الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ: هَذَا الْمَنْقُولُ عَنِ الْأَكْثَرِينَ، هُوَ الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا قَرِيبَةً، وَالْأُخْرَى بَعِيدَةً، اخْتَصَّتِ الْقَرِيبَةُ بِالْمُشَارَكَةِ.
فَرْعٌ
بَعَثَ الْإِمَامُ جَاسُوسًا، فَغَنِمَ الْجَيْشُ قَبْلَ رُجُوعِهِ، شَارَكَهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَالَ الدَّارَكِيُّ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهُمْ لِمَصْلَحَتِهِمْ، وَخَاطَرَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ شُهُودِ الْوَقْعَةِ.
فَصْلٌ
إِذَا شَهِدَ الْأَجِيرُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ الْوَقْعَةَ، نُظِرَ، إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةٍ، كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ، اسْتَحَقَّ السَّهْمَ قَطْعًا. وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، بِأَنِ اسْتَأْجَرَهُ لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ شَهْرًا، فَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، فَلَا سَهْمَ لَهُ، وَإِنْ قَاتَلَ؛ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
وَأَطْلَقَ الْمَسْعُودِيُّ وَآخَرُونَ الْأَقْوَالَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يُقَاتِلَ، أَوْ لَا. وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهَا الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي الْمُخْتَصَرِ. أَظْهَرُهَا: لَهُ السَّهْمُ؛ لِحُضُورِ الْوَقْعَةِ. وَالثَّانِي: لَا. وَعَلَى هَذَيْنِ، يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِمُقْتَضَى الْإِجَارَةِ. وَالثَّالِثُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأُجْرَةِ وَالسَّهْمِ. فَإِنِ اخْتَارَ الْأُجْرَةَ، فَلَا سَهْمَ. وَإِنِ اخْتَارَ السَّهْمَ، فَلَا أُجْرَةَ.
قَالَ صَاحِبُ ((الْإِفْصَاحِ)) : هَذَا الثَّالِثُ هُوَ فِيمَا إِذَا اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ لِسَقْيِ الْغُزَاةِ وَحِفْظِ دَوَابِّهِمْ مِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ مِنَ الصَّدَقَاتِ، فَيُخَيِّرُهُ الْإِمَامُ، أَمَّا أَجِيرُ آحَادِ النَّاسِ فَلَا يَجِيءُ فِيهِ هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَارِي بَيْنَهُمَا صُورَةَ جُعَالَةٍ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ:
يَجْرِي الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي كُلِّ أَجِيرٍ، كَمَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله؛ لِأَنَّ لُزُومَ الْإِجَارَةِ لَا يَخْتَلِفُ. ثُمَّ عَلَى الثَّالِثِ، إِذَا اخْتَارَ السَّهْمَ، فَفِيمَا يَسْقُطُ مِنَ الْأُجْرَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: قِسْطُهَا مِنْ وَقْتِ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ. وَأَصَحُّهُمَا: مِنْ وَقْتِ شُهُودِ الْوَقْعَةِ.
وَأَمَّا وَقْتُ تَخْيِيرِهِ، فَنُقِلَ فِي ((الشَّامِلِ)) عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ قَالُوا: يُخَيِّرُ، إِمَّا قَبْلَ الْقِتَالِ، وَإِمَّا بَعْدَهُ. فَيُقَالُ قَبْلَهُ: إِنْ أَرَدْتَ الْقِتَالَ، فَاطْرَحِ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ أَرَدْتَ الْأُجْرَةَ فَاطْرَحِ الْجِهَادَ. وَيُقَالُ بَعْدَهُ: إِنْ كُنْتَ قَصَدْتَ الْجِهَادَ، فَلَا أُجْرَةَ لَكَ، وَإِنْ كُنْتَ قَصَدْتَ الْأُجْرَةَ، فَخُذْهَا وَلَا سَهْمَ لَكَ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْغَرَضُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِلَّا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا.
فَرْعٌ
إِذَا أَسْهَمْنَا لِلْأَجِيرِ، فَلَهُ السَّلَبُ إِذَا قَتَلَ. وَإِنْ لَمْ نُسْهِمْ، فَوَجْهَانِ. وَعَلَى هَذَا، يَرْضَخُ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْعَبْدِ. وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ.
فَرْعٌ
هَذَا الْمَذْكُورُ فِي الْأَجِيرِ لِغَيْرِ الْجِهَادِ. فَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْجِهَادِ، فَفِي صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي ((السِّيَرِ)) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَإِنْ صَحَّتِ الْإِجَارَةُ، فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَلَا سَهْمَ وَلَا رَضْخَ، وَإِلَّا، فَلَا أُجْرَةَ. وَفِي سَهْمِ الْغَنِيمَةِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ؛ لِشُهُودِهِ الْوَقْعَةَ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، قَاتَلَ، أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ.