الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَدِيمُ: أَنَّ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ.
وَعَلَى هَذَا، لَوْ أَوْصَى إِلَى أَجْنَبِيٍّ لِيَصُومَ، كَانَ كَالْوَلِيِّ.
وَلَوْ مَرِضَ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، فَفِي الصَّوْمِ عَنْهُ وَجْهَانِ تَشْبِيهًا بِالْحَجِّ.
وَأَمَّا غَيْرُ الصَّوْمِ، كَالصَّلَاةِ عَنْهُ قَضَاءً أَوْ غَيْرِهِ، وَقِرَاءَةِ الْقِرَانِ، فَلَا يَنْفَعُهُ.
وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ، وَقَالَ: يَأْتِي بِهِمَا الْأَجِيرُ عَنِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ تَبَعًا لِلطَّوَافِ.
فَوَافَقَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقَعُ عَنِ الْأَجِيرِ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ بِمَا يَفْعَلُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
فَرْعٌ: الَّذِي يُعْتَادُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ، قَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَاب الْإِجَارَةِ طَرِيقَيْنِ لِعَوْدِ فَائِدَتِهَا إِلَى الْمَيِّتِ.
وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ طَرِيقٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَيِّتَ كَالْحَيِّ الْحَاضِرِ، فَتُرْجَى لَهُ الرَّحْمَةُ وَوُصُولُ الْبَرَكَةِ إِذَا وَصَلَ الثَّوَابُ إِلَى الْقَارِئِ.
فَصْلٌ
إِذَا مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَلِكَهُ بِالْإِرْثِ، فَهَلْ يَعْتِقُ مِنَ الثُّلُثِ، أَمْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؟ وَجْهَانِ، رَجَّحَ الْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي كَوْنَهُ مِنَ الثُّلُثِ، وَالْأَصَحُّ: كَوْنُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ.
وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ: مَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِهِ ; لِأَنَّهُ [لَمْ يَقْصِدْ] تَمَلُّكَهُ، وَلَا تَضَرَّرَ بِهِ الْوَرَثَةُ.
وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ، أَوِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الْمَوْرُوثِ: يَعْتِقُ مِنَ الثُّلُثِ، فَهُنَا أَوْلَى ; لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَبِهِ قَطَعَ
ابْنُ الْحَدَّادِ وَأَبُو مَنْصُورٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ مَالًا، وَزَوَالُ الْمِلْكِ حَصَلَ بِغَيْرِ رِضَاهُ.
فَإِنْ قُلْنَا: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، وَكَذَا الْمُفْلِسُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ إِذَا قَبِلَهُ وَلَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ.
وَإِنْ قُلْنَا: يَعْتِقُ مِنَ الثُّلُثِ، فَلَمْ يَكُنْ مَالٌ سِوَاهُ، عَتَقَ ثُلُثُهُ فَقَطْ.
وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، لَمْ يَعْتِقْ، وَبِيعَ فِي الدَّيْنِ، وَكَذَا فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ.
وَلَوِ اشْتَرَى الْمَرِيضُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَفِي صِحَّةِ الشِّرَاءِ وَجْهَانِ.
وَيُقَالُ: قَوْلَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، إِذْ لَا خَلَلَ فِي الشِّرَاءِ، فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ، وَلَا يَعْتِقُ، لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ، اعْتُبِرَ عِتْقُهُ مِنَ الثُّلُثِ.
فَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَعَتَقَ كُلُّهُ، وَإِلَّا، فَفِي صِحَّةِ الشِّرَاءِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ.
فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ، فَفِي قَدْرِ الثُّلُثِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ، عَتَقَ الثُّلُثُ فَقَطْ.
وَفِي وَجْهٍ: شِرَاءُ الْمَرِيضِ أَبَاهُ بَاطِلٌ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ، وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الثُّلُثِ، وَالْبَيْعُ لَا يُوقَفُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ.
هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُحَابَاةً.
أَمَّا إِذَا اشْتَرَاهُ بِخَمْسِينَ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ، فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ هِبَةٌ، فَيَجِئُ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي أَنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ، أَوْ رَأْسِ الْمَالِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: مِنَ الثُّلُثِ، فَجَمِيعُ الْمِائَةِ مِنَ الثُّلُثِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مِنْهُ خَمْسُونَ.
ثُمَّ مَتَى حَكَمْنَا بِعِتْقِهِ مِنَ الثُّلُثِ، لَا يَرِثُهُ ; لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِرْثِ.
هَكَذَا أَطْلَقُوهُ وَعَلَّلُوهُ، وَكَأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ.
فَإِنْ قُلْنَا: يَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَارِثِ، لَمْ يَمْتَنِعِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِرْثِ، فَيُحْتَمَلُ تَوَقُّفُ الْأَمْرِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.
وَحَكَى الْأُسْتَاذُ وَأَبُو مَنْصُورٍ وَجْهًا: أَنَّهُ يَرِثُ ; لِأَنَّهُ لَا (يَمْلِكُ) رَقَبَتَهُ حَتَّى يُقَالَ: أَوْصَى لَهُ بِهَا.
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
وَمَتَى عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وُرِثَ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَا يَرِثُ، وَجَعَلَ عِتْقَهُ وَصِيَّةً فِي حَقِّهِ.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ فِي حَقِّ الْوَارِثِ، كَمَا لَوْ نُكِحَتِ الْمَرِيضَةُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، تَصِحُّ الْمُحَابَاةُ مِنْ رَأْسِ