الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
إِذَا فُقِدَ بَعْضُ الْأَصْنَافِ، وُزِّعَ نَصِيبُهُ عَلَى الْبَاقِينَ كَالزَّكَاةِ، إِلَّا سَهْمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ لِلْمَصَالِحِ كَمَا ذَكَرْنَا.
فَرْعٌ
لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَى كَافِرٍ.
فَرْعٌ
لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إِعْطَاءِ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْيَتَامَى، وَلَا مِنَ الْمَسَاكِينِ، وَلَا مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ، كَمَا قُلْنَا فِي الزَّكَاةِ إِذَا فَرَّقَهَا الْإِمَامُ.
قُلْتُ: لَا يَجُوزُ دَفْعُ شَيْءٍ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى إِلَى مَوَالِيهِمْ، قَالَ صَاحِبُ ((التَّلْخِيصِ)) : لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ مِسْكِينٌ أَوِ ابْنُ سَبِيلٍ، قُبِلَ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَا يُقْبَلُ الْيُتْمُ وَالْقَرَابَةُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ، فَفِي مَصْرِفِهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ الْمُرْصَدِينَ لِلْجِهَادِ. وَالثَّانِي: لِلْمَصَالِحِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تُقَسَّمُ كَمَا يُقَسَّمُ الْخُمُسُ، فَيُقَسَّمُ جَمِيعُ الْفَيْءِ عَلَى الْخَمْسَةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ، وَهَذَا غَرِيبٌ. فَعَلَى الثَّانِي: نَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ
فَالْأَهَمِّ. وَأَهَمُّهَا تَعَهُّدُ الْمُرْتَزِقَةِ. وَكَذَا حُكْمُ خُمُسُ الْخُمْسِ. فَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْمَصْرِفَ الْمُرْتَزِقَةُ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا فَضَلَ عَنْهُمْ.
فَرْعٌ
وَلِلْإِمَامِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ وَظَائِفُ:
إِحْدَاهَا: يَضَعُ دِيوَانًا. قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَهُوَ الدَّفْتَرُ الَّذِي يُثْبَتُ فِيهِ الْأَسْمَاءُ. فَيُحْصِي الْمُرْتَزِقَةَ بِأَسْمَائِهِمْ، وَيَنْصِبُ لِكُلِّ قَبِيلَةٍ أَوْ عَدَدٍ يَرَاهُ عَرِّيفًا لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ أَحْوَالَهُمْ، وَيَجْمَعَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيُثْبِتُ [فِيهِ] قَدْرَ أَرْزَاقِهِمْ.
قُلْتُ: نَصْبُ الْعَرِّيفِ مُسْتَحَبٌّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةُ: يُعْطِي كُلَّ شَخْصٍ قَدْرَ حَاجَتِهِ، فَيَعْرِفُ حَالَهُ وَعَدَدَ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ وَقَدْرَ نَفَقَتِهِمْ وَكُسْوَتِهِمْ وَسَائِرَ مَؤُنَتِهِمْ، وَيُرَاعِي الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ، وَمَا يَعْرِضُ مِنْ رُخْصٍ وَغَلَاءٍ، وَحَالَ الشَّخْصِ فِي مُرُوءَتِهِ وَضِدِّهَا، وَعَادَةَ الْبَلَدِ فِي الْمَطَاعِمِ، فَيَكْفِيهِ الْمَئُونَاتِ لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ، فَيُعْطِيهِ لِأَوْلَادِهِ الَّذِينَ هُمْ فِي نَفَقَتِهِ أَطْفَالًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا، وَكُلَّمَا زَادَتِ الْحَاجَةُ بِالْكِبَرِ، زَادَ فِي حِصَّتِهِ. وَهَلْ يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَا يَتَعَهَّدُ مِنْهُ الْأَوْلَادَ؟ أَمْ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ تَعَهُّدَهُمْ بِنَفْسِهِ؟ أَوْ بِنَائِبٍ لَهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يُعْطِي الْأَوْلَادَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ، وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ وَإِذَا كَانَ لَهُ عَبْدٌ يَقْتَنِيهِ لِلزِّينَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ، لَمْ يُعْطَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ يُقَاتِلُ مَعَهُ أَوْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْغَزْوِ لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا، أُعْطِيَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَبْدٌ يَخْدُمُهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُخْدَمُ، بَلْ لَوْ لَمْ يَكُنْ [لَهُ] عَبْدٌ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ، أَعْطَاهُ الْإِمَامُ عَبْدًا، وَلَا يُعْطِي إِلَّا لِعَبْدٍ وَاحِدٍ. وَفِي الزَّوْجَاتِ، يُعْطِي لِلْجَمَاعَةِ.
وَإِذَا نَكَحَ جَدِيدَةً، زَادَ فِي الْعَطَاءِ؛ لِأَنَّ نِهَايَتَهُنَّ أَرْبَعٌ، وَالْعَبِيدُ لَا حَصْرَ لَهُمْ، وَكَأَنَّ هَذَا فِي عَبِيدِ الْخِدْمَةِ. فَأَمَّا الَّذِينَ يَتَعَلَّقُ بِهِمْ مَصْلَحَةُ الْجِهَادِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَ لَهُمْ وَإِنْ كَثُرُوا.
قُلْتُ: كَذَا هُوَ مَنْقُولٌ، وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُ فِي عَبِيدِ الْخِدْمَةِ عَلَى وَاحِدٍ إِذَا حَصَلَتْ بِهِ الْكِفَايَةُ. فَأَمَّا مَنْ لَا تَحْصُلُ كِفَايَتُهُ إِلَّا بِخِدْمَةِ عَبِيدٍ، فَيُعْطِي لِمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْوَجْهُ الشَّاذُّ فِي الْأَوْلَادِ يَجْرِي فِي الزَّوْجَاتِ وَالْعَبِيدِ.
فَرْعٌ
يُعْطَى الْمُرْتَزِقُ مُؤْنَةَ فَرَسِهِ، بَلْ يُعْطَى الْفَرَسَ إِذَا كَانَ يُقَاتِلُ فَارِسًا وَلَا فَرَسَ لَهُ، وَلَا يُعْطَى لِلدَّوَابِّ الَّتِي يَتَّخِذُهَا زِينَةً وَنَحْوَهَا.
فَرْعٌ
يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ، وَلَا يُفَضَّلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِشَرَفِ نَسَبٍ أَوْ سَبْقٍ فِي الْإِسْلَامِ أَوِ الْهِجْرَةِ وَسَائِرِ الْخِصَالِ الْمَرْضِيَّةِ، بَلْ يَسْتَوُونَ كَالْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ. وَفِي وَجْهٍ: يُفَضَّلُ إِذَا اتَّسَعَ الْمَالُ.
الثَّالِثَةُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدِّمَ فِي الْإِعْطَاءِ وَفِي إِثْبَاتِ الِاسْمِ فِي الدِّيوَانِ قُرَيْشًا عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَهُمْ وَلَدُ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، بْنِ خُزَيْمَةَ، بْنِ مُدْرِكَةَ، بْنِ إِلْيَاسَ، بْنِ مُضَرَ، بْنَ نِزَارِ، بْنِ مَعَدِّ، بْنِ عَدْنَانَ. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ النَّسَّابِينَ،
وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ. وَقِيلَ: هُمْ وَلَدُ إِلْيَاسَ. وَقِيلَ: وَلَدُ مُضَرَ. وَقِيلَ: وَلَدُ فِهْرَ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ.
ثُمَّ يُقَدِّمُ مِنْ قُرَيْشٍ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ: مُحَمَّدُ، بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ، بْنِ عَبْدِ مُنَافِ، بْنِ قُصَيٍّ، بْنِ كِلَابٍ، بْنِ مُرَّةٍ، بْنِ كَعْبِ، بْنِ لُؤَيِّ، بْنِ غَالِبِ، بْنِ فِهْرِ، بْنِ مَالِكِ، بْنِ النَّضْرِ، بْنِ كِنَانَةَ، فَيُقَدِّمُ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ، ثُمَّ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ أَخَوَيْ هَاشِمٍ، وَيُقَدِّمُ مِنْهُمَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ؛ لِأَنَّهُ أَخُو هَاشِمٍ لِأَبَوَيْهِ، وَنَوْفَلٌ أَخُوهُ لِأَبِيهِ، ثُمَّ بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى وَبَنِي عَبْدِ الدَّارِ ابْنَيْ قُصَيٍّ يُقَدِّمُ مِنْهُمَا بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى؛ لِأَنَّهُمْ أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ خَدِيجَةَ رضي الله عنها بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، ثُمَّ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ أَخِي قُصَيٍّ، ثُمَّ بَنِي تَيْمٍ وَبَنِي مَخْزُومٍ أَخَوَيْ كِلَابٍ، وَيُقَدِّمُ مِنْهُمَا بَنِي تَيْمٍ، لِمَكَانِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَعَائِشَةَ رضي الله عنها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بَنِي جُمَحٍ وَبَنِي سَهْمٍ، وَهُمَا [مِنْ] وَلَدِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبٍ، وَبَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ - وَهُصَيْصٌ وَعَدِيٌّ أَخَوَا مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ - وَقَدَّمَ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَبَائِلِ الثَّلَاثِ بَنِي جُمَحٍ، وَسَوَّى بَيْنَ بَنِي سَهْمٍ وَبَنِي عَدِيٍّ، كَمَا يُسَوَّى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَقَدَّمَ الْمَهْدِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَانِهِ بَنِي عَدِيٍّ عَلَى بَنِي جُمَحٍ وَبَنِي سَهْمٍ؛ لِمَكَانِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَالَّذِي فَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه كَانَ تَوَاضُعًا مِنْهُ.
ثُمَّ يُقَدِّمُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قُرَيْشٍ، بَدَأَ بِالْأَنْصَارِ، ثُمَّ يُعْطِي سَائِرَ الْعَرَبِ. هَكَذَا رَتَّبَ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله. وَفِي ((أَمَالِي)) السَّرَخْسِيِّ: أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الَّذِينَ هُمْ أَبْعَدُ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَمَّا سَائِرُ الْعَرَبِ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ، فَيُقَدَّمُونَ عَلَيْهِمْ. وَمَتَى اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْقُرْبِ، قُدِّمَ أَسَنُّهُمَا، فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي السِّنِّ، فَأَقْدَمُهُمَا إِسْلَامًا وَهِجْرَةً.
قُلْتُ: قَدْ عَكَسَ أَقَضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا، فَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يُقَدِّمُ بِالسَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ. فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ، قَدَّمَ بِالدِّينِ. فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ، قَدَّمَ بِالسِّنِّ، فَإِنْ تَقَارَبَا، قَدَّمَ بِالشَّجَاعَةِ. فَإِنْ تَقَارَبَا فِيهِ، فَوَلِيُّ الْأَمْرِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ بِالْقُرْعَةِ، أَوْ بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ بَعْدَ الْعَرَبِ، يُعْطِي الْعَجَمَ. وَفِي ((الْمُهَذَّبِ)) وَ ((التَّهْذِيبِ)) : أَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِمْ بِالسِّنِّ وَالْفَضَائِلِ، وَلَا يُقَدَّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالنَّسَبِ، وَفِيهِ كَلَامَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَجَمَ قَدْ يَعْرِفُ نَسَبَهُمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ فِيمَنْ عَرَفَ نَسَبَهُ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ أَيْضًا.
الثَّانِي: أَنَّا قَدَّمَنَا فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ: أَنَّ الظَّاهِرَ رِعَايَةُ كُلِّ نَسَبٍ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَنَّ نَسَبَ الْعَجَمِ مَرْعِيٌّ فِي الْكَفَاءَةِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ هُنَا.
قُلْتُ: قَدْ أَشَارَ الْمَاوَرْدِيُّ إِلَى اعْتِبَارِ نَسَبِ الْعَجَمِ فَقَالَ: إِنْ كَانُوا عَجَمًا لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى نَسَبٍ، جَمَعَهُمْ بِالْأَجْنَاسِ، كَالتُّرْكِ، وَالْهِنْدِ، وَبِالْبُلْدَانِ. ثُمَّ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ سَابِقَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، تَرَتَّبُوا عَلَيْهَا، وَإِلَّا، فَبِالْأَقْرَبِ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ. فَإِنْ تَسَاوَوْا، فَبِالسَّبْقِ إِلَى طَاعَتِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَجَمِيعُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْوَظِيفَةِ، مُسْتَحَبٌّ لَا مُسْتَحَقٌّ. الرَّابِعَةُ: لَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ اسْمَ صَبِيٍّ، وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا ضَعِيفٍ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ، كَالْأَعْمَى، وَالزَّمِنِ، وَإِنَّمَا هُمْ تَبَعٌ لِلْمُقَاتِلِ إِذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ، يُعْطِي لَهُمْ كَمَا سَبَقَ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ الرِّجَالَ الْمُكَلَّفِينَ الْمُسْتَعِدِّينَ لِلْغَزْوِ، وَإِذَا طَرَأَ عَلَى الْمُقَاتِلِ مَرَضٌ أَوْ جُنُونٌ، فَإِنْ رُجِيَ زَوَالُهُ، أُعْطِيَ وَلَمْ يُسْقِطِ اسْمَهُ،
وَإِلَّا أَسْقَطَ اسْمَهُ. وَفِي إِعْطَائِهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي زَوْجَةِ الْمُقَاتِلِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَوْلَى بِالْإِعْطَاءِ.
قُلْتُ: تَرَكَ مِنْ شُرُوطِ مَنْ يُثْبِتُهُ فِي الدِّيوَانِ الْإِسْلَامَ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ شَرْطًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إِقْدَامٌ عَلَى الْقِتَالِ وَمَعْرِفَةٌ بِهِ. فَإِنِ اخْتَلَّ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ إِثْبَاتُهُ؛ لِعَجْزِهِ عَمَّا هُوَ مُرْصَدٌ لَهُ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ الْأَقْطَعِ، وَيَجُوزُ إِثْبَاتُ الْأَعْرَجِ إِنْ كَانَ فَارِسًا. وَإِنْ كَانَ رَاجِلًا، فَلَا. وَيَجُوزُ إِثْبَاتُ الْأَخْرَسِ وَالْأَصَمِّ. قَالَ: وَإِذَا كَتَبَهُ فِي الدِّيوَانِ، فَإِنْ كَانَ مَشْهُورَ الِاسْمِ، لَمْ يَحْسُنْ تَحْلِيَتُهُ. وَإِنْ كَانَ مَغْمُورًا وُصِفَ وَحُلِّيَ، فَيَذْكُرُ سِنَّهُ وَقَدَّهُ وَلَوْنَهُ وَحُلِّيَ وَجْهُهُ، بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُرْتَزِقَةِ، هَلْ يَنْقَطِعُ رِزْقُ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ لِزَوَالِ الْمَتْبُوعِ؟ أَمْ يَسْتَمِرُّ تَرْغِيبًا لِلْمُجَاهِدِينَ؟ قَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي. فَعَلَى هَذَا، تُرْزَقُ الزَّوْجَةُ إِلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَالْأَوْلَادُ إِلَى أَنْ يَبْلُغُوا وَيَسْتَقِلُّوا بِالْكَسْبِ، أَوْ يَرْغَبُوا فِي الْجِهَادِ فَيُثْبَتُ اسْمُهُمْ فِي الدِّيوَانِ. وَمَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ وَهُوَ أَعْمَى أَوْ زَمِنٌ، رُزِقَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا كَانَ يُرْزَقُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، هَذَا فِي ذُكُورِ الْأَوْلَادِ. وَأَمَّا الْإِنَاثُ، فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْوَسِيطِ أَنَّهُنَّ يُرْزَقْنَ إِلَى أَنْ يَتَزَوَّجْنَ.
الْخَامِسَةُ: يُفَرِّقُ الْأَرْزَاقَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، وَيَجْعَلُ لَهُ وَقْتًا مَعْلُومًا لَا يَخْتَلِفُ. وَإِذَا رَأَى مَصْلَحَةً أَنْ يُفَرِّقَ مُشَاهَرَةً وَنَحْوَهَا، فَعَلَ. وَإِذَا اقْتَصَرَ فِي السَّنَةِ عَلَى مَرَّةٍ، فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: يَجْتَهِدُ، فَمَا اقْتَضَتْهُ الْحَالُ وَتَمَكَّنَ فِيهِ مِنَ الْإِعْطَاءِ