الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع فيما يتوهم أنه ناسخ
(1)
ش: ها هنا سؤالان:
أحدهما: [لأي شيء](2) لم (3) يدرج المؤلف مسائل هذا الفصل في الفصل الذي قبله؟ واستأنف لها فصلها، مع أن مسائل هذا الفصل مختلف فيها كما اختلف في مسائل الفصل الذي قبله (4).
أجيب عنه: بأن دعوى النسخ في مسائل هذا الفصل بعيدة (5)، ولذلك وصفها بالتوهم فقال: فيما يتوهم أنه ناسخ، ولكن هذا الجواب ضعيف؛ لأنه ذكر في الفصل الذي قبله ما دعوى النسخ فيه أبعد مما (6) ذكر ها هنا وهو نسخ الغسل في حق من سقطت رجلاه كما قاله الإمام (7).
(1) بدأ ناسخ (ز) كالعادة بسرد المتن المتعلق بهذا الفصل ثم عاد للشرح.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"لم لم" في ز.
(4)
انظر: المسطاسي ص 69.
(5)
"بعيد" في ز.
(6)
"من" في ز.
(7)
انظر: صفحة 525 من هذا المجلد، والمحصول 1/ 3/ 113، والمسطاسي ص 69.
قلت: بل لعله إنما فعل ذلك محاكاة للمحصول؛ لأن التنقيح اختصار للمحصول وذلك يقتضي محاكاته في الأبواب والفصول.
وكثير من العلماء لم يقسموا هذا التقسيم، بل بحثوا مسائل الفصلين في فصل الناسخ والمنسوخ، وقدموا ما اتفق عليه وأخروا ما اختلف فيه.
السؤال الثاني: لأي شيء خالف المؤلف عبارة المحصول؟
لأنه قال: فيما يتوهم، وقال الإمام في المحصول: فيما يظن أنه ناسخ وليس كذلك (1)، فعبر الإمام بالظن، وعبر المؤلف بالوهم، مع أن الظن والوهم حقيقتان متباينتان (2).
أجيب عنه: بأن الإمام نظر إلى من أثبت النسخ في هذه المسائل فعبر بالظن، ونظر الشهاب إلى من منعه فعبر بالوهم؛ لأن المثبت يقضي (3) بغلبة (4) ظنه، والمانع يقول (5): إنما ذلك وهم لا ظن.
قوله: (زيادة صلاة على الصلوات، [وزيادة] (6) عبادة (7) على العبادات، ليست نسخًا وفاقًا (8)).
(1) انظر: المحصول 1/ 3/ 541، وقد جعل المحقق العنوان: فيما ظن، موافقًا لنسخة صنعاء (ص) قال: وفي غيرها يظن.
(2)
الظن والوهم من مراتب الإدراك، والفرق بينهما أن الظن يستعمل في الراجح، والوهم يستعمل في المرجوح، وبينهما الشك وهو الاعتقاد غير الجازم المتردد بين طرفين على السوية. انظر: المحصول 1/ 1/ 101، والحدود للباجي ص 29، 30، والتعريفات للجرجاني مادة: شك وظن ووهم، والقاموس المحيط مادة: وهم وظن.
(3)
"يقتضى" في ز.
(4)
"بعقلية" في ز.
(5)
في الأصل: "يقول إنما يقول إنما ذلك".
(6)
ساقط من نسخ المتن وز.
(7)
"أو عبادة" في ز.
(8)
"وفاها" في ز.
ش: هذه المسألة مشهورة عندهم بالزيادة على النص (1)(2).
هل هي نسخ أو لا؟ فذكر المؤلف [أن](3) العبادة المزيدة إذا كانت منفردة بنفسها غير مرتبطة بالمزيد عليه لا تكون نسخًا باتفاق (4).
مثال زيادة صلاة على الصلوات، كزيادة الوتر على الصلوات الخمس.
ومثال: زيادة عبادة على العبادات: زيادة الحج في آخر الإسلام على الصلاة والصيام والزكاة. [و](5) ليست تلك الزيادة ناسخة للمزيد عليه باتفاق لعدم شرط النسخ وهو المنافاة بين الناسخ والمنسوخ، [إذ من شرط
(1) غالب من بحث المسألة من العلماء جعلها مقدمة للمسألة التي بعدها، وهي الزيادة على العبادة الواحدة؛ لأنها محل الخلاف بين الجمهور والحنفية، أما هذه المسألة فقد وافق عليها الحنفية الجمهور فلا يقولون: إن الحج مثلاً نسخ ما قبله من العبادات، وإنما نقل عن بعضهم خلاف هنا في أحد فروع المسألة، وهو زيادة صلاة على الصلوات الخمس كما سيبين هذا الشوشاوي، فانظر المسألة في: المستصفى 1/ 117، والمحصول 1/ 3/ 541، والمعتمد 2/ 438، والإحكام للآمدي 3/ 170، والإبهاج 2/ 283، وشرح العضد 2/ 201، وتيسير التحرير 2/ 220، ومسلم الثبوت مع الفواتح 2/ 91، وشرح القرافي ص 317.
(2)
قال المسطاسي: وكثير من أهل الأصول ينقلون عن أهل العراق أن الزيادة على النص نسخ مطلقًا، ولم يفصلوا بين الزيادة على العبادات أو على العبادة الواحدة، والحق هو التفصيل كما نقله المؤلف. اهـ. انظر: شرح المسطاسي ص 69.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
انظر: المحصول 1/ 3/ 541، والإبهاج 2/ 283، ومسلم الثبوت مع شرحه الفواتح 2/ 91.
(5)
ساقط من ز.
النسخ المنافاة] (1) ولا منافاة فلا نسخ (2)(3)؛ ولأن الزيادة لم ترفع حكمًا شرعيًا، وإنما رفعت البراءة الأصلية وهو حكم عقلي لا شرعي، ومن شرط النسخ رفع الحكم الشرعي (4).
قوله: (وإِنما جعل أهل العراق الوتر ناسخًا لما فيه من رفع قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (5) ، فإن المحافظة على الوسط (6) تذهب بصيرورتها (7) غير وسط (8).
ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، كأنه قيل له: كيف تقول زيادة عبادة على العبادات ليست نسخًا مع أن الحنفية (9)(10) قالوا: ينسخ (11) الوتر محافظة [الوسطى بسبب صيرورة تلك الوسطى غير وسطى؛ لأن الصلوات حينئذ ست صلوات](12)؛ لأن الوتر واجب عند .............................
(1) ساقط من ز.
(2)
"ولا نسخ" في ز.
(3)
انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 317، والمسطاسي ص 69.
(4)
انظر: المستصفى 1/ 117.
(5)
البقرة: 238، وتمامها:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} .
(6)
"الوسطى" في خ وش ونسخة ز.
(7)
"لصيرورتها" في نسخ المتن.
(8)
"وسطى" في خ وش.
(9)
انظر: المسطاسي ص 69.
(10)
ليس كل الحنفية بل بعضهم، وذكر صاحب التيسير أنهم بعض مشايخهم العراقيين، انظر: مسلم الثبوت 2/ 91، وتيسير التحرير 3/ 220.
(11)
"بنسخ" في ز.
(12)
ساقط من ز.
الحنفية (1)، فأجاب المؤلف بما ذكر [وذلك](2) أن الحنفية لما اعتقدوا وجوب الوتر صارت الصلوات (3) عندهم ستًا لا خمسًا، والست عدد زوج (4) لا توسط فيه (5)، وإنما التوسط في العدد الفرد نحو الخمس، فإنك تقول: اثنان [و](6) اثنان وواحد متوسط بينهما، وتقول في الست: ثلاث وثلاث (7) ولم يبق عدد يتوسط بينهما فالست ليس فيه (8) وسط، فإذا ذهب الوسط زال الطلب بالمحافظة على الوسط لعدم الوسط، والطلب بالمحافظة [على الوسط](9) أمر شرعي لأنه مندوب إليه، فقد ارتفع حكم شرعي فيكون نسخًا (10).
قال سيف الدين الآمدي: قول الحنفية زيادة الوتر ناسخ للوسطى غير صحيح، لأن كون العبادة وسطى (11) أمر حقيقي ليس بحكم شرعي، ومن
(1) الوتر عند أبي حنيفة واجب، ولا يُكَفِّر من أنكر وجوبه، وبهذا قال أكثر الحنفية.
أما عند بقية الأئمة فهو سنة مؤكدة، والمسألة مشهورة، والخلاف فيها قديم، فانظر: المغني لابن قدامة 2/ 159، 161، وحاشية ابن عابدين 2/ 3، 4، والهداية للمرغيناني 1/ 65، والمجموع شرح المهذب 4/ 11، 19، وبداية المجتهد 1/ 89.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"الصلاة" في ز.
(4)
في ز زيادة: "وكل عدد زوج".
(5)
"فيها" في ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"ثلاثة وثلاثة" في ز.
(8)
"فيها" في ز.
(9)
ساقط من ز.
(10)
انظر: التقرير والتحبير 3/ 770، ومسلم الثبوت 2/ 91، وتيسير التحرير 3/ 220.
(11)
"وسطا" في ز.
شرط النسخ أن يكون [في](1) حكم شرعي (2).
وقال المؤلف في شرح المحصول: في المحافظة على الوسطى ندب شرعي تختص به دون سائر الصلوات، والندب حكم شرعي يقبل النسخ (3)، وإلى هذا أشار بقوله: لما فيه من رفع قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (4) أي: لما في وجوب الوتر من رفع ندب المحافظة المطلوبة في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} قوله: فإن المحافظة على الوسط (5) تذهب بصيرورتها غير وسط، وفي بعض النسخ: فإن المحافظة على الوسطى تذهب بصيرورتها غير وسطى (6)، والمعنى واحد (7)، وهذا الذي قرره المؤلف مع الحنفية/ 253/ إنما هو كله على القول بأن الصلاة الوسطى سميت بذلك لتوسطها بين شيئين (8).
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر: الإحكام للآمدي 3/ 170، وقال ابن السبكي: إن هذا الجواب فيما إذا أرادوا بالوسطى المستوسطة بين شيئين، وأما إن أرادوا صلاة بعينها كالعصر أو الظهر فلا تؤثر الزيادة هنا فلا نسخ. انظر: الإبهاج 2/ 283، بتصرف.
وانظر: مسلم الثبوت 2/ 91، وتيسير التحرير 3/ 220.
(3)
انظر: نفائس الأصول للقرافي لوحة 281، مخطوط مصور فلميًا بجامعة الإمام برقم 8224 ف.
(4)
البقرة: 238.
(5)
"الوسطى" في ز.
(6)
"وسط" في ز.
(7)
هذه المخالفة توجد في نسختي (خ وش) من نسخ المتن.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 317، والمسطاسي ص 69.
وأما على القول بأنها سميت بذلك (1) لفضلها مأخوذ من الوسط الذي هو الفضل، فلا يجري عليه ذلك.
وذلك أن الوسط لغة له معنيان (2):
أحدهما: التوسط بين الشيئين.
والثاني: الفضل والشرف. لأنك تقول: وسط فلان قومه، إذا فضلهم، ومنه قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (3) أي فضلاً (4)، وقوله تعالى:{قَالَ أَوْسَطُهُمْ} (5) أي: أفضلهم (6).
واختلف العلماء في الصلاة الوسطى في فرعين.
أحدهما: ما معنى تسميتها بالوسطى هل من الوسط بين شيئين أو من الوسط بمعنى الفضل؟ قولان (7).
(1)"به" في ز.
(2)
انظر لهذين المعنيين وما يتفرع عنهما: القاموس المحيط، والصحاح، مادة:(وسط).
(3)
البقرة: 143.
(4)
والمعنى خيارًا عدولاً من الاعتدال. انظر: الدر المنثور 1/ 144، وأحكام القرآن لابن العربي 1/ 40، 41.
(5)
القلم: 28، وتمامها:{أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} .
(6)
قال المفسرون: أوسطهم أي أعدلهم، قال عكرمة: كل شيء في كتاب الله أوسط فهو أعدل. انظر: الدر المنثور 6/ 254.
وقال جماعة من السلف: أوسطهم أي أعدلهم وخيرهم. انظر: تفسير ابن كثير 4/ 406.
(7)
انظرهما في: تفسير البحر المحيط لأبي حيان 2/ 240، وأحكام القرآن لابن العربي 1/ 224، وروح المعاني للألوسي 2/ 155.
والفرع الثاني: ما تعيين الصلاة الوسطى؟ فاختلف العلماء في تعيينها على تسعة أقوال، ذكرها ابن عطية (1)، وابن الخطيب (2)، والإمام المازري (3)(4).
قيل: صلاة الصبح، وقيل: الظهر، وقيل: العصر، وقيل: المغرب، وقيل: العشاء، وقيل: الصلوات الخمس كلها، وقيل: صلاة الجمعة، وقيل: الصبح والعصر، وقيل: أخفاها (5) الله بين سائر الصلوات ليقع التحفظ والمحافظة على جميعها، كما أخفى ليلة القدر بين سائر الليالي وكما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وكما أخفى الدعاء الذي فيه رضاه بين سائر [الأدعية، وكما أخفى وليه بين سائر عباده، وكما أخفى وقت الإجابة بين سائر الأوقات، وكما أخفى اسمه الأعظم بين سائر](6) أسمائه (7).
(1) انظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 3/ 328، وصفحات بعدها.
(2)
يعني: الفخر الرازي؛ إذ يعرف بابن خطيب الري، وقد يقال: ابن الخطيب، فانظر تفسيره المسمى مفاتيح الغيب، والمعروف بالتفسير الكبير 6/ 147.
(3)
ذكر المازري منها ثمانية حيث لم يذكر القول بإخفائها، انظر: المعلم بشرح فوائد كتاب مسلم للمازري ورقة 28/ ب و29/ أمخطوط بمكتبة علي بن أبي طالب بتارودانت بالمغرب رقم 139 ك.
(4)
أوصلها بعضهم إلى سبعة عشر قولاً فانظرها أيضًا في: تفسير البحر المحيط 2/ 240، وتفسير ابن كثير 1/ 290، والدر المنثور للسيوطي 1/ 301 وما بعدها، وأحكام القرآن لابن العربي 1/ 225، وروح المعاني 2/ 156.
(5)
"اخفاه" في ز.
(6)
ساقط من ز.
(7)
انظر: مفاتيح الغيب للرازي 6/ 147.
أما صلاة الصبح، فقيل: سميت بالوسطى لفضلها، قال عليه السلام:"من صلى صلاة الصبح في جماعة فكأنما قام ليلة [القدر] (1) "(2)، وقيل: لتوسطها بين صلاتي جمع قبلها وصلاتي جمع بعدها (3)، وقيل: لتوسطها بين صلاتي اشتراك قبلها وصلاتي اشتراك بعدها (4)، وقيل: لتوسطها بين الليل والنهار (5)(6).
(1) ساقط من ز.
(2)
هذا مشهور من حديث عثمان بن عفان أخرجه مسلم عنه موقوفًا بلفظ: "ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله" فانظره في المساجد برقم 656.
وقد أخرجه عنه الترمذي مرفوعًا بلفظ: "ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة" فانظره في الصلاة برقم 221.
ولم أجد في روايات الحديث التي طالعتها ذكر ليلة القدر بل تذكر ليلة فقط، أو الليل كله كما في رواية مسلم.
وانظر الحديث عند أبي داود في الصلاة برقم 555، وفي الموطأ 1/ 132، وفي الدارمي 1/ 278، وفي مصنف عبد الرزاق 1/ 525، برقم 2008.
(3)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 224، وتفسير مفاتيح الغيب للرازي 6/ 148.
(4)
انظر: تفسير القرطبي 3/ 210، والمراد بالاشتراك: الاشتراك في الجهر والإسرار.
(5)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 225، وأحكام القرآن للكيا هراسي 1/ 318، وتفسير مفاتيح الغيب للرازي 6/ 148، وشرح القرافي ص 317.
(6)
اشتهر القول بأنها الصبح عن ابن عباس وجابر بن عبد الله وعكرمة ومجاهد وعطاء، ونسبه المازري لمالك، وكذا نقل نسبته إليه ابن العربي عن ابن القاسم.
انظر: المعلم بشرح فوائد مسلم للمازري 28/ ب، 29/ أمن مخطوط مكتبة علي بن أبي طالب بتارودانت بالمغرب رقم 139 ك، وأحكام القرآن لابن العربي 1/ 224، وتفسير الطبري 5/ 214، بتحقيق شاكر، ومفاتيح الغيب للرازي 6/ 148.
وأما صلاة الظهر، فقيل: سميت الوسطى لفضلها لكونها أول صلاة ظهرت في الإسلام؛ لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي عليهما (1) السلام (2)(3).
وقيل: لتوسطها بين صلاتي النهار (4).
وقيل: لأنها متوسطة في وسط النهار (5)(6).
وأما صلاة العصر، فقيل: سميت بالوسطى لفضلها لقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (7)، أقسم الله بها لفضلها على القول بذلك (8)، ولقوله تعالى قبل النسخ: {حافظوا على الصلوات والصلاة
(1) في ز: "عليه". وفي الأصل: "عليه عليهما".
(2)
سبق هذا في تخريج حديث صلاة جبريل بالنبي عليهما السلام، وانظر: الترمذي في الصلاة رقم 149، وأبا داود في الصلاة رقم 393، كلاهما عن ابن عباس.
(3)
انظر: تفسير القرطبي 3/ 209، وأحكام القرآن لابن العربي 1/ 225، ومفاتيح الغيب للرازي 6/ 150.
(4)
انظر: أحكام القرآن للكيا هراسي 1/ 318، ومفاتيح الغيب للرازي 6/ 150.
(5)
انظر: تفسير القرطبي 3/ 209، ومفاتيح الغيب للرازي 6/ 150.
(6)
نسب القول بأنها صلاة الظهر إلى زيد بن ثابت وعائشة وابن عمر، انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 225، وتفسير القرطبي 3/ 209، والمعلم بشرح فوائد كتاب مسلم للمازري 28/ ب، 29/ أمن مخطوطات مكتبة علي بن أبي طالب بتارودانت برقم 139 ك، ومفاتيح الغيب للرازي 6/ 150.
(7)
سورة العصر: 1 - 2.
(8)
انظر: تفسير البحر المحيط لأبي حيان 8/ 509، ومفاتيح الغيب 6/ 151.
الوسطى وصلاة العصر} (1)(2) أي وهي صلاة العصر، وقال عليه السلام:"من فاتته (3) صلاة العصر فكأنما (4) وتر أهله وماله"(5) أي سلب أهله وماله؛ لأنه يقال: وتره وترًا إذا سلبه (6)، وقيل معناه: نقص أهله وماله وبقي
(1) في ز: "والصلاة الوسطى أي وصلاة العصر" .... إلخ.
(2)
ورد التصريح بالنسخ في حديث البراء بن عازب عند مسلم برقم 208 مساجد، قال: نزلت هذه الآية: {حافظوا على الصلوات وصلاة العصر} قرأناها ما شاء الله ثم نسخها الله فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} .
وقد ورد النص الذي ساقه الشوشاوي في قصة عائشة رضي الله عنها أنها أملت على أبي يونس مولاها وكان كتب لها مصحفًا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ
…
} إلخ.
فانظره في مسلم برقم 629 مساجد، وفي أبي داود برقم 410، وفي الموطأ 1/ 138، وأخرج مالك في الموطأ 1/ 139، عن حفصة مثله.
قلت: وقد احتج بهذا من قال إن الوسطى هي الظهر؛ لأنه عطف العصر على الوسطى، ومن قال: هي العصر قال: إنه من باب عطف إحدى الصفتين على الأخرى، أما الروايات التي لا مجال فيها لاحتمال غير العصر فهي التي جاءت بدون الواو أو بالضمير مع الواو وقد استقصاها ابن جرير في تفسيره 5/ 168 وما بعدها.
وانظر: تفسير البحر المحيط 2/ 240، وتفسير القرطبي 3/ 209، وتفسير الطبري 5/ 207 وما بعدها.
(3)
"فاته" في ز.
(4)
"فكأنه" في ز.
(5)
هو بهذا اللفظ عند مسلم من حديث ابن عمر فانظره في المساجد برقم 626، وقد رواه غيره بألفاظ أخر قريبة من هذا، فانظر البخاري رقم الحديث 552، ومسلم رقم 626، والترمذي رقم 175، وأبا داود رقم 414.
(6)
قالوا: هو من الوتر وهي الجناية التي يجنيها الرجل على الرجل فيقتل حميمه أو يسلب أهله وماله، شبه من فاتته صلاة العصر بمن يصاب بهذه المصيبة، انظر: اللسان، وتاج العروس، مادة:(وتر). وانظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 5/ 148، وغريب الحديث لأبي عبيد 1/ 306.
فردًا، مأخوذ من الوتر الذي هو الفرد (1)، وقال عليه السلام (2):"شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله بطونهم وقبورهم نارًا"، وكانت تلك الصلاة هي صلاة العصر.
وقيل: لتوسطها بين الحر والبرد أي بين حر النهار وبرد (3) الليل (4).
وأما صلاة المغرب، فقيل: سميت بالوسطى لفضلها؛ لأن عمر رضي الله عنه أخرها حتى طلع نجم فأعتق رقبة. وأخرها حتى طلع نجمان فأعتق رقبتين (5).
(1) انظر: اللسان وتاج العروس، والصحاح، مادة:(وتر). والنهاية لابن الأثير 5/ 148، وغريب الحديث لأبي عبيد الهروي 1/ 306، وغريب حديث صحيح البخاري في مقدمة الفتح ص 203، وغريب الحديث للخطابي 1/ 619، لوحة 232، والأفعال للمعافري 4/ 1/ 233.
(2)
"في حديث الخندق" زيادة في ز.
(3)
"وحر" في الأصل.
(4)
اختار القول بأنها العصر كثير من الصحابة والتابعين والسلف الصالح حكى هذا الترمذي في السنن 1/ 342، وغيره. فانظر: تفسير ابن كثير 1/ 291، وتفسير القرطبي 3/ 310، وتفسير البحر المحيط 2/ 240، وتفسير الطبري 5/ 168 وما بعدها. والمعلم بشرح فوائد كتاب مسلم ورقة 28/ ب، 29/ أمخطوط بمكتبة علي ابن أبي طالب بتارودانت بالمغرب برقم 139 ك، ومفاتيح الغيب 6/ 150.
(5)
لم أجد هذا الأثر عن عمر رضي الله عنه، وإنما المعروف عن عمر رضي الله عنه استحباب تعجيل الصلاة حتى كان يصلي المغرب في رمضان قبل أن يفطر.
انظر: مصنف عبد الرزاق 4/ 225 رقم الحديث 7588، وكان يكتب إلى الأمصار ألا تكونوا من المسبوقين بفطركم ولا المنتظرين بصلاتكم اشتباك النجوم. روى هذا سعيد بن المسيب كما في مصنف عبد الرزاق 1/ 552 رقم الحديث 2093.
وقيل: لتوسطها بين الضياء والظلام (1).
وأما صلاة العشاء، فقيل: سميت بالوسطى (2) لفضلها، قال عليه السلام:"من صلى صلاة العشاء في جماعة فكأنما قام ليلة"(3)، وقال عليه السلام:"فضلتم بصلاة العشاء على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم"(4).
وقيل: لتوسطها بين صلاتين لا تقصران (5).
وأما صلاة الجمعة، فقيل: سميت بالوسطى لفضلها لقوله عليه السلام: "الجمعة حج الفقراء (6) وعيد الأغنياء ونزهة الأولياء وعز الخطباء وسرور العلماء وغم الأعداء"(7).
(1) اشتهر القول بأنها المغرب عن قبيصة بن ذؤيب؛ لأنها ليست أقل الصلوات ولا أكثرها؛ وأنها لا تقصر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها ولم يعجلها بل وقتها واحد.
انظر: الدر المنثور 1/ 305، وتفسير ابن جرير 5/ 214، وتفسير القرطبي 3/ 210، ومفاتيح الغيب 6/ 151.
(2)
"الوسطى" في ز.
(3)
هو جزء من حديث عثمان السابق ولم أجده بهذا اللفظ وإنما وجدت "
…
فكأنما قام نصف الليل" كما في مسلم رقم 656، أو "
…
كان له قيام نصف ليلة" كما في الترمذي رقم 221، وانظره في أبي داود برقم 555، والدارمي 1/ 278، والموطأ 1/ 132.
(4)
أخرجه أبو داود في الصلاة برقم 421، عن معاذ بلفظ "أعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم
…
" الحديث. وقد أخرجه عنه أحمد في المسند 5/ 237.
(5)
انظر: تفسير القرطبي 3/ 210، ومفاتيح الغيب للرازي 6/ 151.
(6)
"المساكين" في ز وهي رواية للحديث.
(7)
وجدت أول الحديث وهو "الجمعة حج الفقراء" وفي رواية "حج المساكين" وقد صرح غير واحد بأنه موضوع، قالوا: ويؤيد هذا أن في إسناده عيسى بن إبراهيم وهو =
وقيل: لتوسطها بين صلاتي النهار.
وقيل: لأنها متوسطة في وسط النهار (1).
وأما القول بأنها صلاة الصبح وصلاة العصر معا (2)، فقيل: سميتا (3) بالوسطى لفضلهما لقوله عليه السلام: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون عند صلاة الصبح وعند صلاة العصر"(4).
وقيل: لتوسط كل [صلاة من هاتين الصلاتين](5) بين الظلام والضياء.
وأما القول بأنها الصلوات الخمس كلها (6)، فقيل: سميت الصلوات الخمس بالوسطى لفضلها وشرفها لأنها أفضل العبادات، قال عليه السلام:
= منكر الحديث متروك. قلت: ويبدو أن آخر الحديث يشارك أوله في الوضع. انظر: الغماز على اللماز للسمهودي ص 57، رقم الحديث 86، وكشف الخفاء للعجلوني 1/ 400، وتمييز الطيب من الخبيث لابن الديبع ص 63، ولسان الميزان 4/ 392.
(1)
انظر القول بأنها الجمعة في: تفسير القرطبي 3/ 211 وقد حكاه عن ابن حبيب ومكي، وانظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 225.
(2)
وهذا القول قاله أبو بكر الأبهري من المالكية. انظر: تفسير البحر المحيط 2/ 241، وتفسير القرطبي 3/ 211.
(3)
"سميت" في ز.
(4)
حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعًا، لكن عند البخاري:"ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر" وعند مسلم: "ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر". فانظر: عند البخاري في المواقيت برقم 554، وعند مسلم في المساجد برقم 632، وانظر النسائي 1/ 240، والموطأ 1/ 170.
وانظر الاحتجاج به في: تفسير القرطبي 3/ 211.
(5)
ساقط من ز. وفيها بدلها: "كل واحد منهما".
(6)
وهو محكي عن معاذ بن جبل. انظر: تفسير القرطبي 3/ 212، وتفسير البحر المحيط 2/ 241.
"بين العبد والكفر ترك الصلاة"، وقيل: لتوسطها بين أعلى (1) الإيمان وأدناه، لقوله عليه السلام:"الإيمان بضع وسبعون خصلة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"(2)(3).
قوله: (والزيادة على العبادة الواحدة ليست نسخًا عند مالك رحمه الله وعند أكثر أصحابه والشافعي، خلافًا للحنفية.
وقيل: إِن نفت (4) ما دل عليه المفهوم الذي هو دليل الخطاب أو الشرط كانت (5) نسخًا (6)، وإِلا فلا.
وقيل: إِن لم يجز الأصل بعدها فهي نسخ، وإِلا فلا.
فعلى مذهبنا: زيادة التغريب (7) ليست نسخًا، وكذلك تقييد الرقبة بالإِيمان، وإِباحة قطع السارق في الثانية، والتخيير بين الواجب وغيره لأن المنع من إِقامة الغير مقامه عقلي لا شرعي، وكذلك لو وجب (8) الصوم إِلى الشفق).
(1)"أعلاء" في ز.
(2)
حديث صحيح رواه مسلم والترمذي وأبو داود بألفاظ متقاربة فانظره في: مسلم كتاب الإيمان برقم 35، وفي الترمذي في الإيمان برقم 2614، وفي أبي داود في السنة برقم 4616.
(3)
انظر: التفسير الكبير للرازي 6/ 148.
(4)
"الزيادة" زيادة في ز ونسخ المتن.
(5)
"كان" في ز.
(6)
"ناسخا" في ز.
(7)
"على الجلد" زيادة في خ وش.
(8)
"لوجب" في الأصل.
ش: شرع المؤلف رحمه الله ها هنا في الزيادة على العبادة الواحدة، أي: إذا زيدت عبادة على عبادة واحدة (1)، كزيادة ركعتين على ركعتين كما قالت عائشة رضي الله عنها:"فرضت الصلاة مثنى مثنى ثم زيد في صلاة الحضر"(2)(3)، هل تكون تلك الزيادة ناسخة (4) أم لا؟ ذكر المؤلف في ذلك أربعة أقوال:
الأول: لمالك والشافعي وأكثر أصحابهما (5).
(1) هذا هو الفرع الثاني للمسألة، وهو الزيادة على العبادة الواحدة هل هي نسخ أو لا؟ وهي التي قام فيها الخلاف بين الحنفية والجمهور، فراجع المسألة في البرهان فقرة 1444، واللمع ص 183، والمعتمد 1/ 437، والتبصرة ص 276، والمستصفى 1/ 117، والوصول لابن برهان 2/ 32، والمحصول 1/ 3/ 542، وشرح العضد 2/ 201، والعدة 3/ 814، والتمهيد لأبي الخطاب 2/ 398، والمسودة ص 207، وروضة الناظر ص 79، والمغني للخبازي ص 260، والوجيز للكرماستي ص 69، ومسلم الثبوت مع شرحه الفواتح 2/ 91، وتيسير التحرير 3/ 218، وشرح الكوكب المنير 3/ 581، وشرح القرافي ص 318، والمسطاسي ص 70.
(2)
"للحضر" في ز.
(3)
هذا معنى حديث عائشة الذي في الصحيحين قالت: "فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر". هذا لفظ البخاري، فانظره في كتاب الصلاة برقم 350، وانظره في مسلم في صلاة المسافرين برقم 685، وانظر: النسائي 1/ 225، والموطأ 1/ 146.
(4)
"نسخا" في ز.
(5)
قال ابن القصار: هو الذي يدل عليه مذهب مالك، وقال الباجي: عليه أكثر أصحابنا، وحكاه أبو الحسين عن أبي علي وأبي هاشم، ونسبه الآمدي للحنابلة، وهو اختيار أبي يعلى، ونسبه لأصحاب الشافعي، ونسبه الرازي لمذهب الشافعي، انظر: مقدمة ابن القصار ص 116، والفصول للباجي 1/ 446، والمعتمد 1/ 437، والعدة 3/ 814، والإحكام للآمدي 3/ 170، والمحصول 1/ 3/ 542، واللمع ص 183، والوصول لابن برهان 2/ 32، والمعالم ص 211، والإبهاج ص 284، والمسطاسي ص 70.
الثاني: للحنفية (1).
الثالث: للقاضي عبد الجبار (2)(3).
الرابع: للقاضي أبي بكر والقاضي ابن القصار (4) واختاره الباجي (5).
(1) وهو القول بأنه نسخ، فانظر: المغني للخبازي ص 260، والوجيز للكرماستي الحنفي ص 69، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 73، وتيسير التحرير 3/ 218، ومسلم الثبوت 2/ 92. قال في التوضيح: يجب العلم أن الزيادة بما يرفع مفهوم المخالفة لا تكون نسخًا عند أبي حنيفة بناء على أنه لا يقول به. انظر: التوضيح لصدر الشريعة 2/ 74.
(2)
يريد القول بالنسخ إذا نفت الزيادة ما دل عليه المفهوم (مفهوم الصفة أو مفهوم الشرط) وأظن أن في نسبة هذا القول للقاضي عبد الجبار وهمًا؛ لأني لم أجد من الأصوليين من نسب هذا القول لعبد الجبار، بل كثير من الأصوليين نسب الرابع وهو القول بالنسخ إذا لم يجزئ الأصل بعد الزيادة للقاضي عبد الجبار، كما في المعتمد 1/ 438.
ويؤيد هذا الظن أن القاضي عبد الجبار لا يقول بمفهوم الصفة ولا بمفهوم الشرط، كما نقل ذلك عنه صاحب المعتمد 1/ 153 و1/ 166 حيث نقل عنه دليلاً في إبطال مفهوم الصفة، والشوشاوي إنما نسب هذا لعبد الجبار متابعًا المسطاسي إذ قد صرح بنسبة هذا القول إليه وكلاهما اعتمد على ما جاء في شرح القرافي من قوله بعد مناقشة هذا الرأي: والجنوح إلى مفهوم الصفة هو قول القاضي عبد الجبار.
انظر: شرح القرافي ص 319، وشرح المسطاسي ص 70.
(3)
انظر هذا القول غير منسوب في: المعتمد 1/ 437، والتمهيد لأبي الخطاب 2/ 399، والمحصول 1/ 3/ 542، والإحكام للآمدي 3/ 170، والإبهاج 2/ 284، وشرح العضد 2/ 202.
(4)
نسبه لهما الباجي في الفصول 1/ 446، ونسبه لأبي بكر في الإشارة ص 162.
(5)
انظر: الفصول 1/ 446، وما بعدها حيث احتج له ودافع عنه.
وقد نسب هذا القول لعبد الجبار جمع من الأصوليين منهم أبو الحسين في المعتمد =
قوله: (وعند أكثر أصحابه والشافعي)، وكذلك به قال أكثر/ 254/ أصحاب (1) الشافعي أيضًا، فصوابه أن يقول:(2) ليست نسخًا عند مالك والشافعي وأكثر أصحابهما.
حجة القول الأول الذي عليه الجمهور: أن [شرط](3) النسخ المنافاة فلا منافاة بين الزيادة والمزيد عليه فلا نسخ (4)، وذلك [أن](5) زيادة ركعتين لا تبطل وجوب الركعتين الأوليين بل الجميع واجب (6).
= 1/ 438، والآمدي في الإحكام 3/ 171، وابن السبكي في الإبهاج 2/ 285، والرازي في المحصول 1/ 3/ 543، والعضد في شرحه لابن الحاجب 2/ 201، وقد اختار هذا القول الغزالي في المستصفى 1/ 117، وابن برهان في الوصول 2/ 32، ونسبه أبو يعلى في العدة 3/ 815، لأصحاب الأشعري.
وفي المسألة أقوال أخرى أبرزها:
1 -
إن غيرت الزيادة حكم المزيد في المستقبل فهي نسخ وإلا فلا، قال به الكرخي وأبو عبد الله البصري.
2 -
إن كانت الزيادة متأخرة ورفعت حكمًا شرعيًا وكان دليلها مما يجوز به نسخ الأصل فهي نسخ، وإلا فلا، وهذا لأبي الحسين واستحسنه الرازي واختاره الآمدي وابن السبكي وابن الحاجب. انظر: المعتمد 1/ 437، 443 والمحصول 1/ 3/ 544، والإحكام للآمدي 3/ 170، 171، والإبهاج 2/ 285، وشرح العضد على ابن الحاجب 2/ 201.
(1)
"أصحابه" في ز.
(2)
"أن لو قال" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
انظر: الفصول للباجي 1/ 449، والمعالم للرازي ص 212، والمسطاسي ص 70.
(5)
ساقط من ز.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 318.
حجة القول الثاني الذي عليه الحنفية ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الركعتين قد كانتا (1) أولاً تجزيان (2) وبعد الزيادة لا تجزيان (3) والإجزاء حكم شرعي فقد ارتفع حكم شرعي فيكون نسخًا (4).
الثاني: أن السلام كان أولاً واجبًا عقيب الركعتين ثم بطل ذلك وصار واجبًا بعد الأربع فقد بطل حكم شرعي فيكون نسخًا (5).
الثالث: الأفعال بعد الركعتين كانت مباحة ثم ارتفعت تلك الإباحة بعد الزيادة والإباحة حكم شرعي فقد ارتفع حكم شرعي فيكون نسخًا (6).
أجيب عن الأول: أن الإجزاء راجع إلى عدم التكليف بالزيادة وعدم التكليف عقلي لا شرعي، ورفع الحكم العقلي ليس بنسخ إجماعًا (7).
(1)"كانت" في ز.
(2)
"تجيزان" في ز.
(3)
"لا تجيزان" في ز.
(4)
انظر: مسلم الثبوت وشرحه فواتح الرحموت 2/ 92، 94، والوصول لابن برهان 2/ 33، والعدة 3/ 817، والمعتمد 1/ 439، وشرح القرافي ص 318، والمسطاسي ص 70.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 318، والمسطاسي ص 70.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 318، والمسطاسي ص 70، ويلاحظ أن الشوشاوي ساق الأدلة الثلاثة كلها بناء على التمثيل بزيادة الركعتين إلى الركعتين، وغالب الأصوليين تدور أدلتهم وحجاجهم على مثال زيادة التغريب على الجلد؛ إذ هذا المثال هو مثار الجدل، وكذا مثال زيادة عشرين جلدة على حد القذف.
انظر: الإحالات في صدر المسألة.
(7)
انظر: المحصول 1/ 3/ 553، وشرح القرافي ص 318، والمسطاسي ص 70.
أجيب (1) عن الثاني: بأنا (2) لا نسلم أن الله تعالى أوجب السلام عقيب الركعتين لكونهما ركعتين بل لكونهما آخر الصلاة فقط، ولا مدخل للعدد في ذلك فقد وقع السلام في موضعه الذي هو آخر الصلاة فلم تبطله الزيادة فلا يكون نسخًا (3).
وأجيب عن الثالث: بأن إباحة الأفعال بعد الركعتين تابع لعدم التكليف بالزيادة (4) وعدم التكليف عقلي وتابع العقلي عقلي ورفع الحكم العقلي ليس بنسخ (5).
قوله: (وقيل إِن نفت الزيادة ما دل عليه المفهوم الذي هو دليل الخطاب أو الشرط كانت نسخًا وإِلا فلا)، هذا هو القول الثالث، وهو قول القاضي عبد الجبار (6) بالتفصيل بين أن تنفي تلك الزيادة ما دل عليه مفهوم الصفة أو مفهوم الشرط أو لم تنفه (7).
قوله: (دليل الخطاب)، أي: مفهوم المخالفة ومفهوم (8) الصفة.
(1)"وأجيب" في ز.
(2)
"بأنه" في ز.
(3)
انظر: الإحكام للآمدي 3/ 172، وشرح القرافي ص 318، والمسطاسي ص 70.
(4)
"الزائد" في ز.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 318، والمسطاسي ص 70.
(6)
سبق الكلام بأن نسبة هذا القول إلى عبد الجبار غير محررة.
والمسطاسي نسبه أيضًا لعبد الجبار فانظر شرحه ص 70.
(7)
"ينفه" في ز.
(8)
"وهو مفهوم" في ز.
وقوله: (أو الشرط)، أي: أو دل عليه مفهوم الشرط.
مثال نفي ما دل عليه مفهوم الصفة: قوله عليه السلام: "في سائمة الغنم الزكاة" مفهومه: أن لا زكاة في غير السائمة، ثم يقول بعد ذلك: في الغنم [مطلقًا](1) الزكاة، فإن عموم هذا الثاني يرفع المفهوم المتقدم فيكون نسخًا (2).
ومثال نفي ما دل عليه مفهوم الشرط: أن يقول صاحب الشرع (3): إن كانت الغنم سائمة ففيها الزكاة، مفهومه: أن لا زكاة في غير السائمة، ثم يقول بعد ذلك: في الغنم مطلقًا الزكاة، فإن عموم هذا الثاني ينفي المفهوم المتقدم فيكون نسخًا (4)؛ لأنه رافع لما هو ثابت بدليل شرعي وهو المفهوم، فجعل القاضي عبد الجبار النفي الأصلي حكمًا شرعيًا لاقترانه بمفهوم الصفة (5) أو مفهوم الشرط (6).
قال المؤلف في شرحه: وليس الأمر كما قال: لأن الله تعالى لو قال: لا أشرع لكم في هذه السنة حكمًا، أو قال: لا أكلفكم في هذه السنة بشيء، فإنه تعالى (7) لم تكن (8) له في هذه السنة شريعة، فإن رفع الحكم
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 318، 319، والمسطاسي ص 70.
(3)
"الشرط" في الأصل.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 318، والمسطاسي ص 70.
(5)
"الموافقة" في ز.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 319، والمسطاسي ص 70.
(7)
"فإن الله" في ز.
(8)
"يكن" في ز.
الأصلي ليس بنسخ، أي فإن رفع الحكم العقلي ليس بنسخ، فالقاضي عبد الجبار مع تدقيقه [قد](1) فاته هذا الموضع (2)(3).
قوله: (وإِلا فلا)، أي: وإن لم (4) تنف الزيادة مدلول المفهوم فلا تكون نسخًا.
مثاله: زيادة (5) ركعتين في صلاة الحضر على ركعتين.
قوله: (وقيل: إِن لم يجز الأصل بعدها فهي (6) نسخ وإِلا فلا)، هذا هو القول الرابع، وهو قول القاضي أبي (7) بكر والقاضي ابن القصار وهو مختار الباجي، وهو التفصيل بين أن يجزئ الأصل أو لا يجزئ.
مثال ما لا يجزئ فيه الأصل بدون الزيادة: كون الصلاة أولاً ركعتين هذا هو الأصل، ثم وردت زيادة ركعتين في الحضر، فإن الركعتين الأولتين (8) لا تجزيان بدون هذه الزيادة، فتكون الزيادة ناسخة للحكم المتقدم لعدم إجزاء
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر: الناقل في شرح القرافي ص 319، وفيه بعض الاختلاف. وانظر: المسطاسي ص 70.
(3)
قال الآمدي في الإحكام 1/ 174: هذا على القول بإبطال دليل الخطاب، وإن سلمنا أن دليل الخطاب حجة؛ وأنه يدل على نفي الزكاة عن المعلوفة، فلا يخفى أن وجوب الزكاة فيها يكون رافعًا لما اقتضاه دليل الخطاب فيكون نسخًا.
(4)
"وإلا لم" في ز.
(5)
في الأصل: "زيادة زيادة" بالتكرار.
(6)
"فهو" في ز.
(7)
"أبو" في ز.
(8)
"الأوليتين" في ز.
المتقدم عن انضمام (1) الزيادة إليه (2).
ومثال ما يجزئ فيه الأصل بدون انضمام الزيادة إليه: زيادة التغريب بعد الجلد في حد الزاني؛ فإن الإمام إذا جلده ثم قيل له: لا بد من تغريبه، فإنه يغربه ولا يحتاج إلى إعادة الجلد بخلاف المصلي ركعتين فإنه لا بد له من إعادة الصلاة بأربع ركعاتها (3)، فإذا كان الأصل لا يجزئ إلا باتصال الزيادة كانت الزيادة نسخًا للأصل، وإن (4) كان الأصل يجزئ بدون اتصال الزيادة لم تكن الزيادة نسخًا للأصل.
ووجه هذا القول: أن الأصل إذا لم يجزئ بعد الزيادة اشتد التغيير فيكون نسخًا (5)، بخلاف القسم الآخر لقلة التغيير فيه.
قوله: (فعلى مذهبنا زيادة التغريب ليست نسخًا)، أي: فعلى مذهبنا نحن القائلين (6) بأن الزيادة على العبادة الواحدة ليست نسخًا، وإنما لم تكن زيادة التغريب نسخًا؛ لأن وجوب التغريب رافع لعدم وجوبه، وعدم الوجوب حكم عقلي ورفع الحكم العقلي ليس بنسخ (7).
(1)"انهمام" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 319.
(3)
انظر: الفصول 1/ 450، وشرح القرافي ص 319.
(4)
"وإذا" في ز.
(5)
انظر: العدة لأبي يعلى 3/ 817، 819، والفصول للباجي 1/ 447، وشرح القرافي ص 319، والمسطاسي ص 70.
(6)
"القائلون" في الأصل.
(7)
انظر: الإحكام 1/ 174، وشرح القرافي ص 319، والمسطاسي ص 70.
قوله: (وكذلك تقييد الرقبة بالإِيمان)، أي: زيادة قيد الإيمان في الرقبة في كفارة قتل الخطأ وأطلقت الرقبة في كفارة الظهار، وإنما لم تكن زيادة الإيمان في الرقبة نسخًا؛ لأن وجوب الإيمان فيها رافع لعدم وجوب تحصيل الإيمان فيها، وعدم الوجوب حكم عقلي (1)، ورفع الحكم العقلي ليس بنسخ.
قوله: (وإِباحة قطع السارق [يعني: أن إِباحة قطع جارحة السارق] (2) في المرة الثانية ليست نسخًا لآية (3) السرقة)، وهي (4) قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (5)، وإنما قيد المؤلف/ 255/ بالمرة الثانية لأن بها تتصور الزيادة على العبادة التي هي فرض المسألة (6).
قوله: (في (7) الثانية)، يعني: وكذلك في المرة الثالثة والرابعة، وإنما لم تكن هذه الإباحة ناسخة؛ لأنها رافعة لعدم إباحة القطع، وعدم الإباحة حكم عقلي ورفع الحكم العقلي ليس بنسخ (8).
فإن قيل: إن الآدمي محرم مطلقًا والتحريم حكم شرعي، وقد ارتفع
(1) انظر: شرح القرافي ص 319، والمسطاسي ص 71.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
"لأنه" في ز.
(4)
"وهو" في ز.
(5)
المائدة: 38.
(6)
انظر: المسطاسي ص 71.
(7)
"المرة" زيادة في ز.
(8)
انظر: المحصول 1/ 3/ 548، والإحكام للآمدي 3/ 175، وشرح القرافي ص 319، والمسطاسي ص 71.
بإباحة القطع فيكون نسخًا؛ لأنه رفع حكم شرعي بحكم شرعي (1).
أجيب عنه بوجهين:
أحدهما: أنا لا نسلم أن الآدمي محرم، بل الأصل في الآدمي وغيره عدم الحكم لا تحريم ولا إباحة؛ لأن عدم الحكم هو الأصل عندنا في جميع (2) أجزاء العالم حتى وردت (3) الشرائع (4)، فإباحة القطع رافعة لعدم الحكم لا للتحريم فلا يكون نسخًا (5).
الوجه الثاني: أنا نسلم التحريم ولكن ذلك التحريم إنما هو لآدميته وشرفه من غير نظر إلى الجناية، وهذا التحريم باق، وإباحة قطعه إنما هي (6) من حيث
(1) انظر: شرح القرافي ص 319، والمسطاسي ص 71.
(2)
"وجميع" في ز.
(3)
"ورد" في ز.
(4)
الأصل عدم الحكم في الأعيان والمعاملات قبل ورود الشرع، هو أحد الأقوال في المسألة، وقد نسبه الآمدي للأشاعرة وأهل الحق ورجحه. وفي المسألة مذاهب منها:
1 -
أنها على الإباحة، وهذا مذهب جمع من الحنابلة والشافعية والظاهرية والحنفية.
2 -
أنها على التحريم، وبه قال الأبهري من المالكية وبعض الشافعية والحنابلة.
3 -
وذهب المعتزلة إلى تحكيم العقل فيها بناء على التحسين والتقبيح بالعقل.
فقالوا: فيها واجب ومندوب ومباح ومحرم ومكروه ومتوقف فيه. وقد قال جماهير من العلماء: إن الخوض في هذه المسألة لا طائل تحته؛ لأن الوقت ما خلا من شرع قط، وفرضها بعضهم فيمن نشأ ببرية ولم يعلم حكم الله. انظر: الإحكام للآمدي 1/ 91، والقواعد الأصولية لابن اللحام ص 107، وشرح الكوكب المنير 1/ 322.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 319، والمسطاسي ص 71.
(6)
"هو" في ز.
جنايته، ولا تنافي بين تحريمه من حيث هو هو وبين (1) إباحته من حيث الجناية، [فإن](2) التحريم (3) باق لم يرتفع فلا (4) نسخ لعدم المنافاة، كما نقول في الميتة: هي محرمة من جهة أنها ميتة، ومباحة من جهة الإضرار (5) إليها، فلا تكون الإباحة فيها نسخًا لتحريمها الثابت (6) لها من حيث هي هي لعدم المنافاة، وإنما يحصل التنافي لو أبحنا الميتة من حيث هي ميتة، وكذلك قطع الآدمي لم يحصل فيه التنافي فلا يكون إباحة قطعه في السرقة (7) نسخًا، لعدم التنافي، وإنما يحصل التنافي لو أبحنا قطعه من حيث هو آدمي (8).
فتبين بما قررناه: أن إباحة القطع في السرقة (9) لا تكون نسخًا للتحريم، بل هي رافعة لعدم الحكم، وعدم الحكم هو حكم عقلي ورفع الحكم العقلي ليس بنسخ.
قوله: (والتخيير بين الواجب وغيره لأن المنع من إِقامة الغير مقامه عقلي لا شرعي)، يعني: أن التخيير بين الواجب وغيره لا يكون نسخًا
(1)"وبيان" في الأصل.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"فالتحريم" في ز.
(4)
"بلا" في ز.
(5)
هكذا في النسختين، والصواب:"الاضطرار".
(6)
"الثالث" في ز.
(7)
"السريقة" في ز.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 320، والمسطاسي ص 71.
(9)
"السريقة" في ز.
للوجوب.
مثاله: كما لو أوجب الله تعالى غسل الرجلين ثم خير بين الغسل والمسح على الخفين فلا يكون ذلك التخيير نسخًا لوجوب الغسل، وإنما لا يكون (1) التخيير نسخًا للواجب؛ لأن عدم التخيير إنما هو لعدم مشروعية المسح (2)، وعدم المشروعية حكم عقلي، ورفع الحكم العقلي لا يكون نسخًا، فإن المنع من إقامة المسح مقام الغسل عقلي لا شرعي (3)، وإلى هذا أشار بقوله: لأن المنع من إقامة الغير مقامه عقلي لا شرعي؛ أي: لأن المانع من إقامة غير الواجب مقام الواجب عقلي لا شرعي، أي: لأن المانع من جعل غير الواجب بدل الواجب أمر عقلي، وهو عدم مشروعيته، أي: عدم وروده في الشرع لأن عدم المشروعية عقلي.
قال في الشرح: لأنه إذا قيل لك: لم لا تتخير بين صلاة الظهر وصدقة درهم، تقول: لأن البدل لم يشرع، تشير إلى عدم المشروعية، وعدم المشروعية حكم عقلي (4). انتهى.
وكذلك لو قيل: لم لا تتخير (5) بين غسل الرجلين والمسح على الخفين، تقول: لأن البدل لم يشرع، تشير إلى عدم المشروعية، وعدم المشروعية
(1)"ذلك" زيادة في ز.
(2)
"الحكم" في ز.
(3)
انظر: الإحكام للآمدي 1/ 174، 175، والمحصول 1/ 3/ 555، والمسطاسي ص 71.
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 320، وانظر: المسطاسي ص 71.
(5)
"تخير" في الأصل.
حكم عقلي.
فمتى خير (1) بين الواجب وغيره فقد رفع عدم مشروعية (2) ذلك البدل فقط (3).
قوله: (وكذلك لو وجب (4) الصوم إِلى الشفق)، يعني أنه لو ورد وجوب الصوم إلى الشفق بعد وروده إلى الغروب (5) فلا يكون نسخًا؛ لأنه رافع لعدم الوجوب من الغروب إلى الشفق، وعدم الوجوب حكم عقلي ورفع الحكم العقلي ليس بنسخ (6).
قوله: (ونقصان العبادة (7) نسخ لما سقط دون الباقي إِن لم يتوقف) (8)، [وإن توقف] (9) قال القاضي عبد الجبار: هو نسخ في الجزء دون الشرط،
(1)"أخير" في ز.
(2)
"مشروعيته" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 320.
(4)
"لوجوب" في الأصل.
(5)
"المغرب" في ز.
(6)
في هذا نظر؛ إذ هذه الصورة نسخ صريح، فها هنا مسألتان مختلفتان:
الأولى: إذا قال: صوموا إلى الغروب، فلو أوجب الصيام بعد ذلك إلى الشفق فهو نسخ؛ لأن (إلى) للغاية.
الثانية: إذا قال: صوموا النهار، ثم أوجب صيام جزء من الليل وهو إلى الشفق، فهذا لا نسخ فيه؛ لأن الأمر الأول لم يتعرض لليل، وهاتان المسألتان فرق بينهما الرازي في المحصول 1/ 3/ 555، وأشار القرافي في الشرح ص 320 إليهما إجمالاً، وكذا المسطاسي ص 71.
(7)
"العبادات" في ز.
(8)
"تتوقف" في خ.
(9)
ساقط من ز.
واختار فخر الدين والكرخي عدم النسخ.
ش: لما فرغ المؤلف من حكم الزيادة على العبادة، شرع ها هنا في عكسه وهو (1) النقصان من العبادة.
قوله: (ونقصان العبادة)(2)، [أي: نسخ بعض العبادة] (3)، أي: إذا نسخ بعض العبادة وبقي البعض فلا يخلو ذلك من وجهين:
أحدهما: ألا يتوقف صحة الباقي على وجود الساقط.
الوجه الثاني: أن يتوقف صحة الباقي على وجود الساقط قبل النسخ.
فإن لم يتوقف صحة الباقي على الساقط فلا يكون نسخ الساقط نسخًا للباقي باتفاق (4).
(1)"حكم" زيادة في ز.
(2)
هذا هو الفرع الثالث من فروع مسألة الزيادة على النص وهو النقصان من العبادة، فراجع المسألة في: المعتمد 1/ 447، والمحصول 1/ 3/ 556، والمستصفى 1/ 116، 117، والفصول 1/ 444، والإحكام لابن حزم 1/ 457، وفواتح الرحموت 2/ 94، وتيسير التحرير 2/ 220، والإحكام للآمدي 3/ 178، والإشارة للباجي ص 162، وشرح القرافي ص 320، والمسطاسي ص 71.
(3)
ساقط من ز.
(4)
انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 457، والمعتمد 1/ 447، والمحصول 1/ 3/ 556، والمستصفى 1/ 116، 117، والإحكام للآمدي 3/ 178.
وقد ساق بعض الأصوليين المسألة دون تفريق بين نسخ ما تتوقف عليه صحة العبادة وما لا تتوقف فحكوا في ذلك ثلاثة أقوال. قول بنسخ الجميع، وقول بنسخ ما نقص، وقول بالتفريق بين الجزء والشرط.
انظر: الفصول للباجي 1/ 444، ومسلم الثبوت مع شرحه الفواتح 2/ 94، وتيسير التحرير 2/ 220، وانظر: شرح المسطاسي ص 71، حيث صرح بذكر الخلاف.
قال المؤلف في الشرح: مثال ما لا يتوقف: كنسخ الزكاة بالنسبة إلى الصلاة مثلاً، يعني: أنه إذا نسخ وجوب الزكاة مثلاً فلا يكون نسخها نسخًا للصلاة لعدم توقف الباقي وهو الصلاة على وجود المنسوخ وهو الزكاة لأن كل واحدة (1) منهما عبادة مستقلة بنفسها لا تفتقر إلى الأخرى (2).
قال المسطاسي: تمثيل المؤلف ما لا يتوقف بالزكاة بالنسبة إلى الصلاة غير مطابق؛ لأن الغرض إنما هو في العبادة الواحدة (3).
قال بعضهم: مثال ما لا يتوقف فيه الباقي على الساقط كنسخ سنة من سنن (4) العبادة فلا يكون ذلك نسخًا لتلك العبادة كلها باتفاق (5)، كنسخ تكبيرة من تكبيرات الصلاة، فلا يكون [ذلك](6) نسخًا لتلك الصلاة، وإلى هذا القسم (7) الذي لا يتوقف ما بقي فيه على ما سقط منه أشار المؤلف بقوله: ونقصان العبادة نسخ لما سقط دون الباقي إن لم يتوقف.
وإنما لا يحكم على الباقي [فيه](8) بنسخ الساقط؛ لأن كل واحد (9) منهما منفرد بنفسه لا يتوقف على الآخر. فهما متباينان/ 256/ فلا يلزم من وجود
(1)"واحد" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 320، وفي النقل إضافة من الشوشاوي.
(3)
انظر: شرح تنقيح الفصول للمسطاسي ص 71 وفي النقل اختلاف يسير.
(4)
"سنين" في ز.
(5)
انظر: المستصفى 1/ 117.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"النسخ" في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
"وحد" في ز.
أحدهما وجود الآخر ولا من عدمه عدمه.
وأما إن توقف صحة الباقي على وجود المنسوخ قبل نسخه ففيه ثلاثة أقوال:
قيل: هو نسخ للباقي مطلقًا (1).
وقيل: ليس بنسخ له مطلقًا (2).
وقيل: التفصيل بين الجزء والشرط (3)، فإن كان المنسوخ جزءًا من أجزاء العبادة فهو نسخ (4) للباقي من العبادة فتنسخ العبادة كلها.
وإن (5) كان المنسوخ من العبادة شرطًا من شروطها فلا يكون ذلك نسخًا للعبادة (6).
مثال نسخ (7) الجزء: كنسخ ركعة من الصلاة أو الركوع أو السجود (8)(9).
(1) انظر: المستصفى 1/ 116، 117، والإحكام للآمدي 3/ 178.
(2)
انظر: المعتمد 1/ 447، والمحصول 1/ 3/ 557، والإحكام للآمدي 3/ 178، وقد نسبوه للكرخي، واختاره الرازي، واختاره أيضًا صاحب المسلم 2/ 94.
(3)
في ز زيادة ما يلي: "فإن بين الجزء والشرط".
(4)
"منسوخ" في الأصل.
(5)
"فان" في ز.
(6)
نقلوا هذا الرأي عن عبد الجبار، وقد نسبه الباجي للقاضي أبي بكر واختاره.
انظر: المعتمد 1/ 447، والمحصول 1/ 3/ 557، والإحكام للآمدي 3/ 178، والفصول 1/ 444، والإشارة ص 162.
(7)
"نسخه" في ز.
(8)
"والركوع والسجود" في ز.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 320.
ومثال نسخ الشرط: كنسخ الطهارة بالنسبة إلى الصلاة أو ستر العورة أو الاستقبال (1).
وإلى هذا القول بالتفصيل أشار المؤلف بقوله: وإن توقف، قال القاضي عبد الجبار: هو نسخ في الجزء دون الشرط.
وإلى القول بعدم النسخ مطلقًا لا فرق بين نسخ الجزء ونسخ الشرط أشار المؤلف بقوله: واختار فخر الدين والكرخي عدم النسخ، يعني لا فرق بين نسخ الجزء ونسخ الشرط (2) فلا يكون نسخ بعض العبادة نسخًا للباقي منها، كان ذلك البعض المنسوخ جزءًا من أجزائها أو شرطًا (3) من شروطها.
وأما القول بأنه نسخ مطلقًا فلم يذكره المؤلف ولم يذكر إلا القولين (4): قول بالتفصيل، وقول بعدم [النسخ](5) من غير تفصيل.
حجة القول المشهور، وهو عدم النسخ مطلقًا: أن إيجاب الحكم لجميع (6) العبادة يجري مجرى إثبات الحكم للعموم، فكما أن إخراج بعض العموم لا يقدح في الباقي فكذلك ها هنا (7)، فإذا نسخ البعض بقي [البعض، وبقي](8)
(1) انظر: شرح القرافي ص 320.
(2)
في ز: "نسخ الشرط ونسخ الجزء" بالتقديم والتأخير.
(3)
"شرطها" في ز.
(4)
"قولين" في ز.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
"بجميع" في ز.
(7)
انظر: المحصول 1/ 3/ 557، وشرح القرافي ص 320، والمسطاسي ص 71.
(8)
ساقط من ز.
الحكم [له](1)(2).
حجة القول بالنسخ مطلقًا: أن الباقي لا يجزئ قبل النسخ بانفراده فكذلك لا يجزئ بانفراده بعد النسخ (3).
أجيب عن هذا: بأن عدم الإجزاء إنما هو لأجل التكليف بالزائد (4).
حجة القول بالتفصيل بين الجزء والشرط: أن الجزء [هو](5) بعض أجزاء الماهية، والماهية حقيقة مركبة من أجزاء، فإذا عدم جزء من أجزائها بطلت الماهية كلها، بخلاف الشرط فإنه أمر خارج عن الماهية فلا يؤثر نسخه في نسخ الماهية (6).
…
(1) ساقط من ز.
(2)
"لما بقي" زيادة في ز.
(3)
في سياق هذا الدليل نظر؛ فإن الركعتين بعد النسخ تجزيان بانفرادهما، ودليلهم مبني على أن الإجزاء حكم شرعي، وقد كانتا لا تجزيان فصارتا تجزيان، فالنسخ اقتضى نفي عدم الإجزاء.
فالشوشاوي قلب الأمر وجعلهما لا تجزيان لا قبل النسخ ولا بعده، وليس الأمر كما قال.
انظر: المستصفى 1/ 116، والمحصول 1/ 3/ 558، والإحكام للآمدي 3/ 178، وشرح القرافي ص 320، والمسطاسي ص 71.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 321، والمسطاسي ص 71.
(5)
ساقط من ز.
(6)
انظر: المعتمد 1/ 448.