المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَقَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٦

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَّلً

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِنَصِيبَيْنِ مَعَ الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ بَعْدَ كُلِّ نَصِيبٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصُلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ مِنَ الْمَالِ عَنْهُ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ مِمَّا تَبَقَّى مِنَ الْمَالِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ مِمَّا تَبَقَّى مِنْ جُزْءٍ مِنَ الْمَالِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مِنَ الْمَالِ وَبِالنَّصِيبِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ مِنْ بَاقِي الْمَالِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ أَوْ عَدَدٍ مِنَ الْوَرَثَةِ، إِلَّا مِثْلَ نَصِيبِ وَارِثٍ آخَرَ أَوْ عَدَدٍ مِنْهُمْ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ نَصِيبِ وَارِثٍ آخَرَ مِنْهُ وَجُزْءٍ شَائِعٍ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالتَّكْمِلَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ مُسْتَثْنًى مِنَ التَّكْمِلَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصَايَا الْمُتَعَرِّضَةِ لِلْجُذُورِ وَالْكِعَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَصَايَا الْمُتَعَرِّضَةِ لِمُقَدَّرٍ مِنَ الْمَالِ مِنْ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌فَصْلٌ فِي نَوَادِرِ الْفُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَرِيضِ بِالْمُحَابَاةِ مَعَ حُدُوثِ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ

- ‌فَصْلٌ مُحَابَاةُ الْمُشْتَرِي تُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ كَمُحَابَاةِ الْبَائِعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ وَمِنْهَا الْهِبَةُ، فَإِذَا وَهَبَ مَرِيضٌ عَبْدًا، ثُمَّ رَجَعَ الْعَبْدُ أَوْ بَعْضُهُ إِلَى الْوَاهِبِ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، دَارَتِ الْمَسْأَلَةُ ; لِأَنَّ التَّرِكَةَ تَزِيدُ بِقَدْرِ الرَّاجِعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ قِسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: فَقَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ،

فَقَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ وَأَقْبَضَهُ فَأَتْلَفَهُ، فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا. وَأَظْهَرُهُمَا: يَضْمَنُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْفَاظٍ. وَلَا تَسْلِيطٍ عَلَى الْإِتْلَافِ هُنَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ.

وَلَوْ أَوْدَعَ مَالَهُ عِنْدَ عَبْدٍ فَتَلِفَ عِنْدَهُ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ أُتْلِفَ ابْتِدَاءً، أَمْ بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّبِيِّ. وَإِيدَاعُ السَّفِيهِ وَالْإِيدَاعُ عِنْدَهُ، كَإِيدَاعِ الصَّبِيِّ وَالْإِيدَاعِ عِنْدَهُ.

فَرْعٌ

اسْتَنْبَطُوهُ مِنَ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ أَصْلًا فِي الْبَابِ

وَهُوَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ عَقْدٌ بِرَأْسِهِ، أَمْ إِذْنٌ مُجَرَّدٌ؟ إِنْ قُلْنَا عَقْدٌ، لَمْ يَضْمَنْهُ الصَّبِيُّ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ. وَإِنْ قُلْنَا: إِذْنٌ، فَبِالْعَكْسِ، وَخَرَّجُوا عَلَيْهِ وَلَدَ الْجَارِيَةِ الْمُودَعَةِ، وَنِتَاجَ الْبَهِيمَةِ. إِنْ قُلْنَا: عَقْدٌ، فَالْوَلَدُ وَدِيعَةٌ كَالْأُمِّ، وَإِلَّا، فَلَيْسَ بِوَدِيعَةٍ، بَلْ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي يَدِهِ يَجِبُ رَدُّهَا فِي الْحَالِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُؤَدِّ مَعَ التَّمَكُّنِ، ضَمِنَ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيُّ.

وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ قُلْنَا: عَقْدٌ، لَمْ يَكُنْ وَدِيعَةً، بَلْ أَمَانَةً، اعْتِبَارًا بِعَقْدِ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَهَلْ يَتَعَدَّى حُكْمُ الْأُمِّ إِلَى الْوَلَدِ كَالْأُضْحِيَةِ، أَمْ لَا كَالْعَارِيَةِ؟ وَجْهَانِ، وَالْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ كَوْنُ الْوَدِيعَةِ عَقْدًا.

‌فَصْلٌ

فِي أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ

هِيَ ثَلَاثَةٌ.

أَحَدُهَا: الْجَوَازُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إِغْمَائِهِ.

ص: 326

وَلَوْ عَزَلَ الْمُودَعُ نَفْسَهُ، فَانْعِزَالُهُ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَدِيعَةَ إِذْنٌ، أَمْ عَقْدٌ؟ إِنْ قُلْنَا: إِذْنٌ، فَالْعَزْلُ لَغْوٌ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لِلضِّيفَانِ فِي أَكْلِ طَعَامِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَزَلْتُ نَفْسِي، يَلْغُو قَوْلُهُ، وَلَهُ الْأَكْلُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ. فَعَلَى هَذَا، تَبْقَى الْوَدِيعَةُ بِحَالِهَا. وَإِنْ قُلْنَا: عَقْدٌ، انْفَسَخَتْ وَبَقِيَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً، كَالرِّيحِ تُطَيِّرُ الثَّوْبَ إِلَى دَارِهِ، فَعَلَيْهِ الرَّدُّ عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، ضَمِنَ.

[الْحُكْمُ] الثَّانِي: أَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَلَا يَضْمَنُ إِلَّا عِنْدَ التَّقْصِيرِ، وَأَسْبَابُ التَّقْصِيرِ تِسْعَةٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُودِعَهَا الْمُودَعُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ، فَيَضْمَنُ، سَوَاءٌ أَوْدَعَ عِنْدَ عَبْدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَابْنِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ. وَالْكَلَامُ فِي تَضْمِينِ الْمَالِكِ الْمُودَعَ الثَّانِيَ قَدْ سَبَقَ فِي بَابَيِ الرَّهْنِ وَالْغَصْبِ. وَإِنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْقَاضِي، فَوَجْهَانِ - سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا - أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: يَضْمَنُ. فَإِنْ جَوَّزْنَا الدَّفْعَ إِلَى الْقَاضِي، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَبُولُ إِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا وَالدَّفْعُ عَلَيْهِ مُتَيَسِّرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، لَزِمَهُ الْقَبُولُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْغَائِبِينَ.

وَإِذَا حَمَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ إِلَى الْقَاضِي، فَفِي وُجُوبِ الْقَبُولِ الْوَجْهَانِ، لَكِنَّ هَذَا أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِيَبْقَى مَضْمُونًا لِلْمَالِكِ. وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَوْ حَمَلَهُ إِلَى الْقَاضِي، نُظِرَ، إِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ قَبُولُهُ، فَالْقَاضِي أَوْلَى، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَرَّضُ لِلتَّلَفِ، وَإِذَا تَعَيَّنَ، تَعَرَّضَ لَهُ.

وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ فِيمَا إِذَا اسْتَحْفَظَ غَيْرَهُ وَأَزَالَ يَدَهُ وَنَظَرَهُ عَنِ الْوَدِيعَةِ. أَمَّا إِذَا اسْتَعَانَ بِهِ فِي حَمْلِهَا إِلَى الْحِرْزِ، فَلَا بَأْسَ، كَمَا لَوِ اسْتَعَانَ فِي سَقْيِ الْبَهِيمَةِ وَعَلْفِهَا.

قَالَ الْقَفَّالُ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ خِزَانَتُهُ وَخِزَانَةُ ابْنِهِ وَاحِدَةً فَدَفَعَهَا إِلَى ابْنِهِ لِيَضَعَهَا فِي الْخِزَانَةِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ الْمُودَعَ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِحَاجَاتِهِ، فَاسْتَحْفَظَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ مُتَّصِلِيهِ، وَكَانَ يُلَاحِظُ الْمَخْزَنَ فِي عَوْدَاتِهِ، فَلَا بَأْسَ. وَإِنْ فَوَّضَ الْحِفْظَ إِلَى بَعْضِهِمْ، وَلَمْ يُلَاحِظِ الْوَدِيعَةَ

ص: 327

أَصْلًا، فَفِيهِ تَرَدُّدٌ. وَإِنْ كَانَ الْمَخْزَنُ خَارِجًا عَنْ دَارِهِ الَّتِي يَأْوِي إِلَيْهَا، وَكَانَ لَا يُلَاحِظُهُ، فَالظَّاهِرُ تَضْمِينُهُ.

فَرْعٌ

هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ. فَإِنْ كَانَ، بِأَنْ أَرَادَ سَفَرًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى مَالِكِهَا أَوْ وَكِيلِهِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ وُصُولُهُ إِلَيْهِمَا، دَفَعَهَا إِلَى الْقَاضِي، وَعَلَيْهِ قَبُولُهَا. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا، دَفَعَهَا إِلَى أَمِينٍ، وَلَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرُ السَّفَرِ. فَإِنْ تَرَكَ هَذَا التَّرْتِيبَ فَدَفَعَهَا إِلَى الْحَاكِمِ أَوْ أَمِينٍ مَعَ إِمْكَانِ الدَّفْعِ إِلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ، ضَمِنَ، وَيَجِيءُ فِي هَذَا الْخِلَافِ السَّابِقِ. وَإِنْ دَفَعَ إِلَى أَمِينٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحَاكِمِ، ضَمِنَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ دَفَنَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ سَفَرِهِ، ضَمِنَ إِنْ دَفَنَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِهِ [أَوْ فِي حِرْزٍ] وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَمِينًا، أَوْ أَعْلَمَهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِيدَاعُ عِنْدَ الْأَمِينِ، أَوْ حَيْثُ يَجُوزُ إِلَّا أَنَّ الَّذِي أَعْلَمَهُ لَا يَسْكُنُ الْمَوْضِعَ. فَإِنْ سَكَنَهُ، لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فَصَّلَهُ الْجُمْهُورُ، وَجَعَلَ الْإِمَامُ فِي مَعْنَى السُّكْنَى أَنْ يُرَاقِبَهَا مِنَ الْجَوَانِبِ، أَوْ مِنْ فَوْقِ مُرَاقَبَةِ الْحَارِسِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْإِعْلَامَ كَالْإِيدَاعِ سَوَاءٌ سَكَنَ الْمَوْضِعَ، أَمْ لَا.

وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ وَغَيْرُهُ وَجْهَيْنِ، فِي أَنَّ سَبِيلَ هَذَا الْإِعْلَامِ سَبِيلُ الْإِشْهَادِ، أَمِ الِائْتِمَانِ؟ أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. فَعَلَى الْأَوَّلِ، لَا بُدَّ مِنْ إِعْلَامِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.

وَكَمَا يَجُوزُ الْإِيدَاعُ بِعُذْرِ السَّفَرِ كَمَا تَبَيَّنَ، فَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ، كَمَا إِذَا وَقَعَ فِي الْبُقْعَةِ حَرِيقٌ أَوْ نَهْبٌ أَوْ غَارَةٌ، أَوْ خَافَ الْغَرَقَ، وَلْيَكُنْ فِي مَعْنَاهَا إِذَا أَشْرَفَ الْحِرْزُ عَلَى الْخَرَابِ وَلَمْ يَجِدْ حِرْزًا يَنْقُلُهَا إِلَيْهِ.

السَّبَبُ الثَّانِي: السَّفَرُ بِهَا، فَإِذَا أَوْدَعَ حَاضِرًا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا، فَإِنْ فَعَلَ، ضَمِنَ. وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمَنًا، أَوْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ وَالْغَالِبُ فِيهِ

ص: 328

السَّلَامَةُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ سَافَرَ بِهَا لِعُذْرٍ، بِأَنْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ، أَوْ وَقَعَ حَرِيقٌ، أَوْ غَارَةٌ، فَلَا ضَمَانَ بِشَرْطِ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ رَدِّهَا إِلَى الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ وَالْحَاكِمِ وَعَنْ إِيدَاعِ أَمِينٍ، وَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُضَيِّعٌ.

وَلَوْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ فِي وَقْتِ السَّلَامَةِ، وَعَجَزَ عَنِ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ، وَالْحَاكِمِ، وَالْأَمِينِ، فَسَافَرَ بِهَا، لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَنْ مَصَالِحِهِ وَيَنْفِرَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ الْوَدَائِعِ. وَشَرْطُ الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ آمِنًا، وَإِلَّا، فَيَضْمَنُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ. فَأَمَّا عِنْدَ الْحَرِيقِ وَنَحْوِهِ، فَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِذَا كَانَ احْتِمَالُ الْهَلَاكِ فِي الْحَضَرِ أَقْرَبَ مِنْهُ فِي السَّفَرِ، فَلَهُ السَّفَرُ بِهَا. قَالَ فِي ((الرَّقْمِ)) : وَإِذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا، فَحَدَثَ خَوْفٌ، أَقَامَ. وَلَوْ هَجَمَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ، فَأَلْقَى الْمَالَ فِي مَضْيَعَةٍ إِخْفَاءً لَهُ فَضَاعَ، ضَمِنَ.

فَرْعٌ

إِذَا أَوْدَعَ مُسَافِرًا، فَسَافَرَ بِالْوَدِيعَةِ، أَوْ مُنْتَجِعًا، فَانْتَجَعَ بِهَا، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ حِينَ أَوْدَعَهُ.

السَّبَبُ الثَّالِثُ: تَرَكَ الْإِيصَاءَ، فَإِذَا مَرِضَ الْمُودَعُ مَرَضًا مَخُوفًا، أَوْ حُبِسَ لِلْقَتْلِ، لَزِمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهَا. فَإِنْ سَكَتَ عَنْهَا، ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ، إِذِ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ.

وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ: الْإِعْلَامُ وَالْأَمْرُ بِالرَّدِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْنَ الْإِيدَاعِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِعْلَامِ وَالْأَمْرِ بِالرَّدِّ. ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ بِهَا أُمُورٌ. أَحَدُهَا: أَنْ يَعْجِزَ عَنِ الرَّدِّ إِلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَحِينَئِذٍ يُودِعُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ يُوصِي إِلَيْهِ. فَإِنْ عَجَزَ، فَيُودِعُ عِنْدَ أَمِينٍ، أَوْ يُوصِي إِلَيْهِ. كَذَا رَتَّبَ الْجُمْهُورُ،

ص: 329

كَمَا إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَنَّهُ يَكْفِيهِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ أَمْكَنَ الرَّدُّ إِلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يَمُوتُ.

الثَّانِي: أَنْ يُوصِيَ إِلَى أَمِينٍ. فَإِذَا أَوْصَى إِلَى فَاسِقٍ، كَانَ كَمَا لَوْ لَمْ يُوصِ، فَيَضْمَنُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُوصِيَ إِلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ، وَكَذَا الْإِيدَاعُ حَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يُودِعَ أَمِينًا.

الثَّالِثُ: أَنْ يُبَيِّنَ الْوَدِيعَةَ وَيُمَيِّزَهَا عَنْ غَيْرِهَا بِإِشَارَةٍ إِلَيْهَا، أَوْ بِبَيَانِ جِنْسِهَا وَصِفَتِهَا. فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنِ الْجِنْسَ، بَلْ قَالَ: عِنْدِي وَدِيعَةٌ، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُوصِ.

فَرْعٌ

لَوْ ذَكَرَ الْجِنْسَ فَقَالَ: عِنْدِي ثَوْبٌ لِفُلَانٍ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ ثَوْبٌ، فَهَلْ يَضْمَنُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ: يَضْمَنُ، لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَيَانِ، فَيُضَارِبُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِقِيمَتِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ. وَإِنْ وُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ أَثْوَابٌ، ضَمِنَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُمَيِّزْ، فَكَأَنَّهُ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ. وَإِنْ وُجِدَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، ضَمِنَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ الثَّوْبُ الْمَوْجُودُ. وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ الثَّوْبُ الْمَوْجُودُ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي. وَفِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ: أَنَّهُ إِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا قَالَ: عِنْدِي ثَوْبٌ لِفُلَانٍ، وَذَكَرَ مَعَهُ مَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ. فَأَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، فَلَا ضَمَانَ.

فَرْعٌ

قَالَ الْإِمَامُ: إِذَا لَمْ يُوصِ أَصْلًا، فَادَّعَى صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ قَصَّرَ، وَقَالَ الْوَرَثَةُ: لَعَلَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى التَّقْصِيرِ، فَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.

ص: 330

فَرْعٌ

جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا تَمَكَّنَ مِنَ الْإِيدَاعِ، أَوِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ، بِأَنْ قُتِلَ غِيلَةً، أَوْ مَاتَ فَجْأَةً، فَلَا ضَمَانَ.

فَرْعٌ

إِذَا مَاتَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ عِنْدَهُ وَدِيعَةً، فَوُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ كِيسٌ مَخْتُومٌ، أَوْ غَيْرُ مَخْتُومٍ؛ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: وَدِيعَةُ فُلَانٍ، أَوْ وُجِدَ فِي جَرِيدَتِهِ: لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا وَدِيعَةً، لَمْ يَلْزَمِ الْوَرَثَةَ التَّسْلِيمُ بِهَذَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَتَبَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ تَلْبِيسًا، أَوِ اشْتَرَى الْكِيسَ وَعَلَيْهِ الْكِتَابَةُ فَلَمْ يَمْحُهَا، أَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ كِتَابَتِهَا فِي الْجَرِيدَةِ وَلَمْ يَمْحُهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ إِقْرَارِ الْمُوَرَّثِ وَوَصِيَّةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ.

السَّبَبُ الرَّابِعُ: نَقْلُهَا، فَإِذَا أَوْدَعَهُ فِي قَرْيَةٍ، فَنَقَلَ الْوَدِيعَةَ إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ، ضَمِنَ، وَكَذَا إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَا يُسَمَّى سَفَرًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ سَفَرًا، ضَمِنَ إِنْ كَانَ فِيهَا خَوْفٌ، أَوْ كَانَتِ الْمَنْقُولُ عَنْهَا أَحْرَزَ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَحَيْثُ مَنَعْنَا النَّقْلَ، فَذَاكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةً. فَإِنْ وَقَعَتْ ضَرُورَةٌ، فَكَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمُسَافِرَةِ. وَإِذَا أَرَادَ الِانْتِقَالَ بِلَا ضَرُورَةٍ، فَالطَّرِيقُ مَا سَبَقَ فِيمَا إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ.

وَالنَّقْلُ مِنْ مَحَلَّةٍ إِلَى مَحَلَّةٍ، أَوْ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ، كَالنَّقْلِ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ مُتَّصِلَتَيِ الْعِمَارَةِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَنْقُولُ عَنْهَا أَحْرَزَ، ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا.

وَلَوْ نَقَلَ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ كَانَ [الْأَوَّلُ أَحْرَزَ مِنْهُمَا، كَانَ الثَّانِي حِرْزًا أَيْضًا، قَالَهُ الْبَغَوِيُّ. وَجَمِيعُ مَسَائِلِ

ص: 331

الْفَصْلِ فِيمَا إِذَا أَطْلَقَ الْإِيدَاعَ، فَأَمَّا إِذَا أَمَرَ] بِالْحِفْظِ فِي مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، فَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

السَّبَبُ الْخَامِسُ: التَّقْصِيرُ فِي دَفْعِ الْمُهْلِكَاتِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُودِعِ دَفْعَ الْمُهْلِكَاتِ عَلَى الْمُعْتَادِ. فَلَوْ أَوْدَعَهُ، فَلَهُ أَحْوَالٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْعَلْفِ وَالسَّقْيِ، فَعَلَيْهِ رِعَايَةُ الْمَأْمُورِ. فَإِنِ امْتَنَعَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهَا فِي مِثْلِهَا، فَإِنْ مَاتَتْ، ضَمِنَهَا، وَإِلَّا فَقَدْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ، ضَمِنَ نِصْفَهَا. وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ. وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ، لَمْ يَضْمَنْ، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا جُوعٌ وَعَطَشٌ سَابِقٌ. وَإِنْ كَانَ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ، ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ ضَمِنَاهُ، فَيَضْمَنُ الْجَمِيعَ، أَمْ بِالْقِسْطِ؟ وَجْهَانِ، كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ بَهِيمَةٍ فَحَمَّلَهَا أَكْثَرَ مِمَّا شُرِطَ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْهَاهُ عَنِ الْعَلْفِ وَالسَّقْيِ، فَيَعْصِي إِنْ ضَيَّعَهَا لِحُرْمَةِ الرُّوحِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ، أَنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَضَمِنَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ.

الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يَأْمُرَهُ وَلَا يَنْهَاهُ، فَيَلْزَمُ الْقِيَامُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهَا. ثُمَّ الْكَلَامُ فِي أَمْرَيْنِ. أَحَدُهُمَا: الْمُودَعُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَلْفُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالِكُ عَلْفَهَا، فَذَاكَ. وَلَوْ قَالَ: اعْلِفْهَا مِنْ مَالِكَ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: اقْضِ دَيْنِي. وَالْأَصَحُّ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ. فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا، رَاجَعَ الْمَالِكَ أَوْ وَكِيلَهُ لِيَسْتَرِدَّهَا، أَوْ يُعْطِيَ عَلْفَهَا. فَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِمَا، رَفَعَ الْأَمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَقْتَرِضَ عَلَيْهِ، أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا، أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَيَصْرِفَ الْأُجْرَةَ فِي مُؤْنَتِهَا. وَالْقَوْلُ فِيهِ وَفِي تَفَارِيعِهِ، كَمَا سَبَقَ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَعَلْفِ الضَّالَّةِ وَنَفَقَةِ اللَّقِيطِ وَنَحْوِهَا.

ص: 332

الْأَمْرُ الثَّانِي: إِنْ عَلَفَهَا وَسَقَاهَا فِي دَارِهِ، أَوِ اصْطَبْلِهِ، حَيْثُ تُعْلَفُ وَتُسْقَى دَوَابُّهُ. فَقَدْ وَفَّى بِالْحِفْظِ. وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنَ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ كَانَ يَفْعَلُ كَذَلِكَ مَعَ دَوَابِّهِ لِضِيقٍ وَغَيْرِهِ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ كَانَ لِيَسْقِيَ دَوَابَّهُ فِيهِ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي الْمُخْتَصَرِ: وَإِنْ أَخْرَجَهَا إِلَى غَيْرِ دَارِهِ وَهُوَ يَسْقِي فِي دَارِهِ، ضَمِنَ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ بِظَاهِرِهِ وَأَطْلَقَ وُجُوبَ الضَّمَانِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ. هَذَا إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ أَحْرَزَ. فَإِنْ تَسَاوَيَا، فَلَا ضَمَانَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ: هَذَا إِذَا كَانَ فِي الْإِخْرَاجِ خَوْفٌ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، لَمْ يَضْمَنْ، لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. ثُمَّ إِنْ تَوَلَّى السَّقْيَ وَالْعَلْفَ بِنَفْسِهِ - أَوْ أَمَرَ بِهِ صَاحِبَهُ وَغُلَامَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ تَزُلْ يَدُهُ - فَذَاكَ، وَإِنْ بَعَثَهَا عَلَى يَدِ صَاحِبِهِ لِيَسْقِيَهَا، أَوْ أَمَرَهُ بِعَلْفِهَا وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا أَمِينًا، ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ، لِلْعَادَةِ. قَالَ فِي ((الْوَسِيطِ)) : وَالْوَجْهَانِ فِيمَنْ يَتَوَلَّى بِنَفْسِهِ فِي الْعَادَةِ، فَأَمَّا غَيْرُهُ، فَلَا يَضْمَنُ قَطْعًا.

فَرْعٌ

إِذَا كَانَ النَّهْيُ عَنِ الْعَلْفِ لِعِلَّةٍ تَقْتَضِيهِ، كَالْقُولَنْجِ، فَعَلَفَهَا قَبْلَ زَوَالِ الْعِلَّةِ فَمَاتَتْ، ضَمِنَ.

فَرْعٌ

الْعَبْدُ الْمَوْدُوعُ، كَالْبَهِيمَةِ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ. وَلَوْ أَوْدَعَهُ نَخِيلًا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: سَقْيُهَا كَسَقْيِ الدَّابَّةِ. وَالثَّانِي: لَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ السَّقْيِ إِذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ.

ص: 333

فَرْعٌ

ثِيَابُ الصُّوفِ الَّتِي يُفْسِدُهَا الدُّودُ، يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ نَشْرُهَا وَتَعْرِيضُهَا لِلرِّيحِ. بَلْ يَلْزَمُهُ لُبْسُهَا إِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِأَنْ تُلْبَسُ وَتَعْبَقُ بِهَا رَائِحَةُ الْآدَمِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفَسَدَتْ، ضَمِنَ، سَوَاءٌ أَمَرَهُ الْمَالِكُ أَوْ سَكَتَ. فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ، فَامْتَنَعَ حَتَّى فَسَدَتْ، كُرِهَ وَلَا يَضْمَنُ. وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجِيءُ فِيهِ وَجْهُ الْإِصْطَخْرِيِّ. وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ، فَفَتَحَ الْقُفْلَ لِيُخْرِجَهُ وَيَنْشُرَهُ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا عَلِمَ الْمُودَعُ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، بِأَنْ كَانَ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ كِيسٍ مَشْدُودٍ وَلَمْ يُعْلِمْهُ الْمَالِكُ، فَلَا ضَمَانَ.

السَّبَبُ السَّادِسُ: الِانْتِفَاعُ. فَالتَّعَدِّي بِاسْتِعْمَالِ الْوَدِيعَةِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا، كَلُبْسِ الثَّوْبِ، وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ، خِيَانَةٌ مُضَمَّنَةٌ. فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ، بِأَنْ لَبِسَ لِدَفْعِ الدُّودِ كَمَا سَبَقَ، أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ حَيْثُ يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا لِلسَّقْيِ وَكَانَتْ لَا تَنْقَادُ إِلَّا بِالرُّكُوبِ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنِ انْقَادَتْ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ فَرَكِبَ، ضَمِنَ. وَلَوْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ لِيَصْرِفَهَا إِلَى حَاجَتِهِ، أَوِ الثَّوْبَ لِيَلْبَسَهُ، أَوْ أَخْرَجَ الدَّابَّةَ لِيَرْكَبَهَا، ثُمَّ لَمْ يَسْتَعْمِلْ، ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ عَلَى هَذَا الْقَصْدِ خِيَانَةٌ.

وَلَوْ نَوَى الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَأْخُذْ، لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، وَضَمَّنَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ، فِيمَا لَوْ نَوَى أَنْ لَا يَرُدَّ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ. وَقِيلَ: يَضْمَنُ هُنَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُمْسِكًا لِنَفْسِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ فِي صُنْدُوقٍ غَيْرِ مُقْفَلٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ لِيَأْخُذَ الثَّوْبَ وَيَلْبَسَهُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ. وَلَوْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مُقْفَلًا وَالْكِيسُ مَخْتُومًا، فَفَتَحَ الْقُفْلَ وَفَضَّ الْخَتْمَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَا فِيهِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ مَا فِيهِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْخَتْمَ الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَضْمَنُ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ الْحِرْزَ. وَعَلَى هَذَا، فَفِي ضَمَانِ الْكِيسِ وَالصُّنْدُوقِ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْخِيَانَةَ فِي الظَّرْفِ.

ص: 334

وَلَوْ خُرِقَ الْكِيسُ [نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْخَرْقُ] تَحْتَ مَوْضِعِ الْخَتْمِ، فَهُوَ كَفَضِّ الْخَتْمِ. وَإِنْ كَانَ فَوْقَهُ، لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا نُقْصَانَ الْخَرْقِ. وَلَوْ أَوْدَعَهُ شَيْئًا مَدْفُونًا فَنَبَشَهُ، فَهُوَ كَفَضِّ الْخَتْمِ. وَلَا يَلْتَحِقُ بِالْفَضِّ وَفَتْحِ الْقُفْلِ حَلُّ الْخَيْطِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ رَأْسُ الْكِيسِ، أَوْ رِزْمَةُ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْمَنْعُ مِنَ الِانْتِشَارِ، لَا أَنْ يَكُونَ مَكْتُومًا عَنْهُ. وَعَنِ الْحَاوِي وَجْهَانِ فِيمَا إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ فَوَزَنَهَا - أَوْدَعَهَا - أَوْ ثِيَابٍ فَذَرَعَهَا لِيَعْرِفَ طُولَهَا، أَنَّهُ هَلْ يَضْمَنُ؟ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ هَذَا الْخِلَافُ فِي حَلِّ الشَّدِّ.

قُلْتُ: لَيْسَ هُوَ مِثْلَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

إِذَا صَارَتِ الْوَدِيعَةُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُودَعِ بِانْتِفَاعٍ أَوْ إِخْرَاجٍ مِنَ الْحِرْزِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ وُجُوهِ التَّقْصِيرِ، ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ وَرَدَّ الْوَدِيعَةَ إِلَى مَكَانِهَا، لَمْ يَبْرَأْ وَلَمْ تَعُدْ أَمَانَتُهُ. فَلَوْ رَدَّهَا إِلَى الْمَالِكِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ ثَانِيًا، فَلَا شَكَّ فِي عَوْدِ أَمَانَتِهِ. فَلَوْ لَمْ يَرُدَّهَا، بَلْ أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ اسْتِئْمَانًا فَقَالَ: أَذِنْتُ لَكَ فِي حِفْظِهَا، أَوْ أَوْدَعْتُكَهَا، أَوِ اسْتَأْمَنْتُكَ، أَوْ أَبْرَأْتُكَ مِنَ الضَّمَانِ، فَوَجْهَانِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَصِيرُ أَمِينًا وَيَبْرَأُ. وَلَوْ قَالَ فِي الِابْتِدَاءِ: أَوْدَعْتُكَ، فَإِنْ خُنْتَ ثُمَّ تَرَكْتَ الْخِيَانَةَ، عُدْتَ أَمِينًا لِي، فَخَانَ ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يَعُودُ أَمِينًا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ إِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَتَعْلِيقٌ لِلْوَدِيعَةِ.

فَرْعٌ

قَالَ: خُذْ هَذِهِ وَدِيعَةً يَوْمًا، وَغَيْرَ وَدِيعَةٍ يَوْمًا، فَهُوَ وَدِيعَةٌ أَبَدًا. وَلَوْ قَالَ:

ص: 335