الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْوَصَايَا
يُقَالُ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا، وَوَصَّيْتُ، وَأَوْصَيْتُ إِلَيْهِ: إِذَا جَعَلْتَهُ وَصِيًّا. وَمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، كَزَكَاةٍ، وَحَجٍّ، أَوْ دَيْنٍ لِآدَمِيٍّ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ.
قُلْتُ: الْمُرَادُ، إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوصِيَ مَنْ لَهُ مَالٌ. وَتَعْجِيلُ الصَّدَقَةِ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ فِي الْحَيَاةِ أَفْضَلُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ، فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ قَرَابَتِهِ، وَيُقَدِّمُ مِنْهُمُ الْمَحَارِمَ، ثُمَّ غَيْرَ الْمَحَارِمِ، ثُمَّ يُقَدِّمُ بِالرِّضَاعِ، ثُمَّ بِالْمُصَاهَرَةِ، ثُمَّ بِالْوَلَاءِ، ثُمَّ بِالْجِوَارِ، كَمَا فِي الصَّدَقَةِ الْمُنْجَزَةِ. وَفِي «أَمَالِي» السَّرَخْسِيِّ: أَنَّ مَنْ قَلَّ مَالُهُ، وَكَثُرَ عِيَالُهُ، يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُفَوِّتَهُ عَلَيْهِمْ بِالْوَصِيَّةِ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْأَوَّلُ.
وَيَشْتَمِلُ الْكِتَابُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ.
[الْبَابُ] الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ.
[الرُّكْنُ] الْأَوَّلُ: الْمُوصِي، وَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ، فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمَجْنُونِ، وَالْمُبَرْسَمِ، وَالْمَعْتُوهِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ قَطْعًا، وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيَّزِ. وَتَدْبِيرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَهِبَتِهِ وَإِعْتَاقِهِ، إِذْ لَا عِبَارَةَ لَهُ. وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ كَالصَّبِيِّ.
وَأَمَّا الْعَبْدُ، فَإِنْ أَوْصَى، وَمَاتَ رَقِيقًا فَبَاطِلَةٌ. وَإِنْ عَتَقَ، ثُمَّ مَاتَ، فَبَاطِلَةٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ وَكَالصَّبِيِّ.
فَرْعٌ
تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْكَافِرِ بِمَا يُتَمَوَّلُ أَوْ يُقْتَنَى، وَلَا تَصِحُّ بِخَمْرٍ، وَلَا خِنْزِيرٍ، سَوَاءٌ أَوْصَى لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَلَا بِمَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ، أَوْ بِنَائِهَا، أَوْ كَتْبِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، أَوْ قِرَاءَتِهِمَا، وَمَا أَشْبَهَهُمَا.
الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُوصَى لَهُ. فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ، فَشَرْطُهُ: أَنْ لَا تَكُونَ جِهَةَ مَعْصِيَةٍ وَسَوَاءٌ أَوْصَى بِهِ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ، فَلَوْ وَصَّى مُسْلِمٌ بِبِنَاءِ بُقْعَةٍ لِبَعْضِ الْمَعَاصِي، لَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ وَصَّى ذِمِّيٌّ بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ.
فَرْعٌ
يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ الْوَصِيَّةُ لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ، وَلِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَالصَّالِحِينَ، لِمَا فِيهَا مِنْ إِحْيَاءِ الزِّيَارَةِ، وَالتَّبَرُّكِ بِهَا، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لِفَكِّ أَسَارَى الْكُفَّارِ مِنْ أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّ الْمُفَادَاةَ جَائِزَةٌ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِبِنَاءِ رِبَاطٍ يَنْزِلُهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ، أَوْ دَارٍ لِتُصْرَفَ غَلَّتُهَا إِلَيْهِمْ.
فَرْعٌ
عَدُّوا مِنَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَعْصِيَةِ، مَا إِذَا أَوْصَى لِدَهْنِ سِرَاجِ الْكَنِيسَةِ، لَكِنْ قَيَّدَ