الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في أقسامه
(1)
ش: أي في بيان تقسيم (2) الاستثناء.
قوله: (وهو ينقسم إِلى: الإِثبات والنفي، والمتصل والمنقطع).
ش: الضمير المرفوع في قوله: (وهو ينقسم)، يعود على الاستثناء أي: ينقسم الاستثناء باعتبار التصديق (3) إلى الإثبات والنفي (4)، وينقسم باعتبار
(1) ناسخ ز بدأ بسرد المتن ثم عاد إلى الشرح كعادته.
(2)
"تفسير" في ز.
(3)
التصور والتصديق اصطلاحان منطقيان لتقسيم العلم، ويريدون بالتصور: ما خلا عن الحكم، كإدراك المعنى المراد بلفظ الشجرة، ويريدون بالتصديق: ما اشتمل على الحكم كالعلم بأن العالم حادث.
قالوا: وكل تصديق لا بد أن يسبقه تصوران: تصور المحكوم عليه وهو العالم في مثالنا وتصور المحكوم به وهو الحدوث.
ومنهم من زاد ثالثًا هو: تصور النسبة الحكمية بين المحكوم به والمحكوم عليه.
وزاد آخرون رابعًا هو: تصور الوقوع أي وقوع الحدوث للعالم مثلاً.
والأكثرون يقولون: الرابع هو التصديق وما قبله شروط له.
انظر: المواقف ص 11، وشرح الكوكب المنير 1/ 58، وشرح السلم للبناني ص 29، وكتاب في المنطق "مخطوط" ورقة 1 - أ، وجمع الجوامع 1/ 145.
(4)
يصرح بعض الأصوليين بتقسيم الاستثناء إلى هذين القسمين، وبعضهم ينبه عليهما في أثناء بحثه لمسألة: الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي، وانظر: البرهان فقرة/ 280 - 282، والمنخول ص 154، ومغني الخبازي ص 243، وإحكام الآمدي 2/ 308، والإبهاج 2/ 158، ونهاية السول 2/ 421، وتيسير التحرير 1/ 294، وشرح الكوكب المنير 3/ 327، وإرشاد الفحول ص 149، والاستغناء ص 549، 559، 567.
التصور (1) إلى المتصل والمنقطع (2).
قوله: (3)(وينقسم إِلى الإثبات والنفي) اعترضه بعضهم بأن قال: قسم المؤلف الاستثناء إلى الإثبات والنفي (4) مع أن الموصوف بالإثبات [والنفي](5) هو المستثنى منه لا الاستثناء (6).
أجيب عنه: بأن الاستثناء في النفي إثبات، والاستثناء من الإثبات نفي، فيكون الاستثناء أيضًا موصوفًا (7) بالإثبات والنفي وهو مراد
(1) معنى قوله: ينقسم باعتبار التصديق إلى النفي والإثبات وباعتبار التصور إلى المتصل والمنقطع: أن النفي والإثبات حكم، فلذا صار من باب التصديقات، وأما الاتصال والانقطاع فليس بحكم فلذا صار من باب التصورات. والله أعلم.
(2)
تقسيم الاستثناء إلى متصل ومنقطع، من العلماء من ذكره بهذه الصورة، ومنهم من بحث الاستثناء من غير الجنس من حيث جوازه وهل هو حقيقة أو مجاز؟
فانظر للأول: مغني الخبازي ص 244، والإبهاج 2/ 152، وجمع الجوامع 2/ 12، ونهاية السول 2/ 408، والتلويح 2/ 39، 40، 56، وتيسير التحرير 1/ 283، وفواتح الرحموت 1/ 316، وإرشاد الفحول ص 146، والاستغناء ص 382، 386، 447، 497، 508.
وللثاني انظر: المعتمد 1/ 262، والعدة 2/ 673، والبرهان فقرة ص 283، 296، والمنخول ص 159، والمستصفى 2/ 167، 269 والوصول لابن برهان 1/ 343، والإحكام لابن حزم 1/ 397، والإحكام للآمدي 2/ 291، وقواعد ابن اللحام 256، ومختصره ص 117، والمسودة ص 156، وشرح الكوكب المنير 3/ 386، والمدخل لابن بدران ص 116، والعضد على ابن الحاجب 2/ 132، وتمهيد الإسنوي ص 391، والتبصرة ص 165، واللمع ص 127، والمحصول 1/ 3/ 43، والروضة ص 253، وانظر: تبصرة الصيمري 1/ 379، وشرح الكافية الشافية 2/ 701.
(3)
"وهو" زيادة في ز.
(4)
"إلى النفي والإثبات" في ز بالتقديم والتأخير.
(5)
ساقط من ز.
(6)
انظر: شرح المسطاسي ص 127 من مخطوط مكناس رقم 352.
(7)
"موصوف" في ز.
المؤلف (1).
قوله (2): (والمتصل والمنقطع)، زاد الباجي قسمًا ثالثًا، وهو: لا متصل ولا منقطع، وهو استثناء الجزء من الكل نحو: رأيت زيدًا إلا يده (3)، فإن نظرت إلى كونه إخراج بعض من كل أشبه (4) المتصل، وإن نظرت إلى عدم تماثل (5) أجزائه أشبه المنقطع، فصار (6) لذلك قسمًا ثالثًا (7).
وقال الجمهور: رده إلى المتصل أولى، لأن أجزاء زيد متماثلة (8) من حيث هي أجزاء، واختلاف تلك الأجزاء من جهة (9) أخرى لا يضر (10)، كما يقال في قولك: قام القوم إلا زيدًا (11) لم يقم، [فإن هذا متصل](12) باتفاق، [فإن المستثنى](13) مع القوم متماثلة (14) في الإنسانية، ولا يضر اختلافهما من
(1) انظر: شرح المسطاسي ص 127 من مخطوط مكناس رقم 352.
(2)
"بقوله" في ز.
(3)
انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 208، والإشارة للباجي ص 156.
(4)
"أشبهه" في ز.
(5)
"تماثيل" في ز.
(6)
"فوار" في ز.
(7)
انظر: المسطاسي ص 127 من مخطوط مكناس رقم 352.
(8)
"مثماتامة" في ز.
(9)
"جملة" في ز.
(10)
انظر: المسطاسي ص 127 من مخطوط جامع مكناس رقم 352، وقد جعله الشيرازي استثناء من الجنس، فانظر اللمع ص 127، أما الغزالي في المستصفى 2/ 167، فقال: هو استثناء من غير الجنس.
(11)
"زيد" في ز.
(12)
ساقط من ز.
(13)
ساقط من ز.
(14)
"متماثلثة" في ز، ويلاحظ ركاكة العبارة والأولى:"فإن المستثنى مماثل للقوم في الإنسانية".
جهة أخرى، كالطول والقصر والبياض والسواد والعلم والجهل وغير ذلك.
قوله: (وضبطهما مشكل فينبغي أن تتأمله).
ش: ضمير التثنية يعود على المتصل والمنقطع.
قوله: (فإِن كثيرًا من الفضلاء (1) يعتقدون (2) أن المنقطع عبارة عن الاستثناء (3) من غير الجنس).
ش: يعني أن كثيرًا من العلماء [كالباجي وغيره](4) يقولون (5)[في تفسير الاستثناء](6) المنقطع: (7) هو الاستثناء من غير الجنس [ويقولون في تفسير الاستثناء المتصل: هو الاستثناء من الجنس (8)، قال المؤلف في شرح المحصول: لا تكاد تجد في كتب الأدباء والنحاة والأصوليين إلا هذا، وهو غلط في القسمين (9).
قوله: (وليس كذلك).
(1)"كثير إذن الفضلاء" في ز.
(2)
"يعتقد" في أوخ وش.
(3)
"أن المنقطع هو الاستثناء" في ش.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"يعتقدون" في ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"أن المنقطع" في ز.
(8)
هذا رأي جماهير الأصوليين، وانظر للإحالات تعليق رقم (2) من صفحة 70، من هذا المجلد تجد معظم من أحلت عليه يقول بهذا.
(9)
انظر: نفائس الأصول للقرافي لوحة 155 - أمصور بجامعة الإمام قسم المخطوطات برقم/ 9632 - ف.
ش: يعني أن الاستثناء المنقطع أيضًا قد يكون من الجنس] (1)، وذلك إذا حكم بغير النقيض.
واعلم أن ضابط المتصل والمنقطع على مراد المؤلف: أن المتصل هو الاستثناء من الجنس والحكم بالنقيض كقولك: قام القوم إلا زيدًا لم يقم، فهذا متصل باتفاق؛ لأن زيدًا من جنس القوم، ونقيض القيام عدم القيام، فقد وجد فيه القيدان.
والاستثناء المنقطع: هو الاستثناء من غير الجنس، أو الحكم بغير النقيض، وإن كان الاستثناء من الجنس، مثال الاستثناء من غير الجنس والحكم بالنقيض: قام القوم إلا حمارًا لم يقم، ومثال الاستثناء من غير الجنس والحكم بغير النقيض: قام القوم إلا حمارًا لم يخرج، ومثال الاستثناء من/ 197/ الجنس والحكم (2) بغير النقيض: قام القوم إلا زيدًا لم يخرج.
فالحاصل من كلام المؤلف: أن المتصل مركب من قيدين، وهما: الجنس والحكم بالنقيض، وأما المنقطع فليس بمركب؛ إذ لا يشترط فيه إلا قيد واحد وهو خلاف الجنس أو خلاف النقيض على البدلية (3).
قوله: (فإِن قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (4)
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(2)
"مع الحكم" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 239 - 240، وشرح المسطاسي ص 127 من مخطوط مكناس رقم 352، وقوله: على البدلية، فيه نظر؛ حيث إنه لو عدم القيدان بأن اختلف الجنس وحكم بغير النقيض كان الاستثناء منقطعًا، كما مثل الشوشاوي بقوله: قام القوم إلا حمارًا لم يخرج، فهو منقطع بلا شك. فلا يشترط البدلية، بل يشترط انخرام أحد القيدين أو كليهما.
(4)
سورة الدخان آية رقم 56.
منقطع على الأصح مع أن المحكوم عليه بعد إِلا هو بعض المحكوم عليه أولاً ومن جنسه) (1).
ش: هذا دليل على أن الاستثناء من الجنس قد يكون منقطعًا ولو كان من الجنس إذا حكم فيه بغير نقيض حكم المستثنى منه؛ وذلك أن المحكوم عليه في هذه الآية أولاً هو جملة أفراد الموت والمحكوم عليه بعد إلا هو بعض أفراد الموت ومن جنسه.
قوله: (وكذلك قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا (2) أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} (3) منقطع مع أن المحكوم عليه بعد إِلا هو عين (4) الأموال التي
(1) الذي عليه أكثر المفسرين: أن الاستثناء في الآية منقطع، واختلف هؤلاء في معنى إلا، فقدرها أكثرهم بمعنى: لكن، أي لكن ذاقوها في الدنيا، وقيل: هي بمعنى سوى، وضعفه الطبري وقال: بل هي بمعنى بعد، لما بينهما من التجانس في هذا الموضع وساق لذلك أمثلة.
قال أبو حيان: وليس تضعيفه بصحيح، بل يصح المعنى بسوى ويتسق. اهـ.
وذهب بعض المفسرين إلى أن الاستثناء هنا متصل واختلفوا في توجيهه.
فقال قوم: إن ضمير فيها للآخرة، والموت أول أحوالها.
وقال آخرون: إن المؤمن يعاين عند الموت ما يعطاه في الجنة كأنه فيها، فكأنه ذاق الموتة الأولى في الجنة.
قال الآلوسي في هذا القول: ولا يخفى ما فيه من التفكيك مع ارتكاب التجوز. اهـ. ووجه قوم الاتصال بأن المراد بيان استحالة ذوق الموت فيها على الإطلاق، نحو: لن أسقيك شيئًا إلا الجمر. انظر: تفسير الطبري 25/ 76، والقرطبي 16/ 154، وابن كثير 4/ 146، والبحر المحيط 8/ 40، والكشاف 4/ 283، وأبي السعود 8/ 66، وروح المعاني 25/ 136، والتسهيل للغرناطي 4/ 66، وإعراب القرآن للقيسي 2/ 292، وإعراب القرآن للعكبري 4/ 313.
(2)
"ولا تأكلوا" في أ، وهو خطأ.
(3)
سورة النساء آية رقم 29.
(4)
"غير" في ز.
حكم عليها قبل إِلا) (1).
ش: هذا مثال آخر للاستثناء المنقطع مع أنه من الجنس؛ لأنه حكم فيه [بغير](2) نقيض حكم المستثنى منه، فتبين بهذا التقرير أن قولهم في حد الاستثناء المنقطع هو الاستثناء من غير الجنس، غير جامع؛ لأن المنقطع يكون أيضًا (3) في الجنس الواحد إذا حكم بغير النقيض [كما](4) في هاتين الآيتين الكريمتين.
قوله: (بل ينبغي أن تعلم أن المتصل: عبارة عن أن تحكم على جنس ما جكمت عليه أولاً بنقيض ما حكمت به أولاً، فمتى انخرم قيد من هذين القيدين كان منقطعًا، فيكون المنقطع هو أن تحكم على غير جنس ما حكمت
(1) جماهير المفسرين على أن الاستثناء هنا منقطع مقدر بلكن، أي: لكن المتاجر المشروعة فافعلوها، كما قدره ابن كثير وغيره.
ونقل أَبو البقاء في إعراب القرآن: القول بالاتصال وضعفه.
قال أَبو حيان: هذا استثناء منقطع لوجهين:
أحدهما: أن التجارة لم تندرج في الأموال المأكولة بالباطل فتستثنى منها، سواء فسرت قوله بالباطل، بغير عوض، كما قال ابن عباس، أم بغير طريق شرعي كما قال غيره.
والثاني: أن الاستثناء إنما وقع على الكون، والكون معنى من المعاني ليس مالاً من الأموال.
ومن ذهب إلى أنه استثناء متصل فغير مصيب لما ذكرناه. اهـ.
انظر: تفسير ابن كثير 1/ 479، والقرطبي 5/ 151، والبحر المحيط 3/ 231، والكشاف 1/ 502، والتسهيل للغرناطي 1/ 248، وتفسير أبي السعود 2/ 170، وروح المعاني 5/ 15، والفتوحات الإلهية للجمل 1/ 375، وإعراب القرآن للقيسي 1/ 188، وإعراب القرآن لأبي البقاء العكبري 2/ 235.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"أيضًا يكون" في ز بالتقديم والتأخير.
(4)
ساقط من ز.
عليه أولاً أو بغير نقيض حكمت به أولاً، وعلى هذا يكون الاستثناء في الآيتين منقطعًا للحكم فيهما بغير النقيض، فإِن نقيض {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} ، يذوقون فيها ولم يحكم به، بل الذوق (1) في الدنيا، ونقيض {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ، كلوها بالباطل، ولم يحكم به، وعلى هذا الضابط تُخَرَّج (2) جميع أقوال العلماء في الكتاب والسنة ولسان العرب (3)).
قوله (4) تعالى في الآية الأولى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (5) منقطع على الأصح.
ش: لا بد ها هنا من بيان الاتصال والانقطاع، وكون الانقطاع فيها أصح، وبيان ذلك: أن الذوق حقيقة في إدراك الطعوم بحاسة اللسان، ولا يصح حمل الذوق في هذه الآية على هذه الحقيقة؛ فلا بد من حمله على المجاز، وله مجازان: أحدهما: إدراك ما قام بالإنسان من غنى، أو فقر، أو ولاية، أو موت، أو غير ذلك؛ لأنه يقال: ذاق فلان الغنى، أو ذاق (6) الفقر، أو ذاق الولاية، أو ذاق [الموت، أو](7) غير ذلك، ومنه قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ
(1)"بالذوق" في أوخ وش.
(2)
"يخرج" في ش:
(3)
إلى هنا انتهى كلام الماتن، واستأنف الشوشاوي شرح قوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} ليبين كون الانقطاع فيها أصح.
انظر: الشرح للقرافي ص 240، وشرح المسطاسي ص 127 من مخطوطة جامع مكناس رقم 352، وشرح حلولو ص 203.
(4)
"وقوله" في الأصل.
(5)
سورة الدخان آية رقم 56.
(6)
"وذاق" في ز.
(7)
ساقط من ز.
ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (1).
والمجاز الثاني: هو أصل الإدراك، وهو مطلق العلم، والعلاقة بين المجازين المذكورين والحقيقة المذكورة: اشتراك الجميع في مطلق الإدراك (2)، فاختلف العلماء في محمل (3) الذوق في الآية، هل يحمل على إدراك ما قام بالإنسان أو يحمل على العلم؟
حجة القول بحمله على ما قام بالإنسان من موت: أن هذا المجاز أقرب إلى الحقيقة؛ لأن الحقيقة فيها ثلاثة أوصاف وهي: الإدراك، والطعم، وكونه قائمًا بالمدرك، ولم يعدم من هذه الأوصاف في هذا المجاز إلا وصف واحد وهو الطعم، ووجد فيه الوصفان الباقيان وهما (4): الإدراك، وكونه قائمًا بالمدرك.
وأما المجاز الثاني فقد عدم فيه وصفان، وهما: الطعم، وكونه قائمًا بالمدرك، وأما المجاز الأول فلم يعدم فيه إلا وصف واحد، ولذلك قلنا:
(1) سورة آل عمران آية رقم 185، وبعدها:{وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، وسورة الأنبياء آية رقم 35 وبعدها:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} ، وسورة العنكبوت آية رقم 57، وتمامها:{ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} .
(2)
جاء في كتب العربية إشارة إلى هذه المعاني الثلاثة، فإنهم قالوا: ذاق الطعام اختبر طعمه، ومن المجاز: ذقت فلانًا وذقت ما عنده أي خبرته، وذاق القوس: تعرفها، وأمر مستذاق: مجرب معلوم.
قال ابن الأعرابي: الذوق يكون بالفم وبغير الفم. اهـ.
انظر: اللسان لابن منظور، وتاج العروس للزبيدي، والصحاح للجوهري، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، كلها في مادة: ذوق، والأفعال للمعافري 3/ 606.
(3)
"محل" في الأصل.
(4)
"في هذا" في ز.
هو أقرب إلى الحقيقة؛ فالحقيقة مقدَّم، والأقرب إلى المقدم مقدم على الأبعد عن (1) المقدم، فيكون الاستثناء على هذا القول منقطعًا؛ لأن الحكم فيه بغير النقيض؛ لأن الموت لا يقوم (2) بهم في الجنة (3)، وهو مذهب المؤلف (4).
وحجة القول بحمل الذوق على العلم: أن الأصل في الاستثناء الاتصال (5)، فمتى أمكن ذلك لا يعدل عنه تغليبًا للأصل، وهو ممكن ها هنا، فتقديره: لا يعلمون فيها الموت إلا الموتة الأولى، فإنهم يعلمونها في الجنة، فيكون الاستثناء على هذا القول متصلاً؛ لأنه اجتمع فيه القيدان، الاستثناء من الجنس، والحكم بالنقيض؛ لأن نقيض لا يعلمون فيها الموت: يعلمون فيها الموت (6).
فسبب الخلاف إذًا في الاستثناء في هذه الآية، هل هو متصل أو منقطع (7): هو الخلاف في معنى الذوق، فمن قال: معناه العلم، قال:[هو](8) متصل ومن قال: معناه الإدراك (9)، قال: هو منفصل (10).
(1)"من" في ز.
(2)
"لا تقوم" في ز.
(3)
"الحقيقة" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 240، والاستغناء ص 483.
(5)
في هامش الأصل ما يلي: انظر الأصل في الاستثناء الاتصال. اهـ. وهو تعليق من الناسخ تكرر كثيرًا للتنبيه إلى الفوائد.
(6)
انظر: الاستغناء ص 483، وشرح المسطاسي ص 128 من مخطوط مكناس رقم 352.
(7)
"منفصل" في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
يريد بالإدراك هنا: إدراك ما قام بالإنسان من موت ونحوه، وهو المجاز الأول الأقرب إلى الحقيقة، كما سبق بيانه، ولا يريد مطلق الإدراك الذي هو العلم.
(10)
الصواب أن يقول: منقطع، كما تقدم تقديره؛ لأن الاستثناء المنفصل لا مدخل له في الخلاف في هذه المسألة.
وقوله (1) تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (2)، هذه الآية تقتضي أن الإنسان لا يموت إلا مرة واحدة، وهذا مخالف لقوله تعالى في آية أخرى:{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} (3)، فهذه الآية تقتضي أن الإنسان يموت مرتين (4)، وما الجمع (5) بين الآيتين؟
أجيب عن ذلك بأن قيل: الآية التي تقتضي موتتين (6) إنما هي في الأجساد، والآية التي تقتضي موتة واحدة إنما هي في الأرواح؛ وذلك أن الأجساد فيها موتتان: إحداهما (7) موتهم حيث كانوا نطفًا، والموتة الثانية (8) حين حل أجلهم، وأما الأرواح فلا تموت إلا موتة واحدة، وذلك عند النفخة الأولى وهي نفخة الصعق (9) ...............................
(1) قوله: في ز.
(2)
سورة الدخان آية رقم 56.
(3)
سورة غافر آية رقم 11.
(4)
"موتين" في ز.
(5)
"الجمع" في ز.
(6)
"موتين" في ز.
(7)
"أداهما" في ز.
(8)
"موتهم" زيادة في ز.
(9)
بناء على هذا التفسير يكون هناك ثلاث موتات: حين كانوا نطفًا، وعند حلول الأجل، وعند الصعق.
والذي عليه جماهير السلف: أن المراد بالآية الأولى: الموت عند الأجل وهو مفارقة الروح للجسد، والمراد بالموتتين في الثانية: موتهم حين كانوا نطفًا، وموتة الأجل، وأما نفخة الصعق فهي والله أعلم موت من لم يذق طعم الموت، أما من ذاق طعمه أو لم يكتب عليه الموت أصلاً. فلا تدل الآية على أنه يموت موتة ثالثة. وصعق الأرواح لا يلزم منه موتها؛ فإن الناس يصعقون يوم القيامة إذا جاء الله سبحانه لفصل القضاء وليس ذلك بموت، وكذلك صعق موسى عليه السلام لم يكن موتًا. =
(1)
كما في قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} (2)(3).
قوله: {فَصَعِقَ} (4): فمات، وقوله:{إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} اختلف (5) في هذا المستثنى/ 198/ قيل: أزواج الأنبياء، وقيل: أرواح الشهداء، وقيل: طائفة من الملائكة، وهم: جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل (6)، واختلف في آخر هؤلاء الأربعة موتًا، قيل: جبريل، وقيل: ملك الموت (7).
= وأخبر الله أنهم لا يذوقون الموت إلا الموتة الأولى، فلو ماتت أرواحهم عند نفخة الصعق لكانت موتتان. انظر المسطاسي ص 128 من مخطوطة مكناس رقم 352، والروح لابن القيم ص 34، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص 446.
(1)
هذا أحد القولين بناء على أن النفخات ثنتان: نفخة الصعق وهي نفخة الفزع المذكورة في سورة النمل، والثانية: نفخة القيام لرب العالمين.
وقيل: النفخات ثلاث: الفزع، والصعق، والقيام.
والأول قول الجمهور: ويؤيده حديث مسلم، انظره في: النووي 18/ 91.
وانظر: تفسير ابن كثير 3/ 337، 4/ 63، وأبي السعود 7/ 263، والبحر المحيط لأبي حيان 7/ 441، ومختصر تذكرة القرطبي للشعراني ص 75.
(2)
سورة الزمر آية رقم 68، وتمامها:{ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} .
(3)
انظر: شرح القرافي ص 240 - 241، وشرح المسطاسي ص 128 من مخطوط مكناس رقم 352.
(4)
"أي" زيادة في ز.
(5)
"واختلف" في ز.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 240 - 241.
(7)
انظر: شرح المسطاسي ص 128، من مخطوط مكناس رقم 352.
وقيل: المستثنى هو الله وحده، وقيل: المستثنى اثنا عشر: حملة العرش الثمانية، والحور، ورضوان، وخازن النار، والزبانية، ذكر هذه الأقوال ابن العربي في القانون (1)(2)، [واعلم أن الجن من الصاعقين في ذلك الوقت؛ لأنهم لا يموتون إلى ذلك الوقت، قال الرجراجي (3) في مناهج التحصيل (4) في كتاب الأيمان والنذور: والصحيح أن إبليس ليس من
(1) كتاب لابن العربي يسمى: قانون التأويل، ويسمى أيضًا: القانون في تفسير القرآن العزيز.
انظر: الديباج المذهب 2/ 254، وكشف الظنون 2/ 1310، هدية العارفين 2/ 90.
(2)
اختلفت أقوال المفسرين هتا اختلافًا كثيرًا، والأحسن في هذا المقام: الوقف، كما قال قتادة: الله أعلم بثنياه، وكما قال الشيخ أَبو العباس القرطبي: والصحيح أنه لم يرد في تعيينهم خبر صحيح والكل محتمل. اهـ.
انظر: تفسير الطبري 24/ 18، والقرطبي 15/ 279، وابن كثير 4/ 64، والبحر المحيط 7/ 441، وأبي السعود 7/ 263، وروح المعاني 24/ 28، ومختصر تذكرة القرطبي ص 75.
(3)
أَبو الحسن علي بن سعيد الرجراجي، من علماء القرن السابع، لم يعرف إلا بكتابه "المناهج" الذي اعتنى به المؤلفون بعده، يقال: إنه ألفه سنة 633 هـ ولم أجد من اعتنى بترجمته، وحقق حياته ووفاته، وكانت بلاده جبال جزولة، انظر: نيل الابتهاج ص 200، والمعسول 5/ 306 - 308.
(4)
مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل على كشف أسرار المدونة، أو في شرح مشكلات المدونة، أو في شرح ما أشكل من مسائل المدونة، الأول ذكره صاحب المعسول، والثاني ذكره البغدادي في ذيله على كشف الظنون، والثالث ذكره الونشريسي في المعيار.
وقد لخص الرجراجي في كتابه ما وقع لأئمة المذهب المالكي من التأويلات، واعتمد على كلام القاضي ابن رشد، والقاضي عياض، وأبي الحسن اللخمي، وكان تأليفه سنة 633 هـ.
يوجد منه عدة نسخ منها: نسخة بخزانة القرويين بفاس. ثلاثة أجزاء، ونسخ ناقصة بالخزانة العامة بالرباط، انظر: إيضاح المكنون 2/ 563، والمعسول 5/ 306 والمعيار 2/ 192.
الملائكة، وهو أَبو الجن كلهم مؤمنهم وكافرهم، فالمؤمن منهم يقال له: جني والكافر منهم يقال له: شيطان (1)، كما أن آدم أَبو الإنس مؤمنهم وكافرهم. انتهى نصه] (2)(3).
…
(1) اختلفت الأقوال في إبليس والجن والشياطين.
إما إبليس فقيل: من الملائكة لقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إِبْلِيسَ أَبَى
…
} الآية. وقيل: من الجن لقوله تعالى: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} ، وبالأخير يقول الحسن البصري.
ويروى عن ابن عباس وابن مسعود: أنه كان رئيس قبيله من الملائكة يقال لهم: الجن.
أما الجن: فقيل: طائفة من الملائكة سموا بذلك لأنهم كانوا خزان الجنة، وقيل: بل كانوا في السماء الدنيا وكان إبليس رئيسًا عليهم، وقيل غير ذلك.
أما الشيطان، فيطلق على كل عات متمرد من الإنس والجن والدواب.
قال ابن عبد البر: الجن منزلون على مراتب، فمن كان من الجن خالصًا يسمى جنيًا، فإن خبث سمي شيطانًا، فإن زاد خبثه، سمي ماردًا، فإن قوي أمره سمي عفريتًا، والله أعلم بالصواب. اهـ. بتصرف.
والحق - إن شاء الله - أن الجن غير الملائكة، إذ هم قد خلقوا من نار السموم، والملائكة خلقوا من نور. وأن إبليس من الجن بصريح القرآن، واستثناؤه من الملائكة من باب الاستثناء المنقطع، ويؤكد ذلك حكاية الله عنه قوله:{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ} ، والملائكة لم تخلق من النار، ورجح ابن تيمية أنه كان من الملائكة باعتبار صورته لا باعتبار أصله، وأنه أَبو الجن. انظر: الفتاوى 4/ 235 - 346، والبداية والنهاية 1/ 55، والكامل في التاريخ 1/ 15، وآكام المرجان 8، 9، 10، وعالم الجن 7 - 15.
(2)
انظر مناهج التحصيل: كتاب الأيمان والنذور مخطوط بالخزانة العامة بالرباط برقم 418 ق.
(3)
ساقط من ز.
الفصل الثالث (1) في أحكامه (2)
ش: ذكر المؤلف في هذا الفصل من أحكام الاستثناء ست (3) مسائل وفائدتين.
قوله: (اختار الإِمام أن المنقطع مجاز، ووافقه القاضي عبد الوهاب).
ش: ذكر المؤلف ها هنا الخلاف (4) بين العلماء في كون الاستثناء المنقطع (5) حقيقة أو مجازًا (6)، ولم يذكر الخلاف في جوازه، مع أن ذكر الخلاف في جوازه، أسبق من ذكر الخلاف في كونه حقيقة، أو مجازًا (7)؛ [لأن كونه حقيقة أو مجازًا](8) هو فرع عن جواز استعماله، فإذا صح استعماله في الكلام، فحينئذ يقال: هذا الاستعمال هل هو حقيقة أو مجاز؟ فتكلم المؤلف على الفرع وعدل عن الكلام في (9) الأصل الذي هو جواز استعماله.
(1)"الرابع" في أ.
(2)
نسخة ز بدأ ناسخها بسرد متن الباب كله ثم عاد للشرح، وفي أثناء المتن نهاية صفحة (ز 226/ أ).
(3)
"ستة" في ز.
(4)
"بخلاف" في ز.
(5)
"هل هو" زيادة في ز.
(6)
"حقيقة أو مجاز"(بالرفع) في ز.
(7)
"حقيقة أو مجاز"(بالرفع) في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
"على" في ز.
وذلك أن العلماء قد اختلفوا في جواز الاستثناء من غير الجنس، هل يجوز استعماله؟، قاله الجمهور من أرباب العلم (1)، أو لا يجوز استعماله؟ قاله طائفة منهم القاضي ابن العربي (2) وأنكر (3) القاضي عبد الوهاب عدم جوازه، قال في الإفادة (4): القول بمنعه فاسد؛ لأن استعماله غير مدفوع،
(1) على هذا جماهير الأصوليين كالقاضي الباقلاني وأبي الحسين البصري وأبي إسحاق الشيرازي والجويني وابن حزم والباجي والرازي وغيرهم، وهو عن الشافعي في الأقارير، وعن أبي حنيفة في الموزون من المكيل وعكسه.
انظر: المعتمد 1/ 262، والتبصرة ص 165، واللمع ص 127، والبرهان فقرة ص 283، والمستصفى 2/ 170، وإحكام ابن حزم 1/ 397، والعضد على ابن الحاجب 2/ 132، ونهاية السول 2/ 408، والإبهاج 2/ 152، وتمهيد الإسنوي ص 391، والتلويح 2/ 56، والمسودة ص 156، وتيسير التحرير 1/ 284، وإحكام الآمدي 2/ 291.
(2)
ومنهم جماهير الحنابلة، إذ هو أصح الروايتين عن أحمد، ونسبه الخبازي إلى محمد ابن الحسن، ويروى عن زفر، وهو قول للشافعية: قال ابن برهان البغدادي: الاستثناء من غير الجنس باطل، وقال: وعدم صحته قول عامة أصحابنا والفقهاء وهو المنصور.
وحكاه الباجي عن ابن خويز منداد، ونسبه المسطاسي لأبي عبد الله البصري من المالكية.
انظر: المنخول ص 159، والمستصفى 2/ 170، والوصول لابن برهان 1/ 243، والروضة ص 253، والمسودة 156، ومغني الخبازي ص 144، والفصول للباجي 1/ 209، والإشارة ص 156، وقواعد ابن اللحام ص 156، والمختصر له ص 117، والكوكب المنير 3/ 286، المسطاسي ص 128، من المخطوطة رقم 352 بمكناس.
(3)
"وأنكره" في ز.
(4)
أحد كتبه الأصولية، ذكروه في ترجمته، ولم تذكره فهارس المكتبات التي راجعتها، ويغلب على الظن فقده.
انظر: ترتيب المدارك 3/ 692، والديباج المذهب 2/ 28.
وإنما الخلاف في كونه حقيقة أو مجازًا، والأقرب أنه مجاز.
يحتمل أن يكون المؤلف إنما سكت عن الخلاف في جوازه، لضعف القول بمنعه وفساده (1)، كما قال القاضي عبد الوهاب.
ويحتمل أن يقال: لم يسكت المؤلف عن الخلاف في جوازه، بل هو المشار إليه بقوله: وفيه خلاف؛ أي: وفي جواز استعماله خلاف.
واعلم أن استعمال المنقطع الذي هو محل الخلاف بين العلماء، هو (2) الاستثناء من غير الجنس نحو: رأيت القوم إلا حمارًا.
وأما الاستثناء من الجنس إذا حكم فيه بغير النقيض فلا خلاف في جواز استعماله، نحو: رأيت القوم إلا زيدًا لم أضربه (3)(4).
(1) هذا الاحتمال الراجح، ويؤيده قول القرافي في الاستغناء ص 511، وما علمت أحدًا قال بذلك، بل الخلاف في كونه حقيقة أم لا. اهـ.
وقال العضد: لا نعرف خلافًا في صحته لغة.
قلت: راجع هوامش الصفحة السابقة تجد أن منع صحته مشهور الحنابلة وقول للشافعية، وحكاه أَبو يعلى، والباجي، وابن برهان، ويروى أيضًا عن محمد بن الحسن، وزفر، وابن خويز منداد.
انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 132.
(2)
"وهو" في الأصل.
(3)
"أضرب" في ز.
(4)
يدل على هذا فهرسة العلماء لهذه المسألة؛ حيث إن غالب من بحثها من العلماء جعل العنوان "الاستثناء من غير الجنس".
راجع للإحالات تعليق رقم 1 و2 من الصفحة السابقة، وقد انتقد القرافي في الاستغناء هذه الفهرسة، بسبب عدم شمولها لجميع صور النزاع لخروج ما هو منقطع باعتبار الحكم لا باعتبار الجنس، ثم قال: بل ينبغي أن نفهرس المسألة بالاستثناء المنقطع حتى يشمل القسمين. اهـ. =
فمحل الخلاف إذًا إنما هو الاستثناء من غير الجنس، والذي عليه الجمهور هو القول بالجواز، والدليل على ذلك: القرآن، وكلام العرب (1).
فمن القرآن: قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إلا إِبْلِيسَ} (2)، الظاهر أن إبليس ليس من جنس الملائكة، لقوله تعالى:{كَانَ مِنَ الْجِنِّ} (3). قال أَبو المعالي في التلخيص: [الأصح](4) أنه ليس من الملائكة (5). [قال الرجراجي في مناهج التحصيل: والصحيح أن إبليس ليس من الملائكة](6) وهو أَبو (7) الجن كلهم [مؤمنهم وكافرهم، كما أن آدم عليه السلام أَبو البشر](8) مؤمنهم وكافرهم (9)(10).
= قلت: وكلام القرافي يوحي أن النزاع في القسمين، ولم أر من فصل في المسألة غيره. انظر: الاستغناء ص 518.
(1)
انظر: الأدلة في: المعتمد 1/ 262، والعدة 2/ 673، والتبصرة ص 165، واللمع ص 127، والمستصفى 2/ 171، والوصول لابن برهان 1/ 243، وإحكام ابن حزم 1/ 397، والمحصول 1/ 3/ 45، والروضة ص 253، وإحكام الآمدي 2/ 291، وشرح الكوكب المنير 3/ 286.
(2)
سورة الحجر الآيتان رقم 30 - 31، وسورة ص الآيتان رقم 73 - 74.
(3)
سورة الكهف آية رقم 50، وبعدها:{فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} .
(4)
ساقط من ز.
(5)
انظر: التلخيص للجويني ورقة/ 75 - أمن مخطوط مكتبة جامع المظفر بتعز، مصور بمركز البحث بأم القرى برقم/ 358 أصول فقه.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"أبي" في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
انظر: مناهج التحصيل للرجراجي، كتاب الأيمان والنذور، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط برقم/ 418 ق، وانظر: الاستغناء ص 520.
(10)
"انتهى نصه". زيادة في ز.
وقوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (1)، فإن الرب قال وعلا لا يفهم من الكلام السابق (2).
وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلا خَطَأً} (3) فإن الخطأ لا يندرج تحت أقضية التكليف؛ لأنه غير مقصود إليه ولا مشعور (4) به (5).
وقوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إلا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} (6) فهذا استثناء من غير الجنس؛ لأن السلام ليس من اللغو ولا من
(1) سورة الشعراء آية رقم 77.
(2)
أجاب الشيرازي وأبو يعلى على الاستدلال من هذه الآية: بأن إلا بمعنى لكن، وقال الآمدي: هو استثناء من الجنس؛ لأن الله من المعبودين، فما كانوا جاحدين لله، وقريب من هذا جواب ابن برهان.
انظر: العدة 2/ 676، والتبصرة ص 176، وإحكام الآمدي 2/ 295، والوصول لابن برهان 1/ 247.
(3)
سورة النساء آية رقم 92.
(4)
"مشهور" في ز.
(5)
أجاب الرازي والآمدي، وأبو يعلى، وصاحب شرح الكوكب المنير عن الاستدلال من هذه الآية بأن إلا بمعنى لكن.
قال القرافي في الاستغناء مناقشًا إجابة الآمدي: وليس كما قال بل "خطأ" نعت لمصدر محذوف، تقديره: إلا قتلاً خطأ، فاستثنى قتل الخطأ من جملة أفراد القتل المتقدمة، وهذا استثناء من الجنس، وإنما كان منقطعًا
…
من جهة عدم الحكم بالنقيض، لا من جهة الاستثناء من غير الجنس. اهـ.
قلت: وبناء على قول القرافي، يوجب الاستدلال بهذه الآية النظر: إما في الاستدلال بها وليس فيها دليل؛ إذ قد حصر الشوشاوي الخلاف في المنقطع المختلف الجنس لا المحكوم فيه بغير النقيض، أو يكون النظر في حصر الخلاف في أحد نوعي المنقطع، وقد وقع الخلاف فيهما معًا.
انظر: المحصول 1/ 3/ 50، والإحكام للآمدي 2/ 295، والعدة 2/ 676، وشرح الكوكب المنير 2/ 289، والاستغناء ص 519.
(6)
سورة الواقعة الآيتان رقم 25، 26.
التأثيم (1).
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (2)(3).
وقوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} (4)، والظن ليس من جنس العلم (5).
وقوله تعالى: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} (6)، فعاصم
(1) قال أَبو يعلى والآمدي: إن إلا هنا بمعنى لكن فلا يكون استثناء، وقيل: هو استثناء متصل لأن السلام في الجنة لغو لحصول الأمان لأهلها، وأجيب عن هذا بأنه وإن انتفت الحاجة للدعاء فإن في السلام أمورًا أخرى يقع في الجنة لأجلها، فهو: تحية، وحسن لقاء، ومسموع شهي للنفس، وغير ذلك، فلا يكون الاستثناء متصلاً، ويكون الانقطاع من جهة اختلاف الجنس.
انظر: العدة 2/ 676، والإحكام للآمدي 2/ 296، والاستغناء ص 487، 517.
(2)
سورة النساء آية رقم 29.
(3)
قال الرازي: اتفق النحاة على أنه ليس باستثناء، وإلا بمعنى لكن، أو بمعنى سوى، وقال الآمدي وأبو يعلى: إلا بمعنى لكن.
قلت: سبق في صفحة 75 من هذا المجلد أن الانقطاع في الآية من جهة الحكم بغير النقيض لا من جهة اختلاف الجنس كما قرره القرافي، وقد استدل بها الشوشاوي هنا مع أنه حصر الخلاف في اختلاف الجنس، والله أعلم.
انظر: العدة 2/ 676، والمحصول 1/ 3/ 52، وإحكام الآمدي 2/ 296، والاستغناء ص 517.
(4)
سورة النساء آية رقم 157.
(5)
قيل: إلا بمعنى لكن، وقيل: إن الظن كان عندهم علمًا، وقد قال فيها الرازي كقوله في الآية السابقة من حيث اتفاق النحاة على أنها بمعنى لكن أو سوى.
انظر: العدة 2/ 676، والمحصول 1/ 3/ 52، والوصول لابن برهان 1/ 247، والإحكام للآمدي 2/ 296، وشرح الكوكب المنير 3/ 288.
(6)
سورة هود آية رقم 43.
فاعل، ومن رحم مفعول، وهو معصوم، فالمفعول ليس بفاعل وهو كثير في القرآن (1).
وأما الدليل من كلام العرب؛ فمنه قول النابغة:
وقفت فيها أُصَيْلانًا أسَائِلُها (2)
…
عَيَتْ (3) جوابًا وما بالرِبْع من أحد
إلا الأواري لأيًا ما أُبَيِّنُهَا
…
والنُؤْي كالحوض بالمظلومة (4) الجلد (5)
فالأواري ليست من جنس الأحد، لأن أحد (6) المراد به الإنسان،
(1) قال أَبو يعلى والآمدي: إلا هنا بمعنى لكن، وقال القرافي: إن الاستثناء متصل إما لأن عاصم بمعنى معصوم، أو لأنه يدل على المعصوم، أي لا عاصم ولا معصوم، أو أن يكون المراد بمن رحم هو الله، أي لا عاصم إلا الله. اهـ. والله أعلم.
انظر: العدة 2/ 676، الإحكام للآمدي 2/ 296، والاستغناء ص 472، 518.
(2)
"أسائقا" في ز.
(3)
"أعيت" في ز، وفي هامش الأصل، وهي رواية في البيت. كما سيأتي في تخريجه.
(4)
"المطلوبة" في الأصل وهو تصحيف.
(5)
البيتان لنابغة ذبيان، كما سبق.
وانظر: ديوانه ص 16، ومختار الشعر الجاهلي 1/ 149، وشرح المعلقات السبع للزوزني ص 123، وشرح المعلقات العشر للشنقيطي ص 158.
ويستشهد النحويون بهذين البيتين للاستثناء المنقطع.
فانظر: التبصرة للصيمري 1/ 381، 2/ 868، وشرح ابن يعيش للمفصل 2/ 80، والإيضاح العضدي لأبي علي الفارسي 1/ 211، والأشموني 4/ 280.
وقد أشار إليه بعض الأصوليين كالباجي في إحكام الفصول 1/ 209، وفي الإشارة ص 156، وابن حزم في الإحكام 1/ 402، وأشار إليه وشرحه القرافي في الاستغناء ص 513، وقد ورد بروايات أخر تختلف عما أورده الشوشاوي، مثل: حذف أل التعريف في الأواري في بعض الروايات، وورود أصيلالاً بدل أصيلانا، وأيضًا ورود: أصيلا كي أسائلها، وأيضًا: أعيت بدل عيت، وغير ذلك.
(6)
الذي تقتضيه القاعدة نصب أحد لوقوعها اسمًا لأن، لكنها لم تنصب في النسختين.
فالأواري هي مرابط الخيل مفرده أري (1)، واللأي: معناه البطء (2)، والنؤي: هو التراب الذي يستدار به حول الخباء لئلا يدخله السيل (3)، والمظلومة الجلد: الأرض الصلبة (4)، ومعنى الكلام: ليس في الدار إلا مرابط الخيل والتراب [المستدير](5) الذي [كان](6) يستدير بالخباء لا أتبين ذلك إلا بعد بطء (7).
(1) أصل هذا المعنى يطلق على الموضع الذي تحبس فيه الدابة لتلين وتنكسر نفسها، ثم توسعوا في استعماله حتى صار يطلق على المحبس والمربط والمعلف ونحوها. انظر: اللسان، والصحاح، وتاج العروس، ومعجم مقاييس اللغة. مادة: أري.
(2)
انظر: التاج، واللسان، والصحاح، مادة، لأي.
(3)
ويطلق أيضًا على حفيرة حول الخباء لئلا يدخله المطر.
انظر: الصحاح، واللسان، وتاج العروس، مادة: نأي.
(4)
قيل: هي الأرض التي لم تحفر قط ثم حفرت، وقيل: التي حفرت في غير موضع حفرها، وقيل: قصده: الحوض في غير موضع التحويض. انظر: اللسان، والصحاح، والتاج، مادة: ظلم.
(5)
ساقط من ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
أجيب عن الاستدلال من البيت: بأنه يجوز كون الاستثناء متصلاً؛ لأن الأحد يطلق على الآدمي وغيره، فتقول: رأيت أحد الحجرين.
وجواب آخر: أن إلا هنا بمعنى لكن.
وقد ناقش القرافي الأول: بأن أحدًا يطلق على معنيين: يطلق ويراد به مبدأ الأعداد، وهنا يستعمل في الجماد وغيره، وفي الإيجاب والنفي، والإطلاق الآخر يراد به، "أحد" الموضوع لمن يعقل، وهذا لا يستعمل إلا في النفي، وهو في البيت بهذا التفسير، فالاستثناء منقطع والجواب باطل. اهـ.
انظر: الإحكام للآمدي 2/ 296، والوصول لابن برهان 1/ 247، والاستغناء 516، 522.
وقال آخر (1):
[و](2) لا عيب فينا غير أن سيوفنا
…
بهن فلول من قُرَاع الكتائب (3)
فإن الفلول (4) من قراع الكتائب ليس بعيب، فإنه يمدح قومه بالشجاعة وعدم الفرار عند اللقاء (5).
وقال آخر:
وبلدة ليس بها أنيس
…
الا اليَعَافِيْر وإلا العِيْس (6)
أمسى سقام خلاء لا أنيس به
…
إلا السباع ومر الريح (7) باَلغرف (8)
(1) قوله: "آخر" وهم؛ لأن البيت السابق للنابغة، ولعل الشوشاوي تابع المسطاسي، والمسطاسي أيضًا اعتمد على ما جاء في نسخ الاستغناء؛ حيث قال القرافي في الاستغناء: وقال غيره. انظر المسطاسي ص 128 من مخطوط مكناس رقم 352، والاستغناء ص 514. وقد نبه محققه لهذا.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
قاله النابغة يمدح عمرو بن الحارث الأعرج، من قصيدة مطلعها:
كليني لهَمّ يا أميمة ناصب
…
وليل أقاسيه بَطيء الكواكب
والرواية المشهورة والتي فيها الديوان، ولا عيب فيهم غير أنَ سيوفهم .. البيت.
فانظر: ديوان النابغة/ 6، والزاهر لابن الأنباري 1/ 383.
(4)
"فلول" في ز.
(5)
أجيب عن الاستدلال بهذا البيت: بأنه يجوز كونه متصلاً؛ لأن الفلول عيب في نفسه، وإنما يمدح بسببه، فهو استثناء من الجنس.
انظر: التبصرة ص 167، والعدة 2/ 677، وإحكام الآمدي 2/ 296، والاستغناء ص 516.
(6)
أجيب عن الاستدلال به: باحتمال كونه متصلاً، لأن اليعافير والعيس من جملة ما يستأنس به، فيكون استثناء من الجنس، انظر: العدة 2/ 677، والمحصول 1/ 3/ 52، الاستغناء ص 516.
(7)
"الرياح" في ز.
(8)
البيت لأبي خُراش الهذلي، وسقام: واد بالحجاز من أرض هذيل، ويروى: إلا =
وقد كثير (1) الاستثناء من غير الجنس في كلام العرب نثره ونظمه، فدل ذلك على جوازه.
وحجة القول بمنع الاستثناء من غير الجنس: أن الاستثناء مأخوذ من الصرف، ومنه قولهم/ 199/: ثنيت فلانًا عن رأيه إذا صرفته عنه، ولا يتحقق هذا المعنى في الاستثناء من غير الجنس، وإنما يتحقق في الاستثناء من الجنس (2).
قوله: (اختار (3) الإِمام أن المنقطع مجاز، ووافقه القاضي (4)(5)، وفيه خلاف).
= الثُمامُ، وإلا الثمامَ، وبالغُرف بالضم للغين، وقد رواه صاحب معجم البلدان بفتحها.
انظره: في تاج العروس، ولسان العرب، ومعجم البلدان، كلها في مادة: سقم.
(1)
"ذكر" في الأصل.
(2)
انظر هذا الدليل وغيره في: العدة 2/ 671، والتبصرة ص 165، واللمع ص 127، والمستصفى 2/ 170، وإحكام الآمدي 2/ 292، وإحكام الفصول للباجي ص 1/ 210، والاستغناء ص 509.
(3)
"واختار" في ز.
(4)
"عبد الوهاب" زيادة فيما عدا الأصل، ولم أثبتها؛ لأن الشوشاوي سيذكر أن المراد بالقاضي هنا: عبد الوهاب، وهذه قرينة تدل على عدم ذكر اسمه في المتن وانظر صفحة 95 من هذا المجلد.
(5)
قول: ووافقه القاضي عبد الوهاب، فيه إشكال: من جهة أن القاضي توفي سنة 422 هـ، والرازي توفي سنة 606 هـ، فكيف يكون القاضي موافقًا للرازي وقد توفي قبله بقرنين؟ ولعل العكس هو الصواب، والعبارة:"موافقًا القاضي". فتصحفت.
ش: هذه (1) المسألة الأولى من أحكام الاستثناء، وهي (2) كون الاستثناء المنقطع حقيقة أو مجازًا، فذكر المؤلف في ذلك قولين: قال جمهور العلماء: هو مجاز (3). وهو مختار الإمام الفخر (4)، والقاضي عبد الوهاب (5).
قوله: (وفيه خلاف)، قيل معناه: وفي جوازه خلاف، أي: وفي جواز الاستثناء المنقطع خلاف، قيل بجوازه وهو المشهور كما قدمناه، وقيل بعدم جوازه كما قدمناه أيضًا عن ابن العربي وغيره، وقيل: معنى قوله: "وفيه خلاف": أي وفي كون الاستثناء المنقطع حقيقة أو مجازًا خلاف، ولكن هذا التأويل فيه (6) تكرار في المعنى؛ لأن قوله:"اختار الإمام أن المنقطع مجاز". يقتضي الخلاف في كونه حقيقة أو مجازًا.
وسبب الخلاف في هذا: أن العرب هل وضعت "إلا" لتركبها مع جنس
(1) هي: زيادة في ز.
(2)
"وهو" في ز.
(3)
منهم أبو الحسين البصري، وأبو إسحاق الشيرازي، وإمام الحرمين، وابن الحاجب، والبيضاوي، والعضد، وابن السبكي، وابن همام، وغيرهم.
وخص التفتازاني الخلاف بصيغة الاستثناء، فهي مجاز في المنقطع حقيقة في المتصل، وأما اللفظ فحقيقة عرفية بحسب النحو، ومجاز بحسب اللغة في القسمين، فقوله: عندي عشرة إلا ثلاثة، أراد أن يقول: عندي سبعة، لكنه عبر بتلك الصيغة عن طريق المجاز.
انظر: المعتمد 1/ 262، والتبصرة ص 165، واللمع ص 127، والبرهان فقرة 297، والعضد على ابن الحاجب 2/ 132، ونهاية السول 2/ 408، وجمع الجوامع 2/ 12، والتلويح 2/ 39، 56، 57، وتيسير التحرير 1/ 284.
(4)
انظر: المحصول 1/ 3/ 43.
(5)
انظر شرح القرافي ص 241.
(6)
"وفيه" في الأصل.
ما قبلها، أو لتركبها مع الجنس وغيره (1)؟، فمن قال بالأول، قال: المنقطع مجاز في التركيب، ومن قال بالثاني، قال: هو حقيقة، هذا كله إذا قلنا: إن (2) العرب وضعت المركبات كما وضعت المفردات، وهي (3) مسألة خلاف (4)، وأما إذا قلنا: بأن العرب لم تضع إلا المفردات ولم تضع المركبات، فيكون الاستثناء مطلقًا مجازًا لغويًا، سواء كان متصلًا أو منقطعًا، وهو مجاز في التركيب.
واختار الإمام: أن المجاز المركب عقلي [بناء](5) على أن العرب لم تضع المركب (6).
قوله: (وذكر القاضي أن قول القائل: له عندي مائة دينار إِلا ثوبًا، من هذا الباب، وأنه (7) جائز على المجاز، وأنه يرجع إِلى المعنى بطريق
(1) انظر: شرح القرافي ص 241، والمسطاسي ص 128، من مخطوط مكناس رقم 352.
(2)
"بأن" في ز.
(3)
"وهو" في ز.
(4)
انظرها في: المزهر للسيوطي 1/ 40، 42.
وانظر: شرح القرافي ص 241، والمسطاسي ص 128 من مخطوط مكناس رقم 352.
(5)
ساقط من ز.
(6)
انظر: المحصول 1/ 1/ 458 وعُنْونت في المحصول بقوله: المجاز مركب عقلي، والصحيح ما هنا، وهو أن المجاز المركب عقلي لا لغوي، ويتبين ذلك من قرأ المسألة.
وانظر: الشرح ص 241، وشرح المسطاسي ص 128 من مخطوط جامع مكناس رقم 352.
(7)
"فإنه" في ش.
[القيمة](1)).
[ش: أراد](2) بالقاضي (3) عبد الوهاب، وقوله:([له] (4) عندي مائة دينار إِلا ثوبًا، من هذا الباب) أي: من هذا الباب الذي هو [باب](5) الاستثناء المنقطع؛ لأنه استثناء من غير الجنس؛ لأن جنس الثوب مخالف لجنس الدنانير.
قوله: (وأنه جائز)، خلافًا لمن قال: لا يجوز الاستثناء من غير الجنس، كما قال ابن العربي وغيره كما تقدم، قال ابن الحاجب في كتاب "الإقرار": واستثناء غير الجنس مثل: ألف ثوب (6) إلا عبدًا، يصح على الأصح، وتسقط قيمة العبد (7).
قوله: (وتسقط قيمة العبد)، يعني: يصفه المقر ويقوم، ثم تسقط تلك القيمة من الألف، وقوله:(على المجاز)، خلافًا لمن قال: هو حقيقة (8).
(1) ساقط من أ.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"قوله: وذكر القاضي" في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"درهم" في ز، وهو الذي في فروع ابن الحاجب.
(7)
انظر: الفروع لابن الحاجب. المسمى جامع الأمهات الورقة/ 76 - أمن مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم/ 887 - د.
وفيها: "والاستثناء" بدل: "واستثناء"، وأيضًا:"درهم" بدل: "ثوب".
(8)
نسب هذا القول إلى أبي بكر الباقلاني، واختلف أصحاب هذا المذهب: هل يطلق لفظ الاستثناء على المتصل من باب المتواطئ أو من باب المشترك؟ قولان، وقوله هنا: على المجاز، خلافًا أيضًا لمن توقف، وهو مذهب في المسألة.
انظر: المستصفى 2/ 169، والعضد على ابن الحاجب 2/ 132، وجمع الجوامع 2/ 12، ونهاية السول 2/ 408، وتمهيد الإسنوي ص 391، وتيسير التحرير 1/ 284.
قوله: (وأنه يرجع إِلى المعنى بطريق القيمة) أي: يرجع إلى معنى المتصل بطريق القيمة؛ يعني قيمة الثوب، فهذا استثناء من لازم المنطوق (1)؛ لأن من لوازم مائة دينار قيمة الثوب؛ لأن الدنانير تقوم بها الأشياء، فلما كانت القيمة تلازم (2) الدنانير، صح استثناء قيمة الثوب منها، فهو في المعنى استثناء القيمة من القيمة (3)، واختلف الأصوليون في كيفية تقدير هذا الموضع (4): فمنهم من يقول (5): عبر بالثوب عن القيمة (6) من غير حذف، فيكون لفظ الثوب على هذا مجاز (7)، ومنهم من يقول: فيه حذف مضاف، تقديره: إلا قيمة ثوب (8)، فيكون لفظ الثوب على هذا مستعملًا في حقيقته، فيكون مجاز الحذف، والمعنى في التقديرين (9) واحد (10).
قوله: ((11) خلافًا لمن قال: [إِنه](12) مقدر بلكن (13)).
(1)"المنطق" في الأصل.
(2)
"ملازم" في ز.
(3)
"المائة" في ز.
(4)
"الوضع" في ز.
(5)
"قال" في ز.
(6)
"قيمته" في ز.
(7)
هكذا "بالرفع" في النسختين، ومقتضى الإعراب: النصب خبرًا ليكون.
(8)
"الثوب" في ز.
(9)
"التقدير" في ز.
(10)
انظر: الاستغناء ص 512، وشرح التنقيح ص 241.
(11)
"قال" زيادة في أوش وخ.
(12)
ساقط من الأصل.
(13)
"بالمكن" في ز.
ش: أي خلافًا لمن قال: إن الاستثناء المنقطع مقدر بلكن (1)(2).
وقوله: ([أيضًا] (3) خلافًا لمن قال: إِنه مقدر بلكن (4))، قال المؤلف في الشرح: هذه العبارة وافق عليها الإمام فخر الدين القاضي عبد الوهاب (5).
وهي عبارة باطلة، بسبب أن الاستثناء المنقطع عند الناس أجمعين (6)
(1)"بالمكن" في ز.
(2)
التقدير بلكن مذهب الجماهير من الأصوليين والنحاة البصريين.
فانظر: العدة 2/ 676، المستصفى 2/ 170، والروضة ص 254، والإحكام لابن حزم 1/ 397، والمحصول 1/ 3/ 50، 52، ومغني الخبازي ص 244، والإحكام للآمدي 2/ 296، والعضد على ابن الحاجب 2/ 132، وشرح الكوكب المنير 3/ 286.
وانظر: التبصرة للصيمري 1/ 379، وشرح المفصل لابن يعيش 2/ 80، والإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري 1/ 269، والكتاب 1/ 366.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"بالمكن" في ز.
(5)
انظر: المحصول 1/ 3/ 44، 50، 52.
والرازي في المحصول لم يصحح الرد إلى المعنى في الاستثناء؛ حيث قال: إنه لو صح الاستثناء من المعنى لزم صحة استثناء كل شيء من كل شيء. اهـ.
وهو يوافق القاضي أن المثال جائز على المجاز لا على الحقيقة، وأن التقدير يكون بالقيمة، لكن ليس هناك ما يدل على أنه لا يقدر بلكن. لأنه أجاب عن الاستدلال من الآياتِ {إلا خَطَأً} ، و {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} ، و {إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} ، و {إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} بأن ذلك مقدر بلكن.
(6)
جاءت العبارة هكذا في ز وفي شرح القرافي، وجاءت في الأصل: عند أجمعين، وفي المسطاسي: عند جميع الناس، وكل هذه العبارات يرد عليها أن الاستثناء لا يقدر عند الجميع بلكن كما سيأتي عن الكوفيين.
انظر: شرح القرافي ص 242، وشرح المسطاسي ص 129، من مخطوط مكناس رقم 352.
مقدر بلكن (1)، ومعنى هذا التقدير: أن إلا في هذا المقام تشبه لكن (2)، من جهة أن لكن يكون ما بعدها مخالفًا لما قبلها (3) كما تقدم في الباب الثاني في معاني الحروف في قوله: ولكن للاستدراك بعد النفي، نحو: ما جاءني (4) زيد لكن عمرو (5)، هذا التقدير بلكن هو تقدير البصريين (6)، وقدره الكوفيون بسوى (7)، ووجه (8) هذا التقدير أيضًا، هو مخالفة ما بعد سوى لما قبلها، كما هو حال إلا (9) ورجح البصريون مذهبهم بأن لكن حرفٌ، وإلا حرفٌ، فتقدير الحرف بالحرف أولى من تقدير الحرف بالاسم؛ لأن إلا حرفٌ وسوى اسم (10).
فإن قلت: هذه المخالفة الحاصلة في الاستثناء المنقطع هي حاصلة في
(1)"بالمكن" في ز.
(2)
"للمكن" في ز.
(3)
انظر: التبصرة للصيمري 1/ 379، وشرح المفصل لابن يعيش 2/ 80، وانظر: شرح القرافي ص 242.
(4)
"جاء" في ز.
(5)
انظر: الباب الثاني. المطلب الرابع عشر، ذكر لكن، صفحة 97 من الأصل.
(6)
انظر: التبصرة للصيمري 1/ 379، وشرح المفصل لابن يعيش 2/ 80، والإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري 1/ 269، والكتاب 1/ 366، وانظر: العدة لأبي يعلى 2/ 676، وشرح الكوكب المنير 3/ 286، وشرح القرافي ص 242، وشرح المسطاسي ص 129، من مخطوط مكناس رقم 352.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 242، والمسطاسي ص 129 من مخطوط مكناس رقم 352.
(8)
"ووجد" في ز.
(9)
انظر: شرح المسطاسي ص 129، من مخطوط مكناس رقم 352، وشرح القرافي ص 242.
(10)
انظر المرجعين السابقين.
الاستثناء المتصل أيضًا، فينبغي أن تقدر إلا في المتصل بلكن، ولا قائل (1) بذلك التقدير في الاستثناء المتصل، جوابه: أن ما قبل إلا في المنقطع لا يدل على ما بعدها، كما أن لكن لا يدل ما قبلها على ما بعدها، بخلاف المتصل؛ فإنه يدل ما قبل إلا على ما بعدها (2).
قوله: (ولمن قال إِنه كالمتصل).
ش: أي: وخلافًا أيضًا لمن قال: إن الاستثناء المنقطع كالمتصل في كونه حقيقة (3)، هذا القول مقابل قوله أولًا:"وأنه جائز على المجاز".
فذكر المؤلف إذًا في الاستثناء المنقطع على القول بجوازه قولين: قول بالمجاز وقول بالحقيقة، أشار إلى القول بالمجاز بقوله:"جائز على المجاز"، وأشار إلى القول بالحقيقة بقوله:"ولمن قال إنه كالمتصل"، وسبب الخلاف قد تقدم وهو: هل وضع "إلا" للتركيب الخاص أو للتركيب العام (4)؟.
فإذا قلنا: بأن المنقطع حقيقة كالمتصل، فإطلاق [لفظ] (5) الاستثناء عليهما [فيه] (6) قولان: قيل بالاشتراك اللفظي، وقيل بالاشتراك المعنوي (7).
(1)"قال" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 242.
(3)
وهو المنسوب للباقلاني، انظر: تعليق رقم (8) صفحة 95 من هذا المجلد.
(4)
التركيب الخاص: هو تركيب إلا مع جنس ما قبلها، والتركيب العام: هو تركيب إلا مع جنس ما قبلها ومع غيره.
(5)
ساقط من ز.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
خلاصة أقوال الأصوليين هنا خمسة هي:
1 -
أن الاستثناء المنقطع لا يجوز. =
قوله: (ويجب اتصال الاستثناء بالمستثنى منه عادة).
ش: هذه هي/ 200/ المسألة الثانية من أحكام الاستثناء، قوله:"عادة" أي: يجب اتصال الاستثناء في اللفظ، أو (1) في حكم المتصل في اللفظ، كانقطاعه بسعال، أو عطاس، أو تثاؤب، أو بلع الريق، أو بعطف الجمل بعضها على بعض (2) فيستثني بعد ذلك، فإن ذلك كله لا يقدح في الاتصال؛ لأنه متصل عادة.
قوله: (خلافًا لابن (3) عباس رضي الله عنهما، قال الإِمام: إِن صح عنه
= 2 - أن الاستثناء المنقطع جائز على المجاز.
3 -
أن الاستثناء المنقطع جائز على الحقيقة ومن باب المشترك اللفظي.
4 -
أن الاستثناء المنقطع جائز على الحقيقة ومن باب المشترك المعنوي.
5 -
الوقف.
انظر: الإحالات السابقة في الصفحات 84، 93، 95 من هذا المجلد، وانظر: جمع الجوامع 2/ 12.
(1)
"و" في ز.
(2)
الاتصال إما أن يكون لفظيًا كمائة إلا درهمًا، أو حكميًا، وهذا يشمل ما إذا انقطع الكلام بعطاس ونحوه، ويشمل أيضًا ما إذا طال الكلام بعطف الجمل ونحوه: كأكرم بني تميم واخلع على مضر إلا العصاة، وفي هذه الأخيرة خلاف سيأتي إن شاء الله.
انظر: المعتمد 1/ 261، والمحصول 1/ 3/ 39، والإحكام للآمدي 2/ 289، والعضد على ابن الحاجب 2/ 137، والمسودة ص 152، وجمع الجوامع 2/ 10، والإبهاج 2/ 152، ونهاية السول 2/ 410، ومختصر ابن اللحام ص 118، وشرح الكوكب المنير 3/ 297، وانظر: شرح القرافي ص 242، وشرح المسطاسي ص 2، من مخطوط مكناس رقم/ 314.
(3)
"لأبي" في ز.
النقل (1) يحمل على ما إِذا نوى عند التلفظ ثم أظهره بعد ذلك (2).
ش: اختلف في صحة هذا النقل عن ابن عباس (3) رضي الله عنه، فقيل:
(1)"النقل عنه" في أوخ، وش وز.
(2)
انظر: المحصول 1/ 3/ 40.
(3)
تعددت الأقوال في هذه المسألة حتى زادت على العشرة، وأشهرها ما يلي:
1 -
ذهب جماهير الأصوليين إلى أن الاتصال بين المستثنى والمستثنى منه شرط لصحة الاستثناء.
2 -
روي عن ابن عباس جواز الفصل، واختلف النقل عنه:
أ - فمنهم من نقل أنه يُجَوِّزه إلى شهر، كالآمدي وابن الحاجب.
ب - ومنهم من نقل أنه يجوزه إلى سنة وقد صرح به المازري والشيرازي.
جـ - ومنهم من نقل أنه يجوزه مطلقًا، ويدل عليه إطلاق غالب الأصوليين كأبي الحسين وأبي المعالي والغزالي والرازي، وصرح به أبو البركات في المسودة.
وقد وقف العلماء من هذا النقل مواقف، فأنكره بعضهم كالجويني والباجي والرازي، وأوله قوم بحمله على إضمار الاستثناء ثم الإخبار به، أي: متصل بالنية منقطع باللفظ، وقيل: يحمل على جواز ذلك في كتاب الله.
وقيل: يحمل على الاستثناء بالمشيئة، قاله أحمد، وابن جرير، ونصره القرافي.
3 -
روي عن الحسن وعطاء وطاوس جوازه في المجلس، ويروى هذا عن أحمد في اليمين.
4 -
أنه يجوز الانفصال في حق النبي خاصة، قاله ابن عباس.
5 -
أنه يجوز ما لم يأخذ في كلام آخر.
6 -
أنه يجوز إلى أربعة أشهر وهذا يروي عن سعيد بن جبير.
7 -
أنه يجوز إلى سنتين ويروى هذا عن مجاهد.
انظر: المعتمد 1/ 261، والعدة 2/ 660، والفصول للباجي 1/ 205، والتبصرة ص 162، واللمع/ 125، والبرهان فقرة/ 284، 286، والمنخول ص 157، والمستصفى 2/ 165، والروضة/ 252، والكوكب المنير 3/ 297، والمحصول 1/ 3/ 39، والوصول لابن برهان 1/ 240، وإحكام الآمدي 2/ 289، والعضد 2/ 137، وتيسير التحرير 1/ 297، والمسودة ص 152، وجمع الجوامع 2/ 10، والإبهاج 2/ 152، ونهاية السول 2/ 410، وقواعد ابن اللحام ص 251.
لا يصح هذا عن ابن عباس، وقيل: يصح، فعلى القول بعدم الصحة لا كلام، وعلى القول بصحة النقل عنه، هل ذلك مطلق في الزمان أو مقيد بسنة؟ قولان عن ابن عباس (1)، وإذا قلنا أيضًا بصحة النقل مطلقًا في الزمان أو مقيدًا به، فهل الاستثناء مطلق في معانيه أو [هو] (2) مقيد (3) بأحد معنييه (4) وهو التعليق بمشيئة الله تعالى؟ لأن الاستثناء له معنيان: أحدهما: الاستثناء بإلا وأخواتها، والثاني: التعليق على مشيئة الله تعالى، لقوله عليه السلام:"من حلف واستثنى عاد كمن لم يحلف"(5).
معنى قوله عليه السلام: "واستثنى": قال: إن شاء الله، وهذا القول هو مختار المؤلف في شرحه (6)، قال الإمام المازري في شرح البرهان (7): المنقول عن المالكية هو الاستثناء بالمشيئة إذا نواه (8) هل تنحل به اليمين أم لا؟ قال:
(1) وقيل: يقيد بشهر، فهذا قول ثالث عن ابن عباس كما مر في التعليق السابق.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"مقيدًا" في ز.
(4)
"معنيه" في الأصل.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 243، والاستغناء ص 529، وشرح المسطاسي ص 2، من المخطوط رقم 314 بجامع مكناس.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 243.
(7)
اسمه: إيضاح المحصول شرح برهان الأصول.
وهناك كتاب آخر اسمه البيان في شرح البرهان لأبي عبد الله محمد بن مسلم المازري، وليس هو المراد هنا، والله أعلم.
انظر: إيضاح المكنون 1/ 156، ومعجم المؤلفين 12/ 22.
(8)
"نوى" في ز.
وعن ابن عباس [في تأخير المشيئة](1) روايتان: قيل: مطلقًا، وقيل: سنة (2). وإذا قلنا أيضًا بصحة النقل إطلاقًا أو تقييدًا في زمانه أو معانيه، فهل ذلك مطلق في اعتقاده أو مقيد (3) بما إذا نواه عند التلفظ ثم أظهره بعد ذلك؟ وهذا القول هو الذي حكاه المؤلف عن الإمام (4)[فهذه خمسة أقوال](5).
القول السادس: أنه مقيد بما إذا أضمره (6) عند التلفظ ثم أظهره بعد ذلك، ذكره إمام الحرمين (7).
القول السابع: أن ذلك مقيد بما إذا نواه وأضمره معًا، نقله إمام الحرمين في البرهان (8)[أيضًا](9).
القول السابع (10): أن ذلك مختص بكتاب الله عز وجل.
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر: نفائس الأصول للقرافي لوحة/ 182 - أمن مخطوط رقم/ 8224 ف مصور فلميًا بجامعة الإمام.
(3)
"مقيدًا" في ز.
(4)
انظر: المحصول 1/ 3/ 40، وانظر: شرح المسطاسي/ 2 من مخطوط مكناس، رقم 314، ونفائس الأصول لوحة/ 154 - أمن مخطوط مصور بجامعة الإمام، قسم المخطوطات برقم/ 9632.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"أظهره" في الأصل.
(7)
انظر: البرهان فقرة/ 285.
(8)
لم أجد النقل في البرهان، ولعله بمعنى القول السابق فجعلهما قولين.
(9)
ساقط من ز.
(10)
"الثامن" في ز. وهو أصح للعدد؛ لأنه عدها أولًا ثمانية، ثم سيعيد ها هنا ثمانية، وسيستدل لثمانية، ولكنه قال: سبعة، موافقًا للمسطاسي الذي لم يذكر التقييد بالزمان، ولولا أنه جاء في النسختين:"فهذه سبعة أقوال" لجعلت بدل السابع الثامن اعتمادًا على نسخة ز. والخطب في هذا يسير.
فهذه سبعة أقوال: لا يصح مطلقًا (1)، يصح مطلقًا، وهذان القولان (2) متقابلان، ثالثها: مقيد بسنة (3)(4)، ورابعها (5) مقيد بالمشيئة، وخامسها (6)[مقيد](7) بالنية، وسادسها (8):[بالإضمار، سابعها](9) بالنية والإضمار معًا، ومعنى الإضمار هو الإيقاع بالضمير، [وسابعها: مختص بكتاب الله عز وجل] (10).
حجة القول بجواز التأخير مطلقًا: قوله تعالى: {غَيْرُ أُوْلي الضَّرَرِ} (11)(12) لما نزل قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} (13) شكا ذلك ابن أم مكتوم (14)، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لضعفه عن الجهاد؛ لأنه
(1)"أصلًا" في ز.
(2)
"وهي قولان" في ز.
(3)
"بسنت" في ز.
(4)
"مروي عن ابن عباس" زيادة في ز.
(5)
"رابعها" في ز.
(6)
"خامسها" في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
"سادسها" في ز.
(9)
ساقط من الأصل، ولعل السادس والسابع بمعنى واحد؛ إذ لا إضمار بدون نية.
(10)
ساقط من ز.
(11)
سورة النساء آية رقم 95.
(12)
"لأنه" زيادة في ز.
(13)
سورة النساء آية رقم 95.
(14)
صحابي جليل اسمه: عمر بن قيس بن زائدة بن الأصم، هذا هو الصحيح، وقيل: اسمه عبد الله، وقيل: غير ذلك، من بني عامر بن لؤي، وأمه أم مكتوم عاتكة بنت عبد الله المخزومية، وهو ابن خال خديجة رضي الله عنها، أسلم قديمًا، وهاجر مع الأولين قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة في عامة غزواته يصلي بالناس، وفي حقه نزلت الآيات من سورة عبس، وقوله تعالى:{غيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ} ، رَوَى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه في السنن، توفي رضي الله عنه شهيدًا بالقادسية، وقيل: بعد رجوعه منها.
انظر: الإصابة 2/ 308، 523، والاستيعاب 3/ 260.
أعمى، فنزل قوله تعالى:{غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ} (1)، فهذا يدل على جواز تأخير الاستثناء مطلقًا (2).
أجيب عنه: بأنه خبر واحد والمسألة علمية ولا يكتفى فيها بالظن.
وحجة القول بتقييد ذلك بسنة (3) كما روي عن ابن عباس: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ
…
} (4) الآية إلى قوله: {مُهَانًا} (5) نزلت هذه الآية فلما كان بعد سنة نزل قول الله تعالى: {إلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَاُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (6)(7).
(1) هذا الأثر ثابت في البخاري وغيره من طرق كثيرة، من حديث البراء، وحديث زيد ابن ثابت، وغيرهما، وهو مشهور بين المفسرين.
انظر: فتح الباري 6/ 44، 8/ 259، والترمذي الأحاديث رقم 3031، 3032، 3033، مسند أحمد 4/ 282، 284، 290، 299.
وانظر: تفسير ابن كثير 1/ 540، حيث جمع طرق أحاديثه.
وانظر: أسباب النزول للواحدي ص 117، واللباب للسيوطي ص 78، والصحيح المسند من أسباب النزول ص 46.
(2)
ذكره القرافي في شرحه دليلًا مطلقًا، وذكره الجلال في شرح جمع الجوامع دليلًا لجوازه في كتاب الله، وقال البناني:"يصح الاستدلال به للقائلين بجوازه في المجلس، وهو المروي عن الحسن وعطاء" اهـ.
انظر: جمع الجوامع 2/ 11، وشرح القرافي ص 243.
(3)
"سنة" في ز.
(4)
سورة الفرقان آية رقم 68.
(5)
سورة الفرقان آية رقم 69.
(6)
سورة الفرقان آية رقم 70.
(7)
روى الشيخان هذا الأثر عن ابن عباس من طريق منصور بن المعتمر عن سعيد بن جبير عنه، فانظر: الفتح 8/ 494، ومسلم الحديث رقم 3023، ورواه أيضًا أبو داود برقم 4273، والطبري في التفسير 19/ 27.
وليس فيه النص على السنة، وإنما فيه: أن أهل مكة قالوا: إن فينا من عبد الأصنام وقتل وأتى الفواحش، فأنزل الله:{إِلَّا مَنْ تَابَ}
…
الآية.
وانظر: لباب النقول للسيوطي ص 163، والصحيح المسند من أسباب النزول للوادعي ص 103.
وحجة القول بتقييد ذلك بمشيئة الله تعالى: قوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إلا أَن يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (1) وبيان ذلك: أنه عليه السلام سأله (2) اليهود عن لبث (3) أصحاب الكهف، قال لهم: غدًا أجيبكم، ولم يقل: إن شاء الله، فتأخر عنه الوحي بضعة عشر يومًا، ثم نزل قوله تعالى:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إلا أَن يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} ، فقال صلى الله عليه وسلم:"إن شاء الله"، إلحاقًا لقوله أولًا:"غدًا أجيبكم"(4)(5)، ومعنى قوله تعالى:{وَاذْكر (6) رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} : [إن لم تستثن عند](7) القول فاستثن بعد ذلك (8)، والمراد
(1) سورة الكهف الآيتان رقم 23، 24.
(2)
"سألته" في ز.
(3)
"ليت" في ز.
(4)
أخرج هذا الأثر ابن جرير في التفسير 15/ 118، ولكنه مختلف عما هنا؛ حيث إن مشركي قريش بعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود ليسألوهم عن محمد، فأمرهم يهود بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكهف، وعن لقمان، وعن الروح، فلما عادوا لمكة سألوه
…
إلخ القصة، وانظر: ابن كثير 3/ 71، واللباب للسيوطي ص 143.
(5)
انظر هذا الدليل: في الإحكام للآمدي 2/ 290، والعضد على ابن الحاجب 2/ 137، 138، وتيسير التحرير 1/ 299، والإبهاج 2/ 154، وقواعد ابن اللحام ص 251، وشرح القرافي ص 244.
(6)
"اذكر" في ز.
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز، وفيها بدله: أي: إذا نسيت أن تستثني بعد. اهـ.
(8)
نقل ابن جرير عن أبي العالية أن معناه: إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت فاستثن. اهـ.
وحكاه ابن كثير عن الحسن البصري، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه فيما حكاه ابن كثير.
انظر: تفسير الطبري 15/ 141، وابن كثير 3/ 79، وشرح القرافي ص 243.
بالاستثناء ها هنا هو مشيئة الله تعالى، وهو أن يقول: إن شاء الله (1).
أجيب عن هذا: بأن قوله عليه السلام: إِن شاء الله، ليس ملحقًا بخبره (2) الأول (3)، وإنما هو عائد على فعل مقدر كأنه يقول: أقول: إن شاء الله عند قولي: أفعل كذا وكذا، ومثال هذا: إذا قلت لغيرك: افعل كذا، فيقول لك: إن شاء الله، أي: أفعل ذلك إن شاء الله (4).
وحجة القول بتقييد ذلك بما إذا نواه: أن النية لها تأثير في الأحكام لقوله عليه السلام: "الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" أجيب عن هذا: بأنه لا يصح في جميع الصور؛ إذ لا يخلو صاحب هذا القول: إما أن يريد الاستثناء بمشيئة الله تعالى، وإما أن يريد الاستثناء بأدوات الاستثناء، فإن أراد بذلك الاستثناء بمشيئته تعالى، فلا يصح؛ لأنه لا بد من التلفظ به؛ لأنه سبب حل اليمين ولا تكفي فيه النية.
قال ابن الحاجب: ولا تفيد نية الاستثناء إلا بلفظه (5).
(1) رواه الطبري عن الحسن، وقال ابن كثير: روى الطبراني بسنده إلى ابن عباس معناه: أن تقول: إن شاء الله.
انظر: تفسير الطبري 15/ 141، وابن كثير 3/ 79.
وقد سبق للمسألة بيان في توجيه رأي ابن عباس، انظره صفحة 101 من هذا المجلد.
(2)
"لخبره" في ز.
(3)
في ز زيادة ما يلي: "الذي هو قوله: غدًا أجيبكم". اهـ.
(4)
أجاب بهذا الآمدي في الإحكام 2/ 291، والعضد في شرح مختصر ابن الحاجب 2/ 137، 138، وصاحب تيسير التحرير 1/ 299.
(5)
انظر: فروع ابن الحاجب المسمى جامع الأمهات ورقة 37 - أمن مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم 887 - د.
ونص العبارة فيه: "ولا تفيد نية الاستثناء إلا بتلفظه".
وإن أراد الاستثناء بأدواته، فإما أن يكون ذلك في النصوص، وإما أن يكون (1) في الظواهر، فإن كان ذلك في النصوص فلا يصح؛ لأن النص لا يستثنى منه بالنية، فإذا قلت: له عندي عشرة، وتنوي بها ثمانية، ثم تبين بعد ذلك مرادك فلا يصح ذلك الاستثناء.
وإن كان ذلك في الظواهر مثل إطلاق العام ويريد به الخاص ثم يفسره [بعد](2) ذلك (3)، مثل أن يقول: نساؤه طوالق ونوى بعضهن.
ثم بعد ذلك فسر مراده منهن، فها هنا خاصة يمكن التقييد بالنية، فلا يصح تقييده بالنية إذًا إلا في الظواهر إذا خصصت بأدوات الاستثناء، ولا يصح ذلك في النصوص ولا في مشيئة الله تعالى.
وحجة القول بتقييده/ 201/ بما إذا أضمره: أن الكلام (4) حقيقة في النفساني (5)، فإذا أضمر الاستثناء في نفسه [أي: أوقعه في نفسه] (6) فإنه ينفعه
(1)"ذلك" زيادة في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"بذلك" في ز.
(4)
"عندي" زيادة في ز.
(5)
هذا هو قول ابن كُلَّاب ومن تبعه في معنى الكلام عند الإطلاق، وهو أنه اسم للمعنى فقط، ومجاز في اللفظ، وعليه بنى مذهبه في كلام الله؛ حيث قال: هو معنى واحد قائم بذات الله، وقد وافقه على هذا جماعة منهم الأشعري، والصحيح أن معنى الكلام متناول للفظ والمعنى جميعًا.
هذا هو مذهب سلف الأمة رحمهم الله.
انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 7/ 170، وشرح الطحاوية ص 180، 197.
(6)
ساقط من ز.
إذا فسره بعد ذلك، ولا يكفيه مجرد النية وهي (1) القصد إلى إيقاعه؛ لأن القصد إلى إيقاع الشيء ليس بإيقاع له إجماعًا، فإن من قصد (2) إيقاع الطلاق ثم بدا له [ألا يطلق](3) فلا يلزمه الطلاق إجماعًا (4)(5).
قال المسطاسي: تنبه لهذا القول، فإن أكثر الناس (6) ممن لم يميز (7) في علم الأصول (8) ينكره (9).
وحجة القول بتقييده بالنية والإضمار معًا: أن الكلام حقيقة في اللساني مجاز في النفساني (10) ..........................................
(1)"وهو" في ز.
(2)
"إلى" زيادة في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
في هامش الأصل ما يلي: انظر من قصد إيقاع الطلاق. اهـ.
(5)
هذا قول عامة أهل العلم، وقد ذكر في المغني عن الزهري وابن سيرين خلاف ذلك، وأن الطلاق يقع بالنية، وذكر ابن رشد في المقدمات، وابن جزي في القوانين، خلافًا لبعضهم، وذكر ابن عبد البر في الكافي أنه رواية عن مالك.
انظر: المغني 7/ 121، والمقدمات 2/ 265، والقوانين الفقهية/ 199. والكافي لابن عبد البر 2/ 576، وبداية المجتهد 2/ 74.
(6)
"كثيرًا من الناس" في ز.
(7)
"يتمهر" في ز.
(8)
"أصول" في ز.
(9)
عبارة المسطاسي في نسخة جامع مكناس رقم/ 352 ما يلي: فتنبه لهذا فإن أكثر الناس ممن لم يتمرن في علم الأصول ينكره. اهـ. انظر صفحة/ 130، وعبارة النسخة رقم/ 314 ما يلي: فتنبه لهذا فإن أكثر الناس ممن لم يستمر حالة في أصول الفقه ينكره. اهـ. انظر صفحة 4.
(10)
الذين يقولون بأن مسمى الكلام هو اللفظ، وأما المعنى فليس جزء مسماه بل هو مدلول مسماه، هم أكثر أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، وطائفة من المنتسبين للسنة، وهو قول النحاة؛ لأن صناعتهم متعلقة بالألفاظ. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 7/ 170.
والمجاز لا بد معه من النية والله أعلم (1).
وحجة القول بأن ذلك مختص بكتاب الله عز وجل دون غيره: أن الكلام الأزلي واحد، وإنما الترتيب في (2) جهات الوصول إلى المخاطبين (3)(4).
أجيب عن هذا: بأن ذلك ليس محل النزاع؛ فإن الكلام في العبارات التي بلغتنا (5)، وهي محمولة على كلام العرب، فإن المنقول عن ابن عباس جواز تأخير الاستثناء عن المستثنى منه (6).
فهذا (7) تمام (8) حجج الأقوال المذكورة، وهي كلها أقوال (9) ضعيفة.
(1) وجه استشهادهم هنا: أن الكلام مجاز في النفساني، والمجاز لا يدل على المراد منه إلا بقرينة، فالنية على قولهم هي القرينة.
(2)
"من" في ز.
(3)
هذا قول طائفة ممن تبع ابن كُلَّاب في مذهبه في كلام الله، لأنهم لما قالوا: إن كلام الله معنى قائم بذات الله وهو الأمر والنهي والخبر، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنًا وإن عبر عنه بالعبرية كان توراة وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلًا، انقسموا بعد ذلك، فطائفة منهم الأشعري قالوا: إنه معنى واحد في الأزل وإنه في الأزل أمر ونهي وخبر كما يقول الأشعري.
وهذا دليل القول الذي ذكره الشوشاوي.
وطائفة قالوا: إنما يصير أمرًا ونهيًا عند وجود المأمور والمنهي، ومنهم من يقول: هو عدة معان. والله أعلم.
انظر: الفتاوى 12/ 165.
(4)
انظر الدليل في: البرهان فقرة/ 285، والمنخول ص 157، والوصول لابن برهان 1/ 242.
(5)
في ز "إلى تلفتنا" وهو تصحيف.
(6)
انظر هذا الجواب في: البرهان فقرة 286، والمنخول ص 157، والوصول في الأصول 1/ 242.
(7)
"فهذه" في ز.
(8)
"عام" في ز.
(9)
"أقول" في الأصل.
وأما حجة القول المشهور، الذي عليه الجمهور، وعليه العمل [يدور](1) في سائر الأمصار والأعصار، وهو منع تأخير الاستثناء عن المستثنى منه، فمن ذلك: قوله عليه السلام: "من حلف على شيء فرأى غيره خيرًا منه فليكفر [عن] (2) يمينه وليأت الذي هو خير"(3)، فلو صح تأخير الاستثناء، لقال له: استثن، ولا يقول له: كفر، لأن الاستثناء أسهل من التكفير؛ لأنه عليه السلام قاصد للتسهيل (4)، ومنها: أن العرف (5) يقبح فيه أن يقول الإنسان لغيره: بع سلعتي ممن شئت، [ثم] (6) يقول (7) بعد غد: إلا
(1) ساقط من ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
هذا معنى حديث صحيح، أخرج في الصحيحين والسنن بألفاظ متعددة وعن عدد من الصحابة منهم: أبو هريرة، وعبد الرحمن بن سمرة، وأبو موسى، وعدي بن حاتم، وعبد الله بن عمرو.
وجميع ما اطلعت عليه من روايات الحديث والإحالات عليها في كتب التخريج لم أجد فيها اللفظ، أعني قوله: من حلف على شيء.
بل كل الروايات ورد فيها التصريح باليمين إما بلفظ المتكلم، أو المخاطب أو صفة لحال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بمثل الصيغة التي أوردها الشوشاوي.
فانظر: فتح الباري 11/ 516، 608، ومسلم رقم 1649 - 1652.
والترمذي رقم/ 1530، والنسائي 7/ 11، وابن ماجه رقم/ 2108، والدارمي 2/ 186.
وانظر: نصب الراية 3/ 296، والمعتبر للزركشي ص 163، وإرواء الغليل 7/ 165.
(4)
انظر هذا الدليل في: العدة 2/ 661، والإحكام للآمدي 2/ 290، والعضد على ابن الحاجب 2/ 137، وتيسير التحرير 1/ 298، وشرح الكوكب المنير 3/ 301، وإرشاد الفحول ص 148.
(5)
"العرب" في الأصل.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"فيقول" في ز.
من زيد، فإذا كان قبيحًا عرفًا كان قبيحًا لغة؛ لأن الأصل عدم النقل والتغيير (1).
ومنها: أن الاستثناء يقاس على الشرط والغاية والصفة؛ إذ لا يجوز تأخيرها باتفاق والجامع بينهما: أن الجميع فضلة في الكلام غير مستقلة بنفسها (2).
ومنها: أن الاستثناء لو جاز تأخيره (3) لما استقر شيء من العقود: كالطلاق والعتاق، ولا يثبت حنث ولا إقرار ولا عهود (4)، وقد حكى ابن العربي في القبس (5): أنه سمع امرأة ببغداد تقول لجاريتها: مذهب ابن
(1) انظر: المعتمد 1/ 261، والفصول للباجي 1/ 205، والتبصرة ص 163، والبرهان فقرة ص 284، والمنخول ص 157، والمستصفى 2/ 165، والوصول لابن برهان 1/ 241، والمحصول 1/ 3/ 40، وإحكام الآمدي 2/ 290، والعضد 2/ 137، والإبهاج 2/ 152، وانظر: شرح القرافي ص 244، وشرح المسطاسي ص 3، من مخطوط مكناس رقم 314.
(2)
انظر: المعتمد 1/ 261، والعدة 2/ 662، واللمع ص 125، والمستصفى 2/ 265، والروضة ص 252، وإحكام الآمدي 2/ 290، والعضد على ابن الحاجب 2/ 137، والإبهاج 2/ 152، ونهاية السول 2/ 410، وشرح القرافي ص 244، وشرح المسطاسي ص 3، من المخطوط رقم 314، بجامع مكناس.
(3)
"تأخيرها" في ز.
(4)
انظر: العدة 2/ 662، والمعتمد 1/ 261، والتبصرة ص 163، والبرهان فقرة 285، والمنخول ص 157، والوصول 1/ 241، والمحصول 1/ 3/ 40، وإحكام الآمدي 2/ 290، والعضد على ابن الحاجب 2/ 137، وتيسير التحرير 1/ 298، وإرشاد الفحول ص 148.
(5)
كتاب القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، لأبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الإشبيلي، ذكر هذا الكتاب معظم من ترجم له، فانظر ترجمته صفحة (65)، وقد حقق بعضه في جامعة أم القرى. وانظر: بغية الملتمس ص 83، وكشف الظنون 2/ 1315، وهدية العارفين 2/ 90.
في الاستثناء غير صحيح؛ إذ لو كان صحيحًا لقال الله لنبيه أيوب عليه السلام: استثن ولا تحنث ولا يقول له: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلا تَحْنَث} (1)(2)(3).
قوله: (واختار القاضي عبد الوهاب (4) والإِمام (5) جواز استثناء (6) الأكثر، وقال القاضي أبو بكر: يجب أن يكون أقل، وقيل: يجوز المساوي دون الأكثر، لنا: قوله (7) تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلا مَنِ اتَّبَعَكَ [مِنَ الْغَاوِينَ] (8)} (9) ومعلوم أنهم الأكثر (10)).
ش: هذه مسألة ثالثة (11) من أحكام الاستثناء، وهي نهاية الاستثناء.
(1) سورة (ص) آية رقم 44.
(2)
ذكر ابن العربي في القبس قريبًا من هذه القصة عن أبي الفضل المراعي، أنه سمع ذلك من بعض العامة ببغداد وهو عازم على الرحيل، فترك الرحيل. انظر: القبس صفحة 167، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط برقم 25 - ج.
(3)
استدل بحكاية أيوب صاحب تيسير التحرير 1/ 298، وذكر قريبًا من هذه القصة ابن السبكي في الإبهاج 2/ 154، وصاحب شرح الكوكب المنير 3/ 302، نقلًا عن تاريخ بغداد لابن النجار؛ حيث ذكر ذلك في ترجمة أبي إسحاق الشيرازي.
(4)
انظر: شرح التنقيح لحلولو ص 208، والمسطاسي ص 4، من مخطوط مكناس رقم / 314.
(5)
انظر: المحصول 1/ 3/ 53 - 54، والمسطاسي ص 4، من مخطوط مكناس رقم/ 314.
(6)
"الاستثناء" في ز.
(7)
"لقوله" في أوخ وش.
(8)
ساقط من أ.
(9)
سورة الحجر آية رقم 42.
(10)
في أوش وخ: "أنه أكثر"، وفي ز:"أنهم أكثر".
(11)
هذه هي المسألة الثالثة في ز.
ذكر المؤلف فيها ها هنا ثلاثة أقوال، وزاد في الشرح قولين (1)، فهي إذًا خمسة أقوال.
القول الأول وهو المشهور: أنه يجوز استثناء الأكثر.
القول الثاني (2): لا يجوز إلا استثناء الأقل ولا يجوز الزائد عليه.
القول الثالث: يجوز استثناء المساوي وهو النصف (3).
القول الرابع: لا يجوز إلا استثناء الكسر، ولا يجوز استثناء العقد، فتقول مثلًا: عندي (4) عشرة إلا نصف واحد، وتقول (5): عندي مائة إلا نصف عشرة، وله عندي ألف إلا نصف مائة، ولا تقول: عندي عشرة إلا واحدًا (6)؛ لأن واحدًا عقد وليس بكسر.
ولا تقول: له عندي مائة إلا عشرة؛ لأن عشرة عقد لا كسر.
ولا تقول: له عندي (7) ألف إلا مائة؛ لأن مائة عقد لا كسر؛ لأن نسبة الواحد إلى العشرة كنسبة العشرة إلى المائة ونسبة المائة إلى الألف؛ لأن الجميع عقد تام وعدد صحيح.
(1) انظر: الشرح ص 244 وشرح المسطاسي ص 4 من المخطوط رقم 314 بالجامع الكبير بمكناس.
(2)
"أنه" زيادة في ز.
(3)
"المصنف" في ز.
(4)
"مثلًا" زيادة في ز.
(5)
"له" زيادة في ز.
(6)
"واحد" بالرفع في ز.
(7)
"عند" في ز.
القول الخامس: أنه يجوز استثناء الكل وهو الاستثناء المستغرق (1).
(1) المتتبع لكتب الأصول يجد أن المذاهب في هذه المسألة تزيد على الخمسة والمشهور منها ما يلي:
1 -
الجواز المطلق لأكثر المستثنى بل له ولما زاد عليه، وقد نقله أبو حيان عن الفراء، ومثل له بقوله: علي ألف إلا ألفين وشرط كونه منقطعًا، ونقل ابن طلحة كما سيأتي عن المالكية ما يفيد جواز المستغرق.
2 -
الجواز للمستغرق إذا لم يكن بلفظ الصدر ولا مشابهًا له، وهو مشهور عن الحنفية وبعض النحاة ومثلوا له بقوله: عبيدي أحرار إلا هؤلاء أو إلا بكرًا وزيدًا وعمرًا وليس له غيرهم. ولا يجوز أن يقول: إلا عبيدي أو إلا مماليكي.
3 -
الجواز لأكثر المستثنى منه دون المستغرق وعليه جماهير العلماء.
4 -
جواز استثناء النصف دون ما زاد عليه، وهو مروي عن القاضي الباقلاني، وابن درستويه، والزجاج، وابن جني، وهو الصحيح عند الحنابلة، ونسبه ابن حزم لجمهور المالكية.
5 -
أنه لا يجوز إلا الأقل وهذا مروي أيضًا عن الباقلاني، ووجه للحنابلة.
6 -
لا يجوز الأكثر من عدد مسمى كعشرة إلا سبعة ويجوز من الجنس كمن في الدار إلا الطوال وإن كانوا أكثر، وقال بهذا أكثر النحاة خصوصًا أهل البصرة والإمام أحمد وأبو يوسف والأشعري وابن الماجشون، ونصره الباقلاني في التقريب، وقيل: هو آخر أقواله، وصرح ابن اللحام والفتوحي بأنه قول أحمد وأصحابه.
7 -
لا يستثنى إلا الكسر أما العقد فلا يستثنى، وقد نسب الغزالي لأكثر أهل اللغة استقباح استثناء العقد، وجعله الآمدي مذهبًا لبعض أهل اللغة، ونسبه ابن السبكي للنحاة.
8 -
عدم جواز الاستثناء من العدد مطلقًا. قال في الإبهاج: صححه ابن عصفور. انظر: المعتمد 1/ 263، والعدة 2/ 666، والتبصرة ص 168، واللمع ص 128، والمنخول ص 158، والمستصفى 2/ 170، والبرهان فقرة ص 294، 295، والوصول 1/ 248، والروضة ص 255، وإحكام ابن حزم 1/ 402، والفصول للباجي 1/ 211، والمحصول 1/ 3/ 53، وإحكام الآمدي 2/ 297، والعضد 2/ 138، والمسودة ص 155، وجمع الجوامع 1/ 14، والإبهاج 2/ 155، ونهاية السول 2/ 411، والتمهيد للإسنوي ص 395، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 59، ومختصر ابن اللحام ص 119، وقواعده ص 247، وتيسير التحرير 1/ 300، =
أما القول الأول: وهو استثناء الأكثر وهو مذهب الجمهور من الفقهاء والمتكلمين فحجته كما قاله (1) المؤلف: قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} (2)، لأن الغاوين أكثر من المهتدين والدليل على أنهم أكثر: قوله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ} (3)، وقوله تعالى:{وَمَا أَكثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (4)، وقوله تعالى:{وَمَا وَجَدْنَا لأَكثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} (5)(6)، وقوله تعالى:{وَقَلِيلٌ منْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (7) وغير ذلك (8).
= وإرشاد الفحول ص 149، والمدخل لابن بدران ص 117. وانظر: شرح القرافي ص 245، والاستغناء ص 540، والمسطاسي ص 4 من المخطوط رقم 314 بمكناس، وشرح التنقيح لحلولو ص 208.
(1)
"قال" في ز.
(2)
سورة الحجر آية رقم 42.
(3)
سورة الأنعام آية رقم 116.
(4)
سورة يوسف آية رقم 103.
(5)
سورة الأعراف آية رقم 102.
(6)
في ز زيادة ما يلي: "وقوله تعالى: {وَلا تَجدُ أَكثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} " اهـ. سورة الأعراف آية رقم 17.
(7)
سورة سبأ آية رقم 13.
(8)
غالب من ذكر هذا الدليل يأتي بعد قول الله تعالى: {إِنَّ عبَادي لَيسَ لَكَ عَلَيْهمْ سُلْطَانٌ إلا مَنٍ اتَّبَعَكَ منَ الْغَاوِينَ} بقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39، 40]، ثم يقول: استثنى المخَلصين من الغَاوين، وَالغاوين من الَمخلصين فأيهما كان أكثر حصل المقصود. انظر: العدة 2/ 668، والتبصرة ص 168، واللمع ص 128، والوصول 1/ 248، والروضة ص 255، والمحصول 1/ 3/ 54، والفصول 1/ 211، وإحكام الآمدي 2/ 297، والإبهاج 2/ 158، ونهاية السول 2/ 411، وتيسير التحرير 1/ 300.
أجيب عن هذا الدليل: بأن (1) العباد في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي} أعم من بني آدم والجن والملائكة؛ لأن لفظ العباد صادق على الكل، فمعلوم أن الغاوين أقل من الملائكة، فكيف [إذا ضم] (2) إليهم صالحو بني آدم [وصالحو الجن] (3) (4) وقد قال عليه السلام:"إن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك من الملائكة لا يرجعون إليه أبدًا"(5)، وفي حديث آخر:"إن الملائكة في الحشر يطوفون بمن فيه سبعة أدوار"(6).
(1)"أن" في ز.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
ساقط من ز.
(4)
أجيب عنه أيضًا بأنه منقطع مقدر بلكن.
انظر لهذين الجوابين وغيرهما: العدة 2/ 668، والروضة ص 255، والمسودة ص 155، والإحكام للآمدي 2/ 197، والإبهاج 2/ 157، وشرح القرافي ص 245، والاستغناء ص 540، 544.
(5)
هذا الحديث أصله في الصحيحين وغيرهما؛ إذ هو جزء من حديث الإسراء والمعراج الطويل، الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي الأنبياء وفرضت عليه الصلاة، وقد ورد بألفاظ عديدة وليس فيما رأيته منها قوله: ملك من الملائكة، بل تقتصر كلها على قوله:"ملك".
انظر: الفتح 6/ 303، ومسلم رقم 162، 164، ومسند أحمد 3/ 149، 153، و4/ 207، 209، 210.
(6)
هذا الحديث يذكره بمعناه المفسرون عند الكلام على قول الله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائكَةُ تَنْزِيلًا} [الفرقان: 25].
وهو موقوف على ابن عباسَ أنه قرأ الآية، وقال: تشقق سماء الدنيا وتنزل الملائكة على كل سماء، وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الثانية وهم أكثر من أهل السماء الدنيا وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا
…
إلى آخر الحديث؛ حيث عدهم إلى السابعة. وقد رواه الحاكم في المستدرك، وقال: رواته محتج بهم إلا علي بن =
وأما القول الثاني: وهو وجوب استثناء الأقل، وهو مذهب عبد الملك ابن الماجشون (1)، وابن خويز منداد (2)، وهو مذهب الخليل، وسيبويه، وجمهور البصريين (3).
حجته: أن مقتضى الدليل منع الاستثناء مطلقًا لكونه إنكارًا بعد إقرار، فخالفنا مقتضى الدليل في الاستثناء (4) الأقل لمعنى (5) لا يوجد في المساوي ولا في الأكثر، وهو كون القليل/ 202/ معرض النسيان لقلة التفات (6) القلب إليه، فلو لم يصح استثناؤه لتطرق الضرر إلى
= زيد ابن جدعان. وهو وإن كان موقوفًا على ابن عباس إلا أنه عجيب بمرة. اهـ.
قال الذهبي: إسناده قوي. انظر: المستدرك 4/ 569.
وجاء في بعض رواياته أن أهل الأرض من الإنس والجن والبهائم والسباع يحشرون في صعيد واحد، ثم ينزل أهل السماء الدنيا فيحيطون بهم ثم يحيط أهل كل سماء بمن قبلهم. وقد نسب تخريجه بعض المفسرين إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وعبد ابن حميد وابن المنذر وابن أبي الدنيا. وانظر: تفسير ابن جرير 19/ 5، وابن كثير 3/ 315، والشوكاني 4/ 74، والدر المنثور 5/ 67.
(1)
انظر: الفصول للباجي 1/ 211، والاستغناء ص 546، وشرح التنقيح لحلولو ص 208، وقد روي عن ابن الماجشون قولان آخران: أحدهما: منع الاستثناء في العقد الصحيح، والثاني: منع استثناء الأكثر من عدد مسمى.
انظر: شرح الكوكب المنير 3/ 308، وشرح حلولو ص 209.
(2)
انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 211.
(3)
هذا المذهب يمكن حمله على منع استثناء الأكثر من عدد مسمى.
فانظر: شرح الكوكب المنير 3/ 308، وقواعد ابن اللحام/ 247، ومختصره ص 119 والإبهاج 2/ 1555، والإحكام للآمدي 2/ 297، وشرح العضد 2/ 138، ونهاية السول 2/ 411، والاستغناء ص 546، وتيسير التحرير 1/ 300، وشرح القرافي ص 245.
(4)
"استثناء" في ز.
(5)
"بمعنى" في ز.
(6)
"تقاوة" في الأصل.
المقر، بخلاف المساوي والأكثر فلا يعرض فيهما النسيان غالبًا، فيجوز استثناء القليل؛ لأن الحاجة تدعو إلى اليسير دون الكثير (1).
أجيب عن هذا الدليل: بأنا لا نسلم أنه إنكار بعد إقرار، وإنما يكون كذلك لو كان الكلام تامًا قبل حصول الاستثناء وليس كذلك، فإن المجموع المركب من المستثنى والمستثنى منه جملة واحدة (2)، بل الأصل قبوله، لإمكان صدق المتكلم به، ودفعًا للضرر عنه؛ إذ المقر ربما أقر بما قد وفَّى بعضه غير أنه نسيه وتذكره عند الإقرار، فلو لم يصح الاستثناء للحقه (3) الضرر (4)(5).
وقد نص ابن الحاجب في كتاب الإقرار على هذين القولين الأولين وهما استثناء الأكثر أو الأقل فقال: والاستثناء بما لا يستغرق كعشرة إلا تسعة يصح، خلافًا لعبد الملك (6)(7).
وأما القول الثالث وهو استثناء المساوي (8) وهو مذهب القاضي أبي
(1) انظر هذا الدليل في: البرهان فقرة 295، والمحصول 1/ 3/ 55، والوصول لابن برهان 1/ 248، والإحكام للآمدي 2/ 297، والعضد على ابن الحاجب 2/ 138، والإبهاج 2/ 155، ونهاية السول 2/ 411، والاستغناء ص 540.
(2)
انظر: المحصول 1/ 3/ 56، وإحكام الآمدي 2/ 297، ونهاية السول 2/ 411، والاستغناء ص 543.
(3)
"للحقتة" في ز.
(4)
"الضرورة" في ز.
(5)
انظر: الوصول لابن برهان 1/ 148، والإحكام للآمدي 2/ 297.
(6)
أي ابن الماجشون.
(7)
انظر: مختصر ابن الحاجب الفرعي ورقة/ 76 - أ، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط برقم 887 - د.
(8)
المقصود بالمساوي النصف، والمعنى: مساوي المستثنى بالمستثنى منه، فإنك إذا استثنيت النصف تساويا، أو المعنى: المساوي للباقي.
بكر (1) وابن درستويه (2)(3) من النحاة (4) فحجته مفهومة من حجة استثناء الأكثر؛ لأنه إذا جاز استثناء الأكثر فأولى وأحرى جواز (5) استثناء المساوي،
(1) هذا أيضًا أحد الأقوال لأبي بكر الباقلاني، وخلاصة المنقول عن القاضي أبي بكر أربعة أقوال:
1 -
جواز استثناء الأكثر وكان يقول به في أول حياته.
2 -
جواز النصف دون الأكثر نسبه له أبو يعلى والشيرازي وغيرهما.
3 -
جواز الأقل فقط نسبه له الجويني والآمدي وابن الحاجب وغيرهم، ونقل صاحب الإبهاج أنه صرح به في التقريب.
4 -
منع استثناء الأكثر من عدد مسمى نسبه له ابن اللحام، وقال صاحب البديع: هو آخر قول القاضي.
وهذه الأقوال هي التي جعلت بعض الأصوليين يحكي التردد عن القاضي في المسألة، انظر: المستصفى 2/ 170، والعدة 2/ 666، واللمع ص 128، والبرهان فقرة 295، والمنخول ص 158، والوصول 2/ 248، والمحصول 1/ 3/ 53، والفصول للباجي 1/ 211، والإحكام للآمدي 2/ 297، والعضد 2/ 138، والإبهاج 2/ 155، ونهاية السول 2/ 411، وقواعد ابن اللحام ص 247، وتيسير التحرير 1/ 300.
(2)
"درو سيبويه" في ز.
(3)
أبو محمد: عبد الله بن جعفر بن محمد بن درستويه، استوطن بغداد صغيرًا وأخذ عن المبرد وثعلب وابن قتيبة، وكان فاضلًا متفننًا في العلوم، أخذ عنه الدارقطني وجماعة من الحفاظ، توفي سنة 347 هـ، ألف ما يزيد على أربعين كتابًا منها: الإرشاد في النحو، وشرح فصيح ثعلب، وغريب الحديث، ومعاني الشعر، وغيرها، وكانت تصانيفه غاية في الإتقان.
انظر: تاريخ بغداد 9/ 428، والوفيات 3/ 4، والفهرست ص 93، وتاريخ العلماء النحويين ص 46، والبداية والنهاية 11/ 233، وشذرات الذهب 2/ 375، وهدية العارفين 1/ 446.
(4)
انظر: العدة 2/ 666، والتبصرة ص 168، واللمع ص 128، وإحكام الفصول للباجي 1/ 211، وإحكام الأحكام للآمدي 2/ 297.
(5)
"بجواز" في ز.
لاشتمال الأكثر على المساوي والزيادة (1).
وأما القول الرابع وهو جواز استثناء الكسر دون العدد التام (2)، وهو مذهب بعض أهل اللغة، قاله سيف الدين الآمدي (3)، فحجته أنهم قالوا: ليس في القرآن والسنة إلا استثناء الكسر، ومنه قوله تعالى:{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلا خَمْسِينَ عَامًا} (4)، فخمسون من الألف كسر لا عقد (5)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن لله تسعة وتسعين اسمًا؛ مائة إلا واحدًا"(6)، فاستثنى واحدًا من المائة وهو [بعض](7) عقد المائة، فإن عشرة هو عقد المائة (8).
وهذا المذهب مردود بمسائل الطلاق والإقرار؛ فإنه إذا قال: أنت طالق
(1)"والزيادات" في ز.
(2)
هذا القول هو جواز استثناء الكسر دون العقد الصحيح، ليس دون العدد التام، كما قاله الشوشاوي، ولعل العبارة: دون العقد التام. انظر: المستصفى 2/ 170، والإحكام للآمدي 2/ 297، وجمع الجوامع 2/ 14، والإبهاج 2/ 156، وقواعد ابن اللحام ص 247.
(3)
انظر: الإحكام 2/ 297.
(4)
سورة العنكبوت آية رقم 14.
(5)
انظر: المستصفى 2/ 170.
(6)
الحديث مشهور بهذا اللفظ عن أبي هريرة خرجاه في الصحيحين وفي آخره: "من أحصاها دخل الجنة". انظر: فتح الباري 13/ 377، ومسلم رقم 2677.
وورد بلفظ: مائة إلا واحدة، فانظره في البخاري - الفتح 5/ 354، 11/ 214، وأحمد 2/ 427.
وورد بلفظ: غير واحد. انظره في الترمذي برقم/ 3506، وورد بغير استثناء في مسلم برقم/ 2677، والترمذي برقم/ 3507، 3508.
(7)
ساقط من ز.
(8)
انظر حجة هذا المذهب في شرح القرافي ص 244، والاستغناء ص 537، وقد نقل الحجج عن شرح البرهان للمازري.
ثلاثًا إلا واحدة أنه يلزمه اثنان باتفاق، وليس ذلك بكسر (1)، وكذلك إذا قال في الإقرار: له عندي عشرة إلا واحدًا (2) أنه يلزمه تسعة باتفاق، وليس ذلك بكسر (3).
وأما القول الخامس وهذا استثناء الكل (4) فحجته: القياس على استثناء البعض بجامع الإخراج، وهذا المذهب مردود بالإجماع؛ لأن الغزالي (5)
(1) حكى الاتفاق على هذه المسألة ابن المنذر، وابن رشد، ونسبه صاحب المغني للثوري، وأصحاب الرأي وجماعة، ثم حكى فيه خلافًا عن أبي بكر بأن الاستثناء لا يؤثر في عدد الطلقات، ويجوز في المطلقات، لكنه ضَعَّفَ مستند هذا القول.
انظر: الإجماع لابن المنذر ص 103، وبداية المجتهد 2/ 80، والمغني لابن قدامة 7/ 161.
(2)
"تسعة" في الأصل.
(3)
انظر: الإفصاح لابن هبيرة 2/ 17، والكافي لابن عبد البر 2/ 889، والمغني لابن قدامة 5/ 157.
(4)
مر بنا أن أبا حيان نقل عن الفراء جواز الاستثناء لأكثر من المستثنى منه وشرط كونه منقطعًا، وأن ابن طلحة نقل عن المالكية ما يفيد جواز المستغرق، بتجويزهم استثناء الثلاث من الثلاث. كما مر أن الحنفية يجيزون استثناء الكل إذا كان الاستثناء بغير لفظ الصدر، كما إن بعض الحنابلة حصروا الخلاف في الاستثناء من عدد مسمى، أما الجنس أو الصفة فيجوز فيها المستغرق، كأكرم من في الدار إلا الطوال، وكان كل من في الدار طوالًا.
انظر: جمع الجوامع 2/ 14، والإبهاج 2/ 155، ونهاية السول 2/ 411، وقواعد ابن اللحام ص 247، وشرح الكوكب المنير 3/ 306، وتيسير التحرير 1/ 300، وشرح القرافي ص 245، والاستغناء ص 537، وشرح حلولو على التنقيح ص 209.
(5)
لم أطلع على حكاية الغزالي للإجماع، لكنه يفهم من كلامه لجعله عدم الاستغراق شرطًا في الاستثناء، وحكايته الخلاف في استثناء الأكثر دون المستغرق. انظر: المستصفى 2/ 170، والمنخول ص 158.
وغيره (1) حكى الإجماع في بطلان الاستثناء المستغرق، فإذا قال: له عندي عشرة إلا عشرة، لزمته عشرة بإجماع؛ لأنه يعد نادمًا.
قال المؤلف في الشرح (2): قد وقع في المذهب مسائل تقتضي جواز استثناء الكل:
المسألة الأولى: حكى ابن طلحة الأندلوسي (3)(4) في المدخل له في الفقه: أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا، ففي لزوم الثلاث (5) له قولان، فإن القول بعدم لزوم الثلاث يقتضي جواز استثناء الكل (6)(7)(8).
(1) حكى الإجماع على منع المستغرق كل من:
الرازي في المحصول 1/ 3/ 53، والآمدي في الإحكام 2/ 297، وابن قدامة في المغني 5/ 159، والروضة ص 255، وابن السبكي في الإبهاج 2/ 155، والإسنوي في التمهيد ص 395، ونهاية السول 2/ 411، وابن اللحام في المختصر ص 119، والقواعد ص 247، لكنه حصر الخلاف في غير الصفة والجنس، والشوكاني في إرشاد الفحول ص 149.
(2)
انظر: الشرح ص 246، وفي اللفظ اختلاف يسير عما هنا.
(3)
"والأندلوسي" في ز، وفي شرح القرافي والمسطاسي: الأندلسي. وهو الصحيح.
(4)
هو أبو بكر وأبو محمد: عبد الله بن طلحة بن محمد بن عبد الله اليابُري روى عن جماعة من الأعلام منهم: الباجي، وعاصم بن أيوب، وعنه أبو المظفر الشيباني، وأبو محمد العثماني، نزل بإشبيلية وحلق به للعامة، واستوطن مصر وقتًا ثم رحل إلى مكة وجاور بها إلى أن توفي سنة 523 هـ. كان ماهرًا في الفقه وأصوله وفي النحو والتفسير، له كتاب تفسير القرآن، وكتاب سيف الإسلام في فقه المالكية، وكتاب المدخل إلى الكتاب السابق وغيرها. انظر ترجمته في: أزهار الرياض للمقري 3/ 77، طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر بمصر، والعقد الثمين للفاسي 5/ 182 مطبعة أنصار السنة بمصر.
(5)
"الثلاثة" في ز.
(6)
"من الكل" زيادة في ز.
(7)
انظر: الاستغناء ص 537، وشرح حلولو ص 209، وشرح المسطاسي ص 5 من مخطوط مكناس رقم 314.
(8)
المذاهب الفقهية متفقة في هذه المسألة على بطلان الاستثناء ولزوم الطلاق للمستثنى، =
المسألة الثانية: نقلها أصحاب المذهب: أنه إذا قال: أنت طالق [ثلاثًا](1) إلا ثلاثًا إلا اثنتين، ففي لزوم الثلاث (2) قولان: قيل: تلزمه الثلاث (3) بناء على أنه استثنى ثلاثًا (4) من ثلاث فيكون الاستثناء باطلًا (5) لاستغراقه، وقيل: تلزمه اثنتان بناء على أن استثناء الكل إذا تعقبه استثناء آخر يُصَيِّره أقل من الثلاث (6)، وهو قوله: إلا اثنتين، وذلك أن الثلاث (7) الأولى مثبتة والثلاث (8) الثانية منفية والاستثناء الثاني وهو الاثنتان (9) مثبتتان (10)؛ لأنه استثناء من نفي، فلم ينتف إلا واحدة فقط فتلزمه
= قالوا: لأنه استثناء الكل من الكل وهو باطل، أو لأنه يعد نادمًا غير مستثن لاتهامه بالرجوع.
وفي مذهب المالكية قول بعدم وقوع الطلاق فيما إذا لم يكن ثمت تهمة؛ كأن يكون قصده استحالة الطلاق، انظر لهذا: بداية المجتهد 2/ 81، وانظر لمذاهب العلماء: بدائع الصنائع 3/ 155، والهداية للمرغيناني 1/ 254، والأم 5/ 187، والوجيز للغزالي 2/ 61، وروضة الطالبين 8/ 92، وزاد المحتاج للكوهجي 3/ 386، والشرح الصغير للدردير 3/ 392، والكافي لابن عبد البر 2/ 580، والمغني لابن قدامة 7/ 161.
(1)
ساقط من الأصل.
(2)
"الثلاثة" في ز.
(3)
"الثلاثة" في ز.
(4)
"ثلاثة" في ز.
(5)
"باطل" في ز.
(6)
"من ثلاث" في ز.
(7)
"الثلاثة" في ز.
(8)
"الثلاثة" في ز.
(9)
"الاثنان" في الأصل.
(10)
"منفيتان" في الأصل.
اثنتان (1).
المسألة الثالثة: ذكرها أصحاب المذهب [أيضًا](2) إذا قال: أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة (3) إلا واحدة، فإنه تلزمه الاثنتان (4) لاستثنائه الثالثة، مع أن الثالثة قد نطق بها (5) بلفظ يخصها (6) فقد استثنى جملة ما نطق به فيها، وهو استثناء الكل، وعللوا ذلك بأن خصوص الوَحَدَات (7) لا يتعلق به غرض، فكأنه قال: أنت طالق ثلاثًا (8) إلا واحدة (9).
(1) أشار لهذا أيضًا بعض المذاهب، فقد حكى فيه النووي في الروضة والكوهجي في شرح المنهاج ثلاثة أقوال:
قيل: يلزمه ثلاث، وقيل: يلزمه ثنتان، وقيل: يلزمه واحدة، والأخير بناء على أن المستغرق باطل، والاستثناء الثاني صحيح، فيعود على الأول.
وأورد الكاساني قولًا واحدًا بلزوم الاثنتين فقط. انظر: روضة الطالبين 8/ 93، وزاد المحتاج 3/ 387، وبدائع الصنائع 3/ 157.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"إلا واحدة" في ز.
(4)
"لا تلزمه إلا اثنتان" في ز.
(5)
"نطقها" في ز.
(6)
"يخصصها" في ز.
(7)
"الواحدة" في ز.
(8)
"ثلاث" في ز.
(9)
ذكر هذه المسألة القرافي في الاستغناء ونسبها للجواهر.
وذكر النووي فيها قولين: قولًا باعتبار الجمع أي جمع الوَحَدَات ثم الاستثناء منها، فيلزمه ثنتان، وقولًا باعتبار الفصل فيكون استثناء واحدة من واحدة، فيبطل فيلزمه ثلاث، وذكر القول الأخير ابن قدامة في المغني.
انظر: روضة الطالبين 8/ 93، والمغني 7/ 162، والاستغناء ص 699.
المسألة الرابعة: ذكرها ابن شاس (1) في الجواهر (2)، وابن أبي زيد في النوادر (3)، إذا قال: أنت طالق واحدة إلا واحدة، لزمته واحدة (4)(5) إلا أن يعيد الاستثناء على الواحدة فتلزمه اثنتان (6)؛ وذلك أن الواحدة صفة، وقوله: طالق موصوف، فإذا رفعت صفة الواحدة بالنية فقد رفع بعض ما
(1) أبو محمد: عبد الله بن نجم بن شاس السعدي المصري، فقيه مالكي اشتهر بالعلم والورع، وتولى التدريس بالمدرسة المجاورة للمسجد العتيق بمصر، حج في آخر عمره، ولما عاد امتنع عن الفتوى حتى استشهد بدمياط سنة 616 هـ، صنف الجواهر، وكرامات الأولياء.
انظر: الوفيات 3/ 61، والديباج 1/ 443، والشذرات 5/ 69.
(2)
اسمه: الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، وضعه على ترتيب الوجيز، وعكف عليه المالكية بعده لحسنه، وكثرة فوائده، وفيه دلالة على غزارة علمه.
انظر: وفيات الأعيان 3/ 61، وكشف الظنون 1/ 613.
(3)
كتاب النوادر والزيادات على المدونة لأبي محمد بن أبي زيد القيرواني، أكثر من مائة جزء، قال القاضي عياض: وعلى هذين الكتابين المعول في التفقه بالمغرب. اهـ. يريد هذا الكتاب ومختصر المدونة، ويسمى أيضًا النوادر فقط.
انظر: الفهرست ص 284، وترتيب المدارك 2/ 494، والديباج 1/ 429، 2/ 4.
(4)
نقل القرافي عن اللخمي أنه قال في هذه المسألة: لا يلزمه شيء.
انظر: الاستغناء ص 583، 698، وشرح التنقيح لحلولو ص 209.
(5)
قال في النوادر: ولو قال: أنت طالق واحدة إلا واحدة لزمته طلقة. اهـ.
انظر: الجزء الثالث، كتاب الطلاق في الاستثناء في الطلاق
…
إلخ من مخطوط النوادر والزيادات لابن أبي زيد موجود بمكتبة ابن يوسف بمراكش. تحت رقم 305/ 1.
(6)
قال في الجواهر: ولو قال: أنت طالق طلقة واحدة إلا واحدة، إلا أن يعيد الاستثناء على الواحدة فقط فتقع عليه اثنتان ويلغو الاستثناء؛ إذ يصير مستغرقًا. اهـ.
انظر: الجزء الأول، كتاب الطلاق، الباب الخامس في الاستثناء من كتاب الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لابن شاس، مخطوط بخزانة ابن يوسف بمراكش برقم / 464.
نطق به، وإذا ارتفعت الوحدة تعينت الكثرة؛ إذ لا واسطة بينهما، وأقل مراتب الكثرة اثنان؛ لأن الأصل براءة الذمة من الزيادة (1)(2).
قوله: (والاستثناء من الإِثبات نفي اتفاقًا، ومن النفي إِثبات، خلافًا لأبي حنيفة، ومن أصحابه المتأخرين من يحكي التسوية بينهما في عدم إِثبات نقيض المحكوم به [بعد إِلا] (3)، لنا: أنه المتبادر عرفًا، فيكون [كذلك](4) لغة؛ لأن (5) الأصل عدم النقل (6)).
ش: هذه هي المسألة الرابعة من أحكام الاستثناء (7)، ذكر المؤلف أن الاستثناء من الإثبات نفي اتفاقًا (8) أراد بالاتفاق: اتفاق الجمهور؛ لأن
(1)"الزائد" في ز.
(2)
انظر هذا التعليل في: الاستغناء ص 584.
(3)
ساقط من أ.
(4)
ساقط من نسخ المتن، وفي ز:"لغة كذلك" بالتأخير.
(5)
"فإن" في خ.
(6)
"والتغيير" زيادة في خ وش.
(7)
انظر بحث المسألة في:
البرهان فقرة/ 280 - 282، والمنخول ص 154، والمحصول 1/ 3/ 56، ومغني الخبازي ص 243، وإحكام الآمدي 2/ 308، ومعالم الرازي ص 172، وتمهيد الإسنوي ص 392، ونهاية السول 2/ 423، والمسودة ص 160، وقواعد ابن اللحام ص 263، وشرح جمع الجوامع للمحلي 2/ 15، والإبهاج 2/ 159، والعضد على ابن الحاجب 2/ 143، والتلويح 2/ 41، ومختصر البعلي ص 120، وشرح الكوكب المنير 3/ 327، وفواتح الرحموت 1/ 326.
(8)
جل من بحث هذه المسألة من العلماء حكى الاتفاق على هذا القسم، أي إن الاستثناء من الإثبات نفي، ولم يشر لخلاف الحنفية إلا قليل من العلماء.
وقد قيل: إنه لا خلاف في الحقيقة، وإنما الخلاف في المدرك الذي يؤدي إليها؛ فالشافعية ومن معهم يقولون: هو نفي لغة، والحنفية يقولون: هو نفي لأن الأصل =
المتأخرين من الحنفية قالوا: لا يكون الاستثناء من الإثبات نفيًا (1)، كما لا يكون الاستثناء من النفي إثباتًا، كما قاله (2) المؤلف في قوله:"ومن أصحابه المتأخرين من يحكي التسوية بينهما"، وذكر المؤلف أن الاستثناء من النفي إثبات عند الجمهور، خلافًا لأبي حنيفة رحمه الله تعالى.
قوله (3): (ومن أصحابه المتأخرين من يحكي التسوية بينهما)، [ضمير] (4) التثنية عائد على الاستثناءين / 203/: الاستثناء من الإثبات والاستثناء من النفي، فحصل (5) من كلام المؤلف أن مذهب الجمهور أن الاستثناء من النفي إثبات، وأن الاستثناء من الإثبات نفي (6)، وللحنفية في ذلك قولان (7): قول
= براءة الذمة. وقد نسب لأبي حنيفة أيضًا الخلاف في القسمين.
انظر: التمهيد للإسنوي ص 392، ونهاية السول 2/ 423، وقواعد ابن اللحام ص 263، والمسودة ص 160، والعضد على ابن الحاجب 2/ 143، وشرح جمع الجوامع 2/ 15، والإبهاج 2/ 159، ومختصر البعلي ص 120، وفواتح الرحموت 1/ 327، وشرح الكوكب المنير 3/ 328.
(1)
"نفي" في ز.
(2)
"قال" في ز.
(3)
"وقوله" في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"فحمل" في ز.
(6)
كل من تعرض لهذه المسألة أشار لمذهب الجمهور فيها، وهم: الشافعية، والمالكية والحنابلة، فانظر إحالات المسألة، وقال بهذا القول طائفة من محققي الحنفية كفخر الإسلام وشمس الأئمة وأبو زيد، بل صرح به صاحب الهداية، وقال: الاستثناء من النفي إثبات على وجه التأكيد. انظر: المسلَّم مع شرحه فواتح الرحموت 1/ 327، والهداية للمرغيناني 2/ 53.
(7)
مر بنا آنفًا أن للحنفية قولًا ثالثًا قال به طائفة من محققيهم وهو موافقة الجمهور في المسألتين.
المتقدمين منهم، وقول المتأخرين منهم، فالمتقدمون منهم يقولون بالتفصيل: فالاستثناء من الإثبات نفي كما قاله الجمهور، والاستثناء من النفي لا يكون إثباتًا (1)، وإلى هذا القول أشار المؤلف [بقوله] (2):"ومن النفي إثبات خلافًا لأبي حنيفة رحمه الله تعالى".
وأما المتأخرون من الحنفية فيقولون بالإطلاق؛ فلا يقتضي الاستثناء عندهم نفيًا ولا إثباتًا، وإلى هذا القول أشار المؤلف بقوله: ومن أصحابه المتأخرين من يحكي التسوية بينهما في عدم إثبات نقيض المحكوم به بعد إلا (3).
واعلم أن هذه المسألة يتوقف فهمها على قاعدتين: إحداهما (4) لغوية والأخرى عقلية (5).
فأما القاعدة اللغوية: فهي أن قولك مثلًا: قام القوم إلا زيدًا، فيه
(1) كثير ممن ذكر هذا القول نسبه لأبي حنيفة ولم يشر إلى كونه قول المتقدمين من أتباعه بناء على أنهم يسوون بين القسمين، بل صرح صاحب المسلم أن النقل بأن خلافهم في أحدهما غير مطابق لما ثبت عنهم، ويقول القرافي: ولم أر ما حكي عن أبي حنيفة إلا عنه وحده، ولم أر أحدًا وافقه عليه. اهـ.
قلت: ولعلهم أرادوا الوفاق في الحقيقة دون المدرك.
انظر: المحصول 1/ 3/ 57، وجمع الجوامع 2/ 15، ونهاية السول 2/ 423، والتلويح 2/ 41، والاستغناء ص 549، والمسلم مع شرحه الفواتح 1/ 327، وانظر: تعليق رقم (8) من صفحة 127 من هذا المجلد.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
انظر تعليق رقم (8) من صفحة 127 من هذا المجلد.
(4)
"أحدهما" في ز.
(5)
انظر لهاتين القاعدتين: الاستغناء ص 553، وشرح المؤلف ص 247، وشرح المسطاسي ص 132 من مخطوط مكناس رقم 352، وشرح جمع الجوامع 2/ 16.
مُخْرِجٌ، ومُخْرَجٌ، ومُخْرَجٌ منه، فالمُخْرِجْ هو إلا، والمُخْرَج زيد، والمخرج منه هو ما قبل إلا، والذي قبل إلا شيئان وهما: الحكم، والمحكوم به الذي هو القيام.
وأما القاعدة العقلية: فهي أن من خرج من نقيض دخل في النقيض الآخر؛ إذ لا واسطة بين النقيضين، فمن خرج من العدم دخل في الوجود، ومن خرج من الوجود دخل في العدم، وهاتان القاعدتان (1) لا نزاع فيهما، وإنما النزاع في تعيين المُخْرَج منه، هل هو الحكم أو المحكوم به الذي هو القيام؟
فنحن نقول: المخرج منه [هو](2) المحكوم به الذي هو القيام، ونقيض القيام عدم القيام، فإذا خرج زيد من القيام دخل في عدم القيام، فهو غير قائم.
والحنفية يقولون: المخرج منه هو الحكم، ونقيض الحكم عدم الحكم، فإذا خرج زيد من الحكم دخل في عدم الحكم، فهو غير محكوم عليه بشيء لا بقيام ولا بعدم القيام؛ لأن الاستثناء عندهم لا يقتضي ثبوتًا ولا نفيًا (3).
قوله: (واعلم أن الكل [قد] (4) اتفقوا على إِثبات نقيض ما قبل الاستثناء (5)[بما](6) بعده، ولكنهم اختلفوا، فنحن نثبت نقيض المحكوم به،
(1)"القاعدان" في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 132، من مخطوط مكناس رقم 352؛ حيث قرر هناك القاعدتين ومحل الخلاف.
(4)
ساقط من نسخ المتن ومن ز.
(5)
"إلا المستثنى" في ز.
(6)
ساقط من أوز، وفي ش وخ:"لما".
والحنفية يثبتون نقيض الحكم (1)، فيصير ما بعد الاستثناء غير محكوم عليه بنفي ولا إِثبات).
ش: بين المؤلف بهذا موضع الاتفاق وموضع الخلاف؛ وذلك أننا (2) متفقون مع الحنفية في إثبات نقيض ما قبل الاستثناء لما بعد الاستثناء، واختلفوا في تعيين (3) ما قبل الاستثناء؛ لأنه وقع قبل حرف (4) الاستثناء شيئان وهما (5): الحكم والمحكوم به.
حجة القول الذي عليه الجمهور ما قاله المؤلف وهو: "أنه (6) المتبادر عرفًا فيكون لغة كذلك"؛ لأن الأصل عدم النقل، الضمير في قوله:"أنه المتبادر" يعود (7) على إثبات نقيض المحكوم به بعد إلا، يعني: أن إثبات نقيض المحكوم به هو المتبادر عرفًا، فإذا كان ذلك هو المتبادر في العرف فيجب أن يكون ذلك هو الثابت في اللغة؛ إذ الأصل عدم النقل والتغيير، وإنما قلنا: هو المتبادر عرفًا؛ فإن الإنسان إذا قال في الإقرار: ليس له عندي إلا عشرة لم يفهم منه إلا الاعتراف بعشرة (8).
(1)"المحكم" في ز.
(2)
"أنا" في الأصل.
(3)
"تغيير" في ز.
(4)
"حروف" في ز.
(5)
كتبها ناسخ ز، "هو"، ثم أصلحها.
(6)
"أن" في ز.
(7)
"يعوط" في ز.
(8)
انظر: شرح المسطاسي ص 132، من مخطوط مكناس رقم 352، وشرح الكوكب المنير 3/ 328.
وحجة أخرى أيضًا: أن الاستثناء لو لم يفد إثبات نقيض المحكوم به، لما أفادت كلمة الشهادة التوحيد لله تعالى؛ لأنه على ذلك التقدير يصير غير محكوم له (1) بشيء وذلك باطل؛ لأنه خلاف الإجماع، لأن كلمة الشهادة تفيد التوحيد بالإجماع (2).
وحجة الحنفية: قوله عليه السلام: "لا صلاة إلا بطهور"، وقوله:"لا نكاح إلا بولي"(3)؛ لأنه لو كان الاستثناء من النفي يقتضي الإثبات، للزم صحة الصلاة بمجرد الطهارة، وثبوت النكاح بمجرد الولي، وذلك خلاف الإجماع، وفيه أيضًا تخلف المدلول عن الدليل وهو على خلاف
(1)"نفي الشريك خاصمه لأن ثبوت" زيادة في ز، وبعدها بياض بمقدار كلمة، ولا أرى لهذه الزيادة مناسبة هنا.
(2)
انظر: المحصول 1/ 3/ 57، المغني للخبازي ص 243، الإحكام للآمدي 2/ 308، العضد على ابن الحاجب 2/ 143، نهاية السول 2/ 425، الإبهاج 2/ 159، الاستغناء ص 550، شرح القرافي ص 247، وشرح الكوكب المنير 3/ 328، وشرح المسطاسي ص 132، من مخطوط مكناس رقم 352، وفواتح الرحموت 1/ 327.
(3)
هذا الحديث صحيح، ومشهور من حديث أبي موسى وابن عباس وأبي هريرة وغيرهم.
انظر: الترمذي 3/ 407 برقم/ 1101 عن أبي موسى، وأبا داود برقم/ 2085 عنه أيضًا: وابن ماجه برقم 1880 عن ابن عباس، و1881 عن أبي موسى، والدارمي 2/ 137، عن أبي موسى، والدارقطني 3/ 219، 220، 221، 225، 227، عن أبي موسى وأبي سعيد وابن عباس وابن مسعود وابن عمر وعائشة، وأحمد 1/ 250 عن ابن عباس، 4/ 294، 413، 418 عن أبي موسى، 6/ 260 عن عائشة.
وانظر: مناقشة لأسانيد الحديث في الترمذي 3/ 407، والفتح 9/ 184، 191، وإرواء الغليل 6/ 235، ونصب الراية 3/ 183.
الأصل (1).
أجيب عن هذه الحجة: بأن (2) قاعدة الاستثناء من النفي إثبات [قد](3) تستثنى منها الشروط، لأن الشرط لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم (4)(5)، كما نبه المؤلف على ذلك في الفائدة الثانية التي ختم بها هذا الباب؛ لأنه قال هنالك:"ولما (6) كانت الشروط لا يلزم من وجودها الوجود ولا العدم لم يلزم من الحكم بالنفي قبل الاستثناء لعدم الشرط، الحكم بالوجود بعد الاستثناء لأجل وجوده، فيكون مطردًا فيما عدا الشروط"(7).
(1) انظر: الاستغناء ص 551، وشرح المسطاسي ص 132، من مخطوط مكناس رقم ص 352، والمحصول 1/ 3/ 58، والمعالم ص 173، والإحكام للآمدي 2/ 308، وشرح القرافي ص 248، والعضد على ابن الحاجب 2/ 144، والإبهاج 2/ 159، ونهاية السول 2/ 429.
(2)
"فإن" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
لو زاد الشوشاوي لذاته لكان أولى وأتم لحد الشرط، ولعله لم يرد المطابقة للحد متابعًا فيه المصنف في الشرح ص 248، والمسطاسي ص 132، من مخطوط مكناس رقم 352، وقد زاد المصنف في الاستغناء هذه الكلمة. انظر ص 560.
(5)
انظر: الإبهاج 2/ 159، ونهاية السول 2/ 428، والمسودة ص 160، والاستغناء 557، 558، 559، وما بعدها، وإحكام الآمدي 2/ 308، شرح القرافي 1/ 248، نهاية السول 2/ 427، وشرح المسطاسي ص 132، من مخطوط مكناس رقم 352، وقد أجيب بأجوبة أخرى، فانظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 144.
(6)
"ولو" في الأصل.
(7)
انظره في المتن في آخر باب الاستثناء ص 210 من نسخة الأصل، وصفحة 257 من شرح القرافي. وهي في المتن في الموضعين:"ولما كانت الشروط"، وكذا في ز، وفي نسخة الأصل: "ولو كانت
…
إلخ".
قوله: (وإِذا تعقب [الاستثناء] (1) الجمل يرجع إِلى جملتها عند مالك والشافعي وعند أصحابهما، [وإِلى الأخيرة عند أبي حنيفة](2)، ومشترك بين الأمرين عند المرتضى (3)، ومنهم من فَصَّل فقال: إِن تنوعت الجملتان بأن تكون إِحداهما (4) خبرًا والأخرى (5) أمرًا عاد إِلى الأخيرة فقط، وإِن لم تتنوع الجملتان ولا كان حكم إِحداهما (6) في الأخرى ولا أضمر اسم إِحداهما في الأخرى فكذلك أيضًا، وإلا عاد إِلى الكل، واختاره الإِمام، وتوقف القاضي أبو بكر (7) منا في الجميع).
ش: هذه هي المسألة الخامسة من أحكام الاستثناء، وهي (8): تعقب الاستثناء الجمل هل يرجع الاستثناء إلى جميع الجمل أو يرجع إلى الجملة الأخيرة خاصة؟ (9) ذكر المؤلف فيه خمسة أقوال: قيل: يرجع إلى الجميع،
(1) ساقط من أوخ.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من أ.
(3)
"الشريف المرتضى" في ش وخ.
(4)
"أحدهما" في أ.
(5)
"والآخر" في أ.
(6)
"أحدهما" في الأصل وش، والمثبت أصوب.
(7)
في الأصل: أبي، لاحتمال الإضافة.
(8)
"وهو" في ز.
(9)
انظر لهذه المسألة:
المعتمد 1/ 264، والعدة 2/ 678، والتبصرة ص 172، واللمع ص 128، والبرهان فقرة 287، وما بعدها، والمنخول ص 160، والمستصفى 2/ 174، والوصول لابن برهان 1/ 251، والروضة لابن قدامة ص 257، وإحكام الآمدي 2/ 300، والمحصول 1/ 3/ 63، وإحكام ابن حزم 1/ 407، والمعالم للرازي ص 177، وإحكام الفصول للباجي 1/ 213، والإشارة له ص 157، والعضد على ابن الحاجب 2/ 139، والإبهاج 2/ 162، وجمع الجوامع 2/ 17، ومفتاح الوصول للتلمساني ص 82، وتمهيد الإسنوي ص 398، ونهاية السول 2/ 430، =
وهو قول مالك والشافعي وجمهور العلماء/ 204/ (1)، وقيل: يرجع إلى الأخيرة، وهو قول أبي حنيفة (2)، وقيل: مشترك بين رجوعه إلى الجميع وبين رجوعه إلى ما يليه وهو قول الشريف [المرتضى](3) من الشيعة (4)، وقيل: بالتفصيل بين أن تستقل كل جملة بنفسها (5) أو تفتقر
= وقواعد ابن اللحام ص 257، والمختصر له ص 119، والمسودة ص 156، وشرح الكوكب المنير 3/ 315، وفواتح الرحموت 1/ 332 وتيسير التحرير 1/ 302، والمسطاسي صفحة 8 وما بعدها من المخطوط رقم 314 بمكناس، وشرح القرافي ص 249.
(1)
أخذ به جمهور العلماء من المذاهب الثلاثة، وقد نقل الحنابلة فيه نصًا عن الإمام أحمد من رواية ابن منصور، ونصره ابن حزم في الإحكام، إلا أن مشاهير علم الأصول كأبي الحسين والجويني والغزالي والرازي لم يقل أحد منهم به.
انظر: المحصول 1/ 3/ 63، والعدة لأبي يعلى 2/ 678، والفصول للباجي 1/ 213، وإحكام ابن حزم 1/ 407، والبرهان فقرة ص 287، والمنخول ص 160، والمعتمد 1/ 264.
(2)
هو مذهب عامة الحنفية، لكن الباجي نسبه إلى المتأخرين منهم، وقد حكاه أبو الحسين عن أهل الظاهر، وشاع بين الأصوليين هذا النقل غير أن ابن حزم في الإحكام نصر القول بالعود للجميع، وحكي هذا القول عن جماعة من المعتزلة، واختاره الرازي في المعالم. انظر: فواتح الرحموت 1/ 332، وتيسير التحرير 1/ 302 والمسطاسي ص 9 من المخطوط رقم 314 بمكناس، والمعتمد 1/ 264، والعدة 2/ 679، والوصول لابن برهان 1/ 251، والآمدي 2/ 300، والمعالم ص 177، والإشارة ص 157، والفصول للباجي 1/ 213.
(3)
ساقط من ز.
(4)
حقيقة قول الشريف المرتضى أنه توقف للاشتراك، فهو موافق للقاضي أبي بكر ومن معه القائلين بالتوقف، لكنهم توقفوا لعدم العلم بمدلوله لغة، وهو توقف للاشتراك، وبعض العلماء ينسب القول بالاشتراك للشريف مطلقًا، وبعضهم ينبه على هذه النقطة.
وانظر: المحصول 1/ 3/ 64، والإحكام للآمدي 2/ 301، والإبهاج 2/ 163.
(5)
"بنفيها" في الأصل.
إحداهما إلى الأخرى فإن استقلت كل واحدة بنفسها عاد إلى الأخيرة وإن افتقرت إحداهما إلى الأخرى عاد إلى الكل، وهو قول أبي الحسين من المعتزلة (1)، واختاره الإمام الفخر في المحصول (2)(3)، وقيل: بالوقف وهو قول القاضي أبي بكر (4).
وهذا الخلاف كله إنما هو فيما إذا لم تكن هناك قرينة تصرف الاستثناء
(1) انظر: المعتمد 1/ 265، وقد حكاه هناك عن القاضي عبد الجبار.
(2)
لم يختر الإمام في المحصول ولا في المعالم هذا القول؛ وذلك أنه في المعالم اختار العود للأخيرة الذي هو مذهب الحنفية، وأما في المحصول فقال: والإنصاف أن هذا التقسيم حق، لكنا إذا أردنا المناظرة اخترنا التوقف، لا بمعنى دعوى الاشتراك، بل بمعنى أنا لا نعلم حكمه في اللغة ماذا، وهو اختيار القاضي. اهـ.
فقال عن التقسيم: إنه حق واختار التوقف. انظر: المحصول 1/ 3/ 67، والمعالم ص 177. وقد نَسَبَ هذا الاختيار للإمام المسطاسي وتبعه الشوشاوي. انظر: شرح المسطاسي صفحة 9 من المخطوط رقم 314 بمكناس.
(3)
رجح هذا القول ابن برهان في الوصول 1/ 255، ونسبه الآمدي لجماعة من المعتزلة. وانظر: المعتمد 1/ 265، والبرهان فقرة 291، وإحكام الآمدي 2/ 300 والعضد على ابن الحاجب 2/ 139؛ حيث ذكر كل منهم تقسيمًا وبنى على أساسه رأيه، والمقام يضيق بها، لكن أجمعها وأقربها تناولًا تقسيم القرافي الوارد هنا.
(4)
هو أول من عرف عنه هذا القول، وقد تبعه كثير من فحول الأصول كالجويني والغزالي والرازي والآمدي، فيما سوى الجمل المتعاقبة التي يظهر كون الواو فيها للابتداء؛ حيث يختص الاستثناء بالأخيرة، وقد نسبه صاحبا العدة والتبصرة لأصحاب الأشعري.
انظر: المسطاسي ص 9 من مخطوط رقم 314 بمكناس، والعدة 2/ 679، والتبصرة ص 173، واللمع ص 128، والبرهان فقرة 293، والمنخول 161، والمستصفى 2/ 174، وإحكام الآمدي 2/ 301، والمحصول 1/ 3/ 64، وفصول الباجي 1/ 213، والإشارة ص 157، والعضد على ابن الحاجب 2/ 139.
إلى الجميع أو إلى البعض، وأما إذا كان هناك قرينة تصرفه إلى الجميع أو إلى الأخيرة أو الأولى أو الوسطى (1)، فلا خلاف في صرفه إلى ذلك؛ لأن اتباع القرينة راجح، والعمل بالراجح متعين (2).
قوله: (وإِذا تعقب الاستثناء الجمل)، مثاله: قام الزيديون والعمرون (3) إلا الطوال، فهل يرجع الاستثناء إلى الجملتين، أو يرجع إلى الأخيرة خاصة، أو هو مشترك، أو يجب التوقف حتى يرد البيان، أو يجب فيه التفصيل؟ وهو القول المختار عند الإمام الفخر في المحصول (4)، وبيان هذا القول بالتفصيل أن يقال: إما أن تتنوع الجملتان بأن تكون إحداهما خبرًا والأخرى أمرًا، وإما ألا تتنوع الجملتان، فإذا لم تتنوع، فإما أن يكون حكم إحداهما أو اسمها مضمرًا في الأخرى أم لا، فإن وجد التنوع عاد إلى الأخيرة فقط، وكذلك إن عدم وعدم الإضمار، وأما إن عدم التنوع ووجد الإضمار، فإنه يعود إلى الجميع (5).
مثال (6) التنوع بأن تكون (7) إحداهما خبرًا والأخرى أمرًا: قام الزيدون
(1)"للوسطى" في ز.
(2)
انظر: البرهان فقرة/ 293، وإحكام ابن حزم 1/ 407، وشرح الكوكب المنير 3/ 315.
(3)
"العمريون" في الأصل.
(4)
سبق بيان أن هذا القول ليس اختيارًا للإمام قبل قليل.
(5)
انظر التقسيمات في:
المعتمد 1/ 265، والمحصول 1/ 3/ 64 - 66، والإحكام للآمدي 2/ 300 - 301، والعضد 2/ 140، وفيها بعض الاختلاف سيتبين من التعليقات القادمة.
(6)
"وجود" زيادة في ز.
(7)
"يكون" في ز.
وأكرم العمرين (1) إلا الطوال (2)، فإن الاستثناء ها هنا يعود إلى الأخيرة خاصة لأنها مستقلة بنفسها (3).
ومثال عدم التنوع (4) وعدم الإضمار: قام الزيدون وقام العمرون إلا الطوال، فإن الاستثناء ها هنا أيضًا يرجع إلى الأخيرة فقط؛ لأنها مستقلة بنفسها، وإلى هذا أشار المؤلف بقوله:"وإن (5) لم تتنوع الجملتان ولا كان حكم إحداهما في الأخرى ولا أضمر اسم إحداهما في الأخرى، فكذلك أيضًا"، يعني: أنه يرجع إلى الأخيرة فقط.
ومعنى قوله: (وإِن لم تتنوع الجملتان) أي: هما [معًا](6) من نوع واحد، أي: هما معًا خبر، أو هما معًا أمر (7)، مثال الخبر: قام الزيدون وقام العمرون إلا الطوال، ومثال الأمر: أكرم الزيدين (8) وأكرم العمرين إلا الطوال (9).
(1)"العمرون" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 249.
(3)
قسم الرازي هذا القسم إلى قسمين: ما كانت فيه القضية مختلفة نحو: أكرم ربيعة، والعلماء هم المتكلمون إلا أهل البلدة الفلانية، فهذا يرجع فيه للأخيرة للاستقلال، والثاني: ما كانت فيه القضية واحدة ومثل له بآية القذف وجعل الحكم هنا كالأول، وسيأتي لآية القذف بيان في صفحة 145 من هذا المجلد إن شاء الله. انظر: المحصول 1/ 3/ 66.
(4)
"التنويع" في ز.
(5)
"فإن" في ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"أمرًا" في ز.
(8)
"الزيدون" في ز.
(9)
قالوا: سواء اختلفا في الحكم والاسم نحو: أكرم بني تميم واضرب ربيعة إلا الطوال. أو اختلفا في الحكم واتفقا في الاسم نحو: أطعم ربيعة واخلع على ربيعة إلا الطوال. أو اتفقا في الحكم واختلفا في الاسم نحو: أطعم ربيعة وأطعم بني تميم إلا الطوال. انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 140، المحصول 1/ 3/ 64، وإحكام الآمدي 2/ 300.
ومثال عدم التنوع (1) مع وجود الإضمار: قام الزيدون والعمرون إلا الطوال (2)، [فقد عدم التنوع في الجملتين ها هنا لأنها معًا خبر، ووجد الإضمار](3)؛ لأن حكم الجملة الثانية وهو القيام مضمر أي: مقدر في النفس؛ لأنه لم يذكر في اللفظ؛ لأنه استغني عنه بحرف (4) العطف؛ لأن حرف العطف ينوب مناب الفعل، فإن حكم الجملة الثانية مذكور في الأولى فقد استغني بحكم الأولى عن حكم الثانية، فصارت الثانية متعلقة بالأولى، فصارت الجملتان لأجل ذلك كالجملة الواحدة (5)، وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: ولا كان حكم إحداهما (6) في الأخرى، هذا مثال إضمار الحكم (7).
ومثال إضمار الاسم: قام الزيدون وخرجوا إلا الطوال، وذلك أن الاسم الذي هو الزيدون هو مضمر في الجملة الثانية؛ لأن الضمير (8) الذي هو الواو في خرجوا يعود على الزيدين (9)، فقد صارت الجملة الثانية مفتقرة
(1)"التنويع" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 249.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"بمجرد" في ز.
(5)
انظر: المعتمد 1/ 266، والمحصول 1/ 3/ 66، وإحكام الآمدي 2/ 301.
(6)
"أحكامها" في ز.
(7)
في ز ما يلي: "قام الزيدون والعمرون إلا الطوال، فإن الثانية مفتقرة إلى الأولى في حكمها فيناسب العود إليهما".
(8)
"المضمر" في ز.
(9)
"الزيدون" في ز.
إلى الأولى في اسمها؛ لأن ضميرها يحتاج إلى التفسير، فصارت الجملتان كالجملة الواحدة، وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: ولا أضمر اسم إحداهما في الأخرى، لأن اسم الأولى مضمر في الثانية (1).
قوله: (وإِلا عاد إِلى الكل)، أشار به إلى عدم التنوع [مع](2) وجود إضمار الحكم أو (3) إضمار الاسم.
قوله: ([و] (4) إِن تنوعت الجملتان
…
) إلى آخر التفصيل يحتاج إلى أربعة أمثلة: مثال واحد في وجود التنوع (5)، وثلاثة أمثلة في عدم التنوع (5)؛ لأنا نقول عدم التنوع (5): إما [مع](6) عدم الإضمار أصلًا، وإما مع إضمار الحكم، وإما مع إضمار الاسم، [وقد بينا هذه الأمثلة قبل](7) هذا بيان الأقوال.
وأما حججها، فحجة القول الأول برجوعه إلى الجميع: أن حرف العطف (8) يُصَيِّر المعطوف والمعطوف عليه كالشيء الواحد، فتكون الجملتان كالجملة الواحدة، فيعود الاستثناء على جميعها كما يعود على الجملة
(1) انظر: المعتمد 1/ 266، والمحصول 1/ 3/ 66، وإحكام الآمدي 2/ 301، وشرح التنقيح للقرافي ص 249 - 250.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"و" في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"التنويع" في ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
"عطف" في ز.
الواحدة (1)، وحجة ثانية: أن المتكلم [إن](2) احتاج إلى الاستثناء فإن ذكره بعد كل جملة فذلك من الركاكة في القول، فإذا ذكره (3) آخر الجمل سلم كلامه من الركاكة (4)، وحجة ثالثة (5): قياس الاستثناء على الشرط، والجامع بينهما أن كل واحد منهما لا يستقل بنفسه (6)، وذلك أن الشرط إذا تعقب الجمل يرجع إلى جميعها عند الجمهور (7)، كقولك: امرأتي طالق، وعبدي حر، ومالي صدقة، إن كلمت زيدًا.
(1) هذا أشهر أدلة الفريق الأول وأضعفها، فانظره في:
العدة 2/ 680، والتبصرة ص 174، والروضة ص 258، والفصول للباجي 1/ 214.
وانظر كلام الجويني عليه في البرهان فقرة: 289 فإنه حسن، وانظر: شرح القرافي ص 250، والمسطاسي ص 9، من المخطوط رقم 314 بمكناس، والاستغناء ص 659.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"ذكر" في ز.
(4)
انظره: في الاستغناء ص 660، وشرح المسطاسي ص 9 من مخطوط رقم 314 بمكناس، والمستصفى 2/ 175، والروضة ص 258، والإحكام للآمدي 2/ 302، والعضد على ابن الحاجب 2/ 141، وشرح الكوكب المنير 3/ 322، وشرح القرافي ص 250.
(5)
"أخرى" في ز.
(6)
بعضهم يقتصر على الشرط، وآخرون يضيفون للشرط المشيئة؛ لأن الحنفية يسلمون في الشرط والمشيئة أن كلا منهما يرجع للجميع.
انظر: المعتمد 1/ 264 - 267، والعدة 2/ 680، والتبصرة ص 173، والمستصفى 2/ 175، والمحصول 1/ 3/ 68، والعضد 2/ 141، والإبهاج 2/ 164، وشرح القرافي ص 250، وشرح المسطاسي ص 9 من المخطوط رقم 314 بمكناس.
(7)
من المتكلمين والفقهاء، ونقل أبو الحسن في المعتمد عن الحوري أن أهل الظاهر يجعلون الاستثناء والشرط والمشيئة ترجع إلى الأخيرة فقط. انظر: المعتمد 1/ 264.
ورد هذا بأنه قياس في اللغة وهو ممنوع عند الجمهور (1).
وحجة القول برجوعه إلى الأخيرة: أن (2) رجوعه إلى القريب أولى من رجوعه إلى البعيد (3)، لأن العرب تعتبر القريب في أبواب (4) كثيرة (5) منها: باب العطف، وباب التنازع، وباب المفعول، وباب الفاعل.
فمن باب العطف قولك: أكرم زيد عمرًا وأكرمته، تعين عود الضمير على عمرو (6) لقربه من الضمير (7).
ومن باب التنازع أن نحاة البصرة يقولون: إذا تنازع (8) عاملان معمولًا (9) واحدًا؛ فالمختار إعمال الثاني لقربه، كقولك: أكرمت (10)
(1) سبقت الإشارة إلى القياس في اللغة في تعليق (8) من صفحة 26 من هذا المجلد، وسيأتي زيادة بيان إن شاء الله عند كلام المؤلف عليه في صفحة 446 من المجلد الخامس من هذا الكتاب، وهذا الرد انظره في: العضد على ابن الحاجب 2/ 141، والإبهاج 2/ 164، وشرح الكوكب المنير 3/ 321، وفواتح الرحموت 1/ 335، والشرح للقرافي ص 250، والمسطاسي ص 9 من المخطوط رقم 314 بمكناس.
(2)
"كان" زيادة في ز.
(3)
انظر: العدة 2/ 681، والتبصرة ص 176، وإحكام الآمدي 2/ 306، والمحصول 1/ 3/ 72، والمعالم ص 179، وشرح القرافي ص 250، والمسطاسي ص 10 من المخطوط رقم 314، بمكناس، والاستغناء ص 665.
(4)
"أنواع" في ز.
(5)
"كثير" في ز.
(6)
"عمر" في ز.
(7)
انظر: المحصول 1/ 3/ 73، والمعالم ص 179، وشرح القرافي ص 251.
(8)
"تنازعا" في ز.
(9)
"مفعولًا" في ز.
(10)
"أكرمته" في ز.
وأكرمني زيد (1).
ومن باب المفعول [قولك](2): أعطى (3) زيد (4) عمرًا بكرًا، قالوا: الأقرب للفعل (5) هو الآخذ (6)، وهو الفاعل في المعنى، و [هو](7) مفعول في اللفظ/ 205/ (8).
ومن باب الفاعل خمسة أشياء وهي: المقصور، والمبهم، والموصول، والمضاف إلى ياء المتكلم، والمركب من بعض ذلك (9).
مثال (10) المقصور: ضرب موسى عيسى (11)، ومثال المبهم: ضرب هذا
(1) انظر: شرح الكافية لابن الحاجب 2/ 644، وشرح ابن عقيل 1/ 465، والتبصرة للصيمري 1/ 148، وشرح القرافي ص 251، والمحصول 1/ 3/ 72، والمعالم ص 179.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"أعطتني" في ز.
(4)
"زيدا" في ز.
(5)
"للمفعول" في ز.
(6)
"الآخر" في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
انظر: شرح التصريح 1/ 314، وشرح المفصل 7/ 640، وشرح القرافي ص 251، والمحصول 1/ 3/ 73، والمعالم ص 179.
(9)
انظر: المحصول 1/ 3/ 73، والمعالم ص 179، وشرح التصريح 1/ 281، ومجيب الندا إلى شرح قطر الندى 2/ 70.
(10)
ومثال" في ز.
(11)
انظر: شرح الكافية لابن مالك 2/ 589، وشرح ابن عقيل 1/ 412، وشرح قطر الندى ص 186، وشرح المفصل لابن يعيش 7/ 63، ومجيب الندا إلى شرح قطر الندى 2/ 70، وشرح القرافي ص 251.
هذا (1)، ومثال الموصول: ضرب الذي في الدار الذي في السوق (2)، ومثال المضاف إلى ياء المتكلم: ضرب صاحبي غلامي (3)، ومثال المركب من بعض ذلك: ضرب موسى هذا (4)، فإن الفاعل في جميع ذلك هو القريب للفعل، فيجب تقديم (5) الفاعل على المفعول، قال أبو موسى الجزولي في باب الفاعل: وكل فاعل لا قرينة تفصل بينه وبين المفعول لا في اللفظ ولا في المعنى وجب تقديمه (6).
وحجة القول بالاشتراك بين رجوعه إلى الأخيرة وبين رجوعه إلى الجميع: أنه ورد في القرآن رجوعه إلى الأخيرة، وورد (7) فيه أيضًا رجوعه إلى الجميع، والأصل في (8) الاستعمال الحقيقة، فيكون مشتركًا؛ لأنه حقيقة فيهما (9). ورد هذا بأن قيل: الأصل أيضًا عدم الاشتراك، فيكون حقيقة في أحد الرجوعين (10) مجازًا في الآخر، فإذا تعارض المجاز مع الاشتراك قدم
(1) انظر: شرح المفصل لابن يعيش 7/ 63، وشرح التصريح 1/ 281، ومجيب الندا 2/ 70.
(2)
انظر: شرح التصريح 1/ 281، ومجيب الندا 2/ 70.
(3)
انظر: شرح التصريح 1/ 281، ومجيب الندا 2/ 70.
(4)
انظر: شرح التصريح 1/ 281 مع حاشية العليمي الحمصي.
(5)
"تقدم" في ز.
(6)
انظر: القانون في النحو ص 65 مطبوع مع شرح الجزولية الصغير للشلوبين، تحقيق الشيخ/ ناصر بن عبد الله الطريم.
(7)
"ورد" في ز. بسقوط حرف العطف.
(8)
"فيه" في ز.
(9)
انظر: المحصول 1/ 3/ 77، وشرح القرافي ص 252، وشرح المسطاسي صفحة 10 من المخطوط رقم 314 بمكناس.
(10)
"غير" زيادة في ز.
المجاز على الاشتراك (1) كما تقدم في الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ (2).
مثال رجوع الاستثناء إلى الجميع: قوله تعالى: {وَالْمُنْخَنقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إلا مَا ذَكَّيْتمْ} (3) أي: إلا ما أَدركتم ذكاته من هذه المذكورات، على القول باتصال الاستثناء (4).
ومثال رجوِعه إلى الأخيرة: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعةِ شُهَدَاءَ فَاجْلدُوهُمْ ثَمَانِين جَلْدَةَ وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئكَ هُمُ الْفَاسقُونَ (4) إلا الًّذِين تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيم} (5). فهذا (6) الاستثناء لا يعود على الجملة الأولى (7) وهي جملة الجلد
(1) انظر: المحصول 1/ 2/ 73، وشرح القرافي ص 252، والمسطاسي صفحة 11 من الخطوط رقم 314 بمكناس.
(2)
انظر: الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ، صفحة 107، من نسخة الأصل، وشرح القرافي ص 121.
(3)
سورة المائدة آية رقم 3.
(4)
هو قول الجمهور، والقول الثاني: أنه منقطع بمعنى لكن، والثالث: أنه متصل مختص بالأخيرة، وهي قوله تعالى:{ومَا أكلَ السَّبعُ} ، والرابع: أن الاستثناء راجع إلى التحريم لا إلى المحرم ويبقى على ظاهره. ولو مثل بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآيات إلى قوله: {إلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 68 - 70] لكان أولى؛ إذ هو راجع إلى الجميع بلا خلاف، قاله السهيلي.
انظر: شرح الكوكب المنير 3/ 319، وجمع الجوامع 2/ 18، وتيسير التحرير 1/ 303، وتفسير البحر المحيط 3/ 423، وأحكام القرآن لابن العربي 2/ 539، وأحكام القرآن للجصاص 2/ 305، وشرح القرافي ص 252، والمسطاسي ص 11 من المخطوط رقم 314 بمكناس.
(5)
سورة النور الآيتان 4 - 5.
(6)
"فهذه" في ز.
(7)
في ز ما يلي: "إلا على الجملة الأولى".
باتفاق، لأن التوبة لا تسقط الجلد، وإنما الخلاف هل يرجع هذا الاستثناء إلى الجملة الثانية وهي رد الشهادة، أو يرجع إلى الجملة الثالثة وهي الفسق؟ (1).
وثمرة الخلاف: هل تقبل شهادة القاذف إذا تاب، قاله مالك (2) والشافعي (3)، وجمهور العلماء (4).
أو لا تقبل شهادته قاله الحنفي (5) والثوري (6) والنخعي (7)(8) وغيرهم (9)(10).
(1) انظر: المعتمد 1/ 265، والبرهان فقرة / 288، 292، وإحكام ابن حزم 1/ 408، ومفتاح الوصول ص 82، وتيسير التحرير 1/ 307، وشرح الكوكب المنير 3/ 318، ويرى بعض الأصوليين أنها ترجع للأخيرة فقط وهي الفسق، فإذا ارتفعت ثبتت العدالة التي هي موجب قبول الشهادة.
وانظر أيضًا: المسطاسي ص 11 من المخطوط رقم 314 بمكناس.
(2)
انظر: المنتقى للباجي 5/ 207، والكافي لابن عبد البر 2/ 897، وبداية المجتهد 2/ 442، 462، والقوانين لابن جزي ص 264.
(3)
انظر: الأم 6/ 209، والإفصاح لابن هبيرة 2/ 358.
(4)
انظر: المغني 9/ 197، والإفصاح لابن هبيرة 2/ 358، وبداية المجتهد 2/ 442 - 443.
(5)
انظر: بدائع الصنائع 6/ 270 - 271، والهداية للمرغيناني 3/ 122.
(6)
انظر: المصنف لعبد الرزاق 8/ 363، والمغني ص 197.
(7)
أبو عمران: إبراهيم بن يزيد بن الأسود النخعي، نسبة إلى قبيلة من مذحج اليمن، فقيه كوفي تابعي، رأى عائشة رضي الله عنها، توفي سنة 96 هـ مختفيًا من الحجاج؛ انظر: غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 29، والوفيات 1/ 25، وتهذيب التهذيب 1/ 177.
(8)
انظر: مصنف ابن أبي شيبة 6/ 171 - 172، ومصنف عبد الرزاق 8/ 363، والمغني 9/ 197.
(9)
كالحسن، وسعيد بن جبير، ورواية عن شريح، ومثلها عن سعيد بن المسيب. انظر: المصنف لابن أبي شيبة 6/ 171، ومصنف عبد الرزاق 8/ 363، والمغني 9/ 197.
(10)
استثنى المالكية هنا شهادته فيما حد فيه، فإنها لا تقبل على المشهور عندهم، كما إنهم =
ومثال رجوعه إلى الأولى خاصة. قوله تعالى: {(1) إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمِ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّه مِنِّي إلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} (2)، فهذا (3) الاستثناء تعين عوده إلى الجملة الأولى دون الثانية؛ لأن مناسبة المعنى تقتضيه (4).
ومثال رجوعه إلى إحدى الجملتين أيضًا: قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلا امْرَأَتَك} (5)، فعلى قراءة النصب يعود إلى الأولى تقديره:"فأسر بأهلك إلا امرأتك"، وعلى قراءة الرفع، وهي (6) قراءة ابن كثير وأبي عمرو (7) يعود على الثانية؛ لأنها منفية، فتكون قد خرجت معهم ثم رجحت فهلكت، قاله المفسرون (8).
= هم والحنفية يقبلون شهادة القاذف ولو لم يتب ما لم يقم عليه الحد، وتوبته عند الشافعية والحنابلة بأن يكذب نفسه في مقامٍ مثل الذي قذف فيه، أما عند المالكية فتكون بصلاح حالة، وبعض فقهائهم يرون رأي الشافعية والحنابلة.
انظر: القوانين الفقهية لابن جزي/ 264، والأم 6/ 209، والمغني 9/ 199، والكافي لابن عبد البر 2/ 897، والمنتقى للباجي 5/ 207.
(1)
"قال" زيادة في ز.
(2)
سورة البقرة آية رقم 249.
(3)
"هذه" في ز.
(4)
انظر: شرح الكوكب المنير 3/ 316، وتيسير التحرير 1/ 303، وشرح القرافي ص 252 والمسطاسي ص 11، من المخطوط رقم 314 بمكناس.
(5)
سورة هود آية رقم 81.
(6)
"وهو" في ز.
(7)
"عمر" في ز.
(8)
المشهور في هذه الآية أربعة أقوال:
الأول: النصب على أنه استثناء متصل من (أهلك).
الثاني: النصب على أنه استثناء متصل من (أحد) وإن كان قبله نهي؛ لأن النهي كالنفي =
قال المؤلف في الشرح: قول العلماء: إن الاستثناء مشترك بين عوده إلى الكل و (1) إلى الأخيرة هو من الاشتراك الواقع في التركيب دون الإفراد، أي: وضعت العرب "إلا" لتركبها عائدة على الكل وتركبها عائدة على الأخيرة، فهو [من](2) فروع كون العرب وضعت المركبات كما وضعت المفردات، وفيه قولان (3)، [و](4) اختار الإمام منعه (5).
وحجة القول بالتفصيل: أن الجملتين إذا استقلت (6) كل واحدة منهما
= على أصل الاستثناء، كقراءة ابن عامر "ما فعلوه إلا قليلًا منهم" بالنصب.
الثالث: الرفع على أنه بدل من (أحد).
الرابع: الرفع على أنه استثناء منقطع بمعنى لكن.
انظر: تفسير البحر المحيط 5/ 248، وابن كثير 2/ 454، وأبي السعود 4/ 229، وحجة القراءات ص 347، والإقناع في القراءات 2/ 666، والشاطبية ص 34، وشرح القرافي ص 252، والمسطاسي ص 11، من المخطوط رقم 314 بمكناس.
(1)
"أو" في الأصل.
(2)
ساقط من ز.
(3)
المركبات هي الجمل، والقولان فيها: المنع، واختاره الرازي وابن الحاجب، وابن مالك من النحاة وجماعة، قالوا: لو كان المركب موضوعًا لتوقف استعمال الجمل على النقل عن العرب كالمفردات ولوجب على أهل اللغة تتبع الجمل كما تتبعوا المفردات، الآخر: أنها موضوعة وهو قول الجمهور، ودليلهم: أن العرب حجرت في المركبات فمنعت مثل: إن قائم زيدًا، كما حجرت في: المفردات.
ثم المركب نوعان: مهمل، منعه جمهور من أجاز المركبات خلا البيضاوي والتاج السبكي؛ حيث قالا بوضعه ومثلاه بالهذيان، ومستعمل وفيه خلاف الرازي المتقدم، ومثاله: زيد قائم. انظر: المحصول 1/ 1/ 22، وجمع الجوامع 2/ 102، ونهاية السول 2/ 62، وشرح الكوكب المنير 1/ 113، والمزهر للسيوطي 1/ 40 - 45.
(4)
ساقط من ز.
(5)
النقل في القرافي ص 253، وفيه اختلاف لا يخل بالمعنى.
(6)
"استعملت" في ز.
بنفسها فلا تعد الجملتان كالشيء الواحد لاستقلال كل واحدة منهما بنفسها، بخلاف ما إذا افتقرت إحداهما إلى الأخرى، فإنهما كالشيء الواحد فيرجع الاستثناء إليهما لعدم الاستقلال (1).
وحجة قول القاضي بالتوقف: (2) تعارض الأدلة المذكورة؛ فإنها [لما](3) تعارضت (4) تقاومت، [فإذا تقاومت](5) وجب التوقف (6) وإلا لزم (7) الترجيح من غير مرجح (8)، وحجة أخرى: أن رجوعه إلى إحدى (9) الجهات إما أن يكون من جهة العقل وإما أن يكون من جهة النقل، فباطل أن يكون من جهة العقل، إذ لا مجال للعقل في اللغات؛ لأن اللغات لا تثبت بالعقل وإنما تثبت بالنقل عن أربابها، وباطل أن يكون من جهة النقل، لأن النقل إما تواتر (10) وإما آحاد (11)، فباطل أن يكون تواترًا؛ لأنه (12) لو كان تواترًا لعلمه
(1) انظر: المعتمد 1/ 267، والبرهان فقرة 291، وشرح المسطاسي ص 10، من المخطوط رقم 314 بمكناس، وهي التي سأعتمد عليها في العزو بعد هذا الموضع ما لم أشر فتنبه.
(2)
"بالوقف" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"معارضة" في ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"الوقف" في ز.
(7)
"وجب" في ز.
(8)
انظر: العدة 2/ 683، والتبصرة ص 176، والمنخول 161، المستصفى 2/ 177، والمسطاسي ص 11.
(9)
"أحد" في ز.
(10)
"تواترًا" في الأصل.
(11)
"آحادًا" في الأصل.
(12)
"لا أنه" في ز.
كل أحد (1) وارتفع الخلاف، وباطل أن يكون آحادًا؛ لأن المسألة علمية والآحاد ظنية ولا يكتفى بالظن في العلميات (2).
ورد هذا الدليل بأن قيل: لا يلزم من التواتر حصول العلم لكل أحد، فرب قضية تواترت عند قوم ولم (3) تتواتر (4) عند آخرين (5).
هذا بيان حجج الأقوال المذكورة.
قوله: (وإِذا تعقب (6) الاستثناء الجمل) هذه (7) عبارة الإمام في المحصول (8)، ومنهم من يقول: إذا تعقب (9) الاستثناء الجمل المعطوفة،
(1)"واحد" في ز.
(2)
انظر: المحصول 1/ 2/ 565، حيث ذكر هذا الدليل لهم في شبه منكري العموم، وأحال عليه عند بحث هذه المسألة 1/ 3/ 84. وانظر الدليل بنصه: في المسطاسي ص 11.
(3)
"ولو" في ز.
(4)
"تواتر" في ز.
(5)
انظر: المسطاسي ص 11.
(6)
في الأصل: "وإذا تعقبت" وهو خطأ، وما أثبت من ز.
(7)
"هذا" في ز.
(8)
عبارة الإمام في المحصول هي: الاستثناء المذكور عقيب جمل كثيرة هل يعود إليها بأسرها أم لا؟ وقد نسب له القرافي العبارة هكذا: الاستثناء المذكور عقيب الجمل الكثيرة. اهـ.
وهذه هي عبارته في المعالم إلا أنها ليس فيها قوله: "الكثيرة"، أما المسطاسي فنقل أن عبارة الرازي هي: وإذا تعقب الجمل. اهـ، فلعل الشوشاوي نقل هذه وزاد فيها قوله:"الاستثناء". انظر: المحصول 1/ 3/ 63، والمعالم ص 177، وشرح القرافي ص 253، وشرح المسطاسي الورقة 132، من المخطوط رقم 352 بالجامع الكبير بمكناس، والاستغناء ص 668.
(9)
في الأصل "وإذا تعقبت"، وهو خطأ، وما أثبت من ز.
وهي عبارة عن الباجي (1)، ومنهم من يقول: إذا تعقب (2) الاستثناء الجمل المعطوفة (3) بالواو وهي عبارة سيف الدين (4)، ومنهم من يقول: إذا تعقب (2) الاستثناء الجمل المختلفة المعطوفة وهي عبارة إمام الحرمين (5)، واحترز بقوله: المختلفة من الجمل المتفقة على شيء واحد.
وهي الجمل (6) التي تنبئ عن شيء واحد، نحو قولك: اضرب العصاة
(1) عبارة الباجي في أحكام الفصول: الاستثناء المتصل بجمل من الكلام معطوف بعضها على بعض. اهـ. وفي الإشارة: الاستثناء المنفصل في جمل
…
إلخ، وقد عدلها المحقق وأحسبه قد أخطأ، وإلا فإن العبارة الصحيحة هي كالأولى، ونقل المسطاسي عنه أنه قال: الجمل المعطوفة بعضها على بعض.
انظر: الفصول 1/ 213، والإشارة ص 157، والمسطاسي ورقة 132 من مخطوطة مكناس رقم 352.
(2)
في الأصل "وإذا تعقبت"، وهو خطأ، وما أثبت من ز.
(3)
"المعطوف" في ز.
(4)
عبارة سيف الدين في الإحكام هي: الجمل المتعاقبة بالواو إذا تعقبها الاستثناء
…
إلخ، ونقل عنه القرافي والمسطاسي أنه قال: الجمل المعطوفة بالواو. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 300، وشرح القرافي ص 253، والمسطاسي ورقة 132 من مخطوط مكناس رقم 352، والاستغناء ص 668.
(5)
عبارة إمام الحرمين في البرهان التي صدر بها المسألة هي: وإذا اشتمل الكلام على جمل واستعقب الجملة الآخرة استثناء
…
إلخ، ولم يذكر كون الجملة مختلفة هنا، لكن ذكر الاختلاف حينما أراد تحرير رأيه؛ حيث قال: ونحن نقول: إذا اختلفت المعاني وتباينت جهاتها، وارتبط كل معنى بجملة ثم استعقبت الجملة الأخيرة مثنوية فالرأي الحق .. إلخ، ولعل العبارة من التلخيص، وقد نقل المسطاسي عن الجويني أنه قال: الجملة المختلفة إذا اجتمعت في حرف من حروف العطف. اهـ. انظر: البرهان فقرة 288، 291. وشرح التنقيح للمسطاسي ورقة 132 من مخطوط مكناس رقم 352.
(6)
"الجملة" في ز.
[والطغاة](1) والجناة إلا من تاب، إذًا لا خلاف أن الاستثناء يرجع إلى الجميع؛ لأن هذه الجمل آيلة إلى شيء واحد.
واعلم أن هذه العبارات الأربع كلها مدخولة (2): أما عبارة الإمام الفخر وهي قوله: إذا تعقب (3) الاستثناء الجمل، وهي عبارة المؤلف. فيعترض عليها/ 206/ بأنها غير مانعة لاندراج الجمل التي تنبئ عن شيء واحد [فيها](4) مع أنها لا يدخلها الخلاف، وأما عبارة الباجي، وهي قوله (5): إذا (6) تعقب الاستثناء الجمل المعطوفة، وكذلك عبارة إمام الحرمين وهي (7) قولنا: إذا تعقب (8) الاستثناء الجمل المختلفة المعطوفة، وكذلك عبارة سيف الدين، وهي (9) قولنا: إذا تعقب (10) الاستثناء الجمل المعطوفة بالواو فهي معترضة بأنها غير جامعة ولا مانعة.
وبيان ذلك أن حروف العطف العشرة على ثلاثة أقسام: أحدها يتأتى فيها الخلاف من غير خلاف، وقسم لا يتأتى فيها الخلاف (11) باتفاق، وقسم
(1) ساقط من ز.
(2)
لمعرفة بيان الخلل في العبارات. انظر: شرح القرافي ص 254، وشرح المسطاسي ورقة 132 و133 من مخطوط مكناس رقم 352، والاستغناء ص 668 وما بعدها.
(3)
"تعقبت" في الأصل.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"قولنا" في الأصل.
(6)
"وإذا" في ز.
(7)
"وهو" في ز.
(8)
"تعقبت" في الأصل.
(9)
"وهو" في ز.
(10)
"تعقيب" في الأصل.
(11)
"من غير خلاف وقسم لا يتأتى فيها الخلاف باتفاق" زيادة في ز.
متردد فيه (1)، فالذي يتأتى فيه (2) الخلاف باتفاق هو اربعة وهي: الواو، والفاء، وثم، وحتى.
قال المؤلف في الشرح: لأن هذه الأربعة تجمع بين الشيئين في الحكم معًا فيمكن الاستثناء منهما أو من (3) أحدهما، كقولك: قام الرجال والنساء إلا الطوال (4) أو فالنساء، أو ثم النساء، أو حتى النساء (5).
والقسم الذي لا يتأتى فيه الخلاف باتفاق هو (6) ثلاثة أحرف وهي: أو، وأم، وإما، كقولك: أكرم الرجال أو (7) النساء إلا من عصى الله، أو أكرم [إما](8) الرجال وإما النساء إلا من عصى الله، أو أكرم الرجال أم النساء إلا من عصى الله.
قال المؤلف في الشرح: المحكوم عليه ها هنا واحد قطعًا ولم يتعرض للآخر أصلًا لا بالنفي ولا بالإثبات، لأن حرف العطف ها هنا [هو](9) لأحد
(1) انظر الكلام على تقسيم هذه الحروف في: الاستغناء ص 669، وشرح القرافي 253، وشرح المسطاسي صفحة 8 - 9 من مخطوط مكناس رقم 314. وانظر: شرح التصريح لخالد الأزهري 2/ 134.
(2)
"فيها" في ز.
(3)
"ومن" في ز.
(4)
"والأطفال" في الأصل.
(5)
نص المؤلف في الشرح: "لأنها تجمع بين الشيئين معًا في الحكم، ويمكن الاستثناء منهما أو أحدهما". اهـ. انظر ص 253.
(6)
"وهي" في ز.
(7)
"و" في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
ساقط من ز.
الشيئين لا بعينه، فلا احتمال (1) في هذا القسم (2).
والقسم المتردد بين القسمين هو (3) ثلاثة أحرف وهي: بل، ولا، ولكن.
كقولك: قام الرجال بل النساء إلا الطوال، أو (4) قام الرجال لا النساء إلا الطوال، أو ما قام الرجال لكن النساء إلا الطوال، فالمحكوم عليه واحد بعينه، أي: فالمحكوم عليه بالقيام أحد الفريقين بعينه دون الآخر، قال المؤلف في الشرح: يمكن أن يقال: لا يمكن عود الاستثناء عليهما لعدم اندراجهما معًا في الحكم؛ إذ عود الاستثناء عليهما يقتضي عود الحكم عليهما، ويمكن أن يقال: إنهما معًا محكوم عليهما: أحدهما محكوم عليه بالنفي، والآخر محكوم عليه بالإثبات، ولكن إن صححنا عود الاستثناء عليهما يلزم أن يرفع باعتبار النفي وينصب باعتبار الإيجاب، واجتماع الرفع والنصب محال، إلا أن يصرف (5) أحدهما للفظ والآخر للمعنى، فهذا القسم هو موضع تردد (6).
(1)"اعتمال" في ز.
(2)
نص المؤلف في الشرح: "فها هنا المحكوم عليه واحد قطعًا، ولم يتعرض بالنفي للآخر ولا بالثبوت، فلا يتأتى الاحتمال الذي في القسم الثاني". اهـ. انظر صفحة 253، 254.
(3)
"هي" في ز.
(4)
"و" في ز.
(5)
"ينصرف" في ز.
(6)
عبارة المؤلف في شرحه هي: "فأمكن أن يقال: لا يمكن عود الاستثناء عليهما؛ لأنهما لم يندرجا في الحكم، والعود عليهما يقتضي تقدم الحكم عليهما، ويمكن أن يقال: إنهما معًا محكوم عليهما إحداهما بالنفي والأخرى بالإثبات. فالمنفي ما بعد "لا" وما قبل "لكن" و"بل"، غير أن هذه الحالة إن صححنا عود الاستثناء عليهما يلزم أن يرفع =
قال المسطاسي: الظاهر الأول (1).
فإذا علمت هذا التقسيم (2) أن عبارة الباجي وإمام الحرمين غير مانعة، لاندراج حرف العطف الذي هو لأحد الشيئين في عبارتهما؛ لأنهما (3) يقولان: الجمل المعطوفة، فاشترطا العطف، وعبارتهما أيضًا غير جامعة لخروج الجمل غير المعطوفة من عبارتهما لاشتراطهما العطف، مع أن الاستثناء يصحح أيضًا في الجمل غير المعطوفة، كقولك: أكرم بني (4) تميم، اخلع على مضر إلا الطوال.
وكذلك عبارة سيف الدين أيضًا غير جامعة ولا مانعة: أما كونها غير جامعة، فلأن ما عدا الواو من حروف العطف التي تجمع بين الشيئين خارجة عن عبارته؛ لأنه اشترط العطف بالواو، وكذلك تخرج عبارته الجمل غير المعطوفة مع صحة الخلاف فيها (5).
وأما كونها غير مانعة فلأن الجمل المعطوفة بالواو التي (6) تنبئ عن شيء واحد تندرج في عبارته مع أنها لا خلاف في رجوع الاستثناء فيها إلى الجميع، كقولك: اضرب العصاة والطغاة والجناة إلا من تاب (7)، فالحاصل
= باعتبار النفي وينصب باعتبار الإيجاب، واجتماع الرفع والنصب معًا محال، إلا أن يصرف أحدهما للفظ والآخر للمعنى، وبالجملة فهو موضع تردد". اهـ. انظر ص 253.
(1)
انظر: شرح المسطاسي على التنقيح صفحة 8 من مخطوط مكناس رقم 314.
(2)
هكذا في النسختين، ولعل الصواب: "فإذا علمت هذا التقسيم علمت أن
…
" إلخ.
(3)
"أنهما" في ز.
(4)
"أكرمني" في ز.
(5)
"فيهما" في ز.
(6)
"والتي" في ز.
(7)
انظر: المسطاسي صفحة 132 من مخطوط مكناس رقم 352.
مما ذكرنا أنه لا خلاف في عود الاستثناء إلى الجميع إذا كانت الجمل تنبئ عن شيء واحد (1)، ولا خلاف أيضًا [في](2) عدم عوده إلى الجميع إذا كانت معطوفة بأو وأم وإما، واختلف فيما عدا ذلك.
والأحسن في التعبير عن هذه المسألة أن يقال: إذا تعقب الاستثناء الجمل المختلفة التي لم تعطف بحرف يقتضي أحد الشيئين لا بعينه كما في أو وأم وإما على الاتفاق، ولا بحرف يقتضي أحد الشيئين بعينه على الظاهر كما في بل ولا ولكنَّ (3) كما تقدم (4) بيان (5) جميع ذلك.
قوله: (إِذا عطف استثناء على استثناء، فإِن كان الثاني بحرف عطف أو هو (6) أكثر من الاستثناء الأول أو مساو (7) له عاد إِلى أصل الكلام؛ لاستحالة العطف في الاستثناء (8) وإِخراج الأكثر والمساوي، وإلا عاد على (9) الاستثناء الأول ترجيحًا للقرب ونفيًا للغو الكلام).
(1)"الشيء الواحد" في ز.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
انظر: شرح المسطاسي صفحة 133 من مخطوط مكناس رقم 352، وقد قال القرافي في الاستغناء: وحينئذ ينبغي أن أقول في تحرير المسألة: الاستثناء إذا ورد عقيب جملتين فصاعدًا هل يعود إليهما أو إلى الأخيرة؟ خلاف ما لم يقترن بهما من القرائن اللفظية أو الحالية أوخصوص تلك الأحكام ما يمنع من ذلك. اهـ. الاستغناء ص 670.
(4)
"في" زيادة في الأصل.
(5)
"يبده" في ز.
(6)
"وهو" في أ.
(7)
"مساويًا" في ز.
(8)
"واستحالة" زيادة في ش.
(9)
"إلى" في ش.
ش: هذه هي المسألة السادسة من أحكام الاستثناء، تكلم المؤلف رحمه الله على الاستثناء المتعدد، هل يرجع إلى أصل الكلام وهو المستثنى منه أو يرجع إلى المستثنى؟ (1).
واعترض كلامه بأنه قسَّم العطف إلى ما ليس منه؛ لأنه صدر كلامه بالعطف ثم أدخل فيه ما ليس منه بدليل قوله: "فإن كان الثاني بحرف عطف
…
" إلى قوله: "وإلا عاد على الاستثناء الأول (2) ".
أجيب عنه: بأنه أراد بالعطف: العطف لغة، وهو: الرد، وذلك [أن](3) المعنى اللغوي أعم من المعنى الاصطلاحي، لأن العطف اصطلاحًا هو ما كان بحرف عطف (4) وقال بعضهم: الأولى أن لو قال: وإذا تعدد الاستثناء (5).
(1) لهذه المسألة انظر: المحصول 1/ 3/ 60، والمعالم ص 181، وجمع الجوامع 2/ 16، والإبهاج 2/ 161، والتمهيد للإسنوي ص 397، ونهاية السول 2/ 429، وشرح الكوكب المنير 3/ 337، والقواعد لابن اللحام ص 253، وبدائع الصنائع للكاساني 3/ 157، والاستغناء ص 569، 574، وشرح القرافي ص 254، وشرح المسطاسي ص 11، وتفسير البحر المحيط 5/ 460، وأحكام القرآن لابن العربي 3/ 1129، وهذه المسألة فرع لمسألة الاستثناء من الاستثناء التي يجيزها الجمهور ويمثلون لها بقوله تعالى:{إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ} سورة الحجر، الآيتان 59 - 60 على خلاف في الآية. انظر مسَألة الاستثناء من الاستثناء في: العدة 2/ 666، إحكام الآمدي 2/ 288، والإبهاج 2/ 161، والمسودة ص 154.
(2)
انظر: المسطاسي ص 11.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
انظر: المسطاسي ص 11.
(5)
بهذا ترجم جل من تعرض لهذه المسألة، فالرازي في المحصول والمعالم، قال: الاستثناءات إذا تعددت، وصاحب جمع الجوامع قال: الاستثناءات المتعددة، وغيرهما قريب من هذه العبارة، فانظر: المحصول 1/ 3/ 60، المعالم ص 181، جمع الجوامع 2/ 16، والإبهاج 2/ 161، التمهيد للإسنوي ص 397، ونهاية السول 2/ 429، القواعد لابن اللحام ص 253.
قوله: (فإِن كان الثاني بحرف عطف
…
) إلى آخر كلامه، يحتوي كلامه على ثلاثة/ 207/ أقسام: الأول (1): أن يكون الاستثناء المتعدد بحرف العطف، كقولك (2) عندي عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين، القسم الثاني: أن يكون بغير حرف العطف ويكون الثاني أكثر من الأول أو مساويًا، كقولك في الأكثر:[له](3) عندي عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة، وكقولك (4) في المساوي: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة، القسم الثالث: أن يكون بغير عطف أيضًا ويكون الاستثناء الثاني أقل من الأول، كقولك:[له](5) عندي عشرة إلا ثلاثة إلا اثنين (6)، قال المؤلف في الشرح: وهذه (7) المسألة مبنية على خمس قواعد:
القاعدة الأولى: أن العرب لا تجمع بين إلا وحرف العطف؛ لأن إلا تقتضي الإخراج، وحرف العطف يقتضي الشريك، وهما متناقضان.
القاعدة الثانية: أن استثناء الأكثر والمساوي باطل.
القاعدة الثالثة: أن القرب يقتضي الرجحان.
القاعدة الرابعة: أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي.
القاعدة الخامسة: أنه إذا دار الكلام بين الإعمال والإلغاء، فالإعمال
(1)"الأولى" في ز.
(2)
"له" زيادة في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"كذلك" في الأصل.
(5)
ساقط من ز.
(6)
انظر: المسطاسي ص 11 - 12، وشرح القرافي ص 254، والاستغناء ص 570.
(7)
"وهذا" في ز.
أولى من الإلغاء (1).
فإذا ظهرت لك هذه القواعد فنقول: إذا قال: له عندي عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين، يتعين عود الاستثناء على أصل الكلام، وهو المستثنى منه، ويمتنع عود الاستثناء على الثلاثة، لئلا يجتمع الاستثناء وحرف العطف، وهو مقتضى القاعدة الأولى (2).
وإلى هذه (3) القاعدة أشار المؤلف بقوله: "لاستحالة العطف في الاستثناء"؛ لأن قوله: "لاستحالة العطف في الاستثناء" راجع إلى قوله: "فإن كان الثاني بحرف عطف"، [فتقدير الكلام: فإن كان الثاني بحرف عطف] (4) عاد إلى أصل الكلام؛ لاستحالة العطف في الاستثناء، فالمُقَرُّ به على هذا خمسة، فإذا قال: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة، يتعين أيضًا عوده على أصل الكلام؛ لأن استثناء (5) الأكثر باطل؛ لأن الأربعة أكثر من الثلاثة، وكذلك إذا قال:[له](6) عندي عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة، يتعين عوده على أصل الكلام؛ لأن استثناء (7) المساوي باطل، وهو مقتضى القاعدة الثانية (8).
(1) انظر هذه القواعد في: شرح القرافي ص 254، والاستغناء ص 569، وشرح المسطاسي ص 12. ولم يشر غير القرافي والمسطاسي إلى هذه القواعد، عدا القاعدة الثانية التي ذكرها الرازي وغيره. انظر: المحصول 1/ 3/ 61، ونهاية السول 2/ 429، والإبهاج 2/ 161، وجمع الجوامع 2/ 16.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 254 - 255، والمسطاسي ص 12.
(3)
"هذا" في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"الاستثناء" في ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"الاستثناء" في ز.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 255، والمسطاسي ص 12، والاستغناء ص 570.
وإلى مقتضى هذه القاعدة أشار المؤلف بقوله: "وإخراج الأكثر والمساوي"، فتقدير كلامه: فإن كان الثاني أكثر أو مساويًا عاد إلى أصل الكلام لاستحالة إخراج الأكثر والمساوي، فالمُقَرُّ به على هذا (1) ثلاثة، وإذا قال: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا اثنين، يتعين عوده على الاستثناء الذي قبله، ولا يعود على أصل الكلام؛ لأن عوده على القريب أولى من عوده على البعيد، وهو مقتضى القاعدة الثالثة (2).
و [إلى](3) مقتضى هذه (4) القاعدة أشار المؤلف بقوله: وإلا عاد على الاستثناء الأول، فالمُقَرُّ به على هذا تسعة ترجيحًا للقرب.
قوله: (وإِلا عاد على الاستثناء الأول) معناه: وإن لم يكن بحرف عطف ولا كان أكثر ولا مساويًا، بل هو أقل من الاستثناء الأول، فإنه يعود على الاستثناء الأول، ولا يعود على أصل الكلام، ترجيحًا للقرب على البعد.
قال المؤلف في شرحه: ولا يصح عوده عليهما [معًا](5)، ولا يصح أيضًا أن يقال: لا يعود على واحد منهما، لأنه يؤدي في القسمين إلى اللغو في الكلام (6)، ومعنى اللغو هو الحشو، وهو الكلام العاري عن الفائدة.
وبيان ذلك: أنه إذا قلنا: [إنه](7) لا يعود على واحد منهما أي: لا
(1)"هذه" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 255، والمسطاسي ص 12، والاستغناء ص 570.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"هذا" في ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
في الشرح المطبوع قريب من هذه العبارة وهي قوله: "
…
إما أن يعود عليهما أو لا يعود عليهما أو يعود على أصل الكلام أو على الاستثناء، والكل باطل إلا الأخير، أما العود عليهما فلأنه يؤدي إلى لغو الكلام فلا يصح، وكذلك لا عليهما
…
" انتهى المقصود. الشرح ص 255، وانظر: الاستغناء ص 570، والمسطاسي ص 12.
(7)
ساقط من ز.
يعود على الاستثناء ولا على المستثنى منه، فذلك كلام باطل حشو ملغى، وهو مقتضى القاعدة الخامسة (1).
وإذا قلنا أيضًا: يعود الاستثناء الثاني عليهما معًا، أي: يعود على الاستثناء الأول والمستثنى منه معًا، فذلك أيضًا لا يصح؛ لأنه حشو ملغى كالوجه الذي قبله، وهو أيضًا مقتضى القاعدة الخامسة.
وإنما قلنا: لا يصح عوده عليهما [معًا](2)؛ لأنه إذا قال: له عندي عشرة إلا ثلاثة، فقد اعترف بسبعة، وقوله (3) بعد ذلك: إلا اثنين، فباعتبار عوده على (4) أصل الكلام يخرج من السبعة اثنين، وباعتبار عوده على الثلاثة يرد اثنين؛ لأن الثلاثة منفية وأصل الكلام مثبت وهو مقتضى القاعدة الرابعة، فينجبر (5) المنفي (6) بالثابت (7)، فيصير الاعتراف بسبعة وهو الذي أقر به قبل الاستثناء الثاني، فيكون الاستثناء الثاني على هذا (8) لغوًا، [أي] (9): حشوًا لا فائدة فيه (10).
فحصل مما ذكرنا أن الاستثناء الثاني في هذا القسم له أربعة أوجه، واحد صحيح وثلاثة باطلة.
(1) انظر: الاستغناء ص 571، وشرح القرافي ص 255، وشرح المسطاسي ص 12.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"فقوله" في ز.
(4)
"إلى" في ز.
(5)
"فينجر" في ز.
(6)
"النفي" في الأصل.
(7)
"بالثبات" في الأصل.
(8)
"إذا" زيادة في ز.
(9)
ساقط من ز.
(10)
انظر: شرح القرافي ص 255.
فالوجه الصحيح: هو عوده على الاستثناء خاصة، والثلاثة الباطلة: عوده على أصل الكلام، أو عوده عليهما معًا، أو لا عوده على واحد منهما (1).
فقوله: (ترجيحًا للقرب (2))، إشارة (3) إلى أنه يعود على الاستثناء خاصة، ولا يعود على أصل الكلام خاصة.
وقوله: (ونفيًا للغو الكلام)، إشارة (4) إلى أنه لا يصح عوده عليهما معًا، و (5) لا يصح أن يعود لا عليهما (6) معًا.
قوله: (وإِذا عطف استثناء على استثناء، فإِن كان الثاني بحرف عطف (7)
…
) إلى آخر كلامه .. هذا الذي ذكره المؤلف هو القول الذي عليه الجمهور من النحاة والأصوليين (8) / 208/، وذكر بعضهم الخلاف في
(1) العبارة في ز هكذا: "أو عوده عليهما معًا، أو لا يصح أن لا عود واحد منها".
(2)
"للأقرب" في ز.
(3)
"أشار" في ز.
(4)
"أشار" في ز.
(5)
"أو" في ز.
(6)
"أن لا يعود عليهما" في ز.
(7)
"العطف" في ز.
(8)
هو مذهب جمهور الأصوليين كما في: المحصول 1/ 3/ 60، والمعالم ص 181، وجمع الجوامع ص 2/ 16، والإبهاج 2/ 161، وتمهيد الإسنوي ص 397، ونهاية السول 2/ 429، وشرح الكوكب المنير 2/ 337، إلا أن الحنابلة شرطوا ألا يلزم من العود على أصل الكلام استغراقه أو استثناء أكثره، لأن الحنابلة لا يقولون باستثناء الكل ولا الكثير.
وأما الحنفية فإنهم يعدون الاستثناء الثاني رجوعًا عن الأول، والثالث رجوعًا عن الثاني، وهكذا، بشرط أن تتصل الاستثناءات وألا تتعاطف، ذكره المطيعي، وقد =
القسم الثاني والثالث، أعني بالقسم الثاني: استثناء الأكثر (1) والمساوي، كقولك:[له](2) عندي عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة، أو عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة، وأعني بالقسم الثالث: استثناء الأقل، كقولك: له عندي عشرة [إلا ثلاثة](3) إلا اثنين.
فإذا كان الاستثناء الثاني أكثر من الأول نحو [قوله: له](4) عندي عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة، [فمذهب] (5) الجمهور: أن الاستثناءين يرجعان معًا إلى أصل الكلام، ومذهب الفراء: أن الاستثناء [الثاني](6) منقطع يضم إلى أصل الكلام فيكون مقرًا به، تقدير الكلام: له عندي عشرة إلا ثلاثة سوى الأربعة التي [له](7) عليَّ (8)، فعلى قول الجمهور يكون أقر بثلاثة، وعلى قول الفراء يكون أقر بأحد عشر.
= رأيت في بعض كتبهم ما يفيد مذهب الجمهور، وسيأتي رأي أبي يوسف.
أما النحاة فإن هذا عندهم هو قول البصريين والكسائي وجمهور النحاة بعدهم.
انظر: التبصرة للصيمري 1/ 378، وشرح الكافية الشافية 2/ 713، وأوضح المسالك 2/ 196، وشرح خالد الأزهري على أوضح المسالك 1/ 356، وشرح الأشموني على الألفية 2/ 154، ونهاية السول 2/ 430، وشرح الكوكب المنير 3/ 339، والمطيعي على نهاية السول 2/ 429، وبدائع الصنائع للكاساني 3/ 156، والاستغناء ص 571 - 572، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 199.
(1)
"الكثر" في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
ساقط من ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
انظر: نهاية السول 2/ 430، والاستغناء ص 571، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 199.
قال ابن عصفور في شرح الجمل (1): كأنه قال: له عشرة إلا ثلاثة سوى الأربعة التي تقررت له عندي (2)، وهكذا [إذا كان الاستثناء الثاني مساويًا للأول] (3) كإذا (4) قال: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة، فعلى قول الجمهور يكون أقر بأربعة، وعلى قول الفراء يكون أقر بعشرة.
وقال ابن مالك في شرح التسهيل (5): وهذا القول هو الصحيح؛ لأنه جار على قاعدة [جعل](6) الاستثناء الأول إخراجًا والثاني إدخالًا (7).
وأما القسم الثاني وهو استثناء الأقل: فمذهب الجمهور: أن الاستثناء الثاني يعود إلى الاستثناء الأول، فيستثنى منه، ومذهب الفراء: أن الاستثناء الثاني منقطع يضم إلى أصل الكلام فيكونُ مُقَرًا به (8) كما قال في القسم الذي فرغنا منه، فإذا قال: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا اثنين، فعلى
(1) الجمل للزجاجي أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق ت 339 هـ، من أنفع الكتب في النحو، لذا اهتم بشرحه علماء العربية على مر العصور، حتى عُدَّ له أكثر من عشرين شرحًا، وقد شرحه ابن عصفور بثلاثة شروح ذكرها أغلب من ترجم له. انظر: كشف الظنون 1/ 603، وإيضاح المكنون 1/ 368، وهدية العارفين 1/ 712.
(2)
انظر: شرح الجمل لابن عصفور 2/ 258.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
"إذا" في الأصل.
(5)
كتاب التسهيل لابن مالك من أجمع كتب النحو لمسائله وقواعده، شرحه مصنفه وشرحه بعده كثير من أئمة النحو حتى فاقت شروحه الثلاثين. وانظر: كشف الظنون 1/ 405، وأسماء الكتب ص 103.
(6)
ساقط من ز.
(7)
انظر شرح التسهيل لابن مالك الورقة ص 116، من مخطوط دار الكتب المصرية برقم/ 10 نحو ش، مصور فلميًا بمركز البحث بأم القرى برقم/ 953 نحو.
(8)
انظر: نهاية السول 2/ 430، والاستغناء ص 572.
مذهب الجمهور يكون أقر بتسعة، وعلى مذهب الفراء يكون أقر بتسعة أيضًا، لأنك [تخرج](1) الثلاثة من العشرة فيبقى سبعة، ثم تضم الاثنين إلى السبعة فيكون المقر به تسعة كما قلنا، فتقدير الكلام على هذا القول:[له](2) عندي عشرة إلا ثلاثة (3) سوى الاثنين الذي (4) له عندي.
ومذهب أبي يوسف القاضي: أن الاستثناءين معًا يرجعان إلى أصل الكلام، وهو المستثنى منه، فيكون المقر به في هذا المثال المذكور خمسة (5)، وقال بعض النحاة: يجوز في ذلك وجهان:
أحدهما: رد الاستثناءات كلها إلى أصل الكلام كما قال أبو يوسف القاضي.
(1) ساقط من ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"ثلاثًا" في ز.
(4)
كذا في النسختين، والأوْلى:"التي".
(5)
انظر: شرح الأزهري على التوضيح 1/ 358، حيث قال: هو قول الصيمري وتبعه أبو يوسف القاضي، وفي هذا نظر، لأن أبا يوسف قبل الصيمري، وقد أورد العليمي في حاشيته على التصريح هذا القول منسوبًا لأبي يوسف في مناظرة له مع الكسائي: أنه سأل أبا يوسف عمن قال: له علي مائة درهم إلا عشرة إلا اثنين، فقال: يلزمه ثمانية وثمانون، فقال الكسائي: بل يلزمه اثنان وتسعون واستدل بالآية فلم يخالفه. اهـ. ولم أجد القصة فيما طالعته من كتب النحو والتفسير وكتب فقه الحنفية وتراجم الرجلين، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
وقد ورد الرأي منسوبًا لبعض النحاة من غير تقييد في بعض كتب النحو والأصول.
انظر: حاشية العليمي على التصريح 1/ 359، ونهاية السول 2/ 430، وأوضح المسالك 3/ 196، وشرح الأشموني 2/ 154، والاستغناء ص 572، وشرح المسطاسي ص 12، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 199.
والوجه الثاني: رد كل استثناء إلى الاستثناء الذي قبله، كما قال الجمهور (1).
فهذه أربعة أقوال:
أحدها: رد كل استثناء إلى الاستثناء الذي قبله وهو مذهب الجمهور.
القول (2) الثاني: رد ما بعد الاستثناء الأول إلى أصل الكلام [أي يضم إلى أصل الكلام](3) ثم يستثنى منه الاستثناء الأول وهو مذهب الفراء.
القول الثالث: أن الاستثناءات كلها تستثنى من أصل الكلام وهو مذهب أبي يوسف القاضي.
القول الرابع: جواز الوجهين كما قال بعض النحاة.
فإذا فرعنا على مذهب الجمهور: الذي هو رد كل استثناء إلى الذي قبله، فإذا قال:[له](4) عندي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنين إلا واحدًا، ففي طريق العلم بما (5) أقر به خمسة أوجه:
أحدها: أن تطرح عدد الأفراد من المستثنى منه، وعدد الأفراد في هذا المثال خمسة، فإذا طرحت خمسة من المستثنى منه الذي هو العشرة فالمُقَرُّ به
(1) انظر: أوضح المسالك 2/ 196، وشرح الأشموني 2/ 154، وشرح التصريح 1/ 358، ونهاية السول 2/ 430.
(2)
"والقول" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"إلى ما" في ز.
خمسة، هذا إذا كان المستثنى منه شفعًا كما في هذا المثال، وإن كان المستثنى منه وترًا فإنك تطرح عدد الأزواج [من المستثنى منه، فما بقي فهو المُقَرُّ به، كقولك: عندي أحد عشر إلا عشرة إلا تسعة إلى الواحد، فإذا طرحت عدد الأزواج](1) وهو خمسة فيكون المقر به ستة.
الوجه الثاني: أن تطرح مجموع الأفراد من مجموع الأزواج فما بقي فهو المقر به؛ وذلك أن مجموع الأفراد في (2) المثال الذي صدرنا به خمسة وعشرون، ومجموع أزواجه ثلاثون، فإذا طرحت المجموع من المجموع فيكون الباقي خمسة، وهو المُقَرُّ به، [هذا](3) إذا كان المستثنى منه شفعًا كما تقدم، وأما إذا (4) كان المستثنى منه وترًا كقولك: أحد عشر إلا عشرة إلى الواحد، فإنك تطرح مجموع الأزواج من مجموع الأفراد، فما بقي فهو المقر به؛ وذلك أن مجموع الأزواج ها هنا ثلاثون، ومجموع الأفراد ستة وثلاثون، فإذا طرحت ثلاثين من ستة وثلاثين فتبقى ستة، وهو (5) المقر به (6).
الوجه الثالث: أن تطرح كل استثناء من الذي قبله (7) فما بقي بعد ذلك فهو المقر به؛ وذلك أن تطرح واحدًا من اثنين، الباقي واحد، ثم تطرح
(1) ساقط من الأصل.
(2)
"هذا" زيادة في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"إن" في ز.
(5)
"فهو" في ز.
(6)
انظر: الصبان على الأشموني 2/ 154، وشرح التصريح 1/ 359، والقواعد لابن اللحام ص 254، وشرح الكوكب المنير 3/ 335، وبدائع الصنائع 3/ 157.
(7)
"يليه" في الأصل.
الواحد من ثلاثة، الباقي اثنان، ثم تطرح اثنين من أربعة [الباقي اثنان](1)، هكذا إلى آخره (2)(3).
الوجه الرابع: أن تطرح الاستثناء الأول (4) من المستثنى منه، فما بقي فأضفه (5) إلى ما بعد المستثنى، فما اجتمع فاطرح منه ما بعده (6)، إلى آخرها (7).
وبيان ذلك: أن تطرح تسعة من عشرة فيبقى (8) واحد، فأضفه إلى الثمانية فيكون تسعة، فاطرح منه سبعة كذلك إلى آخرها (9)(10).
الوجه الخامس: أن تأخذ ثلاثة أعداد متوالية، فتطرح العدد الأوسط (11) من مجموعي (12) الطرفين، ثم تضيف الباقي بعد الطرح إلى العددين
(1) ساقط من الأصل.
(2)
في ز "هكذا .. " إلخ.
(3)
انظر: أوضح المسالك 2/ 196، وشرح الأشموني 2/ 154، وشرح التصريح 1/ 359، والقواعد لابن اللحام ص 255، وشرح الكوكب المنير ص 3/ 335، وبدائع الصنائع 3/ 157، والاستغناء ص 574 - 575.
(4)
"الأولى" في ز.
(5)
"أضفه" في ز.
(6)
"ما بعد" في ز.
(7)
"إلخ" في ز.
(8)
"يبقى" في ز.
(9)
"إلخ" في ز.
(10)
انظر: أوضح المسالك 2/ 197، وشرح التصريح 1/ 360، وشرح الكوكب المنير 3/ 335.
(11)
"الوسط" في الأصل.
(12)
"مجموع" في ز.
المتواليين بعد الثلاثة الأولى، فتطرح أيضًا وسطها (1) من مجموعي الطرفين، كذلك تفعل إلى آخرها.
وبيان ذلك: [أن تأخذ](2) العشرة والتسعة والثمانية، فتجمع العشرة مع الثمانية فتكون (3) ثمانية عشرة، فتطرح منها (4) العدد الأوسط (5) وهو التسعة، فيبقى تسعة، ثم تضيف التسعة إلى السبعة والستة، فتجمع التسعة والستة فتكون خمسة عشر، فتطرح منها (6) الأوسط (7) وهو السبعة، فبقي (8) ثمانية، كذلك تفعل إلى آخرها، فتبقى خمسة، وهو المقر به، وبالله التوفيق بمنه.
قوله: (فائدتان / 209/:
الأولى (9): قد يكون الاستثناء عبارة عما لولاه لعلم دخوله، أو ما لولاه لظن دخوله، أو ما لولاه لجاز دخوله، أو ما لولاه لقطع بعدم دخوله، فهذه أربعة أقسام: فالأول: الاستثناء (10) من النصوص، نحو قوله (11): عندي
(1)"وسطا" في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"فيكون" في ز.
(4)
"منه" في ز.
(5)
"الوسط" في الأصل.
(6)
"منه" في ز.
(7)
"الوسط" في ز.
(8)
"فتبقى" في ز.
(9)
انظر: المعتمد 1/ 219 - 220، وشرح الكوكب المنير 3/ 293، وشرح القرافي ص 256، والاستغناء ص 578، وشرح المسطاسي ص 12.
(10)
"استثناء" في ز.
(11)
"قولك" في أوكذا في نسخة ز، وفي ش:"له"، وساقطة من خ.
عشرة إِلا اثنين، والثاني: الاستثناء من الظواهر، نحو: اقتلوا المشركين إِلا زيدًا، والثالث: الاستثناء من المحال، والأزمان، والأحوال، نحو: أكرم رجلًا (1) إِلا زيدًا [و (2) عمرًا](3)، وَصَلّ (4) إِلا عند الزوال، و {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلا أَن يُحَاطَ بِكُمْ} (5)، والرابع الاستثناء المنقطع: نحو: رأيت القوم إِلا حمارًا).
ش: هاتان الفائدتان هما باعتبار فهم السامع للاستثناء، وإنما يقطع بدخوله في النصوص لكون اللفظ لا يحتمل (6) المجاز؛ لأنه لا يستعمل إلا في مسماه (7)، وإنما يظن دخوله في الظواهر؛ لأنه يحتمل المجاز (8)، وإنما يجوز دخوله من غير علم ولا ظن في المحال والأزمان والأحوال؛ لأن اللفظ لا يشعر بخصوصها ولم يتناولها، فانتفى العلم والظن (9)، وإنما يقطع بعدم دخول المنقطع لعدم صلاحية اللفظ له؛ فإن لفظ القوم لا يندرج فيه الحمار قطعًا (10).
قوله: (نحو: أكرم رجالًا)، فقولك: أكرم: دال، وقولك: رجالًا (11):
(1) في أوخ وش "رجلًا"، وكذا في شرح الكوكب المنير 3/ 293، والذي في الأصل، ونسخة ز "رجالًا"، وكررها مرات، والصواب ما أثبت.
(2)
"أو" في ز.
(3)
ساقط من خ.
(4)
"أوصل" في خ.
(5)
سورة يوسف آية 66.
(6)
"يحمل" في ز.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 256، والاستغناء ص 587، وشرح المسطاسي ص 12.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 256، وشرح المسطاسي ص 12.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 256، وشرح المسطاسي ص 12.
(10)
انظر: شرح القرافي ص 256، وشرح المسطاسي ص 12، والاستغناء ص 579.
(11)
"رجال" في ز.
مدلول، ومحله الأشخاص، ومن هذا المحل يستثنى.
وقوله: (والأزمان) يريد: والبقاع (1)، [مثال البقاع] (2) كقولك: صل إلا في المجزرة (3)(4).
فقولك: [صل](5): دال، والصلاة مدلول، [و](6) محله البقاع (7)، ومن هذا المحل يقع الاستثناء، [ومثال الأزمان: كقولك: صل إلا عند الزوال (8)،
(1)"والبقع" في ز.
(2)
ساقط من ز، وهي معلقة في الأصل.
(3)
"المزجرة" في ز.
(4)
النهي عن الصلاة في المجزرة ورد في حديث عمر عند ابن ماجه برقم/ 747، وأحاديث ابن عمر عند الترمذي برقم 346، 347، وعند ابن ماجه برقم 746، وهي كلها أحاديث ضعيفة أخذ بها أكثر الحنابلة وجعلوا الأمر توقيفًا، كما أخذ بها الغزالي من الشافعية. انظر: المغني 2/ 68، وبداية المجتهد 1/ 117، والوسيط للغزالي 2/ 648.
(5)
ساقط من ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"البقع" في ز.
(8)
النهي عن الصلاة وقت زوال الشمس وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث عدة منها: حديث عقبة بن عامر، قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن
…
وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل
…
الحديث، ومعناه: إذا انتصف النهار حتى تزول الشمس، قاله ابن المبارك، والحديث في مسلم برقم/ 831، وفي الترمذي برقم 1030، وقد قال بالنهي عن الصلاة في هذا الوقت أبو حنيفة والشافعي وأحمد، وخالف مالك لعمل أهل المدينة، واستثنى الشافعي يوم الجمعة لفعل عمر رضي الله عنه، وكلهم أجاز قضاء الفوائت، والصلاة المنذورة، وركعتي الطواف في أوقات النهي، إلا الحنفية منعوا ذلك كله، وقالوا: لا يقضي صلاة يومه إلا قرب الغروب.
انظر: المغني 2/ 107، والأم 1/ 149، وبداية المجتهد 1/ 101، والبداية للمرغيناني 1/ 40، وسنن الترمذي 3/ 349.
فقولك: صل: دال، والصلاة مدلول، ومحلها الأزمان، ومن هذا المحل يستثنى] (1)، وقوله:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلا أَن يُحَاطَ بِكُمْ} (2) فقوله: {لَتَأْتُنَّنِي بِه} ، دال، والإتيان بأخي يوسف مدلول، ومحله الأحوال.
قوله (3): (الثانية): [أن](4) إِطلاق العلماء (5): الاستثناء من النفي إِثبات، يجب أن يكون مخصوصًا، فإِن الاستثناء يرد على الأسباب، والشروط، والموانع، والأحكام، والأمور العامة التي لم ينطق بها، فالأول: نحو: لا عقوبة إِلا بجناية، والثاني: نحو: لا صلاة إِلا بطهور، والثالث:[نحو](6) لا تسقط الصلاة عن المرأة إِلا بالحيض، والرابع: نحو: قام (7) القوم إِلا زيدًا، والخامس: نحو: قوله تعالى: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ [إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ] (8)} (9)(10)، ولما كانت الشروط لا يلزم من وجودها الوجود ولا العدم، لم يلزم من الحكم بالنفي قبل الاستثناء لعدم الشرط، الحكم بالوجود بعد الاستثناء لأجل وجوده، فيكون مطردًا فيما عدا الشروط) (11).
(1) ساقط من ز.
(2)
سورة يوسف آية رقم 66.
(3)
"الفائدة" زيادة في ز.
(4)
ساقطة من خ وش.
(5)
في نسخ المتن ونسخة ز زيادة: "أن".
(6)
ساقطة من ش.
(7)
"ما قام" في ز.
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من أوخ، وفي ز:"إلا يحاط بكم".
(9)
في أزيادة: "الآية".
(10)
سورة يوسف آية رقم 66.
(11)
"الشرط" في ش.
ش: المقصود بهذه الفائدة، الرد على الحنفية القائلين بأن (1) الاستثناء من النفي لا يكون إثباتًا (2)؛ فإنهم قالوا: لو كان الاستثناء من النفي إثباتًا لزوم من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بطهور"(3)، و"لا نكاح إلا بولي"(4) ثبوت الصلاة بمجرد الطهارة (5)، وثبوت النكاح بمجرد الولي (6)، وذلك باطل.
أجيب بأن الحديث إنما سبق لبيان شروط (7) الصلاة والنكاح، ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط.
قوله: (يجب أن يكون مخصوصًا)، أي: مقيدًا بما عدا الاستثناء من الشروط، وأما الاستثناء من الشروط (8) فلا يصح فيه ذلك، وإلى هذا الجواب أشار المؤلف بقوله: ولما كانت الشروط لا يلزم من وجودها الوجود ولا العدم لم يلزم من الحكم بالنفي قبل الاستثناء لعدم الشرط) الحكمُ بالوجود بعد الاستثناء لأجل وجوده.
قوله: (لم يلزم من الحكم بالنفي) أي: لم يلزم من الحكم بنفي المشروط وهو الصلاة أو النكاح في قوله عليه السلام: "لا صلاة إلا بطهور"، و"لا نكاح إلا بولي".
(1)"لأن" في ز.
(2)
نبه الشوشاوي على هذه الفائدة في المسألة الرابعة، وهي مسألة الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات صفحة 132 من هذا المجلد.
(3)
سبق تخريج الحديثين فانظر فهرس الأحاديث.
(4)
سبق تخريج الحديثين فانظر فهرس الأحاديث.
(5)
"الطهور" في ز.
(6)
"ولي".
(7)
"شرط" في ز.
(8)
"المشروط" في ز.
قوله: (لعدم الشرط) يعني: لعدم الشرط الذي هو الطهارة أو الولي.
قوله: (الحكم بالوجود) أي: بثبوت المشروط الذي هو الصلاة أو (1) النكاح في مثالنا.
قوله: (لأجل وجوده)، أي: لأجل وجود الشرط الذي هو الطهارة أو الولي في مثالنا.
قوله: (فيكون مطردًا فيما عدا الشروط)(2)، أي: فيكون قولهم: الاستثناء من النفي إثبات مطردًا فيما عدا الشروط، وإلا فيلزم عليه صحة الصلاة بوجود الطهارة خاصة [من غير ركوع ولا سجود](3)، وصحة النكاح بوجود الولي خاصة [من غير عقد](4)، ولا قائل به.
قال المؤلف في شرحه: الاستثناء يقع في عشرة أمور (5): اثنان ينطق بهما، وثمانية لا ينطق بها (6)، فأما اللذان ينطق بهما فهما: الأحكام والصفات، فمثال الأحكام: قام القوم إلا زيدًا، ونحوه من الأفعال، وأما (7) الاستثناء من الصفة فهو (8) على ثلاثة أقسام:
(1)"و" في الأصل.
(2)
"المشروط" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 257، والمسطاسي ص 13، وشرح الكوكب المنير 3/ 294.
وانظر: تفصيلها بمسائلها في الاستغناء من صفحة 580 - 656، وانظر: صفحة 64 من هذا المجلد.
(6)
"بهما" في ز.
(7)
"ولما" في ز.
(8)
"فهي" في ز.
أحدها: استثناء متعلقها، والثاني: استثناء نوعها، والثالث: جملتها (1).
مثال استثناء متعلقها: قول الشاعر:
قاتل ابن البتول إلا عليًا (2)
أراد بقوله: ابن البتول: الحسين (3) بن علي بن أبي طالب (4) رضي الله عنهما، [وأراد](5) بالبتول (6) فاطمة الزهراء (7) رضي الله عنها، وسميت بالبتول (8) قيل: لانقطاعها عن النظير، وقيل: لانقطاعها عن الأزواج،
(1)"صلتها" في ز.
(2)
أورد هذا الشطر القرافي في الشرح ص 257، والاستغناء ص 583، والفروق 3/ 167، وأورده المسطاسي ص 13، وصاحب شرح الكوكب المنير 3/ 294، ولم أقف على قائله ولا على عجزه.
(3)
"الحسن"، في الأصل وز. وهو في شرح القرافي ص 257، وشرح الكوكب المنير 3/ 294: الحسين، وهو أصح؛ لأن الحسن رضي الله عنه توفي بالمدينة من غير قتل.
(4)
هو أبو عبد الله سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، ولد سنة أربع، وقيل: سنة ست في المدينة، وأقام بها مع أبيه حتى خرج إلى الكوفة، فخرج معه وشهد المشاهد معه، فلما قتل علي رضي الله عنه عاد إلى المدينة، إلى أن توفي معاوية فانتقل إلى مكة، وبها وافته كتب أهل العراق يبايعونه، فخرج إليهم وقتل بكربلاء يوم عاشوراء من سنة إحدى وستين.
انظر: الإصابة 1/ 333، الاستيعاب 1/ 378.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"فالبتول" في ز.
(7)
سيدة نساء العالمين، وصغرى بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكحها عليه السلام من علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد غزوة أحد، فولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، ولم يتزوج علي عليها حتى توفيت رضي الله عنها، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر.
انظر: الاستيعاب 4/ 373، والإصابة 4/ 377.
(8)
مأخوذ من البتل وهو القطع، والتبتل إلى الله: الانقطاع والإخلاص، والبتول من =
وهو (1) مراد هذا الشاعر؛ لأنها انقطعت عن الأزواج كلهم إلا عن علي رضي الله عنه، فاستثنى الشاعر من متعلق التبتل وهو الأزواج.
ومثال الاستثناء من أنواعها: قوله تعالى: {أَفَمَا نَحْنُ (2) بِمَيِّتينَ (58) إنْ هِيَ إلا مَوْتَتُنَا الأُولَى} (3)؛ فإن الموتة (4) الأولى نوع من أنواع الموت (5)، ومثال استثناء جملتها قوله:[أنت](6) طالق واحدة إلا واحدة (7).
قال ابن شاس في الجواهر، وابن أبي زيد في النوادر: إذا قال الرجل: أنت طالق واحدة إلا واحدة تلزمه طلقة واحدة (8) / 210/ لبطلان استثنائه بالاستغراق، إلا أن يعيد الاستثناء على الواحدة فتلزمه طلقتان (9)، وبيان
= النساء: المنقطعة عن الرجال، أو المنقطعة إلى الله عن الدنيا، والمعنيان اللذان ذكرهما الشوشاوي لتسمية الزهراء بالبتول لم يصرح بهما في كتب اللغة ولا التراجم، والذي ذكره أصحاب المعاجم أن الزهراء سميت بالبتول لانقطاعها عن نساء زمانها دينًا وعفافًا، وهو قريب للمعنى الأول، أو سميت بالبتول لانقطاعها عن الدنيا إلى الله عز وجل.
انظر: اللسان، والتاج، والقاموس، ومعجم المقاييس لابن فارس، مادة: بتل.
(1)
"وهذا" في ز.
(2)
"فما نحن" في ز.
(3)
سورة الصافات الآيتان 58 - 59.
(4)
"الموت" في ز.
(5)
انظر: الاستغناء ص 587، وشرح القرافي ص 257، وشرح المسطاسي ص 13.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
"وحدة" في ز.
(8)
انظر: الجزء الثالث من كتاب النوادر في الاستثناء في الطلاق مخطوط بخزانة ابن يوسف بمراكش رقم 305/ 1، وفيه:[لزمته طلقة].
(9)
انظر الجزء الأول من كتاب الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، كتاب الطلاق، الباب الخامس في الاستثناء. مخطوط في الخزانة الحسنية في الرباط برقم/ 7984، وفي ابن يوسف بمراكش برقم 464، وفي النقل اختلاف في اللفظ مع اتحاد المعنى.
ذلك: أن الواحدة صفة [و](1) الموصوف طلقة، فإذا رفع (2) صفة الوحدة (3) بالنية فقد رفع بعض ما نطق به، فإذا ارتفعت الوحدة (3) تعينت الكثرة؛ إذ [لا](4) واسطة بينهما، وأقل مراتب الكثرة اثنان (5)؛ لأن الأصل براءة الذمة من الزائد (6).
ومثال استثناء جملة الصفة أيضًا: مررت بالمتحرك إلا المتحرك، تقديره: مررت بالجسم المتحرك، فهذان شيئان موصوف وصفة، ثم استثنيت (7) أحدهما [وهو الصفة التي هي الحركة، فيتعين السكون؛ لأن كل ضدين لا ثالث لهما إذا رفعت أحدهما](8) تعين الآخر للوقوع (9)، فكأنك قلت: مررت بالساكن.
قال المؤلف في شرحه: والاستثناء من الصفات هو باب غريب في الاستثناء، وقد بسطته (10) هو وغيره في كتاب الاستغناء في أحكام
(1) ساقط من الأصل.
(2)
"أرفع" في ز.
(3)
"الواحدة" في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"اثنتان" في ز.
(6)
انظر: الاستغناء ص 583، 584، وشرح القرافي ص 257، وشرح المسطاسي ص 13.
(7)
"استثنت" في ز.
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(9)
انظر: الشرح ص 257، وفي النقل اختلاف يسير وتقديم وتأخير وإدراج.
وانظر: شرح المسطاسي ص 13، الاستغناء ص 582.
(10)
"بسطه" في ز.
الاستثناء، وهو سفر كبير، [و](1) فيه أحد وخمسون بابًا ونحو أربعمائة مسألة (2).
وأما الثمانية التي لا ينطق بها ويقع الاستثناء منها، فهي: الأسباب، والشروط، والموانع، والمحال، والأحوال، والأزمان، والأمكنة، ومطلق الوجود مع قطع النظر عن الخصوصات.
مثال الاستثناء من الأسباب: لا عقوبة إلا بجناية (3).
ومثال الاستثناء من الشروط: لا صلاة إلا بطهور (4).
ومثال الاستثناء من الموانع: لا تسقط الصلاة عن المرأة إلا بالحيض (5).
ومثال الاستثناء من المحال: أكرم رجلًا (6) إلا زيدًا و (7) عمرًا (7) وبكرًا، فإن كل شخص هو محله لأعمه (8).
ومثال الاستثناء من الأحوال: قوله: {لَتَأْتنَّنِي بِهِ إلا أَن يُحَاطَ بِكمْ} (9)
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر: الشرح ص 258، وليس فيه ذكر عدد الأبواب والمسائل.
(3)
انظر: الاستغناء ص 589، وما بعدها، وشرح الكوكب المنير 3/ 295.
(4)
انظر: الاستغناء ص 616، وشرح الكوكب المنير 3/ 295.
(5)
انظر: الاستغناء ص 617، وشرح الكوكب المنير 3/ 295.
(6)
في: الاستثناء ص 619، وشرح الكوكب المنير 3/ 295، وشرح القرافي ص 258، ونسخ المتن، أكرم رجلًا، وهو الصواب؛ حيث يظهر الاستثناء من المحال، وفي نسخة ز والأصل:"رجالًا"، وعليه يكون استثناء من الذوات.
(7)
"أو" في الموضعين في ز.
(8)
انظر: الاستغناء ص 618، وما بعدها، وشرح الكوكب المنير 3/ 295، وشرح القرافي ص 258.
(9)
سورة يوسف آية رقم 66.
أي: لتأتنني به في كل حالة من الأحوال إلا حالة الإحاطة بكم، فإني أعذركم فيها (1).
ومثال ذلك الاستثناء من الأزمان: صل إلا عند الزوال (2).
ومثال الاستثناء من الأمكنة: صل إلا في المزبلة والمجزرة (3).
ومثال الاستثناء من مطلق الوجود مع قطع النظر عن الخصوصات: قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكم} (4) يعني: الأصنام التي كانوا يعبدونها، أي: لا حقيقة لها إلا مجرد (5) اللفظ، ولا وجود لها إلا وجود اللفظ، فوقع الاستثناء من مطلق الوجود على سبيل المبالغة في النفي (6).
فهذه الثمانية لم تذكر قبل الاستثناء، وإنما تعلم بالفرد الذي يذكر منها بعد الاستثناء. [فيستدل بذلك الفرد على أن جنسه هو الكائن قبل الاستثناء، فيعلم حينئذ أن الاستثناء في هذه الأمور الثمانية هو استثناء
(1) انظر: شرح القرافي ص 258، والاستغناء ص 628، 643، وشرح الكوكب المنير 3/ 295.
(2)
انظر: الاستغناء ص 621، وشرح القرافي ص 258، وشرح المسطاسي ص 13، وشرح الكوكب المنير 3/ 296.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 258، والاستغناء ص 627، والمسطاسي ص 13، وشرح الكوكب المنير 3/ 296.
(4)
سورة النجم آية رقم 23.
(5)
"مجر" في الأصل.
(6)
انظر: الاستغناء ص 656، وشرح القرافي ص 258، وشرح المسطاسي ص 13، وشرح الكوكب المنير 3/ 296.
متصل؛ لأنه استثناء] (1) من الجنس، والحكم فيه بالنقيض بعد إلا، وكثير من النحاة يعتقد أنه استثناء منقطع؛ لأنه يلاحظ الفعل المتقدم قبل الاستثناء ويجد ما بعده من غير جنسه فيقضي عليه بانقطاعه؛ لاعتقاده أن ما بعد الاستثناء من المنطوق (2) به (3) قبله، وليس كما ظن، بل الاستثناء واقع من غير مذكور، وهو متصل باعتباره (4)(5).
قال المؤلف في شرحه: وهذه الأمور مبسوطة في كتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء، فمن أرادها فليطالعه، فإنها فوائد غريبة وفوائد جليلة، وهي كلها من فضل الله، له المنة في جميع الأحوال (6).
…
(1) ما بين المعقوفتين معلق في الهامش من نسخة ز.
(2)
"المنطق" في ز.
(3)
"وبه" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 258، وشرح المسطاسي ص 13.
(5)
جاء في: ز زيادة ما يلي: "وهذه الأمور الثمانية ذكرها المؤلف كلها؛ لأنه ذكر الأسباب والشروط والموانع وأشار إلى الخمسة الباقية بقوله: والأمور العامة وهو المحال والأحوال والأزمنة والأمكنة ومطلق الوجود، وذكر أيضًا الأحكام من اللذين ينطق بهما، وسكت عن الصفة". اهـ.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 258، وفي النقل إدراج واختصار لا يخلان بالمعنى.