الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في الناسخ والمنسوخ
ش: أي: في بيان ما يقع به النسخ، وفي بيان ما يقع فيه النسخ.
قوله: ([و] (1) يجوز عندنا نسخ الكتاب بالكتاب وعند الأكثرين) (2).
ش: أي: مساواة (3) الناسخ والمنسوخ في القوة لتواترهما.
قوله: (وعند الأكثرين) تبع المؤلف في هذه الزيادة عبارة الإمام فخر الدين في المحصول (4).
(1) ساقط من نسخ المتن.
(2)
تبع الشوشاوي في تكرار هذه المسألة الرازي والقرافي والمسطاسي؛ حيث ذكروها هنا بعد أن بحثوها في المسألة الثانية من أحكام النسخ، إلا أنهم أحالوا على بحثها هناك، وهو أعاد المسألة برمتها هنا.
انظر: المحصول 1/ 3/ 460، 508، وشرح القرافي ص 306، 311، والمسطاسي ص 58، 63، وص 247 من مخطوط الأصل، 474 من هذا المجلد.
وانظر بحث المسألة في: اللمع ص 173، والفصول للباجي 1/ 455، والإشارة له ص 166، والإحكام لابن حزم 1/ 440، والتمهيد لأبي الخطاب 2/ 368، والإبهاج 2/ 251، والمعتمد 1/ 422، وشرح العضد 2/ 195، وجمع الجوامع 2/ 78، وشرح حلولو ص 264.
(3)
"المساوات" في الأصل، والمثبت أنسب للسياق.
(4)
قال الرازي في المحصول 1/ 3/ 460: اتفقت الأمة على جواز نسخ القرآن، وقال =
وقال الآمدي (1) والباجي (2) والقاضي عبد الوهاب: لا خلاف في جواز نسخ الكتاب بالكتاب.
حجة الجواز: وروده في نسخ وقوف الواحد للعشرة بوقوفه للاثنين (3)، وكذلك نسخ الاعتداد بالحول بالاعتداد بالأشهر الأربعة والعشر في حق المتوفى عنها (4) وهما في القرآن وغير ذلك مما وقع منه في القرآن، كما تقدم في الرد على أبي مسلم الأصبهاني (5).
حجة المنع: قوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} (6)؛ لأن النسخ إبطال (7).
أجيب عنه: بأن المعنى لم يتقدمه من الكتب ما يبطله، ولا يأتي بعده ما
= أبو مسلم بن بحر الأصفهاني: لا يجوز. اهـ.
وقال في 1/ 3/ 508: قال الأكثرون: يجوز نسخ الكتاب. اهـ، والأخيرة هي التي يريد الشوشاوي، ولعلك لاحظت اختلاف عبارتي الرازي، فلا ريب أنه يريد بالأولى اتفاق الأكثر.
(1)
عبارة الآمدي في الإحكام 3/ 146، هي: اتفق القائلون بالنسخ على جواز نسخ القرآن بالقرآن. اهـ. وهي عبارة لا تدل على ما قال الشوشاوي من نفي الخلاف.
(2)
انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 455.
(3)
انظر: الإيضاح لمكي بن أبي طالب ص 259، والمحصول 1/ 3/ 463، والمسطاسي ص 58.
(4)
انظر: الإيضاح ص 153، والإحكام للآمدي 3/ 146، والإبهاج 2/ 252، وشرح القرافي ص 306، والمسطاسي ص 58.
(5)
يريد الوجوه التي ذكرها في الاحتجاج على أبي مسلم في إنكاره النسخ جملة، وهي في ص 462 من هذا المجلد وما بعدها.
(6)
فصلت: 42، وتمامها:{تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .
(7)
انظر: المحصول 1/ 3/ 467، ونهاية السول 2/ 562، وشرح القرافي ص 306، والمسطاسي ص 58، 64.
يبطله (1).
قوله: (والسنة المتواترة بمثلها، والآحاد بمثلها، وبالكتاب، وبالسنة المتواترة إِجماعًا)(2).
ش: إنما جاز نسخ السنة المتواترة بمثلها لمساواتهما (3) في الطريق (4)، وكذلك نسخ الآحاد بمثلها لمساواة (5) الناسخ والمنسوخ في الطريق (6)، وأما جواز نسخ الآحاد بالكتاب أو بالسنة المتواترة فيجوز من باب الأولى والأحرى؛ فإنه إذا جاز النسخ بالمساوي فأولى وأحرى بالأقوى (7).
قوله: (إِجماعًا) راجع إلى الثلاث مسائل الآحاد (8).
(1) انظر: المصادر السابقة، والإبهاج 2/ 256.
(2)
انظر هذه المسائل في: المحصول 1/ 3/ 495 - 498، واللمع ص 173، والإحكام للآمدي 3/ 146، وشرح العضد 2/ 195، وانظر المسألتين الأوليين في: الفصول للباجي 1/ 455، والإشارة ص 166، والمعتمد 1/ 422، والمستصفى 1/ 126، وجمع الجوامع 2/ 78، وشرح القرافي ص 311، والمسطاسي ص 64، وشرح حلولو ص 264.
(3)
هكذا في الأصل، والأصوب:"لتساويهما".
(4)
انظر: شرح القرافي ص 311، والمسطاسي ص 64.
(5)
كذا في الأصل، والصواب:"لتساوي" أو لمساواة الناسخ المنسوخ.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 311، وشرح المسطاسي ص 64.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 311، وشرح المسطاسي ص 64.
(8)
أو إليهن وإلى المتواترة معهن، وهو الظاهر؛ لأن المسطاسي مثلاً قال: هو عائد على الصور الثلاث. اهـ.
قلت: والصور الثلاث: نسخ المتواتر بالمتواتر، ونسخ الآحاد بالآحاد، ونسخ الآحاد بالكتاب أو بالمتواتر. انظر: شرح المسطاسي ص 64.
قوله: (وأما جواز نسخ الكتاب بالآحاد، فجائز عقلاً [غير] (1) واقع (2) سمعًا، خلافًا لأهل الظاهر (3)، والباجي منا، مستدلاً بتحويل القبلة عن بيت المقدس إِلى الكعبة (4).
لنا: أن الكتاب متواتر قطعي فلا يرفع بالآحاد المظنونة، لتقدم العلم على الظن).
ش: هذا نسخ المتواتر بالآحاد (5)، ذكر فيه المؤلف قولين: قول بعدم الوقوع، وقول بالوقوع.
وذكر الباجي في الفصول قولاً ثالثًا، وهو منعه عقلاً (6)، فيكون في المسألة ثلاثة أقوال: الجواز مطلقًا عقلاً وسمعًا، والمنع مطلقًا عقلاً وسمعًا/ 250/، والجواز عقلاً والمنع سمعًا، وهو المشهور.
(1) ساقط من أ.
(2)
"وواقع" في أ.
(3)
"لبعض أهل الظاهر" في أوخ.
(4)
"مكة" في نسخ المتن الثلاث.
(5)
انظر هذه المسألة في: المحصول 1/ 3/ 498، وإحكام الفصول للباجي 1/ 467، والإشارة ص 167، والبرهان فقرة 1447، والمعتمد 1/ 430، والوصول لابن برهان 2/ 47، 49، واللمع ص 173، والإحكام للآمدي 3/ 146، وشرح العضد 2/ 195، والقرافي ص 311، وجمع الجوامع 2/ 78، والإحكام لابن حزم 1/ 477، والتبصرة ص 265، والمستصفى 1/ 126، والتمهيد لأبي الخطاب 2/ 382، والمسطاسي ص 64، وحلولو ص 265.
وهذه المسألة تشمل: نسخ الكتاب ونسخ السنة المتواترة بالآحاد.
(6)
انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 467.
وقد ذكره أيضًا: ابن برهان في الوصول 2/ 48، والمسطاسي ص 64.
قوله: (مستدلاً بتحويل القبلة عن بيت المقدس إِلى الكعبة) هذا دليل الوقوع الذي قال به الباجي وأهل الظاهر (1)، وذلك أن أهل قباء كانوا يصلون صلاة الصبح فأخبرهم رجل أرسله عليه السلام إليهم أن القبلة قد حولت من بيت المقدس إلى الكعبة، فاستداروا في [أول](2) الصلاة ولم يعيدوا الصلاة (3)، فعلم النبي عليه السلام ذلك فلم ينكره عليهم، مع أنه لم يثبت عند أهل قباء تحويل القبلة إلا بخبر واحد (4).
وردّ الاستدلال بهذا بثلاثة أوجه:
أحدها: أن هذا من باب نسخ السنة المتواترة بالآحاد، لا من باب نسخ الكتاب بالآحاد؛ لأن استقبال بيت المقدس لم يثبت بالقرآن، وإنما ثبت
(1) يختلف الباجي وأهل الظاهر في النظر إلى هذه المسألة.
فأهل الظاهر - وقال بقولهم بعض العلماء - يقولون بجواز نسخ الكتاب والسنة المتواترة بالسنة الآحادية مطلقًا.
أما الباجي فإنه يقول بجواز ووقوع نسخ خبر الواحد للقرآن وللسنة المتواترة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا بعده، وعلى هذا الرأي الغزإلي كما في المستصفى 1/ 126.
وانظر: الإحكام لابن حزم 1/ 477، والمسودة ص 202، والتبصرة ص 265، والإحكام للآمدي 3/ 148، والإشارة للباجي ص 167، والفصول له 1/ 467.
(2)
هذا ما ظهر لي في هذه الكلمة، وبعض الروايات صرحت بأنهم استداروا في أثناء الركوع.
(3)
حديث استدارة أهل قباء في أثناء الصلاة مشهور.
رواه البخاري ومسلم وأحمد عن ابن عمر، فانظره عند البخاري في الصلاة برقم 403، وفي التفسير برقم 4488، 4490، 4491، ومواضع أخرى.
وانظر: صحيح مسلم كتاب الصلاة الحديث رقم 526، وانظر: المسند 2/ 113.
(4)
انظر: الفصول للباجي 1/ 468، والإشارة ص 167، والمستصفى 1/ 126، والمحصول 1/ 3/ 504، وشرح العضد 2/ 195، والمسطاسي ص 64.
بالسنة؛ لأنه تواتر فعله عليه السلام بذلك مع أصحابه رضي الله عنهم (1).
أجيب عن هذا: بأن استقبال بيت المقدس ثابت بالقرآن، وهو قوله تعالى:{أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (2)؛ لأن هذا الدليل يدل على الصلاة بشروطها وأركانها وجميع هيئاتها، كأنه يقول: أقيموا الصلاة: شروطها وأركانها وجميع هيئاتها، فإن الدال على الماهية المركبة يدل على جميع أجزائها، فإن هذا الدليل مجمل بينه عليه السلام بفعله، فيدل قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (3) على استقبال بيت المقدس دلالة إجمالية، ويدل فعله عليه السلام على ذلك دلالة تفصيلية، قاله ابن العربي (4).
الوجه الثاني: سلمنا ثبوت نسخ القبلة في حق أهل قباء، ولكن إنما ذلك لأجل إقرار النبي عليه السلام ذلك؛ لأنه لما علمه ولم ينكره (5)، فيكون ذلك النسخ بإقراره عليه السلام لا من جهة خبر الرجل الواحد الذي أخبرهم بالتحويل.
الثالث: سلمنا ثبوت (6) النسخ في حق أهل قباء، ولكن لعل ذلك من قرائن ثبتت عندهم تدل على تحويل القبلة، كسماع ضجيج أهل المدينة وغير
(1) وعلى هذا فهو حجة عليهم؛ لأنهم يمنعون نسخ الآحاد للمتواتر، وانظر هذا الجواب في: المسطاسي ص 65.
(2)
الأنعام: 72.
(3)
هي في سورة البقرة: 43.
(4)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 9، وانظر: المسطاسي ص 65.
(5)
الأولى: لما علمه لم ينكره.
(6)
في الأصل: "سلمنا وثبوت".
ذلك مما يدل على التحويل لا من مجرد خبر الواحد (1).
واستدل الباجي أيضًا بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} (2) الآية، نسخها قوله عليه السلام:"نهيت عن أكل ذي ناب من السباع" وهو خبر واحد (3).
وردّ هذا الاستدلال بأن النسخ لا يصح ها هنا لفوات شرطه، وهو المنافاة بين الناسخ والمنسوخ؛ إذ لا منافاة (4) ها هنا بين هذه الزيادة والمزيد عليه، فإذا انتفت المنافاة انتفى النسخ (5).
واستدل الباجي أيضًا بقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (6)، نسخه قوله عليه السلام:"لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها"(7)(8).
(1) انظر: المحصول 1/ 3/ 507، والوصول لابن برهان 2/ 50، والإحكام للآمدي 3/ 149، وشرح العضد 2/ 195، والقرافي ص 312، والمسطاسي ص 65، وقد رد الغزالي على هذا: بأن القول بوجود القرائن يؤدي إلى إبطال خبر الواحد جملة، وإلى حمل عمل الصحابة على القرائن، قال: ولا سبيل إلى وضع ما لم ينقل.
انظر: المستصفى 1/ 126.
(2)
الأنعام: 145.
(3)
لم أجده فيما راجعت من كتب الباجي، وقد ذكره غير واحد من الأصوليين.
فانظر: المعتمد 1/ 430، والتبصرة: 270، وشرح القرافي ص 311، والمسطاسي ص 64.
(4)
"منافة" في الأصل.
(5)
انظر: شرح العضد 2/ 196، وشرح القرافي ص 312، والمسطاسي ص 65.
(6)
النساء: 24، وبعدها:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} .
(7)
حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما، وقد سبق تخريجه.
(8)
انظر: الدليل في المحصول 1/ 3/ 500، والمعتمد 1/ 431، وشرح القرافي ص 312، وشرح المسطاسي ص 64، ولم أجده فيما بين يدي من كتب الباجي.
وردّ هذا الاستدلال: بأن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال، فيحمل هذا العام على حالة عدم القرابة المذكورة، وكأنه يقول: وأحل لكم ما بقي من النساء في حالة ما (1).
وأيضًا لا نسلم أن هذا نسخ، وإنما هو تخصيص، وكلامنا ها هنا في النسخ لا في التخصيص (2).
وأيضًا: أن تحريم الجمع المذكور داخل في قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} (3)، فيكون الحديث المذكور بيانًا للآية لا أنه نسخ (4).
واستدل الباجي أيضًا بقياس النسخ على التخصيص؛ لأن التخصيص في المعنى نسخ في الأزمان (5)، وقد تقدم في المخصصات في الباب السادس أن خبر الواحد يخصص عند جمهور العلماء، ونصه فيما تقدم: ويجوز عندنا وعند الشافعي وأبي حنيفة تخصيص الكتاب بخبر الواحد (6).
وردّ هذا الاستدلال: بأن النسخ إبطال للمراد فيحتاط فيه أكثر، بخلاف
(1) انظر: شرح القرافي ص 312، وشرح المسطاسي ص 65.
(2)
انظر: التبصرة ص 271، والمحصول 1/ 3/ 506، وشرح القرافي ص 312، والمسطاسي ص 65.
(3)
النساء: 23.
(4)
انظر: شرح المسطاسي ص 65.
(5)
هذا الدليل يستدل به أيضًا من قال بالجواز العقلي على الجواز، وإن منع من ذلك سمعًا، وانظر الدليل في: شرح المسطاسي ص 64، والمعتمد 1/ 430، والمحصول 1/ 3/ 499، والإحكام للآمدي 3/ 418، وشرح القرافي ص 312. ولم أجده فيما راجعت من كتب الباجي.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 208، ومخطوط الأصل ص 172.
التخصيص؛ لأنه بيان المراد (1)(2).
قولنا (3): إن الكتاب متواتر قطعي فلا يرفع بالآحاد المظنونة لتقدم العلم على الظن، هذا دليل القول المشهور وهو عدم وقوعه؛ لأن الأضعف لا يحكم به على الأقوى (4).
(1) الأولى: بيان للمراد.
(2)
انظر: شرح العضد 2/ 195، وشرح القرافي ص 312، وشرح المسطاسي ص 64.
(3)
لعلها: "قوله لنا" لأن ما بعدها كلام الماتن.
(4)
انظر الدليل في: الفصول 1/ 468، والبرهان فقرة 1447، والمستصفى 1/ 126، واللمع ص 173، والإحكام للآمدي 3/ 147، وشرح العضد 2/ 195، والمسطاسي ص 64، وقد أجاب الباجي والغزالي عن هذا بجوابين:
1 -
أن المانعين هنا يقولون بالتعبد بخبر الواحد في زوال حكم العقل به، أي: رفع البراءة الأصلية - وهي مقطوع بها - بخبر الواحد المظنون، فكذلك الحكم هنا.
2 -
أن قولهم: حكم القرآن والخبر المتواتر معلوم، غير مسلم؛ لأنه إنما يكون متيقنًا بشرط عدم الناسخ، ولو قلنا بتيقنه مع ورود خبر الواحد للزم القطع بكذب الناقل لخبر الآحاد، وهم لا يقولون بذلك بل يعملون بخبر الواحد.
انظر: الفصول 1/ 468، 469، والمستصفى 1/ 126، وقد ذكر المسطاسي رأي الباجي واختياره، وذكر عن دليل الجمهور أجوبة أخرى حسنة، فانظر: شرحه ص 64.
قلت: قولهم: الآحاد يفيد الظن ليس على إطلاقه؛ لأن الإطلاق هنا قول بعض متكلمي الأشاعرة، كأبي بكر الباقلاني وأبي المعالي والرازي وأتباعهم، أما الذي عليه السلف من الأئمة الأربعة وأصحابهم وأهل الحديث وكثير من أهل الكلام فهو إفادة خبر الواحد العلم إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقًا له أو عملاً به، وليس هذا يعني أن مذهبهم أن ينسخ الكتاب والسنة بخبر الواحد، بل يعني أنه يجب أن يسوى خبر الواحد الذي هذا شأنه بالمتواتر في النسخ وعدمه؛ لأن بعضهم لا يقول بنسخ السنة المتواترة للكتاب.
وقد قال بإيجاب خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول العلم فطاحل علماء الأصول من أئمة المذاهب كأبي إسحاق الشيرازي وأبي يعلى وابن خويز منداد وغيرهم، =
قوله: (ويجوز نسخ السنة بالكتاب عندنا خلافًا للشافعي وبعض أصحابه (1) لنا: نسخ القبلة بقوله تعالى (2): {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (3) ولم يكن التوجه [إِلى بيت](4) المقدس (5) ثابتًا بالكتاب عملاً بالاستقراء) (6).
حجة الجواز: ما ذكره المؤلف، ولكن فيه نظر؛ لأن ما كان بيانًا لمجمل يعد مرادًا لذلك المجمل ويقدر كائنًا فيه، فيكون التوجه لبيت المقدس ثابتًا
= وستأتي هذه المسألة في باب الأخبار. انظر: الرسالة ص 228، 461، واللمع ص 210، والعدة 3/ 900، والفصول للباجي 1/ 291، ومجموع فتاوى ابن تيمية 13/ 351، وإرشاد الفحول ص 48.
(1)
هكذا في نسخ المتن، وهو الصواب، وفي الأصل: أصحابنا، ووجه صواب ما أثبت أن هذا الرأي منقول عن بعض أصحاب الشافعي كأبي الطيب الصعلوكي وأبي إسحاق الإسفراييني وأبي منصور البغدادي، انظر: الإبهاج 2/ 271، وانظر رأي الشافعي في الرسالة فقرة 324 وما بعدها.
(2)
"وحيثما كنتم" زيادة في نسخ المتن.
(3)
البقرة: 144، 150.
(4)
ساقط من أ، وفي ش:"لبيت".
(5)
"للمقدس" في أ.
(6)
هنا نهاية المتن وعادته أن يضع بعدها (ش) ولكنه لم يفعل.
وانظر هذه المسألة في: المحصول 1/ 3/ 508، والفصول 1/ 464، والإحكام لابن حزم 1/ 477، والإشارة ص 166، والبرهان فقرة 1440، واللمع ص 173، والتبصرة 272، والمستصفى 1/ 124، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 68، ومسلم الثبوت وشرحه فواتح الرحموت 2/ 78، والمعتمد 1/ 423، والوصول لابن برهان 2/ 45، وشرح العضد 2/ 197، وجمع الجوامع 2/ 78، وحلولو ص 265، والعدة لأبي يعلى 3/ 804، وشرح القرافي ص 312، والمسطاسي ص 65، وقد نقل المسطاسي فيها قولاً ثالثًا بالجواز وعدم الوقوع لابن سريج من الشافعية.
بالقرآن، وهو قوله تعالى:{أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (1) فيكون من باب نسخ الكتاب بالكتاب (2).
وحجة [أخرى](3): أن الصلاة كانت تؤخر بالسنة في الخوف إلى زمان الأمن، ثم نسخ بفعلها على الصفة المذكورة في القرآن (4)(5).
حجة الشافعي: قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} (6) قال: والحجة من هذه الآية من وجهين:
أحدهما: أنه جعل نبيه عليه السلام مبينًا، مفهومه: أن غيره لا يبين (7).
(1) الأنعام: 72.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 312، وشرح المسطاسي ص 167، من مخطوط مكناس رقم 352.
(3)
ليست في الأصل، ويقتضيها السياق.
(4)
يدل على تأخير الصلاة في أثناء الحرب تأخير صلاة العصر إلى المغرب في غزوة الخندق، وقد جاء هذا من حديث علي بن أبي طالب، وهو عند البخاري في المغازي برقم 4111، والدعوات برقم 6396، وعند مسلم في المساجد برقم 627، وعند الترمذي في التفسير برقم 2984، وعند أبي داود في الصلاة برقم 409، وعند ابن ماجه في الصلاة برقم 684.
وقد رواه جابر أيضًا، فانظر حديثه عند البخاري في المغازي برقم 4112، ومسلم في المساجد برقم 631، وأخرجه النسائي 2/ 17 في الصلاة عن أبي سعيد، وجاء في رواية له عن ابن مسعود أنه أخر ثلاث صلوات هي الظهر والعصر والمغرب إلى وقت العشاء وصلاهن جميعًا، فانظر: سنن النسائي 2/ 17، 18.
(5)
انظر الدليل في: الفصول 1/ 465، والإشارة ص 166، والمستصفى 1/ 124، والمحصول 1/ 3/ 510، والعدة 3/ 804، وشرح المسطاسي ص 66.
(6)
النحل: 44، وتمامها:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} .
(7)
انظر: شرح المسطاسي ص 66.
الوجه الثاني: أن السنة تبين الكتاب، فلو (1) كان الكتاب يبينها للزم الدور (2).
أجيب عن الأول: أنه مفهوم اللقب، والشافعي لا يقول به، ولم يقل به من أصحابه إلا الدقاق (3).
وأجيب عن الثاني بوجهين:
أحدهما: أن الذي بينت السنة من القرآن غير الذي بين القرآن من السنة، فلا دور (4).
الوجه الثاني: أن ذلك يعارضه قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (5)(6).
قوله: (ويجوز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، لمساواتها له في الطريق العلمي عند أكثر أصحابنا (7)، وواقع، كنسخ الوصية للوارث بقوله عليه السلام:"لا وصية لوارث" ونسخ آية الحبس في البيوت بالرجم، وقال الشافعي رضي الله عنه: لم يقع؛ لأن آية الحبس في البيوت نسخت بالجلد).
(1) في الأصل: "فلولا"، والصواب المثبت.
(2)
انظر: المحصول 1/ 3/ 513، واللمع ص 173، والتبصرة 273، وشرح القرافي ص 313، والمسطاسي ص 66.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 66.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 313، والمسطاسي ص 66.
(5)
النحل: 89.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 313، والمسطاسي ص 66.
(7)
"الأصحاب" في خ.
ش: ففي نسخ القرآن بالسنة المتواترة ثلاثة أقوال (1):
قال مالك: جائز وواقع (2)، وقال الشافعي: هو غير جائز ولا واقع (3) ،
(1) انظر للمسألة: المحصول 1/ 3/ 519، والفصول 1/ 455، والإشارة 166، والوصول 2/ 41، 43، ومقدمة ابن القصار ص 114، والبرهان فقرة 1440، واللمع ص 174، والتبصرة ص 264، والمعتمد 1/ 424، والإحكام لابن حزم 1/ 477، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 68، ومسلم الثبوت وشرحه 2/ 78، وجمع الجوامع مع شرح المحلي 2/ 87، وشرح العضد 2/ 197، والمستصفى 1/ 124، والآمدي في الإحكام 3/ 153، وشرح القرافي ص 313، وشرح المسطاسي ص 66، وحلولو ص 265.
(2)
نسب هذا لمالك القاضي المالكي: أبو الفرج.
انظر: مقدمة ابن القصار ص 114، والفصول للباجي 1/ 455.
(3)
انظر كلام الشافعي في: الرسالة فقرة 314، وأدلته بعد هذه الفقرة، وقد نسب منع الجواز عقلاً للشافعي: أبو الحسين في المعتمد 1/ 424، والباجي في الفصول 1/ 455، أما غيرهما ممن حكى هذا الرأي عن الشافعي رحمه الله فلم يصرح أحد منهم بنسبة المنع عقلاً للشافعي، فالرازي مثلاً قال: قال الشافعي: لم يقع، وصاحب البرهان قال: قطع الشافعي جوابه بأنه لا ينسخ
…
إلخ، والآمدي قال عنه: إنه قال: لا يجوز.
وقد كثر الكلام حول رأي الشافعي في هذه المسألة، وحمله الأصوليون على محامل كثيرة، وأحسن ما قيل في توضيح رأي الشافعي ما قاله ابن السبكي في الإبهاج، قال: ومن صدر الكلام أخذ من تقل عن الشافعي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سن سنة ثم أنزل الله في كتابه ما ينسخ ذلك الحكم، فلا بد أن يسن النبي صلى الله عليه وسلم سنة أخرى موافقة للكتاب تنسخ سنته الأولى، لتقوم الحجة في كل حكم بالكتاب والسنة جميعًا، ولا تكون سنة منفردة تخالف الكتاب. اهـ.
انظر: الإبهاج 2/ 272.
وانظر نسبة هذا القول مطلقًا للشافعي - أعني: نسبة المنع دون تقييد بجواز ووقوع - في: المحصول 1/ 3/ 519، والبرهان فقرة: 1440، والإشارة ص 166، والإحكام للآمدي 3/ 153، وقد نقل المسطاسي عن الباقلاني أن مذهب الشافعي =
وقال ابن سريج من الشافعية: هو جائز غير واقع (1).
حجة الجواز: مساواتهما في الطريق العلمي، وهو التواتر؛ فإن شرط الناسخ أن يكون مساويًا أو أقوى (2).
وحجة الوقوع: الآيتان المذكورتان في [الأم](3)، وآية ثالثة: وهي قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (4)، نسخه قوله عليه السلام:"لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها"(5) أجيب عن الآية الأولى: بأنه تخصيص لا نسخ؛ لأن الوصية جائزة لغير الوارث إذا كان قريبًا (6).
أجيب عن الآية الثانية: أن آية الحبس مغياة بالغايتين، فإذا جعل الله لهن
= المنع سمعًا فانظر شرحه ص 66. وقد نسب هذا الرأي صاحب المعالم ص 174 لبعض الشافعية ونسبه الآمدي في الإحكام 3/ 153، لأكثر أصحاب الشافعي وأكثر الظاهرية، ورواية لأحمد رحمه الله.
(1)
انظر: الفصول للباجي 1/ 456، والتبصرة ص 264، وقد اختار هذا الرأي أبو إسحاق الشيرازي في اللمع ص 174، والتبصرة ص 264، وبه أخذ أبو يعلى وساق فيه رواية عن أحمد، ونسبه للشافعي، انظر: العدة 3/ 788.
(2)
انظر الدليل في: الفصول 1/ 256، والبرهان فقرة 1440، ومقدمة ابن القصار ص 115، والإشارة ص 166، والتبصرة ص 267، والوصول لابن برهان 2/ 42، والمسطاسي ص 66.
(3)
هكذا في الأصل، ولعل الكلمة: المتن أو: الأصل، فصحفت.
(4)
النساء: 24.
(5)
انظر بعض أدلة الوقوع في: المحصول 1/ 3/ 520، والفصول للباجي 1/ 458، والمستصفى 1/ 124، والمعتمد 1/ 429، والإحكام للآمدي 3/ 153، والوصول لابن برهان 2/ 43، وشرح العضد 2/ 197، وشرح القرافي ص 313، والمسطاسي ص 66.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 313، والمسطاسي ص 66.
سبيلاً بالرجم أو غيره، كان بيانًا للغاية، لا أنه نسخ، بل ولا تخصيص (1).
حجة القول بامتناعه سمعًا لا عقلاً (2) وجهان:
أحدهما: قوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} (3)، فإن النسخ تبديل (4).
الوجه الثاني: قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (5)، والسنة ليست بخير من القرآن/ 251/ ولا هي مثله (6).
أجيب عن الآية الأولى: بأن آخر الآية: {[إِنْ] (7) أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (8)؛ فالسنة مما أوحي إليه عليه السلام، لقوله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى} (9)(10).
(1) انظر: العدة لأبي يعلى 3/ 800، وشرح المسطاسي ص 67.
(2)
هكذا في الأصل، ويظهر إنه أسقط أدلة القائلين بالامتناعين: العقلي والسمعي، وقد ذكر لهم المسطاسي في شرحه ص 67 ثلاثة أدلة، ولعل الشوشاوي لم يذكرها؛ لأن هذه تقوم مقامها، ولقلة من ذكرها من الأصوليين.
(3)
يونس: 15، وتمامها {إِنْ أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} .
(4)
انظر: المحصول 1/ 3/ 525، والفصول للباجي 1/ 459، والإحكام لابن حزم 1/ 477، والمسطاسي ص 67.
(5)
البقرة: 106.
(6)
انظر الدليل في: التبصرة ص 265، واللمع ص 174، والعدة 3/ 790، والوصول لابن برهان 2/ 44، والمسطاسي ص 67.
(7)
ساقط من الأصل.
(8)
يونس: 15.
(9)
النجم: 3، 4.
(10)
انظر: المستصفى 1/ 125، والبرهان فقرة 1440، والإحكام لابن حزم 1/ 478، والمسطاسي ص 67.
أجيب عن الآية الثانية: أنه لا يمتنع أن يثيب الله تعالى على العمل بالسنة أكثر مما يثيب على تلاوة الآية والعمل بها (1).
قوله: (قال الشافعي: لم يقع)، يقتضي أنه عنده جائز إلا أنه لم يقع، بل لا يجوز عنده (2)، انظر قول الشافعي في هذه المسألة بالمنع مناقض لاحتجاجه في المسألة التي قبلها فإنه احتج فيها بقوله تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (3)، وهذا يقتضي أن السنة تبين القرآن؛ لأن النسخ بيان (4)، والله أعلم.
قوله: (لأن آية الحبس في البيوت نسخت بالجلد، أي: آية النساء التي هي قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (5)، نسخت بآية الجلد التي هي قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (6).
قوله: (نسخت بالجلد) يعني لا بالرجم المتواتر في ماعز والغامدية (7)، فهو عند الشافعي من باب نسخ القرآن بالقرآن، لا من باب نسخ القرآن بالسنة.
(1) انظر: التبصرة ص 265، والفصول 1/ 461، 462، والمسطاسي ص 67.
(2)
سبق الكلام حول هذه النقطة في صدر المسألة، وانظر: شرح المسطاسي ص 168، من مخطوط مكناس رقم 352.
(3)
النحل: 44، وتمامها:{ولَعَلَّهُمْ يَتّفَكَّرُونَ} .
(4)
انظر احتجاج الشافعي بهذه الآية في ص: 511 من هذا المجلد، وانظر هذا الاعتراض في: شرح المسطاسي ص 168 من مخطوط مكناس رقم 352.
(5)
النساء: 15.
(6)
النور: 2.
(7)
في الأصل: "العامرية".
قال المؤلف في شرحه: قول الشافعي: إن آية الحبس نسخت بالجلد، ظاهره أن آية الجلد نزلت بعد آية الحبس (1)، بل ظاهر السنة يقتضي خلاف ذلك؛ لأنه عليه السلام قال:"خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيّب بالثيّب رجم بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام"(2)، فظاهر هذا أن الآن نسخ ذلك الحكم (3).
قوله: (والإِجماع لا ينسخ ولا ينسخ به)(4).
ش: ذكر المؤلف رحمه الله، أن الإجماع لا يكون ناسخًا ولا منسوخًا، ولم يذكر فيه خلافًا، كذلك قال الإمام في المحصول (5)، والباجي في الفصول (6).
(1) في الشرح للقرافي ص 313 زيادة هي: فذلك يتوقف على تاريخ لم يتحقق، ومن أين لنا أن آية الجلد نزلت بعد آية الحبس؟ بل ظاهر
…
إلخ.
(2)
حديث عبادة بن الصامت المشهور، وقد سبق تخريجه، لكني لم أجد هذا اللفظ، أعني بإسقاط الجلد عن الثيب، بل كل الروايات تصرح بأن على الثيب الجلد والرجم، فانظر تخريج الحديث فيما سبق، وانظر أيضًا: صحيح مسلم رقم 1690، وسنن أبي داود رقم 4415.
(3)
في شرح القرافي: فظاهره يقتضي أنه الآن نسخ ذلك الحكم. انظر: شرح القرافي ص 313، وانظر: شرح المسطاسي ص 168، من مخطوط مكناس رقم 352.
(4)
انظر للمسألة: اللمع ص 167، 174، والعدة لأبي يعلى 3/ 826، والمعتمد 1/ 432، والمحصول 1/ 3/ 531، والإحكام لابن حزم 1/ 488، والمستصفى 1/ 126، والفصول 1/ 472، والإحكام للآمدي 3/ 160، والوصول 2/ 51، 52، وشرح العضد 2/ 198، 199، ومسلم الثبوت 2/ 81، وشرح القرافي ص 314، وحلولو ص 267، والمسطاسي ص 68.
(5)
انظر: المحصول 1/ 3/ 531، وقد نقل خلاف عيسى بن أبان بجواز كون الإجماع ناسخًا، وانظر: القرافي ص 314.
(6)
انظر: الفصول للباجي 1/ 462.
ونقل الآمدي (1) وابن الحاجب (2): الخلاف، هل يجوز انعقاد الإجماع بعد الإجماع أم لا؟ (3).
وقال بعضهم: سبب الخلاف: هل يصح انعقاد الإجماع بمجرد البحث من غير ذلك أم لا؟ (4).
وإنما لم يعرج المؤلف إلى هذا الخلاف لشذوذه.
قوله: (والإِجماع لا ينسخ، وإِنما لا ينسخ، أي: لا يكون منسوخًا، أي: لا يجوز أن يكون منسوخًا؛ لأن الناسخ له لا يخلو إِما أن يكون كتابًا، أو سنة، أو إِجماعًا، أو قياسًا، والكل باطل)(5).
أما الكتاب والسنة فلم يمكن نسخ الإجماع بهما لتعذرهما بعد وفاة النبي عليه السلام.
وأما الإجماع لم يمكن نسخ الإجماع به؛ لأنه إما أن يكون عن دليل، أو
(1) انظر: الإحكام 3/ 160، أما جواز كونه منسوخًا فنسبه لقليل من العلماء لم يذكرهم، وأما كونه ناسخًا فنسبه لبعض المعتزلة وعيسى بن أبان، وانظر: شرح القرافي ص 314.
(2)
انظر: مختصر المنتهى لابن الحاجب مع شرح العضد 2/ 198، 199، ولم ينسب الخلاف لأحد، وإنما ذكر أن مذهب الجمهور المنع.
(3)
وقد حكى الخلاف أيضًا ابن برهان في الوصول عن بعض المعتزلة في كونه ناسخًا، وعن بعض الأصوليين في كونه منسوخًا، انظر: الوصول 2/ 51، 52، وانظر: شرح المسطاسي ص 68.
(4)
انظر: شرح المسطاسي ص 68.
(5)
انظر هذا التقسيم في: المعتمد 10/ 432، 433، والمحصول 1/ 3/ 531، والإحكام للآمدي 3/ 160، وشرح القرافي ص 314، وشرح المسطاسي ص 68.
عن غير دليل، فإن كان عن دليل بطل الإجماع الأول؛ لأنه خطأ، وإن كان عن غير دليل بطل الثاني؛ لأنه خطأ.
وأما القياس فلا يمكن نسخ الإجماع به أيضًا؛ لأن من شرط القياس ألا يكون مخالفًا للإجماع، فلا يصح نسخ الإجماع مطلقًا.
قوله: (ولا ينسخ به، وإِنما لا يجوز النسخ بالإِجماع أي: لا يجوز أن يكون ناسخًا؛ لأنه لا يخلو: إِما أن يكون ناسخًا للكتاب، أو السنة، أو الإِجماع، أو القياس، والكل باطل)(1)(2).
أما الكتاب والسنة فلا يمكن أن ينسخهما الإجماع (3)؛ لأنهما مستنده.
وأما الإجماع فلا يمكن أن ينسخه الإجماع؛ لأن أحدهما لا بد أن يكون خطأ؛ لأن الأول إن كان عن دليل بطل الثاني، وإن كان من (4) غير دليل بطل [الأول](5).
وأما القياس فلا يمكن أن ينسخه الإجماع؛ لأن من شرط القياس أن لا يكون مخالفًا للإجماع.
فامتنع النسخ بالإجماع مطلقًا أيضًا، كان ناسخًا أو منسوخًا.
قوله: (والإِجماع لا ينسخ ولا ينسخ به)، عارضه بعضهم [بالإجماع](6)
(1) هنا انتهى الخرم الذي في نسخة ز.
(2)
انظر هذا التقسيم في: المحصول 1/ 3/ 534، والمعتمد 1/ 433، والإحكام للآمدي 3/ 161، وشرح القرافي ص 314، وشرح المسطاسي ص 68.
(3)
في ز: "فلا يمكن نسخهما بالإجماع".
(4)
"عن" في ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
ساقط من ز.
على مصحف الصديق، والإجماع على مصحف عثمان رضي الله عنه (1).
قوله: (ويجوز نسخ الفحوى الذي [هو] (2) مفهوم الموافقة تبعًا للأصل، ومنع (3) أبو الحسين من نسخه مع بقاء الأصل رفعًا (4) للتناقض بين تحريم التأفيف مثلاً وحل (5) الضرب (6)).
ش: ها هنا ثلاثة أوجه:
أحدها: نسخ الفحوى مع نسخ أصله.
الثاني: نسخ الفحوى مع بقاء أصله.
الثالث: نسخ الأصل مع بقاء الفحوى.
(1) سقط من المتن نسخ القياس، والنسخ به حيث لم يذكره القرافي، وتبعه الشوشاوي في هذا الشرح، قد ذكره القرافي في شرحه ص 316، والمسطاسي ص 69، ولمبحث نسخ القياس والنسخ به، انظر: اللمع ص 167، 174، والمحصول 1/ 3/ 536، والتبصرة ص 274، والفصول 1/ 473، والمعتمد 1/ 434، والوصول 2/ 54، والعدة 3/ 827، والإحكام للآمدي 3/ 163، 164، وشرح العضد 2/ 199، وجمع الجوامع 2/ 80، 81، والمستصفى 1/ 126، ومسلم الثبوت 2/ 84، وحلولو ص 268.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
"ومنعه" في ز.
(4)
"دفعًا" في نسخ المتن.
(5)
"وجل" في ز.
(6)
انظر المسألة في: المعتمد 1/ 436، والمحصول 1/ 3/ 539، والإحكام للآمدي 3/ 165، وجمع الجوامع 2/ 81، ومسلم الثبوت 2/ 87، والعدة 3/ 827، والوصول 2/ 56، وشرح العضد 2/ 200، وشرح القرافي ص 315، والمسطاسي ص 68، وحلولو ص 268.
أما نسخهما معًا فلا خلاف في جوازه (1)، وإليه أشار المؤلف بقوله:(ويجوز نسخ الفحوى الذي هو مفهوم الموافقة تبعًا للأصل).
قوله: (تبعًا للأصل) أي: [في](2) حالة كونه منسوخ الأصل [أي في حالة كون](3) الفحوى تابعًا لأصله في النسخ، معناه: نسخا معًا.
قوله: (تبعًا للأصل) شرطٌ احترازًا من نسخ الفحوى مع بقاء الأصل، وهو الوجه الثاني.
قوله: (ومنع أبو الحسين من نسخه مع بقاء الأصل) هذا هو الوجه الثاني، وهو نسخ الفحوى دون الأصل، ففي [جواز] (4) هذا الوجه قولان: منعه أبو الحسين (5)، وجوّزه غيره (6).
(1) حكى الاتفاق على هذا: الرازي في المحصول 1/ 3/ 539، والآمدي في الإحكام 3/ 165، والمسطاسي ص 68، وقد نقل أبو يعلى في العدة 3/ 828 أن أبا إسحاق الإسفراييني حكى عن بعض أصحاب الشافعي أنه لا ينسخ ولا ينسخ به.
(2)
ساقط من ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
انظر: المعتمد 1/ 437، وقد نقله عنه الرازي في المحصول 1/ 3/ 539، ولم ينكره، وانظر: الإحكام للآمدي 3/ 166؛ حيث نقل عن عبد الجبار قولاً بمنعه، هو يعني ما قال أبو الحسين في المعتمد 1/ 437، من أن القاضي عبد الجبار منع منه في الدرس، وانظر: شرح المسطاسي ص 68.
(6)
انظر: المعتمد 1/ 437؛ حيث نقله عن عبد الجبار في العمد، ونقله أيضًا الآمدي في الإحكام 3/ 166، وقد اختار الآمدي التفصيل: فيمتنع إن قلنا: إن دلالته قياسية، ويجوز إذا قلنا: إن دلالته لفظية، وانظر: الإبهاج 2/ 281، وشرح القرافي ص 315.
حجة أبي (1) الحسين القائل (2) بمنع نسخ الفحوى مع بقاء أصله (3) على حكمه: أن (4) قوله تعالى مثلاً: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (5)، فلو ورد بعد هذا جواز الضرب مع بقاء تحريم التأفيف لكان في ذلك تناقض؛ لأن جواز الضرب يقتضي جواز التأفيف بأولى وأحرى، وذلك الجواز يناقض تحريم التأفيف، فيجتمع الجواز والتحريم في التأفيف (6) وذلك متناقض (7)(8)، فهذا معنى قول المؤلف: رفعًا للتناقض بين تحريم التأفيف [مثلاً](9) وحل الضرب.
حجة القول بجواز نسخ الفحوى مع بقاء الأصل على حكمه: أن كل واحد من الفحوى والأصل له دلالة مستقلة بنفسها، فإذا رفعت إحداهما بقيت الأخرى (10)، فإن ورد جواز الضرب بقي التأفيف على تحريمه، فيكون هذا من باب التخصيص (11)؛ لأن قوله تعالى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (12) يقتضي تحريم أنواع الأذى كلها، ثم خصص من ذلك الضرب بالجواز، وبقي
(1)"أبو" في ز.
(2)
"القول" في ز.
(3)
"الأصل" في ز.
(4)
"لأن" في ز.
(5)
الإسراء: 23، وتمامها:{وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} .
(6)
"الجواز والتحريم والتأفيف" في ز.
(7)
"تناقض" في ز.
(8)
انظر: المعتمد 1/ 437، والمحصول 1/ 3/ 539، وشرح القرافي ص 315.
(9)
ساقط من ز.
(10)
انظر: الإحكام للآمدي 1/ 166، والإبهاج 2/ 282.
(11)
انظر: شرح المسطاسي ص 68.
(12)
الإسراء: 23.
ما عداه من التأفيف وغيره على التحريم.
قوله: (ومنع أبو الحسين [من نسخه] (1) مع بقاء الأصل) سكت المؤلف عن الوجه الثالث، وهو عكس هذا، وهو نسخ الأصل مع بقاء الفحوى، كما إذا (2) ورد بعد ذلك جواز التأفيف مع بقاء الضرب مثلاً على حكم التحريم، ففي جوازه أيضًا قولان (3)، فحاصل ما ذكرنا (4) ثلاثة أوجه:[وجه باتفاق، ووجهان بالخلاف؛ فالوجه الذي هو بالاتفاق فهو (5) نسخ الفحوى والأصل معًا، والوجهان بالخلاف: نسخ الفحوى دون الأصل، ونسخ الأصل دون الفحوى، وفي هذين الوجهين ثلاثة أقوال: الجواز فيهما، والمنع فيهما، والقول الثالث: يجوز نسخ الأصل ولا يجوز نسخ الفحوى، وهذا هو القول المختار عند الأصوليين؛ لأن إباحة التأفيف لا يستلزم إباحة الضرب بخلاف العكس](6)(7).
قوله: (ويجوز النسخ به وفاقًا، لفظية كانت دلالته أو عقلية (8) على
(1) ساقط من ز.
(2)
"إذ" في ز.
(3)
قول بالمنع، وعليه الأكثر، وقول بالجواز، واختاره ابن الحاجب وابن عبد الشكور، وفيه قول ثالث بالتفصيل كما في القسم الثاني، واختاره الآمدي، انظر: الإحكام للآمدي 3/ 165، 166، وشرح العضد 2/ 200، ومسلم الثبوت 2/ 87، وشرح المسطاسي ص 68.
(4)
"ذكر" في ز.
(5)
الأولى: "هو نسخ
…
" إلخ، بحذف الفاء.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
(7)
انظر: شرح المسطاسي ص 68.
(8)
"قطعية" في ش.
الخلاف).
ش: لما ذكر المؤلف حكم الفحوى بالنسبة إلى كونه منسوخًا تكلم ها هنا على حكمه بالنسبة إلى كونه ناسخًا، أي: يجوز النسخ بمفهوم (1) الموافقة اتفاقًا (2)، [و] (3) لكن قوله:(وفاقًا)، يعني: اتفاق الجمهور، وإلا فقد ذكر [فيه](4) الباجي وابن الحاجب الخلاف (5).
مثال هذا: كما لو ورد تحليل (6) الضرب/ 252/ فيستدل به على [نسخ](7) تحريم التأفيف.
قوله: (لفظية كانت دلالته أو عقلية) أراد بالعقلية القياس؛ لأن الناس اختلفوا في دلالة الفحوى؛ هل هي عقلية أو [هي](8) لفظية؟
فقيل: هي عقلية؛ لأن الحكم ثابت بالقياس، أي: حكم المسكوت عنه
(1)"بفهوم" في الأصل.
(2)
نقل هذا الاتفاق الرازي في المحصول 1/ 3/ 540، والآمدي في الإحكام 1/ 165، ونقل القول بالجواز ابن برهان في الوصول 2/ 55، وأبو الحسين في المعتمد 1/ 436، ولم يحكيا خلافًا.
(3)
ساقط من ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
لم أجد نقلاً عن الباجي ولا عن ابن الحاجب في هذا، وقد ذكر هذا الرأي - أي المنع من جواز النسخ بالفحوى - أبو إسحاق الشيرازي في اللمع، واختاره، ونسب المسطاسي إلى الباجي أنه قال: يصح النسخ به عند الجمهور، فهذا يدل على الخلاف، وانظر: اللمع ص 174، والمسطاسي ص 69.
(6)
في ز: "تحـ" حرفان، ثم بعدها فراغ بمقدار كلمة، كأن الناسخ شك فيها فتركها.
(7)
ساقط من ز.
(8)
ساقط من ز.
ثابت بالقياس على حكم المنطوق به.
وقيل: الدلالة لفظية؛ لأن لفظ المنطوق [به يدل](1) على حكم المسكوت عنه بدلالة الالتزام (2).
وعلى كل تقدير [سواء](3) قلنا: عقلية، أو قلنا: لفظية يصح النسخ به؛ لأن حكمه صار مناقضًا لحكم ما تقدمه، فيصح النسخ به؛ كغيره من سائر ما يجوز به النسخ (4).
قوله: (والعقل يكون ناسخًا في حق من سقطت رجلاه، فإِن (5) الوجوب ساقط عنه. قاله الإِمام).
ش: قال المؤلف في شرحه: ليس هذا (6) بنسخ، فإن بقاء المحل شرط، وعدم الحكم لعدم شرطه أو سببه أو قيام (7) مانعه ليس بنسخ، وإلا كان النسخ واقعًا طول (8) الزمان، لطريان الأسباب وعدمها (9)، فقول الإمام فخر الدين: سقوط غسل الرجلين بسقوط الرجلين، هو نسخ لوجوب غسل الرجلين
(1) ساقط من ز، ومكانها فراغ، وقد جعل الناسخ فوقه إشارة الإلحاق، وكتب في الهامش:"أظن ثابت".
(2)
انظر: التبصرة للشيرازي ص 227، وشرح القرافي ص 316، وشرح المسطاسي ص 69.
(3)
ساقط من ز، ومكرر في الأصل.
(4)
انظر: شرح المسطاسي ص 69.
(5)
"بأن" في ز.
(6)
"هذا ليس" في ز بالتقديم والتأخير.
(7)
"وقيام" في الأصل.
(8)
في ز: "ط" فقط، وجعل بعدها فراغًا بمقدار كلمة.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 316، والمسطاسي ص 69، وحلولو ص 269.
المأمور [به في](1) قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (2)(3)، لا يصح، وإنما ذلك [من باب سقوط الحكم لعدم محله](4)(5).
…
(1) ساقط من ز، وجعل بدلها:"أن".
(2)
المائدة: 6.
(3)
انظر: المحصول 1/ 3/ 113.
(4)
ساقط من ز.
(5)
منع الباجي في الفصول 1/ 413، والشيرازي في اللمع ص 175، أن يكون العقل ناسخًا أو منسوخًا.
وقد أشار الرازي في محترزات التعريف في أول النسخ إلى أن العقل لا ينسخ، بضم الياء.
قال: ولا يلزم أن يكون الشرع ناسخًا لحكم العقل؛ لأن العقل ليس بطريق شرعي.
انظر: المحصول 1/ 3/ 429.