الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«اللَّهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض»
«1» ولم يكن الخضر فيهم، ولو كان يومئذ حيّا لورد على هذا العموم، فإنه كان ممن يعبد اللَّه قطعا.
واستدل غيره
بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نبيّ بعدي» ،
ونسب إلى ابن دحية القول في ذلك، وهو معترض بعيسى ابن مريم، فإنه نبيّ قطعا، وثبت أنه ينزل إلى الأرض. في آخر الزمان، ويحكم بشريعة النبيّ صلى الله عليه وسلم، فوجب حمل النفي على إنشاء النبوّة لأحد من الناس لا على نفي وجود نبي كان قد نبئ قبل ذلك.
ذكر الأخبار التي وردت أن الخضر كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعده إلى الآن
روى ابن عديّ في «الكامل» ، من طريق عبد اللَّه بن نافع، عن كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، فسمع كلاماً من ورائه، فإذا هو بقائل يقول: اللَّهمّ أعنّي على ما ينجّيني ممّا خوّفتني؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك: «ألّا تضمّ إليها أختها؟» فقال الرجل: اللَّهمّ ارزقني شوق الصالحين إلى ما شوّقتهم إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك:«اذهب إليه فقل له: يقول لك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تستغفر لي» فجاءه أنس فبلّغه، فقال الرجل: يا أنس، أنت رسول رسول اللَّه إليّ، فارجع فاستثبته. فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:«قل له نعم» . فقال له: اذهب فقل له: إن اللَّه فضّلك على الأنبياء مثل ما فضل به رمضان على الشّهور، وفضّل أمتك على الأمم مثل ما فضّل يوم الجمعة على سائر الأيام، فذهب ينظر إليه فإذا هو الخضر.
كثير بن عبد اللَّه ضعّفه الأئمة، لكن جاء من غير روايته، قال أبو الحسين بن المنادي:
أخبرني أبو جعفر أحمد بن النضر العسكريّ أن محمد بن سلام المنبجي حدّثهم، وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن جابر عن محمد بن سلام المنبجي، حدثنا وضاح بن عباد الكوفي، حدثنا عاصم بن سليمان الأحوال، حدّثني أنس بن مالك، قال: خرجت ليلة أحمل مع النبيّ صلى الله عليه وسلم الطهور، فسمع مناديا ينادي، فقال لي: يا أنس «صه» قال فسكت فاستمع فإذا هو يقول: اللَّهمّ أعنّي على ما ينجيني مما خوفتني منه، قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لو قال أختها معها» . فكأن الرجل لقن ما أراد النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: وارزقني شوق الصّالحين إلى ما شوّقتهم إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أنس، ضع الطّهور وائت هذا المنادي فقل له: ادع لرسول
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد (58) وأحمد في المسند 1/ 30.
اللَّه أن يعينه اللَّه على ما ابتعثه به، وادع لأمّته أن يأخذوا ما أتاهم به نبيّهم بالحقّ» قال:
فأتيته، فقلت: رحمك اللَّه، ادع اللَّه لرسول اللَّه أن يعينه على ما ابتعثه به، وادع لأمته أن يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق، فقال لي: ومن أرسلك؟ فكرهت أن أخبره، ولم استأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت له: رحمك اللَّه، ما يضرك من أرسلني، ادع بما نقلت لك. فقال:
لا، أو تخبرني بمن أرسلك. قال: فرجعت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت له: يا رسول اللَّه، أبى أن يدعو لك بما قلت له حتى أخبره بمن أرسلني. فقال:«ارجع إليه فقل له: أنا رسول رسول اللَّه» .
فرجعت إليه فقلت له، فقال لي: مرحبا برسول اللَّه رسول اللَّه، أنا كنت أحقّ أن آتيه، اقرأ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مني السلام، وقل له يا رسول اللَّه، الخضر يقرأ عليك السلام ورحمة اللَّه، ويقول لك: يا رسول اللَّه، إنّ اللَّه فضّلك على النبيين كما فضل شهر رمضان على سائر الشّهور، وفضّل أمتك على الأمم كما فضّل يوم الجمعة على سائر الأيام.
قال: فلما وليت سمعته يقول: اللَّهمّ اجعلني من هذه الأمة المرشدة المرحومة.
وأخرجه الطبرانيّ في «الأوسط» ، عن بشر بن علي بن بشر العمّي عن محمد بن سلام،
وقال: لم يروه عن أنس إلا عاصم، ولا عنه إلا وضاح، تفرد به محمد بن سلام.
قلت: وقد جاء من وجهين آخرين عن أنس.
وقال أبو الحسين بن المنادي: هذا حديث واه بالوضاح وغيره، وهو منكر الإسناد، سقيم المتن، ولم يراسل الخضر نبينا صلى الله عليه وسلم ولم يلقه.
واستبعد ابن الجوزيّ إمكان لقيه النبيّ صلى الله عليه وسلم واجتماعه معه، ثم لا يجيء إليه.
وأخرج ابن عساكر من طريق خالد مؤذّن مسجد مسيلمة: حدثنا أبو داود، عن أنس، فذكر نحوه.
وقال ابن شاهين: حدثنا موسى بن أنس بن خالد بن عبد اللَّه بن أبي طلحة بن موسى بن أنس بن مالك، حدّثنا أبي، حدّثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاريّ، حدّثنا حاتم بن أبي روّاد، عن معاذ بن عبد اللَّه بن أبي بكر عن أبيه، عن أنس، قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات ليلة لحاجة، فخرجت خلفه، فسمعنا قائلا يقول: اللَّهمّ إني أسألك شوق الصادقين إلى ما شوّقتهم إليه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يا لها دعوة لو أضاف إليها أختها» ، فسمعنا القائل وهو يقول: اللَّهمّ إني أسألك أن تعينني بما ينجيني مما خوفتني منه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
«وجبت وربّ الكعبة، يا أنس، ائت الرّجل فاسأله أن يدعو لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يرزقه اللَّه
القبول من أمّته، والمعونة على ما جاء به من الحقّ والتّصديق» .
قال أنس: فأتيت الرجل، فقلت: يا عبد اللَّه، ادع لرسول اللَّه فقال لي: ومن أنت؟
فكرهت أن أخبره ولم أستأذن، وأبى أن يدعو حتى أخبره، فرجعت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال لي: أخبره. فرجعت فقلت له: أنا رسول رسول اللَّه إليك. فقال: مرحبا برسول اللَّه وبرسول رسول اللَّه، فدعا له، وقال: أقرئه منّي السلام وقل له: أنا أخوك الخضر، وأنا كنت أحق أن آتيك، قال: فلما وليت سمعته يقول: اللَّهمّ اجعلني من هذه الأمة المرحومة المتاب عليها.
وقال الدّارقطنيّ في «الأفراد» : حدثنا أحمد بن العباس البغوي، حدثنا أنس بن خالد، حدثني محمد بن عبد اللَّه به نحوه، ومحمد بن عبد اللَّه هذا هو أبو سلمة الأنصاريّ، وهو واهي الحديث جدّا، وليس هو شيخ البخاريّ قاضي البصرة، ذلك ثقة، وهو أقدم من أبي سلمة.
وروينا في فوائد أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي تخريج الدارقطنيّ، قال: حدّثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدّثنا محمد بن أحمد بن زيد، حدّثنا عمرو بن عاصم، حدثنا الحسن بن رزين، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس- لا أعلمه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يلتقي الخضر وإلياس في كلّ عام في الموسم فيحلق كلّ واحد منهما رأس صاحبه ويتفرّقان عن الكلمات: بسم اللَّه. ما شاء اللَّه اللَّه. لا يسوق الخير إلّا اللَّه، بسم اللَّه ما شاء اللَّه لا يصرف السّوء إلّا اللَّه، بسم اللَّه ما شاء اللَّه، ما كان من نعمة فمن اللَّه، بسم اللَّه ما شاء اللَّه لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه» .
قال الدارقطنيّ في «الأفراد» : لم يحدث به عن ابن جريج غير الحسن بن رزين.
وقال أبو جعفر العقيلي: لم يتابع عليه، وهو مجهول، وحديثه غير محفوظ.
وقال أبو الحسين بن المنادي: هو حديث واه بالحسن المذكور. انتهى.
وقد جاء من غير طريقه، لكن من وجه واه جدا، أخرجه ابن الجوزي من طريق أحمد بن عمار: حدثنا محمد بن مهدي، حدثنا محمد مهدي بن هلال، حدثني ابن جريج، فذكره بلفظ: يجتمع البري والبحري إلياس والخضر كلّ عام بمكة.
قال ابن عبّاس: بلغنا أنه يحلق أحدهما رأس صاحبه، ويقول أحدهما للآخر: قل بسم اللَّه.. إلخ.
وزاد:
قال ابن عبّاس: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد قالها في كلّ يوم إلّا أمن من
الحرق والغرق والسّرق، وكلّ شيء يكرهه حتّى يمسي، وكذلك قال: حين يصبح» .
قال ابن الجوزيّ: أحمد بن عمار متروك عند الدارقطنيّ، ومهدي بن هلال مثله.
وقال ابن حبّان: مهدي بن هلال يروي الموضوعات.
ومن طريق عبيد بن إسحاق العطار، حدثنا محمد بن ميسر، عن عبد اللَّه بن الحسن، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ، قال: يجتمع في كل يوم عرفة جبرائيل وميكائيل وإسرافيل والخضر، فيقول جبرائيل: ما شاء اللَّه لا قوة إلا باللَّه، فيرد عليه ميكائيل: ما شاء اللَّه، كلّ نعمة فمن اللَّه، فيرد عليهما إسرافيل: ما شاء اللَّه الخير كله بيد اللَّه، فيرد عليهم الخضر: ما شاء اللَّه لا يدفع السوء إلا اللَّه، ثم يتفرقون ولا يجتمعون إلى قابل في مثل ذلك اليوم
«1» . وعبيد بن إسحاق متروك الحديث.
وأخرج عبد اللَّه بن أحمد في «زوائد كتاب الزهد» لأبيه، عن الحسن بن عبد العزيز، عن السري بن يحيى، عن عبد العزيز بن أبي روّاد، قال: يجتمع الخضر وإلياس ببيت المقدس في شهر رمضان من أوله إلى آخره، ويفطران على الكرفس، وإقبال الموسم كل عام. وهذا معضل.
وروينا في فوائد أبي علي أحمد بن محمد بن علي الباشانيّ: حدّثنا عبد الرحيم بن حبيب الفريابي، حدّثنا صالح، عن أسد بن سعيد، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر عنده الأدهان، فقال:«وفضل دهن البنفسج على سائر الأدهان كفضلنا أهل البيت على سائر الخلق» «2» .
قال: وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يدهن به ويستعط، فذكر حديثا طويلا فيه: الكراث والباذروج «الجرجير» والهندباء، والكمأة، والكرفس، واللّحم، والحيتان.
»
. قال ابن الجوزيّ: لا شك في أنّ هذا الحديث موضوع، والمتهم به عبد الرحيم بن
(1) أخرجه ابن عساكر في التاريخ 5/ 156 وأورده ابن الجوزي في الموضوعات 1/ 196.
(2)
أورده السيوطي في اللآلئ المصنوعة 2/ 121 والعجلوني في كشف الخفاء 2/ 237، 576.
(3)
أخرجه أحمد 1/ 87، 188، 2/ 301، 3/ 48 والبخاري 6/ 22 ومسلم في الأشربة (157) والطبراني في الكبير 12/ 63 وفي الصغير 1/ 125 والحميدي (82) والبيهقي 9/ 345.
حبيب. فقال ابن حبّان: إنه كان يضع الحديث، وقد تقدم عن مقاتل أن اليسع هو الخضر.
وقال ابن شاهين: حدثنا محمد بن عبد العزيز الحراني، حدّثنا أبو طاهر خير بن عرفة، حدثنا هانئ بن المتوكل، حدثنا بقية عن الأوزاعي، عن مكحول، سمعت وائلة بن الأسقع، قال: غزونا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، حتى إذا كنا ببلاد جذام، وقد كان أصابنا عطش، فإذا بين أيدينا آثار غيث، فسرنا ميلا، فإذا بغدير، حتى إذا ذهب ثلث الليل إذا نحن بمناد ينادي بصوت حزين: اللَّهمّ اجعلني من أمّة محمّد المرحومة المغفور لها المستجاب والمبارك عليها. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يا حذيفة، ويا أنس، ادخلا إلى هذا الشّعب فانظرا ما هذا الصّوت» «1» قال: فدخلنا فإذا نحن برجل عليه ثياب بيض أشدّ بياضا من الثلج، وإذا وجهه ولحيته كذلك، وإذا هو أعلى جسما منا بذراعين أو ثلاثة، فسلمنا عليه فردّ علينا السلام، ثم قال: مرحبا أنتما رسولا رسول اللَّه؟ فقلنا، نعم، من أنت؟
يرحمك اللَّه. قال: أنا إلياس النبي، خرجت أريد مكة فرأيت عسكركم. فقال لي جند من الملائكة على مقدمتهم جبرائيل، وعلى ساقتهم ميكائيل: هذا أخوك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسلّم عليه والقه، ارجعا إليه، فأقرئاه مني السلام، وقولا له: لم يمنعني من الدّخول إلى عسكركم، إلا أنّي تخوفت أن تذعر الإبل، ويفزع المسلمون من طولي، فإن خلقي ليس كخلقكم، قولا له صلى الله عليه وسلم يأتيني.
قال حذيفة وأنس: فصافحناه. فقال لأنس: يا خادم رسول اللَّه، من هذا؟ قال: هذا حذيفة صاحب سر رسول اللَّه، فرحب به ثم قال: وإنه لفي السّماء أشهر منه في الأرض، يسمّيه أهل السّماء صاحب سرّ رسول اللَّه. قال حذيفة: هل تلقى الملائكة؟ قال: ما من يوم إلا وأنا ألقاهم يسلمون عليّ وأسلّم عليهم.
فأتينا النبيّ صلى الله عليه وسلم فخرج معنا حتى أتينا الشّعب فإذا ضوء وجه إلياس وثيابه كالشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «على رسلكم» ، فتقدمنا قدر خمسين ذراعا فعانقه مليّا. ثم قعدا فرأينا شيئا يشبه الطير العظام قد أحدقت بهما. وهي بيض وقد نشرت أجنحتها فحالت بيننا وبينهما، ثم صرخ بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:«يا حذيفة ويا أنس تقدّما» . فإذا أيديهما مائدة خضراء لم أر شيئا قطّ أحسن منها قد غلبت خضرتها بياضنا، فصارت وجوهنا خضراء وثيابنا خضراء.
وإذا عليها جبن وتمر ورمّان وموز وعنب ورطب وبقل ما خلا الكراث فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلوا
(1) ذكره المتقي الهندي في الكنز (37834) وقال: قال ابن عساكر: هذا حديث منكر، وإسناده ليس بالقوي.
بسم اللَّه» . فقلنا يا رسول اللَّه، أمن طعام الدنيا هذا؟ قال:«لا» ، قال لنا: هذا رزقي، ولي في كلّ أربعين يوما وليلة أكلة تأتيني بها الملائكة، فكان هذا تمام الأربعين. وهو شيء يقول اللَّه له: كن فيكون. فقلنا: من أين وجهك؟ قال: من خلف رومية كنت في جيش من الملائكة مع جيش من مسلمي الجن غزونا أمة من الكفار. قلنا: فكم مسافة ذلك الموضع الّذي كنت فيه؟ قال: أربعة أشهر: وفارقتهم أنا منذ عشرة أيام، وأنا أريد مكّة أشرب منها في كل سنة شربة، وهي ربّي وعصمتي إلى تمام الموسم من قابل. قلنا: وأي المواطن أكثر مثواك؟
قال: الشّام وبيت المقدس والمغرب واليمن، وليس من مسجد من مساجد محمّد إلا وأنا أدخله صغيرا أو كبيرا، فقلنا: متى عهدك بالخضر؟ قال: منذ سنة، كنت قد التقيت أنا وهو بالموسم وأنا ألقاه بالموسم، وقد كان قال لي: إنك ستلقى محمدا قبلي فأقرئه مني السلام وعانقه، وبكى وعانقنا وبكى وبكينا، فنظرنا إليه حين هوى في السماء كأنه حمل حملا، فقلنا: يا رسول اللَّه، لقد رأينا عجبا إذ هوى إلى السماء قال: يكون بين جناحي ملك حتى ينتهي به حيث أراد.
قال ابن الجوزيّ: لعل بقية سمع هذا من كذّاب فدلسه عن الأوزاعي، قال: وخير بن عرفة لا يدرى من هو.
قلت: هو محدّث مصري مشهور، واسم جده عبد اللَّه بن كامل، يكنى أبا الطاهر، روى عنه أبو طالب الحافظ به شيخ الدارقطنيّ وغيره، ومات سنة 283. وقد رواه غير بقية عن الأوزاعي على صفة أخرى،
قال ابن أبي الدّنيا: حدّثني إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا يزيد بن يزيد الموصلي التيمي مولى لهم، حدثنا أبو إسحاق الجرشي، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن أنس، قال: غزونا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بفج «1» الناقة بهذا الحجر إذا نحن بصوت يقول: اللَّهمّ اجعلني من أمة محمّد المرحومة المغفور لها، المتاب عليها.
المستجاب منها فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يا أنس، انظر ما هذا الصّوت» ؟ قال: فدخلت الجبل، فإذا رجل أبيض الرأس واللحية، عليه ثياب بيض، طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع، فلما نظر إليّ قال: أنت رسول رسول اللَّه؟ قلت: نعم. قال: ارجع إليه، فاقرأ عليه مني السلام، وقل له: هذا أخوك إلياس، يريد يلقاك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى إذا كنت قريبا منه تقدم وتأخرت. فتحدثا طويلا، فنزل عليهما شيء من السماء شبيه السفرة، فدعواني
(1) الفجّ: موضع أو جبل في ديار سليم، فج حيوة: فج، بفتح أوله وتشديد ثانيه هو الطريق الواسع بين الجبلين وحيوة بفتح الحاء وسكون الياء وفتح الواو: موضع بالأندلس من أعمال طليطلة (فجّ الرّوحاء) بين مكة والمدينة كان طريق الرسول عليه السلام إلى بدر. انظر: مراصد الاطلاع 3/ 1017.