المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس في المجمع عليه - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٤

[الحسين الشوشاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابعفي أقل الجمع

- ‌الباب الثامنفي الاستثناء

- ‌(الفصل الأول في حده:

- ‌الفصل الثاني في أقسامه

- ‌الباب التاسعفي الشروط

- ‌الفصل الثاني في حقيقته

- ‌الفصل الثالث في حكمه

- ‌الباب العاشرفي المطلق والمقيد

- ‌الباب الحادي عشرفي دليل الخطاب

- ‌الباب الثاني عشرفي المجمل والمبين

- ‌الفصل الثاني فيما ليس مجملًا

- ‌الفصل الثالث في أقسامه

- ‌الفصل الرابع في حكمه

- ‌الفصل الخامس في وقته

- ‌الفصل السادس في المبين له

- ‌الباب الثالث عشرفي فعله عليه الصلاة والسلام

- ‌الفصل الأول في دلالة فعله عليه السلام

- ‌الفصل الثاني في اتباعه عليه السلام

- ‌الفصل الثالث في تأسيه عليه السلام

- ‌الباب الرابع عشرفي النسخ

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في الناسخ والمنسوخ

- ‌الفصل الرابع فيما يتوهم أنه ناسخ

- ‌الفصل الخامس فيما يعرف به النسخ

- ‌الباب الخامس عشرفي الإجماع

- ‌الفصل الأول في حقيقته

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في مستنده

- ‌الفصل الرابع في المجمعين

- ‌الفصل الخامس في المجمع عليه

الفصل: ‌الفصل الخامس في المجمع عليه

‌الفصل الخامس في المجمع عليه

ش: أي في بيان ما يصح فيه الإجماع وما لا يصح فيه الإجماع، أي: في بيان ما يثبت بالإجماع وما لا يثبت بالإجماع، أي في بيان ما يكون الإجماع فيه (1) حجة وما لا يكون الإجماع فيه حجة.

قوله: (كل ما يتوقف [عليه] (2) العلم بكون (3) الإِجماع [حجة](4) لا يثبت بالإِجماع، كوجود الصانع وقدرته وعلمه، والنبوة، وما لا يتوقف عليه، كحدوث العالم والوحدانية، فيثبت، واختلف (5) في كونه حجة في الحروب والآراء (6)).

ش: حاصل هذا أربعة أوجه:

أحدها: ما يتوقف صحة الإجماع عليه أول النظر.

الثاني: ما لا يتوقف عليه إلا بالنظر البعيد.

(1)"فيه الإجماع" في ز بالتقديم والتأخير.

(2)

ساقط من نسخ المتن.

(3)

"يكون" في ز.

(4)

ساقط من نسخ المتن.

(5)

"واختلفوا" في نسخ المتن.

(6)

"والآراءي" في الأصل وز، والمثبت من نسخ المتن.

ص: 675

الثالث: ما لا يتوقف عليه أصلاً [وهو أمر دنيوي.

الرابع: ما لا يتوقف عليه أصلاً وهو أمر ديني] (1).

أما ما يتوقف عليه الإجماع أول النظر فلا يثبت بالإجماع باتفاق (2)، وإليه أشار المؤلف بقوله:(كل ما يتوقف عليه العلم بكون الإِجماع حجة لا يثبت بالإِجماع، كوجود الصانع وقدرته وعلمه، والنبوة).

وبيان ذلك: أن الإجماع من متوقف على الدليل السمعي، والدليل السمعي متوقف على النبوة، والنبوة متوقفة على الربوبية، والنبوة أيضًا متوقفة (3) على كون الرب جل وعلا حيًا عالمًا قادرًا مريدًا، [وإنما قلنا بتوقف النبوة على كون الرب جل وعلا حيًا، لاستحالة وجود الرسول بغير مرسل](4).

وإنما قلنا بتوقف النبوة على كون الرب جل وعلا عالمًا؛ إذ لا يرسل الرسول إلا من يعلمه.

وإنما قلنا بتوقف النبوة على كون الرب جل وعلا قادرًا؛ إذ لا يفعل الفعل إلا من هو قادر عليه.

وإنما قلنا بتوقف النبوة على كون الرب جل وعلا مريدًا؛ لأن (5) إرسال

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(2)

قد نقل الغزالي عن طائفة القول بثبوت الإجماع في هذا القسم فلعله هنا أراد اتفاق الجمهور، فانظر: المنخول ص 316، وانظر رأي الجمهور في: اللمع ص 251، والمحصول 2/ 1/ 291، والمعتمد 2/ 493، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 284، والإحكام للآمدي 1/ 283، والإبهاج 2/ 411، ونهاية السول 3/ 268.

(3)

"متوقف" في ز.

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(5)

"لأنه" في ز.

ص: 676

زيد دون عمرو يدل على أنه مريد؛ لأن اختيار شيء دون شيء يدل على الإرادة.

فتبين بما قررناه: أن الإجماع فرع (1) السمع، والسمع فرع النبوة، والنبوة فرع الربوبية المتصفة بالحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، فظهر بذلك توقف الإجماع على هذه الأمور؛ إذ لولا هذه الأمور لما وجد الإجماع، فلو توقفت (2) هذه الأمور على وجود الإجماع للزم الدور، والدور ممنوع؛ لأنه محال (3).

قوله: (كوجود الصانع وقدرته وعلمه، والنبوة).

هذه أربعة أمثلة، أي لا يثبت وجود الصانع جل وعلا بالإجماع، لتوقف وجود الإجماع على وجود الصانع.

ولا تثبت (4) قدرة الله بالإجماع، لتوقف [وجود](5) الإجماع على وجود القدرة، ولا يثبت علم الله بالإجماع، لتوقف الإجماع على علم الله تعالى.

ولا تثبت (6) النبوة بالإجماع، لتوقف الإجماع على صحة النبوة.

قوله: (وما لا يتوقف عليه كحدوث العالم والوحدانية فيثبت).

(1)"عن" زيادة في ز.

(2)

"توقف" في ز.

(3)

انظر: شرح القرافي ص 343، والمسطاسي ص 92.

(4)

"يثبت" في ز.

(5)

ساقط من ز.

(6)

"يثبت" في ز.

ص: 677

هذا هو الوجه الثاني من الأربعة الأوجه (1)، وهو ما لا يتوقف عليه الإجماع إلا بالنظر البعيد، كحدوث العالم والوحدانية.

بيان (2) ذلك: أن العقل لو فرض قدم العالم لم يكن الإرسال مستحيلاً في ذاته، فلا يتوقف الإجماع على حدوث العالم، وإنما يتوقف عليه بالنظر البعيد، وهو أنه يلزم من قدم العالم نفي الإرادة، فإن القديم يستحيل أن يراد (3).

وكذلك الوحدانية أيضًا لا يتوقف عليها الإجماع في أول النظر؛ لأنه لو فرض العقل إلهين (4) اثنين أو أكثر لتصور العقل من كل واحد منهما الإرسال ولم يكن ذلك مستحيلاً في أول النظر، فلا يتوقف الإجماع على الوحدانية في بادئ النظر، وإنما يتوقف عليه في النظر البعيد، وهو أنه من المحال أن يثبت عالَم مع (5) الشركة حتى يوجد فيه إرسال (6)، وهذا الوجه المذكور / 269/ اختلف فيه، هل يثبت بالإجماع أو لا؟ قولان، سببهما: هل النظر إلى مطلق التوقف؟ فلا يثبت بالإجماع (7)، أو النظر إلى بعد التوقف، فيثبت بالإجماع (8).

(1) الأولى أن يكتفي بتحلية تمييز العدد بأل، وقد كرر هذا الأسلوب مرارًا.

(2)

"وبيان" في ز.

(3)

انظر: شرح القرافي ص 443، والمسطاسي ص 92.

(4)

"اللهين" في ز.

(5)

"على" في ز.

(6)

انظر: شرح القرافي ص 344، والمسطاسي ص 92.

(7)

انظر هذا الرأي في: اللمع ص 251، والإبهاج 2/ 411، وشرح العضد على ابن الحاجب 2/ 44، ونهاية السول 3/ 269.

(8)

انظر هذا الرأي في: التمهيد لأبي الخطاب 3/ 284، والمحصول 2/ 1/ 291، =

ص: 678

قوله: (واختلف في كونه حجة في الحروب والآراء (1)).

هذا هو الوجه الثالث من الأربعة الأوجه، وهو ما لا يتوقف عليه الإجماع وهو أمر دنيوي كالحروب والآراء (1)، أي: إذا أجمع الصحابة رضي الله عنهم على كيفية في الحروب كترتيب الجيوش من تقسيمها (2) على خمسة أقسام: المقدمة (3) والساقة، والميمنة، والميسرة، والقلب (4)، وكذلك تدبير أمور الرعية، فهل تجوز مخالفتهم فيما أجمعوا عليه في هذا ونحوه من مصالح الدنيا أو لا تجوز مخالفتهم؟ قولان: والمختار منهما منع المخالفة.

قال القاضي عبد الوهاب في الملخص: والأشبه بمذهب مالك أنه لا تجوز مخالفتهم فيما اتفقوا عليه من الحروب والآراء (5)، غير أني لا أحفظ فيه شيئًا عن أصحابنا (6).

حجة القول بمنع المخالفة (7): أن الأدلة الدالة على كون الإجماع حجة

= والإبهاج 2/ 411، ونهاية السول 3/ 268، وشرح العضد 2/ 44، وتيسير التحرير 3/ 262، والمسطاسي ص 93.

(1)

في الأصل وز: "والاراءى" هكذا، والتعديل من نسخ المتن كما سبق.

(2)

"وتقسيمها" في ز.

(3)

"المتقدمة" في ز.

(4)

انظر: تبصرة أرباب الألباب في كيفية النجاة في الحروب من الأسواء للطرطوسي ص 23، 24، والفن الحربي في صدر الإسلام لعبد الرؤوف عون ص 238.

(5)

في النسختين: "الاراءى"، والمثبت من نسخ المتن كما سبق.

(6)

انظر: النص منسوبًا لعبد الوهاب في: شرح القرافي ص 344، والمسطاسي ص 93.

(7)

وهو قول لعبد الجبار نقله صاحب المعتمد 2/ 494، وانظر ذكر هذا القول في: =

ص: 679

عامة، في كل ما أجمعوا عليه، كان دينيًا أو دنيويًا (1)، لثبوت عصمة الأمة من الخطأ، لقوله عليه السلام:"لا تجتمع أمتي على خطأ"(2).

حجة القول بجواز مخالفتهم (3) في هذا: أن الأدلة إنما دلت على عصمتهم فيما يقولونه عن الله تعالى، وهذا ليس منه، فلا يكون إجماعهم على هذا حجة.

أجيب عنه: بأن هذا تخصيص، والأصل عدمه (4).

وأما ما لا يتوقف عليه الإجماع أصلاً وهو أمر ديني، وهو الوجه الرابع من الأوجه الأربعة المذكورة، لم ينص (5) عليه المؤلف في هذا الفصل؛ فإنه يثبت بالإجماع اتفاقًا من غير خلاف (6).

= المحصول 2/ 1/ 292، والإحكام للآمدي 1/ 284، والمسودة ص 317، ونهاية السول 3/ 238، وتيسير التحرير 3/ 263.

(1)

في الأصل: "دنويا"، وفي ز:"دنياويا"، والقياس هو المثبت؛ لأن الألف ألف التأنيث المقصورة فتقلب واوًا ثم تلحق بها ياء النسب، وأما عبارة نسخة ز وهي دنياويا فهي سماعية، قال أبو علي الفارسي في التكملة: وفي دنيا دنيي وإن شئت دنيوي، وقالوا: دنياوي. اهـ. انظر ص 54.

(2)

انظر: شرح القرافي ص 344، والمسطاسي ص 92.

(3)

وهذا هو القول المشهور، وهو قول جماهير علماء الأصول. انظر: اللمع ص 251، والمعتمد 2/ 494، والإحكام للآمدي 1/ 284، والمسودة ص 317، ونهاية السول 3/ 238، 268، وتيسير التحرير 3/ 262.

(4)

انظر الدليل وجوابه في: شرح القرافي ص 344، والمسطاسي ص 93.

(5)

كذا في النسختين والأولى: فلم ينص

إلخ.

(6)

مر بنا في أول الإجماع ص 583، من هذا المجلد أن إمام الحرمين خالف في دخول الإجماع في العقليات، وقد نبه عليه الشوشاوي هناك، وفاته التنبيه عليه هنا. انظر: البرهان فقرة 663، ونهاية السول 3/ 238، 268، وشرح القرافي ص 322، والمسطاسي ص 73، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 81، وانظر رأي الجمهور في =

ص: 680

ولكن وإن لم ينص عليه المؤلف ها هنا، فقد ذكره (1) أول الباب بقوله:(وهو اتفاق أهل الحل والعقد من هذه الأمة في أمر من الأمور) -[إلى قوله: - (وبأمر من الأمور](2) الشرعيات والعقليات والعرفيات).

وقولنا في هذا الوجه: وهو أمر ديني، [أي](3) سواء كان شرعيًا كوجوب الصلاة (4)[والزكاة](5)، أو عقليًا كجواز رؤية الله تعالى، وجواز العفو (6) عن المذنبين (7).

قوله: (ويجوز اشتراكهم في عدم العلم بما لم يكلفوا به).

ش: أي يجوز على الأمة اشتراكهم كلهم في الجهل بما لم يكلفوا به؛ إذ لا تجب (8) الإحاطة إلا لله تعالى، والجهل من ضرورات المخلوقات (9).

= اعتبار الإجماع في هذا القسم في: اللمع ص 250، 251، والمعتمد 2/ 494، والتمهيد لأبي الخطاب ص 284، والإحكام للآمدي 1/ 283، ونهاية السول 3/ 268.

(1)

"ذكر" في ز.

(2)

ساقط من ز.

(3)

ساقط من ز.

(4)

"المذكورة" زيادة في ز.

(5)

ساقط من ز.

(6)

"عفوه" في ز.

(7)

انظر التعليق رقم (6) في الصفحة السابقة.

(8)

"لا تحت" في ز.

(9)

انظر: المحصول 2/ 1/ 294، والإحكام للآمدي 1/ 279، 280، ونهاية السول 3/ 336، وشرح القرافي ص 344، والمسطاسي ص 93، وشرح حلولو ص 293.

ص: 681

وأما اشتراكهم في الجهل بما كلفوا به فلا يجوز عليهم (1)؛ لأنه معصية تأباها العصمة (2).

وها هنا ثلاثة أحوال (3):

الحالة الأولى: اتفاقهم على الخطأ في مسألة واحدة، كإجماعهم على أن العبد يرث، فهذا لا يجوز باتفاق.

الحالة الثانية: أن يخطئ كل فريق في مسألة أجنبية عن المسألة الأخرى، فهذا يجوز باتفاق؛ لأنه يجوز الخطأ على كل مجتهد، وما من مذهب من المذاهب إلا وفيه ما ينكَر، ولهذا قال مالك: كل أحد في قوله مأخوذ ومردود (4) إلا صاحب هذا القبر (5)(6).

(1)"عليه" في ز.

(2)

انظر: شرح القرافي ص 344، والمسطاسي ص 93.

(3)

انظر هذه الأحوال في: شرح القرافي ص 344، والمسطاسي ص 93.

(4)

"من دود" في ز.

(5)

"القيد" في ز.

(6)

رغم شهرة هذا القول عن مالك إلا أني لم أجده مسندًا إليه، لا في كتب التراجم التي ترجمت لمالك، ولا في كتب الحديث، ولا في كتب الآداب والفضائل، بالرغم من طول بحثي واستعانتي ببعض العلماء.

والذي يروى عن مالك هو قوله: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكلما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه". أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم 2/ 32، وابن حزم في الإحكام 2/ 790، وغيرهما.

وقد أورد ابن الديبع في التمييز ص 118 هذا الأثر وقال: هو من قول مالك رحمه الله، وفي الطبراني من حديث ابن عباس يرفعه:"ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويدع". =

ص: 682

الحالة الثالثة: أن يخطئوا كلهم في مسألتين هما في حكم المسألة الواحدة، مثل أن يقول أحد الفريقين: العبد يرث، ويقول الفريق الآخر: القاتل عمدًا يرث؛ لأن هاتين المسألتين ترجعان إلى مسألة [واحدة](1) وهو مانع الميراث، فوقع الخطأ فيه من الكل، فمن نظر إلى اتحاد الأصل منع هذا، ومن نظر [إلى](2) تعدد الفرع أجازه (3)، وبالله التوفيق بمنّه.

= وأورده الغزالي في الإحياء بمعناه، وقال: إلا يؤخذ من علمه ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعناه صحيح. اهـ. وفي كشف الخفاء 2/ 173 قريب مما في التمييز.

وقد أخرج ابن عبد البر في جامعه 2/ 91، قريبًا من هذا الأثر عن مجاهد من قوله، وفيه: ليس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك. اهـ. وقد ساقه بإسنادين قال بعدهما: وكلا الحديثين صحيح إن شاء الله.

(1)

ساقط من ز.

(2)

ساقط من ز.

(3)

انظر: المعتمد 2/ 511، والمحصول 2/ 1/ 293، وشرح القرافي ص 344، 345، وشرح حلولو ص 293.

ص: 683