الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّهُ أَوْصَى لِعَمْرٍو بِمِائَتَيْنِ، وَلِلْحَجِّ وَزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ.
فَلِعَمْرٍو مَا يَخُصُّ أَرْبَعَةً، وَالْبَاقِي يُؤْخَذُ مِنْهُ، خَمْسُونَ لِلْحَجِّ، وَالْبَاقِي لِزَيْدٍ.
وَلَوْ كَانَ الثُّلُثُ مِائَةً، فَإِنْ كَانَ أُجْرَةُ مِثْلِ الْحَجِّ مِائَةً، فَلَا شَيْءَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَإِنْ كَانَ خَمْسِينَ، أُخِذَ لِلْحَجِّ خَمْسُونَ.
ثُمَّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: الْبَاقِي بَيْنَ الْحَجِّ وَعَمْرٍو نِصْفَانِ.
وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ: لِلْحَجِّ ثُلْثُ الْبَاقِي، وَلِعَمْرٍو ثُلُثَاهُ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لِلْحَجِّ بِخَمْسِينَ، وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ.
وَإِذَا لَمْ تَفِ حِصَّةُ الْحَجِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْحَجِّ.
فَإِنْ كَانَتْ لِحَجَّةِ تَطَوُّعٍ، بَطَلَتْ.
وَإِنْ كَانَتْ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، كَمَّلْنَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا طَرِيقَهُ.
فَصْلٌ
جَرَتِ الْعَادَةُ بِذِكْرِ مَا يَقَعُ عَنِ الْمَيِّتِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِمُنَاسَبَتِهِ الْحَجَّ عَنْهُ فَالْحَجُّ يُؤَدَّى عَنْهُ إِنْ كَانَ فَرْضًا.
ثُمَّ إِنْ عَيَّنَ شَخْصًا وَأَوْصَى إِلَيْهِ فِيهِ، فَعَلَهُ عَنْهُ، وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.
وَإِنْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي، وَلَمْ يُعَيِّنْ، فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ أَجْنَبِيًّا.
وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ أَصْلًا، فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ، وَكَذَا لِلْأَجْنَبِيِّ إِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَارِثُ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَأْذَنْ عَلَى الْأَصَحِّ، كَقَضَاءِ الدَّيْنِ.
وَوَجْهُ الْمَنْعِ: افْتِقَارُهُ إِلَى النِّيَّةِ، فَلَا بُدَّ مِنِ اسْتِنَابَةٍ.
وَأَمَّا حَجُّ التَّطَوُّعِ، فَالنِّيَابَةُ جَائِزَةٌ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا سَبَقَ.
فَإِنْ جَوَّزْنَاهَا، فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: إِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ، لَا يَصِحُّ الْحَجُّ عَنْهُ.
وَفِي «أَمَالِي» السَّرَخْسِيِّ: أَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَسْتَنِيبَ، وَأَنَّهُ إِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ إِلَى مُعَيَّنٍ، فَعَلَ.
وَلَوِ اسْتَقَلَّ بِهِ أَجْنَبِيٌّ، فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ.
وَفِي هَذَا الْكَلَامِ تَجْوِيزُ الِاسْتِنَابَةِ لِلْوَارِثِ، وَتَجْوِيزُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ.
وَأَمَّا أَدَاءُ الزَّكَاةِ عَنْهُ، فَكَالْحَجِّ الْوَاجِبِ، فَيَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ زَكَاةَ الْمَالِ وَزَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ.
وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مَالِيَّةً،
فَلِلْوَرِثِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ مِنَ التَّرِكَةِ، وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ إِذَا أُعْتِقَ.
وَإِنْ كَانَتْ مُخَيَّرَةً، فَلَهُ أَنْ يُطْعِمَ، وَيَكْسُوَ.
وَفِي الْإِعْتَاقِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، إِذْ لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ.
وَأَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ ; لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا، فَإِعْتَاقُهُ كَإِعْتَاقِهِ.
وَلَوْ أَدَّى الْوَارِثُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَا تَرِكَةَ، فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ.
وَقِيلَ بِالْمَنْعِ، لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنِ النِّيَابَةِ.
وَقِيلَ: يُمْنَعُ الْإِعْتَاقُ فَقَطْ، لِبُعْدِ إِثْبَاتِ الْوَلَاء لِلْمَيِّتِ، فَإِذَا جَوَّزْنَا، فَلَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِالطَّعَامِ، أَوِ الْكِسْوَةِ، أَجْزَأَ عَلَى الْأَصَحِّ، كَقَضَاءِ الدَّيْنِ.
وَاحْتَجَّ [لَهُ] الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَوِ اشْتَرَطَتِ الْوَرَثَةُ، لَا يُشْتَرَطُ صُدُورُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ، كَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، بَلْ يَسْتَبِدُّ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَرَثَةِ.
وَلَوْ تَبَرَّعَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْعِتْقِ، فَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
وَقِيلَ بِالْمَنْعِ قَطْعًا.
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ عِتْقٌ أَصْلًا، فَأَعْتَقَ عَنْهُ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَلَا يَصِحُّ عَنِ الْمَيِّتِ، بَلْ يَقَعُ الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِالْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ، وَزَادَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ أَدَاءٌ وَاجِبٌ.
وَأَصَحُّهُمَا: الِاعْتِبَارُ مِنَ الثُّلُثِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَتِّمٍ، وَتَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ بِدُونِهِ، وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ.
وَقِيلَ: قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: تُعْتَبَرُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ، عَدَلَ إِلَى الْإِطْعَامِ.
وَأَقْيَسُهُمَا: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنَ الثُّلُثِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ ; لِأَنَّ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ لَازِمٌ لَا مَحَالَةَ.
وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا أَوْصَى أَنْ يُكْسَى عَنْهُ - وَالْكِسْوَةُ أَكْثَرُ مِنَ الطَّعَامِ - وَسَنُعِيدُ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِزِيَادَةِ إِيضَاحٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَوْ أَعْتَقَ مِنْ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ مُخَيَّرَةٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِنَ الثُّلُثِ ; لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ فَرْضًا، وَهَذَا كَأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إِذَا أَوْصَى بِهِ، أُعْتِقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
فَرْعٌ: وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَالصَّدَقَةُ عَنْهُ، فَيَنْفَعَانِهِ بِلَا خِلَافٍ.
وَسَوَاءٌ فِي الدُّعَاءِ وَالصَّدَقَةِ، الْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَفِي وُسْعِ اللَّه تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا.
قَالَ الْأَصْحَابُ: فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الْمُتَصَدِّقُ الصَّدَقَةَ عَنْ أَبَوَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنِيلُهُمَا الثَّوَابَ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا.
وَذَكَرَ صَاحِبُ «الْعُدَّةِ» : أَنَّهُ لَوْ أَنْبَطَ عَيْنًا، أَوْ حَفَرَ نَهْرًا، أَوْ غَرَسَ شَجَرَةً، أَوْ وَقَفَ مُصْحَفًا فِي حَيَاتِهِ، أَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، يَلْحَقُ الثَّوَابُ الْمَيِّتَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إِذَا صَدَرَتْ مِنَ الْحَيِّ، فَهِيَ صَدَقَاتٌ جَارِيَةٌ، يَلْحَقُهُ ثَوَابُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ، وَإِذَا فَعَلَ غَيْرُهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقَدْ تَصَدَّقَ عَنْهُ.
وَالصَّدَقَةُ عَنِ الْمَيِّتِ تَنْفَعُهُ، وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِوَقْفِ الْمُصْحَفِ، بَلْ يَجْرِي فِي كُلِّ وَقْفٍ.
وَهَذَا الْقِيَاسُ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّضْحِيَةِ عَنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنَ الصَّدَقَةِ.
وَقَدْ أَطْلَقَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ جَوَازَ التَّضْحِيَةِ عَنِ الْغَيْرِ، وَرَوَى فِيهِ حَدِيثًا.
لَكِنْ فِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ عَنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَكَذَلِكَ [عَنِ] الْمَيِّتِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْصَى بِهِ.
فَرْعٌ: وَمَا عَدَا هَذِهِ الْقُرَبِ، يَنْقَسِمُ إِلَى صَوْمٍ وَغَيْرِهِ، فَأَمَّا الصَّوْمُ، فَلَا يُتَطَوَّعُ بِهِ عَنِ الْمَيِّتِ.
وَفِي قَضَاءِ وَاجِبِهِ عَنْهُ قَوْلَانِ سَبَقَا فِي الصِّيَامِ.
الْجَدِيدُ: الْمَنْعُ.