمنطوق (5) به [مع المطلق](6)، فيتعين لذلك حمل المطلق على المقيد (7).

الوجه الثالث: بالقياس على الشهادة؛ لأن الله عز وجل أطلق الشهادة

(1) ساقط من ز.

(2)

"تخصصه" في ز.

(3)

انظر: المسطاسي ص 22.

(4)

انظر: شرح القرافي ص 267، والمسطاسي ص 22.

(5)

"كالمطلق" في ز.

(6)

ساقط من ز.

(7)

انظر لهذا الدليل: اللمع ص 133، والتبصرة ص 214، والوصول 1/ 288، والمحصول 1/ 3/ 219، وإحكام الآمدي 3/ 6، والفصول للباجي 1/ 220، ونهاية السول 2/ 504، والتمهيد للإسنوي ص 421، والإبهاج 2/ 219، وشرح القرافي ص 267، والمسطاسي ص 22.

ص: 254

في قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (1) وقيدها بقوله: (2){مَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (3)، وفي قوله:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (4)، فإنه حُمِلَ المطلق على المقيد ها هنا باتفاق، فينبغي (5) أن يكون كذلك في محل النزاع، طردًا للقاعدة (6).

وأجيب عن الأول وهو قولنا: المطلق في ضمن المقيد: بأنا نسلم أن المطلق في ضمن المقيد، ولكن السبب مختلف (7)، فلعل القتل لعظم مفسدته يقتضي زيادة الزاجر (8) فيغلظ عليه باشتراط الإيمان في الرقبة، ولا يشترط ذلك في الظهار لخفة مفسدته.

وقاعدة الشرع: اختلاف الأسباب لاختلاف (9) المسببات، واختلاف العقوبات لاختلاف الجنايات، واختلاف الجابرات لاختلاف المجبورات (10).

وأجيب عن الثاني: وهو قولنا: القرآن كله كالكلمة الواحدة إنما ذلك

(1) سورِة البقرة آية رقم 282، وبعدها:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} .

(2)

"في قوله" في ز.

(3)

سورة البقرة آية رقم 282، وبعدها:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} .

(4)

سورة الطلاق آية رقم 2، وبعدها:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} .

(5)

"ينبغي" في ز.

(6)

انظر: المحصول 1/ 3/ 219، ونهاية السول 2/ 504، وتمهيد الإسنوي ص 421، وشرح القرافي ص 267، والمسطاسي ص 22.

(7)

"يختلف" في ز.

(8)

"الزجر" في ز.

(9)

"اختلاف" في الأصل.

(10)

انظر: شرح القرافي ص 268، والمسطاسي ص 22.

ص: 255

باعتبار عدم التناقض، لا باعتبار الأحكام؛ لأنه مختلف (1) قطعًا؛ لأن بعضه أمر وبعضه نهي، وبعضه وعد وبعضه وعيد، وغير ذلك من أنواعه (2)

وأجيب عن الثالث - وهو قولنا: بالقياس على الشهادة -: أن ذلك قياس في اللغة، واللغة لا تثبت بالقياس وإنما تثبت بالنقل عن أربابها (3).

تنبيه: قولهم: يحمل المطلق على المقيد، كيف يجمع بينهما مع أن الإطلاق والتقييد ضدان، والضدان لا يجتمعان؟.

الجواب: أن كون الإطلاق والتقييد ضدين لا ينافي حمل المطلق على المقيد؛ إذ لا يلزم من التضاد بين الصفتين وقوع التضاد بين الموصوفين، فإن الجسم الواحد لا يتصف بالحركة والسكون مع أنه لا يضاد نفسه، فكذلك المطلق والمقيد (4).

قوله: (فإِن قيد بقيدين مختلفين في موضعين حمل على الأقيس (5) عند الإِمام، ويبقى على إِطلاقه (6) عند الحنفية ومتقدمي الشافعية).

ش: تكلم أولاً على ما إذا قيد المطلق بقيد واحد، وتكلم ها هنا على ما

(1)"يختلف" في ز.

(2)

انظر: التبصرة ص 214، والوصول 1/ 288، والمحصول 1/ 3/ 220، وإحكام الآمدي 3/ 6، والفصول 1/ 220، والإبهاج 2/ 219، وشرح القرافي ص 268، والمسطاسي ص 22.

(3)

انظر: شرح المسطاسي ص 22.

(4)

انظر: المحصول 1/ 3/ 216.

(5)

"منهما" زيادة في ش وخ.

(6)

"الإطلاق" في ز.

ص: 256

إذا قيد بقيدين.

قوله: (فإِن قيد بقيدين)، احترازًا من قيد واحد، وقد تقدم (1).

قوله: (مختلفين)، احترازًا من قيدين متفقين، فإن حكمهما حكم القيد الواحد (2).

قوله: (مختلفين)، مثاله: قوله تعالى في كفارة اليمين بالله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (3) هذا الصوم مطلق ولم (4) يقيد بتتابع ولا بتفريق، وقيد الصوم في (5) الظهار بالتتابع في قوله تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (6)، وقيد الصوم في كفارة التمتع بالتفريق في قوله (7) تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (8)، فقد ورد الصوم مطلقًا بين قيدين مختلفين، أي: متضادين؛ لأن أحد القيدين (9) يقتضي الجمع، والآخر يقتضي التفريق، فهل يقاس على هذا، أو يقاس على هذا، أو لا يقاس على واحد منهما بل يبقى على

(1) انظر: المسطاسي ص 23.

(2)

انظر: المسطاسي ص 23.

(3)

سورة المائدة رقم 89، وبعدها:{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} .

(4)

"لم" في ز.

(5)

"كفارة" زيادة في ز.

(6)

سورة المجادلة آية رقم 4، وبعدها:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، والآية في سورة النساء آية رقم 92، في كفارة القتل وبعدها:{تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} .

(7)

"وقوله" في الأصل.

(8)

سورة البقرة آية رقم 196، وما بعدها:{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} .

(9)

"القدين" في ز.

ص: 257

إطلاقه؟ (1).

فلقائل أن يقول: قياسه على صوم الظهار أولى بجامع (2) الكفارة.

ولقائل أن يقول: قياسه على صوم التمتع أولى بجامع (2) الجبران؛ لأن كل واحد منهما جابر؛ هذا جابر لما فات من البر، وهذا جابر لما نقص من الحج.

ولقائل أن يقول: لا يصح قياسه على واحد منهما، فلا يصح قياسه على الظهار؛ لأن الظهار معصية تناسب التغليظ بخلاف كفارة الحنث، ولا يصح قياسه على التمتع، لأن الحج من باب العبادات، وهذا من باب الكفارات (3) فلا يصح القياس مع اختلاف الأبواب (4)(5)(6).

(1) انظر المسألة في: نهاية السول 2/ 506، والتمهيد للإسنوي ص 423، والإبهاج 2/ 220، وقواعد ابن اللحام ص 285، وشرح الكوكب المنير 3/ 403، وشرح القرافي ص 269، والمسطاسي ص 22، وحلولو ص 228.

(2)

"يجامع" في ز.

(3)

"الكفارة" في الأصل.

(4)

انظر: شرح القرافي ص 269.

(5)

قوله: "ولقائل أن يقول لا يصح قياسه على واحد منهما

إلخ".

قلت: لا ريب أنه ليس في المسألة إلا مخرجان، إما التتابع وإما التفريق، وأيًا ما فعل فهو موافق، إما لصيام الظهار أو لصيام الحج، وإن قلنا: إنه بطريق غير القياس، والعلماء هنا على مذهبين:

1 -

يسن التتابع مع جواز التفريق، وعلى هذا مالك والشافعي وهو رواية عن أحمد.

2 -

يجب التتابع، وبه قال الحنفية، وهو ظاهر مذهب الحنابلة، وهو قول النخعي والثوري وأبي ثور، ودليل هؤلاء قراءة ابن مسعود:"فصيام ثلاثة أيام متتابعات"، وروى مالك عن مجاهد أنها في قراءة أبي بن كعب أيضًا.

انظر: الأم 7/ 66، والهداية 2/ 74، والمغني 8/ 752، وبداية المجتهد 1/ 418، وقوانين ابن جزي ص 144، وأحكام القرآن لابن العربي 2/ 654، والمنتقى للباجي 2/ 66.

(6)

في هامش الأصل ما يلي: انظر: لا يصح القياس مع اختلاف الأبواب.

ص: 258

ومثاله أيضًا: قوله عليه السلام: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا إحداهن بالتراب"، وفي رواية:"أولاهن بالتراب"، وفي رواية:"أخراهن بالتراب"(1).

أخذ الحنفية والشافعية برواية إحداهن دون أولهن وأخراهن، أما الحنفية فلكونهم لا يقولون بحمل المطلق على المقيد، وأما الشافعية فإنما لم يقولوا ها هنا بحمل المطلق على المقيد مع أنهم يقولون بحمل المطلق [على المقيد](2)؛ لأن القيدين في هذا الحديث متعارضان، أعني: أولاهن وأخراهن، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر، فلما [تعارضا تساقطا، فلما](3) تساقطا رجعوا - أعني: الحنفية والشافعية - إلى التمسك بالمطلق، وهو قوله:"إحداهن"، وأما المالكية فلم يعرجوا على هذا المطلق الذي هو إحداهن ولا عرجوا على

(1) روي هذا الحديث بألفاظ كثيرة جلها لم يذكر فيه التعفير.

وأما الروايات التي ذكر فيها التعفير فاختلفت في تحديد الغسلة التي يكون فيها التراب. فورد أنها الثامنة من حديث عبد الله بن المغفل، وهو في مسلم برقم 280، وفي أبي داود برقم 74، وفي النسائي 1/ 54، 177، وفي ابن ماجه برقم 365، وفي الدارمي 1/ 188، وفي مسند أحمد 4/ 86، 5/ 56، وورد أن التعفير في السابعة من حديث أبي هريرة عند أبي داود برقم 73.

وورد أنها الأولى من حديث أبي هريرة وهو عند مسلم برقم 279، وأبي داود برقم 71، والنسائي 1/ 177، وأحمد 2/ 427، 508، وورد التخيير بين الأولى والأخيرة في حديث أبي هريرة وهو عند الترمذي برقم 97.

وورد أنها إحداهن من غير تقييد بترتيب، أشار لها النسائي من حديث أبي هريرة، فانظر: سننه 1/ 177، ورواها البزار من حديث أبي هريرة، فانظر: كشف الأستار عن زوائد البزار للهيثمي رقم الحديث 277، وانظر: التلخيص الحبير 1/ 23، 39، وإرواء الغليل 1/ 60.

(2)

ساقط من ز.

(3)

ساقط من ز.

ص: 259

قيديه اللذين هما أولاهن وأخراهن (1).

قال المؤلف في القواعد: وأنا متعجب من المالكية كيف لم يعرجوا على الروايات (2) الثلاث مع ورود ذلك في الأحاديث الصحاح (3)، قاله في الفرق الحادي والثلاثين بين قاعدة حمل المطلق على المقيد في الكلي وبين قاعدة حمل المطلق على المقيد في الكلية (4).

قوله: (حمل على الأقيس عند الإِمام)(5)، ويبقى على إطلاقه عند (6) الحنفية ومتقدمي الشافعية (7).

(1) مذهب الحنفية في هذه المسألة عدم تحديد الغسلات بعدد، بل يغسل حتى تذهب النجاسة، واستدلوا بروايات أخر للحديث، ذكر في بعضها الغسل ثلاثًا وفي بعضها خمسًا.

أما الشافعية والحنابلة فقالوا: يغسل سبعًا إحداهن بالتراب كما ذكر الشوشاوي وذلك لتعارض الروايات، والمالكية قالوا هنا: يندب الغسل ولا يجب؛ لأنهم يقولون بطهارة الكلب، وإذا غسل فقولهم في غسلة التراب مثل الشافعية والحنابلة لتعارض الروايات.

انظر: المذاهب في: الأم 1/ 6، والهداية 1/ 23، وبدائع الصنائع 1/ 64، 87، والشرح الصغير للدردير 1/ 67، 134، وبداية المجتهد 1/ 28، والمغني 1/ 52، وشرح القرافي ص 269.

(2)

"الرواية" في الأصل.

(3)

قلت: بل قد عرجوا ولكن من باب الندب كما ذكر ذلك الدردير في الشرح الصغير.

انظر: الشرح الصغير 1/ 134.

(4)

انظر: الفروق 1/ 193، وانظر: التلخيص الحبير 1/ 24.

(5)

انظر: المحصول 1/ 3/ 223.

(6)

"على" في الأصل.

(7)

انظر: اللمع ص 132، والعدة 2/ 637، والمحصول 1/ 3/ 223، والمسودة ص 145، ونهاية السول 2/ 507، وتمهيد الإسنوي ص 423، والإبهاج 2/ 220، وجمع الجوامع 2/ 52، وقواعد ابن اللحام ص 280، 284، وشرح الكوكب المنير 3/ 406.

ص: 260

قال المؤلف في شرحه: ما أظن بين الفريقين خلافًا؛ لأن القياس إذا وجد قال به الحنفية والشافعية وغيرهم، فيحمل قولهم: / 220/ يبقى على إطلاقه على ما إذا لم يوجد قياس، أو استوى (1) القياسان (2).

(1)"واستوى" في الأصل.

(2)

انظر: الشرح ص 269، والمسطاسي ص 23، وحلولو ص 228.

ص: 261